emamian

emamian

اكد الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي على ضرورة أن تحل الأزمات الاقليمية من خلال الحوار الحقيقي بين دول المنطقة، قائلا: نمد يد الصداقة الى كل دول المنطقة خاصة الجوار.

وجرت مراسم القسم الرئاسي بموجب المادة 121 من الدستور الايراني يوم الخميس، أمام نواب مجلس الشورى الاسلامي وبحضور عشرات الوفود الاجانب، والقادة العسكريين ورئيس السلطة القضائية حجة الاسلام غلامحسين محسني ايجئي.

وفي كلمة القاها بعد اداءه اليمين الدستورية في البرلمان الايراني قال رئيسي: ان تعزيز قوة إيران هي التي توفر الأمن والاستقرار في المنطقة وتكون سدا منيعا بوجه القوى الاستكبارية ، مؤكدا على ضرورة أن تحل الأزمات الاقليمية من خلال الحوار الحقيقي بين دول المنطقة، واضاف: نمد يد الصداقة الى كل دول المنطقة خاصة الجوار.

واضاف رئيسي: نكون إلى جانب المظلوم أينما كان في سوريا أو فلسطين أو أفريقيا أو اليمن، مؤكدا ان التدخل الأجنبي في المنطقة لا يحل أي مشكلة بل هو المشكلة بعينها.

واردف رئيسي قائلا: ان سياسة الضغط والمقاطعة لن تصرف الشعب الإيراني عن مطالبته بحقوقه الشرعية بما فيها العلم، مطالبا برفع كل العقوبات عن إيران.

ولفت الى اننا نرحب بأي مشروع لتحقيق هذه المهمة ، مؤكدا ان البرنامج النووي الإيراني سلمي والسلاح النووي محرم شرعاً في عقيدتنا.

وقال رئيسي في كلمته :ان بزوغ الثورة الإسلامية في إيران فتح فصلا جديدا من الحرية والديمقراطية في البلاد، لافتا ان إرادة الشعب الإيراني تجسدت لمواصلة مسيرة الثورة وتكون البلاد على طريق الحرية والعدالة والتطور، مؤكدا: اعتز أن أكون خادما للشعب الإيراني.

واشار الى ان الانتخابات كانت بداية انطلاقة مشاركة الشعب وليس إنتهاء مشاركته، مؤكدا: نريد أن نستمر بالتعاون البناء مع كل دول العالم.

واكد رئيسي: نريد تشكيل حكومة تحارب الفساد... الشعب يريد حريته الثقافية والإجتماعية... أبناء الشعب يريدون إزالة المضايقات على معيشتهم وأن يعيش المجتمع الفرح...اليوم حان وقتنا لكي نؤدي الأمانة لهذا الشعب العظيم وسوف نشكل حكومة تمثل الوفاق الوطني في البلاد.

واضاف: نحن ملتزمون بمبادىء الثورة الإسلامية في تجفيف الفساد ودعم الاقتصاد الوطني، معربا عن امله بأن يكون المستقبل زاهراً أمامنا ويكون لائقاً بالجمهورية الإسلامية، مؤكدا ان نجاح الشعب الإيراني هو أكبر وأبعد من أي سلطة ويحتاج إلى تعاون الجميع.

 

 
سأل وفد نجران النبيّ (صلى الله عليه وآله) أن يكتب مقدار الجزية التي اتفق على دفعها من قبل أهالى نجران إلى النبي (صلى الله عليه وآله) في كتاب، وأن يضمن النبي (صلى الله عليه وآله) أمن نجران في ذلك الكتاب، فكتب أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب بأمر النبي كتابا هذا نصه:

«بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما كتب النبي محمّد رسول الله لنجران وحاشيتها، إذ كان له عليهم حكمة في كل ثمرة وصفراء وبيضاء وسوداء ورقيق فأفضل عليهم وترك ذلك لهم: ألفي حلة من حلل الأواقي في كل رجب ألف حلة، وفي كل صفر ألف حلة، كل حلة أوقية، وما زادت حلل الخراج أو نقصت عن الأواقي فبالحساب، وما نقصوا من درع أو خيل أو ركاب أو عرض أخذ منهم بالحساب، وعليهم في كل حرب كانت باليمن ثلاثون درعا، وثلاثون فرسا، وثلاثون بعيرا عارية مضمونة لهم بذلك، وعلى أهل نجران مثواة رسلي (واستضافتهم) شهرا فدونه، ولهم بذلك جوار الله وذمة محمّد النبي رسول الله على أنفسهم وملتهم وارضهم واموالهم وبيعهم ورهبانيتهم على أن لا يعشّروا ولا يأكلوا الربا ولا يتعاملوا به فمن أكل الربا منهم بعد ذلك فذمّتي منه بريئة»([1]).
 
أكبر فضيلة:
تعتبر واقعة المباهلة وما نزل فيها من القرآن أكبر فضيلة تدعم موقف الشيعة على مر التاريخ. لأن ألفاظ الآية النازلة في المباهلة ومفرداتها تكشف عن مكانة ومقام من باهل بهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) والذين يتخذهم الشيعة قادة لهم.

فهذه الآية اعتبرت الحسن والحسين أبناء لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وفاطمة الزهراء المرأة الوحيدة التي ترتبط برسول الله (صلى الله عليه وآله) ويصدق عليها عنوان «نسائنا». وقد عبّر عن عليّ (عليه السلام) بأنفسنا فكان علي (عليه السلام) تلك الشخصية العظيمة بحكم هذه الآية بمنزلة نفس رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ترى أية فضيلة أعظم وأسمى من أن ترتفع مكانة المرء من الناحية المعنوية ارتفاعا وتسمو سموا عظيما حتى أنه يوصف صاحبها بأنه بمنزلة نفس النبي([2]).

أليست هذه الآية شاهد صدق على أفضلية أمير المؤمنين علي (عليه السلام) على جميع المسلمين.

لقد ذكر الفخر الرازي الذي عرف الجميع اسلوبه في الابحاث الكلاميّة ومواقفه من القضايا المرتبطة بالإمامة، ذكر استدلال الشيعة بهذه الآية ثم أورد على هذا الاستدلال اعتراضا قليل الأهمية ممّا لا يخفى جوابه على أرباب العلم وأهل المعرفة.

هذا ويستفاد من الأحاديث الواردة عن ائمة أهل البيت أنّ المباهلة لا تختص بالنبي الاكرم بل يجوز أن يتباهل كل مسلم في القضايا الدينية مع من يخالفه ويجادله فيها، وقد جاءت طريقة المباهلة والدعاء المخصوص بها في كتب الحديث، وللوقوف على هذا الامر يراجع كتاب «نور الثقلين»([3]).
 
سيد المرسلين (صلى الله عليه وآله)، آية الله الشيخ جعفر سبحاني

([1]) فتوح البلدان: ص 76، امتاع الاسماع: ص 502 واعلام الورى: ص 78 و79.
([2]) وقد استند رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى هذه الآية في قوله: «علي مني كنفسي».
([3]) نور الثقلين: ج 1 ص 291 و292، وراجع أيضا الكافي ج 2 كتاب الدعاء باب المباهلة، وقد اشار العلامة الطباطبائي في احدى رسائله إلى هذه الموضوع أيضا، ويعتبره من معاجز الاسلام الخالدة.

 

محمود الشربيني

بعد إعلان الرئيس قيس سعيّد تجميد عمل البرلمان وإقالة الحكومة، الأحد 25 تموز/يوليو، يبدو السؤال الأكثر تداولاً: هل ما قام به يمثل تصحيحاً لمسار الثورة التونسية أو أنه انقلاب على الدستور؟

جاء بيان سعيّد بعد أن وعد وتوعّد لأسابيع عانت تونس خلالها معاناة مركّبة، لم تغب عنها الضّائقة الماليّة وجائحة كورونا التي اكتسحت البلاد، والسيولة السياسية التي شلَّت حركة المجتمع، والدّولة التي تشظَّت وتنافس على قيادتها أكثر من رأس، لوجود دستور مفخّخ، لا هو رئاسي، ولا هو برلماني، ولا هو مختلط.

جاءت هذه القرارات منسجمة مع الهبّة الشعبية الطامحة إلى كنس منظومة الحكم الفاسدة، والتي يشير إصبع الاتهام فيها إلى حركة "النهضة" الإسلامية؛ إحدى زعانف التنظيم الدولي للإخوان المسلمين. وقد أظهرت الحركة في السنوات الأخيرة، وخصوصاً بعد "ثورة الياسمين"، أنّها القوة الوحيدة الفعلية والمنظمة في البلد، في حين أنها تحمل مشروعها الخاصّ الّذي يتناقض في الأغلب مع المشروع الثوري التقدّمي ذي الأولويّة الاجتماعيّة.

مشروع "النهضة" يحمل في مضمونه انقلاباً ناعماً على الأهداف الثورية، ويحتمي في الديمقراطية الشكلية المزيفة المعتمدة على استخدام الخطاب الديني حتى تشرعن وجودها. وقد كشفت تصرفاتها التي تُوّجت بوصول زعيمها راشد الغنوشي إلى موقع رئيس مجلس النوّاب، والإتيان برئيس حكومة موالٍ لها وبتوجهاتها الخاصة، أنّها تراهن على الوقت من أجل التمكّن من تونس.

أظهرت "النهضة" أيضاً دهاءً في تعاطيها مع الوضع التونسي. وشيئاً فشيئاً، تسلّلت إلى الإدارات التونسيّة. ترافق ذلك مع تدهور مستمرّ للوضعين الاقتصادي والاجتماعي، في ظلِّ فوضى إدارية. كان واضحاً رهانها على نشر البؤس والتخلّف من أجل التمكّن نهائياً من تونس، ما يجعلها المسؤول الأول عن الانهيار الحادث في البلاد التي تعيش أسوأ أزمة اقتصادية منذ استقلالها في العام 1956.

ليس قيس سعيّد عازفاً منفرداً في مقاومته "النهضة"، التي تتحدّث حالياً عن "انقلاب" قام به رئيس الجمهورية. كان الانقلاب الحقيقي يتمثل في امتناعه عن أخذ المبادرة، وترك الثورة المضادة المتمثلة في مشروع رجعي تقوده حركة "النهضة" والتفرج على بلد ينهار. كلّ ما في الأمر أنّ الرجل تحمّل مسؤوليّاته لا أكثر. الأهمّ من ذلك كلّه أنّ الشعب التونسي أثبت أنّه يرفض الاستسلام للفوضى والتخلّف والمؤسسات الموازية لمؤسسات السلطة التي أنشأتها "النهضة" وتحوّلت إلى ثقوب سوداء في الدولة التونسيّة.

مدى مشروعية قرارات الرئيس قيس سعيّد

استند سعيّد إلى الفصل الثمانين من الدستور التونسي المنصوص فيه: "لرئيس الجمهوريّة في حالة خطر داهم مهدّد لكيان الوطن أو أمن البلاد أو استقلالها، يتعذّر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتّخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية، ويعلن عن التدابير في بيان إلى الشعب".

لا شكَّ في أنّ هذا النصّ أحدث جدلاً واسعاً في تلك اللحظة الحرجة من تاريخ تونس، لأنّه يحتمل أكثر من تأويل، بحسب سياق كلّ حدث، وخصوصاً جملة "في حالة خطر داهم"، ولم يتم تحديد نوع الخطر. إذاً، العملية هنا تقديرية. ولأنَّ رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب هما الطرفان اللذان يشكلان الخطر الداهم على الدولة، فلا مجال لاستشارتهما في تفعيل النص، بل تم تفعيل مضمونه في غياب المحكمة الدستورية.

لا يُحسم هذا الجدل بالشرعية الدستورية والقانونية بقدر مشروعيته الأخلاقية والمجتمعية، لمدى انسجامه مع مزاج الشارع التونسي وإرادته بالتغيير. واعتبر سعيد أنّ الشرعيّة يجب أن تتناغم مع مطالب الشعب، في حين وصفت حركة "النهضة" وزمرة مؤيّديها ما حدث بأنه انقلاب صريح سيؤدي إلى إطاحة النظام الديمقراطي ومكتسباته بعد "ثورة الياسمين".

وفي إطار النظرة العلميّة إلى مصطلح الانقلاب في أدبياتنا، فإنه عمل تآمري على سلطات لها شرعيتها الدستورية، ومحصنة بقبول شعبي، وتحظى بثقة متبادلة مع كل أركان الدولة والمواطن، وهو ما لم يحدث مطلقًا، بل نحن أمام سخط شعبي كبير على أداء مؤسّسات الحكم، وعلى رأسها البرلمان والحكومة، في ظلِّ وجود خلل في المنظومة الدستورية والبنية السياسية غير المكتملة، حتى إنَّ المحكمة الدستورية لم تؤسّس بعد.

العوامل الداعمة لقرارات سعيّد

ثمة عوامل دعمت قرارات الرئيس لتصحيح المسار وإنقاذ البلاد من أي فوضى محتملة، وهي:

-        استقلاليّة شخصيّته من أيّ نفوذ في الداخل أو الخارج.

-        نظافة يده ونزاهته المشهودة له من المعارض قبل المؤيد.

-        انتخابه المباشر بنسبة كبيرة تفوق 73%، ما يفيض له شرعية غير مسبوقة مقارنة بأي جهة منتخبة، ويرسّخ قبوله شعبياً، وخصوصاً في الأوساط الشبابية، علاوةً على رفضه القاطع للتطبيع وتجريمه.

-        دعم المؤسّستين الأمنية والعسكرية له، وهو الدعم الذي جاء بعد لقائه قياداتهما، والتنسيق المسبق والاتفاق على تحديد نقطة للتحرك المحسوب بعناية فائقة.

-        وقوف أعمدة الحركة الوطنية التونسية مع القرارات، وعلى رأسها الاتحاد العام التونسي للشغل، والذي يحظى بتوافق شعبي كبير، لما له من مواقف نضالية وثورية، فيما دعمت الخطوة أهم الأحزاب الوازنة في الحياة السياسية، وأكثرها وجوداً داخل المجلس النيابي، وعلى رأسها حزب حركة "الشعب" الناصري وحزب "التحالف الديمقراطي"، وغيرها من الأحزاب والقوى التقدمية والحركات الثورية والشبابية.

-        قلّة عدد المشاركين في التظاهرات الداعمة لائتلاف حزب حركة "النهضة" مثلما كان متوقعاً. ولوحظت قلة عدد النواب الذين انضموا إلى رئيسه المعتصم أمام المجلس بعد أن أغلقته قوات الأمن.

وعلى الرغم من حزمة العوامل الداعمة والظروف الاستثنائية التي أتيحت للرئيس لاتخاذ تلك الإجراءات التاريخية، فإنَّ ثمة تحديات تواجه المسار، تتمثل في عدم وجود إجماع أو توافق بين الطبقة السياسية التونسية على كيفية السير إلى الأمام، فهناك تجاذبات كبيرة بينهم بسبب حدة خطاب النخبة السياسية، وهناك منسوب عالٍ من عدم الثقة وتبادل الاتهامات، متزامنة مع احتقان في الشارع.

وبالتالي، إنّ الأزمة الحالية صناعة محلّية، وأبطالها ساسة منشغلون بخلافاتهم، وربما برعاية إقليمية، وآخر يتمثل في الخلاف القائم بين المؤسسات الدستورية، والتي يوظفها أعداء الثورة التي ما زالت تبحث عن طريقها وتطهر نفسها بأن الديمقراطية لا تصلح لنا، في محاولة العودة إلى الوراء، إلا أن رهان الرجل ما زال يرتكز على الشارع التونسي وضميره الحيّ لإنقاذ البلاد والاصطفاف حول قراراته.

تونس الّتي تعدّ استثناءً بين الدول العربية التي شهدت ثورات حقّقت تقدماً في العملية الديمقراطيّة، لكن هذه الديمقراطية هشة ومهددة ما دامت تتمكّن منها قوى اليمين الديني والرجعي والمال السياسي الّذي استغل حاجة أغلبية المجتمع الفقير وقوة الدولة العميقة الفاسدة المتجذرة، فبقيت شكلية فقط من دون مضمون حقيقي يحمي مكتسبات الثورة.

إن الرهان على المسألة الديمقراطية مرتبط بتوفير أدواتها، من وعي شعبي وقوى تقدمية منظمة كطليعة لعملية التغيير الجذري الشامل وخارطة طريق يحميها دستور يجسد المتطلبات الشعبية، ويسد الثغرات والفراغات التي يمكن الالتفاف حولها، كما يسعى الرئيس إلى الذهاب بها إلى تغيرات جذرية في سبيل تحقيق أهداف الثورة (شغل وحرية وكرامة وطنية). إن تونس الآن أمام مخاض عسير وتفاؤل حذر.

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الميادين وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً

محمود الشربيني

كاتب سياسي مصري

مرةً جديدة وفي محاولة لانقاذ البلاد على جميع النواحي، كلف الرئيس اللبناني ميشال عون رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة الجديدة.

رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي وبعد تكليفه مباشرة قال ان لبنان كان على شفير الانهيار وأمام حريق يمتد إلى كل بيت لذلك قرر أخذ مهمة الانقاذ. واكد ميقاتي انه بحاجة لثقة الشعب اللبناني، معتبرا ان المهمة صعبة لكنها تنجح اذا تضافرت الجهود.

وعلى إثر استشارات نيابية ملزمة أجراها الرئيس اللبناني، حصل ميقاتي على 72 صوتا في البرلمان من اصل مائة وثمانية عشر صوت فيما حصل المرشح نواف سلام على صوت واحد وامتنع اثنين واربعين نائبا عن التصويت بالاضافة الى غياب ثلاث نواب.

وعلى الرغم من عدم تسمية اي مرشح، قال رئيس تكتل لبنان القوي النائب جبران باسيل ان امام الرئيس المكلف نجيب ميقاتي فرصة شهر لتصحيح الخطأ في تشكيل الحكومة، واكد باسيل على اهمية وضرورة الاسراع في تشكيلها.

ومع ان الرئيس ميقاتي قد ترأس الحكومة اللبنانية في السابق مرتين، الأولى عام 2005 والثانية عام2011، الا ان المهمة هذه تبدو صعبة بعد فشل محاولتان لتأليف مجلس للوزراء يتولى مهمة إخراج البلاد من دوامة الانهيار الاقتصادي المتسارع.

ويأتي تكليفه إثر اعتذار رئيس الحكومة السابق سعد الحريري بعد تسعة أشهر من تسميته لتأليف الحكومة، وذلك بعدما حالت الخلافات السياسية الحادة دون إتمامه المهمة، وقبل الحريري، اعتذر مصطفى أديب، عن اتمام المهمة جراء الخلافات بين القوى السياسية.

 

الثلاثاء, 27 تموز/يوليو 2021 11:59

مبدأ عيد الغدير الأغر

 
إن عهد عيد الغدير يمتد إلى أمد قديم متواصل بالدور النبويّ، فكانت البدأة به يوم الغدير من حجّة الوداع بعد أن أصحر نبيُّ الإسلام (صلى الله عليه وآله) بمرتكز خلافته الكبرى، وأبان للملأ الديني مستقر إمرته من الوجهة الدينيَّة والدنيويَّة، وحدَّد لهم مستوى أمر دينه الشامخ، فكان يوماً مشهوداً يسرُّ موقعه كلّ معتنق للاسلام، حيث وضح له فيه منتجع الشريعة، ومنبثق أنوار أحكامها، فلا تلويه من بعده الأهواء يميناً وشمالاً، ولا يسفّ به الجهل إلى هوّة السفاسف وأيّ يوم يكون أعظم منه؟ وقد لاح فيه لاحب السنن، وبان جدد الطريق، وأكمل فيه الدين، وتمَّت فيه النعمة، ونوّه بذلك القرآن الكريم.
 
وإن كان حقّاً اتخاذ يوم تسنّم فيه الملوك عرش السلطنة عيداً يحتفل به بالمسرّة والتنوير وعقد المجتمعات وإلقاء الخطب وسرد القريض وبسط الموائد كما جرت به العادات بين الأمم والأجيال، فيوم استقرّت فيه الملوكيّة الإسلاميّة والولاية الدينيّة العظمى لمن جاء النصّ به من الصادع بالدين الكريم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى، أولى أن يُتّخذ عيداً يُحتفل به بكلّ حفاوةٍ وتبجيلٍ، وبما أنّه من الأعياد الدينية يجب أن يزاد فيه على ذلك بما يقرّب إلى الله زلفى من صوم وصلاة ودعاء وغيرها من وجوه البرّ، كما سنوقفك عليه في الملتقى إن شاء الله تعالى.
 
ولذلك كلّه أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) مَن حضر المشهد من أُمته، ومنهم الشيخان ومشيخة قريش ووجوه الأنصار، كما أمر أُمَّهات المؤمنين، بالدخول على أمير المؤمنين (عليه السلام) وتهنئته على تلك الحظوة الكبيرة بإشغاله منصَّة الولاية ومرتبة الأمر والنهي في دين الله.
 
حديث التهنئة:
أخرج الإمام الطبري محمد بن جرير في كتاب الولاية حديثاً بإسناده عن زيد بن أرقم، مرّ شطر كبير منه ص 214 ـ 216([1])، وفي آخره فقال:
«معاشر الناس، قولوا: أعطيناك على ذلك عهداً عن أنفسنا وميثاقاً بألسنتنا وصفقةً بأيدينا نؤدِّيه إلى أولادنا وأهالينا لا نبغي بذلك بدلاً وأنت شهيدٌ علينا وكفى بالله شهيداً، قولوا ما قلت لكم، وسلِّموا على عليٍّ بإمرة المؤمنين، وقولوا: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ﴾([2]) فإنَّ الله يعلم كلّ صوت وخائنة كلّ نفس، ﴿فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيم﴾([3])، قولوا ما يُرضي الله عنكم ف ﴿إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ﴾([4])».
قال زيد بن أرقم: فعند ذلك بادر الناس بقولهم: نعم سمعنا وأطعنا على أمر الله ورسوله بقلوبنا، وكان أوَّل من صافق النبيَّ (صلى الله عليه وآله) وعليّاً: أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وباقي المهاجرين والأنصار وباقي الناس، إلى أن صلّى الظهرين في وقت واحد، وامتد ذلك إلى أن صلَّى العشاءين في وقت واحد، وأوصلوا البيعة والمصافقة ثلاثاً([5]).
ورواه أحمد بن محمّد الطبريُّ الشهير بالخليلي في كتاب مناقب عليّ بن أبي طالب، المؤلَّف سنة 411 بالقاهرة، من طريق شيخه محمّد بن أبي بكر بن عبد الرحمن، وفيه:
فتبادر الناس إلى بيعته وقالوا: سمعنا وأطعنا لِما أمرنا الله ورسوله بقلوبنا وأنفسنا وألسنتنا وجميع جوارحنا، ثمّ انكبّوا على رسول الله وعلى عليٍّ بأيديهم، وكان أوَّل من صافق رسول الله([6]) أبو بكر وعمر وطلحة والزبير ثمّ باقي المهاجرين والناس على طبقاتهم ومقدار منازلهم، إلى أن صُلّيت الظهر والعصر في وقت واحد والمغرب والعشاء الآخرة في وقت واحد، ولم يزالوا يتواصلون البيعة والمصافقة ثلاثاً، ورسول الله كلّما بايعه فوجٌ بعد فوج يقول: «الحمد لله الذي فضَّلنا على جميع العالمين»، وصارت المصافقة سنّة ورسماً، واستعملها مَن ليس له حقٌّ فيها.
 
وفي كتاب النشر والطيّ([7]):
فبادر الناس بنعم نعم سمعنا وأطعنا أمر الله وأمر رسوله آمنّا به بقلوبنا، وتداكوا على رسول الله وعليّ بأيديهم، إلى أن صُلِّيت الظهر والعصر في وقت واحد وباقي ذلك اليوم إلى أن صُلّيت العشاءان في وقت واحد، ورسول الله كان يقول كلّما أتى فوجٌ: «الحمد للهِ الذي فضّلنا على العالمين»([8]).
وقال المولوي ولي الله اللكهنوي في مرآة المؤمنين في ذكر حديث الغدير ما معرّبه:
فلقيه عمر بعد ذلك فقال له: هنيئاً يا بن أبي طالب، أصبحت وأمسيت... إلى آخره، وكان يُهنّئ أمير المؤمنين كلُّ صحابيٍّ لاقاه([9]).
وقال المؤرخ ابن خاوند شاه المتوفّى 903 في روضة الصفا([10]) في الجزء الثاني من 1: 173 بعد ذكر حديث الغدير ما ترجمته: ثمّ جلس رسول الله في خيمة تختصّ به، وأمر أمير المؤمنين عليّاً (عليه السلام) أن يجلس في خيمة أُخرى، وأمر اطباق الناس بأن يهنئوا عليّاً في خيمته، ولَمّا فرغ الناس عن التهنئة له أمر رسول الله أمّهات المؤمنين بأن يسرن إليه ويهنئنه ففعلن، وممَّن هنَّأه من الصحابة عمر بن الخطاب فقال: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب، أصبحت مولاي ومولى جميع المؤمنين والمؤمنات([11]).
وقال المؤرِّخ غياث الدين المتوفى 942 في حبيب السير([12]) في الجزء الثالث من 1: 144 ما معرّبه:
ثمّ جلس أمير المؤمنين بأمر من النبيّ (صلى الله عليه وآله) في خيمة تختصّ به يزوره الناس ويهنئونه وفيهم عمر بن الخطاب، فقال: بخٍ بخٍ يا ابن أبي طالب، أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة، ثمّ أمر النبيّ أُمهات المؤمنين بالدخول على أمير المؤمنين والتهنئة له([13]).
وخصوص حديث تهنئة الشيخين رواه من أئمّة الحديث والتفسير والتاريخ من رجال السنّة كثيرٌ لا يستهان بعدّتهم، بين راوٍ مرسلاً له إرسال المسلّم، وبين راوٍ إيّاه بمسانيد صحاح برجال ثقات تنتهي إلى غير واحد من الصحابة: كابن عباس، وأبي هريرة، والبراء بن عازب، وزيد بن أرقم.
 
عيد الغدير في الإسلام، العلامة الأميني

([1]) أي: 1: 214 ـ 216 من كتابه الغدير.
([2]) الأعراف: 43.
([3]) الفتح: 10.
([4]) الزمر: 7.
([5])كتاب الولاية: نقل عنه بواسطة كتاب ضياء العالمين، وروى الفتال في روضة الواعظين: مثله عن الإمام الباقر (عليه السلام).
([6]) فيه سقط تعرفه برواية الطبري الأول (المؤلّف (قدس سره))
([7]) قال السيد ابن طاوس: فمن ذلك ما رواه عنهم مصنّف كتاب الخالص، المسمّى بالنشر والطي، وجعله حجة ظاهرة باتفاق العدوّ والوليّ، وحمل به نسخة إلى الملك شاه مازندران رستم بن عليّ لمّا حضره بالري. الإقبال 2: 240.
([8]) النشر والطيّ: وعنه في الإقبال لابن طاوس 2: 247، ط مكتب الاعلام الإسلامي.
([9]) مرآة المؤمنين: 41.
([10]) ينقل عنه عبد الرحمن الدهلوي في مرآة الأسرار وغيره معتمدين عليه (المؤلّف (قدس سره)).
([11]) تاريخ روضة الصفا 2: 541، ط انتشارات خيام.
([12]) في كشف الظنون 1: 419: أنه من الكتب الممتعة المعتبرة، وعدّه حسام الدين في مرافض الروافض من الكتب المعتبرة، واعتمد عليه أبو الحسنات الحنفي في الفوائد البهية وينقل عنه في: 86 و87 و90 و91 وغيرها (المؤلّف (قدس سره)). راجع: كشف الظنون 1: 629، ط وكالة المعارف الجليلة.
([13]) حبيب السير 1: 411.

 

الثلاثاء, 27 تموز/يوليو 2021 11:57

ماذا قدّمت لغدٍ؟!


قال تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ﴾([1])

إشارات:
‏- يكرّر الله سبحانه وتعالی في هذه الآية الأمر بالتقوی، وهذا يفيد التأكيد، ومضافاً إليه يمكن أن يدلّ التكرار علی المعاني الآتية:
‏١- الدعوة الأولی تتعلّق بأصل العمل، والثانية تتعلّق بكيفيّة أدائه.
‏٢- الدعوة الأولی هي دعوة إلی فعل الخير، والثانية هي دعوة إلی ترك المحرّمات.
‏٣- وربّما تكون الدعوة الأولی دعوة إلی التوبة، والثانية دعوة إلی التزوّد للآخرة.
‏- عن الإمام الصادق (عليه السلام)، عن رسول الله (صلی الله عليه وآله): "تصدّقوا ولو بصاع من تمر، ولو ببعض صاع، ولو بقبضة، ولو ببعض قبضة، ولو بشقّ تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيّبة، فإنّ أحدكم لاقی الله فيقال له: ألم أفعل بك؟ ألم أفعل بك؟ ألم أجعلك سميعاً بصيراً؟ ألم أجعل لك مالاً وولداً؟ فيقول: بلی، فيقول الله تبارك وتعالی: فانظر ما قدّمت لنفسك، قال، فينظر قدّامه وخلفه وعن يمينه وعن شماله، فلا يجد شيئاً يقي به وجهه من النار([2]).

التعاليم:
‏١- الإيمان هو الأرضيّة المساعدة علی التقوی، والتقوی هي الشرط الذي يرتّب النفع علی الإيمان: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا«.
‏٢- علی الإنسان أن لا يراهن علی فعل ورثته الخير له، بل عليه أن يفكّر هو نفسه في آخرته، ويعدّ العدّة لها: «وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ«.
‏٣- علينا أن ننعم النظر في ما ندّخره لآخرتنا بوصفه عملاً صالحاً: «وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ«.
‏٤- محاسبة النفس من الواجبات: «وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ»، (فإذا لم ننظر اليوم ونتأمّل فسوف نشعر بالخجل والحياء يوم القيامة من تقصيرنا: «يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا»([3]).
‏٥- ليس يوم القيامة بعيداً: «لِغَدٍ» (وفي محلٍّ آخر يقول سبحانه وتعالی: «إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا وَنَرَاهُ قَرِيبًا»([4]).
‏٦- بعد النظر والتفكير في العاقبة، من لوازم الإيمان: «مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ«.
‏٧- التقوی من دواعي محاسبة النفس، ومحاسبة النفس سبب للرشد وتمتين حالة التقوی: فقد ورد قوله تعالی: «وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ»، بين أمرين بالتقوی.
‏٨- لا ينبغي أن يعدّ الإنسان نفسه في مأمنٍ في أيّ فترة من فترات حياته: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ... واتَّقُوا اللَّهَ«.
‏٩- الإيمان بخبرة الله وسعة علمه، من العوامل المساعدة علی التقوی: «وَاتَّقُوا اللَّهَ...إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ«.

تفسير النور، سماحة الشيخ محسن قراءتي

([1]) سورة الحشر، آية 18
([2]) تفسير نور الثقلين، ج٥، ص٣١٣.
([3]) سورة النبأ: الآية ٤.
([4]) سورة المعارج: الآية ٦.

 

قرارات الرئيس تقسم الشارع التونسي بين مؤيد ومعارض؛ في بلد يتأرجح على محك نهاية الديمقراطية.

ردود الفعل حول اختبار الديمقراطية هذا؛ أجمعت على ضرورة ان تنتهج الأطراف التونسية طريق الحوار لتجاوز الأزمة.

وأبدت أطراف عدة في العالم قلقها من تبعات الاجراءات الرئاسية المفاجئة.

وحث الاتحاد الأوروبي الأطراف السياسية الفاعلة على احترام الدستور، ودعا كافة الأطراف في تونس إلى احترام الدستور ومؤسساته وسيادة القانون، والتزام الهدوء وتجنب اللجوء إلى العنف حفاظا على استقرار البلاد.

وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف في تصريح مقتضب إن بلاده تراقب التطورات في تونس. وأعرب عن أمله ألا يهدد شئ استقرار وأمن الشعب التونسي.

بدورها أعربت وزارة الخارجية الألمانية عن قلقها مما يجري وأملها في عودة تونس إلى النظام الدستوري في أقرب وقت ممكن. وأشارت إلى انها لا ترغب بالحديث عن انقلاب؛ وانها ستبحث الوضع مع السفير التونسي وأبدت جاهزيتها للانخراط في مباحثات.

ودعت الخارجية التركية إلى إعادة إرساء الشرعية الديموقراطية؛ وقالت إن الحفاظ على إنجازات تونس الديموقراطية، له أهمية كبيرة للمنطقة وكذلك لتونس.

فيما دعت وزارة الخارجية القطرية أطراف الأزمة التونسية إلى "تغليب صوت الحكمة وتجنب التصعيد"؛ وأعربت عن أمل الدوحة في أن تنتهج الأطراف التونسية طريق الحوار لتجاوز الأزمة.

وفي اليمن، قال عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي في رسالة موجهة الى سعيد؛ إن "العمل على اللحمة الداخلية والحفاظ على الوطن هو المعيار الحقيقي لأي معالجات.

وقال الجنرال الليبي المتقاعد خليفة حفتر؛ إن تونس تخلصت من أكبر عثرة في طريق تطورها بعد الانتفاضة ضد الإخوان.

هذه الأزمة قد تسلك منحينات مختلفة.. وفي قراءة السناريوهات المحتملة؛ يرى متابعون للشأن التونسي أن أحدها قد يكون العنف في الشارع.

فيما يرى آخرون سيناريو مختلف يتمثل في تعيين الرئيس لرئيس وزراء جديد أو عكس ذلك باحكام قبضته على مفاصل البلاد.

وربما باستغلال الازمة لتحويل النظام في البلاد إلى نظام رئاسي؛ أو ربما تفضي التغيرات إلى حوار واتفاق سياسي جديد

المصدر:العالم

الثلاثاء, 27 تموز/يوليو 2021 11:54

لماذا واقعة الغدير خالدة؟

 
لقد تعلّقت المشيئة الربانية بأن تبقى واقعة الغدير التاريخية في جميع القرون والعصور كتاريخ حيّ يجتذب القلوب والافئدة، ويكتب عنه الكتّاب الاسلاميون في كل عصر وزمان ويتحدثون حوله في مؤلفاتهم المتنوعة في مجال التفسير والتاريخ والحديث والعقائد، كما يتحدث حوله الخطباء في مجالس الوعظ ومن فوق صهوات المنابر، ويعتبرونها من فضائل الإمام «علي» الذي لا يتطرق إليها أي شك أو ريب.

ولم يقتصر هذا على الكتّاب والخطباء بل استلهم الشعراء من هذه الواقعة الكبرى التي فجرت بالتفكير حول هذه الحادثة، وبالاخلاص لصاحب الولاية ينابيع التعبير في وجودهم فأنشئوا أروع القصائد، وجادت قرائحهم بأنواع مختلفة من القصيد الجميل، وخلّفوا لمن بعدهم وبلغات مختلفة آثارا أدبية ولائية خالدة.

ولهذا قلّما نجد حادثة تاريخية حظيت في العالم البشري عامة وفي التاريخ الاسلامي والامة الاسلامية خاصة بمثل ما حظيت به واقعة الغدير، وقلما استقطبت اهتمام الفئات المختلفة من المحدّثين والمفسرين والكلاميين والفلاسفة، والشعراء والأدباء، والكتّاب والخطباء، وارباب السير والمؤرخين كما استقطبت هذه الحادثة، وقلّما اعتنوا بشيء مثلها اعتنوا بها.
 
إن من أسباب خلود هذه الواقعة الكبرى ودوام هذا الحديث هو: نزول آيتين من آيات القرآن الكريم فيها([1])، فما دام القرآن الكريم باقيا مستمرا يتلى آناء الليل وأطراف النهار تبقى هذه الحادثة في الاذهان والنفوس ولا تمحو خاطرتها من العقول والقلوب.
وحيث إن المجتمع الاسلاميّ في العصور الغابرة وكذا الطائفة الشيعية كانوا يعتبرون هذا اليوم عيدا كبيرا من الأعياد الدينية، وكانوا يقيمون فيها ما يقيمونه من المراسيم في الأعياد الاسلامية لهذا فإن هذه الحادثة التاريخية (حادثة الغدير) قد اتخذت طابع الابديّة والخلود الذي لا تمحى معه خاطرتها من الأذهان والخواطر.

هذا ويستفاد من مراجعة التاريخ بوضوح أن اليوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة الحرام كان معروفا بين المسلمين بيوم عيد الغدير وكانت هذه التسمية تخطى بشهرة كبيرة إلى درجة أن ابن خلّكان يقول حول «المستعلي بن المستنصر»: فبويع في يوم غدير خمّ وهو الثامن عشر من شهر ذي الحجة سنة 487([2]).

وقال في ترجمة المستنصر بالله العبيدي: وتوفي ليلة الخميس لا ثنتي عشرة ليلة بقيت من ذي الحجة سنة سبع وثمانين واربعمائة، قلت: وهذه هي ليلة عيد الغدير اعني ليلة الثامن عشر من شهر ذي الحجة وهو غدير خم([3]).

وقد عدّه ابو ريحان البيروني في كتابه «الآثار الباقية» ممّا استعمله أهل الاسلام من الأعياد([4]).
 
وليس ابن خلّكان وابو ريحان البيروني، هما الوحيدان اللذان صرّحا بكون هذا اليوم هو عيد من الاعياد، بل هذا الثعالبيّ قد اعتبر هو الآخر ليلة الغدير من الليالي المعروفة بين المسلمين([5]).
 
إن عهد هذا العيد الاسلامي وجذوره ترجع إلى نفس يوم «الغدير» لأن النبي (صلى الله عليه وآله) أمر المهاجرين والانصار بل أمر زوجاته ونساءه في ذلك اليوم بالدخول على «عليّ» (عليه السلام) وتهنئته بهذه الفضيلة الكبرى.
يقول زيد بن ارقم: كان أول من صافق النبي (صلى الله عليه وآله) وعليا: أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وباقي المهاجرين والانصار وباقي الناس([6]).
 
الدلائل الاخرى على أبديّة الغدير:
ويكفي في أهميّة هذا الحدث التاريخي أنّ هذه الواقعة التاريخية رواها مائة وعشرة صحابيّ، على أن هذه العبارة لا تعني أنّ رواية هذه الواقعة اقتصرت على هؤلاء المائة والعشرة من ذلك الحشد الهائل بل يعني أن هؤلاء جاء ذكرهم في كتب أهل السنّة ومصنفاتهم.
 
صحيح أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ألقى خطابه المذكور الذي تضمّن نصب عليّ (عليه السلام) للخلافة في مائة الف او يزيدون من الناس ولكن كثيرا منهم كانوا قد أتوا من مناطق نائية من الحجاز ولهذا لم يروعنهم هذا الحديث، كما ان كثيرا من الذين حضروا ذلك المشهد التاريخي العظيم رووا ونقلوا للآخرين هذا الحديث ولكن التاريخ لم يوفق لذكر أسمائهم، أو إذا تمّ ذلك لكن لم يصل إلينا.
 
ثم إنّه روى هذا الحديث في القرن الثاني الاسلاميّ وهو عصر التابعين تسعة وثمانون تابعيا.
وقد بلغ عدد من روى حديث «الغدير» في القرون اللاحقة في كتابه من علماء أهل السنة وفضلائهم ثلاثمائة وستون شخصا، وصحّحه جمع كبير منهم واعترفوا بتواتره.
ففي القرن الثالث رواه
اثنان وتسعون عالما.
وفي القرن الرابع رواه
أربعة واربعون.
وفي القرن الخامس رواه
أربعة وعشرون.
وفي القرن السادس رواه
عشرون.
وفي القرن السابع رواه
واحد وعشرون.
وفي القرن الثامن رواه
ثمانية عشر.
وفي القرن التاسع رواه
ستة عشر.
وفي القرن العاشر رواه
أربعة عشر.
وفي القرن الحادي عشر رواه
اثنا عشر.
وفي القرن الثاني عشر رواه
ثلاثة عشر.
وفي القرن الثالث عشر رواه
اثنا عشر.
وفي القرن الرابع عشر رواه
عشرون عالما.
ولم يكتف البعض بنقل ورواية هذا الحديث في كتبهم ومؤلّفاتهم بل ألّفوا حوله رسائل أو كتبا مستقلة.
وقد ألّف المؤرخ الاسلامي الكبير «الطبري» كتابا في هذا المجال أسماه «الولاية في طرق حديث الغدير» روى فيه هذا الحديث عن النبي بخمس وسبعين سندا.
 
ولقد روى «ابن عقدة» في رسالة «الولاية» هذا الحديث بمائة وخمسين حديثا.
وروى أبو بكر محمّد بن عمر البغدادي المعروف بالجمعاني هذا الحديث بخمس وعشرين سندا.
كما روى من علماء الحديث هذه الواقعة نظراء:
أحمد بن حنبل الشيباني
بـ 40 سندا
ابن حجر العسقلاني
بـ 25 سندا
الجزري الشافعي
بـ 80 سندا
أبو سعيد السجستاني
بـ 120 سندا
الأمير محمّد اليمني
بـ 40
النسائي
بـ 250 سندا
أبو العلاء الهمداني
بـ 100 سندا
أبو العرفان الحبان
بـ 30 سندا
 
وبلغ عدد من ألّف رسالة خاصة أو كتابا مستقلا حول هذه الواقعة وخصوصياتها وتفاصيلها 26 شخصا ولعلّ هناك غيرهم ممن ألّف كتابا أو رسالة مستقلّة حول هذه الحدث التاريخي الهامّ لم يذكر التاريخ أسماءهم، أو ضاعت مؤلفاتهم مع التطورات التي طرأت على الأمة الإسلامية وضيّعت الكثير من تراثها الفكريّ خلال عمليات الاغارة والنهب أو الهدم والإحراق (ولقد اقتبسنا كل هذه الاحصاءات من كتاب الغدير الجزء الاول).
ولقد كتب علماء الشيعة كتبا قيمة حول هذه الواقعة أجمعها واشملها كتاب «الغدير» بقلم العلامة الجليل والكاتب الاسلامي القدير المرحوم آية الله الشيخ الأميني (قدس سره)، والذي يقع في أحد عشر مجلدا في ما يقرب من ستة آلاف صفحة، وقد استفدنا كثيرا من تلك الموسوعة في تنظيم الفصل الحاضر.
 
ثم ان النبي (صلى الله عليه وآله) لم يلبث ان نزل عليه قوله تعالى بعد نصبه عليا لإمرة المسلمين في تلك الواقعة:
«الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً»([7]).
فكبّر النبي (صلى الله عليه وآله) بصوت عال ثم أضاف قائلا:
«الحمد لله على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضى الربّ برسالتي، وولاية عليّ بن أبي طالب من بعدى».
ثم نزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) من ذلك المنبر المصنوع من حدائج الابل وأمر امير المؤمنين عليّا (عليه السلام) أن يجلس في خيمة وأمر أطباق الناس وكلّ من حضر المشهد من امته ومنهم الشيخان ومشيخة قريش ووجوه الأنصار كما أمر امّهات المؤمنين بالدخول على أمير المؤمنين (عليه السلام) وتهنئته على تنصيبه لمنصب الامامة والخلافة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله).
ففعل الناس ذلك وانكبّوا على «علي» (عليه السلام) بأيديهم وكان أول من صافق وهنأ عليّا أبو بكر وعمر واصفين إياه بالولاية.
وهنا قام «حسان بن ثابت الأنصاري» شاعر الاسلام واستأذن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أن ينشد شعرا بهذه المناسبة، فأذن له رسول الله (صلى الله عليه وآله) قائلا: قل على بركة الله.

 
فقام حسان وقال:
يناديهم يوم الغدير نبيهم
 بخم وأسمع بالنبيّ مناديا
 وقد جاءه جبريل عن أمر ربّه
 بأنّك معصوم فلا تك وانيا
 وبلّغهم ما انزل الله ربهم
 إليك ولا تخشى هناك الأعاديا
 فقام به إذ ذاك رافع كفّه
 بكف عليّ معلن الصوت عاليا
 فقال فمن مولاكم ووليّكم
 فقالوا ولم يبدوا هناك تعاميا
 إلهك مولانا وأنت وليّنا
 ولن تجدن فينا لك اليوم عاصيا
 فقال له: قم يا عليّ فإنني
 رضيتك من بعدي إماما وهاديا
 فمن كنت مولاه فهذا وليّه
 فكونوا له أنصار صدق مواليا
 هناك دعا اللهم وال وليّه
 وكن للذي عادى عليّا معاديا
 فيا ربّ انصر ناصريه لنصرهم
 امام هدى كالبدر يجلو الدياجيا

  
ولقد كان هذا الحديث على مدى التاريخ الاسلامي اكبر دليل على أفضلية علي (عليه السلام) على جميع صحابة النبي (صلى الله عليه وآله) كافة، حتى أن أمير المؤمنين عليا (عليه السلام) احتج به مرارا فقد احتج به في مجلس الشورى الذي عقد لتعيين الخليفة عقيب وفاة الخليفة الثاني، وفي أيام خلافة عثمان وفي أيام خلافته (عليه السلام) أيضا، كما أن شخصيات كثيرة من وجوه المسلمين احتجوا به على منكري حق عليّ وأفضليته وكان ذلك دأبهم دائما وأبدا.
 
سيد المرسلين (صلى الله عليه وآله)، آية الله الشيخ جعفر سبحاني

([1]) المائدة: 67 و 3.
([2])وفيات الأعيان: ج 1 ص 60.
([3])وفيات الأعيان: ج 1 ص 60.
([4])ترجمة الآثار الباقية: ص 395 الغدير: ج 1 ص 267.
([5])ثمار القلوب: ص 511.
([6]) راجع مصدره في الغدير: ج 1 ص 270.
([7]) المائدة: 1 و3.

 

بايدن خلال استقباله رئيس الوزراء العراقي مصطفي الكاظمي في البيت الأبيض (أ ف ب)

أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، خلال استقباله رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي اليوم الإثنين، إنّ بلاده "ستنهي مهمتها القتالية في العراق خلال العام الحالي".

وقال بايدن: "نحن ملتزمون بتعزيز الشراكة مع العراق، ودورنا هناك هو المساعدة في التدريب والتصدي لداعش".

من جهته، أعرب الكاظمي عن "سعادته باستمرار التعاون مع الولايات المتحدة"، قائلاً إنّ "علاقتنا مع واشنطن ذات جوانب عديدة".

وكان الكاظمي أكد أنّ بلاده لم تعد بحاجة إلى قوات قتالية أميركية لمحاربة تنظيم "داعش".

وأفاد مراسل الميادين بأنَّ مسؤولين أميركيين أعلنوا أنَّه "تمَّ الاتفاق على سحب القوات القتالية الأميركية من العراق".

وأضاف مراسلنا أنَّ "الاتفاق تضمّن الاستعاضة عن القوات العسكرية الأميركية باستشاريين عسكريين". كما تضمّن الاتفاق جدولاً زمنيّاً "تنتهي بموجبه مهمة القوات الأميركية في العراق بحلول نهاية العام الجاري".

ورفضت فصائل عراقية تصريحات واشنطن التي قالت بأن الوجود الأميركي في العراق لا يزال مطلوباً لمواجهة تنظيم "داعش"، وتتمسك بخروجٍ كامل لقواتها. حيث أعلن مستشار الأمن القومي العراقي  قاسم الأعرجي أنَّه تمَّ التأكيد للجانب الأميركي "ألا حاجة للعراق بأي قوة قتالية أجنبية" على أراضيه.

وكان وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، صرّح أن قوات بلاده الأمنية "لا تزال بحاجة إلى البرامج التي تقدمها الولايات المتحدة المتعلقة بالتدريب والتسليح والتجهيز وبناء القدرات".

من جهته، قال الأمين العام لعصائب أهل الحق قيس الخزعلي إن تصريح وزير الخارجية العراقي عن الحاجة للقوات الأميركية "مؤسف"، مشيراً إلى أن "التصريح مرفوض ولا يعكس حقيقة القدرات التي وصلت اليها القوات العراقية".

 

تصادف اليوم 15 ذي الحجة الحرام ذكرى مولد الامام علي بن محمد الهادي، العاشر من ائمة اهل البيت عليهم السلام الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وبهذه المناسبة السعيدة نهنئ جميع المسلمين في شتى انحاء العالم ونستعرض قبسات من حياته الشريفة.

الإمام الهادي (ع)، هو أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن موسى عاشر أئمة الشيعة الإمامية والمعروف بالنقي والهادي، وقد امتدت إمامته 34 سنة منذ وفاة أبيه الجواد  [عليه السلام]  سنة 220 هجرية حتى رحيله  [عليه السلام]  سنة 254 هجرية.

قضى أكثر سنوات إمامته في مدينة سامراء، وكان ذلك بأمر من الحاكم العباسي، وعاصر بعض حكام العباسيين أشهرهم المتوكل، وللإمام مرقد في سامراء يقصده المسلمون، وقد تعرض سنة 2006 و2007 م لعمليتين تخريبيتين قامت بها مجموعات وهابية تكفيرية أدّت إلى تدمير القبة والمنائر بالكامل.

سجّلت المصادر الحديثة الكثير من الأحاديث المروية عنه في مجال تفسير القرآن والفقه والأخلاق بالإضافة إلى الزيارة الجامعة التي تحتوي مضامين عقائدية، وتلقي الأضواء على قيمة الإمام ومكانة الإمامة في الفكر الشيعي.

اهتم الإمام الهادي عليه السلام بشأن اتباع أهل البيت، وعمل على تربية الكثير من الشخصيات، منهم: عبد العظيم الحسني، وعثمان بن سعيد، وإبراهيم بن مهزيار.

نسبه وكنيته وألقابه

والده الإمام محمد الجواد  [عليه السلام]  تاسع أئمة اهل البیت علیهم السلام ، وأمّه أمّ ولد يقال لها سمانة  أو سوسن.

يلقب  [عليه السلام]  وابنه الحسن بـالعسكريين، وإنّما لقّبا بذلك لفرض السلطة العباسية الإقامة الجبرية عليهما في سامراء التي كانت يومها معسكراً للجند.

ومن ألقابه  [عليه السلام]  التي تعبّر عن محياه الكريم وسيرته الزكيّة النجيب والمرتضى والهادي والنقي والعالم والفقيه والأمين والمؤتمن والطيب والمتوكل. يكنى بأبي الحسن الثالث ، وأبي الحسن الأخير تمييزاً له عن الإمام الكاظم  [عليه السلام]  المكنى بأبي الحسن الأوّل وعن الإمام الرضا  [عليه السلام]  المكنى بأبي الحسن الثاني.

وكان نقش خاتمه: «الله ربّي وهو عصمتي من خلقه».

ولادته وشهادته

ولد الإمام  [عليه السلام]  حسب رواية كل من الكليني والشيخ المفيد والشيخ الطوسي وابن الأثير بـصُريا - قرية أسسها الإمام موسى بن جعفر  [عليه السلام]  - على ثلاثة أميال من المدينة، للنصف من ذي الحجّة سنة 212 هـ.

وتوفى - كما نقل الشيخ المفيد وغيره - بسرّ من رأى في رجب سنة أربع وخمسين ومأتين، وله يومئذ إحدى وأربعون سنة وأشهر، وكانت مدة إقامته في سامراء عشرين سنة وتسعة أشهر. وحددّت بعض المصادر الثالث من شهر رجب تاريخاً لشهادته  [عليه السلام] . وهناك من أثبتها في الخامس والعشرين أو السادس والعشرين من جمادى الثانية. وكانت شهادته في عصر الخليفة العباسي الثالث عشر المعتز العباسي.

زوجاته وأولاده

نقل في بعض التواريخ: أنّه كانت له سرية لا غير، يعني أمّ ولد يقال لها سليل  النوبية والتي أنجبت له الإمام الحسن العسكري  [عليه السلام] .

وذهب أكثر العلماء أنّه  [عليه السلام]  أعقب أربعة من الذكور، واختلفوا في الإناث، فذهب الخصيبي إلى أنّ أبناء الإمام هم: الإمام الحسن العسكري  [عليه السلام]  محمد، الحسين، جعفر وهو المعروف بـالكذاب والمدعي الإمامة بعد أبيه.

وقال الشيخ المفيد: وخلف - الإمام الهادي  [عليه السلام]  - من الولد أبا محمد الحسن ابنه وهو الإمام من بعده والحسين ومحمداً وجعفراً وابنته عائشة. وأضاف لهم ابن شهر آشوب بنتاً أخرى يقال لها عليّة. والملاحظ من القرائن والشواهد المستفادة من كلمات مؤرخي أهل السنة أنّ له  [عليه السلام]  ابنة واحدة مختلف في اسمها، فقيل: حكيمة، وقيل: علية، وقيل: عائشة. وقال الطبري: إن له ابنتين هما: عائشة ودلالة.

إمامته

روي عنه  [عليه السلام]  أنّه قال: 
الناس في الدنيا بالأموال، وفي الآخرة بالأعمال.

المصدر: مسند الإمام الهادي، ص 304.

تسنم الإمام الهادي  [عليه السلام]  منصب الإمامة بعد شهادة أبيه الجواد  [عليه السلام]  سنة 220 هجرية، وقد أجمع كبار الشيعة - الا النادر منهم - على إمامته  [عليه السلام] ، وقد أشار الشيخ المفيد إلى ذلك بقوله: كان الإمام بعد أبي جعفر  [عليه السلام]  ابنه أبا الحسن علي بن محمد لاجتماع خصال الإمامة فيه وتكامل فضله وأنّه لا وارث لمقام أبيه سواه وثبوت النص عليه بالإمامة والإشارة إليه من أبيه بالخلافة.

نعم، ذهب البعض إلى إمامة أخيه موسى بن محمد المعروف بموسى المبرقع المتوفى 296 هـ، لكن سرعان ما عادوا للقول بإمامة الهادي  [عليه السلام] . وقد علّل سعد بن عبد الله عودة هؤلاء إلى القول بإمامة الهادي  [عليه السلام]  لتنفر موسى المبرقع - نفسه - من هؤلاء القوم وطرده لهم.

دليل إمامته

ذهب الشيخ الطبرسي وابن شهر آشوب إلى القول بأن إجماع الشيعة على إمامته  [عليه السلام]  خير دليل كاشف عن صدق إمامته. يضاف إلى الكثير من النصوص التي رواها الكليني وغيره الدالة على إمامته، منها: أنّه لمّا أمر المعتصم العباسي باستدعاء الإمام أبي جعفر - الإمام محمد الجواد  [عليه السلام]  - من المدينة إلى بغداد وشعر الإمام بالخطر المحدق به جراء هذا الاستدعاء جعل الأمر إلى ولده الهادي  [عليه السلام] ، بل كتب  [عليه السلام]  وثيقة صرح فيها بإمامة الهادي  [عليه السلام]  لإيصاد الباب أمام جميع محاولات التشكيك والريبة في إمامته  [عليه السلام] .

الخلفاء المعاصرون له

عاصر الإمام الهادي  [عليه السلام]  إبّان إمامته عدداً من خلفاء بني العباس، هم:

المعتصم العباسي بن هارون الرشيد (218-227).
الواثق، ابن المعتصم (227- 232).
المتوكل، ابن المعتصم (232- 248).
المنتصر، ابن المتوكل (ستة أشهر).
المستعين، ابن عم المنتصر (248- 252).
المعتز، الابن الثاني للمتوكل (252- 255).

وكانت شهادة الإمام  [عليه السلام]  مسموماً في آخر ملك المعتز، ودفن في داره بسر من رأى.

موقف المتوكل من الإمام (عليه السلام)

كانت السياسة المعتمدة في البلاط العباسي قبل تولي المتوكل لسدة الخلافة قائمة على تأييد المعتزلة ودعم رجالاتها وهي عين السياسة التي اعتمدها المأمون العباسي من قبلُ في مقابل التضييق على أهل الحديث، مما وفرّ الأرضية المناسبة لتحرك العلويين سياسياً، إلاّ أنّ تسنم المتوكل لمسند الخلافة قلب الأمور على عقب، وعادت السطحية في التفكير والتضييق على المفكرين والمبدعين مرة أخرى حيث قرب المتوكل إليه أهل الحديث، وأقصى الاتجاه المعاكس لهم المتمثل بالمعتزلة والشيعة مع التضييق عليهم بشدة.

عن الإمام الهادي  [عليه السلام] : 
من هانت عليه نفسه، فلا تأمن شره.

المصدر: كتاب تحف العقول، ص483.

وقد أشار أبو الفرج الأصفهاني إلى موقف المتوكل هذا ووزيره عبيد الله بن يحيى بن خاقان بقوله: وكان المتوكل شديد الوطأة على آل أبي طالب، غليظاً على جماعتهم مهتماً بأمورهم شديد الغيظ والحقد عليهم، وسوء الظن والتهمة لهم، واتفق له ان عبيد الله ابن يحيى بن خاقان وزيره يسيء الرأى فيهم، فحسن له القبيح في معاملتهم، فبلغ فيهم ما لم يبلغه أحد من خلفاء بني العباس قبله، وكان من ذلك أن كرب قبر الحسين  [عليه السلام]  وعفى أثاره، ووضع على سائر الطريق مسالح له لا يجدون أحداً زاره إلاّ أتوه به فقتله أو أنهكه عقوبة. وما ذلك إلاّ للمنزلة الكبيرة التي حظي بها مرقد الإمام الحسين  [عليه السلام]  في قلوب المؤمنين حتى أنّه يمثل الرمز العاطفي للربط بين الشيعة وأئمتهم (ع).

استدعاء الإمام (عليه السلام) إلى سامراء

سار المتوكل على نهج من سبقوه في التعامل مع أئمة أهل البيت (ع)، بل زاد على ذلك باستدعائه الإمام الهادي  [عليه السلام]  إلى دار الخلافة في سامراء وعزله عن أوساط الأمة، إنطلاقاً من التقارير التي وصلت إليه من قبل الوشاة والتي تحكي عن ميل الناس إليه  [عليه السلام] .

ولمّا بلغ أبا الحسن  [عليه السلام]  سعاية عبد الله بن محمد به، كتب إلى المتوكل يذكر تحامل الرجل عليه ويكذّبه فيما سعى به. فتقدم المتوكل بإجابته عن كتابه - بمكر تام - ودعائه فيه إلى حضور العسكر على جميل من الفعل والقول – مدعياً - أنّه عارف بقدر الإمام  [عليه السلام]  وراع لقرابته... «وإن أمير المؤمنين مشتاق إليك يحب إحداث العهد بك والنظر إليك». وقد ذكر كلٌ من الشيخ الكليني والشيخ المفيد نص رسالة المتوكل للإمام  [عليه السلام] .

علماً أنّ المتوكل بذل قصارى جهده في استدعاء الإمام  [عليه السلام]  بطريقة لا تثير مشاعر أتباعه وردة فعل الجماهير وتأمين طريوصوله إلى سامراء، إلاّ أنّ أهداف حركة المتوكل لم تكن خافية على أهل المدينة منذ بداياتها.

فقد نقل ابن الجوزي عن يحيى بن هرثمة - الذي تولى جلب الإمام  [عليه السلام]  إلى سامراء - قوله: «وعندما أرسلني المتوكل إلى المدينة لإشخاص الإمام الهادي  [عليه السلام]  إلى سامراء، ودخلت المدينة، ضج أهلها ضجيجاً عظيماً ما سمع الناس بمثله خوفاً على الإمام  [عليه السلام] »، وأضاف يحيى: «وقامت الدنيا على ساق؛ لأنّه كان محسناً إليهم ملازماً».

وتعرض الخطيب البغدادي (المتوفى سنة 463 ق) لإشخاص المتوكل له  [عليه السلام]  بالقول: «أشخصه جعفر المتوكل من مدينة رسول الله  [صلى الله عليه وآله وسلم]  إلى بغداد، ثمّ إلى سامراء فقدمها، وأقام بها عشرين سنة وتسعة أشهر إلى أن توفي، ودفن بها في أيام المعتز العباسي.

الإقامة في سامراء

وما أن دخل الإمام  [عليه السلام]  سامراء حتى وضع رحله في دار خزيمة بن حازم. وحسب رواية الشيخ المفيد: «إنّه لما وصل الإمام  [عليه السلام]  إلى سامراء تقدم المتوكل بأن يحجب عنه في يومه، فنزل في خان يعرف بخان الصعاليك، وأقام فيه يومه، ثم تقدّم المتوكل بإفراد دار له، فانتقل إليها». وعن صالح بن سعيد– أحد أصحاب الإمام  [عليه السلام] - إنّما قام المتوكل بإنزال الإمام  [عليه السلام]  هذا الخان الأشنع خان الصعاليك إطفاءً لنوره والتقصير به  [عليه السلام] ، أي: تحقيره والتقليل من شأنه.

وأقام أبو الحسن  [عليه السلام]  بـسر من رأى أكثر من عشرين سنة، وكان - كما ذكر الشيخ المفيد - مكرماً في ظاهر حاله يجتهد المتوكل في إيقاع حيله به، فلا يتمكن من ذلك. وقد تمكن الإمام  [عليه السلام]  طيلة وجوده في سامراء من النفوذ إلى قلوب الناس وانتزاع إعجاب كبار العلماء والمؤرخين من مسلمين وغيرهم على اختلاف نزعاتهم ونحلهم وميولهم من عبارات التقدير والإكبار لشخصه الكريم وشخصيته الفذة، والتي تمثل بعض صفاته الرفيعة وسجاياه الحميدة، وتفوّقه على سائر المعاصرين له، فلم ير مثله في عبادته وتهجده وطاعته لربه بالإضافة إلى زهده وتقواه، وحسن سيرته، وسلوكه القويم، ورسوخ اليقين في نفسه، وعلمه الجم وحكمته، وفصاحته وبلاغته.

نماذج من حركات المتوكل ضد الإمام (عليه السلام)

إنّ المتوكل وإنْ حاول التظاهر بإكرام الإمام  [عليه السلام]  وتبجيله إلاّ أنّه بذل قصارى جهده للتقليل من مكانة الإمام  [عليه السلام]  والحطّ من منزلته بطريقة خفية في الأوساط العلمية والاجتماعية مظهراً للناس أنّه أحد رجال القصر والخادمين للسلطان، وأنّه لا يختلف عن غيره من هذه الحيثية.[35]

وكان في الوقت نفسه يشدّد الرقابة على الإمام  [عليه السلام] ، فقد نقل سبط ابن الجوزي عن المسعودي في كتاب مروج الذهب قال: نمي إلى المتوكل بعلي بن محمد  [عليه السلام]  أنّ في منزله كتباً وسلاحاً من شيعته من أهل قم، وأنّه عازم على الوثوب بالدولة، فبعث إليه جماعة من الأتراك، فهاجموا داره ليلاً، فلم يجدوا فيها شيئاً، ووجدوه في بيت مغلق عليه، وعليه مدرعة من صوف، وهو جالس على الرمل والحصى، وهو متوّجه إلى الله تعالى يتلو آيات من القرآن. وعلى هذه الحال حمل إلى المتوكل العباسي، وأدخل عليه، وكان المتوكل في مجلس شراب، وبيده كأس الخمر، فناول الإمام الهادي  [عليه السلام] ، فردّ الإمام  [عليه السلام] : «والله ما خامر لحمي ولا دمي قط فأعفني»، فأعفاه. فقال له: «أنشدني شعراً»، فقال الإمام  [عليه السلام] : «أنا قليل الرواية للشعر». فقال: «لا بد». فأنشده:

باتوا على قُلَلِ الأجبال تحرســـــــــهم غُلْبُ الرجال فما أغنتهمُ القُلـــــــــــــــل
واستنزلوا بعد عـــــــزّ عن معاقـــــــلهم فأودعوا حُفَراً، يا بئس ما نزلــــــــــــوا
ناداهُم صارخ من بعد ما قبــــــــــــــروا أين الأسرة والتيجان والحـــــــــــــلل؟
أين الوجوه التي كانت منــــــــــــــــعمة من دونها تضرب الأستار والكــــــــلل
فأفصح القبـــر عنهم حين ساء لهم تلك الوجوه عليها الدود يقــــــــــــتتل
قد طالما أكلوا دهراً وما شــــــــــــربوا فأصبحوا بعد طول الأكل قد أُكلوا
وطالما عمروا دوراً لتحصـــــــــــــــــنهم ففارقوا الدور والأهلين وانتقلـــــــوا
وطالما كنزوا الأموال وادخـــــــــــــروا فخلفوها على الأعداء وارتحــــــلوا
أضحت مَنازِلُهم قفْراً مُعَطــــــــــــــــــــلة وساكنوها إلى الأجداث قد رحـلوا[

قال الراوي: «والله لقد بكى المتوكل بكاءً طويلاً حتى بلّت دموعه لحيته!. وبكى من حضره، ثم أمر أن يرفع الشراب، وأمر بإرجاع الإمام  [عليه السلام]  إلى داره مكرماً».

عصر المنتصر العباسي

بعد وفاة المتوكل العباسي تولى الحكم ابنه المنتصر ستة أشهر، وهو الذي أحدث الانقلاب على أبيه المتوكل بالاشتراك مع قواد جيشه فقطعوه إربا إربا مع وزرائه وندمائه وحاشيته وهم على مائدة الشراب والغناء، وذلك سنة 248 ه‍. وبمجيء المنتصر خفّ الضغط على الإمام  [عليه السلام]  خاصة والعلويين عامة في سامراء وأحسن إليهم، حيث كان المنتصر يؤثر مخالفة أبيه في جميع أحواله ومضادة مذهبه طعناً عليه ونصرة لفعله، وإن بقي موقف بعض الوزراء والأمراء خارج سامراء على حالة من الضغط على الشيعة ومحاربتهم.

وكان لهذا التخفيف ورفع القيود النسبية عن حركة الإمام  [عليه السلام]  دور في إعادة تنظيم واقع الشيعة في سائر البلدان، فكان الإمام  [عليه السلام]  يتدخل بسرعة لتنصيب البديل عن الوكيل الذي يعتقل أو يمنع من التحرك في الوسط الشيعي.

مدرسة الإمام الهادي (عليه السلام) ونشر المعارف الإسلامية (القرآن الكريم) 

كان للحركة الانحرافية التي قام بها الغلاة من الشيعة الدور المهم في إثارة شبهة تحريف القرآن وتوجيه أصابع الاتهام للشيعة من قبل أتباع سائر الفرق الإسلامية بأنهم لا يهتمون بشأن القرآن الكريم، ويؤمنون بتحريفه وعدم حجيته؛ ومن هنا انبرى الإمام الهادي  [عليه السلام]  لتفنيد هذه الشبهة وبيان مكانة القرآن في فكر المدرسة الإمامية، وأنّ القرآن الكريم هو المصدر الأول للمسلمين والحجة في جميع التشريعات والمواقف التي يعتمدها الشيعة، وأنّ الروايات المخالفة للقرآن الكريم تعدّ من زخرف القول الذي يضرب به عرض الجدار.

وقد بيّن الإمام  [عليه السلام]  ذلك مفصلاّ في الرواية التي نقلها ابن شعبة الحرّاني التي جاء فيها: «اعلموا - رحمكم الله - إنّا نظرنا في الآثار وكثرة ما جاءت به الأخبار فوجدناها عند جميع من ينتحل الإسلام ممن يعقل عن الله عزوجل لا تخلو من معنيين: إمّا حق فيتبع، وإمّا باطل فيجتنب. وقد اجتمعت الأمة قاطبة لا اختلاف بينهم أن القرآن حق لا ريب فيه عند جميع أهل الفرق، وفي حال اجتماعهم مقرون بتصديق الكتاب وتحقيقه، مصيبون، مهتدون... والقرآن حق لا اختلاف بينهم في تنزيله وتصديقه: فإذا شهد القرآن بتصديق خبر وتحقيقة وأنكر الخبر طائفة من الأمّة لزمهم الإقرار به ضرورة حين اجتمعت في الأصل على تصديق الكتاب، فإنّ هي جحدت وأنكرت لزمها الخروج من الملة».

وروى هذا المعنى العياشي في تفسيره عن الإمامين الباقر والصادق (ع)، قالا: «لا تُصَدِّقْ علينا إِلا بما يوافق كتابَ اللَّه وسُنَّةَ نبيه  [صلى الله عليه وآله وسلم] ».

الإمام (عليه السلام) ومسألة خلق القرآن

من المسائل الرهيبة التي ابتلي بها المسلمون في حياتهم الدينية، وامتحنوا بها كأشد ما يكون الامتحان هي مسألة خلق القرآن، فقد ابتدعها الحكم العباسي في بدايات القرن الثالث الهجري، وأثاروها للقضاء على خصومهم، وقد قتل خلق كثيرون من جرائها، وانتشرت الأحقاد والأضغان بين المسلمين.

ومن هنا حذّر الإمام  [عليه السلام]  شيعته من النزول إلى تلك المعركة التي ضلّ فيها الجدلّيون ضلالاً كبيراً، فلم يشترك الشيعة في ذلك النزاع حول صنع الله عزّ وجلّ وحول كلامه الكريم، وبيّن لهم الموقف في رسالته التي جاء فيها: «عصمنا الله وإياك من الفتنة، فإن يفعل فأعظم بها نعمة، وإن لا يفعل فهي الهلكة، نحن نرى أن الجدال في القرآن بدعة، اشترك فيها السائل والمجيب، فيتعاطى السائل ما ليس له، ويتكلف المجيب ما ليس عليه، وليس الخالق إلا الله عز وجل، وما سواه مخلوق، والقرآن كلام الله، لا تجعل له اسما من عندك فتكون من الضالين». وبهذا وضع  [عليه السلام]  النقاط على الحروف في هذه المسألة الحساسة وجنّب شيعته الوقوع في فتنة كبيرة وفخّ خطير كادت دماؤهم أن تراق بسببه.

مواقف علماء الشيعة وخصومهم

كان للمواقف التي يتخذها بعض علماء الشيعة وطوائفهم - بسبب تباعد مواطنهم وعدم وجود قنوات اتصال سريعة بينهم - الدور الكبير في تعقيد عمل الأئمة (ع) في بيان الحقيقة وهداية الناس، يضاف إلى ذلك ما يقوم به خصوم الشيعة من المبالغة في ذلك وتشطير الفرق الشيعية بطريقة غريبة جداً حتى عدوا منها - كما يقول الكشي - الزرارية والعمّارية واليعفورية و... ناسبين ذلك إلى كبار أصحاب الإمام الصادق  [عليه السلام] : زرارة بن أعين، وعمّار الساباطي وابن أبي يعفور.

وقد يواجه الأئمة (ع) – أحياناً- بعض الأسئلة الناشئة من ذلك الاختلاف في المواقف والرؤى في الوسط الشيعي، منها قضية التشبية والتنزيه، حيث يظهر من كلام هشام بن الحكم وهشام بن سالم اختلافهما في هذه القضية الحساسة، ومن هنا تصدى الأئمة لمعالجة هذه القضية التي روي فيها أكثر من عشرين رواية بين رواية مختصرة ومفصّلة تؤكد كلها على تبني فكرة التنزيه والدفاع عنها من قبل الأئمة (ع)، ومن بينها ما روي عن الإمام الهادي  [عليه السلام]  في تأكيد التنزيه.

ومن جملة المسائل الهامة التي ثار الجدل حولها – أيضاً - في ذلك العصر، وكثر الأخذ والردّ مسألة الجبر والتفويض التي أدّت إلى انقسام المسلمين انقساماً كان ذا خطرٍ دخل في صميم العقيدة، إذ نسبت فئة منهم، وقوع الذنب من العبد، إلى الله - والعياذ بالله من ذلك - محتجّة بأنّ الذنب يقع بعلمه تعالى وتقديره، وبإقدار العبد على ذلك بما خلق له من آلاتٍ يباشر الذنب بواسطتها، وبأنّ العبد لا اختيار له في تجنّب الذنب؛ لأنّه محمول عليه قد كتبه الله تعالى وقضى به عليه!. ثم أنكرت فئة أخرى ذلك، وقالت بأنّ للعبد أن يختار، وهو الذي يرتكب الذنب بتمام إرادته، وبكامل اختياره، وبواسطة الآلات الّتي منحه الله تعالى إيّاها لطاعته لا لمعصيته.

وقد تكلّم إمامنا  [عليه السلام]  في هذا الموضوع الهامّ - كما تكلّم آباؤه - وجدّاه الصادق والرّضا بالخصوص (ع) جميعاً، لئلاّ يقع شيعته في فخّ الكفر وزخرف القول.. ثم تكلّم  [عليه السلام]  في الجبر والاختيار كلاماً بليغاً يقطع كلّ جدلٍ ونقاش، مبينها رفضه للجبر والتفويض معاً وموضحاً أن هناك حالة وسطية هي الأمثل وهي: «لا جبر ولا تفويض بل أمر بين الأمرين‌».

علماً أنّ أكثر الروايات الاحتجاجية الواردة عن الإمام الهادي  [عليه السلام]  منصبة على مسألة الجبر والتفويض.

ثقافة الدعاء والزيارة

اعتمد الإمام الهادي  [عليه السلام]  الدعاء والزيارة كطريقة للتثقيف على معارف الدين والتربية وفق معارف المدرسة الإمامية حيث ضمن تلك الأدعية التي تمثل الانفتاح على الله تعالى والتوسل إليه مجموعة من الأفكار والمضامين العقائدية والسياسية والاجتماعية مما كان له الأثر الكبير في حياة الشيعة الإمامية على جميع المستويات.

زيارة الجامعة الكبيرة

هذه الزيارة من أشهر زيارات الأئمة الطاهرين (ع) وأعلاها شأناً وأكثرها ذيوعاً وانتشاراً، فقد حظيت بأهمية خاصة بين الأدعية والزيارات المأثورة عن أئمة الهدى (ع)، وقد أقبل أتباع أهل البيت (ع) وشيعتهم على حفظها وزيارة الأئمة (ع) بها؛ لأنها تشتمل على كلام فريد يزخر بالمعارف الإلهية السامية، ويبيّن حقيقة الإمام الذي يمثل الحجّة التامة للحق على جميع العالمين، والجامع لكل الخير والمحاسن، والنموذج الكامل للإنسان، وقد جاء كل ذلك في أرقى مراتب البلاغة والفصاحة.

تعامل الإمام (عليه السلام) مع الشيعة

اعتمد الإمام الهادي  [عليه السلام]  وكلاءه الموزعين على المناطق التي يقطنها أتباع مدرسة أهل البيت (ع) وخاصة في ايران، وسيلة للتواصل معهم ومواجهة الغلاة أينما كانوا.

نظام الوكلاء في زمن الإمام الهادي (عليه السلام)

رغم التشديد والحصار الذي فرض على الشيعة في آخريات عصر الأئمة (ع) والمتثمل بموقف خلفاء بني العباس من أتباع مدرسة أهل البيت (ع)، عمل الإمام الهادي  [عليه السلام]  على اتّخاذ الوكلاء وتأسيس شبكة الممثلين له في شتى البلدان التي يقطنها الشيعة كايران ومصر واليمن والعراق، حيث عمد إلى اتخاذ وكلاء يوثّقهم ويمدحهم ليكونوا الواسطة بينه وبين الشيعة في التواصل المعرفي ومعالجة المعضلات الكلامية والفقهية والتفسيرية و... بالإضافة إلى استلام الحقوق الشرعية وإيصالها إلى الإمام  [عليه السلام] ، وربط الشيعة بالإمام الفعلي وتوجيههم إلى الإمام اللاحق عند رحيل السابق.

وقد قسّم الوكلاء -حسب ما ذكره الدكتور جاسم حسين- المناطق الآهلة بأكثر عدد من أتباع أهل البيت (ع) إلی أربع مناطق:

بغداد، المدائن، السواد والكوفة
البصرة والأهواز
مدينتا قم وهمدان
الحجاز، اليمن، ومصر

وكان الوكلاء يتواصلون مع الإمام  [عليه السلام]  عن طريق المكاتبات بواسطة الثقات من الشيعة.

ومن هؤلاء الوكلاء: علي بن جعفر كان وكيلا للإمام الهادي  [عليه السلام] ، وكان رجلا من أهل همينيا، قرية من قرى سواد بغداد، فسعي به إلى المتوكل، فحبسه فطال حبسه، ولما أخلى المتوكل سبيله، صار إلى مكة بأمر أبي الحسن  [عليه السلام]  مجاورا بها إلى آخر أيام حياته.

ومنهم حسين بن عبد ربّه وفي رواية ولده علي بن حسين بن عبد ربّه، ولما توفي كتب الإمام  [عليه السلام]  إلى مواليه يعلمهم بأنّه أقام أبا علي بن راشد مقام الحسين بن عبد ربّه ومن كان قبله من وكلائه.

ويحتمل من رواية الكشي حول إسماعيل بن إسحاق النيشابوي أن أحمد بن إسحاق الرازي هو الآخر كان من وكلاء الإمام الهادي  [عليه السلام] .

الإمام الهادي (عليه السلام) والشيعة في ايران

كان العنصر الكوفي هو الغالب على الشيعة في القرن الأوّل، وهذا ما تكشف عنه كثرة الملقبين بالكوفي من أصحاب الأئمة (ع)، ثمّ بدأ يظهر لقب القمي في أوساط الرواة وأصحاب الأئمة (ع) وخاصة في منذ عصر الإمامين الباقر والصادق (ع)، ويرجع الكثير منهم إلى العرب الأشعرية الذين هاجروا إلى مدينة قم. ورويداً رويداً أخذ انتشار التشيع في الوسط الايراني عامّة والقمّي خاصة يزداد حتى تحولت قم في عهد الإمام الهادي  [عليه السلام]  إلى مركز رئيسي من مراكز التشيع التي تربطها بالأئمة علاقات وثيقة، وكان الطابع العام للتشيع القمّي الاعتدال والوسطية في النظرة إلى الأئمة خلافاً للمدرسة الكوفية التي انتشر فيها الغلو.

ولم ينحصر التشيع في مدينة قم، بل تعدّاه إلى كل من مدينة آبه أو آوة وكاشان، وقد تكرّر ذكر محمد بن علي الكاشاني في الكثير من الروايات المنقولة عنه والأسئلة التي يوجهها إلى الإمام الهادي  [عليه السلام] حول التوحيد ومسائله.

وكانت علاقة القمّيين قوية مع الإمام الهادي  [عليه السلام] ، فكان محمد بن داود القمي ومحمد الطلحي يحملان ما اجتمع من أخماس ونذر وهدايا وجواهر اجتمعت في قم وبلادها لإرسالها إلى أبي الحسن الهادي  [عليه السلام] .

وكان الإمام الهادي  [عليه السلام]  يستغفر لإهل قم وآوة لزيارتهم الإمام الرضا  [عليه السلام] ، كما روى ذلك السيد عبد العظيم بن عبد الله الحسني حين قال: «سمعت عليّ بن محمّد العسكري  [عليه السلام]  يقول: أهل قم وأهل آبة مغفور لهم لزيارتهم لجدّي عليّ بن موسى الرضا  [عليه السلام]  بطوس.

وكان لغير القميين من الشيعة - مع كونهم الأقلية بسبب السياسات الأموية والعباسية - علاقات وثيقة وأواصر قوية مع أئمة أهل البيت (ع).

وقد صَنَّف صالح أبو مقاتل الدَيْلَميُّ من أصحاب الإمام الهادي  [عليه السلام]  كتاباً في الإمامة كَبِيراً، حديثاً وكلاماً، وسمّاهُ كتابَ الإحْتِجاج.(مسند الإمام الهادي عليه‌ السلام، ص 317 .) والديلم منطقة تقع إلى الشرق من محافظة جيلان الإيرانية، وكانت قد احتضنت في أواخر القرن الثاني الهجري الكثير من الشيعة الإمامية بالإضافة إلى من هاجر من سكّانها إلى العراق، واعتنق المذهب الإمامي هناك.

وقد كشفت ألقاب أصحاب الإمام الهادي  [عليه السلام]  عن مناطق سكناهم من قبيل: بشر بن بشار النيشابوري وفتح بن يزيد الجرجاني وأحمد بن إسحاق الرازي وحسين بن سعيد الأهوازي وحمدان بن إسحاق الخراساني وعلي بن إبراهیم الطالقاني، وقد تحولت كل من مدينتي جرجان ونيسابور إلى مراكز شيعية فاعلة في القرن الرابع الهجري.

وهناك شواهد تدل على وجود عدد من أصحاب الإمام الهادي  [عليه السلام]  في مدينة قزوين الواقعة وسط ايران.

ورغم غلبة الطابع الحنبلي المتعصب على مدينة أصفهان الإيرانية إلا أنّها لم تخل من الرجال الشيعة كإبراهيم بن شيبة الأصفهاني الكاشاني القاطن في أصفهان وعلي بن محمد الأصفهاني القاطن في كاشان، وقد أدرجهما الرجاليون ضمن أصحاب الإمام الهادي  [عليه السلام] .ومنهم رجل يقال له عبد الرّحمن مال إلى التشيع بعد كرامة شاهدها على يد الإمام الهادي  [عليه السلام]  في سامراء.

وهناك روايات تشير إلى وصول بعض الهمدانيين إلى نيل الوكالة من الإمام الهادي  [عليه السلام] .

شهادة الإمام (عليه السلام)

قبض  [عليه السلام]  مسموما بـسر من رأى في يوم الاثنين المصادف الثالث من رجب سنة 254 ه‍، وقيل: يوم الاثنين الخامس والعشرون من جمادى الآخرة سنة 254 هـ. والتأريخ الأول أشهر، حيث نص عليه أغلب أعلام الطائفة ومحدثيهم ومؤرخيهم. وممن نص على أنّه [عليه السلام]  مات مسموماً أو نقل القول في ذلك: الشبلنجي وابن الصباغ المالكي والشيخ أبو جعفر الطبري، والشيخ إبراهيم الكفعمي في المصباحوغيرهم، ونص الأخير على أن الذي سمه هو المعتز. وجاء عن ابن بابويه أنّه  [عليه السلام]  مات مسموماً ، وسمّه المعتمد العباسي، وإذا صحّ ذلك فإنّه لا بد أن يكون قد سمّه المعتز بالله؛ لأنّه مات في عهده سنة 254 ه‍، والمعتمد العباسي بويع بالخلافة سنة 256 هـ في النصف من رجب، أو أن المعتز قد أوعز إلى المعتمد بدسّ السم إلى الإمام  [عليه السلام] ، فيكون ذلك جمعاً بين قول الشيخ الصدوق والشيخ الكفعمي، والله أعلم بحقيقة الحال.

وخرجت الجنازة، وخرج الإمام الحسن العسكري  [عليه السلام]  يمشي حتى أخرج بها إلى الشارع الذي إزاء دار موسى بن بغا. وقد كان الإمام أبو محمد العسكري  [عليه السلام]  قد صلّى عليه قبل أن يخرج إلى الناس، ودفن في بيتٍ من دوره.

تلامذته وأصحابه

بلغ عدد تلامذته والرواة عنه – حسب ما ذكره الشيخ الطوسي- 185 راوياً، من أبرزهم:

1- السيد عبد العظيم الحسني (قبره في مدينة ري بجنوب طهران)

عبد العظيم بن عبد الله بن علي بن حسن بن زيد بن حسن بن زيد بن الحسن المجتبى بن علي بن أبي طالب، والمعروف بالسيد الكريم وشاه عبد العظيم، والمكنى بأبي القاسم وأبي الفتح. يعدّ الحسني من السادة الحسنيين ومن كبار المحدثين، وينتهي نسبه إلى الإمام الحسن المجتبى  [عليه السلام]  بأربع وسائط. وقد ذكره الشيخ الطوسي ضمن أصحاب الإمامين الهادي والعسكري  [عليه السلام]  وهناك من أدرجه ضمن أصحاب الإمامين الجواد والهادي  [عليه السلام] . وكان محدثاً، فقيهاً، صوّاماً قوّاماً، زاهداً، جليل القدر، ذا منزلة رفيعة عند الإمامين  [عليه السلام] . وقد عرض عبد العظيم الحسني أُصول عقيدته وما يدين به على الإمام الهادي [عليه السلام]  فبارك له الإمام  [عليه السلام]  عقيدته.

رُوي أنّ أبا حماد الرازي قصد الإمام الهادي  [عليه السلام]  إلى سامراء مستفتياً، فلما أجابه  [عليه السلام]  أشار عليه بالرجوع إلى عبد العظيم الحسني إن أشكل عليه شيء وهو بـالري.

2- عثمان بن سعيد 

عثمان بن سعيد العمري؛ يكنى أبا عمرو السمان، ويقال له: الزيات، من أصحاب الإمام الهادي والعسكري  [عليه السلام] ، جليل القدر، ثقة، خدم الإمام الهادي  [عليه السلام] ، وله إحدى عشرة سنة، وله إليه عهد معروف، وتوكل للإمام العسكري  [عليه السلام] ، وكانت توقيعات صاحب الأمر  [عليه السلام]  تخرج على يديه، وكان قد حظي بمنزلة خاصة عند الإمام  [عليه السلام]  واصفاً له بـالثقة الأمين.

3- أيوب بن نوح

أيوب بن نوح بن دراج النخعي أبو الحسين، كان وكيلاً لأبي الحسن وأبي محمد  [عليه السلام] ، عظيم المنزلة عندهما مأمونا، وكان شديد الورع، كثير العبادة، ثقة في رواياته وكان أيوب من عباد الله الصالحين.

4- الحسن بن راشد

عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الجواد  [عليه السلام]  قائلاً: الحسن بن راشد يكنى أبا علي، مولى لآل المهلب، بغدادي، ثقة. وعدّه أيضاً من أصحاب الهادي  [عليه السلام] .

وعدّه الشيخ المفيد في رسالته العددية من الفقهاء الأعلام، والرؤساء المأخوذ عنهم الحلال والحرام الذين لا يطعن عليهم بشيء ولا طريق لذم واحد منهم. وعدّه الشيخ والبرقي في رجاليهما من أصحاب الهادي  [عليه السلام] ، ويظهر من ترجمة الحسن بن راشد أنّه كان وكيلاً لأبي محمد العسكري  [عليه السلام] .

5- الحسن بن علي الناصر

ابن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب  [عليه السلام]  الناصر للحق، من أصحاب الهادي  [عليه السلام] ، كما في رجال الشيخ الطوسي. وهو والد جد السيد المرتضى من جهة أمّه ، قال السيد في أول كتابه شرح المسائل الناصريات: «وأمّا أبومحمد الناصر الكبير وهو الحسن بن علي ففضله في علمه، وزهده، وفقهه، أظهر من الشمس الباهرة، وهو الذي نشر الإسلام في الديلم، حتى اهتدوا به من الضلالة، وعدلوا بدعائه بعد الجهالة وسيرته الجميلة أكثر من أن تحصى وأظهر من أن تخفى».

تفجير ضريح الإمامين العسكريين (ع)

قامت في السنين الأخيرة مجموعة من السلفيين التكفيريين المتطرفين بالتعرض لضريح الامامين العسكريين  [عليهما السلام]  في أكثر من محاولة، ومن أبشعها ماقاموا به في صباح يوم الأربعاء 22 فبراير 2006 م من اقتحام للمرقدين الشريفين، وزرع عبوات ناسفة تزن 200 كغم من المواد المتفجرة تحت قبة الضريح، وفجّروها بعد ذلك مما أدى إلى انهيار القبة الخاصة بالضريح وتصدّع المنائر الذهبية المحيطة بها. وفي صباح يوم الأربعاء 13 يونيو 2007 م حدثت عملية تفجيرية أخرى استهدفت مأذنتي المرقد الذهبيتين، ودمرتهما بالكامل، وكان التفجير بواسطة عبوة ناسفة. وفي يوم الخميس 05-06-2014م قامت مجموعة كبيرة من التكفيريين ينتمون إلى تنظيم داعش بشن هجوم واسع النطاق على مدينة سامراء للسيطرة عليها وتدمير الضريح المبارك إلاّ أنّهم جوبهوا بمقاومة شديدة من قبل حماية الحرم والقوات الأمنية وجموع المؤمنين المتطوعين أجبرتهم على التقهقر والخروج من المدينة.

إعادة إعمار الروضة العسكرية

لم يزل غبار الانفجار في السماء حتى بدأ الموالون لـأهل البيت  [عليه السلام] بإعمار الروضة المباركة وتشييدها على أجمل عمارة وزخرفة إسلامية سطرتها أنامل الفنانين المبدعين، وكان لمدينة قم المقدسة شرف تصميم وبناء الضريح الجديد للروضتين العسكريتين [عليه السلام]  تحت رعاية وإشراف مرجعية آية الله السيد علي السيستاني وبكلفة 100 مليون دولار صرفت في تشييد الضريح وإكساء القبة بما يقارب السبعين كيلوغرام من الذهب و4500 كيلوغرام من الفضية و1100 كيلوغرام من النحاس و11 طن من الخشب الساج الجيد.

لمزيد الاطلاع حول حياة الإمام الهادي (عليه السلام):

حياة الإمام الهادي [عليه السلام] للشيخ باقر شريف القرشي.

عطاردي، عزيز الله، مسند الإمام الهادي [عليه السلام] ، قم، المؤتمر العالمي للإمام الرضا [عليه السلام] ،1410 ق.

الإمام علي الهادي [عليه السلام] ، تأليف: حسين الشاكري، الطبعة: الأولى، المطبعة: ستاره، قم المقدسة، 1419 ه‍. ق.

المصدر: ويكي شيعة