
emamian
لاتفاقيَّة الصينيّة - الإيرانيّة والتحوّلات في المفاهيم
طهران وقّعت عملياً على خاتمة العقوبات الأميركية والغربية، حين بدأ الحديث عن استثمارات تزيد على 400 مليار دولار في المشروعات الإيرانية.
- تشمل الاتفاقيَّة توظيف الشركات الصينية في تطوير قطاع النقل بمختلف مساراته.
إنَّ اتفاقيّة التعاون الشامل بين إيران والصين تتخطّى فكرة أنَّ دولة مثل إيران تتعرَّض لحصار جائر، وتستعين بدولة كبرى لمساعدتها في كسره، كما أنَّ الاتفاقية أكبر بكثير من كونها شهادة حسن سلوك وتتويجاً لنصف قرن من العلاقات الدبلوماسية بين بكين وطهران.
ترقى الاتفاقية في بعض جوانبها إلى مستوى المعاهدة في أبعادها السياسية، لجهة تأمين المصالح الصينيّة وجلب التّنين الصيني إلى سواحل الخليج وبحر العرب والمحيط الهندي لمواجهة الحمار والفيل الأميركيين.
تشمل الاتفاقيَّة توظيف الشركات الصينية في تطوير قطاع النقل بمختلف مساراته. يبدأ المشروع الاستراتيجي بتطوير ميناء تشابهار في أقصى الجنوب الشرقي من إيران، وتحويله إلى ميناء عالمي يضاهي موانئ دبي ونيويورك وسان فرانسيسكو. وفي خطوة لاحقة، ستعمل الصين على تطوير ميناء بندر عباس في جنوب إيران، وربط الميناءين بشبكة من الطرق السريعة وسكك الحديد مع أقصى شمال البلاد، بطول يزيد على 1800 كم.
يقع بندر عباس وتشابهار على مسار الحزام الجنوبي الممتد من شنغهاي إلى جنوب أفريقيا، والفكرة الصينيّة – الإيرانية تقوم على أساس ربط هذا الحزام الناقل في الجنوب بأقصى الشمال، واندماجه بطريق الحرير الممتد من شمال غرب الصين، مرورواً بباكستان وجندب القوقاز، على أن يؤدي إلى شرق أوروبا عبر تركيا.
في قطاع الصناعات البتروليَّة، ستكون الصين بمأمن من أية عواصف اقتصادية وعقوبات بعد أن ضمنت استمرار تدفق الصادرات النفطية الإيرانية إليها لربع قرن. في المقابل، ستباشر الصين بتطوير الصناعة البترولية في إيران المنهكة بسبب العقوبات المستمرة منذ عشرات السنين.
والأهم في الجانب الاقتصادي من الاتفاقية، هو ما ورد في البند الأخير من إشارة إلى أن إيران ستنضم إلى النظام المالي الدولي الذي تعمل الصين على إنشائه، بعيداً من المنظومة المالية الغربية التي تمثل العصا الضاربة لكلّ من ينتهك العقوبات المفروضة على الدول المناهضة للسياسات الأميركية.
وإضافة إلى النقلة الكبيرة التي ستحدثها التكنولوجيا الصينية في قطاع المعلومات والتقنيات السايبيرية في إيران بإدخال تكنولوجيا الجيل الخامس، تضمّنت الاتفاقية إعلان كلا البلدين عزمهما على التعاون في المجالات الدفاعية والأمنية على المستويين الإقليمي والدولي، ولا سيما ما يتعلّق بمحاربة الإرهاب.
إيران وعقدة الربط الآسيوية الأوروبية
نصَّت الاتفاقية على أنَّ إيران ستشارك في توسيع إطار "الحزام والطريق" على المستوى الإقليمي، أي أنها لن تكون مجرد دولة من بين عشرات الدول التي تقع على مسار "الحزام والطريق"، فهي ستكون محطة أساسية في هذا النهج الاقتصادي العالمي، وستكون من المساهمين في إعادة بناء الاقتصاد الدولي الذي أنهكته جائحة كورونا، وذلك عبر تقليص المسافة من منشأ الصادرات الصينية إلى المقصد في أوروبا وعبر البحر المتوسط.
بمعنى آخر، إنّ موقع إيران الجغرافي يمثل العصب الرئيسي في مسار "الحزام والطريق"، فهي ستكون حلقة الوصل مع مشروعين تطمح إليهما الصين التي تجري مباحثات معمقة مع كل من العراق والكويت لإنشاء القناة الجافة التي ستصل رأس الخليج، بدءاً من ميناءي الفاو ومبارك، بسواحل بانياس السورية وطرابلس اللبنانية.
الموقف الأميركي من الاتفاقية الصينيّة - الإيرانيّة
إنّ الاتصال الهاتفي بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون واتفاقهما على مواجهة المشروع الصيني، إنما ينطوي على إدراك المنظومة الغربية بأن الصين اتخذت "خطوة عدائية"، وأن بكين صارت تستهدف العقيدة الاقتصادية الغربية ومسرح المصالح الغربية في منطقة غرب آسيا.
في ما يبدو أن الديمقراطيين يسعون إلى تبريد الجبهات التي ورثوها من سلفهم ترامب، لا يبدو أنهم في موقع الرد على إيران التي "انتهكت" حزمة كبيرة من الخطوط الحمراء من وجهة النظر الأميركية.
في الواقع، إن إيران التي وقّعت الاتفاقية مع الصين إنما وقّعت عملياً على خاتمة العقوبات الأميركية والغربية، حين بدأ الحديث عن استثمارات تزيد على 400 مليار دولار في المشروعات الإيرانية، فالجمهورية التي أُريد لها أن تُحشر في زاوية حلبة الملاكمة بعد توقيع الاتفاق النووي، وأن تُوجَّه الضربات إليها كلَّما حاولت الخروج منها، تمكّنت الآن بالفعل من الإفلات، وعادت إلى الميدان، وهي تستعدّ لجولة جديدة من الصراع.
اقتصاد الدولة يتحدّى الاقتصاد الليبرالي الإمبريالي
إن نجاح التحالف الصيني الإيراني، وفي الخلفية روسيا، سيسفر عنه إنتاج نظرية مختلفة في إدارة الاقتصاد العالمي، لأن نجاح جمهورية الصين الشعبية في مشروع "الحزام والطريق"، يعني نجاح اقتصاد الدولة وهزيمة الاقتصاد الليبرالي، وهو ما حذّر منه المنظّر الأميركي هنري كيسنجر مؤخراً.
لذلك، إن نجاح اقتصاد الدولة وتفوّقه في قيادة مجموعة اقتصادية تضم عشرات الدول هو في الحقيقة نسف لعقيدة قامت عليها المؤسسة الإمبريالية الغربية التي شنّت حربين عالمتين إلى جانب 50 حرباً وعدواناً خلال الأعوام المئة الماضية، وذلك دفاعاً عن فكرتها التي وضعت رؤيتها السياسية والثقافية لقيادة العالم بموجبها.
وفقاً لهذا المتغيّر القيمي والفكريّ، ستكون الولايات المتحدة قريباً في مواجهة حقيقة قاسية وحالات تمرّد من دول مثل العراق والكويت وتركيا، متحالفة سياسياً مع المعسكر الأميركي، حين تجد أنَّ ازدهارها يقوم على أساس التكامل مع مسار "الحزام والطريق".
تبعاً لذلك، أعتقد أن الكثير من مفاهيم الأمن الاستراتيجي للغرب سيتغير بالكامل، من قبيل أمن الخليج وأمن المضائق وتأمين مصادر الطّاقة، بعد أن وصل التنين الصيني إلى سواحل الخليج، لتحلّ محله رؤى العمل الجماعيّ، وسيصبح التوجّه شرقاً حاجة مادية وروحية، بعد أن امتلك الشرق التكنولوجيا إلى جانب القيم المعنوية والحضارية.
المصدر:المیادین
قائد الثورة: العدو يسعى لتيئيس الشباب وحرفهم عن نهج الثورة
اشار قائد الثورة الاسلامية آية السيد علي الخامنئي الى خطة العدو المستمرة لزرع اليأس لدى الشباب وحرفهم عن نهج الثورة، مؤكدا بانه لا ينبغي السماح لوساوس العدو بان تؤثر في الشباب ويستغلهم لخدمة مصالحه.
وقال سماحته في تصريحاته التي نشرت اليوم الثلاثاء خلال افتتاح مؤتمر احياء ذكرى شهداء محافظة يزد، والذي كان قد ادلى بها خلال استقباله المعنيين بتنظيم المؤتمر قبل اسبوعين: ان الشهداء في عالم البرزخ لهم حياة خاصة وان رسالتهم المهمة للذين يواصلون دربهم هي التبشير بان لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
واضاف: ان حوافز الشهداء للحضور في ساحة الجهاد مثلما ورد في وصاياهم هي دعم الثورة والامام والتزام النسوة بالحجاب ودفع شر العدو وتمهيد الطريق للوصول الى الاهداف المتوخاة حيث ينبغي الحذر كي لا يتم رفض هذه الاهداف والمساس بها من قبل بعض الافراد.
واشار الى خطة العدو المستمرة لتيئيس الشباب او حرفهم عن نهج الثورة واضاف: لا ينبغي السماح بان تؤثر وساوس العدو على الشباب واستغلالهم لخدمة مصالحه.
واكد سماحته ضرورة تسجيل ذكريات آباء وامهات وزوجات الشهداء وقال: انه يجب تسجيل خصائص واجواء الاسر التي تربي ابناءها بهذا الحافز والايمان الرفيع.
واعرب عن اسفه ازاء بعض الافراد الذين يعيشون بامن وحرية في ظل الجمهورية الاسلامية لكنهم يعملون خلافا لدماء الشهداء الطاهرة وقال: انه ازاء هذه الممارسات يتوجب مضاعفة الجهود في طريق الحق والشهداء.
فلسطينيو الداخل المحتل يحيون الذكرى الـ45 ليوم الأرض
تحيي الجماهير العربية في الداخل الفلسطيني المحتل، اليوم الثلاثاء، الذكرى الـ45 ليوم الأرض، وذلك من خلال سلسلة فعاليات يتخللها وضع أكاليل الزهور على أضرحة شهداء يوم الأرض، في سخنين وعرابة ودير حنا وكفر كنا والطيبة.
وتتضمن الفعاليات التي أقرتها لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية اللجان الشعبية وبلدات مثلث يوم الأرض، مسيرات في دير حنا وسخنين وعرابة عند الساعة الثانية والنصف، تتوج في مسيرة قطرية تستضيفها عرابة التي ستختتم في الساعة الرابعة والنصف بمهرجان مركزي في سوق المدينة.
وأهابت لجنة المتابعة بجماهير المجتمع العربي "بالمشاركة الواسعة، والالتزام بقرارات المتابعة بمنع كل المظاهر الحزبية، ورفع العلم الفلسطيني وحده، والشعارات التي تحددها لجنة المتابعة، لتكون ذكرى يوم الأرض لتعزيز بناء الوحدة الوطنية، ورصها وترسيخها".
وحيت المتابعة والفعاليات والقوى الوطنية والشعبية شهداء يوم الأرض الخالد الذين رووا بدمائهم الزكية ثرى الوطن وضحوا بأنفسهم دفاعا عن الحق والكرامة: خير ياسين من عرابة، ورجا أبو ريا وخديجة شواهنة وخضر خلايلة من سخنين، ومحسن طه من كفر كنا، ورأفت الزهيري من مخيم نور شمس- طولكرم الذي استُشهد على أرض الطيبة، إلى جانب مئات الجرحى والمعتقلين.
وأعلنت بلدية سخنين واللجنة الشعبية فيها، عن أن مسيرة سخنين ستنطلق من شارع الشهداء الساعة الثانية والنصف عصرا، إلى الناحية الشمالية الغربية للمدينة، وتعود إلى النصب التذكاري لشهداء يوم الأرض لقراءة الفاتحة، وتكمل إلى عرابة للالتحام بالمسيرة هناك.
فيما أعلن مجلس دير حنا المحلي واللجنة الشعبية في القرية، "أنه في الساعة الواحدة سيزور وفد من القرية مدينة سخنين لوضع أكاليل الزهور على أضرحة الشهداء، ثم وضع أكاليل الزهور على أضرحة شهداء مدينة عرابة".
وتنطلق مسيرة دير حنا عند الساعة الثالثة والنصف عصرا، نحو مدينة عرابة، لتلتحم مع المسيرة المركزية.
وستجوب المسيرة المركزية الشارع الرئيسي في عرابة، نحو السوق، لتختتم عند الساعة الرابعة والنصف عصرا، بمهرجان وطني سياسي.
كما دعت لجنة التوجيه العليا لعرب النقب، للمشاركة في برنامج الزيارات للقرى مسلوبة الاعتراف، صباح اليوم الثلاثاء، إذ يشهد برنامج فعاليات يوم الأرض، عددا من الزيارات الميدانية لقرى مهددة بالاقتلاع بالإضافة لمحاضرات وندوات ستنظم خلال الأسبوع.
ودعت اللجنة كذلك "الأحزاب والحركات السياسية والسلطات المحلية إلى إحياء هذه الذكرى ببرامج محاضرات توعوية وتثقيفيه"، مؤكدة أنها تدعو أهالي النقب "للمشاركة في برنامج يوم الأرض الذي أقرته لجنة المتابعة العليا في مدينة عرابه".
دعا التجمع الوطني الديمقراطي، امس الإثنين، إلى أوسع مشاركة شعبية في فعاليات الذكرى الخامسة والأربعين ليوم الأرض الخالد، التي أقرتها لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية.
كما دعا التجمع إلى المشاركة وحضور برنامج "يوم الأرض الخالد" في مقر التجمع في مدينة حيفا الذي ينظمه التجمع الطلابي في جامعة حيفا ومعهد "التخنيون"، يوم الثلاثاء الساعة السابعة مساء.
وحيت المتابعة والفعاليات الوطنية والشعبية شهداء يوم الأرض الخالد الذين رووا بدمائهم الزكية ثرى الوطن وضحوا بأنفسهم دفاعا عن الحق والكرامة: خير ياسين من عرابة، ورجا أبو ريا وخديجة شواهنة وخضر خلايلة من سخنين، ومحسن طه من كفر كنا، ورأفت الزهيري من مخيم نور شمس- طولكرم الذي استُشهد على أرض الطيبة، إلى جانب مئات الجرحى والمعتقلين.
البحرين تعين خالد يوسف الجلاهمة أول سفير لها لدى إسرائيل
أعلنت البحرين اليوم الثلاثاء، تعين خالد يوسف الجلاهمة، رئيسا للبعثة الدبلوماسية لمملكة البحرين لدى إسرائيل.
وأكد وزير الخارجية الإسرائيلي غابي أشكنازي لنظيره البحريني أن "قرار الحكومة البحرينية تعيين سفير لدى إسرائيل خطوة مهمة أخرى في تنفيذ اتفاق السلام وتعزيز العلاقات بين البلدين".
وتحدث أشكنازي مع وزير الخارجية البحريني، عبد اللطيف الزياني قبيل افتتاح سفارة البحرين في إسرائيل وتعيين أول سفير للمملكة لدى إسرائيل.
وأطلع وزير الخارجية البحريني الوزير أشكنازي على قرار الحكومة البحرينية فتح سفارة في إسرائيل وطلب موافقة أشكنازي على تعيين خالد يوسف الجلاهمة في منصب سفير البحرين لدى إسرائيل.
ورحب وزير الخارجية أشكنازي بقرار حكومة البحرين وشكر نظيره على صداقته الشجاعة وكذلك على شجاعة ملك البحرين وقيادته.
وأرسلت وزارة الخارجية البحرينية رسالة رسمية إلى وزارة الخارجية الإسرائيلية بطلب الموافقة على السفير المعين، علما أن السفير المعين هو مدير إدارة العمليات في وزارة الخارجية البحرينية منذ عام 2017 وشغل منصب نائب سفير مملكة البحرين في الولايات المتحدة (2009-2013).
وأقر وزير الخارجية أشكنازي تعيين السفير الجلاهمة.
في الأسابيع المقبلة، سيصل فريق من البحرين إلى إسرائيل لإنشاء السفارة.
المصدر: RT
الانتاج الوفير للقاح كورونا الايراني سيبدأ في غضون شهرين
اعلن مساعد وزير الصحة الايراني للشؤون العلاجية قاسم جان بابائي، ان الانتاج الوفير للقاح كورونا سيبدأ في غضون الشهرين المقبلين ، لافتا الى تدشين 4 خطوط انتاجية في هذا الصدد.
واشار بابائي في تصريح اليوم الثلاثاء الى انتشار السلالة البريطانية لفيروس كورونا في انحاد البلاد، وقال: بحلول نهاية شهر رمضان، سيتم تطعيم عدد كبير من الأشخاص المعرضين لمخاطر عالية ضد فيروس كورونا، وبعد شهرين مع الإنتاج الوفير للقاحات والتطعيم العام، يمكننا دعوة الناس بحرية أكبر لإعادة إقامة المراسم الوطنية والدينية.
واضاف مساعد وزير الصحة للشؤون العلاجية: تم إطلاق 4 خطوط إنتاج لقاح كورونا الإيراني وستتوفر منتجاتها للمواطنين قريبا.
واشار بابائي الى انه من السمات المهمة لفيروس كورونا هي المباغتة، اذ ان جميع دول العالم تعاني من التوتر والقلق بسبب انتشار هذا الوباء.
من يمول سد النهضة؟.. تعرف على أبرز الشركات والدول التي تتولى عملية التمويل والدعم
عارف عبد البصير
"على مَن يريد أن يركب بحر النيل أن تكون لديه أشرعة منسوجة من الصبر"، هكذا كتب الروائي البريطاني الشهير الحائز على جائزة نوبل، وليام غولدنغ، قبل أكثر من ثمانية عقود، ويبدو أن مقولته تلك لا تزال صائبة إلى اليوم، وهي تنطبق بشكل خاص على طموحات إثيوبيا طويلة الأمد للسيطرة على النيل، بواسطة سد ضخم يُبنى فوق موقع مختار بعناية على النيل الأزرق، أهم روافد النهر الكبير.
في ضوء ذلك، لا يبدو مفاجئا أن نُشير إلى أن البدايات الأولى لمشروع سد الألفية، أو سد النهضة الإثيوبي الكبير كما يُعرف الآن، تعود إلى عقود طويلة سالفة، وتحديدا إلى منتصف القرن الماضي بين عامَيْ 1956-1964 حين قام مكتب الولايات المتحدة لاستصلاح الأراضي بإجراء مسح شامل للنيل الأزرق لتحديد أنسب الأماكن لإقامة سد ضخم على النيل الأزرق، وذلك في زمان رئيس الوزراء الإثيوبي أكليلو هابتي ولد، وتحت حكم الإمبراطور هيلا سيلاسي آخر الأباطرة الإثيوبيين، وكان من المخطط آنذاك أن يُمَوَّل السد الكبير بواسطة الولايات المتحدة ومؤسسات التمويل الدولية، ولكن هذه الخطط تعطّلت فجأة إثر انهيار الملكية الإثيوبية بواسطة الانقلاب الذي قاده ضبط الدرج عام 1974، لتسقط إثيوبيا بعد ذلك في حقبة طويلة من الحكم العسكري المدعوم من السوفييت.
الإمبراطور هيلا سيلاسي (مواقع التواصل)
على مدار العقود التالية، انزوى مشروع سد النهضة وخفت بريقه بشكل ملحوظ، ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى أن أديس أبابا الفقيرة لم تكن تملك أي موارد تُمكِّنها من بناء المشروع الضخم بنفسها، وأن مصر -دولة المصب الرئيسية والقوة الأبرز في حوض النيل- وحلفاءها الغربيين لم يكونوا ليسمحوا بالسيطرة على حوض النيل بواسطة سد ضخم ممول من الاتحاد السوفيتي، ورغم ذلك فإن طموحات الإثيوبيين للسيطرة على النيل وإحساسهم التاريخي بالمظلومية والحرمان من استغلالهم مواردهم المائية لم يخفت أبدا، وأصبحت مسألة استغلال الموارد المائية وبناء السد الحلم إحدى القضايا القليلة الكفيلة بتوحيد الشعب الإثيوبي المُمزَّق بسبب النزاعات العِرقية والطائفية.
وفيما يبدو، كان "ملس زيناوي"، الذي وصل إلى السلطة في أديس أبابا بعد الإطاحة بالحكومة العسكرية مطلع التسعينيات، يدرك هذه الحقيقة جيدا، لذا فإن زيناوي، الذي يُعرف اليوم بأنه مهندس الصعود الاقتصادي لإثيوبيا، نسج جزءا كبيرا من رؤيته الاقتصادية والتنموية حول استغلال موارد البلاد المائية بهدف تحويلها إلى مركز إقليمي للطاقة، وذلك عبر إقامة عدد من السدود الضخمة على أحواض 12 نهرا تشق الأراضي الإثيوبية لتغذية دول الجوار بالمياه.
ملس زيناوي (رويترز)
كانت البداية في عام 2002 مع سد تكيزي، الذي شُيِّد على نهر عطبرة، أحد روافد نهر النيل، بتكلفة بلغت 224 مليون دولار، وانتُهي منه بالفعل في عام 2009، ولكنه لم يُثِر قدرا كبيرا من المشكلات بسبب انخفاض السعة الإجمالية للمياه التي يحتجزها السد (تبلغ سعته نحو 9 مليارات متر مكعب فقط)، رغم أنه احتجز ما لا يقل عن 30% من الطمي الذي كان النيل يحمله إلى الأراضي المصرية مُتسبِّبا في انخفاض خصوبتها، ولاحقا نجحت أديس أبابا في توقيع عقود مبدئية لبناء 5 سدود أخرى، على رأسها سد "جايب 3" على نهر أومو بتكلفة 1.6 مليار دولار، وهو السد الذي كاد يُثير أزمة سياسية كبيرة بين إثيوبيا وكينيا، بسبب تأثيره المحتمل على تدفق المياه من نهر أومو إلى بحيرة توركانا الكينية، تأثير تأكد بالفعل بعد رصد منظمات دولية مستقلة في عام 2017 انخفاض مستوى المياه في البحيرة الكينية بمعدل 1.5 متر مقارنة بمستوياتها السابقة قبل إقامة السد.
ومع ذلك، ظل سد النهضة، أو المشروع "إكس" كما كان يُلقَّب في الأروقة الرسمية، يُمثِّل تحديا من نوع خاص بالنسبة إلى أديس أبابا، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل، في مقدمتها التكلفة الكبيرة للسد المُقدَّرة بشكل مبدئي بـ 5 مليارات دولار (نحو 6% من الناتج المحلي الإجمالي لإثيوبيا عام 2018)، وهو مبلغ يتعذّر جمعه بطرق التمويل التقليدية، خاصة في بلد صُنِّف كأحد أكبر المتلقّين للمساعدات الدولية في أفريقيا خلال العقد الأول من الألفية، ويُعتقد أنه خسر خلال الفترة نفسها ما يزيد على 11.7 مليار دولار بسبب التدفقات المالية غير المشروعة، أي حركة الأموال بشكل غير شرعي إلى خارج البلاد سواء بسبب أنشطة غسيل الأموال أو الملاذات الضريبية، ناهيك بكون احتياطاته من النقد الأجنبي كانت تكفي بالكاد لتغطية تكاليف شهرين فقط من الواردات، وفق بيانات عام 2012.
أضف إلى ذلك الأبعاد السياسية والأمنية الكبيرة المرتبطة ببناء السد، وتأثيره المؤكد على أمن مصر المائي، ومركزية منطقة حوض النيل بالنسبة للكثير من القوى الغربية، هو ما يعني أن القاهرة ستحشد كل نفوذها السياسي والاقتصادي، بما في ذلك علاقاتها المميزة مع الغرب، لمنع السد من أن يصبح حقيقة واقعة عبر إعاقة تمويله في المقام الأول، وكان ذلك يعني أن على إثيوبيا أن تبحث عن طرق غير تقليدية لتمويل مشروعها الحُلم، وللمفارقة، فإن التكتيكات التي استخدمتها أديس أبابا للتغلب على هذه العقبات، السياسية منها والاقتصادية، تمت محاكاتها من كتاب اللعب المصري، حيث يتشابه النهج الذي اتبعته إثيوبيا لتمويل سد النهضة بشكل ملحوظ مع الطريقة التي استخدمتها مصر لتمويل مشروع السد العالي في أسوان جنوبي البلاد قبل بضعة عقود.
على مدار عقود، كان تمويل المشروعات الكبرى في أفريقيا من خلال صندوق وطني يُمثِّل تحديا كبيرا، سواء بسبب النقص الطبيعي في الموارد المالية للبلدان الأفريقية، أو بسبب سياسات إهدار الأموال التي تبنّتها الديكتاتوريات الفاسدة في القارة، ونتيجة لذلك كانت آلية التمويل المعتمّدة للمشروعات الضخمة هي المساعدات الخارجية والقروض التي تُقدِّمها المؤسسات المالية الدولية وعلى رأسها البنك الدولي، ولكن هذه الأموال الدولية غالبا ما كانت تأتي مع شروط وإملاءات سياسية، وهو ما أدركته مصر في وقت مبكر من مساعيها للحصول على التمويل اللازم لبناء السد العالي، المشروع الأكثر أهمية على أجندة الحكومة الناصرية.
كان تمويل السد العالي لحظة محورية في العلاقات الدبلوماسية بين مصر والولايات المتحدة، بعدما تحوَّل مشروع السد المصري في وقت مبكر إلى إحدى المنازلات الكلاسيكية للحرب الباردة، ففي حين أن الولايات المتحدة وبريطانيا كانتا مصممتين على منع مصر من السقوط تحت النفوذ السوفياتي، فإنهما عرضتا على القاهرة أن يقوم البنك الدولي بدعم بناء السد، كقربان لتدفئة العلاقات مع النظام الناصري، لكن الخلافات بين القاهرة وبريطانيا -التي كانت تمارس السيادة على الخرطوم في ذلك التوقيت- حول مسألة تقرير مصير السودان، وتوزيع حصص المياه بين القاهرة والخرطوم تسبّب في نشوب خلافات كبيرة بين البلدين، حيث كانت مصر تخشى من أن يصبح أمنها المائي رهينة للقرار البريطاني.
السد العالي في أسوان (وكالة الأنباء الأوروبية)
ونتيجة لذلك، اتخذت القاهرة قرارا جريئا بالتخلّي عن المفاوضات مع البنك الدولي، والسعي لتمويل السد من مواردها المحلية دون الاستعانة بمؤسسات التمويل الغربية، وعلى إثر ذلك فإنها قامت بتأميم شركة قناة السويس للملاحة، بهدف استخدام عائدات القناة لتمويل السد، وهو ما تسبّب في نشوب أزمة السويس الشهيرة، حيث قامت بريطانيا وفرنسا وإسرائيل بشن حملة عسكرية ضد مصر، غير أن العدوان الثلاثي فشل في تحقيق أيٍّ من أهدافها الإستراتيجية، وبدلا من أن يتسبّب في ردع النظام الناصري أو إسقاطه كما كانت تأمل الدول المعتدية، فإنه انتهى إلى قطيعة تامة بين مصر والغرب، ودفع القاهرة للتحالف مع السوفييت الذين قدّموا ثلث التمويل اللازم لبناء السد العالي، جنبا إلى جنب مع جميع الخبرات الفنية اللازمة لإتمام عملية البناء.
ولكن مع انهيار الاتحاد السوفياتي ونهاية الحرب الباردة، زادت سطوة المؤسسات المالية الغربية على التمويل الدولي، وأصبح إنشاء أي مشروعات تنموية ضخمة في الدول النامية بدون الاستعانة بهذه المؤسسات أمرا متعذِّرا، ومع تحوُّل مصر بشكل تدريجي نحو المعسكر الغربي منذ منتصف السبعينيات، باتت القاهرة قادرة على الاستفادة من هذه الحقيقة عبر توظيف نفوذها السياسي، واستغلال موقفها القانوني المُهيمن بحكم معاهدتَيْ عام 1929 و1959 المنظمتين لاستخدام مياه النيل، لمنع تمويل السدود في منطقة حوض النيل، وممارسة حق النقض على أي مشروع يمكن أن يُهدِّد حقوقها التاريخية من المياه.
ونتيجة لذلك، فإن جهود إثيوبيا التي تسعى لجلب التمويل لمشروعاتها على النيل الأزرق غالبا ما كانت تبوء بالفشل، وكانت أديس أبابا تعزو هذا الإخفاق غالبا إلى الهيمنة الافتراضية لمصر، وممارسة القاهرة لضغوط على الدائنين والمستثمرين الدوليين لمنع تمويل السد بدعوى عدم استدامته من الناحيتين السياسية والقانونية، ولكن إثيوبيا وجدت الفرصة سانحة أمامها للمُضي قُدما في خطتها لانتزاع الهيمنة على النيل منذ عام 2011، حين استغلت أديس أبابا انشغال القاهرة بعملية الانتقال السياسي في أعقاب الإطاحة بالرئيس المخلوع حسني مبارك، وتفرُّغ الجيش لحماية هيمنته على السلطة على حساب قضايا الأمن القومي وعلى رأسها الأمن المائي، وقامت بوضع حجر الأساس للسد الأضخم في أفريقيا على النيل الأزرق.
سد النهضة (وكالة الأنباء الأوروبية)
ورغم ذلك، فإن مشكلة التمويل كانت لا تزال قائمة، وهو ما دفع أديس أبابا إلى محاولة محاكاة تجربة السد العالي، ساعية إلى تمويل سد النهضة من خلال الموارد المحلية، ولمّا كانت أديس أبابا تفتقر إلى أي موارد وطنية ضخمة لتأميمها كما فعلت مصر، فإنها سعت لضخ التمويل الوطني من خلال وسائل أكثر تقليدية، معتمدة في البداية على المصارف المحلية التي تعرّضت لضغوط من قِبل الحكومة لمنحها قروضا بفوائد مخفّضة، حيث فرضت السلطات على البنوك تخصيص نسبة 27% من قوة الإقراض الخاصة بها لصالح الدولة، رغم تحذيرات المؤسسات الدولية من أن ذلك يمكن أن يؤدي إلى سحب السيولة من البنوك وتباطؤ النمو الاقتصادي.
في وقت لاحق، فرضت الحكومة على موظفي الخدمة المدنية التبرع بجزء من رواتبهم للمساهمة في إنشاء السد، في إجراء حكومي مثير للجدل زعمت المعارضة أنه فُرِضَ بالإكراه، وأن الكثير من الموظفين قد هُدِّدوا بفصلهم من أعمالهم في حال رفضوا المشاركة، وكانت هذه الإجراءات الحكومية جزءا من حملة تمويل ضخمة شاركت فيها العديد من المؤسسات المحلية، وشملت جمع التبرعات عبر رسائل الهاتف المحمول، ومسابقات اليانصيب، وحتى الفعاليات الرياضية التي أُقيمت في جميع أنحاء البلاد بهدف جمع الأموال لتمويل السد.
بالتزامن مع هذا كله، لجأت الحكومة إلى حيلة قديمة غالبا ما تستخدمها الحكومات الفقيرة للاستفادة من مواطنيها المهاجرين في الدول الغنية، وهي إصدار سندات تمويل موجَّهة بشكل خاص لمجتمعات المهاجرين، وغالبا ما يُوفِّر هذا النوع من التمويل للحكومات الكثير من المزايا التي لا تتوفر غالبا للدائنين الأجانب، أولها توافر الحس الوطني، حيث يحب المهاجرون غالبا فكرة أن أموالهم تُستَثمر في مشروعات تدر النفع على أهاليهم في الداخل وخاصة إذا كانت تدر عليهم الأرباح في الوقت نفسه، وثانيها أن هؤلاء المهاجرين غالبا ما يكونون صبورين للغاية ويقبلون بشراء سندات ذات آجال طويلة نظرا للعلاقات طويلة الأمد التي تربطهم مع المصدر (حكومات بلادهم في هذه الحالة)، وأخيرا فإن هؤلاء المهاجرين يبقون أقل تأثُّرا بمخاطر العملة، لأنه حتى مع افتراض انخفاض قيم استثماراتهم حال انهيار العملة، فسوف يكون بمقدورهم الاستفادة من العملة المخفضة لشراء العديد من الأصول الرخيصة.
سد النهضة (وكالة الأنباء الأوروبية)
وبالفعل، قام بنك التنمية الإثيوبي بإصدار دفعتين من السندات المخصصة لتمويل سد النهضة تم توجيههما لأكثر من ثلاثة ملايين إثيوبي مقيم في الخارج، ولكن في حين أن الإصدار الأول من السندات لم يُحقِّق الإقبال المنتظر بسبب المخاطر السياسية المرتبطة بالمشروع والمخاوف من قدرة الحكومة على الدفع، فإن الدفعة الثانية من السندات حقّقت نجاحا ملحوظا بعدما قامت الحكومة بتقليص الحد الأدني للاستثمار في السندات من 500 دولار إلى 50 دولارا فقط، وسمحت بنقل ملكية السند بين الأفراد، وقامت بزيادة العائد على السندات ليتراوح بين 5-6%، كما تعهّدت بتحمُّل جميع رسوم التحويلات المرتبطة بشراء السندات.
وعلى غير المتوقَّع، آتت خطة التمويل الحكومي أُكلها على ما يبدو، حيث نجحت أديس أبابا في جمع أكثر من 450 مليون دولار من مصادر التمويل المحلي بحلول عام 2014، ويُعتقد أن حصيلتها وصلت إلى مليار دولار على الأقل منذ ذلك التوقيت، ورغم ذلك، ظلّت هذه الأموال بعيدة عن مبلغ الخمسة مليارات دولار المطلوبة بشكل مبدئي لتمويل السد، وسرعان ما استُنفِدت في أعمال الإنشاءات الأولية، لذا، فبحلول عام 2015، كانت أعمال البناء في السد قد توقّفت بشكل كلي، وبدا أن أحلام أديس أبابا الطموحة في طريقها للانهيار.
في ذلك التوقيت، كانت ديناميات القوى في منطقة حوض النيل قد بدأت تشهد تغيُّرا ملحوظا مع تعزيز الصين لحضورها الدبلوماسي على الساحة الدولية، خاصة في أفريقيا، ومساعي بكين لإعادة إنتاج الدور الذي لعبه الاتحاد السوفيتي في القارة خلال حقبة الحرب الباردة من خلال توفير مصادر التمويل البديلة والخبرات الفنية اللازمة لمشروعات التنمية الطموحة في أفريقيا، وعلى عكس قروض مؤسسات التمويل الغربية التي غالبا ما تأتي مُحمَّلة باشتراطات سياسية حول تحرير الاقتصاد وتحسين كفاءة الحكومة والإدارة ومراقبة سجلات الأنظمة في مجال حقوق الإنسان، فإن الأموال الصينية جاءت معفاة من هذه الاشتراطات، لذا فإنها وجدت الكثير من الراغبين في الدول المُهمَّشة في القارة السمراء.
أقامت الصين بشكل خفي نفوذها بين القوى الناشئة في أفريقيا، ووضعت أنظارها على أكثر الموارد المتنازع عليها في القارة وخاصة الموارد المائية والأنهار، حيث تُشير البيانات إلى أن الصين استثمرت في تمويل وبناء السدود في 22 دولة أفريقية خلال العقد الأخير، ولم تكن منطقة حوض النيل استثناء من ذلك، فوسط التراجع الملحوظ للقاهرة، والصعود الواضح لإثيوبيا، تمكّنت بكين من توظيف الصراع طويل الأمد بين القوتين لمصلحتها، وبخلاف ذلك، فإن بكين وجدت في أديس أبابا، المعروفة تاريخيا بمقاومتها للاستعمار والنفوذ الغربي، موطئ قدم مناسب لتأمين دورها المستقبلي في أفريقيا بشكل عام، وفي منطقة حوض النيل على وجه التحديد.
بدأت بكين رحلتها في إثيوبيا مبكرا، وتحديدا في عام 2002 حين قامت بتمويل سد تكيزي بقيمة 224 مليون دولار عبر "كونسورتيوم" من الشركات الصينية، ولكن الإعلان الأكثر صخبا للوجود الصيني في منطقة حوض النيل حدث في عام 2012 حين قرّرت بكين استثمار 500 مليون دولار أميركي في سد "جايب 3" المثير للجدل على نهر أومو، ما تسبّب في غضب كبير امتد من كينيا المجاورة، المتضرر الرئيسي من السد، وصولا إلى القاهرة، لكن ذلك كله لم يردع أديس أبابا وبكين عن مواصلة تعاونهما الكهرومائي، على الرغم من أن الصين قد تجنّبت تقديم قروض مباشرة لتغطية تكاليف إنشاء سد النهضة، خوفا من إثارة غضب مصر التي تمتلك فيها بكين أيضا مصالح متنامية.
وبدلا من ذلك، تعهّدت الصين في عام 2013 بتقديم قرض بقيمة 1.2 مليار دولار لتمويل خطوط الكهرباء والبنية التحتية المقرر أن تنقل الكهرباء المولدة من السد إلى البلدات والمدن الرئيسية، وعلاوة على ذلك، أعلنت بكين في إبريل/نيسان 2019 عن منح قرض بقيمة 1.8 مليار دولار لحكومة رئيس الوزراء الجديد آبي أحمد خلال الزيارة التي قام بها الأخير إلى الصين بهدف توسيع شبكة الكهرباء في إثيوبيا، وهو قرض يُعتقد أن جزءا كبيرا منه قد وُجِّه لاستكمال أعمال الإنشاءات وشراء التوربينات اللازمة لتشغيل السد، وفي المقابل قامت الحكومة الإثيوبية بمنح الكثير من عقود السد المربحة للشركات الصينية، فخلال النصف الأول من العام الماضي وحده، تعاقدت شركة الكهرباء المملوكة للدولة الإثيوبية مع مجموعة جيزوبا الصينية، وهي شركة هندسية مملوكة للدولة، للمشاركة في أعمال الإنشاءات الخاصة بالسد مقابل 40.1 مليون دولار، وفي الوقت نفسه، تعاقدت الحكومة الإثيوبية مع الفرع الصيني لشركة "فويث هيدرو الألمانية" للطاقة الكهرومائية المحدودة لتوريد التوربينات الثلاثة الأخيرة للسد مقابل 112 مليون دولار (ورّدت الشركة بالفعل 13 توربينا لأعمال السد خلال العامين الماضيين).
لم تكن الشركات الصينية وحدها هي مَن نالت نصيبها من العقود المربحة في سد النهضة، حيث سعت أديس أبابا لاستجلاب الدعم الدولي لمشروعها الضخم من خلال منح العقود للكثير من الشركات الغربية المرموقة، على سبيل المثال، فإن عملاق الإنشاءات الإيطالي "وي بيلد"، ساليني إمبريجيلو سابقا، هو مَن يتولّى تنفيذ أعمال الإنشاءات الرئيسية لسد النهضة، وكانت الشركة نفسها هي مَن تولّت أعمال الإنشاءات في سد "جايب 3″، وهي ترتبط أيضا بعقد مع الحكومة الإثيوبية منذ عام 2016 لبناء سد "كيوشا" على نهر أومو، فيما تعمل شركة "فويث هيدرو" الألمانية الشهيرة، المتخصصة في مجال التوربينات والمحركات الهيدروليكية، على توريد التوربينات اللازمة للسد بالشراكة مع شركة ألستوم الفرنسية، التي تعمل هي الأخرى في مشروعات السد بموجب عقد مشترك مع شركة جنرال إلكتريك الأميركية العملاقة.
لا تقف الأمور عند هذا الحد، حيث يُعتقد أن هناك عشرات الشركات الغربية التي ترتبط بعقود عمل متفاوتة في سد النهضة الإثيوبي، وفي الواقع، تُشير مصادر إلى أن جميع الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، وغيرها من الدول النافذة إقليميا ودوليا، لديها شركات تعمل في سد النهضة، بما يعني أن هذه الدول سوف تكون -في أفضل الأحوال- مترددة في اتخاذ أي مواقف منحازة ضد مصالح إثيوبيا بشأن قضية سد النهضة، حال أُثيرت القضية في أيٍّ من المنتديات والمحافل العالمية، بما في ذلك الأمم المتحدة ومجلس الأمن.
في الواقع، هناك الكثير من الأسباب التي تدفع الدول الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، إلى تجنُّب الانحياز ضد إثيوبيا والوقوف إلى جانب مصر في قضية سد النهضة، رغم امتلاك القاهرة للمسوغات القانونية والتاريخية، لعل أقلها هي مصالح الشركات الغربية العاملة في أديس أبابا، حيث يبدو أن عوامل مثل موقع إثيوبيا المميز في حوض النيل وثقلها التاريخي الذي لا يمكن إنكاره، والاستقرار النسبي الذي تتمتع به بالمقارنة مع جوارها المضطرب، والفرص الاقتصادية الواعدة التي تُقدِّمها، ومكانتها كقاعدة محتملة للنفوذ الصيني في شرق أفريقيا، قد وضعت أديس أبابا في موقع مماثل لموقف القاهرة إبان حقبة الحرب الباردة، حيث تتبارى القوى المتنافسة لكسب صداقتها.
ظهر ذلك بشكل واضح في مارس/آذار الماضي، حين أعلنت الولايات المتحدة أنها مستعدة لاستثمار 5 مليارات دولار في إثيوبيا من خلال مؤسسة تنموية جديدة أُنشئت أواخر العام الماضي تحت اسم مؤسسة تمويل التنمية الدولية (DFC) تتمتع بقدرة إقراض ضخمة تُقدَّر بـ 60 مليار دولار، وقد أُنشِئت المؤسسة الجديدة بالأساس لتحل محل المؤسسة الأميركية للتمويل الخاص الخارجي (OPIC)، على أن تكون أنشطتها التمويلية موجَّهة لخدمة المصالح السياسية للولايات المتحدة، وعلى رأسها مواجهة النفوذ الصيني الكبير في الدول النامية، وبشكل خاص في أفريقيا.
قبل ذلك بشهر واحد، أطلّ وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو على وسائل الإعلام من العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، مؤكدا أن الولايات المتحدة جاءت اليوم لتُقدِّم "فرصا استثمارية حقيقية وجذابة"، على النقيض من الدول الاستبدادية التي جاءت "بوعود فارغة وشجّعت الفساد والتبعية" في إشارة واضحة إلى الصين، وفي تلك اللحظة، كانت واشنطن قد برهنت بالفعل لأديس أبابا أنها على استعدادها للوفاء بوعودها، بعد أن منحت الضوء الأخضر لصندوق النقد الدولي نهاية العام الماضي (2019) لتقديم قرض بقيمة 2.9 مليار دولار إلى إثيوبيا، بهدف إعادة التوازن إلى ميزان المدفوعات في البلاد وتمويل أجندة التحرير الاقتصادي.
كانت هذه المساعدات والاستثمارات الأميركية والدولية أكثر بكثير مما تحتاج إليه أديس أبابا في الوقت الراهن، ورغم أن أيًّا منها لم يكن مُوجَّها لتمويل سد النهضة بشكل مباشر، فإن هذه الأموال منحت قُبلة الحياة الأبدية للحلم الإثيوبي، وفي الوقت نفسه قدَّمت إشارات واضحة إلى أن الدعم الذي تحظى به أديس أبابا في الأوساط الغربية اليوم بات قادرا على معادلة النفوذ التاريخي لمصر، وكان هذا على الأرجح هو السبب الرئيسي في أن إثيوبيا تبنّت خطابا عدوانيا وهجوميا ضد مصر خلال الأشهر الأخيرة، مؤكدة أنها ستمضي قُدما في خططها لملء وتشغيل السد سواء توصّلت إلى اتفاق مع القاهرة أم لا.
من جانبها، يبدو أن مصر باتت تُدرك بوضوح هذا التحوُّل في ميزان القوى في منطقة حوض النيل وشرق أفريقيا، ففي حين أن واشنطن بدت منحازة ظاهريا إلى مواقف مصر، خاصة منذ أن رفضت إثيوبيا التوقيع على اتفاق برعاية أميركية نهاية فبراير/شباط الماضي، وتركت مصر تُوقِّع عليه منفردة بالأحرف الأولى، تُشير المصادر الصحفية إلى أن مصر تشعر أن واشنطن قد خذلتها وأنها لم تفعل ما يكفي لإجبار أديس أبابا على تقديم تنازلات بشأن قضية السد، ناهيك بكون واشنطن قد رفضت استخدام ثقلها الاقتصادي للضغط على أديس أبابا لاستكمال المفاوضات.
لم تكن واشنطن وحدها هي مَن خذلت مصر على ما يبدو، حيث رفضت الصين -أحد أصدقاء السيسي المقربين- طلبا مماثلا من القاهرة ولم تُمارس أي ضغوط على إثيوبيا في قضية السد، والأكثر من ذلك أن السعودية والإمارات، أبرز حلفاء النظام المصري، تجاهلا المناشدات المستمرة للقاهرة لتعليق استثمارتهما في إثيوبيا (نحو 7 مليارات دولار) من أجل تحسين موقف مصر التفاوضي في القضية، وعلى العكس من ذلك استثمرت كلٌّ من الرياض وأبو ظبي في تعزيز علاقاتهما مع أديس أبابا، حيث رعت العاصمتان اتفاق مصالحة تاريخي بين إثيوبيا وإريتريا كان هو السبب الرئيسي في حصول رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد على جائزة نوبل للسلام، في الوقت الذي قدّمت فيه الإمارات مبلغ 3 مليارات دولار في صورة ودائع واستثمارات في إثيوبيا، وقدّمت السعودية 140 مليون دولار كقروض لإقامة مشروعات للطاقة الشمسية.
وبالنظر إلى مواقف الرياض على وجه الخصوص، يظهر أن العاصمة الخليجية حظيت بعلاقة مريبة ومثيرة للجدل مع المشروع الإثيوبي، فرغم أن السعودية اضطرت إلى إنكار وجود أي استثمارات لها في سد النهضة، في أعقاب زيارة مثيرة للجدل قام بها وفد سعودي رفيع المستوى لموقع بناء السد في ديسمبر/كانون الأول عام 2016 وأثارت استياء كبيرا لدى القاهرة، فإن المملكة لم تُنكر ما تداولته تقارير صحفية حول رغبتها في إقامة مشروع ربط كهربائي بين دول الخليج وإثيوبيا من خلال نظام كابلات يتم تمريره عبر اليمن، كجزء من الجهود الخليجية للحد من الاعتماد على النفط والغاز في توليد الطاقة محليا، بما يساعد على توفيرهما لأغراض التصدير.
كذلك، ربما لن تستطيع القاهرة تجاهل حقيقة أن الملياردير السعودي صاحب الأصول الإثيوبية، محمد حسين العمودي هو أحد أبرز المستثمرين في سد النهضة، وأن العمودي قدّم تبرعا بقيمة 88 مليون دولار لبدء أعمال الإنشاءات الأولى للسد في عام 2011، ويُعتقد أنه كان أحد أكبر ممولي المشروع قبل احتجازه في فندق "ريتز كارلتون" الشهير عام 2017، ناهيك بكونه مهندس الربط الزراعي بين الرياض وأديس أبابا منذ نجح في إقناع السلطات السعودية باستثمار مليارات الدولارات لاستصلاح نصف مليون هكتار (نحو 1.25 مليون فدان) في مقاطعة غامبيلا بإثيوبيا.
الملياردير السعودي محمد حسين العمودي
تتغيّر الأرض إذن، بوتيرة غير مسبوقة، تحت أقدام القاهرة وأديس أبابا كلتيهما، وفي حين أن إثيوبيا كانت تشتكي قبل عقد من الزمان فقط من سطوة النفوذ السياسي والاقتصادي ومنظومة العلاقات الدولية والإقليمية التي مكّنت مصر من الحفاظ على اليد العليا في منطقة حوض النيل وإعاقة تنفيذ أي مشروعات يمكن أن تُهدِّد حصة مصر من المياه، بما في ذلك سد النهضة الذي عانى كثيرا للحصول على التمويل، يبدو الوضع معكوسا بشكل ملحوظ اليوم حيث تتوافد رؤوس الأموال الدولية وعروض مؤسسات التمويل التي طالما أعطت ظهرها لأرض الأحباش لفترة طويلة، بينما لا يبدو أن هناك أي دولة أو جهة راغبة في ممارسة ضغوط حقيقية على أديس أبابا لتقديم تنازلات حقيقية لتقريب وجهات النظر مع مصر التي تُظهِر اليوم -مرغمة على ما يبدو- مرونة غير مسبوقة في التنازل عن حقوقها المائية بشكل لم يكن بالإمكان تصوُّره قبل عقد واحد من الزمان.
المصدر : الجزيرة
انعقاد الجولة الاولى من المحادثات بين وزيري خارجية ايران والصين
عقدت في طهران اليوم السبت الجولة الاولى من المحادثات بين وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف وعضو مجلس الدولة وزير خارجية الصين "وانغ يي".
ومن المقرر ان يوقع وزيرا الخارجية الايراني والصين اليوم الوثيقة الشاملة للتعاون بين البلدين للاعوام الـ 25 القادمة.
وكان وزير خارجية الصين قد وصل الى طهران مساء الجمعة والتقى اليوم السبت مستشار قائد الثورة الاسلامية الرئيس السابق لمجلس الشورى الاسلامي علي لاريجاني.
وسيلتقي وزير خارجية الصين اليوم ايضا رئيس الجمهورية حسن روحاني.
الكاظمي يؤكد إجراء الانتخابات التشريعية في موعدها المحدد
أكد رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي إجراء الانتخابات التشريعية في موعدها الذي حددته الحكومة في الـ6 من يونيو المقبل.
وكتب في تغريدة على حسابه في تويتر: "ماضون بعزم في تطبيق برنامج الحكومة، رغم الأصوات النشاز وعمليات التأزيم المفتعلة".
العراق يعتمد أجهزة تسريع النتائج في الانتخابات المبكرة
وأضاف: "هذا الجو السلبي الذي يراد له أن ينتشر ويتمدد، إنما يستهدف آمال العراقيين بغد أفضل".
وتابع الكاظمي: "الانتخابات في موعدها بإذن الله، ولا تراجع عن مشروع بناء الدولة".
وحددت الحكومة العراقية السادس من يونيو المقبل موعدا لإجراء الانتخابات المبكرة، لكنها أجلته إلى العاشر من أكتوبر من ذات العام.
المصدر: RT
هل یوجد اختلاف بین رأی الشیعة و اهل السنة حول الامام صاحب الزمان (عج)؟
ما هو رأی اهل السنة بالنسبة للامام المهدی (عج)؟ و هل یوجد اختلاف بین نظرة الشیعة و أهل السنة الی هذه القضیة؟
الجواب الإجمالي
یعد الاعتقاد بالمهدویة و فکرة ظهور المهدی (عج) جزءً مهماً من العقیدة الاسلامیة حیث نشأت علی أساس بشارات نبی الاسلام الاکرم (ص) عند جمیع الفرق و المذاهب الاسلامیة، و قد وردت الاحادیث المتعلقة بالامام المهدی (عج) فی کثیر من الکتب المعروفة لأهل السنة أیضاً، و اذا تأملّنا جیداً فی هذه الاحادیث نری وجود مشترکات بین المذهب الشیعی و السنی حول قضیة الامام صاحب الزمان و هذه المشترکات هی عبارة عن:
- حتمیة ظهور و قیام الامام المهدی (عج).
- نسب الامام المهدی (عج):
- ان المهدی (عج) هو من أهل البیت و من أبناء رسول الله (ص).
- ان المهدی (عج) هو من نسل أمیر المؤمنین علی (ع).
- ان المهدی (عج) هو من نسل فاطمة الزهراء (س).
- الخصائص الجسمانیة للامام المهدی (عج):
- قوته (عج) حین الظهور
- وجهه النورانی
- جبهته العریضة و أنفه الدقیق
- الخال علی و جنته
- تسمیته (عج) باسم النبی (ص).
- ممهدات الظهور:
- الیأس العام
- انتشار الظلم و عمومه
- علامات الظهور:
- النداء السماوی
- خروج السفیانی
- خسف فی البیداء
- قتل النفس الزکیة
- الامور المتعلقة بالامام المهدی (عج):
- اصلاح امر ظهور المهدی (عج) فی لیلة واحدة.
- محل الظهور
- البیعة مع الامام المهدی (عج)
- نزول الملائکة للنصرة
- نزول عیسی و اقتداؤه بالامام المهدی (عج)
و هناک مجموعة من أهل السنة – و خلافاً للشیعة – ینکرون ولادة الامام صاحب الزمان (عج) فی سنة 255 هـ.ق و غیبة الطویلة، بل یعتقد هؤلاء ان الامام سیولد فی عصر الظهور (مثلاً قبل الظهور بأربعین سنة) و انه یملأ الارض قسطا و عدلاً و هو الموعود من ولد فاطمة (س).
الجواب التفصيلي
ان لقضیة المهدویة و الاعتقاد بالمهدی المنتظر (عج) أهمیة کبیرة عند المسلمین و لا یختص هذا الأمر بالشیعة، بل ان أهل السنة یتفقون مع الشیعة علی العموم فی هذا الموضوع و ینقلون روایات کثیرة تصل الی حد التواتر المعنوی حول الامام المهدی (عج).
و الاحادیث المتعلقة بالامام المهدی (عج) و التی یری أهل السنة انها وصلت الی حد التواتر تصل الی مائة حدیث، و قد اشیر فی جمیع هذه الاحادیث الی ظهور الامام المهدی (عج). فهم یعترفون بان ما یربو علی عشرین صحابیاً قد نقلوا أحادیث عن النبی (ص) فیما یرتبط بالامام المهدی (عج) و قد ذکرت جمیع تلک الاحادیث فی کثیر من المصادر الاسلامیة المعروفة و المتون الحدیثیة الاصلیة کالسنن و المعاجم و المسانید مثل سنن أبی داوود و سنن الترمذی و ابن ماجة و مسند أحمد و صحیح الحاکم و البزاز و معجم الطبرانی. و من مصادر و أقوال علماء أهل السنة یمکننا استفادة ان المهدی (عج) من أولاد فاطمة (س) و انه سوف یظهر.
و حول موضوع الظهور فقد تکلم علماء أهل السنة هکذا:
حول ظهور المصلح فی آخر الزمان لم یقع خلاف بین الصحابة و التابعین من القرن الاول الهجری و ما بعده و حتی یومنا الحاضر و اتفق الجمیع (علماء أهل السنة) علی ظهوره و اذا شکک شخص فی صحة أحادیث الظهور و صدور هذه البشارة من نبی الاسلام (ص) فانهم یحملونه علی عدم الاستقامة أو عدم الاطلاع. و لهذا السبب لم یعترض أحد الی الآن علی مدعی المهدویة بانکار أصل ظهور الامام المهدی (عج).
یقول السویدی فی هذا السیاق: ان مما اتفقوا علیه هو أن المهدی (عج) هو الذی یظهر فی آخر الزمان و یملأ الارض قسطا و عدلاً.[1]
و یقول خیر الدین الألوسی و هو من علماء أهل السنة أیضاً: أصح الاقوال عند أکثر العلماء ان ظهور المهدی (عج) من علامات القیامة، و ان رأی بعض أهل السنة الذین أنکروا ذلک لا قیمة له و لا اعتبار.[2]
و قد الفت کتب عدیدة حول ظهور المهدی من قبل علماء أهل السنة، حیث یقول الشیخ محمد باقر الایروانی فی کتاب الامام المهدی (عج): الف أهل السنة کتباً متعددة فی جمع الروایات المتعلقة بالامام المهدی (عج) و ان شخصاً سیظهر فی آخر الزمان و اسمه المهدی (عج)، و حسب اطلاعی فقد الف أهل السنة أکثر من ثلاثین کتاباً فی هذا الموضوع.[3] و علی الرغم من کون هذه القضیة اتفاقیة بین اهل السنة و الشیعة لکنّ عدداً قلیلاً من أهل السنة ضعف الأحادیث المتعلقة بالامام المهدی (عج) فمثلاً اعتبر ابن خلدون فی تاریخه ان هذه الأحادیث ضعیفة.[4] و أشار رشید رضا (مؤلف تفسیر المنار) فی ذیل الآیة الثانیة و الثلاثین من سورة التوبة الی ضعف الاحادیث المتعلقة بالمهدویة.[5] و بالطبع لم یأت أی منهما بدلیل یثبت ادعاءه بل استندوا الی مطالب واهیة. و قد ردّ کلام هذین الاثنین بشدة من قبل علماء آخرین من أهل السنة. و قد أجیب عنهما فی مؤلفات علماء الشیعة أیضاً.
ان ابن خلدون نفسه یقول فی بیان عقیدة المسلمین حول الامام المهدی (عج): المشهور عند جمیع أهل الاسلام انه سیظهر فی آخر الزمان رجل من أهل البیت (ع) یدفع عن الدین و ینشر العدل و یتبعه المسلمون و انه یستولی علی البلدان الاسلامیة و انه یسمی بالمهدی (عج).[6]
و بناء علی هذا فتضعیفه للأحادیث لا یخدش فی اتفاق أهل السنة حول ظهور المهدی (عج)، لان هذا الاعتقاد ناشئ من کثرة الاحادیث المنقولة عن طرق العامة.
و فیما یلی نتعرض لذکر بعض من ذکر هذه الاحادیث فی کتبهم، علی الرغم من انه یمکننا الادعاء بان جمیع کتب الحدیث المعتبرة لأهل السنة تقریباً قد ذکرت علی الاقل عدة موارد من أحادیث الامام المهدی (عج): 1. ابن سعد (المتوفی 230 هـ). 2. ابن ابی شیبة (المتوفی 225 هـ) 3. احمد بن حنبل (المتوفی 241 هـ) 4. البخاری (المتوفی 273 هـ) 5. مسلم (المتوفی 1380 هـ.) 6. ابن ماجة (المتوفی 73 هـ) 7. ابوبکر الاسکافی (المتوفی 33 هـ) 8. الترمذی (المتوفی 279 هـ) 9. الطبری (المتوفی 380 هـ). 10. ابن قتیبة الدینوری (المتوفی 276 هـ). 11. الحاکم النیسابوری (المتوفی 405 هـ). 12. البیهقی (المتوفی 458 هـ). 13. الخطیب البغدادی (المتوف 463 هـ). 14. ابن الاثیر الجزری (المتوفی 606 هـ).[7]
یقول أحد علماء السنة: وردت روایات کثیرة حول المهدی (عج) تصل الی حد التواتر، و هو أمر شائع بین علماء أهل السنة بحیث یعد فی جملة معتقداتهم. و یقول عالم آخر من علماء أهل السنة ایضاً: نقلت أحادیث المهدی (عج) بطرق مختلفة عن الصحابة و من بعدهم عن التابعین، بحیث ان مجموعها یفید العلم القطعی، و لهذا السبب یجب الایمان بظهور الامام المهدی (عج)، کما ان هذا الوجوب کان ثابتاً عند أهل العلم و هو مدون فی عقائد أهل السنة و الجماعة.[8] و قول ابن کثیر فی البدایة و النهایه: المهدی (عج) یأتی فی آخر الزمان و یملأ الارض قسطا و عدلاً کما ملئت ظلما و جوراً. و قد أوردنا الأحادیث المتعلقة بالمهدی (عج) فی جزء مستقل مثلما فعل ابو داوود فی سننه حیث خصص کتاباً مستقلاً لها.[9]
و من هذه المطالب التی نقلت عن أکابر أهل السنة یعلم ان مسألة المهدویة و الاعتقاد بظهور المهدی (عج) من العقائد الثابتة عند أهل السنة و الجماعة و ان الاحادیث المتعلقة بظهور الامام وصلت عندهم الی حد التواتر.
و بالالتفات الی ما تقدم من امور نصل الی هذه النتیجة و هی انه توجد مشترکات بین أهل السنة و الشیعة فی مسألة المهدویة، و هنا نشیر الی بعض المشترکات حول الامام صاحب الزمان (عج) بین مذهبی الشیعة و السنة:
- حتمیة ظهور و قیام الامام المهدی (عج)
- نسب الامام المهدی (عج)
ان نسب الامام المهدی (عج) مشخص عند الشیعة. و أما اهل السنة فقد أشاروا إلیه فی موارد معینة.
2-1. ان الامام المهدی (عج) من أهل البیت و من أولاد رسول الله (ص). و نقل ابن ماجة فی سننه ان النبی (ص) قال: "المهدی [عج] منا أهل البیت یصلحه الله عزوجل فی لیلة".[10]
2-2. الامام المهدی (عج) من نسل أمیر المؤمنین علی (ع). نقل السیوطی فی عرف الوردی ان رسول الله (ص) أخذ بید أمیر المؤمنین علی (ع) و قال: "سیخرج من صلب هذا فتی یملأ الارض قسطاً و عدلاً".[11]
2-3. الامام المهدی (عج) من نسل فاطمة (س): نقل ابن ماجة عن أمّ سلمة انها سمعت من رسول الله (ص) انه قال: "المهدی من ولد فاطمة".[12]
- الخصائص العالمیة للامام المهدی (عج):
ان الاوصاف المذکورة فی کتب أهل السنة للامام المهدی (عج) ماخوذة من الاحادیث التی ینقلها هؤلاء عن نبی الاسلام (ص) و لا تختلف فی العموم عن الأوصاف المذکورة فی کتب علماء الشیعة.
3-1. قوته (عج) حین الظهور، فقد أکدت روایات کثیرة أن الامام المهدی (عج) یکون بدنه قویاً جداً حین ظهوره.[13]
3-2. وجهه النورانی، روی الجوینی عن رسول الله (ص) أنه قال: "المهدی [عج] من ولدی. کأن وجهه کوکب دری".[14]
3-3. جبهته العریضة و أنفه الدقیق، نقل الصنعانی عن رسول الله انه قال: "ان المهدی [عج] أقنی أجلی".[15]
3- 4. الخال علی وجنته، یوجد علی الوجنة الیمنی للمهدی (عج) خال أسود.[16]
3-5. الظهور فی سن الاربعین، و بالطبع فان الشیعة یرون أنه (عج) یظهر فی سن الشیخوخه و لکن بصورة رجل فی الاربعین من عمره.
- تسمیته (عج) باسم النبی (ص)
اتفق الشیعة و أهل السنة علی ان اسم المهدی (عج) هو اسم رسول الله (ص).[17]
- ممهدات الظهور:
5-1. الیأس العام، یقول داود بن کثیر الرقی قلت للامام الصادق (ع)، جعلت فداک قد طال هذا الامر علینا حتی ضاقت قلوبنا و متنا کمداً؟ فقال: "ان هذا الامر آیس ما یکون منه و أشده غماً ینادی مناد من السماء باسم القائم و اسم أبیه. فقلت له: جعلت فداک ما اسمه؟ فقال اسمه اسم نبی و اسم ابیه اسم وصی".[18]
5-2. انتشار الظلم و عمومه، قال رسول الله فی هذا الصدد ما مضمونه لو لم یبق من الدنیا الا یوم واحد لطول الله ذلک الیوم حتی یبعث رجلاً من أهل بیتی یملأ الارض قسطاً و عدلاً کما ملئت ظلما وجورا.[19]
- علامات الظهور
6-1. النداء السماوی، قال رسول الله (ص) ما مضمونه (تسمع فی شهر محرم صحیحة من السماء بان فلان (المهدی) خیرة الله فاسمعوا له و اطیعوا)[20].
6-2. خروج السفیانی
6-3. خسف فی البیداء، کلمة الخسف بمعنی الاندثار و الانطمار، و البیداء اسم لمنطقة بین مکة و المدینة، و المقصود من هذه العلامة ان السفیانی متوجه بجیش کبیر الی مکة بقصد مواجهة الامام المهدی (عج)، فتنخسف الارض بهم بصورة اعجازیة بین مکة و المدینة فی محل معروف بالبیداء.[21]
6- 4. قتل النفس الزکیة، مقتل شخص زکی و بریء بین الرکن و المقام قبل ظهور الامام المهدی (عج).[22]
- الامور المتعلقة بظهور الامام المهدی (عج).
7-1. اصلاح أمر ظهور المهدی (عج) فی لیلة واحدة.[23]
7-2. محل الظهور، تشترک الروایات فی ان ظهور الامام المهدی (عج) سیبدأ من مکة و من جوار الکعبة.[24]
7-3. البیعة مع الامام المهدی (عج)، ان أحد المواضیع البارزة فی المصادر الشیعیة و السنیة هی بیعة أنصار الامام المهدی (عج) له فی بدایة الظهور.[25]
7- 4. نزول الملائکة لنصرة الامام المهدی (عج).[26]
7-5. نزول عیسی و اقتداؤه بالامام المهدی (عج)، قال رسول الله (ص) ما مضمونه: یری المهدی (عج) نزول عیسی و کأن الماء یقطر من شعره. فیقول له: تقدم للصلاة. فیقول عیسی : اقیمت الصلاة لک فیقف خلف المهدی (عج) للصلاة.[27]
- خصائص حکومة المهدی (عج):
8-1. نشر العدل.[28]
8-2. الرفاه و الامان. قال رسول الله ما مضمونه: المهدی سیکون فی أمتی .... و یعیش الناس فی عصره حیاة لم یحیوها قبل ذلک أبدا.[29]
8-3. المقبولیة العمومیة لحکومة المهدی (عج).[30]
8-4. الأمان الشامل[31].
8-5. انتشار الغنی، قال النبی (ص) ما مضمونه: ابشرکم بالمهدی (عج) الذی سیعمر قلوب امة محمد بالغنی.[32]
8-6. غلبة الاسلام علی باقی الادیان.
8-7. کون حکومة المهدی (عج) عالمیة، قال الامام الصادق (ع) ما مضمونه: حین یقوم القائم لا تبقی ارض الا ان یعلو فیها ذکر الشهادتین.
الاختلافات بین نظرة الشیعة و أهل السنة لقضیة المهدویة:
- الاختلاف فی الولادة: تعتقد الشیعة الامامیة الاثنا عشریة ان الامام المهدی (عج) هو ابن الامام الحسن العسکری (ع) و هو الآن حی و غائب. و لکن أهل السنة و بالرغم اتفاقهم علی الاعتقاد بالمهدویة – و سبب ذلک هو وجود روایات متواترة – فانهم یعتبرون ظهور الامام المهدی (عج) فی آخر الزمان من عقائدهم القعطیة فانهم ینقسمون فی نسبه و ولادته الی عدة مجامیع:
فالبعض من أهل السنة یدعون ان المهدی (عج) هو نفس عیسی ابن مریم و یستندون فی هذا المورد الی خبر واحد نقل عن أنس بن مالک.[33]
و یعتقد عدد قلیل منهم أیضاً ان المهدی (عج) هو من ولد العباس بن عبدالمطلب و هؤلاء یستندون الی خبر واحد مذکور فی کنز العمال.[34]
و بعضهم أیضاً یعتقدون ان المهدی (عج) هو من أولاد الامام الحسن المجتبی لا من أولاد الامام الحسین (ع).[35]
و یقول جماعة: ان اسم والد الامام المهدی (عج) هو اسم والد نبی الاسلام (ص) و حیث ان اسم والد النبی محمد (ص) هو عبدالله فلا یمکن أن یکون المهدی ابن الحسن العسکری هو المهدی الموعود و مستند هذا الاحتمال أیضاً خبر مذکور فی کنز العمال.[36]
جماعة من هؤلاء یعتقدون کما یعتقد الشیعة الامامیة الاثنا عشریة ان الامام المهدی (عج) من أولاد النبی (ص) و فاطمة (س) و ان عیسی (ع) أیضاً حین ظهور الامام المهدی (عج) سیهب لنصرته و یقتدی به فی صلاته. کما ورد فی روایات متعددة.
فقد نقل عن ام سلمة ان رسول الله (ص) قال: "المهدی (عج) من عترتی من ولد فاطمة (س)".[37]
و نقل جابر بن عبدالله عن النبی (ص) قوله ان عیسی سینزل حین ظهور المهدی (عج).[38]
و یقول عبدالله بن عمر: المهدی (عج) الذی ینزل علیه عیسی بن مریم و یصلی خلفه عیسی (ع).[39]
و هذه المجموعة لا تقبل الحدیث الذی یقول (المهدی عج) من ولد العباس بن عبد المطلب.
یقول الذهبی: هذا الخبر نقل عن محمد بن الولید فقط و هو من الذین یضعون الحدیث.[40]
و بالطبع فان هذه المجموعة أیضاً لا تعتقد بولادة الامام المهدی (عج) و لا بغیبته. و یدعی ابن حجر ان جمیع المسلمین غیر الامامیة یعتقدون ان المهدی (عج) هو غیر الحجة. لان غیبة الشخص و لهذه المدة الطویلة هو من خوارق العادة.[41]
و فی الجواب عن المجموعة الأخیرة ینبغی ان یقال، اولاً: انه توجد روایات نبویة متعددة، تذکر الائمة الاثنی عشر بأسمائهم، فما ذکره باطل. و روی عن ابن عباس ان شخصاً یهودیاً اسمه نعثل جاء الی النبی (ص) و طرح أسئلة کثیرة و سأل عن الأوصیاء أیضاً فأجابه (ص): "اول اوصیائی علی و بعده الحسن و الحسین (ع) و الائمة التسعة من ولده"، فسأل نعثل: ما اسمهم فذکر له النبی (ص) أسماء کل واحد من الائمة الی الامام الثانی عشر (عج).
و قال رسول الله (ص) فی جواب سؤال لجابر بن عبدالله الأنصاری عن الأئمة بعد علی (ع): بعد علی الحسن و الحسین (ع) امامان، ثم سید العابدین، ثم محمد بن علی الباقر و سوف تراه فاذا رأیه فبلغه سلامی، ثم جعفر بن محمد الصادق، ثم موسی بن جعفر الکاظم، ثم علی بن موسی الرضا، ثم محمد بن علی الجواد، ثم علی بن محمد النقی، ثم الحسن بن علی الزکی و بعده القائم بالحق مهدی امتی (محمد بن الحسن) صاحب الزمان إمام، و هو الذی یملأ الارض قسطا و عدلاً کما ملئت ظلما و جوراً.[42]
ثانیاً: توجد شواهد تاریخیة و أخبار کثیرة تنقل ولادته و أیام طفولته، و کنموذج ننقل عدة موارد من أقوال أهل السنة:
- الحافظ سلیمان الحنفی یقول: الخبر المعلوم عند المحققین و الموثقین هو أن ولادة القائم (عج) کانت فی لیلة الخامس عشر من شعبان سنة (255 ق) فی مدینة سامراء.[43]
- قال الخواجة محمد پارسا فی کتاب فصل الخطاب: و من أهل البیت: ابو محمد بن العسکری الذی لم یخلف ذریة الا أبا القاسم و هو القائم و الحجة و المهدی (عج) و یسمی صاحب الزمان. و قد ولد فی النصف من شعبان سنة 255 هجری و اسم امه نرجس و کان عمره حین استشهاد والده خمس سنوات.[44]
- یقول ابن خلکان فی وفیات الأعیان: ابوالقاسم محمد بن الحسن العسکری ابن علی الهادی ابن محمد الجواد ... الامام الثانی عشر من أئمة الشیعة الاثنا عشریة و المعروف بـ (الحجة) ... ولد فی یوم الجمعة فی النصف من شعبان سنة 255 هـ.ق.[45]
- و اشار الذهبی أیضاً فی ثلاثة من کتبه الی ولادة الامام المهدی (عج) و قال فی کتاب العبر فی حوادث سنة 256 هـ.ق: فی هذه السنة ولد محمد بن الحسن بن علی الهادی ابن محمد الجواد بن علی الرضا بن موسی الکاظم بن جعفر الصادق العلوی الحسینی. و کنیته ابوالقاسم و یسمیه الرافضة بالخلف الحجة المهدی (عج) و صاحب الزمان و هو آخر إمام من الأئمة الاثنی عشر.[46]
- و یقول خیر الدین الزرکلی (المتوفی 1396 هـ. ق) و هو من علماء السنة المعاصرین: ولد فی سامراء و کان عمره حین وفاة والده خمس سنوات و قیل انه ولد فی لیلة النصف من شعبان سنة 255 و غاب فی سنة 265[47]. و ذکر آیة الله العظمی الصافی فی کتاب المهدویة أسماء اکثر من سبعة و سبعین عالماً من علماء أهل السنة ذکر کل منهم بطریق من الطرق ولادة الامام المهدی.[48]
و بناء علی هذا، فاذا قال بعض أهل السنة ان الامام المهدی (عج) لم یولد بعد، فهو ادعاء من دون دلیل و لا ینسجم حتی مع أقوال أعلامهم. و ربما اعتبر بعض أهل السنة کابن حجر الهیثمی ان طول العمر دلیل عدم ولادة الامام المهدی (عج) و لکن ینبغی ان یقال ان الله القادر علی ان یبقی عیسی بن مریم حیاً لکی یقتدی بالمهدی (عج) و یحفظ یونس فی بطن الحوت و أن یعمر نوحاً ذلک العمر الطویل، ألا یقدر ان یهب للمهدی (عج) عمرا طویلاً.[49]
ان أهل السنة أنفسهم یعتقدون بحیاة عیسی و الخضر و صالح و ... .
و النتیجة ان ولادة الامام المهدی (عج) أمر مسلم و قطعی و یعرفه أهل السنة أنفسهم.
یقول محمد بن علی بن حمزة: سمعت الامام العسکری (ع) یقول: "ولی الله و حجة علی عباده و خلیفتی ولد فی لیلة النصف من شعبان سنة 255 عند الفجر".[50]
- الاختلاف حول عصمة الامام صاحب الزمان:
لا یعتقد أکثر علماء أهل السنة بعصمة الامام و یعتبرونه انساناً عادیاً یحتمل صدور الذنوب و الأخطاء منه کأی انسان آخر. و هذه العقیدة مما أکد علیها ابن کثیر و کثیر من علماء السنة.[51]
و یستند هؤلاء فی هذه العقیدة الی حدیث منقول عن النبی الاکرم (ص) حیث قال: "المهدی (عج) منا أهل البیت یصلحه الله عز و جل فی لیلة".[52]
اما عقیدة الشیعة فهی ان جمیع الائمة معصومون و لا یحتمل فی حقهم الخطأ و الاشتباه.
3- و من الاختلافات إنکار الغیبة:
اتفق علماء الشیعة ان سنة غیبة المهدی (عج) 329 هـ.ق و یعتقدون انه حی الی الآن و الی أن یأذن الله تعالی له بالظهور. و هذه العقیدة هی علی أساس الأحادیث و الروایات المنقولة عن النبی الاکرم (ص) و أهل البیت (ع)، تلک الروایات التی صدرت قبل وقوع الغیبة و بعضها صدرت قبل ولادة الامام الهدی عج (ع) بمائة سنة او مأتین. لکن أکثر علماء السنة لا یعتقدون بغیبة الامام صاحب الزمان، و قد غضضنا النظر هنا عن ایراد أدلتهم و الرد علیها رعایة للاختصار.
کان هذا خلاصة رؤیة أهل السنة بالنسبة للامام صاحب الزمان.
و فی الختام نقول ان أهم ملاحظة حول الامام صاحب الزمان یمکن ذکرها عن لسان أهل السنة هی مسألة الفتاوی الأربعة الصادرة فی حق منکر الاعتقاد بظهور الامام المهدی (عج). و هذه الفتاوی صدرت من قبل کل من:
- ابن حجر الهیثمی الشافعی 2. الشیخ أحمد ابو سرور بن صبا الحنفی. 3. الشیخ محمد بن محمد الخطاب المالکی. 4. الشیخ یحیی بن محمد الحنبلی.
ان جمیع هؤلاء یقولون بان من ینکر الاعتقاد بالظهور یجب أن یعاقب، و صرحوا بانه یجب أن یضرب و یحتقر لکی یتأدب و یعود الی الحق و الا فیجب قتله و هو مهدور الدم.[53]
[1] سبائک الذهب، ص 78.
[2] مقتبس من کتاب الاسلام و مستقبل العالم، مصطفی محقق راد.
[3] الایراوانی، محمد باقر، الامام المهدی (عج)، ص 11.
[4] تاریخ ابن خلدون، ج 1، ص 199.
[5] تفسیر المنار، ج 10، ص 393، ح 9، 499 و 507.
[6] تاریخ ابن خلدون، ج 1، ص 555، الخصل، 52.
[7] حول الذین تعرضوا لذکر الاحادیث المتعلقة بالامام المهدی (عج) یراجع، المهدی المنتظر فی الفکر الاسلامی، ص 2926.
[8] نظم المتناثر فی الحدیث المتواتر، ص 226 (نقلا عن: طریق الی المهدی المنتظر، ص 91).
[9] البدایة و النهایة، ج 6، 281.
[10] سن بن ماجة، ص 699، ح 4085.
[11] السیوطی، عرف الوردی، ص 76 و 88.
[12] سنن ابن ماجة، 699، ح 4086.
[13] فرائد السمطین، ج 2، ص 327، ح 589.
[14] نفس المصدر، ح 565.
[15] الصنعانی، المصنف، ج 3، ص 2077.
[16] الکنجی، الشافعی، البیان، فی اخبار صاحب الزمان، ب 8، ح 51.
[17] المقدس الشافعی، عقد الدرر، ص 45 و 55.
[18] النعمانی، الغیبة، ص 186.
[19] سنن ابی داوود، ح 4282، جاء فی کتاب الغیبة للنعمانی ص 187 قوله حدثنا محمد بن یعقوب الکلینی قال حدثنا محمد بن یحیی عن احمد بن ادریس عن محمد بن احمد عن جعفر بن القاسم عن محمد بن ولید الخزاز عن الولید بن عقبة عن الحارث بن زیاد عن شعیب عن ابی حمزة قال: دخلت علی ابی عبدالله (ع) فقلت له انت صاحب هذا الامر؟ فقالک لا. فقلت: فولدک؟ فقال: لا. فقلت: فولد ولدک؟ فقال: لا. قلت: فولد ولد ولدک؟ قال: لا. قلت: فمن هو؟ قال: الذی یملؤها عدلاً کما ملئت ظلما و جوراً لعلی فترة من الائمة یأتی کما ان النبی (ص) بعث علی فترة من الرسل.
[20] نعیم بن حماد، الفتن، ص 93.
[21] الصنعانی المصنف، ج 11، ص 371.
[22] ابن ابی شیبة، المصنف، ج 8، ص 679.
[23] البیان فی اخبار صاحب الزمان، ص 31، ح 11.
[24] النعمانی، الغیبة، ص 313، ح 4.
[25] الکنجی الشافعی، البیان فی اخبار صاحب الزمان، ص 35، ح 15.
[26] عقد الدرر، ص 46، 117 و 118.
[27] المقدس الشافعی، عقدر الدرر، ص 292.
[28] المصنف، ح 19484، سنن ابی داود، ح 4282.
[29] ابن ابی شیبة، المصنف، ج 7، ح 19484.
[30] الصنعانی، المصنف، ح 20770.
[31] احمد بن حنبل، المسند، ج 3، ص 37.
[32] عقد الدرر، ص 95.
[33] سنن ابن ماجة، کتاب الفتن، ح 4029.
[34] کنز العمال، ج 14، ص 264، ح 38666.
[35] الاطناب المنیف، ابن قیم الجوزیة، ص 151 (نقلا عن: الامام المهدی، المیلانی، ص 21).
[36] کنز العمال، ج 14، ص 268، ح 38478.
[37] السنن الواردة فی الفتن و غوائلها و الساعة و اشراطها، عثمان بن سعید المقری، ج 5، 1057.
[38] نفس المصدر، ج 6، ص 1237.
[39] الفتن 1، 373، نعیم بن حماد المروزی.
[40] تعرد به محمد بن الولید مولی بنی هاشم و کان یضع الحدیث، الصواعق المحرقة، ابن حجر الهیثمی، ج 2، ص 482.
[41] نفس المصدر، ج 2، ص 482.
[42] الاحتجاج، احمد بن علی الطبرسی، تحقیق ابراهیم البهادری، و ... ج 1، ص 68 – 69، و یراجع ایضاً صحیح مسلم 6: 3 و 4 باب الامارة حول الاحادیث التی ذکرت اسماء الائمة (ع).
[43] ینابیع المودة، الشیخ سلیمان القندوزی الحنفی، ص 179.
44] نفس المصدر.
[45] وفیات الاعیان، ابن خلکان، ج 4، ص 562.
[46] العبر فی خبر من غبر، ج 3، ص 31.
[47] الاعلام، ج 6، ص 80.
[48] الامامة و المهدویة، ج 2، ص 56 – 241.
[49] یراجع بحار الانوار، ج 51، ص 99 – 102.
[50] مقتبس من شمس الامامة و الولایة، مهدی الکامرانی.
[51] شرح سنن ابن ماجة، ج 2، ص 519.
[52] سنن ابن ماجة، ج 2، ص 4087.
[53] البرهان علی علامات مهدی آخر الزمان، ص 183 – 187.
فی ذکری میلاد الامام المهدی المنتظر علیه السلام
ولد المصلح العالمی المنتظر الإمام الثانی عشر الحجّة بن الحسن المهدی الموعود صلوات اللَّه علیه وعلى آبائه فی فجر یوم الجمعة النصف من شعبان سنة مئتین وخمس وخمسین هجریة قمریّة (255 هـ. ق) الموافق لعام 868 میلادی فی مدینة سامراء (1). أبوه هو الإمام الحادی عشر الحسن العسكری (علیه السلام).
أمه، نسبها ومكانتها:
أمّه السیّدة الكریمة (نرجس) وتسمّى بـ(سوسن) أیضاً، وهی ابنة (یوشعا)قیصر الروم، ومن الأم من نسل (شمعون) أحد حواریّی المسیح (علیه السلام). وكانت نرجس ذات منزلة رفیعة بحیث انّ حكیمة - وهی أخت الإمام الهادی (علیه السلام) والتی تعتبر من أهمّ سیّدات أهل البیت (علیهم السلام) -تخاطبها بقولها: (یا سیّدتی).
وعندما كانت (نرجس) فی الروم شاهدت أحلاماً عجیبة،ففی إحدى المرّات رأت فی المنام نبیّ الإسلام الأكرم صلى الله علیه وآله والسیّد المسیح عیسى (علیه السلام)، وقد زوّجاها من الإمام الحسن العسكری (علیه السلام)، وفی حلم آخر شاهدت أمراً غریباً آخر وهو أنّها قد أسلمت بدعوة كریمة من فاطمة الزهراء (علیها السلام)، لكنها كتمت إسلامها عن أسرتها ومن یحیط بها حتى شبّت المعارك بین المسلمین والروم، وقاد قیصر الروم بنفسه الجیش إلى جبهات القتال. ورأت نرجس فی النوم من یأمرها ان تتخفّى مع سائر إمائها وخدمها وتسیر مع فئة المقاتلین التی تتحرّك نحو الحدود، ونفّذت ما رأته بدقّة، ولما وصلوا إلى الحدود أُسروا جمیعاً على ید بعض الطلائع من جیش المسلمین ومن دون أن یعرف المسلمون أنّ فیهم أعضاء من أسرة قیصر الروم فقد حمل المسلمون الأسرى إلى بغداد.
وقد جرت هذه الحادثة فی أواخر مرحلة إمامة الإمام العاشر الهادی (علیه السلام)، وجاء مبعوث من الإمام الهادی (علیه السلام) یحمل رسالة منه مكتوبة باللّغة الرومیة وسلّمها إلى (نرجس) فی بغداد واشتراها من بائع الإماء وجاء بها إلى الإمام الهادی فی سامرّاء، وعندئذ قام الإمام بتذكیرها بتلك الأحلام التی كانت قد رأتها من قبل، وبشّرها بأنّها ستصبح زوجة للإمام الحادی عشر وأُمّاً لولد سوف یسیطر على كلّ العالم ویملأ الأرض قسطاً وعدلاً. ثمّ ان الإمام الهادی (علیه السلام) أسند شؤون (نرجس) إلى أخته الجلیلة (حكیمة ) وهی من كبار سیّدات أهل البیت (علیه السلام)، لتُعلّمها الآداب الإسلامیة والأحكام الشرعیة. وبعد مدّة من الزّمن أصبحت (نرجس) زوجة للإمام الحسن العسكری (علیه السلام).
ولادته (عج):
كان من عادة (حكیمة ) أنّها كلّما زارت الإمام العسكری (علیه السلام) دعت اللَّه أن یرزقه ولداً، وهی تقول: دخلت علیه ذات مرة، فقلت له كما أقول ودعوت كما أدعو، فقال: یا عمّة اما انّ الذی تدعین اللَّه أن یرزقنیه یولد فی هذه اللّیلة، یا عمّتاه بیتی اللیلة عندنا فانّه سیولد اللیلة المولود الكریم على اللَّه عزّ وجلّ الذی یحیی اللَّه عزّ وجلّ به الأرض بعد موتها، قالت حكیمة: ممّن یا سیّدی، ولست أرى بنرجس شیئاً من أثر الحمل، فقال: من نرجس لا من غیرها. قالت: فوثبت إلى نرجس فقلّبتها ظهراً لبطن فلم أر بها أثراً من حبل فعدت إلیه فأخبرته بما فعلت، فتبسّم ثم قال لی: إذا كان وقت الفجر یظهر لك بها الحبل؛ لأنّ مثلها مثل أمّ موسى لم یظهر بها الحبل، ولم یعلم بها أحد إلى وقت ولادتها، لأنّ فرعون كان یشقّ بطون الحبالى فی طلب موسى وهذا نظیر موسى (علیه السلام) (یطوی سجلّ حكومة الفراعنة).
قالت حكیمة: فلم أزل أراقبها إلى وقت طلوع الفجر وهی نائمة بین یدی لا تقلب جنباً إلى جنب حتى إذا كان فی آخر اللیل وقت طلوع الفجر وثبت فزعة فضممتها إلى صدری وسمّیت علیها، فصاح الإمام العسكری (علیه السلام) وقال: إقرأى علیها (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِی لَیْلَة الْقَدْرِ) فأقبلت أقرأ علیها، وقلت لها: ما حالك؟ قالت: ظهر الأمر الذی أخبرك به مولای فأقبلت اقرأ علیها كما أمرنی فأجابنی الجنین من بطنها یقرأ كما اقرأ وسلّم علیّ. قالت حكیمة: ففزعت لما سمعت فصاح بی الإمام العسكری (علیه السلام) لا تعجبی من أمر اللَّه عزّوجلّ انّ اللَّه تبارك وتعالى ینطقنا بالحكمة صغاراً، ویجعلنا حجة فی أرضه كباراً، فلم یستتّم الكلام حتى غیّبت عنی نرجس فلم أرها كأنّه ضرب بینی وبینها حجاب، فعدوت نحو الإمام العسكری (علیه السلام)، وأنا صارخة فقال لی: ارجعی یا عمّة فإنّك ستجدیها فی مكانها، قالت: فرجعت فلم ألبث أن كشف الحجاب بینی وبینها وإذا أنا بها وعلیها من أثر النور ما غشی بصری وإذا أنا بالصبیّ (علیه السلام) ساجداً على وجهه جاثیاً على ركبتیه رافعاً سبّابتیه نحو السماء وهو یقول: (أشهد أن لا إله إلّا اللَّه وحده لا شریك له وانّ جدیّ رسول اللَّه صلى الله علیه وآله وأنّ أبی أمیر المؤمنین ثمّ عدّ إماماً إماماً إلى ان بلغ إلى نفسه، فقال (علیه السلام): اللهمّ أنجز لی وعدی وأتمم لی أمری وثبّت وطأتی واملأ الأرض بی عدلاً وقسطاً... ) (2).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أصول الكافی 1: 514، الارشاد للمفید: 326، وفی بعض الروایات ان الإمام (علیه السلام) قد ولد سنة 256 ق، لیرجع من شاء إلى كمال الدین 2: 97، بحار الأنوار 51: 15.
(2) راجع خبر ولادة الإمام المهدی فی الكتب التالیة: كمال الدین 2: 100 - 90، والغیبة للشیخ الطوسی: 124، وبحار الأنوار 25 - 12: 51، واضافة على المصادر والكتب الشیعیة، لقد نقل هذا الخبر وتاریخ الولادة جمع من علماء أهل السنّة منهم ابن صبّاغ المالكی (المتوفى فی 855 ق) فی كتابه الفصول المهمّة، فی معرفة الأئمة واكتفى بذكر تاریخ الولادة الیافعی (المتوفى 768 ق) فی كتابه مرآة الجنان وعبرة الیقظان فی معرفة حوادث الزمان.