Print this page

قبسات من حياة الامام علي الهادي عاشر أئمة اهل البيت عليهم السلام

قيم هذا المقال
(1 Vote)
قبسات من حياة الامام علي الهادي عاشر أئمة اهل البيت عليهم السلام

تصادف اليوم 15 ذي الحجة الحرام ذكرى مولد الامام علي بن محمد الهادي، العاشر من ائمة اهل البيت عليهم السلام الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وبهذه المناسبة السعيدة نهنئ جميع المسلمين في شتى انحاء العالم ونستعرض قبسات من حياته الشريفة.

الإمام الهادي (ع)، هو أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن موسى عاشر أئمة الشيعة الإمامية والمعروف بالنقي والهادي، وقد امتدت إمامته 34 سنة منذ وفاة أبيه الجواد  [عليه السلام]  سنة 220 هجرية حتى رحيله  [عليه السلام]  سنة 254 هجرية.

قضى أكثر سنوات إمامته في مدينة سامراء، وكان ذلك بأمر من الحاكم العباسي، وعاصر بعض حكام العباسيين أشهرهم المتوكل، وللإمام مرقد في سامراء يقصده المسلمون، وقد تعرض سنة 2006 و2007 م لعمليتين تخريبيتين قامت بها مجموعات وهابية تكفيرية أدّت إلى تدمير القبة والمنائر بالكامل.

سجّلت المصادر الحديثة الكثير من الأحاديث المروية عنه في مجال تفسير القرآن والفقه والأخلاق بالإضافة إلى الزيارة الجامعة التي تحتوي مضامين عقائدية، وتلقي الأضواء على قيمة الإمام ومكانة الإمامة في الفكر الشيعي.

اهتم الإمام الهادي عليه السلام بشأن اتباع أهل البيت، وعمل على تربية الكثير من الشخصيات، منهم: عبد العظيم الحسني، وعثمان بن سعيد، وإبراهيم بن مهزيار.

نسبه وكنيته وألقابه

والده الإمام محمد الجواد  [عليه السلام]  تاسع أئمة اهل البیت علیهم السلام ، وأمّه أمّ ولد يقال لها سمانة  أو سوسن.

يلقب  [عليه السلام]  وابنه الحسن بـالعسكريين، وإنّما لقّبا بذلك لفرض السلطة العباسية الإقامة الجبرية عليهما في سامراء التي كانت يومها معسكراً للجند.

ومن ألقابه  [عليه السلام]  التي تعبّر عن محياه الكريم وسيرته الزكيّة النجيب والمرتضى والهادي والنقي والعالم والفقيه والأمين والمؤتمن والطيب والمتوكل. يكنى بأبي الحسن الثالث ، وأبي الحسن الأخير تمييزاً له عن الإمام الكاظم  [عليه السلام]  المكنى بأبي الحسن الأوّل وعن الإمام الرضا  [عليه السلام]  المكنى بأبي الحسن الثاني.

وكان نقش خاتمه: «الله ربّي وهو عصمتي من خلقه».

ولادته وشهادته

ولد الإمام  [عليه السلام]  حسب رواية كل من الكليني والشيخ المفيد والشيخ الطوسي وابن الأثير بـصُريا - قرية أسسها الإمام موسى بن جعفر  [عليه السلام]  - على ثلاثة أميال من المدينة، للنصف من ذي الحجّة سنة 212 هـ.

وتوفى - كما نقل الشيخ المفيد وغيره - بسرّ من رأى في رجب سنة أربع وخمسين ومأتين، وله يومئذ إحدى وأربعون سنة وأشهر، وكانت مدة إقامته في سامراء عشرين سنة وتسعة أشهر. وحددّت بعض المصادر الثالث من شهر رجب تاريخاً لشهادته  [عليه السلام] . وهناك من أثبتها في الخامس والعشرين أو السادس والعشرين من جمادى الثانية. وكانت شهادته في عصر الخليفة العباسي الثالث عشر المعتز العباسي.

زوجاته وأولاده

نقل في بعض التواريخ: أنّه كانت له سرية لا غير، يعني أمّ ولد يقال لها سليل  النوبية والتي أنجبت له الإمام الحسن العسكري  [عليه السلام] .

وذهب أكثر العلماء أنّه  [عليه السلام]  أعقب أربعة من الذكور، واختلفوا في الإناث، فذهب الخصيبي إلى أنّ أبناء الإمام هم: الإمام الحسن العسكري  [عليه السلام]  محمد، الحسين، جعفر وهو المعروف بـالكذاب والمدعي الإمامة بعد أبيه.

وقال الشيخ المفيد: وخلف - الإمام الهادي  [عليه السلام]  - من الولد أبا محمد الحسن ابنه وهو الإمام من بعده والحسين ومحمداً وجعفراً وابنته عائشة. وأضاف لهم ابن شهر آشوب بنتاً أخرى يقال لها عليّة. والملاحظ من القرائن والشواهد المستفادة من كلمات مؤرخي أهل السنة أنّ له  [عليه السلام]  ابنة واحدة مختلف في اسمها، فقيل: حكيمة، وقيل: علية، وقيل: عائشة. وقال الطبري: إن له ابنتين هما: عائشة ودلالة.

إمامته

روي عنه  [عليه السلام]  أنّه قال: 
الناس في الدنيا بالأموال، وفي الآخرة بالأعمال.

المصدر: مسند الإمام الهادي، ص 304.

تسنم الإمام الهادي  [عليه السلام]  منصب الإمامة بعد شهادة أبيه الجواد  [عليه السلام]  سنة 220 هجرية، وقد أجمع كبار الشيعة - الا النادر منهم - على إمامته  [عليه السلام] ، وقد أشار الشيخ المفيد إلى ذلك بقوله: كان الإمام بعد أبي جعفر  [عليه السلام]  ابنه أبا الحسن علي بن محمد لاجتماع خصال الإمامة فيه وتكامل فضله وأنّه لا وارث لمقام أبيه سواه وثبوت النص عليه بالإمامة والإشارة إليه من أبيه بالخلافة.

نعم، ذهب البعض إلى إمامة أخيه موسى بن محمد المعروف بموسى المبرقع المتوفى 296 هـ، لكن سرعان ما عادوا للقول بإمامة الهادي  [عليه السلام] . وقد علّل سعد بن عبد الله عودة هؤلاء إلى القول بإمامة الهادي  [عليه السلام]  لتنفر موسى المبرقع - نفسه - من هؤلاء القوم وطرده لهم.

دليل إمامته

ذهب الشيخ الطبرسي وابن شهر آشوب إلى القول بأن إجماع الشيعة على إمامته  [عليه السلام]  خير دليل كاشف عن صدق إمامته. يضاف إلى الكثير من النصوص التي رواها الكليني وغيره الدالة على إمامته، منها: أنّه لمّا أمر المعتصم العباسي باستدعاء الإمام أبي جعفر - الإمام محمد الجواد  [عليه السلام]  - من المدينة إلى بغداد وشعر الإمام بالخطر المحدق به جراء هذا الاستدعاء جعل الأمر إلى ولده الهادي  [عليه السلام] ، بل كتب  [عليه السلام]  وثيقة صرح فيها بإمامة الهادي  [عليه السلام]  لإيصاد الباب أمام جميع محاولات التشكيك والريبة في إمامته  [عليه السلام] .

الخلفاء المعاصرون له

عاصر الإمام الهادي  [عليه السلام]  إبّان إمامته عدداً من خلفاء بني العباس، هم:

المعتصم العباسي بن هارون الرشيد (218-227).
الواثق، ابن المعتصم (227- 232).
المتوكل، ابن المعتصم (232- 248).
المنتصر، ابن المتوكل (ستة أشهر).
المستعين، ابن عم المنتصر (248- 252).
المعتز، الابن الثاني للمتوكل (252- 255).

وكانت شهادة الإمام  [عليه السلام]  مسموماً في آخر ملك المعتز، ودفن في داره بسر من رأى.

موقف المتوكل من الإمام (عليه السلام)

كانت السياسة المعتمدة في البلاط العباسي قبل تولي المتوكل لسدة الخلافة قائمة على تأييد المعتزلة ودعم رجالاتها وهي عين السياسة التي اعتمدها المأمون العباسي من قبلُ في مقابل التضييق على أهل الحديث، مما وفرّ الأرضية المناسبة لتحرك العلويين سياسياً، إلاّ أنّ تسنم المتوكل لمسند الخلافة قلب الأمور على عقب، وعادت السطحية في التفكير والتضييق على المفكرين والمبدعين مرة أخرى حيث قرب المتوكل إليه أهل الحديث، وأقصى الاتجاه المعاكس لهم المتمثل بالمعتزلة والشيعة مع التضييق عليهم بشدة.

عن الإمام الهادي  [عليه السلام] : 
من هانت عليه نفسه، فلا تأمن شره.

المصدر: كتاب تحف العقول، ص483.

وقد أشار أبو الفرج الأصفهاني إلى موقف المتوكل هذا ووزيره عبيد الله بن يحيى بن خاقان بقوله: وكان المتوكل شديد الوطأة على آل أبي طالب، غليظاً على جماعتهم مهتماً بأمورهم شديد الغيظ والحقد عليهم، وسوء الظن والتهمة لهم، واتفق له ان عبيد الله ابن يحيى بن خاقان وزيره يسيء الرأى فيهم، فحسن له القبيح في معاملتهم، فبلغ فيهم ما لم يبلغه أحد من خلفاء بني العباس قبله، وكان من ذلك أن كرب قبر الحسين  [عليه السلام]  وعفى أثاره، ووضع على سائر الطريق مسالح له لا يجدون أحداً زاره إلاّ أتوه به فقتله أو أنهكه عقوبة. وما ذلك إلاّ للمنزلة الكبيرة التي حظي بها مرقد الإمام الحسين  [عليه السلام]  في قلوب المؤمنين حتى أنّه يمثل الرمز العاطفي للربط بين الشيعة وأئمتهم (ع).

استدعاء الإمام (عليه السلام) إلى سامراء

سار المتوكل على نهج من سبقوه في التعامل مع أئمة أهل البيت (ع)، بل زاد على ذلك باستدعائه الإمام الهادي  [عليه السلام]  إلى دار الخلافة في سامراء وعزله عن أوساط الأمة، إنطلاقاً من التقارير التي وصلت إليه من قبل الوشاة والتي تحكي عن ميل الناس إليه  [عليه السلام] .

ولمّا بلغ أبا الحسن  [عليه السلام]  سعاية عبد الله بن محمد به، كتب إلى المتوكل يذكر تحامل الرجل عليه ويكذّبه فيما سعى به. فتقدم المتوكل بإجابته عن كتابه - بمكر تام - ودعائه فيه إلى حضور العسكر على جميل من الفعل والقول – مدعياً - أنّه عارف بقدر الإمام  [عليه السلام]  وراع لقرابته... «وإن أمير المؤمنين مشتاق إليك يحب إحداث العهد بك والنظر إليك». وقد ذكر كلٌ من الشيخ الكليني والشيخ المفيد نص رسالة المتوكل للإمام  [عليه السلام] .

علماً أنّ المتوكل بذل قصارى جهده في استدعاء الإمام  [عليه السلام]  بطريقة لا تثير مشاعر أتباعه وردة فعل الجماهير وتأمين طريوصوله إلى سامراء، إلاّ أنّ أهداف حركة المتوكل لم تكن خافية على أهل المدينة منذ بداياتها.

فقد نقل ابن الجوزي عن يحيى بن هرثمة - الذي تولى جلب الإمام  [عليه السلام]  إلى سامراء - قوله: «وعندما أرسلني المتوكل إلى المدينة لإشخاص الإمام الهادي  [عليه السلام]  إلى سامراء، ودخلت المدينة، ضج أهلها ضجيجاً عظيماً ما سمع الناس بمثله خوفاً على الإمام  [عليه السلام] »، وأضاف يحيى: «وقامت الدنيا على ساق؛ لأنّه كان محسناً إليهم ملازماً».

وتعرض الخطيب البغدادي (المتوفى سنة 463 ق) لإشخاص المتوكل له  [عليه السلام]  بالقول: «أشخصه جعفر المتوكل من مدينة رسول الله  [صلى الله عليه وآله وسلم]  إلى بغداد، ثمّ إلى سامراء فقدمها، وأقام بها عشرين سنة وتسعة أشهر إلى أن توفي، ودفن بها في أيام المعتز العباسي.

الإقامة في سامراء

وما أن دخل الإمام  [عليه السلام]  سامراء حتى وضع رحله في دار خزيمة بن حازم. وحسب رواية الشيخ المفيد: «إنّه لما وصل الإمام  [عليه السلام]  إلى سامراء تقدم المتوكل بأن يحجب عنه في يومه، فنزل في خان يعرف بخان الصعاليك، وأقام فيه يومه، ثم تقدّم المتوكل بإفراد دار له، فانتقل إليها». وعن صالح بن سعيد– أحد أصحاب الإمام  [عليه السلام] - إنّما قام المتوكل بإنزال الإمام  [عليه السلام]  هذا الخان الأشنع خان الصعاليك إطفاءً لنوره والتقصير به  [عليه السلام] ، أي: تحقيره والتقليل من شأنه.

وأقام أبو الحسن  [عليه السلام]  بـسر من رأى أكثر من عشرين سنة، وكان - كما ذكر الشيخ المفيد - مكرماً في ظاهر حاله يجتهد المتوكل في إيقاع حيله به، فلا يتمكن من ذلك. وقد تمكن الإمام  [عليه السلام]  طيلة وجوده في سامراء من النفوذ إلى قلوب الناس وانتزاع إعجاب كبار العلماء والمؤرخين من مسلمين وغيرهم على اختلاف نزعاتهم ونحلهم وميولهم من عبارات التقدير والإكبار لشخصه الكريم وشخصيته الفذة، والتي تمثل بعض صفاته الرفيعة وسجاياه الحميدة، وتفوّقه على سائر المعاصرين له، فلم ير مثله في عبادته وتهجده وطاعته لربه بالإضافة إلى زهده وتقواه، وحسن سيرته، وسلوكه القويم، ورسوخ اليقين في نفسه، وعلمه الجم وحكمته، وفصاحته وبلاغته.

نماذج من حركات المتوكل ضد الإمام (عليه السلام)

إنّ المتوكل وإنْ حاول التظاهر بإكرام الإمام  [عليه السلام]  وتبجيله إلاّ أنّه بذل قصارى جهده للتقليل من مكانة الإمام  [عليه السلام]  والحطّ من منزلته بطريقة خفية في الأوساط العلمية والاجتماعية مظهراً للناس أنّه أحد رجال القصر والخادمين للسلطان، وأنّه لا يختلف عن غيره من هذه الحيثية.[35]

وكان في الوقت نفسه يشدّد الرقابة على الإمام  [عليه السلام] ، فقد نقل سبط ابن الجوزي عن المسعودي في كتاب مروج الذهب قال: نمي إلى المتوكل بعلي بن محمد  [عليه السلام]  أنّ في منزله كتباً وسلاحاً من شيعته من أهل قم، وأنّه عازم على الوثوب بالدولة، فبعث إليه جماعة من الأتراك، فهاجموا داره ليلاً، فلم يجدوا فيها شيئاً، ووجدوه في بيت مغلق عليه، وعليه مدرعة من صوف، وهو جالس على الرمل والحصى، وهو متوّجه إلى الله تعالى يتلو آيات من القرآن. وعلى هذه الحال حمل إلى المتوكل العباسي، وأدخل عليه، وكان المتوكل في مجلس شراب، وبيده كأس الخمر، فناول الإمام الهادي  [عليه السلام] ، فردّ الإمام  [عليه السلام] : «والله ما خامر لحمي ولا دمي قط فأعفني»، فأعفاه. فقال له: «أنشدني شعراً»، فقال الإمام  [عليه السلام] : «أنا قليل الرواية للشعر». فقال: «لا بد». فأنشده:

باتوا على قُلَلِ الأجبال تحرســـــــــهم غُلْبُ الرجال فما أغنتهمُ القُلـــــــــــــــل
واستنزلوا بعد عـــــــزّ عن معاقـــــــلهم فأودعوا حُفَراً، يا بئس ما نزلــــــــــــوا
ناداهُم صارخ من بعد ما قبــــــــــــــروا أين الأسرة والتيجان والحـــــــــــــلل؟
أين الوجوه التي كانت منــــــــــــــــعمة من دونها تضرب الأستار والكــــــــلل
فأفصح القبـــر عنهم حين ساء لهم تلك الوجوه عليها الدود يقــــــــــــتتل
قد طالما أكلوا دهراً وما شــــــــــــربوا فأصبحوا بعد طول الأكل قد أُكلوا
وطالما عمروا دوراً لتحصـــــــــــــــــنهم ففارقوا الدور والأهلين وانتقلـــــــوا
وطالما كنزوا الأموال وادخـــــــــــــروا فخلفوها على الأعداء وارتحــــــلوا
أضحت مَنازِلُهم قفْراً مُعَطــــــــــــــــــــلة وساكنوها إلى الأجداث قد رحـلوا[

قال الراوي: «والله لقد بكى المتوكل بكاءً طويلاً حتى بلّت دموعه لحيته!. وبكى من حضره، ثم أمر أن يرفع الشراب، وأمر بإرجاع الإمام  [عليه السلام]  إلى داره مكرماً».

عصر المنتصر العباسي

بعد وفاة المتوكل العباسي تولى الحكم ابنه المنتصر ستة أشهر، وهو الذي أحدث الانقلاب على أبيه المتوكل بالاشتراك مع قواد جيشه فقطعوه إربا إربا مع وزرائه وندمائه وحاشيته وهم على مائدة الشراب والغناء، وذلك سنة 248 ه‍. وبمجيء المنتصر خفّ الضغط على الإمام  [عليه السلام]  خاصة والعلويين عامة في سامراء وأحسن إليهم، حيث كان المنتصر يؤثر مخالفة أبيه في جميع أحواله ومضادة مذهبه طعناً عليه ونصرة لفعله، وإن بقي موقف بعض الوزراء والأمراء خارج سامراء على حالة من الضغط على الشيعة ومحاربتهم.

وكان لهذا التخفيف ورفع القيود النسبية عن حركة الإمام  [عليه السلام]  دور في إعادة تنظيم واقع الشيعة في سائر البلدان، فكان الإمام  [عليه السلام]  يتدخل بسرعة لتنصيب البديل عن الوكيل الذي يعتقل أو يمنع من التحرك في الوسط الشيعي.

مدرسة الإمام الهادي (عليه السلام) ونشر المعارف الإسلامية (القرآن الكريم) 

كان للحركة الانحرافية التي قام بها الغلاة من الشيعة الدور المهم في إثارة شبهة تحريف القرآن وتوجيه أصابع الاتهام للشيعة من قبل أتباع سائر الفرق الإسلامية بأنهم لا يهتمون بشأن القرآن الكريم، ويؤمنون بتحريفه وعدم حجيته؛ ومن هنا انبرى الإمام الهادي  [عليه السلام]  لتفنيد هذه الشبهة وبيان مكانة القرآن في فكر المدرسة الإمامية، وأنّ القرآن الكريم هو المصدر الأول للمسلمين والحجة في جميع التشريعات والمواقف التي يعتمدها الشيعة، وأنّ الروايات المخالفة للقرآن الكريم تعدّ من زخرف القول الذي يضرب به عرض الجدار.

وقد بيّن الإمام  [عليه السلام]  ذلك مفصلاّ في الرواية التي نقلها ابن شعبة الحرّاني التي جاء فيها: «اعلموا - رحمكم الله - إنّا نظرنا في الآثار وكثرة ما جاءت به الأخبار فوجدناها عند جميع من ينتحل الإسلام ممن يعقل عن الله عزوجل لا تخلو من معنيين: إمّا حق فيتبع، وإمّا باطل فيجتنب. وقد اجتمعت الأمة قاطبة لا اختلاف بينهم أن القرآن حق لا ريب فيه عند جميع أهل الفرق، وفي حال اجتماعهم مقرون بتصديق الكتاب وتحقيقه، مصيبون، مهتدون... والقرآن حق لا اختلاف بينهم في تنزيله وتصديقه: فإذا شهد القرآن بتصديق خبر وتحقيقة وأنكر الخبر طائفة من الأمّة لزمهم الإقرار به ضرورة حين اجتمعت في الأصل على تصديق الكتاب، فإنّ هي جحدت وأنكرت لزمها الخروج من الملة».

وروى هذا المعنى العياشي في تفسيره عن الإمامين الباقر والصادق (ع)، قالا: «لا تُصَدِّقْ علينا إِلا بما يوافق كتابَ اللَّه وسُنَّةَ نبيه  [صلى الله عليه وآله وسلم] ».

الإمام (عليه السلام) ومسألة خلق القرآن

من المسائل الرهيبة التي ابتلي بها المسلمون في حياتهم الدينية، وامتحنوا بها كأشد ما يكون الامتحان هي مسألة خلق القرآن، فقد ابتدعها الحكم العباسي في بدايات القرن الثالث الهجري، وأثاروها للقضاء على خصومهم، وقد قتل خلق كثيرون من جرائها، وانتشرت الأحقاد والأضغان بين المسلمين.

ومن هنا حذّر الإمام  [عليه السلام]  شيعته من النزول إلى تلك المعركة التي ضلّ فيها الجدلّيون ضلالاً كبيراً، فلم يشترك الشيعة في ذلك النزاع حول صنع الله عزّ وجلّ وحول كلامه الكريم، وبيّن لهم الموقف في رسالته التي جاء فيها: «عصمنا الله وإياك من الفتنة، فإن يفعل فأعظم بها نعمة، وإن لا يفعل فهي الهلكة، نحن نرى أن الجدال في القرآن بدعة، اشترك فيها السائل والمجيب، فيتعاطى السائل ما ليس له، ويتكلف المجيب ما ليس عليه، وليس الخالق إلا الله عز وجل، وما سواه مخلوق، والقرآن كلام الله، لا تجعل له اسما من عندك فتكون من الضالين». وبهذا وضع  [عليه السلام]  النقاط على الحروف في هذه المسألة الحساسة وجنّب شيعته الوقوع في فتنة كبيرة وفخّ خطير كادت دماؤهم أن تراق بسببه.

مواقف علماء الشيعة وخصومهم

كان للمواقف التي يتخذها بعض علماء الشيعة وطوائفهم - بسبب تباعد مواطنهم وعدم وجود قنوات اتصال سريعة بينهم - الدور الكبير في تعقيد عمل الأئمة (ع) في بيان الحقيقة وهداية الناس، يضاف إلى ذلك ما يقوم به خصوم الشيعة من المبالغة في ذلك وتشطير الفرق الشيعية بطريقة غريبة جداً حتى عدوا منها - كما يقول الكشي - الزرارية والعمّارية واليعفورية و... ناسبين ذلك إلى كبار أصحاب الإمام الصادق  [عليه السلام] : زرارة بن أعين، وعمّار الساباطي وابن أبي يعفور.

وقد يواجه الأئمة (ع) – أحياناً- بعض الأسئلة الناشئة من ذلك الاختلاف في المواقف والرؤى في الوسط الشيعي، منها قضية التشبية والتنزيه، حيث يظهر من كلام هشام بن الحكم وهشام بن سالم اختلافهما في هذه القضية الحساسة، ومن هنا تصدى الأئمة لمعالجة هذه القضية التي روي فيها أكثر من عشرين رواية بين رواية مختصرة ومفصّلة تؤكد كلها على تبني فكرة التنزيه والدفاع عنها من قبل الأئمة (ع)، ومن بينها ما روي عن الإمام الهادي  [عليه السلام]  في تأكيد التنزيه.

ومن جملة المسائل الهامة التي ثار الجدل حولها – أيضاً - في ذلك العصر، وكثر الأخذ والردّ مسألة الجبر والتفويض التي أدّت إلى انقسام المسلمين انقساماً كان ذا خطرٍ دخل في صميم العقيدة، إذ نسبت فئة منهم، وقوع الذنب من العبد، إلى الله - والعياذ بالله من ذلك - محتجّة بأنّ الذنب يقع بعلمه تعالى وتقديره، وبإقدار العبد على ذلك بما خلق له من آلاتٍ يباشر الذنب بواسطتها، وبأنّ العبد لا اختيار له في تجنّب الذنب؛ لأنّه محمول عليه قد كتبه الله تعالى وقضى به عليه!. ثم أنكرت فئة أخرى ذلك، وقالت بأنّ للعبد أن يختار، وهو الذي يرتكب الذنب بتمام إرادته، وبكامل اختياره، وبواسطة الآلات الّتي منحه الله تعالى إيّاها لطاعته لا لمعصيته.

وقد تكلّم إمامنا  [عليه السلام]  في هذا الموضوع الهامّ - كما تكلّم آباؤه - وجدّاه الصادق والرّضا بالخصوص (ع) جميعاً، لئلاّ يقع شيعته في فخّ الكفر وزخرف القول.. ثم تكلّم  [عليه السلام]  في الجبر والاختيار كلاماً بليغاً يقطع كلّ جدلٍ ونقاش، مبينها رفضه للجبر والتفويض معاً وموضحاً أن هناك حالة وسطية هي الأمثل وهي: «لا جبر ولا تفويض بل أمر بين الأمرين‌».

علماً أنّ أكثر الروايات الاحتجاجية الواردة عن الإمام الهادي  [عليه السلام]  منصبة على مسألة الجبر والتفويض.

ثقافة الدعاء والزيارة

اعتمد الإمام الهادي  [عليه السلام]  الدعاء والزيارة كطريقة للتثقيف على معارف الدين والتربية وفق معارف المدرسة الإمامية حيث ضمن تلك الأدعية التي تمثل الانفتاح على الله تعالى والتوسل إليه مجموعة من الأفكار والمضامين العقائدية والسياسية والاجتماعية مما كان له الأثر الكبير في حياة الشيعة الإمامية على جميع المستويات.

زيارة الجامعة الكبيرة

هذه الزيارة من أشهر زيارات الأئمة الطاهرين (ع) وأعلاها شأناً وأكثرها ذيوعاً وانتشاراً، فقد حظيت بأهمية خاصة بين الأدعية والزيارات المأثورة عن أئمة الهدى (ع)، وقد أقبل أتباع أهل البيت (ع) وشيعتهم على حفظها وزيارة الأئمة (ع) بها؛ لأنها تشتمل على كلام فريد يزخر بالمعارف الإلهية السامية، ويبيّن حقيقة الإمام الذي يمثل الحجّة التامة للحق على جميع العالمين، والجامع لكل الخير والمحاسن، والنموذج الكامل للإنسان، وقد جاء كل ذلك في أرقى مراتب البلاغة والفصاحة.

تعامل الإمام (عليه السلام) مع الشيعة

اعتمد الإمام الهادي  [عليه السلام]  وكلاءه الموزعين على المناطق التي يقطنها أتباع مدرسة أهل البيت (ع) وخاصة في ايران، وسيلة للتواصل معهم ومواجهة الغلاة أينما كانوا.

نظام الوكلاء في زمن الإمام الهادي (عليه السلام)

رغم التشديد والحصار الذي فرض على الشيعة في آخريات عصر الأئمة (ع) والمتثمل بموقف خلفاء بني العباس من أتباع مدرسة أهل البيت (ع)، عمل الإمام الهادي  [عليه السلام]  على اتّخاذ الوكلاء وتأسيس شبكة الممثلين له في شتى البلدان التي يقطنها الشيعة كايران ومصر واليمن والعراق، حيث عمد إلى اتخاذ وكلاء يوثّقهم ويمدحهم ليكونوا الواسطة بينه وبين الشيعة في التواصل المعرفي ومعالجة المعضلات الكلامية والفقهية والتفسيرية و... بالإضافة إلى استلام الحقوق الشرعية وإيصالها إلى الإمام  [عليه السلام] ، وربط الشيعة بالإمام الفعلي وتوجيههم إلى الإمام اللاحق عند رحيل السابق.

وقد قسّم الوكلاء -حسب ما ذكره الدكتور جاسم حسين- المناطق الآهلة بأكثر عدد من أتباع أهل البيت (ع) إلی أربع مناطق:

بغداد، المدائن، السواد والكوفة
البصرة والأهواز
مدينتا قم وهمدان
الحجاز، اليمن، ومصر

وكان الوكلاء يتواصلون مع الإمام  [عليه السلام]  عن طريق المكاتبات بواسطة الثقات من الشيعة.

ومن هؤلاء الوكلاء: علي بن جعفر كان وكيلا للإمام الهادي  [عليه السلام] ، وكان رجلا من أهل همينيا، قرية من قرى سواد بغداد، فسعي به إلى المتوكل، فحبسه فطال حبسه، ولما أخلى المتوكل سبيله، صار إلى مكة بأمر أبي الحسن  [عليه السلام]  مجاورا بها إلى آخر أيام حياته.

ومنهم حسين بن عبد ربّه وفي رواية ولده علي بن حسين بن عبد ربّه، ولما توفي كتب الإمام  [عليه السلام]  إلى مواليه يعلمهم بأنّه أقام أبا علي بن راشد مقام الحسين بن عبد ربّه ومن كان قبله من وكلائه.

ويحتمل من رواية الكشي حول إسماعيل بن إسحاق النيشابوي أن أحمد بن إسحاق الرازي هو الآخر كان من وكلاء الإمام الهادي  [عليه السلام] .

الإمام الهادي (عليه السلام) والشيعة في ايران

كان العنصر الكوفي هو الغالب على الشيعة في القرن الأوّل، وهذا ما تكشف عنه كثرة الملقبين بالكوفي من أصحاب الأئمة (ع)، ثمّ بدأ يظهر لقب القمي في أوساط الرواة وأصحاب الأئمة (ع) وخاصة في منذ عصر الإمامين الباقر والصادق (ع)، ويرجع الكثير منهم إلى العرب الأشعرية الذين هاجروا إلى مدينة قم. ورويداً رويداً أخذ انتشار التشيع في الوسط الايراني عامّة والقمّي خاصة يزداد حتى تحولت قم في عهد الإمام الهادي  [عليه السلام]  إلى مركز رئيسي من مراكز التشيع التي تربطها بالأئمة علاقات وثيقة، وكان الطابع العام للتشيع القمّي الاعتدال والوسطية في النظرة إلى الأئمة خلافاً للمدرسة الكوفية التي انتشر فيها الغلو.

ولم ينحصر التشيع في مدينة قم، بل تعدّاه إلى كل من مدينة آبه أو آوة وكاشان، وقد تكرّر ذكر محمد بن علي الكاشاني في الكثير من الروايات المنقولة عنه والأسئلة التي يوجهها إلى الإمام الهادي  [عليه السلام] حول التوحيد ومسائله.

وكانت علاقة القمّيين قوية مع الإمام الهادي  [عليه السلام] ، فكان محمد بن داود القمي ومحمد الطلحي يحملان ما اجتمع من أخماس ونذر وهدايا وجواهر اجتمعت في قم وبلادها لإرسالها إلى أبي الحسن الهادي  [عليه السلام] .

وكان الإمام الهادي  [عليه السلام]  يستغفر لإهل قم وآوة لزيارتهم الإمام الرضا  [عليه السلام] ، كما روى ذلك السيد عبد العظيم بن عبد الله الحسني حين قال: «سمعت عليّ بن محمّد العسكري  [عليه السلام]  يقول: أهل قم وأهل آبة مغفور لهم لزيارتهم لجدّي عليّ بن موسى الرضا  [عليه السلام]  بطوس.

وكان لغير القميين من الشيعة - مع كونهم الأقلية بسبب السياسات الأموية والعباسية - علاقات وثيقة وأواصر قوية مع أئمة أهل البيت (ع).

وقد صَنَّف صالح أبو مقاتل الدَيْلَميُّ من أصحاب الإمام الهادي  [عليه السلام]  كتاباً في الإمامة كَبِيراً، حديثاً وكلاماً، وسمّاهُ كتابَ الإحْتِجاج.(مسند الإمام الهادي عليه‌ السلام، ص 317 .) والديلم منطقة تقع إلى الشرق من محافظة جيلان الإيرانية، وكانت قد احتضنت في أواخر القرن الثاني الهجري الكثير من الشيعة الإمامية بالإضافة إلى من هاجر من سكّانها إلى العراق، واعتنق المذهب الإمامي هناك.

وقد كشفت ألقاب أصحاب الإمام الهادي  [عليه السلام]  عن مناطق سكناهم من قبيل: بشر بن بشار النيشابوري وفتح بن يزيد الجرجاني وأحمد بن إسحاق الرازي وحسين بن سعيد الأهوازي وحمدان بن إسحاق الخراساني وعلي بن إبراهیم الطالقاني، وقد تحولت كل من مدينتي جرجان ونيسابور إلى مراكز شيعية فاعلة في القرن الرابع الهجري.

وهناك شواهد تدل على وجود عدد من أصحاب الإمام الهادي  [عليه السلام]  في مدينة قزوين الواقعة وسط ايران.

ورغم غلبة الطابع الحنبلي المتعصب على مدينة أصفهان الإيرانية إلا أنّها لم تخل من الرجال الشيعة كإبراهيم بن شيبة الأصفهاني الكاشاني القاطن في أصفهان وعلي بن محمد الأصفهاني القاطن في كاشان، وقد أدرجهما الرجاليون ضمن أصحاب الإمام الهادي  [عليه السلام] .ومنهم رجل يقال له عبد الرّحمن مال إلى التشيع بعد كرامة شاهدها على يد الإمام الهادي  [عليه السلام]  في سامراء.

وهناك روايات تشير إلى وصول بعض الهمدانيين إلى نيل الوكالة من الإمام الهادي  [عليه السلام] .

شهادة الإمام (عليه السلام)

قبض  [عليه السلام]  مسموما بـسر من رأى في يوم الاثنين المصادف الثالث من رجب سنة 254 ه‍، وقيل: يوم الاثنين الخامس والعشرون من جمادى الآخرة سنة 254 هـ. والتأريخ الأول أشهر، حيث نص عليه أغلب أعلام الطائفة ومحدثيهم ومؤرخيهم. وممن نص على أنّه [عليه السلام]  مات مسموماً أو نقل القول في ذلك: الشبلنجي وابن الصباغ المالكي والشيخ أبو جعفر الطبري، والشيخ إبراهيم الكفعمي في المصباحوغيرهم، ونص الأخير على أن الذي سمه هو المعتز. وجاء عن ابن بابويه أنّه  [عليه السلام]  مات مسموماً ، وسمّه المعتمد العباسي، وإذا صحّ ذلك فإنّه لا بد أن يكون قد سمّه المعتز بالله؛ لأنّه مات في عهده سنة 254 ه‍، والمعتمد العباسي بويع بالخلافة سنة 256 هـ في النصف من رجب، أو أن المعتز قد أوعز إلى المعتمد بدسّ السم إلى الإمام  [عليه السلام] ، فيكون ذلك جمعاً بين قول الشيخ الصدوق والشيخ الكفعمي، والله أعلم بحقيقة الحال.

وخرجت الجنازة، وخرج الإمام الحسن العسكري  [عليه السلام]  يمشي حتى أخرج بها إلى الشارع الذي إزاء دار موسى بن بغا. وقد كان الإمام أبو محمد العسكري  [عليه السلام]  قد صلّى عليه قبل أن يخرج إلى الناس، ودفن في بيتٍ من دوره.

تلامذته وأصحابه

بلغ عدد تلامذته والرواة عنه – حسب ما ذكره الشيخ الطوسي- 185 راوياً، من أبرزهم:

1- السيد عبد العظيم الحسني (قبره في مدينة ري بجنوب طهران)

عبد العظيم بن عبد الله بن علي بن حسن بن زيد بن حسن بن زيد بن الحسن المجتبى بن علي بن أبي طالب، والمعروف بالسيد الكريم وشاه عبد العظيم، والمكنى بأبي القاسم وأبي الفتح. يعدّ الحسني من السادة الحسنيين ومن كبار المحدثين، وينتهي نسبه إلى الإمام الحسن المجتبى  [عليه السلام]  بأربع وسائط. وقد ذكره الشيخ الطوسي ضمن أصحاب الإمامين الهادي والعسكري  [عليه السلام]  وهناك من أدرجه ضمن أصحاب الإمامين الجواد والهادي  [عليه السلام] . وكان محدثاً، فقيهاً، صوّاماً قوّاماً، زاهداً، جليل القدر، ذا منزلة رفيعة عند الإمامين  [عليه السلام] . وقد عرض عبد العظيم الحسني أُصول عقيدته وما يدين به على الإمام الهادي [عليه السلام]  فبارك له الإمام  [عليه السلام]  عقيدته.

رُوي أنّ أبا حماد الرازي قصد الإمام الهادي  [عليه السلام]  إلى سامراء مستفتياً، فلما أجابه  [عليه السلام]  أشار عليه بالرجوع إلى عبد العظيم الحسني إن أشكل عليه شيء وهو بـالري.

2- عثمان بن سعيد 

عثمان بن سعيد العمري؛ يكنى أبا عمرو السمان، ويقال له: الزيات، من أصحاب الإمام الهادي والعسكري  [عليه السلام] ، جليل القدر، ثقة، خدم الإمام الهادي  [عليه السلام] ، وله إحدى عشرة سنة، وله إليه عهد معروف، وتوكل للإمام العسكري  [عليه السلام] ، وكانت توقيعات صاحب الأمر  [عليه السلام]  تخرج على يديه، وكان قد حظي بمنزلة خاصة عند الإمام  [عليه السلام]  واصفاً له بـالثقة الأمين.

3- أيوب بن نوح

أيوب بن نوح بن دراج النخعي أبو الحسين، كان وكيلاً لأبي الحسن وأبي محمد  [عليه السلام] ، عظيم المنزلة عندهما مأمونا، وكان شديد الورع، كثير العبادة، ثقة في رواياته وكان أيوب من عباد الله الصالحين.

4- الحسن بن راشد

عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الجواد  [عليه السلام]  قائلاً: الحسن بن راشد يكنى أبا علي، مولى لآل المهلب، بغدادي، ثقة. وعدّه أيضاً من أصحاب الهادي  [عليه السلام] .

وعدّه الشيخ المفيد في رسالته العددية من الفقهاء الأعلام، والرؤساء المأخوذ عنهم الحلال والحرام الذين لا يطعن عليهم بشيء ولا طريق لذم واحد منهم. وعدّه الشيخ والبرقي في رجاليهما من أصحاب الهادي  [عليه السلام] ، ويظهر من ترجمة الحسن بن راشد أنّه كان وكيلاً لأبي محمد العسكري  [عليه السلام] .

5- الحسن بن علي الناصر

ابن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب  [عليه السلام]  الناصر للحق، من أصحاب الهادي  [عليه السلام] ، كما في رجال الشيخ الطوسي. وهو والد جد السيد المرتضى من جهة أمّه ، قال السيد في أول كتابه شرح المسائل الناصريات: «وأمّا أبومحمد الناصر الكبير وهو الحسن بن علي ففضله في علمه، وزهده، وفقهه، أظهر من الشمس الباهرة، وهو الذي نشر الإسلام في الديلم، حتى اهتدوا به من الضلالة، وعدلوا بدعائه بعد الجهالة وسيرته الجميلة أكثر من أن تحصى وأظهر من أن تخفى».

تفجير ضريح الإمامين العسكريين (ع)

قامت في السنين الأخيرة مجموعة من السلفيين التكفيريين المتطرفين بالتعرض لضريح الامامين العسكريين  [عليهما السلام]  في أكثر من محاولة، ومن أبشعها ماقاموا به في صباح يوم الأربعاء 22 فبراير 2006 م من اقتحام للمرقدين الشريفين، وزرع عبوات ناسفة تزن 200 كغم من المواد المتفجرة تحت قبة الضريح، وفجّروها بعد ذلك مما أدى إلى انهيار القبة الخاصة بالضريح وتصدّع المنائر الذهبية المحيطة بها. وفي صباح يوم الأربعاء 13 يونيو 2007 م حدثت عملية تفجيرية أخرى استهدفت مأذنتي المرقد الذهبيتين، ودمرتهما بالكامل، وكان التفجير بواسطة عبوة ناسفة. وفي يوم الخميس 05-06-2014م قامت مجموعة كبيرة من التكفيريين ينتمون إلى تنظيم داعش بشن هجوم واسع النطاق على مدينة سامراء للسيطرة عليها وتدمير الضريح المبارك إلاّ أنّهم جوبهوا بمقاومة شديدة من قبل حماية الحرم والقوات الأمنية وجموع المؤمنين المتطوعين أجبرتهم على التقهقر والخروج من المدينة.

إعادة إعمار الروضة العسكرية

لم يزل غبار الانفجار في السماء حتى بدأ الموالون لـأهل البيت  [عليه السلام] بإعمار الروضة المباركة وتشييدها على أجمل عمارة وزخرفة إسلامية سطرتها أنامل الفنانين المبدعين، وكان لمدينة قم المقدسة شرف تصميم وبناء الضريح الجديد للروضتين العسكريتين [عليه السلام]  تحت رعاية وإشراف مرجعية آية الله السيد علي السيستاني وبكلفة 100 مليون دولار صرفت في تشييد الضريح وإكساء القبة بما يقارب السبعين كيلوغرام من الذهب و4500 كيلوغرام من الفضية و1100 كيلوغرام من النحاس و11 طن من الخشب الساج الجيد.

لمزيد الاطلاع حول حياة الإمام الهادي (عليه السلام):

حياة الإمام الهادي [عليه السلام] للشيخ باقر شريف القرشي.

عطاردي، عزيز الله، مسند الإمام الهادي [عليه السلام] ، قم، المؤتمر العالمي للإمام الرضا [عليه السلام] ،1410 ق.

الإمام علي الهادي [عليه السلام] ، تأليف: حسين الشاكري، الطبعة: الأولى، المطبعة: ستاره، قم المقدسة، 1419 ه‍. ق.

المصدر: ويكي شيعة

 

قراءة 1305 مرة