Print this page

هل البلاء نعمة؟

قيم هذا المقال
(0 صوت)
هل البلاء نعمة؟

إن كثيراً من الناس يفتخرون إذا أولاهم أحد أصحاب الوجاهة عناية خاصة بهم، بل لو أهانهم على رؤوس الأشهاد لعدوا ذلك كرامة لهم لأن صاحب الوجاهة نظر إليهم ولخصوص شخصهم، هذا عند أتباع أهل الدنيا.
 
ومن منظورٍ إلهي، فإن ملك الملوك وجبار الجبابرة وأرحم الراحمين ومالك كل شيء في عالم الوجود ينظر إليك أيها المؤمن أليست هذه بأعظم الكرامات؟!!
 
نعم إنها كذلك، ولذلك عدت الروايات البلاء نعمة الله تعالى للعباد بما يحويه من معاني التقرب من الله عز وجل، ففي الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام: "البلاء زين المؤمن وكرامة لمن عقل لأن في مباشرته والصبر عليه والثبات عنده تصحيح نسبة الإيمان"[1].
 
وعن رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم): "عجبت للمؤمن وجزعه من السقم ولو علم ما له في السقم لأحب أن لا يزال سقيماً حتى يلقى ربه عز وجل"[2].
 
ولذلك كره الإمام علي السجاد (عليه السلام) الإنسان الذي لا يبتلى لأن ذلك ليس من أمارات الخير فعن الإمام زين العابدين (عليه السلام): "إني لأكره أن يعافى الرجل في الدنيا ولا يصيبه شيء من المصائب"[3].
 
كيف نتعايش مع البلاء؟
 
لا بد للإنسان المؤمن أن يتكيف مع البلاء بالصورة التي أرادها الله تعالى له، وذلك بالصبر والشكر وعدم الإعتراض على حكمته تعالى وبدون هذه الصفات فإنه لن يحصّل سوى العناء في الدنيا وخسران الثواب الجزيل في الآخرة، فعليه أن يقول لنفسه: تحملي البلاء فإن الله قد نظر إليك ليحسن ثوابك عنده فاشكريه على حسن الرعاية واصبري فما الدنيا إلا ساعة وتمر وغداً يأتي الحساب وتفوزين بالأجر الكبير عند الله عز وجل...
 
وقد وصف أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) المتقين في الخطبة المعروفة بخطبة المتقين بصفات حميدة، يقول عليه السلام: "نزلت أنفسهم منهم في البلاء كما نزلت في الرخاء[4] فهم لا يفترق حالهم عند البلاء فيشكرون الله على كل حال".
وفي الحديث الآخر عن أبي عبد الله الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) قال: فيما أوحى الله إلى موسى (عليه السلام) أن: "يا موسى ما خلقت خلقا أحب إليّ من عبدي المؤمن، وإني إنما أبتليه لما هو خير له، وأعطيه لما هو خير له وأزوي عنه لما هو خير له، وأنا أعلم بما يصلح عليه عبدي، فليصبر على بلائي، وليرض بقضائي، وليشكر نعمائي، أكتبه في الصدّيقين عندي إذا عمل برضائي وأطاع أمري"[5].
 
ما يقال عند نزول البلاء؟
 
إن ذكر الله عز وجل في الشدائد والبليات من المسائل التي تقوّي العزيمة لأن ذكر الله عبارة عن الإعتصام به وبقوته والإستعانة بقدرته، فالإرتباط بالقوي المطلق يعطي الإنسان القوة على التحمل والصبر، ومن هنا وردت الآيات والروايات الكثيرة التي تعلمنا ما نقوله عند نزول البلاء قال سبحانه وتعالى:
 
﴿الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ﴾[6]
 
وعن أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام): "قل عند كل شدة لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم تكفها"[7].
 
وعن الإمام علي الرضا (عليه السلام): "رأيت أبي في المنام فقال يا بني إذا كنت في شدة فأكثر من قول يا رؤوف يا رحيم"[8]...
 
وعن الإمام محمد الباقر (عليه السلام): "من صبر واسترجع وحمد الله عند المصيبة فقد رضي بما صنع الله ووقع أجره على الله، ومن لم يفعل ذلك جرى عليه القضاء وهو ذميم وأحبط الله أجره"[9].
 


[1] - ميزان الحكمة، الحديث 1928.
[2] - ميزان الحكمة، الحديث 10081.
[3] - ميزان الحكمة، الحديث 1916.
[4] - ميزان الحكمة، الحديث 1970.
[5] - كتاب المؤمن، الحسين بن سعيد، ص17.
[6] القرآن الكريم، سورة البقرة، الآية:156
[7] - بحار الأنوار، ج77، ص270.
[8] - ميزان الحكمة، الحديث 1986.
[9] - ميزان الحكمة، الحديث 10113.

قراءة 12 مرة