emamian

emamian

بعث الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، رسالة إلى بابا الفاتيكان البابا فرنسيس.

الرئيس الإيراني دعا في هذه الرسالة بابا الفاتيكان إلى حث زعماء العالم، وخاصة الحكومات المسيحية، على منع استمرار عدوان الكيان الإسرائيلي المجرم.

وأضاف، إن الجمهورية الإسلامية مستعدة للتفاعل البناء مع الفاتيكان لنشر السلام والعدالة في العالم.

ووجه بزشكيان رسالة إلى "البابا فرانسيس"، منوها بدوره الكبير في تخفيف معاناة المتضررين من الحرب ورعاية المحتاجين في ظل الظروف الراهنة؛ واكد عن استعداد إيران للمساهمة البناءة مع الفاتيكان في سياق نشر السلام والعدالة على صعيد العالم.

وسلم رئيس منظمة الثقافة والاتصالات الإسلامية في ايران "حجة الإسلام إيماني بور"، رسالة الرئيس بزشكيان الى بابا الفتيكان، وذلك على هامش زيارة الوفد الإيراني للمشاركة في الجولة الثانية عشرة للحوار بين الاديان السماوية برعاية "مركز الحوار بين الأديان والثقافات" التابع لمنظمة الثقافة والاتصالات الإسلامية و"مجلس الحوار بين الأديان" في الفاتيكان.

وتحدث الرئيس الإيراني في رسالته إلى البابا فرانسيس، عن جريمة اغتيال الشهيد إسماعيل هنية على يد الكيان الإسرائيلي، مؤكدا : كنا عازمين على الرد بحزم وقوة فورا وبشكل يردع المجرمين، وذلك استنادًا إلى مبدأ حق الدفاع عن النفس الفردي والجماعي المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة، غير أننا أرجأنا هذا الرد بعد أن تلقينا رسائل متكررة من قادة دول غربيين حذرونا من أن ردنا قد يعرض للخطر الجهود المبذولة لإحلال وقف لإطلاق النار.

واضاف، رغم تحلينا بالصبر، إلا أن الكيان الصهيوني الغاصب استمر في انتهاك السيادة الوطنية لدول المنطقة بشكل صارخ، وشن هجوماً واسع النطاق على لبنان لا يزال مستمراً حتى الآن.

وتابع: في ظل هذه الظروف المتأزمة واحتمال توسيع نيران الحرب في المنطقة، نناشد قداستكم بصفتكم زعيم الطائفة الكاثوليكية في العالم، لكي تبذلوا جهودكم الحميدة من اجل وقف استمرار الاعتداءات غير الإنسانية للكيان الصهيوني، والسعي لإحلال السلام ووقف إطلاق النار، وإتاحة الفرصة لإرسال المساعدات الإنسانية إلى المتضررين.

وأضاف، نرجو منكم حثّ قادة الدول على صعيد العالم، وخاصة الدول المسيحية، للمساهمة في هذا الجهد الهام؛ مؤكدا بأن هذه الخطوة من شانها أن تدعم بشكل كبير الجهود لتخفيف معاناة الضحايا ورعاية المحتاجين في ظل المرحلة العصيبة الراهنة.

وفي تصريح خاص لوكالة تسنيم الدولية للأنباء، أوضح الأدميرال شهرام إيراني قائد القوات البحرية في جيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أن المدمرة "سبلان"، التي تحمل الرقم القياسي في حمل صواريخ الكروز بين السفن، شهدت زيادة كبيرة في عدد الصواريخ البحرية.

وأكد قائد القوات البحرية أن المدمرة "سبلان"، وفق التحديثات الأخيرة، شهدت زيادة في تنوع ومدى الصواريخ، مما رفع قدراتها إلى أربعة أضعاف مقارنة بقدراتها الأصلية. وبناءً على ذلك، أصبحت السفينة مجهزة بـ 16 صاروخ كروز مضاد للسفن، ومن المقرر الكشف عن هذا الإنجاز قريباً.

وكان قد أعلن العام الماضي أن "سبلان" تم تزويدها بـ 12 صاروخ كروز، مما يعني أن هذه الزيادة الأخيرة ستلعب دوراً هاماً في مهام السفينة.

وتحمل المدمرة "سبلان" الرقم 73 وتنتمي لفئة الفرقاطات "ألوند"، حيث تم شراؤها من بريطانيا قبل الثورة الإسلامية تحت اسم "رستم". خلال الحرب المفروضة، تعرضت المدمرة لأضرار جسيمة أثناء مواجهة مع البحرية الأمريكية في الخليج الفارسي، لكنها أعيدت إلى الخدمة بعد إصلاحها على يد خبراء إيرانيين.

كانت "سبلان"، التي تزن حوالي 1500 طن، مجهزة سابقاً بـ 4 صواريخ كروز مضادة للسفن من طراز "قادر" و"قدير"، وشاركت في أكثر من 13 مجموعة بحرية تابعة للجيش الإيراني.

مهمة تاريخية إلى المحيط الهادئ

شاركت المدمرة "سبلان" ضمن المجموعة البحرية الرابعة والعشرين برفقة سفينة الإمداد "خارك"، حيث عبرت المحيط الهندي وخليج البنغال ومضيق ملقا وبحر الصين لأول مرة، ودخلت المحيط الهادئ، أكبر محيط في العالم. خلال هذه المهمة، قطعت السفن الإيرانية مسافة 13 ألف كيلومتر وأبحرت لمدة 40 يوماً، لتصل إلى الرصيف رقم 7 في ميناء "زهانغجيانغ" التابع للأسطول البحري الجنوبي الصيني. وفي طريق العودة، توقفت المجموعة البحرية الإيرانية لأول مرة في ميناء "كولومبو" بسريلانكا.

وخلال عبورها مضيق ملقا، واجهت المجموعة البحرية الإيرانية مدمرة أمريكية تحمل الرقم DDG106. وروى الأدميرال حبيب الله سياري، القائد السابق للقوات البحرية الإيرانية، تفاصيل هذا اللقاء قائلاً:

- عندما دخلت مجموعتنا البحرية المحيط الهادئ، اقتربت منا المدمرة الأمريكية وسألت: "ماذا تفعلون هنا؟"، فأجاب قائدنا: "أنتم، ماذا تفعلون هنا؟ هذه المنطقة أقرب لنا منكم".

- عندما لاحظت المدمرة الأمريكية طريقة الرد، غيرت موقفها وأجابت بنبرة أهدأ: "لا نقصد أي سوء، فقط نريد معرفة وجهتكم"، فرد القائد: "نحن نقوم بالملاحة البحرية".

- أضافت المدمرة الأمريكية: "نريد فقط أن نخبركم أن المحيط الهادئ يشهد أحوالاً جوية سيئة وقد تواجهون مشاكل"، ليرد قائد المجموعة البحرية الإيرانية بثقة: "نحن رجال البحار الصعبة".

وبحسب تسنيم، في يوليو 2022، وخلال المناورات البحرية "الأمن المستدام" في بحر قزوين، نشرت صور تظهر قاذفة الصواريخ "سينا" وهي مجهزة بـ 8 صواريخ كروز.

وفي شهر نوفمبر 2022، أعلن الأدميرال شهرام إيراني عن ترقية قدرات المدمرة التابعة للجيش الإيراني لتكون مجهزة بـ 8 صواريخ مضادة للسفن، وأكد أن هذه الترقية شملت المدمرة "سهند".

تُعرف صواريخ الكروز بهذا الاسم لأنها تقطع معظم مسارها في مرحلة طيران تُعرف بـ "الكروز" أو الطيران الانسيابي. وفي نماذجها بعيدة المدى، تمتلك الصواريخ تصميمًا وهيكلًا مشابهًا للطائرات، مما يمنحها القدرة على الطيران عبر مسارات متعددة وغير مباشرة.

الميزات التقنية لصواريخ الكروز

التحليق المنخفض: تتميز صواريخ الكروز المضادة للسفن بالقدرة على الطيران على ارتفاع بضعة أمتار فقط فوق سطح الماء، مما يساعدها على التخفي عن أنظمة الاستشعار والرادارات المعادية.

الملاحة الذكية: بالنسبة لصواريخ الكروز الأرضية، يتم تجهيزها بأنظمة متقدمة للتعرف على التضاريس، تحديد الارتفاع، وتوجيه المسار، مما يزيد من دقتها وفعاليتها.

التقنيات المدمجة: تحتوي صواريخ الكروز المضادة للسفن على حساسات لقياس الارتفاع من سطح الماء، بالإضافة إلى رادارات نشطة أو حساسات تصويرية لتحديد الأهداف البحرية وقفلها عليها بدقة.

تصنيف السرعات الصاروخية، السرعات دون الصوتية (ساب سونيك): أقل من سرعة الصوت. السرعات فوق الصوتية (سوبر سونيك): بين ماخ 1 وماخ 5. السرعات فرط الصوت (هايبر سونيك): أكثر من ماخ 5.

وفي بعض التصنيفات، تُعتبر السرعات بين 0.8 وماخ 1.2 في نطاق "السرعات الانتقالية" (ترانسونيك)، وهي مرحلة معقدة يتجنب مصممو الصواريخ العمل ضمنها بسبب طبيعة تدفق الهواء الخاصة في هذا النطاق.

تمتلك القوات البحرية للجيش الإيراني والحرس الثوري مجموعة متنوعة من صواريخ الكروز المضادة للسفن بمديات تتراوح بين 10 و1000 كيلومتر. هذه الصواريخ من تصميم وإنتاج وزارة الدفاع الإيرانية، وتتمتع بقدرة على استهداف الأهداف البحرية حتى من أعماق البلاد.

مع زيادة عدد صواريخ الكروز المضادة للسفن على المدمرات الإيرانية، ارتفعت قدرة هذه السفن على مواجهة التهديدات البحرية بشكل كبير، مما يشكل خطوة مهمة في تعزيز قوة إيران البحرية.

يزخر تاريخنا الإسلامي الأصيل المرتبط بأهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) بشخصيات عظيمة من النساء اللواتي كان لهنَّ أثر عظيم وبصمات واضحة على صفحات هذا التاريخ الشريف، وذلك لما ضمت تلك الشخصيات بين جوانحها من تقوى وتضحية وصبر وشجاعة فاضت وتدفقت على الأمة فضلاً وكرماً، وكانت زينب بنت أمير المؤمنين (عليهما السلام) أحد أبرز تلك الشخصيات.

بذرة طاهرة:

ولدت العقيلة (عليها السلام) في الخامس من جمادى الأولى سنة خمسة أو ستة للهجرة، وقيل في أوائل شهر شعبان سنة ستة للهجرة، وقيل غير ذلك.

أبوها أمير المؤمنين وسيد الوصيين (عليه السلام)، وأمها سيدة نساء العالمين وبضعة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، ومن هذين الأصلين المقدسين انبثقت هذه البذرة الطاهرة، وقد روي في تاريخ ولادتها أنها لما ولدت، جاءت بها أمها الزهراء (عليها السلام) إلى أبيها أمير المؤمنين (عليه السلام) وقالت له: سَمِّ هذه المولودة، فقال (عليه السلام): ما كنت لأسبق رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ولما جاء النبي (صلى الله عليه وآله) قال: ما كنت لأسبق ربي تعالى، فهبط جبرائيل يقرأ على النبي السلام وقال له: سمِّ هذه المولودة (زينب)، فقد اختار الله لها هذا الاسم.. ثم أخبره بما يجري عليها من المصائب، فبكى النبي (صلى الله عليه وآله) وقال: من بكى على مصاب هذه البنت كان كمن بكى على أخويها الحسن والحسين (عليهما السلام) .

بيت كريم:

ولما بلغت زينب العقيلة (عليها السلام) مبالغ النساء، زوّجها أمير المؤمنين (عليه السلام) ابن أخيه عبد الله بن جعفر الطيار على صداق أمها فاطمة (عليها السلام)، أربعمائة وثمانين درهما، ووهبه الصداق من خالص ماله.

وكان عبد الله من الذين اشتهروا بكريم النسب وعمق الإيمان، وعُرف بالسخاء والجود، حتى لُقِّبَ ببحر الجود، وهو أول مولود ولد في الإسلام في أرض الحبشة، وقد روي أن النبي (صلى الله عليه وآله) لما مات جعفر الطيار، دعا الحالق فحلق رؤوس أبنائه، وقال (صلى الله عليه وآله): (أما محمد فيشبه عمنا أبا طالب، وأما عبد الله فيشبه خَلقي وخُلُقي) ثم أخذ بيد عبد الله وقال: (اللهم اخلف جعفرا في أهله، وبارك لعبد الله في صفقة يمينه) ثلاث مرات، فجاءت أسماء تذكر زوجها جعفرا، فقال (صلى الله عليه وآله) لها: (العيلة تكافئين عليها، وأنا وليهم في الدنيا والآخرة)[1].

وقد روي أنه قد ولد لزينب العقيلة (عليها السلام) من الأولاد: عليا وعونا الأكبر وعباسا وأم كلثوم، أما علي - وهو المعروف بالزينبي- ففي ذريته الكثرة والعدد والسلالة الباقية، وأما عون الأكبر فهو من الشهداء الذين قتلوا بين يدي الإمام الحسين (عليه السلام) يوم عاشوراء، وهو مدفون مع آل أبي طالب في الحفيرة مما يلي رجلي الإمام الحسين (عليه السلام)، وقد قيل إن لزينب (عليها السلام) من الأولاد أيضا: جعفرَ الأكبر ومحمداً.

فضل وكرامة:

عاشت زينب العقيلة (عليها السلام) وترعرعت في كنف بيت طاهر لا يُذكر فيه إلا الله تعالى، ولا يُؤتى فيه إلا الصالحات من الأعمال، بيت أداره علي بن ابي طالب (عليه السلام) بعلمه وحكمته، وملأت أحناءه فاطمة الزهراء (عليها السلام) بعطفها وحنانها، ورافقها فيه سيدا شباب أهل الجنة (عليهما السلام)، وحقّ للذي يتربى في مثل هذا البيت أن يكون في أعلى مدارج الكمال الإنساني.

لذلك جاءت تلك الصديقة الجليلة على درجات عالية من الشرف والكرامة، وورد في حقها الكثير من المناقب والفضائل، حتى لُقِّبت بالصديقة الصغرى، وعقيلة بني هاشم، والموثقة والعارفة والكاملة وعابدة آل علي، وصاحبة الشورى.

قال لها الإمام زين العابدين (عليه السلام) يوما: (أنت بحمد الله عالمة غير معلمة وفهمة غير مفهمة)[2].

وروي أنه قد كان لها نيابة خاصة عن الحسين (عليه السلام)، وأن الناس كانوا يرجعون إليها في الحلال والحرام حتى بَرئ زين العابدين (عليه السلام) من مرضه.[3]

علاقة السيدة زينب بأخيها الحسين (عليهما السلام):

العلاقة الأخوية وروابط المحبة بين زينب والإمام الحسين (عليهما السلام) كانت علاقة وثيقة امتازت بمزايا فريدة، وليس من المبالغة القول بأنه: لا يوجد ولم يوجد في العالم أخ وأخت تربطهما روابط المحبة والوداد مثل الإمام الحسين وأخته السيدة زينب (عليها السلام)، وكيف لا يكونان كذلك وقد تربيا في حجر واحد وتفرعا من شجرة واحدة، ولشدة تعلقها بأخيها الحسين فهي منذ صغرها لا تهدأ حتى ترى أخيها الحسين شاخصاً بين عينيها!!

فحين ولدتها أمها الزهراء (عليها السلام) روي ذهبت بها إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقالت: يا أبتاه أرى شيئا عجيبا من زينب، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): وماذا هناك؟ قالت (سلام الله عليها): إن زينب لا تهدأ حتى يدخل الحسين (عليه السلام) إلى البيت، فإذا دخل فإنها تتجه بنظرها نحوه وتطيل ذلك، فبكى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عند سماعه ذلك وقال: إن جبرئيل أخبرني بما يجري على الحسين وزينب (عليهما السلام).

ولما تزوجت السيدة زينب (عليها السلام) ابن عمها عبد الله بن جعفر رضوان الله تعالى عليه ذهب إليها الحسين (عليه السلام) وقد ضاق صدره من فراقها فطرق الباب ودخل، فوجدها نائمة في صحن دارها وقد طلعت عليها الشمس فوقف يظللها فلما أفاقت وجدته واقفا يرد حرارة الشمس عنها فقالت: أخي يا أبا عبد الله تظللني عن حرارة الشمس يا نور عيني ... حفظت زينب (عليها السلام) هذا الموقف في قلبها حتى كان يوم عاشوراء فوقفت فوق جسده الشريف تظلله عن حرارة الشمس.

فزينب تعرف أخاها بأنه سيد شباب أهل الجنة وريحانة الرسول (صلى الله عليه وآله) وتعلم بأن الله تعالى قد أثنى على أخيها في آيات كثيرة من القرآن الكريم، كآية المباهلة، وآية المودة، وآية التطهير، وسورة (هل أتى)، وغيرها من الآيات والسور.

وهكذا يعرف الإمام الحسين (عليه السلام) أخته السيدة زينب حق المعرفة، ويعلم فضلها وخصائصها، فقد جاء في التاريخ: إن الإمام الحسين (عليه السلام) كان يقرأ القرآن الكريم - ذات يوم - فدخلت عليه السيدة زينب، فقام من مكانه وهو يحمل القرآن بيده، احتراماً لها.

وقد تجسدت هذه العلاقة بأروع ما يكون في عاشوراء حتى كانت روابط الأخوة بينهما في عاشوراء من أوثق عرى الإيمان والتضحية والفداء ما لا نجد له نظيراً في التأريخ القديم ولا الحديث، وليس ذلك إلا لقوة إيمان كل منهما (عليهما السلام)

وكيف لا والحسين سيد شباب أهل الجنة وهي (عليها السلام) عقيلة الطالبيين والهاشميين.

وما زالت هذه العلاقة الأخوية الرائعة تتجدد في نفوسنا كل عام ونعيش معها ونستذكرها ونستلهم منها معنى الأخوة الحميمة، فسلام على تلك الأخت الصابرة التي قلبت بكفيها جسد أخيها غير مدهشة، لم تذهلها الرزايا التي تميد منها الجبال، فشخصت ببصرها إلى السماء؟ وهي تقول بحماسة الإيمان وحرارة العقيدة: اللهم تقبل منا هذا القربان.

علم وعفة وعبادة:

ما عسى الواصف أن يصف العقيلة زينب (عليها السلام) فيما تمتلكه من عفة وزهادة، وما عسى المادح أن يذكر ما كان يفيض عنها من علم وعبادة، بعد أن ذكر التاريخ أنها لم تكن تفارق صلاتها المستحبة حتى في أحلك الظروف وأصعب الأحوال.

نقل الفاضل القائيني، عن مولانا السجاد (عليه السلام) أنه قال: إن عمتي زينب (عليها السلام) مع تلك المصائب والمحن النازلة بها في طريقنا إلى الشام ما تركت نوافلها الليلية. وفي بعض المنازل كانت تصلي من جلوس فسألتها عن سبب ذلك فقالت: أصلي من جلوس لشدة الجوع والضعف منذ ثلاث ليال.. لأنها كانت تقسم ما يصيبها من الطعام على الأطفال لأن القوم كانوا يدفعون لكل واحد منا رغيفا واحدا من الخبز في اليوم والليلة.

وروى الفاضل: أن الإمام الحسين (عليه السلام): لما وَدَّع أخته زينب (عليها السلام) وداعه الأخير قال لها: يا أختاه لا تنسيني في نافلة الليل.

وروي عن فاطمة بنت الحسين (عليهما السلام): وأما عمتي زينب (عليها السلام) فإنها لم تزل قائمة في تلك الليلة أي العاشرة من المحرم في محرابها تستغيث إلى ربها، فما هدأت لنا عين، ولا سكنت لنا رنة[4].

أما في علمها فقد روي أن لها (عليها السلام) مجلساً في بيتها أيام إقامة أبيها (عليه السلام) في الكوفة، تفسر فيه القرآن للنساء، وقد روت أخبارا كثيرة عن أمها الزهراء (عليها السلام)، كما روت عن أبيها وأخويها وعن أم مسلمة وأم هانئ وغيرهما من النساء.

أما في عفتها وشدة حجابها، فقد جاء عن يحيى المازني قوله: كنت في جوار أمير المؤمنين (عليه السلام) في المدينة مدة مديدة، وبالقرب من البيت الذي تسكنه زينب ابنته، فلا والله ما رأيت لها شخصا ولا سمعت لها صوتا، وكانت إذا أرادت الخروج لزيارة جدها رسول الله (صلى الله عليه وآله) تخرج ليلا والحسن (عليه السلام) عن يمينها والحسين (عليه السلام) عن شمالها وأمير المؤمنين (عليه السلام) أمامها، فإذا قربت من القبر الشريف سبقها أمير المؤمنين (عليه السلام) فأخمد ضوء القناديل، فسأله الحسن (عليه السلام) مرة عن ذلك فقال (عليه السلام): أخشى أن ينظر أحد إلى شخص أختك زينب.

مصائب وأحزان:

تعرضت زينب العقيلة (عليها السلام) إلى مصائب ومحن وشدائد تشيب لهولها رؤوس الصبيان، فقد شهدت هذه الصديقة مصرع الأحبة والأولياء واحدا بعد واحد.. منذ شهادة أمها الزهراء (عليها السلام) مروراً على شهادة أبيها وأخيها الحسن (عليهما السلام)، وانتهاء بشهادة أخيها الحسين (عليه السلام) الذي آلمها فراقه كثيراً، مع ما صاحب ذلك من سبي وانتهاك حرمة.

ولكنها (عليها السلام) رغم ذلك، قابلت كل تلك المحن بصبر تلين دونه الجبال، وشجاعة مستقاة من أبيها (عليه السلام)، وحلم وحكمة نهلتها من أمها (عليها السلام)، فكانت تقف أمام طاغية عصرها تخاطبه بكلام لو سمعه السامع لم يصدق أنه كلام امرأة فُجِعتْ بمفارقة الأحباء، وسُبيت بين القفار على جمال بغير وطاء، حتى أسكتتْ بلاغتُها كلَّ صوت في مجالس الكوفة والشام، فبلَّغتْ حجة أخيها الحسين (عليه السلام) وأشاعت مصيبته بين أقطار الأرض، وتركت الناس بين باكٍ وآسف ومتمرد وخائف، حتى اُرغم الطاغية بإعادة ركب السبايا إلى أوطانهم آمنين.

على أنه لم يهدأ لعقيلة الطالبيين (عليها السلام) بعد رحيل أخيها الحسين (عليه السلام) عين، ولم تغب ذكراه عن قلبها المقدس، حتى آن وقت رحيلها إلى الشام – وقد ورد أن رحيلها كان رغما عنها- حتى إذا وصلت هناك، مرّت بشجرة كان قد عُلّق عليها رأس الإمام الحسين (عليه السلام) من قبل، فتذكرت تلك الأيّام العصيبة، وعادت إليها لواعج الأسى والحزن، فأصيبت بحمى تُوفّيت على إثرها بالقرب من دمشق، وذلك في الخامس عشر من شهر رجب عام 62 هـ، فسلام عليها يوم ولدت، ويوم سُبيت، ويوم استشهدت، ويوم تبعث حية.

خاتمة

إن ولادة السيدة زينب (عليها السلام) هي مناسبة للاحتفال بالفخر والكرامة، وهي تذكير دائم بقيم الصبر والثبات في مواجهة الصعوبات. فلنحتفل بهذه المناسبة العظيمة ونتذكر دائمًا الدروس المستفادة من حياة هذه الشخصية الفريدة.


[1] راجع تأريخ الذهبي: ج3، ص356.

[2] سفينة البحار: ج4، ص315.

[3] راجع الطبقات الكبرى: ج1، ص368، نقلا عن كمال الدين: ص501، الباب 45، ح27.

[4] زينب الكبرى للنقدي: ص81.

التقى قائد الثورة الإسلامية، الإمام الخامنئي، صباح اليوم (الخميس) 2024/11/07، أعضاء «مجلس خبراء القيادة». وأشار سماحته في هذا اللقاء، الذي جرى بمناسبة انتهاء الملتقى الثاني من الدورة السادسة للمجلس، إلى مكانة «مجلس الخبراء»، وعدّه من أكثر المؤسسات ارتباطًا بالثورة الإسلامية من حيث المفهوم، وقال: «يعود السبب في استخدام هذا التعبير إلى دور مجلس الخبراء في انتخاب القائد».

وقد لفت الإمام الخامنئي في كلمته إلى تعاظم «حزب الله» و«حماس»، وديناميكيتهما، ومواصلتهما مواجهة العدو بكل عنفوان، مؤكدًا: «استنادًا إلى وعود الله التي لا ريب فيها، وبناءً على تجارب حزب الله وحماس في المواجهة خلال العقود الماضية، فإن الأحداث الأخيرة ستؤدي حتمًا إلى انتصار جبهة الحق والمقاومة».

كما أوضح قائد الثورة الإسلاميّة أنّ القوةَ المذهلة لحزب الله في دحر «العدو المدجّج بأنواع الأسلحة العسكرية والسياسية والدعائية والاقتصادية، وكذلك المعتمد على دعم الفاسقين الكبار في العالم مثل الرؤساء الأمريكيين»، وإنزال الهزيمة به، خير دليل على تزايد قدرات حزب الله خطوة بخطوة، وتحوّله من مجموعة صغيرة من المجاهدين في سبيل الله إلى تنظيم ضخم، وأضاف: «نفس هذه التجربة المنتصرة موجودة أيضًا بشأن المقاومة في فلسطين، إذْ خاضوا هم أيضًا منذ عام 2008 حتى اليوم تسع مواجهات مع الكيان الصهيوني، وانتصروا عليه في كل مرة».

ورأى سماحته أنّ المنتصر الحالي في المعركة ضد الاحتلال الصهيوني هو المقاومة في فلسطين، وأضاف: «كان هدف الصهاينة من هذه الحرب هو القضاء على حماس، لكنهم، رغم ارتكابهم مجازر راح ضحيتها عشرات الآلاف من البشر، وقتلهم لقادة المقاومة وحماس، ورغم عرضهم لصورة قبيحة وكريهة ومُدانة في العالم، لم يتمكنوا من تحقيق هذا الهدف. لا تزال حماس مستمرة في مقاومتها، وهذا يعني هزيمة الكيان الصهيوني».

كما لفت الإمام الخامنئي إلى أنّ حزب الله قويّ، ومستمرّ في كفاحه بقوة ضد الكيان الصهيوني، وقال: «ثمّة بعض الأشخاص، تصوّرًا منهم أنّ حزب الله قد ضَعُف، راحوا يقدحون بألسنتهم أفعال حزب الله، في لبنان نفسه، وفي سائر الأماكن. هم يخطئون، وهؤلاء غارقون في الوهم. حزب الله قويٌّ ويكافح. نعم، لا تحضر بينهم شخصيّة بارزة ومهمّة مثل سماحة السيّد حسن نصر الله، أو سماحة السيّد هاشم صفيّ الدين، وأمثالهما، لكن المنظّمة حاضرة، بحمد الله، برجالها وبقدراتها المعنويّة وروحيّتها، ولم يتمكّن العدوّ من التغلّب عليها، ولن يتمكّن، إن شاء الله».

وأكّد قائد الثورة الإسلامية، قائلًا: «سوف يشهد العالم والمنطقة ذاك اليوم الذي يتلقّى فيه الكيان الصهيوني هزيمةً واضحة على أيدي هؤلاء المجاهدين في سبيل الله، إن شاء الله. نأمل أن تشهدوا جميعًا، أيّها السادة الموقّرون، ذاك اليوم، إن شاء الله».

وفي جانب آخر من كلمته، أشار الإمام الخامنئي في هذا اللقاء، الذي جرى بمناسبة انتهاء الملتقى الثاني من الدورة السادسة للمجلس، إلى مكانة «مجلس الخبراء»، وعدّه من أكثر المؤسسات ارتباطًا بالثورة الإسلامية من حيث المفهوم، وقال: «يعود السبب في استخدام هذا التعبير إلى دور مجلس الخبراء في انتخاب القائد».

وأكّد الإمام الخامنئي أهمية مكانة «مجلس خبراء القيادة»، وضرورة التحلي بأقصى درجات الدقة والانتباه في انتخاب القائد، لافتًا إلى وجوب: «بذل منتهى الدقة في تشخيص شروط القائد المذكورة في الدستور، حتى يتم التحقق من توافر جميع الشروط، بما في ذلك الإيمان القلبي الراسخ بمسار الثورة وأهدافها، والاستعداد للتحرك المتواصل بدون كلل في هذا المسار، فيكون شخصًا جديرًا لهذه المسؤولية».

وتابع سماحته مبيّنًا أهمية «مجلس الخبراء»: «يُثبت وجود مجلس الخبراء أنه لن يحدث أيّ توقف في حركة النظام المتواصلة نحو الأهداف؛ لأنه في حال الحاجة، سيُحدّد الخبراء على الفور القائد التالي، وستستمر هذه السلسلة بكل قوة وقدرة».

كما عدّ قائد الثورة الإسلامية عدم توقّف النظام على الأشخاص أحد الحقائق الكامنة في الآلية المتواصلة لانتخاب القائد، وقال: «تُثبت هذه التغييرات أنه على الرغم من أن بعض الأشخاص لديهم مهام يجب عليهم أداؤها، إلّا أن النظام ليس متوقفًّا عندهم، ويمكنه أن يواصل مسيرته من دون هؤلاء الأشخاص».

وكرّم سماحته خلال اللقاء ذكرى نوّاب الدورة السادسة لـ«مجلس خبراء القيادة» الراحلين، الشهيدين: السيد رئيسي، والسيد آل هاشم.

المصدر: موقع KHAMENEI.IR

الجمعة, 08 تشرين2/نوفمبر 2024 19:11

مقال | نصر الله آت

في ذكرى أربعينية استشهاد السيد حسن نصر الله، يعبر الكثيرون عن محبتهم وولائهم له بطرق متنوعة. وقد كتب كاتب يمني مقالًا يُبرز أن إرثه ما زال حيًا في قلوب محبيه وأنصاره في مختلف أنحاء العالم وفيما يلي نص المقال:

حين رأيت ذاك الغبار الكربلائي يغطي سماء حارة حريك في الضاحية الجنوبية، أحسست بألم يعتصر قلبي، وزاد في ذلك إعلان العدو أن المستهدَف في تلك الغارات، والأطنان من المتفجرات، شخص سماحة السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله. لم أنم تلك الليلة وما تلاها من ليالي الأحزان وسط حالة من القهر والحزن والغضب معاً تجتاح كل كياني، ولا تزال إلى اليوم، وستبقى إلى أن نرى بأم العين ثمن ذلك الدم الأغلى والأقدس عبر تحرير فلسطين، كل فلسطين.

منذ استشهاده إلى اليوم مر أكثر من أربعين يوماً، وأنا شخصياً أتردد في كتابة مقال يليق بمقامه الشريف والعظيم، فلو كتبت حتى يجف قلمي فلن أوفيه حقه، وكل الأقلام أمام قامة سيد الشهداء قاصرة.

حين اختلط الدم الطاهر بتراب القدس

لم تكن حالة شخصية عابرة، فحين اختلط دم الشهيد الأقدس بتراب القدس، اجتاح صدور معظم اليمنيين حالة تسونامي من مشاعر الحزن والغضب يوم السابع والعشرين من أيلول/سبتمبر، بعد أن سمعوا الخبر الزلزال باستشهاد وفقد القائد الأممي العظيم الشهيد السيد حسن نصر الله.

وحين تسأل أحدهم وأنت لا تقوى على السؤال يرد عليك تلقائياً: إما بدموعه الحارة فوراً من دون أن يقوى على الكلام، وإما بقوله "لا أستطع تخيل المشهد العام في المنطقة والعالم من دون ذلك السيد العربي المعمم بالنصر، ولا أستطيع أن أتصور لحظة النصر ومهرجانها المقبل من دون إطلالته الشريفة، لكن قدر الله ما شاء وفعل، وهو أحكم الحاكمين".

ظل اليمنيون في حالة نفسية عارمة من الحزن، بل إن كثيرين ظلوا يذرفون دموع الحزن وقلوبهم تعتصر ألماً، منذ تلك اللحظة التي نشر ذلك البيان الصاعقة بنعي سيد الشهداء على طريق القدس، القائد الأممي الكبير والعظيم السيد حسن عبد الكريم نصر الله، رضوان الله عليه، يوم السبت الـ 28 من أيلول/سبتمبر 2024، بسبب ما تربطهم به من علاقة عاطفية، إذ إن أجيالاً نشأت وتربت، وكبرت وهي تتابع خطابات السيد نصر الله بكل اهتمام، وانتصارات حزب الله، "سادة المجاهدين في هذا العالم، والذين أعادوا إلى الأمة اعتبارها وحفظوا شرفها"، كما وصفهم الشهيد القائد والمؤسس لأمة "أنصار الله"، ولأن نصر الله كان النصير الأول لليمنيين منذ اليوم الثاني للعدوان السعودي الأميركي على اليمن، وكان الناصر الشجاع لليمن واليمنيين طوال سنوات العدوان، على رغم ما تحمله حزب الله من أثمان، يحزن لحزنهم، ويفرح لفرحهم، بل كان يبكي أحياناً حينما يذكر اليمن أو يُذَكِّر ببعض مواقف اليمنيين. كان يرفع معنويات المقاتلين، ويواسي المظلومين في اليمن. وكان كذلك من دون تردد مع غزة منذ اليوم الثاني لطوفان الأقصى، الـ 8 من تشرين/أكتوبر، على رغم الاثمان الكبيرة، وأي ثمن أغلى من دم السيد حسن نصر الله، وإن شاء الله فإن ذلك الدم الطاهر والغالي هو ثمن تحرير القدس، ونحن نؤمن بذلك.

انهمرت البيانات الرسمية والسياسية، كما انهمرت الدموع، وأطل سيد الوفاء السيد عبد الملك في كلمته الاستثنائية، ليلة النعي، في الـ 28 من أيلول/سبتمبر، وخففت من حالة الحزن، وحولتها إلى حالة من الغضب، و"الصبر والاحتساب". رفع المعنويات، لإسقاط هدف العدو في "كسر المعنويات"، ودعا إلى " عدم الاستكانة وتصعيد الصراع".

لم تمض سوى ساعات قليلة حتى ترجمت القوة الصاروخية اليمنية تلك الدعوة بقصف عمق العدو، وفي المقلب الآخر، غصت الميادين بملايين اليمنيين في مسيرات التحدي والتضامن. صور السيد حسن اجتاحت معظم الشوارع الرئيسة في العاصمة والمدن اليمنية، المحطات الإذاعية والتلفزيونية ومواقع التواصل ضجت بمقاطع من خطابات "شهيد الإسلام والإنسانية"، كما وصفه السيد القائد عبد الملك الحوثي. لقد كنا نسمع السيد حسن ونرى نصر الله في كل مكان، ومكانه ومكانته لا يوصفان أبداً في قلوب اليمنيين، قبل أن يستشهد وبعد أن استشهد، وصعدت روحه الطاهرة على طريق القدس، وأي طريق أعظم من هذه الطريق؟

حزب الله من التعافي وسد الشغور إلى فرض المعادلات

لم تكن الصدمة أو الصدمات والضربات التي تلقاها حزب الله عادية، بل كانت قاسية جداً وكفيلة بإسقاط دول وأنظمة وكيانات لولا قوة حزب الله. لقد كان البعض يخشى بصدق من تبعات فقد رجل وقائد أممي بحجم السيد نصر الله على حزب الله ولبنان أولاً، وعلى المحور ثانياً، بينما كان بعض المراهنين ينتظر بحقد وشماتة لحظة سقوط حزب الله، ولم يسقط ولن يسقط حتى في أحلام هؤلاء، كما أكد ذلك الأمين العام الجديد لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، بل كما تؤكد الوقائع لنا ولكل المحبين للسيد حسن وحزب الله، وتأكد للجميع، أصدقاء وأعداء، أن نصر الله لم يمت بتراثه العظيم ورؤيته وخططه وبنائه القوي والصلب، وها هم أبناؤه ورفاقه ورجاله يترجمون ذلك عملياً في الميدان، ويكتبون بدمهم وعرقهم وتضحياتهم عنوان شرف الأمة من جديد، ومن جديد يُسقطون المشروع الصهيو - أميركي بشرق أوسط جديد، تماما كما فعلوا في عام 2006، وأعظم من ذلك، ولسان حالهم إن كان السيد حسن استشهد ورحل، فإن نصر الله آت.

لقد ترجل عن صهوة جواده الشريف وجهاده العظيم، شهيداً عظيماً، تاركاً خلفه إرثاً عظيماً، مودعاً الراية في أيد أمينة، وها هم أبناؤه ورفاقه وحاضنته ومحبوه يواصلون الخط حاملين تلك الراية الحسينية الخفاقة ولا تزال في الجنوب والضاحية والبقاع، داخل لبنان وخارجه، بحجم أممية الشهيد الذي لم تسقط له راية طوال اثنين وأربعين عاماً في كل الميادين، من التحرير في 2000 إلى التحرير 2017، ومن تموز 2006 إلى تشرين الأول 2024.

فشل أهداف العدو واستراتيجياته أمام قوة حزب الله

بعد ارتقاء سيد الشهداء، وخصوصاً في الأيام الأولى، كان الجميع، على اختلاف توجهاتهم، يراقبون المشهد من بعيد، وكنت على الصعيد الشخصي، ألمس حالة الصدمة المرسومة على ملامح رفاق عمل عرفتهم واختلطت بهم لسنوات وفي كلامهم ومشاعرهم (من البيئة الحاضنة لحزب الله) لا أدري ماذا أقول والمصاب جلل، سوى الصبر والاحتساب ومواصلة الخط والمشروع. ويوماً بعد يوم، كان الجميع بمن فيهم العدو، يلمسون ويلحظون حالة التعافي في جسم حزب الله وهيكله التنظيمي القوي، يُلاحَظ ذلك في صدور المجاهدين، في هممهم وسواعدهم، وصبرهم وصلواتهم وجهادهم، وجحيم نيرانهم على العدو في العمق وعلى حافة النصر. وفي غضون أحد عشر يوماً، تمكن حزب الله من سد كل الأماكن الشاغرة، من دون أن يكون هناك شغور في ثغور لبنان وفي ميادينه وساحاته.

كان مقعد الأمين شاغراً، إلى أن ملأه الشيخ نعيم قاسم في الـ 25 من تشرين/ أكتوبر، بإعلان الاستمرار في خط الأمين الشهيد واستكمال خططه، مواصلاً معادلات الشهيد ومرسياً معادلات قوة جديدة، مسقطاً كل رهانات الأعداء السياسية والعسكرية وأدواتهم، مؤكداً لهم أنهم لن يروا هزيمة حزب الله وسقوطه حتى في أحلامهم، مطمئناً البيئة والحاضنة بأن النصر آتٍ وأنهم بصبرهم وصمودهم وتضحياتهم وتجاوزهم سيول الحرب النفسية من كل حدب وصوب شركاء في صناعة الانتصار القادم حتماً.

خلاصات وعبر

في الخلاصة لم نر إلا جميلاً، على رغم عظيم التضحيات، وبعد أربعين يوماً نرى تباشير نصر الله القادم لحزب الله، والهزيمة الحتمية للعدو، بانسحاب العدو من محيط بلدة الخيام جنوبي لبنان على وقع ضربات أبناء نصر الله، وعلى وقع خسائر بشرية تجاوزت 1200 ضابط وجندي إسرائيلي بين قتيل وجريح، وأكثر من 40 دبابة وآلية مدمرة، لا نرى إلا جميلاً بتعمق أزمة النازحين من مغتصبات الشمال إلى الوسط على وقع صليات صواريخ حزب الله، ولا نسمع إلا جميلاً، ونحن نسمع ونقرأ لقيادات العدو تصريحات عن تأكّل تشكيلات جيش العدو، وما يعانيه من نقص كبير في فرقه العسكرية كما صرح أحد كبار جنرالاته، وبما لا يخوله (العدو) من البقاء في لبنان وغزة، ونرى العدو يترنح في الداخل على حافة انهيار اقتصادي واجتماعي، لأنه يخسر كل يوم قتالي مليار شيكل، ونرى الإشكالات والصدامات والتراشقات وتقاذف الاتهامات بين معسكر العدو في الحكومة والمعارضة، نرى أن كل استراتيجيات العدو فشلت وسقطت، من تفجيرات البيجرز، إلى الاغتيالات، إلى الاستباحة والعدوان بالقصف الجوي لتأليب البيئة على المقاومة وما ازدادت إلا تماسكاً، ونرى فشل الغزو البري، وفشل العدو في أهدافه منه. إننا من اليمن نرى هزيمة "إسرائيل وزوالها حتمية"، ونرى نصر الله قريباً، أليس الصبح بقريب، والنصر حليف حزب الله الغالب.

الكاتب: علي ظافر

المصدر: الميادين

الأربعاء, 30 تشرين1/أكتوير 2024 18:45

علامات على الوجه قد تدل على مشاكل في صحتك!

حذر أحد كبار الأطباء، الدكتور إريك بيرغ، من علامات على الوجه قد تدل على مشاكل في الصحة ومستويات السكر في الدم.

وبحسب صحيفة "ميرور"، في مقطع فيديو نشره على "يوتيوب"، نصح بيرغ متابعيه، الذين بلغ عددهم 12.6 مليون، بالحذر من هذه المؤشرات التي قد تعكس حالة صحتهم الداخلية.

ويعتبر بيرغ، الخبير في حمية الكيتو والصيام، أن الوجه يمكن أن يكون بمثابة خريطة لصحتك، حيث قال: "إن النظر إلى وجه الشخص يمكن أن يمنح الكثير من القرائن حول ما يحدث داخل جسمه".

وحذر من أن ارتفاع نسبة السكر في الدم يمكن أن يلحق الضرر بأعضاء الجسم الحيوية والشرايين، ما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والحالات المميتة، مثل الحماض الكيتوني السكري.

وتشمل العلامات المبكرة لارتفاع السكر في الدم: العطش المفرط والذهاب بشكل متكرر إلى المرحاض والصداع وعدم وضوح الرؤية. وإذا تُركت هذه الأعراض دون معالجة، يمكن أن تتفاقم لتشمل: التعب الشديد وفقدان الوزن والالتهابات وصعوبة التئام الجروح.

وفيما يلي 7 علامات يمكن لظهور إحداها على الوجه أن يكشف عن مشاكل في صحتك:

شكل الوجه: قد يشير الوجه المستدير والمنتفخ إلى الإفراط في استهلاك الأنسولين والكربوهيدرات.

العيون: العيون المحتقنة بالدم يمكن أن تكون علامة على مشاكل الكبد أو قلة النوم.

الأنسجة حول العينين: قد يدل الانتفاخ تحت العينين على احتباس السوائل في الكليتين.

شكل الذقن: الدهون المتراكمة تحت الذقن قد تؤدي إلى مشاكل، مثل توقف التنفس أثناء النوم.

ملمس الجلد: البشرة الدهنية قد تدل على نقص الزنك أو ارتفاع مستويات الأندروجينات بسبب الأنسولين.

جفاف الجلد المتقشر: قد يكون علامة على مشاكل في الكبد وزيادة أحماض أوميغا 6 الدهنية.

حب الشباب: يمكن أن يشير إلى ارتفاع الأندروجينات الناتج عن مستويات مرتفعة من الأنسولين.

وإذا لاحظت أي من هذه التغييرات في وجهك، يُستحسن استشارة طبيب مختص.

 

بعد فترةٍ من الترقّب استمرت لمدة 25 يوماً، نفّذ الكيان الصهيوني عدوانه على الجمهورية الإسلامية في إيران؛ ردّاً على عملية "الوعد الصادق 2" التي شهدت هجوماً صاروخياً واسعاً وكبيراً من قبل إيران استهدف العديد من القواعد و المطارات العسكرية الإسرائيلية، وأحدث زلزالاً جيوسياسياً على الصعيد الإقليمي، وامتدت آثاره لتشمل الصراع العالمي بمجمله، والذي جاء بدوره ردّاً على قيام "إسرائيل" باغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في ضواحي طهران، واغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله قي الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت.

ما قبل العدوان الإسرائيلي

شهدت الفترة التي سبقت العدوان الإسرائيلي الكثير من التسريبات السياسية والإعلامية، وخصوصاً من قبل واشنطن و"تل أبيب" حول حجم الرد الإسرائيلي وطبيعته وكيفيته، وعمد الجانبان إلى تظهير خلافاتهما ومناقشاتهما حول ذلك في ما بدا وكأنه أشبه بسجال مسرحي له غايات سياسية وتكتيكية كان أهمها جسّ النبض واستشراف ردود الأفعال المحتملة على العدوان قبل وقوعه، سواء تلك الصادرة عن إيران أو عن محور المقاومة وجبهات الإسناد بشكل عام، وكذلك ردود الأفعال الإقليمية والدولية.

ويمكن إيجاز تلك المواقف وردود الأفعال بالآتي: 

أولاً؛ إن القرار الإيراني كان حاسماً وقطعياً لجهة الردّ على أي عدوان إسرائيلي بشكل يتناسب مع حجمه وطبيعته ونتائجه بالتوازي مع تسريبات لمواقف مطالبة بتغيير العقيدة النووية الإيرانية في حال تعرض المنشآت النووية للاعتداء.

ثانياً؛ إن جبهات الإسناد كثّفت من عملياتها العسكرية التي تستهدف الكيان الإسرائيلي كمّاً ونوعاً، إذ انتقل حزب الله إلى مرحلة جديدة أطلق عليها "مرحلة إيلام العدو"، واستعاد زمام المبادرة في الميدان على الحدود وفي عمق فلسطين المحتلة وصولاً إلى "تل أبيب"، والأمر ذاته ينطبق على المقاومة العراقية التي أعلنت الانتقال إلى المرحلة الخامسة من المواجهة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى اليمن الذي وجّه أول صفعة إلى منظومة الدفاع الجوي الأميركية "ثاد" التي فشلت في إسقاط الصاروخ الفرط-صوتي اليمني "فلسطين2" الذي استهدف وسط فلسطين المحتلة.

ثالثاً؛ أعلنت الدول الإقليمية، وتحديداً دول الخليج، رفضها السماح باستخدام أجوائها لمهاجمة إيران بعد جولات مكوكية لوزير الخارجية الإيراني في تلك الدول.

رابعاً؛ قامت روسيا، ووفقاً لمصادر عديدة، بتزويد إيران بمنظومات دفاع جوي متطورة في موقف يتقاطع مع موقفها السياسي الرافض لمهاجمة إيران ولوقوع حرب شاملة.

خامساً؛ أعلنت الصين موقفاً رافضاً لأي عملية عسكرية ضد إيران محذرةً من خطورة الحرب الشاملة، وهو موقف يتقاطع مع مواقف أخرى حذرت من انعكاس المواجهة على إمدادات النفط وسلاسل توريد الطاقة و التجارة.

سادساً؛ أظهرت قمة "بريكس" التي عقدت في روسيا حجم التبدل المتسارع في التوازنات الدولية لصالح المجموعة و دول الجنوب والشرق على حساب الولايات المتحدة ودول الغرب الجماعي، وبطبيعة الحال، فإن إيران باتت عضواً أصيلاً وفاعلاً في مجموعة "بريكس"، وباتت دول المجموعة ملزمة بمواقف أقل ما يقال عنها إنها ودية وقانونية تجاهها.

واستناداً إلى تلك المواقف الإيرانية والإقليمية والدولية والتقييم الأميركي -الإسرائيلي لظروف الميدان والمواجهة، وجدت واشنطن نفسها مضطرة للتراجع عن دعمها المطلق للخيار الإسرائيلي بتوجيه عدوان واسع غير مضمون النتائج، وزعم الجانبان بأن واشنطن اقنعت الكيان الإسرائيلي بضرورة تجنب استهداف منشآت الطاقة والمنشآت النفطية و النووية، وأوفدت واشنطن وزير خارجيتها بلينكن إلى "إسرائيل" ودول إقليمية في محاولة للتخفيف من وقع التهديدات، وإيصال رسائل احتواء العدوان قبيل وقوعه مع الإيحاء بعدم تخليها عن الحل السياسي لوقف إطلاق النار.

العدوان الفاشل

بعد يوم من مغادرة بلينكن المنطقة، نفذ الكيان الصهيوني تهديداته بالعدوان على إيران، وترافق العدوان مع حملة إعلامية منسقة ومضخمة من قبل وسائل الإعلام الإسرائيلية والأميركية طوال مدة العدوان الذي استمر لأربع ساعات ليلة السبت الفائت، وبحسب الجانب الإسرائيلي وتصريحات قادة الكيان، فقد تم تنفيذ العدوان بواسطة 100 طائرة من سلاح الجو استهدفت مصانع إنتاج الصواريخ ومنظومات الدفاع الجوي وحماية المنشآت، وزعم نتنياهو بأن العدوان حقق أهدافه بدقة. في المقابل، أعلنت طهران أن دفاعاتها الجوية تصدّت بنجاح للعدوان الجوي الإسرائيلي الذي استهدف مواقع عسكرية في طهران وخوزستان وإيلام، وأن آثار العدوان كانت محدودة، معلنة استشهاد أربعة من جنودها.

وبعيداً من التهويل الإعلامي الذي تقوده منظومة الإعلام الصهــيوني والمتصهيــن؛ يبدو أن العدوان الإسرائيلي على إيران كان محدوداً، وهو ما يعكس خشية إسرائيلية من رد إيراني واسع النطاق، ووفقاً للمعطيات والنتائج التي أعلن عنها، فإنه يبدو أن الدفاع الجوي الإيراني قد فاجأ سلاح الجو الإسرائيلي بقدراته المتطورة وتمكّن إلى حد بعيد من مواجهته، وهو ما عكسته طول مدة العدوان التي استمرت لأربع ساعات، وأكدته خيبة الأمل التي أظهرتها وسائل الإعلام الصهيونية لاحقاً.

قراءة في نتائج العدوان

يمكن لنا وفقاً للمواقف السياسية والتسريبات الإعلامية، وأيضاً وفقاً للمعطيات الميدانية أن نستقرئ جوانب عديدة متعلقة بالدلائل والاستنتاجات التي عكسها العدوان الإسرائيلي، والنجاح الإيراني في إفشاله وفق الآتي: 

أولاً؛ أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في اليوم التالي للعدوان عن مقترح هدنة في قطاع غزة لمدة يومين يشمل تبادلاً محدوداً للأسرى ويكون أساساً لاتفاق شامل، ويبدو أن المقترح المصري كان معدّاً مسبقاً بالتنسيق مع واشنطن، ويعكس رغبة أميركية بعدم التصعيد بهدف تقطيع الوقت من قبل واشنطن حتى الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

ثانياً؛ بدا واضحاً أن ما تريده واشنطن اليوم هو أن يبقى الاشتباك مضبوطاً تحت سقف محدد حتى الانتخابات الرئاسية، وأعرب الرئيس الأميركي جو بايدن بُعيْد العدوان عن أمله في أن تكون هذه هي نهاية التصعيد بين إيران و الكيان الإسرائيلي.

ثالثاً؛  إن محدودية العدوان الإسرائيلي على إيران من حيث خريطة الأهداف وحجم العدوان، تؤكد أن واشنطن هي من يقود المعركة في مواجهة محور المقــاومة، وأنها أرادت حفظ ماء وجهها قبل "إسرائيل" ، وهو ما أكّده مدير برنامج الشرق الأوسط في مجموعة الأزمات الدولية في واشنطن بأن الولايات المتحدة أرادت أن تكون هذه الهجمات الانتقامية "متناسبة بحيث لا تحتاج إيران إلى الرد".

رابعاً؛ أرادت الولايات من تزويد الكيان الصهيــوني بمنظومات "ثاد" القول بأنها لا ترغب في حرب مفتوحة، وأرادت روسيا من دعمها لإيران بمنظومات دفاع جوي متطورة القول بأنها لا تريد حرباً مفتوحة أيضاً، وإذا كان الفعل الأميركي يشير إلى جاهزية واشنطن لدخول الحرب لمنع تدمير "إسرائيل"، فإن الفعل الروسي أشار إلى قرار روسي بعدم ترك إيران وحيدة في المعركة.

خامساً؛ إن الوقت القاتل بالنسبة إلى الكيان الإسرائيلي و الولايات المتحدة هو الفترة الممتدة من الآن وحتى الانتخابات الرئاسية، وهذه الفترة ستشهد تصعيداً انتقامياً و ردعياً من قبل محور المقـاومة، وتحديداً من قبل حزب اللــه، وربما سنشهد الكثير من العمليات النوعية من قبل الحزب وجبهات الإسنـــاد في ظل عجز الكيان و استنزافه لبنك الأهداف.

سادساً؛  مما يمكن استنتاجه من العدوان الإسرائيلي على إيران هو أن بروباغندا الضربة القاضية والحاسمة التي روجت لها "إسرائيل" طوال سنوات قد سقطت، وأن استراتيجياتها مع واشنطن لهزيمة إيران قد دفنت. 

سابعاً؛ بالمعنى الإستراتيجي، فقد قادتهم إيران ومن خلال هذا العدوان الفاشل إلى الاعتراف بها كقوة لا يمكن لهم هزيمتها، وهذا الفشل كشف الغطاء عن محدودية خيارات الولايات المتحدة و "إسرائيل" في مواجهة إيران، ولا سيما العسكرية منها.

تاسعاً؛ عندما يتحدث وزير الحرب الصهيـوني، غالانت، بعد العدوان الفاشل عن تنازلات مؤلمة من أجل تحرير الأسرى، فهذا لا يعني فقط أن "إسرائيل" غير قادرة على تحقيق أهدافها من حرب الإبادة التي تشنّها منذ أكثر من عام، بل يعني بأن قادة الكيان يريدون الالتفاف على الرأي العام الإسرائيلي وإقناعه بأن هدف الحرب هو تحرير الأسرى بعد أن تم إيهامه بأن الهدف من الحرب هو سحق المقــاومة في فلسطين ولبنان، وصولاً إلى تغيير الشرق الأوسط.

عاشراً؛ إن فشل العدوان أعطى إيران هامشاً واسعاً لانتهاز الفرصة والوقت والتحرك بوسائل وأدوات دبلوماسية وميدانية على الصعيدين الإقليمي و الدولي، بينما سيكون العدو الإسرائيلي مضطراً لترقب خطر الرد الإيراني وطبيعته إلى جانب حرب الاستنزاف التي أنهكته.

وخلاصة الموقف اليوم هو أن العقل الإستراتيجي الإسرائيلي يدرك بأن وقف الحرب وفق المعادلات ونتائج الصراع الحالية قد تكون أشدّ خطورةً على وجود الكيان من اجتراع الاستنزاف اليومي للصراع، بل إنه بات على يقين أن وقف الحرب يعني انتحاراً سريعاً، واستمرارها يعني انتحاراً بطيئاً، وأن ما أنجزه الكيان منذ انطلاقة "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر العام الفائت وحرب الإبادة التي يشنها على غزة ولبنان يكاد يقارب الصفر على المستوى الإستراتيجي، ولعل استخدام قادة الكيان مصطلح "الحرب الوجودية" هو خير دليل على حجم المأزق الذي بلغه الكيان، وعلى نتائج المعركة إلى اليوم.

 

المصدر :المیادین

أعلن حزب الله، اليوم الثلاثاء، انتخاب الشيخ نعيم قاسم أميناً عاماً للحزب خلفا للسيد القائد الشهيد حسن نصر الله الذي لقي ربه شهيدًا مقدامًا وفيًا ثابتًا في سبيل الله وعلى طريق القدس.

فمن هو الشيخ نعيم قاسم الأمين العام لحزب الله؟

النشأة والتعليم:

ولد في جمادى الأولى 1372هـ/ شباط 1953م، في منطقة البسطا التحتا من مدينة بيروت. والده محمد من مواليد بلدة كفرفيلا في إقليم التفاح من الجنوب اللبناني.

قرأ الكثير من الكتب الإسلامية، وتمرَّس على الخطابة وتحضير دروس الدين باكرًا، ثم أقام دروسًا في المسجد للأطفال في حلقات أسبوعية ولم يتجاوز عمره الـ18 عامًا.

في هذا السن عام 1971 انتسب إلى الجامعة اللبنانية - كلية التربية (دار المعلمين والمعلمات) في منطقة الأونيسكو في بيروت لدراسة الكيمياء باللغة الفرنسية.

تابع دراسته الدينية الحوزوية عند عدد من العلماء منهم الشيخ أسعد فنيش، والشيخ محسن عطوي، والشيخ مصطفى خشيش، والسيد عباس علي الموسوي، والشيخ حسن طراد، والسيد علي الأمين، ثم درس على يد السيد محمد حسين فضل الله بحث الخارج في الفقه والأصول.

تخرج من الجامعة عام 1977 وحصل على شهادة الماستر في الكيمياء، درَّس في الصفوف الثانوية الرسمية، وذلك لست سنوات فهو خرِّيج دار المعلمين التابع لوزارة التربية.

كما تابع الشيخ دراسته الحوزوية مع تدريسه العصري ونشاطه الديني بالتلازم من دون كللٍ أو تعب، وبحركةٍ فعَّالة ومنظمة ودقيقة في استثمار كلِّ وقت وكلِّ جهد.

المسيرة:

ساهم في تأسيس "الاتحاد اللبناني للطلبة المسلمين" مع مجموعة من الشباب المؤمن وهو في صفوف الجامعة بهدف العمل الطلَّابي والتَّبليغ بالأفكار الإسلاميَّة داخل الجامعات وفي المدارس, وذلك في أوائل السبعينيات.

شارك في حركة المحرومين، أفواج المقاومة اللبنانية (أمل) عند تأسيسها على يد الإمام موسى الصدر عام 1974، وقد حضر الاجتماعات الأولى التي عقدها الإمام مع الشخصيات واللجان الإسلامية في مناطق لبنان لإطلاق الحركة، وتسلَّم في حركة أمل مهمة نائب المسؤول الثقافي المركزي، وبعدها أصبح مسؤول العقيدة والثقافة حيث كان أحد الأمناء في مجلس قيادة الحركة بعد إخفاء الإمام الصدر في ليبيا عند تسلم رئاسة الحركة من قبل السيد حسين الحسيني عام 1978، ولم يمضِ عام تخلَّله انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية على يد الإمام الخميني(قده) في 11 شباط 1979، فاستقال من الحركة، متابعًا دراسته الحوزوية ونشاطه الإسلامي التبليغي في إعطاء الدروس والمحاضرات في عدد من المساجد والحسينيات في بيروت والضاحية الجنوبية.

كان الشيخ نعيم مهتمًّا بالتَّبليغ بشكل واسع على امتداد لبنان، مركزًا على الدروس الأسبوعية في المصيطبة في مسجد البر والإرشاد التي استمرت أكثر من عشر سنوات، ثم متنقلًا بالدروس الأسبوعية إلى مسجد الإمام المهدي(عج) الغبيري لأربع سنوات، وحسينية الشياح لثلاث سنوات، وحسينية برج البراجنة وغيرها، فكان يستمر في كل درس أسبوعي في التفسير والمفاهيم الدينية من 3 إلى 5 سنوات.

ساهم في تأسيس جمعية التعليم الديني الإسلامي عام 1977, والتي تهتم بتعليم الدِّين الإسلامي في المدارس الرَّسمية والخاصة، فتُرسل مدرِّسًا أو مدرِّسة إلى كلِّ مدرسة لإعطاء حصَّة أو حصَّتين من الدِّين لكلِّ شُعبة صف في الأسبوع. هذه الجمعية التي انتشر مدرسوها في لبنان وتجاوزوا الثلاثمائة في مدارس تجاوزت الخمسمائة، إضافة إلى تأسيسها لمدارس المصطفى(ص) الست في ضاحية بيروت الجنوبية وصور والنبطية وقصرنبا التي تدرِّس المنهج اللبناني الرسمي ولها طابع ديني تربوي إسلامي. وقد استمر في مسؤولية إدارتها العامة حتى العام 1990، ثم تابع العمل الأخوة في الجمعية.

يحرص الشيخ على أن يتابع العمل التبليغي الديني، وله ندوات ثابتة وإطلالات ثقافية، وبرامج تلفزيونية ثقافية وتربوية وأخلاقية من ضمنها برنامج "مفاتيح السعادة" الذي استمر لـ5 سنوات على شاشة تلفزيون الصراط، مع برامج عديدة في تلفزيون المنار شرح رسالة الحقوق للإمام زين العابدين(ع)، نفحات إيمانية، لعلكم تتقون، نجوى الصائمين في شرح دعاء الافتتاح، حلقات عن الزواج، كما كان له عدد من البرامج في إذاعة النور، وإذاعة الهدى، وإذاعة البشائر, وغيرها.

كما شارك في مؤتمرات عديدة في إيران، مع المجمع العالمي لأهل البيت، ومجمع التقريب بين المذاهب، ومؤتمرات الوحدة الاسلامية، ومؤتمرات يوم القدس العالمي، وغيرها كثير.

الشيخ نعيم بعد انتصار الثورة الإسلامية:

تطلَّع الشيخ إلى قيادة الإمام الخميني(قده) مع انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية، وشارك في اللجان الإسلامية المساندة للثورة الإسلامية في إيران التي ضمت كل الجهات الإسلامية العاملة على الساحة، وهي التي قامت بأنشطة إعلامية ومسيرات ومحاضرات حول الثورة. وبعد لقاءات بين اللجان الإسلامية ومن خلفها حزب الدعوة الإسلامية فرع لبنان، مع علماء البقاع، وحركة أمل الإسلامية في العام 1982، تأسس حزب الله، وكان الشيخ من نواة هذه اللقاءات التي ساهمت في تأسيس حزب الله.

الشيخ نعيم وحزب الله:

كان عضوًا في شورى حزب الله لثلاث دورات، فتسلَّم بداية مسسؤولية الأنشطة التَّربوية والكشفية في بيروت، ثم نائبًا لرئيس المجلس التنفيذي، ثم رئيسًا للمجلس التنفيذي، وهو نائب الأمين العام لحزب الله منذ أصبح العلامة الشهيد السيد عباس الموسوي(قده) الأمين العام لحزب الله عام 1991، واستمر في هذا المنصب بعد شهادة السيد عباس(رض) مع خلفه الأمين العام الشهيد السيد حسن نصر الله عام 1992 حتى أمس.

واليوم، الثلاثاء الواقع 29-10-2024، انتخب مجلس شورى الحزب الشيخ نعيم قاسم لمنصب الأمين العام الجديد لحزب الله خلفًا للشهيد السيد حسن نصر الله.

الشيخ نعيم هو رئيس مجلس العمل النيابي في حزب الله، ويتابع كتلة الوفاء للمقاومة وعمل النواب التشريعي وحركتهم السياسية. وهو رئيس هيئة العمل الحكومي المعنية بمتابعة الوزارات المختلفة ودراسة هيكلياتها وقراراتها، وكذلك متابعة وزراء حزب الله في وعمل الحكومة. وهو المنسق العام للانتخابات النيابية في حزب الله منذ أول انتخابات نيابية عام 1992 حتى الآن.

يتصدى الشيخ من موقعه في قيادة حزب الله للعمل السياسي، وله إطلالات إعلامية وصحفية ومقابلات واحتفالات ومحاضرات كثيرة في هذا الشأن.

عاش المواجهات مع كيان الاحتلال الإسرائيلي من موقع مسؤوليته ودوره في الشورى، وذلك في حرب تموز 1993، وحرب نيسان 1996، والتحرير 2000، وعدوان تموز 2006، وعدوان التكفيريين 2017. وقد جُرح أحد أولاده في حرب تموز 2006 جراحات خطيرة، شفاه الله تعالى بعدها.

ألَّف الشيخ كتاب "حزب الله" الذي يعرض لأهداف الحزب وتاريخه ورؤيته السياسية في مختلف الأمور.

الشيخ من المؤمنين الصلبين بولاية الفقيه، وقيادة الإمام الخامنئي(دام ظله) بعد الإمام الخميني(قده). وقد كتب عن الإمام الخميني(قده) كتاب "الإمام الخميني(قده) بين الأصالة والتجديد"، عرض فيه لقواعد الرؤية التجديدية عند الإمام الخميني(قده) والتي حكمت حركته وقيادته. وكتب عن الإمام الخامنئي(دام ظله) كتاب: "الولِّي المجدِّد" عرض فيه للنقلة النَّوعية المعاصرة في تقديم رؤية الإسلام إلى العالم من خلال تجربته وتوجيهاته وقيادته للجمهورية الإسلامية الإيرانية.

علاقته المباشرة مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله (حفظه المولى) استمرت لأكثر من 35 سنة، من خلال الموقع العملي المشترك في شورى حزب الله، واللقاءات الدائمة، والتشاور، ومواكبة التطورات.

مؤلفاته:

معالم للحياة من نهج الأمير(ع).
عاشوراء مددٌ وحياة (طبعة رابعة).
سلسلة شرح رسالة الحقوق للإمام زين العابدين(ع) (سبعة أجزاء).
حقوق الجوارح (طبعة ثامنة).
حقوق الوالدين والولد (طبعة تاسعة).
حقوق الأفعال (طبعة ثامنة).
حقوق الزوج والزوجة (طبعة تاسعة).
حقوق المعلم والمتعلم (طبعة تاسعة).
الحقوق الثلاثة (طبعة ثامنة).
حقوق الناس (طبعة سادسة).
في رحاب رسالة الحقوق (طبعة ثالثة).
حزب الله: المنهج.. التجربة.. المستقبل (طبعة عاشرة).
سبيلك إلى مكارم الأخلاق (طبعة خامسة).
قصتي مع الحجاب (طبعة عاشرة).
الشباب شعلة تُحرق أو تُضيء (طبعة ثامنة).
المهدي المخلِّص (طبعة رابعة).
مجتمع المقاومة (إرادة الشهادة وصناعة الإنتصار), (طبعة ثانية).
سبيل الله (طبعة رابعة).
القرآن منهج هداية (طبعة ثانية).
الإمام الخميني الأصالة والتجديد (طبعة خامسة). وتُرجم إلى الفارسية.

 

الأربعاء, 30 تشرين1/أكتوير 2024 18:34

ما السبع المهلكات التي يخشاها نتنياهو؟

هناك خشية إسرائيلية من أن نتنياهو (يسار) بات يجر "إسرائيل إلى المجهول" (الأناضول)

محمود العدم

يتواصل العدوان الإسرائيلي الذي يقوده رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو منذ أكثر من عام على قطاع غزة ومن بعده على جنوب لبنان، ولا يزال "ملك إسرائيل" عاجزا عن تحقيق أهدافه بإعلان "نصر مطلق" على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أو حزب الله.

ورغم حالات "نشوة القوة وسكرة الغطرسة" التي يمر بها نتنياهو -خصوصا عقب تنفيذ جيش الاحتلال بعض الهجمات الكبيرة والنوعية ضد المقاومة وحاضنتها الشعبية، كاغتيال القادة وتحقيق نجاحات أمنية- فإن هاجس الإخفاق والفشل لا يزال يتلبسه ويسيطر عليه وهو يواجه حقائق على الأرض تعيده إلى نقطة الصفر في كل مرة.

وفي ظل المجازر وعمليات القتل والتدمير الممنهج التي يقوم بها جيش الاحتلال تنفيذا لقرارات المستوى السياسي في إسرائيل تبرز تساؤلات عن حقيقة الإنجازات الميدانية التي تحققها المقاومة، لتشكل شوكة في خاصرة نتنياهو تؤرقه وتفسد عليه نشوته.

وبعيدا عن الخسائر في السياسة الخارجية المتعلقة بوضع إسرائيل على الخارطة الدولية وجرها إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية يمكن الحديث عن 7 ملفات حققت فيها المقاومة إنجازات لا تزال تداعياتها تؤثر بشكل مباشر على نتنياهو كشخص، فضلا عن أركان حكومته وجيشه والجمهور الإسرائيلي.

المقاومة تشكل شوكة في خاصرة نتنياهو تؤرقه وتفسد عليه نشوته رغم المجازر والتدمير (مواقع التواصل)

1- ثمن مأساوي باهظ

لم يتوقف المحللون الإسرائيليون منذ بداية الحرب وحتى الآن عن الحديث عن حجم الخسائر البشرية في صفوف الجمهور الإسرائيلي والعسكريين على السواء، والتي تقدر بآلاف القتلى والجرحى، إذ أفادت صحيفة يديعوت أحرونوت بأن نحو ألف جندي ينضمون شهريا إلى قسم إعادة التأهيل في وزارة الحرب.

وتتحدث تقارير صحفية عن أجواء من التشاؤم تسيطر على المشهد السياسي والمجتمعي، وسط خشية من أن نتنياهو بات "يجر إسرائيل إلى المجهول"، في الوقت الذي تتعرض فيه لضربات من المقاومة في غزة ومن إيران وحزب الله والحوثيين في اليمن وفصائل المقاومة الإسلامية في العراق.

إعلان

ورغم التعتيم الإعلامي الذي يفرضه جيش الاحتلال على تفاصيل الإصابات والخسائر التي تسجل يوميا فإن ما يرشح منها في وسائل الإعلام وحده كاف ليؤرق القادة السياسيين والعسكريين.

وفي تحليل نشرته مجلة "ناشونال إنترست" الأميركية قال المحلل السياسي الإسرائيلي شالوم ليبنر "إنه بعد مرور أكثر من عام على هجوم طوفان الأقصى فإن مشاعر الإحباط وخيبة الأمل ما زالت تسيطر على أغلبية الإسرائيليين".

بالإضافة إلى الخسائر البشرية هناك نحو ألف جندي إسرائيلي ينضمون شهريا إلى قسم إعادة التأهيل (الأناضول)

2- حيفا مثل كريات شمونة

شكلت هجمات حزب الله الصاروخية في العمق الإسرائيلي مسارا جديدا في الصراع، إذ أطلق الحزب شعار "سنجعل حيفا مثل كريات شمونة والمطلة".

وسجلت حالة من الرعب في الأوساط الإسرائيلية في أعقاب استهداف منزل نتنياهو، إذ أكد ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي أن طائرة مسيّرة أطلقت من لبنان أصابت بشكل مباشر منزل نتنياهو في قيساريا جنوب حيفا.

واعتبرت مصادر عسكرية إسرائيلية أن وصول مسيّرة حزب الله إلى مكان يعيش فيه رئيس الوزراء يعد فشلا ذريعا لأجهزة الأمن.

كما حقق الهجوم بمسيّرة انقضاضيه على قاعدة بنيامينا التابعة للواء غولاني في حيفا قبل أيام مفاجأة عسكرية مؤلمة لإسرائيل، ووصف الحزب العملية بأنها "نوعية ومركّبة"، إذ تمكنت المسيّرة من اختراق رادارات الدفاع الجوي الإسرائيلي دون اكتشافها ووصلت إلى هدفها.

إعلان

وفي بيان، أكدت غرفة عمليات المقاومة الإسلامية الجناح العسكري لحزب الله أنها قررت "تأديب العدو وإظهار بعض قدراتها في أي وقت أو أي مكان تريده".

وعلق نتنياهو بقوله "نحن نخوض حملة شرسة ضد محور الشر الإيراني، إننا ندفع ثمنا مؤلما، ولكن لدينا إنجازات هائلة"، في حين وصف رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي الهجوم بأنه صعب ونتائجه مؤلمة.

وقالت وسائل إعلام لبنانية مقربة من حزب الله إن هذه العمليات تكشف عن "إحاطة استخبارية متقدمة وتطورا هائلا للمعدات التي استخدمها حزب الله، وعن احتراف في التكتيك العسكري"، خصوصا أنها جاءت بعد تصريحات متكررة لوزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أكد فيها أنه نجح في القضاء على معظم قدرات حزب الله الصاروخية وتلك المتعلقة بالمسيّرات.

3- عشرات آلاف النازحين داخل إسرائيل

تجنبا للضربات الصاروخية من غزة ولبنان فقد لجأت الحكومة الإسرائيلية إلى إجلاء آلاف الإسرائيليين من منازلهم، وسجلت إسرائيل لأول مرة في تاريخها عددا قياسيا من النازحين.

وحسب صحف إسرائيلية، بلغ عدد النازحين من مستوطنات غلاف غزة ومن الحدود مع لبنان 120 ألف نازح، لكن العدد يرتفع إلى نصف مليون نازح، حسب ما أعلنه سابقا الجيش الإسرائيلي.

وسيفاقم وجود هؤلاء النازحين -الذين تتكفل الحكومة بنفقاتهم ومصاريفهم خلال فترة نزوحهم منذ أكثر من عام- المشاكل والأعباء الاقتصادية والمعنوية على حكومة الاحتلال التي استأجرت لهم غرفا فندقية وبيوت ضيافة، كما لجأت إلى إقامة خيام لإيوائهم.

إعلان

وبحسب تقرير بثته قناة الجزيرة، فإن للنزوح دلالات كثيرة في المخيلة الإسرائيلية، إذ إن صور المغادرين نهائيا من إسرائيل تعمق المشهد.

4- مليونا إسرائيلي في الملاجئ

أعادت هجمات المقاومة في جبهتي غزة ولبنان إلى الواجهة مجددا التساؤلات بشأن جاهزية الجبهة الداخلية الإسرائيلية للهجمات الصاروخية، كما فاقمت الهجمات أزمة عشرات آلاف النازحين الإسرائيليين، إذ بدلا من عودة هؤلاء إلى البيوت كما وعد نتنياهو فقد انضم إليهم مئات الآلاف الذين يبيتون في الملاجئ.

وقد تسببت هجمات المقاومة -بحسب قائد الدفاعات الجوية السابق الجنرال ران كوخاف في حديث للقناة الـ12 الإسرائيلية- بحبس أكثر من مليوني إسرائيلي في الملاجئ والغرف المحصنة في أكثر من 190 بلدة ومستوطنة ومدينة.

وتفاقم مشكلة عدم كفاية الملاجئ التي تسمى "فجوة المأوى" مخاوف سلطات الاحتلال، خصوصا مع كشف معطيات محلية عدم جاهزية نسبة كبيرة من الملاجئ العامة.

كما اتضح أن الغرف المحصنة في المنازل والشقق السكنية لم توفر الحماية التامة لقاطنيها من ضربات الصواريخ المباشرة والطائرات المسيرة، وبالكاد توفر الحماية من الشظايا.

5- ضرب إرادة البقاء

مشهد آخر يؤرق نتنياهو ألا وهو "الهجرة العكسية" التي تشكل خطرا وجوديا على إسرائيل التي تقوم بالأساس على سياسة الاستيطان وجذب اليهود من مختلف أنحاء العالم.

إعلان

وكما يقول مدير مركز ابن خلدون للعلوم الاجتماعية والإنسانية في جامعة قطر نايف بن نهار فإن عمليات المقاومة ضربت "إرادة البقاء" لدى الإسرائيليين القائمة بشكل أساسي على توفير كيان آمن لهم، لمواجهة أزمتهم الجوهرية المتمثلة في أن إسرائيل كيان مصطنع يمكنهم الرحيل عنه في أي وقت إلى البلد الذي جاؤوا منه ولا يزالون يحملون جنسيته.

ورغم أن دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية لا تكشف عن الأعداد الحقيقية للإسرائيليين الذين هاجروا فإن الصحف الإسرائيلية كشفت عن أن نحو ربع الإسرائيليين فكروا في الهجرة للخارج بسبب الأوضاع الأمنية.

ووفقا لتقرير أعده مراسل الجزيرة إلياس كرام في أغسطس/آب الماضي، فإن الأرقام الرسمية تقول إن قرابة نصف مليون ممن كانوا خارج البلاد قبل عملية طوفان الأقصى لم يعودوا حتى الآن، في حين غادر 375 ألفا بعد الحرب.

وكانت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" قد نقلت عن بيانات سلطة السكان والهجرة أن نصف مليون إسرائيلي غادروا إسرائيل في الأشهر الستة الأولى من الحرب.

6- العمليات المسلحة

كانت العمليات العسكرية -بما فيها الاستشهادية- إحدى أبرز أدوات المقاومة في مواجهة الاحتلال، لكن المقاومة امتنعت عن العمليات الاستشهادية لفترة "وفقا لتغييرات ارتبطت بالرأي العام العالمي والخسائر المدنية التي قد تترتب على هذه العمليات"، وفقا للمحلل السياسي محمد غازي الجمل في تصريحات سابقة للجزيرة نت.

لكن حجم المجازر التي حصلت في غزة وسط الصمت والتواطؤ الدولي مع الاحتلال دفعا المقاومة إلى إعادة النظر في هذه الإستراتيجية بوصفها أداة فاعلة للضغط على المجتمع الإسرائيلي.

واعتبر إعلان كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس وسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد عودة العمليات الاستشهادية في الداخل الفلسطيني المحتل إلى الواجهة من جديد ردا على المجازر الإسرائيلية وتهجير المدنيين وسياسة الاغتيالات الإسرائيلية بحق قيادات فصائل المقاومة في قطاع غزة تحولا إستراتيجيا في المعركة.

وانعكس صدى هذا الإعلان داخل إسرائيل، وكشف درجة كبيرة من الخوف في المنظومة الأمنية من إدخال عبوات ناسفة إلى قلب المدن الكبرى في إسرائيل، الأمر الذي قد يسبب الكثير من الخسائر البشرية والمادية.

يضاف إلى ذلك أن النجاح الذي تحققه عمليات إطلاق النار التي ينفذها مقاومون داخل إسرائيل يضاعف مخاوف قادة إسرائيل من انعكاساتها السلبية على الجمهور الإسرائيلي، وظهر ذلك جليا عقب عملية يافا التي أسفرت عن مقتل 7 إسرائيليين وإصابة 16 آخرين.

وعلق مدير مركز يبوس للدراسات سليمان بشارات في تصريحات للجزيرة نت بقوله إن مثل هذه العمليات تُظهر أن إسرائيل غير قادرة على ضبط الميدان في المواجهة مع الفلسطينيين، وأنها فشلت في المقاربة العسكرية والأمنية.

وتكشف الأرقام المعلنة بشأن عدد العمليات التي أعلن عنها الأمن الإسرائيلية -سواء ما نجح منها أو ما تم إحباطه- عن الضغط الكبير الذي تتعرض له أجهزة الاحتلال، فحتى أغسطس/آب الماضي أعلن عن أكثر من ألف عملية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

7- خسائر اقتصادية لا تحصى

ختاما، فقد تسببت الحرب التي يخوضها نتنياهو بخسائر هائلة للاقتصاد الإسرائيلي كما نُشر في تقرير للجزيرة نت، وأشارت تقديرات إلى أن تكلفة الحرب تجاوزت 67.3 مليار دولار حتى الآن، ولا تُحسب في هذا كلف أخرى تتعلق بالجيش مثل علاج الجرحى وتوفير المأوى والملاجئ.

وخفضت وكالة فيتش التصنيف الائتماني لإسرائيل، مشيرة إلى تفاقم المخاطر الجيوسياسية مع استمرار الحرب في غزة، وسط تهديدات بانتقالها إلى جبهات أخرى.

وفي بداية الحرب وضعت الوكالة تصنيف الديون السيادية لإسرائيل تحت المراقبة السلبية، وحذرت من أن أي تصعيد كبير قد يؤدي إلى خفض التصنيف.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية

 

الأربعاء, 30 تشرين1/أكتوير 2024 18:32

البيت الحرام بيت عالميّ

 السيد محمد حسين فضل الله

إنّ قيمة البيت الحرام، هي في أن الإنسان الذي بناه كان يعيش كل معنى الروحانية التي أفاضها على البيت، حتى يعيش هذا البيت في كل مداه كل هذه الروحانية التي أراد الله للناس أن يغرفوا منها، وأن يعيشوها بكلّ معانيها.

وهكذا رأينا كيف أنَّ الله سبحانه وتعالى، بعد أن بنى إبراهيم البيت، أراد لهذا البيت أن يكون البيت العالمي. قال سبحانه في آية سابقة: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً}. يقال إنّه كانت هناك بيوت للعبادة، لكن ربما كان المقصود بقوله: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ} أنّه البيت العالمي. يعني كانت هناك مساجد صغيرة، كما يوجد عندنا مسجد محلّة أو مسجد قبيلة أو مسجد بلد، لكن هذا المسجد ـ أي البيت الحرام ـ هو المسجد العالمي الذي أراد الله للناس من الشرق والغرب أن يأتوا إليه. {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ} وبكّة هي لغة في مكة {مباركاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ}، فالله أنزل فيه البركة، وأراد للناس أن يهتدوا به {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ} مما حشده الله سبحانه وتعالى فيه من آياته {مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}.

{وَمَن كَفَرَ} مفسّرة ومن لم يحجّ، وليس المراد الكفر العقيدي، بناءً على هذا التفسير، بل الكفر العملي، وأنّ الإنسان الذي يؤمن بالله ولا يعمل بما كلّفه الله هو بمنزلة الكافر، لأن النتيجة واحدة، ذلك أنّ الكافر لا يعمل لأنه لا يؤمن، وهذا مع أنّه يؤمن لكنّه لا يعمل، فالنتيجة في الخطّ العمليّ، هو أنه كافر عملاً، وإن لم يكن كافراً عقيدةً {فإنّ الله غنيٌ عن العالمين}.

وهكذا أراد الله من إبراهيم(ع) أن يبدأ النّداء إلى الحجّ: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ* لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ}، باعتبار أن الله سبحانه وتعالى يريد للناس أن يجعلوا من الحجّ ساحة منفعة لهم، فقد تكون المنفعة في الجوانب العبادية، وهي الأساس، وقد تكون في الجوانب الثقافية التي يلتقون فيها ليعطي كلّ واحد منهم ثقافته للآخر، أو في الجوانب الاقتصادية أو السياسية أو ما إلى ذلك، حيث إنه المجمع العالمي الذي يلتقي فيه الناس من الشرق والغرب ليتعارفوا، ولينتفعوا من خلال هذا التعارف، وهذا الترابط الذي يمكن أن يؤدّي إلى نتائج كبيرة على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي والروحي والعبادي.

خلاصة أعمال الحجّ

وهكذا يحدثنا الله سبحانه وتعالى في آياته عن أعمال الحجّ، وعما ينبغي للناس أن ينطلقوا به. ويؤكد سبحانه وتعالى في مسألة الحجّ نقطة أساسية، هي الخلاصة لكل أعمال الحجّ، وهي ذكر الله سبحانه وتعالى، فإنّ الله سبحانه وتعالى أراد للناس أن يخرجوا من الحج بنقطتين؛ إحداهما نتيجة للأخرى "ذكر الله، وتقوى الله"، لاحظوا قوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ}. والرفث كناية عن العلاقة الجنسية {وَلاَ فُسُوقَوالمراد كلّ فسق، سواء بسبّنا بعضنا البعض أو بغير ذلك {وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ} يعني الجدال طبعاً في غير الحقّ، الجدال الذي يتحرك ليثير العداوة والبغضاء والتعقيدات وما إلى ذلك، لأن الله أراد للحجّ أن يكون فرصة سلام، لا أن يكون مناسبة يمكن أن تثير البغضاء بين الناس {وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ} حتى لا يشعر الإنسان أنَّ هناك خيراً يفعله يمكن أن يضيع عند الله {إنَّ الله لا يضيع عمل عاملٍ منكم من ذكرٍ أو أنثى}.

{وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}، ففي الحجّ، كما في غيره، يريد الله للإنسان أن يجعل زاده في الحياة الدّنيا الذي يحمله إلى الآخرة، والذي يرتفع بمكانته عند الله، هو التقوى، لأنها الزاد الذي يحقّق لك السعادة في الدنيا والآخرة، والله يخاطبنا بعد أن يبيّن لنا حقيقة التقوى وقيمتها بقوله: {وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ}، وهذه كناية تعني يا أولي العقول، لأن عقل الإنسان يقوده إلى التقوى، ويقوده إلى ما فيه نجاته ومصلحته.

ثم يقول: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ}، فلا مانع من أن تنتفع مادياً هناك بما لا يشغلك عن حجك وعن عبادتك {فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} أن تذكر الله عند المشعر الحرام، بحيث يكون وجودك هناك مملوءاً بذكر الله، وأن تذكر الله في قلبك، وأن تذكر الله في إحساسك، وأن تذكر الله في عقلك، وأن تذكر الله بلسانك {وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ}، يعني اذكروه شاكرين له على أساس نعمة الهداية {وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللهُ}، بحيث يشعر الإنسان بأنَّ نعمة الهداية هي في الإيمان وفي توحيد الله، وهي النعمة الكبرى التي لا بدَّ من أن يذكر الإنسان ربَّه عندما يتذكَّره بالشّكر {وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ}...

{ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ}، ولا تنشغلوا في الحديث الذي يتعلق بأموركم الشخصية أو بلهوكم وبعبثكم، بل انطلقوا من حيث أفاض الناس، في مسيرة ربانيّة تتجه بكم إلى ما يريد الله لكم أن تصلوا إليه من تقواه {وَاسْتَغْفِرُواْ اللهَ}، ولتكن إفاضتكم مملوءةً بالاستغفار {إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ* فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْوانتهيتم من ذلك كلّه {فَاذْكُرُواْ اللهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً}. ويبقى ذكر الله هو الأساس في كلّ حركة من حركات الحج، تذكره وأنت تطوف، وتذكره وأنت تسعى، وتذكره وأنت تقف في عرفات، وتذكره وأنت تفيض من عرفات، وتذكره وأنت تقف في المشعر، وتذكره وأنت تقف في منى، بل تذكره وأنت ترجم الشّيطان. وفي المحصِّلة، أن يكون ذكر الله هو الخطّ الحركي الذي تتحرّك فيه {فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ} وجلستم {فَاذْكُرُواْ اللهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ}، باعتبار العلاقة التي تشدّ الإنسان إلى أبيه، بحيث تجعله يتذكّره دائماً {أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً}، لأنَّ علاقتكم بالله هي أعظم من علاقتكم بآبائكم.

دعاء الدنيا والآخرة

ثم يحدّثنا الله تعالى عن الخطّ الذي عندما نذكره فيه، فإنّنا ندعوه، لأننا إذا ذكرنا الله، شعرنا بالحاجة إليه، وشعرنا بالفقر إليه. فكيف تدعو الله سبحانه وتعالى؟ وما هو مضمون الدعاء؟ إنّ الله يقسّم الناس على حسب عمق الإيمان في نفوسهم: {فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ}، كمن يقول: اللّهمّ أعطني أولاداً، أعطني بيتاً، أعطني مالاً، أعطني صحة، أما أن تقول: اللّهمّ أعطني جنة، أعطني رضواناً، فهذا أمرٌ ثانوي لا يهمّ البعض، بحيث إنه قد لا يفكّر في الآخرة كليةً، لأنه مستغرق في الدنيا، فقد تشغله دنياه حتى وهو بين يدي الله الّذي قال: {وقال ربّكم ادعوني أستجب لكم}، فحتى وهو ماثلٌ بين يدي الله، يعيش الاستغراق في الدنيا، بحيث لا يفكّر أن يطلب من الله أن يرضى عنه، وأن يدخله جنّته وما إلى ذلك {فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ* وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً} فنحن نعيش في الدّنيا، ولنا حاجاتنا، ولنا أمورنا، ولنا قضايانا {وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ* أُولَـئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ}.

وعلى ضوء هذا، فعلى الإنسان عندما يدعوه الله، أن يدعو وهو منفتح عليه، بحيث يضع بين يدي الله دنياه وآخرته، وليطلب من الله أن يعطيه في الدّنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وأن يقيه عذاب النار، ليشهد الله على قلبه أنّه لم يستغرق في الدنيا بحيث تشغله عن آخرته، ولم يفهم الآخرة على أنها ابتعاد عن الدّنيا، فللدّنيا مطالبها، وللآخرة مطالبها.

*من كتاب النّدوة، ج 4.