
emamian
بارالمبياد باريس: 23 ميدالية ملونة حصيلة ايران في ختام اليوم العاشر
وجاءت ميداليات البعثة الايرانية حتى اليوم الثامن للدورة كالتالي:
-الميدالية الذهبية: سارة جوانمردي (المسدس الهوائي 10 أمتار)، أمير حسين علي بور (رمي الثقل)، سعيد افروز (رمي الرمح)، روح الله رستمي (رفع الاثقال)، ياسين خسروي (رمي الثقل)، فريق الكرة الطائرة جلوس.
-الميدالية الفضية: ظفر ذاكر (رمي الثقل)، برستو حبيبي (رمي المطرقة)، مهدي أولاد (رمي الثقل)، حسن باجولوند (رمي القرص)، هاجر صفر زادة (جري 400 م)، علي بيروج (رمي الرمح فئة اف 13)، ميثم بني طبا (باراجودو)، زهراء رحيمي (باراتايكواندو)، فاطمة همتي (القوس والنشاب)، فريق الزوجي المختلط هادي نوري وفاطمة همتي (القوس والنشاب)، .
-الميدالية البرونزية: علي رضا بخت (باراتايكواندو)، حامد حق شناس (باراتايكواندو)، محمد رضا عرب عامري (القوس والنشاب)، علي رضا مختاري (رمي الثقل)، علي اصغر جوانمردي (رمي الثقل)، الهام صالحي (رمي الرمح)، محسن بختيار (رفع الاثقال).
وتاتي الصين في الصدارة بـ 213 ميدالية (93 ذهبية و 71 فضية و 49 برونزية) وبعدها بريطانيا بـ 117 ميدالية (47 ذهبية و 40 فضية و 30 برونزية) ومن ثم اميركا بـ 100 ميدالية (34 ذهبية و 41 فضية و 25 برونزية).
يذكر ان الايراني صادق بيت سياح احرز الميدالية الذهبية في رمي الرمح، الا ان لجنة الانضباط جردته منها لاسباب غير منطقية، مما حدا بايران للاعتراض بشدة على هذا القرار المجحف.
تطهير الحدود الإيرانية العراقية.. السودان يرفض قوة تدخل
وقال باكبور أن الهجمات التي شهدتها البلاد في الأشهر الأخيرة على مراكز الشرطة ونقاط التفتيش على الحدود نفذتها مجموعات إرهابية مختلفة بدعم من جهاز استخباراتي قوي، مؤكدا أن التحقيقات كشفت أن الكيان الإسرائيلي يدعم هذه العمليات الإرهابية.
ولمناقشة هذا الموضوع تستضيف الحلقة من طهران الخبير في الشؤون الاستراتيجية د.هادي محمدي وتناقشه هذه الأسئلة:
- أعلن حرس الثورة الإسلامية تطهير الحدود الشرقية والجنوب الشرقية لإيران، والحدود مع العراق من العناصر الإرهابية المعادية للثورة، ما دلالات هذا الإعلان؟
- باكبور أعلن أن التحقيقات كشفت أن الكيان الإسرائيلي يدعم العمليات الإرهابية التي تستهدف مراكز الشرطة، ما رسالة هذا الكشف للمغرر بهم والمناوئين للثورة الإسلامية؟
- كيف تعلقون على توقيت هذا الإعلان مع الزيارة المرتقبة للرئيس الإيراني إلى العراق والمقررة الأربعاء؟
- العراق لم يبق للزمر المناوئة لإيران أي تواجد على الحدود بين البلدين.. هل هذه الخطوة تخدم الجانب الإيراني فحسب أم تخدم الجانب العراقي أيضا؟
- كيف تقرأون دور سياسة إيران في بناء العلاقات مع دول الجوار في القضاء على كل محاولات الأعداء في إثارة الفتن والقلاقل في بلدان المنطقة؟
وفي المحور الثاني.. رفض السودان توصيات بعثة تقصي الحقائق التابعة لمجلس حقوق الإنسان، واتهمتها بالتسييس بعد أن دعت إلى نشر قوة مستقلة في البلاد لحماية المدنيين.
وقالت الخارجية السودانية في بيان إن الخرطوم ترفض توصيات بعثة تقصي الحقائق، وتعتبرها تجاوزا واضحا لصلاحيتها، وأضافت أن البعثة نشرت تقريرها قبل أن يستمع له مجلس حقوق الإنسان، وهو ما يفقد اللجنة المهنية والاستقلالية.
وكان خبراء أمميون قد دعوا إلى نشر قوة في السودان لحماية المدنيين من جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها الطرفان المتحاربان، بحسب البيان.
وفي بداية البرنامج تستضيف الحلقة عبر اسكايب مراسل العالم في الخرطوم مهند الحسين، ورئيس المنظمة الدولية للعلوم والتنمية من طرابلس د.إدريس إحميد.. ويناقشهما هذه الأسئلة:
- ما وقع رفض الحكومة نشر قوة تدخل اقترحتها بعثة حقوق الإنسان على الشارع السوداني؟
- هل يحتاج السودان قوة أممية لحماية المدنيين؟
- ما هو هدف بعثة تقصى الحقائق التابعة لمجلس حقوق الإنسان من نشر قوة في السودان؟
- إثارة توصية بعثة تقصي الحقائق بنشر قوة دولية انقساما، فبينما اعتبرتها الحكومة 'زوبعة في فنجان' قال الدعم السريع إنها تمهد لحكومتين ما تعليقكم على هذا الأمر؟
- لماذا رفضت الحكومة السودانية توصيات بعثة تقصى الحقائق واتهمتها بالتسيس؟
- رأى خبراء ثمة تعقيدات بمجلس الأمن ومشكلات عملية قد تعوق الخطوة.. ما هي هذه التعقيدات؟
- خبراء من الأمم المتحدة اتهموا الطرفين المتحاربين بانتهاك حقوق الإنسان وارتكاب جرائم حرب فما هو دور المنظمة الدولية والقوى العظمى لاحتواء هذه الأزمة؟
- الأمم المتحدة تقول إن حرب السودان خلفت أكثر من 20 ألف قتيل فإلى اين تتجه الأمور وما مآلات هذا الصراع؟
ما هي ثمرات التواضع؟
هناك أمور يمكننا أن نستعين بها على التواضع وتشكّل أسباباً مهمّة مساعدة على الابتعاد عن التكبّر والاستعلاء الّذي كثيراً ما ينشأ من تولّي المسؤوليّات، ومخالطة وجهاء الناس، ومعاشرة الأغنياء، وقلّة مخالطة الأكفاء, ومدح الناس، ونفوذ الأمر، ومحادثة النفس وإعجابها بكلّ ما يصدر عنها وغير ذلك من الآفات الخدّاعة الّتي تؤدّي إلى التشاغل عن الفضائل، بل ربّما إلى فعل الرذائل، مع أنّ المطلوب إذا زُكّي الرجل أن يقول كما ورد في خطبة المتّقين لأمير المؤمنين عليه السلام: "إذا زُكِّي أحدهم خاف ممّا يقال له، فيقول: "أنا أعلم بنفسي من غيري، وربّي أعلم بي من نفسي، اللّهمّ لا تؤاخذني بما يقولون، واجعلني أفضل ممّا يظنّون واغفر لي ما لا يعلمون"([1]).
والأمور المساعدة على التواضع هي:
1- سلامة الصدر:
عن أمير المؤمنين عليه السلام: "لا يُستعان.. على التواضع إلّا بسلامة الصدر"([2]).
2- العلم والتفقّه:
في الحديث: "التواضع ثمرة العلم"([3]).
ورُوي: "إذا تفقّه الرفيع تواضع"([4]).
3- تعظيم الخالق سبحانه:
يقول مولى المتّقين عليه السلام: "وأنّه لا ينبغي لمن عرف عظمة الله أن يتعظّم، فإنّ رفعة الّذين يعلمون ما عظمته أن يتواضعوا له"([5]).
ثمرات التواضع
إنّ اعتماد التواضع مسلكاً يؤدّي إلى نتائج فيها من الخير الكثير على أصعدة مختلفة نستعرضها ضمن البيان النورانيّ لأهل بيت العصمة عليهم السلام وهي:
1- انتشار المودّة بين الناس:
يقول أمير المؤمنين عليه السلام: "ثمرة التواضع المحبّة، ثمرة الكِبْر المسبّة"([6]).
2- السلامة والأمان بين الناس:
عنه عليه السلام: "التواضع يُكسبك السلامة"([7]).
3- المهابة والاحترام:
في الحديث: "التواضع يكسوك المهابة"([8]).
وعن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّ التواضع يزيد صاحبه رفعة، فتواضعوا يرفعكم الله"([9]).
4- الصحّة والعافية:
فيما ورد: "مَن تواضع قلبه لله لم يسأم بدنه من طاعة الله"([10]).
5- انتظام الأمور:
عن أمير المؤمنين عليه السلام: "بخفض الجناح تنتظم الأمور"([11]).
6- حكمة القلب:
في الحديث: "إنّ الزرع ينبت في السهل ولا ينبت في الصفا، فكذلك الحكمة تعمر في قلب المتواضع ولا تعمر في قلب المتكبّر الجبّار؛ لأنّ الله جعل التواضع آلة العقل، وجعل التكبّر من آلة الجهل"([12]).
7- نشر الفضيلة:
عنه عليه السلام: "التواضع ينشر الفضيلة، التكبر يظهر الرذيلة"([13]).
8- الطاعة والشكر للخالق تعالى:
في الحديث: "بالتواضع تتمّ النعمة"([14]). ومن الواضح أنّ هذه الآثار ليست فرديّة فقط, بل تعني حياة المجتمع وعمرانه بالشكل الأفضل كما يشرحه النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قائلاً: "إنّ الله تعالى أوحى إليّ أن تواضعوا حتّى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد"([15]).
([1]) نهج البلاغة، ج2, ص162.
([2]) بحار الأنوار، ج75، ص7.
([3]) غرر الحكم: 301.
([4]) ميزان الحكمة، ج4, ص3559.
([5]) نهج البلاغة، الخطبة: 147.
([6]) ميزان الحكمة، حديث: 21860.
([7]) م.س. حديث: 21861.
([8]) م.ن. حديث: 21862.
([9]) م.ن. حديث: 21872.
([10]) م.ن. حديث: 21863.
([11]) م.ن. حديث: 21864.
([12]) م.ن. حديث: 21866.
([13]) م.ن. حديث: 21868.
([14]) م.س. حديث: 21867.
([15]) م.ن. حديث: 21870.
مظاهر الحب الواقعي في حياتنا
لأنّ طبيعة الناس ونفوسهم مستغرقةٌ في عالم الدنيا والظاهر، ولا يُمكنهم في البداية أن يتعرّفوا إلى المصداق الحقيقي للكمال المطلق وهو الله، فقد أنزل الحقّ تعالى إليهم مظاهر هذا الكمال بجلباب البشرية لكي يتعرّفوا إليه من خلالها. فكان أعظم ما في هذا الوجود هو خلق هذا الخليفة لله بصورة البشر ﴿إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَليفَةً﴾[1] فكان هذا الخليفة الواقعي هو المظهر والممثّل الحقيقي للمستخلف. أي مظهر إرادة الحقّ وكمالاته المطلقة في هذا العالم. ولهذا كان خُلق أهل البيت عليهم السلام حيث يشاهد الناس أمامهم بشراً يمشون في الأسواق، ويأكلون الطعام، وينامون، ويتزوّجون، ومع ذلك فهم مظاهر تامّة للكمال الإلهي اللامتناهي. وهذا ممّا سيُلهب وجدانهم ويزيد من شوقهم ويُلقي الحجّة التامّة عليهم.
فعن الإمام الباقر عليه السلام: "إذا أردتَ أنّْ تعلم أنّ فيك خيراً فانظر إلى قلبك. فإذا كان يُحبّ أهل طاعة الله، ويُبغض أهل معصيته، ففيك خيرٌ، والله يُحبّك. وإذا كان يُبغض أهل طاعة الله، ويُحبّ أهل معصيته، فليس فيك خيرٌ، والله يُبغضك، والمرء مع من أحبّ"[2].
وفي رواية أخرى أنّ رجلاً يُدعى أبا عبد الله دخل على أمير المؤمنين عليه السلام فقال له الإمام: "يا أبا عبد الله: ألا أُخبرك بقول الله عزّ وجلّ ﴿مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ * وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾[3]، قال: بلى يا أمير المؤمنين. فقال الإمام عليه السلام: "الحسنة معرفة الولاية، وحبّنا أهل البيت، والسيّئة إنكار الولاية، وبغضنا أهل البيت"[4].
وفي حديثٍ آخر عن الإمام الصادق عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال لأصحابه: "أيّ عرى الإيمان أوثق؟ فقالوا: الله ورسوله أعلم. وقال بعضهم الصلاة، وقال بعضهم الزكاة، وقال بعضهم الحج والعمرة، وقال بعضهم الجهاد في سبيل الله. فقال صلى الله عليه وآله وسلم: لكلّ ما قُلتم فضلٌ وليس به، ولكن أوثق عرى الإيمان الحبّ في الله، والبغض في الله، وتولّي أولياء الله والتبرّي من أعداء الله"[5].
وقال أمير المؤمنين عليه السلام: "لو ضربتُ خيشوم المؤمن بسيفي هذا على أنْ يُبغضني ما أبغضني. ولو صببتُ الدنيا بجمّاتها على المنافق على أن يُحبّني ما أحبّني، وذلك أنّه قُضي فانقضى على لسان النبيّ الأميّ صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: يا عليّ لا يُبغضك مؤمنٌ، ولا يُحبّك منافق"[6].
وعن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "من رزقه الله حبّ الأئمّة من أهل بيتي فقد أصاب خير الدنيا والآخرة. فلا يشكّنّ أحدٌ أنّه في الجنّة. فإنّ في حبّ أهل بيتي عشرين خصلة، عشر منها في الدنيا، وعشر في الآخرة. أمّا في الدنيا فالزهد، والحرص على العمل، والورع في الدين، والرغبة في العبادة، والتوبة قبل الموت، والنشاط في قيام الليل، واليأس ممّا في أيدي الناس، والحفظ لأمر الله (عزّ وجلّ) ونهيه، والتاسعة بغض الدنيا، والعاشرة السخاء. أمّا في الآخرة: فلا يُنشر له ديوان، ولا يُنصب له ميزانٌ، ويُعطى كتابه بيمينه، ويُكتب له براءة من النّار، ويُبيّض وجهه، ويُكسى من حلل الجنّة، ويُشفّع في مئة من أهل بيته، وينظر الله عزّ وجلّ إليه بالرحمة، ويُتوّج من تيجان الجنّة، والعاشرة يدخل الجنّة بغير حساب"[7].
[1] سورة البقرة، الآية 30.
[2] الشيخ الكليني، الكافي، ج2،ص126.
[3] سورة النمل، الآيتان 89-90.
[4] الشيخ الكليني، الكافي، ج1، ص185
[5] م. ن، ج2، ص125.
[6] العلّامة المجلسي، بحار الأنوار، ج34، ص50.
[7] م. ن، ج27، ص78.
صفقة بايدن الجديدة.. ولعبة تقاسم الأدوار مع نتنياهو
الجديد هذه المرة في تصريح بايدن، انه تضمن "نقدا" لرئيس وزراء الكيان الاسرائيلي، بنيامين نتنياهو،عندما قال للصحفيين في واشنطن "نحن قريبون جدا من التوصل إلى اتفاق، ولا أعتقد أن نتنياهو يفعل ما يكفي حيال ذلك". وهو "انتقاد" جاء لامتصاص موجة الغضب التي سادت الشارع في الكيان الاسرائيلي، بعد اعلان استعادة قوات الاحتلال لستة من الاسرى، بينهم امريكي، ولكن جثثا هامدة، بعد ان قتلتهم قوات الاحتلال في قصفها العشوائي لقطاع غزة.
لا يبدو ان هناك من يثق بعد ببايدن وكذلك بوزير خارجيته انتوني بلينكن، بعد الكم الهائل من التصريحات الكاذبة والمخادعة والتسويفية، التي ادليا بها حول المبادرات والمفاوضات واحتمال التوصل الى اتفاق لوقف الحرب على غزة، والتي تبين ان هدفها كان للتغطية على المخطط الامريكي الرامي الى منح المزيد من الوقت لقوات الاحتلال الاسرائيلي، لتنفيذ مهمتها في تدمير غزة، والقضاء على المقاومة، وتصفية القضية الفلسطينية، لافساح المجال، دون منغصات، امام باقي الانظمة العربية للانخراط في عملية تطبيع، تدخل الكيان الاسرائيلي، في النسيج الجغرافي والسياسي والاقتصادي للمنطقة.
اللافت ان المبادرات الامريكية جميعها دون استثناء، تبنت مطالب نتنياهو، وفي مقدمتها البقاء على قوات الإحتلال في رفح وفيلادلفيا ونتساريم، وتفتيش الفلسطينيين النازحين العائدين إلى شمال غزة. وان كل ما قيل عن اقتراح امريكا لـ"كسر الهوة بين الطرفين" اي حماس والكيان الاسرائيلي، كانت اكاذيب في اكاذيب، فعلي سبيل المثال لا الحصر، اخر مبادرة امريكية تحدثت عن تنفيذ المرحلة الأولى من الصفقة، والتي تقضي بـ"إطلاق سراح حماس للأسرى المدنيين". ومن ثم تتفاوض الأطراف خلال المرحلة الأولى على المرحلتين الثانية والثالثة دون ضمانات لحماس من الكيان الاسرائيلي أو الوسطاء، اي انها تاخذ اكبر ورقة ضغط من يد المقاومة، وهم الاسرى، وتمنح نتنياهو ضوءا اخضر لمواصلة الحرب مرة اخرى.
من كثرة ما كذب بلينكن على العالم، حتى بعض الصهاينة ذاقوا ذرعا باكاذيبه، فعندما اعلن في اخر زيارته له للمنطقة، ان نتنياهو وافق على المبادرة الامريكية، وان الكرة باتت في ملعب حماس، لم يصل بلينكن الى امريكا، حتى اعلن نتنياهو، انه لم يوافق على اي شيء، وانه سيواصل الحرب، الامر الذي دعا صحيفة يديعوت أحرونوت بتاريخ 21 أغسطس/آب، لتنقل عن مصادر -وصفتها بالمطلعة دون تسميتها- قولها إن "بلينكن ارتكب خطأ خطيرا للغاية بقوله إن نتنياهو قبِل المقترح الأميركي" وتعتبر أن وزير الخارجية الأميركي "خرّب بشكل خطير المفاوضات، وارتكب خطأ خطيرا للغاية، وهذا يدل على السذاجة وعدم الفهم".
من الخطأ ان نبرر مواقف بلينكن ورئيسه بانها ساذجة، كما تزعم الصحافة في الكيان الاسرائيلي، لانها مواقف مدروسة نابعة، من "صهيونية بايدن"، و "يهودية بلينكن"، باعترافهما العلني، وانها تهدف الى منح نتنياهو الوقت الكافي لتنفيذ المخطط الامريكي في القضاء على المقاومة، وكل ما يقال عن "حرص" الثنائي بايدن وبلينكن على وقف العدوان على غزة، ليس سوى ذر للرماد في العيون، ويكفي ان تقلص امريكا من حجم اسلحتها التي ترسلها الى الكيان الاسرائيلي، لا قطعها، لدفع نتنياهو الى التراجع عن تعنته وارهابه واجرامه، ولكن هذا ما لا يريده الثنائي المشؤوم.
حتى المبادرة الاخيرة التي اعلن بايدن انه يعمل عليها، ستكون جاهزة بعد عدة اسابيع، وهي رسالة الى نتنياهو، بانه يمتلك الوقت الكافي لمواصلة جرائمه في غزة والضفة والمنطقة، متناسيا، ان استراتيجية الضغط العسكري قد فشلت في استعادة الاسرى، الذين وان عادوا سيعودون في توابيت، كما انها ستفشل في اقتلاع روح المقاومة من قلوب وعقول وضمائر الشعب الفلسطيني، بعد ان كسر "اسطورة الجيش الذي لا يقهر" والى الابد.
ما هي مخاطر طول الأمل؟
إنّ في الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية لأبلغ بيان وأوضح تصوير لحقيقة هذه الحياة الدنيا، وما يجب أن يكون عليه حال المرء فيها من الإقبال على الله عزّ وجلّ، والأخذ بالنفس في دروب الصلاح والتقى، ومجانبة الشهوات والهوى، والحذر من الاغترار بالدنيا، والاستمرار في الحرص ومداومة الانكباب عليها مع كثرة الإعراض عن الآخرة، فإنّ هذا الداء هو داء طول الأمل، والذي يُعدّ كالسراب المبلقع طالما قطع الطريق على أهله، وحال بينهم وبين ما يشتهون، ولذلك يُحذّرنا الله عزّ وجلّ من هذا الداء، فيقول: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾[1].
ويقول تعالى: ﴿أَمْ لِلْإِنسَانِ مَا تَمَنَّى * فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى﴾[2]، وفي آية أخرى: ﴿يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاء أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾[3]، وتتحدّث هذه الآية المباركة عن جدال المؤمنين والمنافقين يوم القيامة، وتُبيّن أربعة عوامل لشقاء المنافقين الرابع منها هو: طول الأمل والاغترار بالأماني العريضة. وفي آية أخرى توضح الأثر السلبي للآمال الطويلة على حياة الإنسان. يقول الله تعالى: ﴿الَرَ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ * رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ * ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾[4]. فتأمّل إلى أيّة درجة تجعل هذه الآمال الإنسان مشغولاً بنفسه ودنياه وغافلاً عن الله تعالى، وجملة (ذرهم) تهديد لهم، وبيان أنّه لا أمل في هداية هؤلاء، فكيف يتوقّع الهداية من طائفة من الناس هذا حالهم؟!
الفرق بين طول الأمل وعلوّ الهمّة
إنّ طول الأمل هو من الأمور المذمومة بشدّة في الأخلاق الإسلاميّة. فقد روي عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام: "إنّ أخوف ما أخاف عليكم اثنان: اتّباع الهوى وطول الأمل"[5]، فهو عليه السلام يخاف على المسلمين من أمرين:
أوّلهما: الانصياع وراء أهواء النفس ونزواتها. لكنّه من الضروريّ التنويه هنا بأنّه ليس كلّ ما يطلب القلب فهو سيّئ ومحرّم، فقد يميل قلب المرء إلى شيء هو ممّا يوجبه الشرع أيضاً.
أمّا مفهوم الهوى المستعمَل في الأخلاق فهو ذلك الذي يُخالف الشرع والعقل، وهو أن يميل القلب إلى ما تهواه النفس وليس إلى ما يرضى به الله ويُحبّه، وهو أمر غاية في الخطورة.
وثانيهما: طول الأمل. فهو صلى الله عليه وآله وسلم طبيب خبير بأمراض الأُمّة وعللها وعارف بما يُمكن أن يفسد عليها دنياها وعقباها.
[1] سورة الحديد، الآية 16.
[2] سورة النجم، الآيتان 24 و 25.
[3] سورة الحديد، الآية 14.
[4] سورة الحجر، الآيات 1 - 3.
[5] العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 74، ص 420.
الهجرة النبوية ودعائم النظام النموذجي
قدِم النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة ليقيم هذا النظام ويعمل على تكامله ويجعله أنموذجاً إلى أبد الدهر، ليقتدي به اللاحقون على امتداد التاريخ، ممّن تتوفّر لديهم القدرة على إقامة نظام مماثل له، من أجل أن يزرعوا الاندفاع في القلوب كي يحثّ بنو البشر الخطى نحو إيجاد مثل هذا المجتمع. وبديهيّ أن تحتاج إقامة مثل هذا النظام إلى دعائم عقائدية وإنسانية، فلا بدّ:
أوّلاً: من وجود معتقدات وأفكار سليمة كي يقام هذا النظام على أساسها. وقد بيّن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم هذه الأفكار والرؤى في إطار كلمة التوحيد والعزّة الإنسانية وسائر المعارف الإسلامية خلال فترة السنوات الثلاث عشرة الّتي أمضاها في مكّة، ثم علّمها وفهّمها الآخرين بشكل متواصل وعلى مدى لحظات حياته حتّى وافاه الأجل في المدينة، وكان على الدوام بصدد تعليم وتفهيم الجميع مثل هذه الأفكار والمعارف الساميّة الّتي شكّلت أسس هذا النظام.
وثانياً: من الضروريّ وجود القواعد والدعائم الإنسانية كي يستقيم هذا البناء عليها، وذلك يعود إلى عدم ارتكاز النظام الإسلاميّ على فرد واحد. وقد باشر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم إعداد هذه الركائز في مكّة وحقّقها، فكان منهم مجموعة من كبار الصحابة ــ على اختلاف مراتبهم ــ هم ثمرة الجهود المضنية والجهاد المرير خلال فترة السنوات الثلاث عشرة في مكّة، فيما كانت هنالك مجموعة من الّذين تمّ بناؤهم في يثرب بواسطة رسالة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وذلك قبل هجرته صلى الله عليه وآله وسلم من قبيل سعد بن معاذ وأبي أيوب وغيرهما.
وعندما حلّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في المدينة، باشر، من لحظة دخوله إليها، عملية بناء الإنسان. ومع مرور الأيّام أخذت ترد إلى المدينة شخصيّات تتّسم بجدارتها الإدارية وجلالة القدر والشجاعة والتضحية والإيمان والاقتدار والمعرفة حتّى أصبحت أعمدةً صلبة لهذا الصرح الشامخ الرفيع.
لقد كانت هجرة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة - الّتي كانت تسمّى قبل حلوله فيها بـ "يثرب" ثم سُمّيت "مدينة النبيّ" بعد دخوله إليها - بمثابة نسائم ربيع عمّت أجواء المدينة فشعر أهلها كأنّ انفراجاً حلّ فيهم جذب القلوب وأيقظها. وحينما سمع أهل المدينة بوصول النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم إلى قبا- وهي على مقربة من المدينة ومكث فيها خمسة عشر يوماً - كان الشوق لرؤيته يغلي في قلوبهم يوماً بعد يوم، وكان بعضهم يتوجّه إلى قبا لرؤية النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، فيما بقي الآخرون ينتظرونه في المدينة. وعندما دخل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم المدينة تبدّل ذلك الشوق وذلك النسيم إلى عاصفة ألهبت قلوب الناس فغيّرتها. وسرعان ما نما لديهم الشعور بأنّ جميع ما لديهم من مبتنيات وعواطف وارتباطات وعصبيات قبليّة قد ذابت بطلوع محيّا هذا الرجل وسلوكه ومنطقه، وأشرفوا على نافذة جديدة تطلّ بهم على حقائق عالم الخلق والمعارف الأخلاقية. فكان أن أحدثت هذه العاصفة ثورةً في القلوب بادئ الأمر، ثم امتدّت إلى تخوم المدينة، لتخرج فيما بعد إلى قلاع مكّة وتسيطر عليها، وتنطلق في خاتمة المطاف لتشقّ طريقها إلى ما هو أبعد، فتتقدّم إلى أعماق امبراطوريتي ذلك الزمان العظميين، وحيثما توجّهت كانت تهزّ القلوب وتحدث ثورةً في باطن البشر. ففي صدر الإسلام فتح المسلمون بقوّة إيمانهم بلاد إيران والروم، وأيّما قوم طالهم هجوم المسلمين كان الإيمان يداعب قلوبهم بمجرّد رؤيتهم للمسلمين. كانت الغاية من السيف إزالة العراقيل عن الطريق، والقضاء على المتسلّطين والمترفين. أمّا السواد الأعظم من الناس فقد استقبل هذه العاصفة في جميع الأمكنة، فكان أن نفذ النظام والدولة الإسلامية إلى أعماق امبراطوريتي ذلك الزمان - أي إيران والروم - فأصبحتا جزءاً من النظام والدولة الإسلامية. وكلّ ذلك حصل في ظرف أربعين سنة، عشر منها في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، وثلاثون منها بعد رحيله.
لقد باشر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم عمله بمجرّد أن حلّ في المدينة. ومن العجائب الّتي حفلت بها حياته صلى الله عليه وآله وسلم هي أنّه، وطوال تلك السنوات العشر، لم يهدر لحظةً واحدة، فلم يُرَ صلى الله عليه وآله وسلم ، غافلاً عن إنارة مشعل الهداية والإيمان والتعليم والتربية ولو للحظةٍ واحدة؛ فلقد كانت يقظته ونومه، ومسجده وداره، ودخوله ساحة الحرب، ومسيره في الطرقات والأسواق، ومعاشرته لأسرته، وكلّ وجوده أينما حلّ، دروساً.
يا لها من بركة زخر بها هذا العمر! فالشخص الّذي شغل التاريخ برمّته وترك بصماته عليه - ولقد قلت مراراً إنّ الكثير من المفاهيم الّتي اكتست وشاح القدسية على مدى القرون التالية، من قبيل المساواة والأخوّة والعدالة والسيادة الشعبيّة، كلّها كانت تحت تأثير تعاليمه صلى الله عليه وآله وسلم . وفي تعاليم سائر الأديان، لم يكن من وجود لمثل هذه الأمور، أو لنقل إنّها لم تبلغ منصّة الظهور مع أنّ نشاطه الحكوميّ والسياسيّ والاجتماعيّ قد دام عشراً من السنين لا غير! فيا لها من حياة ميمونة! لقد حدّد صلى الله عليه وآله وسلم موقفه منذ الوهلة الأولى لدخوله المدينة.
ما هي الأوصاف الخاصّة بالإمام المهدي (عليه السلام) ؟
وأمَّا أوصاف الإمام المهدي (عليه السلام) الخاصّة فقد نطقت بها الروايات، فهناك أكثر من (١٨٠) لقب واسم وصفة له (عليه السلام)(1)، منها أنَّه (عليه السلام) خليفة الله، والخليفة هو الذي يقوم بدور عظيم ويمثِّل الله تعالى في أرضه، يمثِّله في الكمالات، يمثِّله في القدرة، فهو مظهر لأسماء الله تبارك وتعالى.
عقيدتنا هي أنَّ الله تعالى لا يتجسَّد، ولا يحسّ، وليست له جوارح، وإنَّما هو الغني المطلق، والقادر المطلق، والكامل المطلق، والعالم المطلق، ولكن يُعرَف الله تبارك وتعالى بآياته وهم الأئمّة الكرام (عليهم السلام)، إذن فهو (عليه السلام) خليفة الله تعالى.
يقول تعالى: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشركُونَ) (الصفّ: ٩)، أكَّدت الروايات بأنَّه لم ينزل تأويلها بعد، فقد ورد عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) أنَّه قال: (والله ما نزل تأويلها بعد، ولا ينزل تأويلها حتَّى يخرج القائم (عليه السلام)، فإذا خرج القائم (عليه السلام) لم يبقَ كافر بالله العظيم ولا مشرك بالإمام إلَّا كره خروجه حتَّى أن لو كان كافراً أو مشركاً(2) في بطن صخرة لقالت: يا مؤمن في بطني كافر فاكسرني واقتله)(3)، فهو (عليه السلام) نور الله الذي لا يُطفئ، وهو الحافظ لأسرار ربّ العالمين.
ويجب على الإنسان أن يعرف إمام زمانه لأنَّه من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية، فمعرفة الإمام هي التي تحافظ على إسلام الإنسان ودينه، وتصحُّ أعماله بمعرفته، على الإنسان اليوم أن يعرف أنَّ إمام زمانه هو الحجَّة بن الحسن الثاني عشر من الأئمّة (عليهم السلام)، المفترض الطاعة، الكامل المعصوم، قد فرض الله تعالى طاعته على العباد، وجعله إماماً عليهم، كلّ هذه المعارف إذا اجتمعت تجعل من الإنسان شيعياً، أمَّا الشكّ في ولادته (عليه السلام) فإنَّه يُخرج الإنسان عن التشيّع، الشكّ في كونه (عليه السلام) معصوماً أيضاً يخرجه عن التشيّع، وهكذا الشكّ في كونه واجب الطاعة وأنَّه معصوم وغير ذلك، كلّ ذلك يُخرج الإنسان عن التشيّع، إذن الذي يحافظ على تشيّع الإنسان هو هذه المعتقدات.
الإمام والعلم اللدنّي:
إنَّ الله تبارك وتعالى زوَّد الإمام المهدي (عليه السلام) بالعلم اللدنّي كما زوَّد الخضر به، قال تعالى: (آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً) (الكهف: ٦٥)، وبواسطة هذا العلم اللدنّي تصرف الخضر تصرّفات لم يكن نبيّ الله موسى (عليه السلام) يعرفها.
قال تعالى: (قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً) (الكهف: ٦٦)، إذن يوجد عند الخضر علم لا يوجد عند نبيّ الله موسى (عليه السلام)، وليس ذلك العلم إلَّا العلم اللدنّي، نحن لا نعرف كيفيته ولا نعرف ماهيَّته، ولكن نعرف بأنَّ الخضر استند إلى هذا العلم وخرق السفينة وقتل الغلام قبل أن يبدر من الغلام شيء، ولهذا استنكر نبيّ الله موسى (عليه السلام) عليه، لأنَّ موسى (عليه السلام) عنده الشريعة الظاهرية وبحسب موازين الشريعة الظاهرية لا يجوز قتل الغلام، ولكن الخضر لا يعمل بموازين الشريعة الظاهرية وإنَّما يعمل بموازين العلم اللدنّي، والعلم اللدنّي له مقتضيات وآثار غير آثار العلم الظاهري المستند إلى الشريعة الظاهرة.
ثمّ إنَّ الخضر بيَّن لنبيّ الله موسى (عليه السلام) تأويل ما فعله، (سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً) (الكهف: ٧٨)، يقول الخضر: عندي تأويل وتفسير لأفعالي توافق مع العلم اللدنّي، قال: (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً * وَأَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً * فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً) (الكهف: ٧٩ - ٨١)، فلو بقت السفينة لأخذها الملك، وهكذا لو بقي الغلام لجرَّ والديه إلى الكفر ومنع من وجود سبعين نبيّاً، فقد ورد أنَّ الله تعالى أبدلهما به جارية ولدت سبعين نبيّاً(4).
إذن نظر الخضر بواسطة العلم اللدنّي نظرة مستقبلية لما يحتاج إليه العالَم وشخَّص أنَّه لا بدَّ من قتل الغلام، لأنَّ مصلحة العالَم تتوقَّف على قتله الآن، والنظرة للتغيّرات وما يجري وما يحتاج إليه الناس في المستقبل حصل عليه الخضر (عليه السلام) من العلم الخاصّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع: النجم الثاقب ١: ١٦٥ - ٢٦٨/ الباب الثاني في أسماء الإمام المهدي وألقابه صلوات الله عليه.
(2) في بحار الأنوار: (حتَّى لو كان كافر أو مشرك).
(3) كمال الدين: ٦٧٠/ باب ٥٨/ ح ١٦؛ بحار الأنوار ٥٢: ٣٢٤/ ح ٣٦.
(4) راجع: الكافي ٦: ٧/ باب فضل البنات/ ح ١١.
كيفية النصّ على إمامة الإمام الجواد (عليه السلام)؟
الحياة السياسية
تدرّجت النصوص الخاصّة الصادرة عن الإمام الرضا عليه السلام حول إمامة ابنه الجواد عليه السلام من قبل أن يولد، واستمرّ صدورها حتّى قبيل استشهاده، وذلك لتمهيد وإيجاد الأرضيّة اللّازمة للإمامة المبكّرة المتمثّلة في إمامة الجواد عليه السلام،
تدرّجت النصوص الخاصّة الصادرة عن الإمام الرضا عليه السلام حول إمامة ابنه الجواد عليه السلام من قبل أن يولد، واستمرّ صدورها حتّى قبيل استشهاده، وذلك لتمهيد وإيجاد الأرضيّة اللّازمة للإمامة المبكّرة المتمثّلة في إمامة الجواد عليه السلام، ولا سيّما إذا لاحظنا أنّها تعتبر ظاهرة فريدة في نوعها لأوّل مرّة في تأريخ أهل البيت عليهم السلام. وبالإمكان أن نصنّف النصوص الّتي ناهزت الأربعين نصّاً إلى أصناف، منها: عشرة نصوص يعود تاريخها إلى ما قبل الولادة، وعدّة نصوص صدرت بعد الولادة، وحوالي 14 نصاً ترتبط بمرحلة الصبا، وعشرة نصوص تختصّ بمرحلة ما قبل استشهاد الإمام الرضا عليه السلام بدءً بإخراجه من المدينة وانتهاءً باستقراره في خراسان وطوس.
فالمهمّ في قضيّة الإمامة هو النصّ، وقد رواه كثير من أصحاب الإمام الرضا عليه السلام الأجلّاء وفقاً لما ذكره الشيخ المفيد في الإرشاد([1]). وقام الأستاذ عطاردي بجمع هذه النصوص كلّها تقريباً في كتابه (مسند الإمام الجواد عليه السلام )
ومن قبله بادر العلّامة المجلسيّ أيضاً إلى تخصيص فصل من كتاب بحار الأنوار ذكر فيه النصوص الواردة في إمامة محمّد بن عليّ الجواد عليه السلام. ويتّضح من هذه الروايات أنّ الإمام الرضا عليه السلام أشار عدّة مرّات إلى إمامة ولده، وأطلع أصحابه الأجلّاء على هذا الأمر. وفي الحقيقة إنّ استقامة أكثر الأصحاب وثبوتهم على الانقياد للإمام الجواد عليه السلام ـ وهم الّذين أسندوا تلك الروايات ـ يُعتبر أفضل دليل على أحقّية إمامة الجواد عليه السلام.
الحالة السياسيّة في عصر الإمام الجواد عليه السلام
إنّ معلوماتنا التاريخيّة عن حياة الإمام الجواد عليه السلام قليلة، والسبب في ذلك يعود إلى المضايقات السياسيّة الّتي كان ينتج عنها إخفاء الأخبار المتعلّقة بالأئمّة عليهم السلام ليكونوا في مأمنٍ يقيهم شرّ الأعداء.
والسبب الآخر عدم استمرار حياة الإمام عليه السلام طويلاً، حتّى يمكن الحصول على أخبار بشأنها.
وفي الوقت ذاته فإنّ الدولة العبّاسيّة كان السرّ في نجاحها وانطلاقها في بداية الأمر هو ربطها بأهل البيت عليهم السلام، حيث تحكّم العبّاسيّون، وتسلّطوا على الأمّة بدعوى القربى النسبيّة من الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وطلب حقّ آل البيت عليهم السلام تحت شعار الرضا لآل محمّد صلى الله عليه وآله وسلم.
ومن هنا فإنّه من الطبيعي أن يكون الخطر الحقيقيّ الّذي يهدّد العبّاسيّين وخلافتهم هو من العلويّين الّذين كانوا أقوى منهم حجّةً، وأقرب منهم منزلة إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم.
أمّا المأمون العبّاسيّ فقد واجه تحدّيات كبيرة وخطيرة كانت تهدّد كيان حكمه وتعصف به، وكان بقاؤه في السلطة يحتاج إلى الكثير من الدهاء والمناورات، لأنّه كان يواجه:
1- تحرّك الشيعة العنيف ضدّه، وثورة أبي السرايا الّتي عمّت الكثير من الحواضر الإسلاميّة.
2- تكتّل العائلة العبّاسيّة ضدّه ووقوفها إلى جانب الأمين.
3- وجود المخاطر الخارجيّة من جانب الدول المتربّصة بالدولة الإسلاميّة (كالدولة البيزنطيّة).
وأمام هذه التحدّيات قام المأمون بالأمور التالية:
1- تصفيته لتحرّك أخيه الأمين والقوى المتحرّكة القويّة ضدّه.
2- القيام بلعبة تولية الإمام الرضا عليه السلام لولاية العهد بالإكراه ليصوّر للأمّة أنّه مع القيادة الشرعيّة.
3- محاربة وتصفية ثورات العلويّين.
4- التصفية الجسديّة للإمام الرضا عليه السلام.
5- التوجّه لبغداد للقضاء على معارضة البيت العبّاسيّ.
6- إشاعة فتنة خلق القرآن لإشغال الناس بها عمّا يهمّهم.
7- التوجّه لمحاربة الدولة البيزنطيّة ودفع خطرها.
أمّا الأمّة الإسلاميّة فلا شكّ أنّها كانت تؤيّد قيادة أهل البيت عليهم السلام. وكلّ الوقائع التاريخيّة والشواهد تؤيد ذلك، ومن أهمّها اضطرار السلطة العبّاسيّة للدخول فيما دخلت فيه من تولية الإمام الرضا عليه السلام لولاية العهد والإيحاء بتحويل الخلافة من العبّاسيّين إلى أهل البيت عليهم السلام.
ولكنّ هذا التأييد لقيادة أهل البيت عليهم السلام كان ضمن ثلاثة مستويات، وهي:
1- عموم الأمّة الّتي أصبحت مؤمنة بقيادة أهل البيت عليهم السلام، دون ارتباطها بهم برباط عميق من الوعي.
2- المعارضون للدولة الّذين يعتمدون الكفاح المسلّح لإسقاطها وإقامة الحكم الشرعيّ.
3- المؤمنون الذين وعوا القيادة الشرعيّةّ وهم أصحاب الإمام الرضا عليه السلام وأنصاره.
هذه هي أهمّ ملامح الوضع السياسيّ في مطلع عصر الإمام الجواد عليه السلام.
كيف يكون العدل بين الأولاد في الأسرة الواحدة؟
كيف تجعل ولدك صالحاً؟
لقد أكدت الأحاديث الكثيرة عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأهل البيت عليه السلام على العدل بين الأولاد فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "اتقوا الله واعدلوا في أولادكم"
لقد أكدت الأحاديث الكثيرة عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأهل البيت عليه السلام على العدل بين الأولاد فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "اتقوا الله واعدلوا في أولادكم"[1].
وفي رواية أخرى عنه صلى الله عليه وآله وسلم: "إن لهم عليك من الحق أن تعدل بينهم، كما أن لك عليهم من الحق أن يبروك"[2].
ولكن كيف يكون العدل بين الأولاد؟
أشارت الروايات إلى العديد من الأمور منها:
أ- في الهدايا:
فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "اعدلوا بين أولادكم في النِحَل"[3]، والمقصود بالنِحَل العطايا والهبات، فليس من المناسب أن يعطي الإنسان ولداً هدية من دون أن يهدي ولده الآخر أيضا، فإن هذا يشعر الولد الآخر بقلة الاهتمام به، وأنه شخص غير محبوب في العائلة، وأن أخاه أفضل منه، وغير ذلك من المشاعر التي تولد الغيرة والحسد، أو الشعور بالمظلومية.
ب- في التقبيل:
فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "إن الله تعالى يحب أن تعدلوا بين أولادكم حتى في القبل"[4] فالقبلة، وإن كانت تصرفاً صغيراً، إلا أنها تحمل مداليل عاطفية كبيرة، ومن هنا ورد في الحديث أنه "نظر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى رجل له ابنان فقبل أحدهما وترك الآخر، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "فهلا واسيت بينهما"[5]، وهذا يظهر مدى حرص الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم على مشاعر الأطفال.
ج- عدم التمييز بين الجنسين
إن بعض المجتمعات تميز الذكر عن الأنثى فتعطيه الامتيازات، وتحرم الأنثى في المقابل، وقد حارب الإسلام هذا النوع من التربية، وأمر بالاهتمام بالإناث، فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم "من كان له أنثى فلم يبدها ولم يهنها ولم يؤثر ولده عليها، أدخله الله الجنة"24[6]. كما ورد في الحديث عنه صلى الله عليه وآله وسلم: "نعم الولد البنات المخدرات[7]، من كانت عنده واحدة جعلها الله سترا له من النار"[8].
د- عدم الخلف بالوعد لهم
إن الوفاء بالوعد من الأمور التي أكد عليها الشرع المقدس على كل حال، وفي خصوص الولد هناك تأكيد خاص أيضاً بعدم الخلف بالوعود التي تعطى له، فروح الولد في أوَّل عمره حساسة للغاية، وقد أكدت الروايات على ترك الخلف بما وعد به الأهلُ أطفالهم، فقد ورد في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "... وارحموهم وإذا وعدتموهم شيئا ففوا لهم فإنهم لا يدرون إلا أنكم ترزقونهم"[9].
[1] ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج4، ص 3673.
[2] ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج4، ص 3673.
[3] ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج4، ص 3673.
[4] ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج4، ص 3673.
[5] من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق، ج3، ص 483.
[6] مستدرك الوسائل, الميرزا النوري, ج15, ص118.
[7] المخدرات: من الخدر، والخدر هو الستر.
[8] ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج4، ص 3672.
[9] الكافي، الشيخ الكليني، ج6، ص49.