Print this page

ما هي أهداف الزهد في الإسلام‏؟

قيم هذا المقال
(0 صوت)
ما هي أهداف الزهد في الإسلام‏؟

 عندما يحث الإسلام على الزهد في الدنيا فإنه يسعى لتحقيق الأهداف التالية:

 1- الإيثار: فعندما تتعارض مصلحة الفرد مع مصلحة المجتمع يتصدى الدين لحل هذه المشكلة الاجتماعية، ويقوم الإسلام بتربية أبنائه تربية لا يبقى لهذه المشكلة أثر، بحيث يشعر المسلم باللذة عندما يضحي بمصالحه الشخصية لأجل مصالح الآخرين، فيحرُم نفسه من أجل إسعاد الآخرين.

وقد ذكر لنا القرآن الكريم صوراً رائعة، وكذلك كتب التاريخ عن الرعيل الأول من المسلمين، تؤكد التفاني والإيثار الذي زرعه الإسلام في نفوسهم.. فسورة ﴿هَلْ أَتَى...﴾[1] تحدثنا عن إيثار أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وأهل بيته الكرام‏ (عليهم السلام) بما يملكونه من طعام..

﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا﴾[2].

وكذلك مدح القرآن الكريم الصفوة المؤمنة من الأنصار، حيث سطروا أروع الصور في التفاني والإيثار، فعبر عنهم: ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَة﴾[3].

2- المواساة: فالإسلام يربي أبناءه على الاشتراك في الأحاسيس، والعواطف، ليصبحوا كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى، وعندها لا نتصور في المجتمع الإسلامي فئة مترفة وأخرى معدمة، لأن روح المساواة التي يخلقها الإسلام بالزهد تأبى على المتمكنين من أن يتركوا المحرومين دون أن يمدوا لهم يد العون، فتزول عندها ظاهرة الفقر والفاقة، ولا يبقى هناك تفاوت فاحش في مستوى المعيشة.

  كما يعير الإسلام أهمية كبرى لزهد الحاكم الإسلامي، لأنه بحاجة إلى روح المساواة أكثر من غيره من المسلمين، حيث أن الزهد لدى الحاكم يخلق في المجتمع معايير لتقييم الأفراد لا ربط لها بالمال ولا المتاع، ومن هنا كان لزاما على الحاكم الإسلامي أن يعيش عيشة أبسط الناس وأضعفهم، وهذا أمير المؤمنين علي (عليه السلام) يجسد نموذج الحاكم الزاهد ويقول:
 "... ولو شئت لاهتديت الطريق إلى مصفى هذا العسل، ولباب هذا القمح، ونسائج هذا القز، ولكن هيهات أن يغلبني هواي، ويقودني جشعي إلى تخير الأطعمة ولعل بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص، ولا عهد له بالشبع أو أبيت مبطانا وحولي بطون غرثى وأكباد حرى، أو أكون كما قال القائل:
وحسبك داء أن تبيت ببطنة وحولك أكباد تحنّ إلى القدّ
 
أأقنع من نفسي بأن يقال: هذا أمير المؤمنين ولا أشاركهم في مكاره الدهر، أو أكون لهم أسوة في جشوبة العيش"[4].
 


[1] القرآن الكريم، سورة الإنسان: 1.
[2]- القرآن الكريم، سورة الإنسان: 98.
[3] - القرآن الكريم، سورة الحشر: 9.
[4] - نهج البلاغة ج‏3، ص‏72.

قراءة 7 مرة