Print this page

في ذكرى ولادة الإمام السجاد عليه السلام(*)

قيم هذا المقال
(2 صوت)

في ذكرى ولادة الإمام السجاد عليه السلام

نشأة الإمام زين العابدين عليه السلام

لقد توفّرت للإمام زين العابدين((عليه السلام)) جميع المكوّنات التربوية الرفيعة التي لم يظفر بها أحدٌ سواه، وقد عملت على تكوينه وبناء شخصيّته بصورة متميّزة، جعلته في الرعيل الأوّل من أئمّة المسلمين الذين منحهم الرسول((صلى الله عليه وآله)) ثقته، وجعلهم قادة لاُمّته واُمناء على أداء رسالته.

نشأ الإمام في أرفع بيت وأسماه ألا وهو بيت النبوّة والإمامة، الذي أذن الله أن يرفع ويذكر فيه اسمه(1)، ومنذ الأيام الاُولى من حياته كان جده الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب((عليه السلام)) يتعاهده بالرعاية، ويشعّ عليه من أنوار روحه التي طبّق شذاها العالم بأسره، فكان الحفيد ـ بحقٍّ ـ صورة صادقة عن جدّه، يحاكيه ويضاهيه في شخصيّته ومكوّناته النفسية.

كما عاش الإمام((عليه السلام)) في كنف عمّه الزكي الإمام الحسن المجتبى((عليه السلام)) سيّد شباب أهل الجنّة وريحانة رسول الله((صلى الله عليه وآله)) وسبطه الأوّل، إذ كان يغدق عليه من عطفه وحنانه، ويغرس في نفسه مُثُلَه العظيمة وخصاله السامية، وكان الإمام((عليه السلام)) طوال هذه السنين تحت ظلّ والده العظيم أبي الأحرار وسيّد الشهداء الإمام الحسين بن عليّ((عليهما السلام)) الذي رأى في ولده عليّ زين العابدين((عليه السلام)) امتداداً ذاتيّاً ومشرقاً لروحانيّة النبوّة ومُثُل الإمامة، فأولاه المزيد من رعايته وعنايته، وقدّمه على بقية أبنائه، وصاحَبَه في أكثر أوقاته.

لقد ولد الإمام زين العابدين((عليه السلام)) في المدينة في اليوم الخامس من شعبان سنة (36 هـ )(2) يوم فتح البصرة، حيث إنّ الإمام عليّ((عليه السلام)) لم ينتقل بعد بعاصمته من المدينة الى الكوفة. وتوفّي بالمدينة سنة (94 أو 95 هـ ).

وقد ذكر بعض المؤرخين أنّه ولد في سنة (38 هـ ) وفي مدينة الكوفة، حيث كان جدّه الإمام أمير المؤمنين((عليه السلام)) قد اتّخذها عاصمة لدولته بعد حرب الجمل، فمن الطبيعي أن يكون الحسين السبط((عليه السلام)) مع أهله وأبيه((عليه السلام)) في هذه الفترة بشكل خاص(3) .

اُمّـهُ :

اسمها «شهربانو» أو «شهر بانويه» أو «شاه زنان» بنت يزدجرد آخر ملوك الفرس(4)، وذكر البعض أنّ أُمّه قد أجابت نداء ربّها أيّام نفاسها فلم تلد سواه(5).

كُـناه :

أبو الحسن، أبو محمّد، أبو الحسين، أبو عبد الله(6).

ألقابـه:

«زين العابدين» و «ذو الثفنات» و «سيّد العابدين» و «قدوة الزاهدين» و «سيّد المتّقين» و «إمام المؤمنين» و «الأمين» و «السجّاد» و «الزكي» و«زين الصالحين» و «منار القانتين» و «العدل» و «إمام الاُمّة» و «البكّاء»، وقد اشتهر بلقبي «السجاد» و «زين العابدين» أكثر من غيرهما.

إنّ هذه الألقاب لم يلقّب بها الإمام إلاّ باعتباره التجسيد الحيّ لها، والمصداق الكامل لـ : (وَعِبَادُ الرَّحْمَـنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلامًا)(7)، وبعض الذين منحوه هذه الألقاب لم يكونوا من شيعته، ولم يكونوا يعتبرونه إماماً من قبل الله تعالى، لكنّهم ما استطاعوا أن يتجاهلوا الحقائق التي رأوها فيه.

لقد ذكر المؤرّخون ما يبيّن لنا بعض العلل التأريخية لجملة من هذه الألقاب المباركة:

1 ـ روي عن الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري أنّه قال: كنت جالساً عند رسول الله((صلى الله عليه وآله)) والحسين في حجره وهو يلاعبه فقال((صلى الله عليه وآله)): «يا جابر، يولد له مولود اسمه عليّ، إذا كان يوم القيامة نادى مناد ليقُم (سيّد العابدين) فيقوم ولده، ثم يولد له ولد اسمه محمّد، فإن أنت أدركته يا جابر فاقرأه منّي السلام»(8).

2 ـ كان الزهري إذا حدّث عن عليّ بن الحسين((عليه السلام)) قال: حدّثني «زين العابدين» عليّ بن الحسين، فقال له سفيان بن عيينة: ولِمَ تقول له زين العابدين؟ قال: لأنّي سمعت سعيد بن المسيب يحدّث عن ابن عباس أنّ رسول الله((صلى الله عليه وآله)) قال: «إذا كان يوم القيامة ينادي مناد أين زين العابدين؟ فكأنـّي أنظر إلى ولدي عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب يخطو بين الصفوف»(9)؟

3 ـ وجاء عن الإمام أبي جعفر الباقر((عليه السلام)) أنّه قال: «كان لأبي في مواضع سجوده آثار ناتئة، وكان يقطعها في السنة مرتّين، في كلّ مرة خمس ثفنات، فسمّي ذا الثفنات لذلك»(10).

4 ـ كما جاء عنه((عليه السلام)) عن كثرة سجود أبيه ]قوله[ : «إن أبي عليّ بن الحسين((عليه السلام)) ما ذكر نعمة الله عليه إلاّ وسجد، ولا قرأ آية من كتاب الله عزّ جلّ وفيها سجود إلاّ سجد، ولا دفع الله تعالى عنه سوءاً يخشاه أو كيد كائد إلاّ سجد، ولا فرغ من صلاة مفروضة إلاّ سجد ولا وفّق لإصلاح بين إثنين إلاّ سجد، وكان أثر السجود في جميع مواضع سجوده فسمّي بالسجّاد لذلك»(11).

الإمامة والمرجعية الشاملة

برز على الصعيد العلمي إماماً في الدين ومناراً في العلم، ومرجعاً لأحكام الشريعة وعلومها، ومثلاً أعلى في الورع والعبادة والتقوى، واعترف المسلمون جميعاً بعلمه واستقامته وأفضليّته، وانقاد الواعون منهم إلى زعامته وفقهه ومرجعيّته.

كان للمسلمين عموماً تعلّق عاطفي شديد بهذا الإمام، وولاء روحي عميق له، وكانت قواعده الشعبية ممتدّة في كلّ مكان من العالم الإسلامي، كما يشير إلى ذلك موقف الحجيج الأعظم منه، حينما حجّ هشام بن عبد الملك(12).

لم تكن ثقة الاُمّة بالإمام زين العابدين((عليه السلام)) ـ على اختلاف اتجاهاتها ومذاهبها ـ مقتصرة على الجانب الفقهي والروحي فحسب، بل كانت تؤمن به مرجعاً وقائداً، ومفزعاً في كلّ مشاكل الحياة وقضاياها، بوصفه امتداداً لآبائه الطاهرين((عليهم السلام)).

ومن هنا نجد أنّ عبد الملك بن مروان قد استنجد بالإمام زين العابدين((عليه السلام)) لحلّ مشكلة التعامل بالنقود الرومية إبّان تهديد الملك الروماني له بإذلال المسلمين(13).

ظروف الإمامة وملامح عصره وأهمّ إنجازاته

وقد قُدّر للإمام زين العابدين أن يتسلّم مسؤولياته القيادية والروحية بعد استشهاد أبيه ((عليه السلام)) فمارسها خلال النصف الثاني من القرن الأول، في مرحلة من أدقّ المراحل التي مرّت بها الاُمة وقتئذ، وهي المرحلة التي أعقبت موجة الفتوح الاُولى، فقد امتدّت هذه الموجة بزخمها الروحي وحماسها العسكري والعقائدي، فزلزلت عروش الأكاسرة والقياصرة، وضمّت شعوباً مختلفة وبلاداً واسعة إلى الدعوة الجديدة، وأصبح المسلمون قادة الجزء الأعظم من العالم المتمدّن وقتئذ خلال نصف قرن.

لقد تعرضت الاُمة الإسلامية في عصر هذا الإمام ((عليه السلام)) لخطرين كبيرين:

الأول: هو خطر الانفتاح على الثقافات المتنوعة، والذي قد ينتهي بالاُمة إلى التميّع والذوبان وفقدان أصالتها، فكان لابدّ من عمل علمي يؤكّد للمسلمين أصالتهم الفكرية وشخصيّتهم التشريعية المتميّزة المستمدة من الكتاب والسنّة. وكان لابدّ من تأصيل للشخصية الإسلامية، وذلك من خلال زرع بذور الاجتهاد.

وهذا ما قام به الإمام علي بن الحسين((عليه السلام)) فقد بدأ حلقة من البحث والدرس في مسجد الرسول((صلى الله عليه وآله)) وأخذ يحدّث الناس بصنوف المعرفة الإسلامية، من تفسير وحديث وفقه وتربية وعرفان، وراح يفيض عليهم من علوم آبائه الطاهرين((عليهم السلام)).

وهكذا تخرّج من هذه الحلقة الدراسيّة عدد مهمّ من فقهاء المسلمين، وكانت هذه الحلقة المباركة هي المنطلق لما نشأ بعد ذلك من مدارس الفقه الإسلامي، وكانت الأساس لحركة الفقه الناشطة.

الثاني : هو الخطر الناجم عن موجة الرخاء والانسياق مع ملذّات الحياة الدنيا، والإسراف في زينة هذه الحياة المحدودة، وبالتالي ضمور الشعور بالقيم الخلقية.

وقد اتّخذ الإمام زين العابدين((عليه السلام)) من الدعاء أساساً لدرء هذا الخطر الكبير، الذي ينخر في الشخصية الإسلامية ويهزّها من داخلها هزّاً عنيفاً، ويحول بينها وبين الاستمرار في أداء رسالتها. ومن هنا كانت «الصحيفة السجادية» تعبيراً صادقاً عن عمل اجتماعي عظيم كانت ضرورة المرحلة تفرضه على الإمام((عليه السلام)) إضافة إلى كونها تراثاً ربّانياً فريداً يظلّ على مرّ الدهور مصدر عطاء، ومشعل هداية ومدرسة أخلاق وتهذيب، وتظلّ الإنسانية بحاجة إلى هذا التراث المحمّدي العلوي، وتزداد إليه حاجة كلّما ازداد الشيطان للإنسانية إغراءً ، والدنيا فتنةً له(14).

انطباعات عن شخصيّة الإمام زين العابدين((عليه السلام))

اتّفق المسلمون على تعظيم الإمام زين العابدين((عليه السلام)) وأجمعوا على الاعتراف له بالفضل، وأنّه علم شاهق في هذه الدنيا، لا يدانيه أحد في فضائله وعلمه وتقواه، وكان من مظاهر تبجيلهم له: أنّهم كانوا يتبركون بتقبيل يده ووضعها على عيونهم(15)، ولم يقتصر تعظيمه على الذين صحبوه أو التقوا به، وإنّما شمل المؤرخين على اختلاف ميولهم واتّجاهاتهم، فقد رسموا بإعجاب وإكبار سيرته، وأضفوا عليه جميع الألقاب الكريمة والنعوت الشريفة.

أقوال وآراء معاصريه فيه ((عليه السلام)) :

عبّر المعاصرون للإمام((عليه السلام)) من العلماء والفقهاء والمؤرّخين بانطباعاتهم عن شخصيّته، وكلها إكبار وتعظيم له، سواء في ذلك من أخلص له في الودّ أم أضمر له العداوة والبغضاء، وفيما يلي نبذة من كلماتهم:

1 ـ قال الصحابيّ الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري: ما رؤي في أولاد الأنبياء مثل عليّ بن الحسين((عليه السلام))...(16).

2 ـ كان عبد الله بن عباس على تقدّمه في السنّ يجلّ الإمام ((عليه السلام)) وينحني خضوعاً له وتكريماً، فإذا رآه قام تعظيماً ورفع صوته قائلاً: مرحباً بالحبيب ابن الحبيب(17).

3 ـ وُصِف محمّد بن مسلم القرشي الزهري بالفقيه، وأحد الأئمّة الأعلام وعالم الحجاز والشام(18) ولم يكن من أتباع مدرسة أهل البيت((عليهم السلام)) ولكنّه أدلى بمجموعة من الكلمات القيّمة أعرب فيها عمّا يتصف به الإمام((عليه السلام)) من القيم الكريمة والمُثل العظيمة، وهذه بعض كلماته:

أ ـ ما رأيت هاشمياً أفضل من عليّ بن الحسين...(19).

ب ـ لم أدرك من أهل البيت رجلاً كان أفضل من عليّ بن الحسين(20).

ج ـ ... ما رأيت أحداً أفقه منه.

4 ـ سعيد بن المسيّب : وهو من الفقهاء البارزين في يثرب، وقال عنه الرواة: إنّه ليس من التابعين من هو أوسع منه علماً(21)، وقد صحب الإمام((عليه السلام)) ووقف على ورعه، وشدّة تحرّجه في الدين، وقد سجّل ما رآه بهذه الكلمات:

أ ـ ما رأيت قطّ أفضل من عليّ بن الحسين((عليه السلام)) وما رأيته قطّ إلاّ مَقَتُّ نفسي...(22).

ب ـ ما رأيت أورع منه...(23).

ج ـ كان سعيد جالساً وإلى جانبه فتىً من قريش، فطلع الإمام((عليه السلام)) فسأل القريشيّ سعيداً عنه، فأجابه سعيد: هذا سيّد العابدين(24).

5 ـ زيد بن أسلم : وكان في طليعة فقهاء المدينة، ومن مفسِّري القرآن(25)، وقد أدلى بعدّة كلمات بشأن الإمام((عليه السلام)) منها:

أ ـ ما جالست في أهل القبلة مثله(26).

ب ـ ما رأيت مثل عليّ بن الحسين فيهم قط ( أي : في أهل البيت ) (27).

ج ـ ما رأيت مثل عليّ بن الحسين فَهِماً حافظاً(28).

6 ـ حماد بن زيد : وهو من أبرز فقهاء البصرة، اُعتبر من أئمّة المسلمين(29)، قال فيه: كان عليّ بن الحسين أفضل هاشميٍّ أدركته(30).

7 ـ يحيى بن سعيد: وهو من كبار التابعين، ومن أفاضل الفقهاء والعلماء(31)، وقد قال: سمعت عليّ بن الحسين وكان أفضل هاشمي أدركته(32).

8 ـ لقد اعترف بالفضل للإمام((عليه السلام)) حتى أعداؤه ومبغضوه، فهذا يزيد بن معاوية وبعد أن ألحّ عليه أهل الشام في أن يخطب الإمام((عليه السلام)) أبدى مخاوفه منه قائلاً: إنّه من أهل بيت زُقّوا العلم زقّاً، إنّه لا ينزل إلاّ بفضيحتي وفضيحة آل أبي سفيان...(33) 9 ـ عبد الملك بن مروان : وهذا عدوّ آخر يقول للإمام ((عليه السلام)): ... وإنّك لذو فضل عظيم على أهل بيتك وذوي عصرك، ولقد اُوتيت من الفضل والعلم والدين والورع ما لم يؤته أحد مثلك ولا قبلك إلاّ من مضى من سلفك...(34)

10 ـ منصور الدوانيقي : وهذا عدوّ آخر ـ أيضاً ـ لأهل البيت((عليهم السلام)) قد أشاد بفضل الإمام((عليه السلام)) في رسالته إلى ذي النفس الزكية بقوله: ولم يولد فيكم ـ أي في العلويّين ـ بعد وفاة رسول الله((صلى الله عليه وآله)) مولود مثله ـ أي مثل زين العابدين ـ (35).

آراء العلماء والمؤرخين فيه ((عليه السلام)) :

1 ـ قال اليعقوبي: كان أفضل الناس وأشدّهم عبادة، وكان يسمّى: زين العابدين، وكان يسمّى ـ أيضاً ـ : ذا الثفنات، لما كان في وجهه من أثر السجود...(36).

2 ـ قال الحافظ أبو القاسم عليّ بن الحسن الشافعي المعروف بابن عساكر، في ترجمة الإمام((عليه السلام)): كان عليّ بن الحسين ثقةً مأموناً، كثير الحديث، عالياً رفيعاً...(37).

3 ـ قال الذهبي: كانت له جلالة عجيبة، وحقّ له والله ذلك، فقد كان أهلاً للإمامة العظمى; لشرفه وسؤدده وعلمه وتألّهه وكمال عقله...(38) .

4 ـ قال الحافظ أبو نعيم: عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب((عليهم السلام)) زين العابدين ومنار القانتين، كان عابداً وفيّاً وجواداً صفيّاً...(39).

5 ـ قال صفيّ الدين: كان زين العابدين عظيم الهدى والسمت الصالح...(40).

6 ـ قال النووي: وأجمعوا على جلالته في كلّ شيء...(41).

7 ـ قال عماد الدين إدريس القرشي: كان الإمام عليّ بن الحسين زين العابدين أفضل أهل بيت رسول الله((صلى الله عليه وآله)) وأشرفهم بعد الحسن والحسين عليهم الصلاة والسلام جميعاً، وأكثرهم ورعاً وزهداً وعبادة(42).

8 ـ قال النسّابة الشهير ابن عنبة: وفضائله ((عليه السلام)) أكثر من أن تحصى أو يحيط بها الوصف(43).

9 ـ قال الشيخ المفيد: إنّه كان أفضل خلق الله بعد أبيه علماً وعملاً... ، وقال: وقد روى عنه فقهاء العامّة من العلوم ما لا يُحصى كثرة، وحُفِظ عنه من المواعظ والأدعية وفضائل القرآن والحلال والحرام والمغازي والأيام ما هو مشهور بين العلماء...(44).

10 ـ وقال ابن تيمية: أمّا عليّ بن الحسين فمن كبار التابعين وساداتهم علماً وديناً... وله من الخشوع وصدقة السرّ وغير ذلك من الفضائل ما هو معروف(45).

11 ـ قال الشيخاني القادري: سيّدنا زين العابدين عليّ بن الحسين بن أبي طالب اشتهرت أياديه ومكارمه، وطارت بالجوّ في الجود محاسنه، عظيم القدر، رحب الساحة والصدر، وله الكرامات الظاهرة ما شوهد بالأعين الناظرة وثبت بالآثار المتواترة...(46).

12 ـ قال محمّد بن طلحة القرشي الشافعي: هذا زين العابدين، قدوة الزاهدين، وسيّد المتقين، وإمام المؤمنين، شيمته تشهد له أنّه من سلالة رسول الله((صلى الله عليه وآله)) وسمته يثبت مقام قربه من الله زلفاً، وثفناته تسجّل له كثرة صلاته وتهجّده، وإعراضه عن متاع الدنيا ينطق بزهده فيها، درّت له أخلاف التقوى فتفوّقها، وأشرقت لديه أنوار التأييد فاهتدى بها، وآلفته أوراد العبادة فآنس بصحبتها، وحالفته وظائف الطاعة فتحلّى بحليتها، طالما اتّخذ الليل مطيّة ركبها لقطع طريق الآخرة، وظمأ الهواجر دليلاً استرشد به في مفازة المسافرة، وله من الخوارق والكرامات ما شوهد بالأعين الباصرة، وثبت بالآثار المتواترة وشهد له أنّه من ملوك الآخرة...(47).

13 ـ قال الإمام الشافعي: وجدت عليّ بن الحسين وهو أفقه أهل المدينة(48).

14 ـ قال الجاحظ: وأمّا عليّ بن الحسين بن عليّ فلم أرَ الخارجي في أمره إلاّ كالشيعي، ولم أرَ الشيعي إلاّ كالمعتزلي، ولم أرَ المعتزلي إلاّ كالعامي، ولم أرَ العامي إلاّ كالخاصي، ولم أجد أحداً يتمارى في تفضيله ويشك في تقديمه...(49).

15 ـ قال سبط ابن الجوزي: وهو أبو الأئمّة وكنيته أبو الحسن ويلقب بزين العابدين وسمّاه رسول الله((صلى الله عليه وآله)) سيد العابدين... والسجاد، وذي الثفنات، والزكي والأمين، والثفنات: ما يقع على الأرض من أعضاء البعير إذا استناخ وغلظ كالركبتين فكان طول السجود قد أثّر في ثفناته(50).

 

الهوامش

* اقتبس هذا المقال من موسوعة أعلام الهداية ج6 (الإمام علي بن الحسين زين العابدين / الناشر: المجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام).

(1) إشارة لقوله تعالى: (فِي بُيُوت أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالغُدُوِّ وَالاْصَالِ* رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلا ةِ وَإِيتَآءِ الزَّكَا ةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالاَْبْصَارُ ). النور (24) : 36 ـ 37.

(2) الإرشاد : 2/137، ومناقب آل أبي طالب : 4/189، والإقبال : 621 ، ومصباح الكفعمي: 511 ، والأنوار البهية: 107 قال: سنة 36 يوم فتح البصرة.

(3) تاريخ أهل البيت، لابن أبي الثلج البغدادي م 325 : 77.

(4) رغم أنّ أغلب المؤرخين متفقون على أنّ اُم الإمام السجاد ((عليه السلام)) هي ابنة الملك يزدجرد إلاّ أن هناك من يعتبر ذلك مجرد اُسطورة، راجع زندگانى علي بن الحسين((عليه السلام)) للسيد جعفر الشهيدي. والإسلام وايران للشهيد مطهري: 100 ـ 109 وحول السيدة شهر بانو للشيخ اليوسفي الغروي في مجلة رسالة الحسين((عليه السلام)): 24/14 ـ 39 ، والثابت أنّ اُمّ الإمام السجاد((عليه السلام)) سبيّة من سبايا الفرس، ولا يثبت أكثر من هذا.

(5) سيرة رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) وأهل بيته ((عليهم السلام)) : 2 / 189، المجمع العالمي لأهل البيت ((عليهم السلام)) الطبعة الاُولى 1414 هـ .

(6) حياة الإمام زين العابدين، دراسة وتحليل: 390.

(7) الفرقان (25) : 63.

(8) إحقاق الحقّ : 12 / 13 ـ 16، البداية والنهاية لابن كثير : 9 / 106.

(9) علل الشرائع 1: 230، الأمالي : 331 وعنهما في بحار الأنوار 46: 2 الحديث 1 و 2.

(10) علل الشرائع 1: 233 ومعاني الأخبار : 65 وعنهما في بحار الأنوار : 46 / 6.

(11) علل الشرائع 1: 272 وعنه في بحار الأنوار 46: 6 ح 10.

(12) اختيار معرفة الرجال : 129 ـ 132 ح 207 ، والجاحظ في البيان والتبيين 1: 286، الأغاني 14: 75 و19: 40، وابن خلكان في وفيات الأعيان 2: 338 ط إيران، مستدرك الوسائل 9: 383، شرح الأخبار 3: 263، الاختصاص: 191، مناقب آل أبي طالب 3: 306.

(13) انظر: دراسات وبحوث للسيّد مرتضى العاملي : 1/127 ـ 137 .

(14) السيد الشهيد محمد باقر الصدر((قدس سره)) في مقدمته للصحيفة السجادية.

(15) العقد الفريد 2 : 251.

(16) حياة الإمام زين العابدين، دراسة وتحليل 1 : 126، الأمالي للشيخ الطوسي: 637، وفيه: «والله ما أرى في أولاد الأنبياء...»، مناقب آل أبي طالب 3: 290 وفيه: «ما أرى من أولاد الأنبياء...».

(17) تاريخ دمشق 36: 147، تذكرة الخواص : 324، الطبقات الكبرى 5: 213، البداية والنهاية 9: 124.

(18) تهذيب التهذيب 9 : 445.

(19) معرفة الثقات 2: 153، تاريخ أسماء الثقات: 141، الجرح والتعديل 6: 179.

(20) و (5) شذرات الذهب 1 : 105، تاريخ مدينة دمشق 41: 388.

(21) تهذيب التهذيب 4: 85 .

(22) تاريخ اليعقوبي 2: 303، موسوعة المصطفى والعترة 8: 233.

(23) تهذيب الكمال 20: 389، تذكرة الحفاظ 1: 75، سير أعلام النبلاء 4: 391، تهذيب التهذيب 7: 269، البداية والنهاية 9: 134.

(24) الفصول المهمة 2: 862 ، الإرشاد 2: 145.

(25) تاريخ مدينة دمشق 4: 373، شرح إحقاق الحقّ 28: 160.

(26) حياة الإمام زين العابدين: 1/129 عن تاريخ دمشق : 12 / ق1 / الورقة 19.

(27) المصدر السابق.

(28) طبقات الفقهاء : 2 / 34.

(29) تهذيب التهذيب : 3 / 9.

(30) تهذيب اللغات والأسماء، القسم الأول : 343.

(31) حياة الإمام زين العابدين ( دراسة وتحليل ) : 1 / 130 عن تهذيب التهذيب.

(32) المصدر السابق عن تهذيب الكمال م7 / ق2 / الورقة 336.

(33) نفس المهموم : 448 ـ 452 ط قم عن مناقب آل أبي طالب : 4/181 عن كتاب الأحمر عن الأوزاعي: الخطبة بدون المقدمة، والمقدمة عن الكامل للبهائي 2: 299 ـ 302 وانظر حياة الإمام زين العابدين للقرشي 1: 175، بحار الأنوار 45: 138، معالم المدرستين 3: 165.

(34) مستدرك الوسائل 1: 125، جامع أحاديث الشيعة 1: 403.

(35) الكامل للمبرد : 2 / 467، العقد الفريد : 5 / 310.

(36) تاريخ اليعقوبي 3: 46.

(37) تاريخ دمشق: 41 / 362.

(38) سير أعلام النبلاء : 4 / 398.

(39) حلية الأولياء 3 : 133.

(40) وسيلة المآل في عدّ مناقب الآل: 280.

(41) عن تهذيب اللغات والأسماء ق1 : 343، شرح إحقاق الحقّ 12: 8، ينابيع المودّة 3: 156.

(42) عيون الأخبار وفنون الآثار: 144.

(43) عمدة الطالب: 193.

(44) الإرشاد 2 : 138 و 153 .

(45) منهاج السنّة 2: 123 .

(46) الصراط السوي: الورقة 19، وقريب منه قاله المنّاوي في حقّه((عليه السلام))، انظر: جهاد الإمام السجّاد((عليه السلام)): 35 .

(47) مطالب السؤول : 408.

(48) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 15: 274، مناقب أهل البيت((عليهم السلام)): 258.

(49) عمدة الطالب: 193 ـ 194.

(50) تذكرة الخواص : 324 .

قراءة 7449 مرة