
emamian
معالم الطرح الوحدویّ عند الإمام الخمینی(قده)-
معالم الطرح الوحدویّ عند الإمام الخمینی(قده)-
الشیخ حسن أحمد الهادی[1]
مقدّمة:
الإسلام دین الإنسانیّة، ونظامه نظام شامل لجمیع نواحی الحیاة، یربط بعضها ببعضها الآخر ربطًا عضویًّا منطقیًّا، وینطلق من واقع الحیاة الإنسانیّة وخصوصیّاتها لمعالجة قضایاها بشتّى مستویاتها، وبما یتناسب مع تطلّعات الإنسان فی هذه الحیاة وسواها من مراحل الحیاة الأخرى. ونظرًا إلى الکینونة الاجتماعیّة التی ینطوی علیها الإنسان منذ أنْ فطره الله وبرأه، ونظرًا إلى أنّه یولد اجتماعیًّا؛ کان الإسلام دین المجتمع؛ کما هو دین الفرد، وکان القرآن کتاب المجتمع الإنسانیّ؛ کما هو کتاب کلّ فرد من أفراد هذا المجتمع بلا استثناء.
والإیمان لیس قضیّة عقدیّة مجرّدة، ولیس علاقة شخصیّة بین المؤمن وربّه فقط؛ بل هو علاقة أخویّة جماعیّة -أیضًا- بینه وبین سائر المؤمنین، ففی الإیمان یتمّ ربط الفکر بالفعل، والنیّة بالحرکة وبالسلوک القویم، وبهذا یتکامل أفراد المجتمع الإسلامیّ فی علاقاتهم الاجتماعیّة والإنسانیّة تکاملًا معنویًّا إیجابیًّا، تذوب أمامه کلّ أنواع الخلافات والمشاکل أو الاعتداءات التی قد تنخر جسد المجتمع وتهدم أرکانه. قال الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَیْنَ أَخَوَیْکُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّکُمْ تُرْحَمُونَ}[3].
والأُخوّة فی الإسلام أخوّة نَسَبیّة لها آثار فی النکاح والإرث، وأخوّة رضاعیّة لها آثار فی النکاح دون الإرث، وأخوّة إیمانیّة لها آثار اجتماعیّة ولا أثر لها فی النکاح والإرث؛ ذلک أنّ أخوَّة الإیمان تشریعیّة وواقعیّة بدافع الإیمان، یؤمر المؤمن أن یؤصّلها فی حیاته الجماعیّة إلى حدٍّ لا تبقى معه بین المؤمنین إلا الأخوّة؛ فعن أَبِی بَصِیرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّه (ع) یَقُولُ: "الْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ؛ کَالْجَسَدِ الْوَاحِدِ، إِنِ اشْتَکَى شَیْئًا مِنْه؛ وَجَدَ أَلَمَ ذَلِکَ فِی سَائِرِ جَسَدِه، وأَرْوَاحُهُمَا مِنْ رُوحٍ وَاحِدَةٍ، وإِنَّ رُوحَ الْمُؤْمِنِ لأَشَدُّ اتِّصَالًا بِرُوحِ اللَّه مِنِ اتِّصَالِ شُعَاعِ الشَّمْسِ بِهَا"[4].
وعنه(ع) -أیضًا-: "الْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ؛ عَیْنُه، ودَلِیلُه، لَا یَخُونُه، ولَا یَظْلِمُه، ولَا یَغُشُّه، ولَا یَعِدُه عِدَةً فَیُخْلِفَه"[5].
کما نفهم الواجبات والحقوق الفردیّة والاجتماعیّة المنبثقة عن هذه القاعدة الاجتماعیّة التی یؤسّسها القرآن فی الأخوّة الاجتماعیّة فی ما روی عن الإمام علی بن الحسین (علیهما) فی رسالة الحقوق، حیث یقول: "وحقُّ أخیکَ أن تعلمَ أنَّه یدکَ الّتی تبسطُها، وظهرُک الّذی تلتجئُ إلیهِ، وعزُّک الّذی تعتمدُ علیهِ، وقوَّتک الّتی تصولُ بها، فلا تتّخذْهُ سلاحًا على معصیةِ اللهِ، ولا عُدَّةً للظلمِ لخلقِ اللهِ، ولا تدعْ نصرتَه على نفسِه ومعونَتَه على عدوِّهِ، والحؤولَ بینَه وبینَ شیاطینِه، وتأدیةَ النصیحةِ إلیهِ، والإقبالَ علیهِ فی اللهِ، فإنِ انقادَ لربِّهِ وأحسنَ الإجابةَ لهَ، وإلَّا فلیکُن اللهُ آثرَ عندَکَ وأکرمَ علیکَ منهُ"[6].
فإنّ الأخ هو الذی اتّحد بأخیه اتّحادًا تامًّا، حتّى أصبحت ید أحدهما ید الآخر، وعزّ أحدهما عزّ الآخر، فیکون أحدهما للآخر ظهراً یستند إلیه، وقوّة یستعین بها على مناهضة الأیام ومغالبة الخطوب.
والأخوّة نعمة من أکبر النعم التی أنعم الله تعالى بها على عباده؛ لأنّها قائمة على أوثق عرى الإیمان؛ کما فی الحدیث عَنْ الإمام أَبِی عَبْدِ اللَّه (ع): "مِنْ أَوْثَقِ عُرَى الإِیمَانِ: أَنْ تُحِبَّ فِی اللَّه، وتُبْغِضَ فِی اللَّه، وتُعْطِیَ فِی اللَّه، وتَمْنَعَ فِی اللَّه"[7]؛ وذلک لأنّ من تمسّک بهذه العروة تکامل إیمانه، واستقام لسانه، واستقرّ جنانه، وبه یتحقّق التودّد والتآلف بین المؤمنین، ویتمّ ویکمل نظام الدنیا والدین، فهذه العلاقة هی أسمى علاقة وأقوى رابطة یمکن أن تکون فی مجموعةٍ من البشر.
وللأخوّة الدینیّة دورٌ رائدٌ فی بناء الشخصیّة المؤمنة، حیث تساعدها على الاتّصاف بمجموعة من الفضائل، وتشعرها بمسؤولیّة کبیرة تجاه الآخر؛ انطلاقًا من معرفة ما لها من مدلول وعمق فی الإسلام، فیعرف الإنسان قدره من خلال معرفة قدر أخیه وما له من حقّ علیه.
ونظرًا إلى أهمّیّة الطرح الوحدویّ فی واقعنا الإسلامیّ، کان من المناسب أن نضیء على معالم الطرح الوحدوی فی فکر علم من أعلام الوحدة الإسلامیّة؛ وهو الإمام الخمینی (قده). وقبل الدخول فی بیان معالم طرحه الوحدوی، کان لا بدّ من الوقوف عند جملة من الأسس والأصول الإسلامیّة من القرآن الکریم والسنّة الشریفة، التی انطلق منها الإمام الخمینی (قده) فی طرحه الوحدویّ وسُبُل تحقیقه وتعزیزه وصیانته.
أولاً: مظاهر علاقة المسلم بالآخر فی الإسلام:
وضعت الشریعة الإسلامیة أصولاً تربویّةً واجتماعیّةً عدّة؛ بهدف تنظیم علاقة المسلم بالمسلم وبغیره من بنی البشر، نذکر نماذج منها:
1. التکافل الاجتماعیّ:
یُعدّ التکافل الاجتماعیّ جزءًا من عقیدة المسلم والتزامه الدینیّ، وهو نظام أخلاقیّ یقوم على الحبّ والإیثار ویقظة الضمیر والشعور بمراقبة الله عزَّ وجل، ولا یقتصر على حفظ حقوق الإنسان المادّیّة؛ بل یشمل المعنویّة -أیضًا-، وغایته التوفیق بین مصلحة المجتمع ومصلحة الفرد.
وقد عُنی القرآن بالتکافل؛ لیکون نظامًا لتربیة روح الفرد، وضمیره، وشخصیّته، وسلوکه الاجتماعیّ، ولتکوین الأسرة وتنظیمها وتکافلها، ولضبط العلاقات الاجتماعیّة؛ بما فی ذلک العلاقة التی تربط الفرد بالدولة، ولتقنین المعاملات المالیّة والعلاقات الاقتصادیّة التی تسود المجتمع الإسلامیّ.
ومن هنا؛ فإنّ مدلولات البرّ، والإحسان، والصدقة، تتضاءل أمام هذا المدلول الشامل للتکافل. قال الله تعالى: {یَسْئَلُونَکَ مَاذَا یُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَیْرٍ فَلِلْوَالِدَیْنِ وَالأَقْرَبِینَ وَالْیَتَامَى وَالْمَسَاکِینِ وَابْنِ السَّبِیلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَیْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِیمٌ}.[8]
وقد عدّ القرآن الإمساک وعدم الإنفاق سبیلًا إلى التهلکة؛ بقوله سبحانه وتعالى: {وأنفقوا فی سبیل الله ولا تُلقوا بأیدیکم إلى التهلکة وأحسنوا إنّ الله یحبُّ المُحسنین}[9]؛ کما عدّ الکنـز وحجب المال عن وظیفته الاجتماعیّة مدعاةً إلى العذاب الألیم: {والذین یکنزون الذهب والفضة ولا ینفقونها فی سبیل الله فبشّرهم بعذابٍ ألیم}[10]، ونفى الرسول الأکرم (ص) کمال الإیمان عن مَنْ یبیت شبعان وجاره جائع؛ وهو یعلم: "ما آمن بی من بات شبعان وجاره جائع وهو یعلم"[11].
کما وضع القرآن أسسًا نفسیّةً وأخرى مادّیّة؛ لإقامة التکافل الاقتصادیّ والاجتماعیّ بین أفراد المجتمع الإسلامیّ. ولعلَّ من أهمِّ الأسس النفسیّة هو إقامة العلاقات المادّیّة والمعنویّة على أساس الأخوّة؛ لقوله تعالى: {إنّما المؤمنون إخوةٌ}[12]، وربط الإیمان باستشعار حقوق الأخ؛ کما رتَّب الحبّ على رابطة الأخوّة؛ فلا یؤمن الإنسان المسلم ولا ینجو بإیمانه ما لم یُحبّ لأخیه ما یُحبّ لنفسه، ویعیش معه کالبنیان یشدّ بعضه بعضًا. وجعل العدل وحفظ الحقوق من قیم الدین الرئیسة؛ بل ندب إلى عدم الاقتصار على العدل؛ وهو إحقاق الحقّ، أو إعطاء کلِّ إنسان حقّه من دون ظلم، وإنّما الارتقاء إلى الإحسان؛ وهو التنازل عن بعض الحقوق للطرف الآخر. ومن الأسس النفسیّة -أیضًا-: الإیثار؛ وهو عکس الأثرة والأنانیّة. والإیثار تفضیل الآخر على النفس؛ من أجل إشاعة جوّ العفو والرحمة، وهی الغایة التی جاءت من أجلها الشریعة.
2. إثارة الشعور الاجتماعیّ:
کان إنسان ما قبل الإسلام یتمحور فی سلوکه الاجتماعیّ على ذاته، وینطلق فی تعامله مع الآخرین من منظار مصالحه وأهوائه بالغالب، وینساق بعیدًا مع أنانیّته؛ حیث هبط فی القاع الاجتماعیّ إلى درجة «وأد» أبنائه؛ خشیة الفقر والمجاعة، الأمر الذی استدعى التدخّل الإلهی؛ لإنقاذ النفوس البریئة من هذه العادة الاجتماعیّة القبیحة، قال تعالى: {ولا تَقتُلُوا أولادَکُم خَشیةَ إملاقٍ}[13]، على أنّ أشدّ ما یسترعی الانتباه أنّ ذلک الإنسان الجاهلیّ، الدائر حول ذاته ومنافعها، قد غدا -بتفاعله مع إکسیر العقیدة- یضحّی بالنفس والنفیس فی سبیل دینه ومجتمعه، وبلغت آفاق التحوّل فی نفسه إلى المستوى الذی یُؤثِر فیه مصالح أبناء جنسه على منافع نفسه.
ولیس خافیًا على أحد مستوى الإیثار الذی أبداه الأنصار تجاه المهاجرین؛ إذ شاطروهم کلّ ما یملکون، حتى بیوتهم وأمتعتهم، ولم ینحصر هذا المستوى من الإیثار بالأفراد؛ بل شکّل ظاهرة اجتماعیّة عامّة لم یشهد لها تاریخ الإنسانیّة نظیرًا، وفی هذه الظاهرة نزلت آیات من القرآن الکریم تبارک هذه الروحیّة، وتخلّد ذِکر مجتمعٍ تحلّى بها؛ بوصفه أنموذجًا من نماذج التلاحم الاجتماعیّ والمؤاخاة. قال تعالى: {لِلفُقَرَآءِ المُهَاجِرینَ الَّذِینَ أُخرِجوا مِن دِیارهِم وأموَالِهِم یَبتَغُونَ فَضلًا مِّنِ اللهِ وَرِضوانًا وَیَنصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئکَ هُمُ الصَّادِقُونَ * وَالَّذینَ تَبَوَّءُوا الَّدارَ وَالاِیمانَ مِن قَبلِهِم یُحِبُّونَ مَن هَاجَرَ إلیهِم وَلا یَجِدُونَ فی صُدُورِهِم حَاجَةً مِّمَّآ أُوتُوا وَیُؤثرُونَ عَلى أنفُسِهِم ولَو کانَ بِهِم خَصَاصَةٌ وَمَن یُوقَ شُحَّ نَفسِهِ فَأُولئکَ هُمُ المُفلِحُونَ}[14].
ولقد نقض الإسلام أُسسًا فی البناء الاجتماعیّ الجاهلیّ قوامها تعزیز التقسیم الطبقیّ والقَبَلیّ للمجتمع، الذی کان یتشکّل من طبقتین رئیستین؛ هما: طبقة الأشراف؛ الذین تجتمع لدیهم الثروات ویحتکرون الشأن والوجاهة، وطبقة العبید؛ الذین یدورون فی فلک الأسیاد. فقوّض الإسلام هذه الأسس، وأقام محلّها أُسسًا جدیدة تساوی بین الناس فی حقّ الحیاة وحقّ الکرامة. قال تعالى: {یا أیُّها الناسُ إنّا خَلقنَاکُم مِن ذَکَرٍ وأُنثى وجَعَلنَاکُم شُعُوبًا وقَبَائلَ لِتَعارفُوا إنَّ أکرَمَکُم عِندَ اللهِ أتقاکُم}[15]؛ فتحرّر أبناء طبقة العبید، ومارسوا حقّهم فی الحیاة، وارتفع عمّار وسلمان وبلال عالیًا فوق طبقة أشراف قریش.
3. تنمیة الشعور الجماعیّ:
تربّی العقیدة الإنسان المسلم على الشعور الاجتماعیّ المتمثّل بشعور الفرد نحو غیره، فیتجاوز دائرة الذات إلى دائرة أرحب؛ هی دائرة العائلة، ثمّ تتّسع اهتماماته لتشمل دائرة الجوار، ثمّ أبناء بلدته، وبعدها أبناء أمّته، وفی نهایة المطاف تتّسع لدائرة أکبر؛ فتشمل الإنسانیّة جمعاء.
وفی هذا الصدد، نجد کثیرًا من الأحادیث التی تحثُّ الفرد على الانضمام إلى الجماعة، والانسجام معها، والانضواء فی قالبها، بعد أن ثبت عند العقلاء أنّ فی الاجتماع قوّة ومنعة، وبعد أن أکّد النقل على أنّ الله -تعالى- قد جعل فیه الخیر والبرکة. یقول الرسول الأکرم (ص): "یدُ الله مع الجماعة، والشیطان مع من خالف الجماعة یرکُضُ"[16]. و"من خرج من الجماعة قید شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه"[17]. وفی ذلک کلِّه دلیل قاطع على أنّ الإسلام دین اجتماعیّ یربط الفرد بالجماعة، وأنّ العقیدة تدعو الإنسان المسلم إلى الانضمام إلى الجماعة.
4. تأصیل نظم الروابط الاجتماعیّة:
کان المجتمع الجاهلیّ یرى فی رابطة الدم والرحم أساسًا للروابط الاجتماعیّة، فیضع مبدأ القرابة فوق مبادئ الحقّ والعدالة، فی حال التعارض بینهما. وقد ذمّ القرآن الکریم هذه الحمیَّة الجاهلیّة بقوله تعالى: {إذ جعلَ الَّذِینَ کَفرُوا فی قُلُوبِهِم الحَمِیَّةَ حِمیَّةَ الجَاهِلِیَّةِ}[18].
ولذا، عملت العقیدة على إزالة حُجُب العصبیّة عن القلوب، ولم تُقرّ بالتفاضل بین الناس القائم على القرابة والقومیّة أو اللّون والمال والجنس، وبدلًا من ذلک أقامت روابط جدیدة على أسس معنویّة؛ قوامها التقوى والفضیلة. وعلیه، فالعقیدة تنبذ جمیع أشکال العصبیّة؛ إذ لا یمکن التوفیق بین الإیمان والتعصّب. روی عن الإمام جعفر الصادق (ع) أنّه قال: "قال رسول الله (ص): من تعصّب أو تُعُصّبَ له؛ فقد خلع ربقة الإیمان من عُنقه"[19].
ویوضّح الإمام زین العابدین (ع) مفهوم العصبیّة، وما هو المذموم منها، عندما سُئل عنها؛ بقوله (ع): "العصبیّة التی یأثم علیها صاحبها: أن یرى الرّجل شرار قومه خیرًا من خیار قوم آخرین، ولیس من العصبیّة أن یحبّ الرجل قومه، ولکن من العصبیّة أن یعین قومه على الظّلم"[20].
ومن هنا، نجد أنّ العقیدة قد عملت على إزالة حُجُب العصبیّة عن القلوب، وقامت بتشکیل هویّة اجتماعیّة جدیدة للناس تقوم على أساس الإیمان بالله تعالى وبرسوله (ص)، وإشاعة مشاعر الحبّ والرّحمة؛ بدلًا من مشاعر التعصّب والکراهیّة؛ فالعصبیّة التی تعنی مناصرة المرء قومه أو أسرته أو وطنه فی ما یخالف الشرع وینافی الحقّ والعدل، لهی من أخطر النزعات وأفتکها فی تسیّب المسلمین وتفریق شملهم، وإضعاف طاقاتهم الروحیّة والمادّیّة، وقد حاربها الإسلام وحذّر المسلمین من شرورها، ولم یکن من الیسیر أن یتمّ هذا التحوّل الکبیر فی أفکار الناس وعلاقاتهم فی هذه الفترة القصیرة من عمر الرسالة لولا الدور التغییریّ الکبیر الذی اضطلعت به العقیدة الإسلامیّة.
5. الحثّ على التعاون والتعارف:
نقلت العقیدة أفراد المجتمع من حالة التنافس والصراع إلى حالة التعارف والتعاون. ومن هنا، نجد القرآن یحثّ الناس على الاجتماع والتعارف. قال تعالى: {یا أیُّها النَّاسُ إنَّا خلقناکم مِن ذَکرٍ وأُنثى وجَعلناکُم شُعوبًا وقبائلَ لتعارفوا إنَّ أکرمَکُم عند اللهِ أتقاکُم}[21].
فالأصل فی دین الإسلام أنّه دینُ تجمّعٍ وألفة، لا دین عزلةٍ وفرارٍ من تکالیف الحیاة، ولم یأتِ القرآن لیدعو المسلمین إلى الانقطاع فی دیر، أو العبادة فی صومعة؛ بعیدًا عن مشاکل الحیاة ومتطلّباتها؛ بل إنّ نزعة التعرّف إلى الناس والاختلاط بهم أصیلة فی تعالیم هذا الدین[22]. وقد بیّن الرسول (ص) أنّ الفضل لمن خالط الآخرین وتعرَّف علیهم ولم یتقوقع على نفسه؛ وذلک فی قوله: "المؤمن الذی یخالط الناس ویصبر على أذاهم أفضل من المؤمن الذی لا یخالط الناس ولا یصبر على أذاهم"[23].
کما حثَّ القرآن الکریم الناس على التعاون؛ قال تعالى: {وتعاونُوا على البرِّ والتّقوى ولا تعاونوا على الاِثمِ والعُدوانِ}[24]، وأثبتت تجارب البشریّة أنّ فی التعاون قوّة، وأنّه یؤدّی إلى التقدّم.
وقد کان المجتمع الجاهلی متخلّفًا، یعیش حالة الصراع بدافع العصبیّة القبلیّة، أو طغیان الأهواء والمصالح الشخصیّة، أو بسبب احتکار بعضهم مصادر الکلإ والماء، فانتقل ذلک المجتمع -بفضل الإسلام- إلى مدار جدید، بعد أن تکرّست فیه قیم التعاون والتکافل الاجتماعیّ.
ومن هنا، نجد أنّ مسألة التعاون والتضامن والوحدة تجاه القضایا الکبرى تتصدّر سلَّم الأولویّة فی اهتمامات الإسلام الاجتماعیّة؛ لکونها الضمان الوحید والطریق الأمثل لإقامة بناء اجتماعیّ متماسک تغیب فیه عوامل الصراع والتناحر، وتسود فیه عوامل الودّ والألفة.
وما یثیر الدهشة ویبعث على الإعجاب أنّ المجتمع العربیّ الجاهلیّ الذی کان ممزّقًا، ولا تقیم له الأمم وزنًا، قد غدا بفضل الرسالة الإسلامیة موحّدًا، مهاب الجانب، ذا عزّة ومنعة. یقول الإمام علی (ع): "... والعرب الیوم، وإن کانوا قلیلًا، فهم کثیرون بالإسلام، عزیزون بالاجتماع..."[25].
وهذا ما ساهم کثیرًا فی تغییر العادات والتقالید الجاهلیّة. یقول العلاّمة السید الشهید محمد باقر الصدر (قده): "إنّ الدافع الذاتی هو مثار المشکلة الاجتماعیّة، وإنَّ هذا الدافع أصیل فی الإنسان؛ لأنّه ینبع من حبّه لذاته، وهنا یجیء دور الدین بوضع الحلّ الوحید للمشکلة؛ فالحلّ یتوقّف على التوفیق بین الدوافع الذاتیّة والمصالح الاجتماعیّة العامّة"[26].
6. أصالة الخطاب والتواصل الإیجابیّ بالکلمة الطیّبة:
لقد عُنیَ القرآن الکریم بأدب الخطاب، فالناظر فی سوره وآیاته یجده شدید الحرص على الأسلوب الذی یُؤدَّى به الکلام، والطریقة التی یُطرح بها، ویجد أنَّه کثیرًا ما یُوجِّه نحو الکلمة الطیّبة والقول الحَسَن فی مناسبات شتَّى. قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ کَیْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلًا کَلِمَةً طَیِّبَةً کَشَجَرةٍ طَیِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِی السَّمَاء * تُؤْتِی أُکُلَهَا کُلَّ حِینٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَیَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ یَتَذَکَّرُونَ * وَمَثلُ کَلِمَةٍ خَبِیثَةٍ کَشَجَرَةٍ خَبِیثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ * یُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِینَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِی الْحَیَاةِ الدُّنْیَا وَفِی الآخِرَةِ وَیُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِینَ وَیَفْعَلُ اللّهُ مَا یَشَاء}[27].
فالکلمة الطیّبة نفحة روحانیّة تصل ما بین القلوب، وتربطها برباط المودّة والتآلف. وأمّا الکلمة الخبیثة فهی معول للهدم والتفریق؛ یعمل تخریبًا فی أوصال المجتمع، فیهدم کیانه. والکلمة الطیّبة تزهر فی النفس لتتفتّح بأجمل أزهار الخیر والحبّ التی یعبق شذاها فوّاحًا فی کلّ زمان ومکان. وأمّا الکلمة الخبیثة فنتنة الرائحة، تصدر عن بُؤَرٍ نفسیّة عفنة.
وقد أشار القرآن الکریم إلى ما أثمره القول اللیّن من نجاح دعوة النبی محمد (ص) وتأثیرها فی الناس. قال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوکُنتَ فَظًّا غَلِیظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِکَ}[28]. فرسول الله (ص) لم یکن فظَّاً؛ أی خشن الکلام، ولا غلیظ القلب؛ أی قاسیه وشدیده؛ بل کان رفیقًا داعیًا إلى الرفق، فقال (ص): "مَنْ یُحرَم الرِّفقَ یُحرَم الخیر"[29].
وتأسیسًا على ما تقدّم من أصول تربویّة واجتماعیّة کفیلة ببناء مجتمع متکافل، یحفظ بعضه حقوق بعضه الآخر، ویحرص على ممارستها والعیش فی ظلّها، والتربیة علیها؛ لا بدّ من الإلفات إلى أنّ هذه التشریعات الإسلامیّة الاجتماعیّة تتّسع لتشمل العلاقات الإنسانیّة بین بنی البشر؛ لأنّ الروابط التی تجمع بین الناس کثیرة؛ فمن رابطة الدم، إلى رابطة الفکر والمبدإ، ورابطة العمل والوظیفة، ورابطة الصداقة والصحبة، ورابطة الجنس والعرق، والرابطة التجاریّة والاقتصادیّة، ورابطة العقیدة التی تُعدّ من أقوى الروابط وأمتنها؛ ولکنّ قوّة رابطة العقیدة لا تعنی أنَّ أدب التعامل مع الآخرین لا یدور إلا فی نطاقها، ولا یشمل التعامل مع أصحاب العقائد الأخرى من غیر المسلمین؛ بل إنَّ أدب التعامل یتّسع لیشمل الإنسانیّة کلَّها. فالتعامل الحسن هو سلوک الجوارح والعلاقة الظاهریّة، ویکون مع جمیع البشر؛ أمّا الولاء فهو بین المسلمین خاصّة. ولعلّ ما ورد فی سورة الممتحنة، من أوضح الآیات التی تمیّز بین الولاء، وبین البرّ وحُسن التعامل. یقول تعالى: {لا یَنْهَاکُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِینَ لَمْ یُقَاتِلُوکُمْ فِی الدِّینِ وَلَمْ یُخْرِجُوکُم مِّن دِیَارِکُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَیْهِمْ إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الْمُقْسِطِینَ * إِنَّمَا یَنْهَاکُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِینَ قَاتَلُوکُمْ فِی الدِّینِ وَأَخْرَجُوکُم مِّن دِیَارِکُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِکُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن یَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِکَ هُمُ الظَّالِمُونَ}[30].
فقضیّة التعامل مع الآخرین هی قضیّة بالغة الأهمّیّة والخطورة، وقد جعل الإسلام الالتزام بالدین فی قسمٍ کبیرٍ منه، متوقّفًا على الأدب وحسن المعاملة. ولذا، جاء القرآن الکریم لیضع لنا المناهج القویمة والأسس السلیمة للتعامل مع الآخرین؛ باعتباره موضوعًا أساسًا من موضوعات هذا الدین.
وإذا کان الأدب یتّبع فی خصوصیّته الغایة المطلوبة فی الحیاة؛ فالأدب الإلهیّ الذی أدّب الله سبحانه به أنبیاءه ورسله(عله) هو الهیئة الحسنة فی الأعمال الدینیّة التی تحاکی غرض الدین وغایته؛ وهو العبودیّة على اختلاف الأدیان الحقّة؛ حسب کثرة موادها وقلّتها، وحسب مراتبها فی الکمال والرقیّ.
ولمّا کان من شأن الإسلام التعرّض لجمیع جهات الحیاة الإنسانیّة؛ حیث لا یشذّ عنه شیء من شؤونها؛ سواء أکان یسیرًا أم خطیرًا، دقیقًا أم جلیلًا؛ فلذلک وسع الحیاة أدبًا، ورسم فی کلّ عمل هیئة حسنة تحاکی غایته؛ وهو فی ذلک لیس له غایة عامّة إلا توحید الله سبحانه فی مرحلتی الاعتقاد والعمل جمیعًا؛ أی أنْ یعتقد الإنسان أنّ له إلهًا هو الذی منه بدأ کلّ شیء وإلیه یعود کلّ شیء، له الأسماء الحسنى والأمثال العلیا، ثمّ یجری فی الحیاة ویعیش بأعمال تحاکی بنفسها عبودیّته وعبودیّة کلّ شیء عنده لله الحقّ عزّ اسمه، وبذلک یسری التوحید فی باطنه وفی ظاهره، وتظهر العبودیّة المحضة من أقواله وأفعاله وسائر جهات وجوده ظهورًا لا ستر علیه ولا حجاب یغطّیه. فالأدب الإلهیّ -أو أدب النبوّة- هو هیئة التوحید فی الفعل[31].
یقول الإمام علی(ع): "الآداب حُللٌ مجدّدة"[32]. ومعنى إخباره (ع) بأنّ الآداب حُللٌ مجدّدة: "أی لا تبلى؛ بل تزداد بکثرة التجارب والممارسة کلّ وقت جدة، وعنى بالآداب -هاهنا- آداب الشرع الَّتی هی مکارم الأخلاق"[33]. والمحصّل من کلامه: أنّ الشخص کما یتزیّن بالحلل یتزیّن کذلک بالآداب؛ مثل: العلم، وما یتبعه من حسن المجاورة، والمعاشرة، وأمثالهما.
فحسن الخلق والأدب مع الآخرین -مهما کان الطرف الآخر؛ سواء أشترکت معه فی الدین، أو المذهب، أو الإنسانیّة، أم لم تشترک- هو دلیل على رزانة العقل وبُعد النظر. وأمّا عکس ذلک فهو دلیل على الحمق ونقصان العقل.
وعلیه، فإنّنا نوجّه دعوة صادقة إلى المؤسّسات التعلیمیّة الدینیّة والأکادیمیّة والباحثین المتخصّصین نحو القراءة الأصیلة لهذه الأصول الاجتماعیّة والتربویّة، والتعاون فی تسییلها فی المناهج والبرامج التعلیمیّة والتربویّة والإعلامیّة؛ لنتمکّن معًا من بناء جیلٍ جدید، وتربیته على أصول التکافل والتعاون والوحدة والمحبّة والمودّة والإیثار والتضحیة، وفهم الاختلاف وترشیده؛ لنبنی مجتمعًا حضاریًّا یشعر بالعزّة والکرامة والترابط الأخویّ، وفق المفهوم القرآنیّ.
والإسلام یرید أن یحکم المجتمع أمن مطلق، ولا یکتفی بأن یکفّ الناس عن ضرب بعضهم بعضَهم الآخر فحسب؛ بل یرید أسمى من ذلک بأن یکونوا آمنین من ألسنتهم؛ بل وأرقى من ذلک بأن یکونوا آمنین من تفکیرهم وظنّهم السیّئ أیضًا، وأن یحسّ کلّ منهم أنّ الآخر لا یرشقه بنبال الاتّهامات فی عقیدته وأفکاره. وهذا الأمن لا یمکن تحقّقه إلّا فی مجتمع رسالیّ مؤمن یمتثل قول النّبی (ص): "إنّ اللَّه حرّم من المسلم: دمه، وماله، وعرضه، وأن یظنّ به السوء"[34].
7. النهی عن التفرّق:
إنّ التفرّق أکبر خطر یهدّد عزّة الجماعة البشریّة، ویذهب بریحها. فقد رکّز الإسلام على هذا المفهوم وحثّ بشدّة على الاعتصام بحبل الله وعدم التفرّق واجتناب التنازع، وکلّ المهتمین بکرامة أمّتهم یحرصون على وحدتها وتراصّ صفوفها. یقول الإمام الخمینی (قده):"... والموضوع التالی یرتبط باتّحاد المسلمین وتوحّدهم، وهو ما یشکّل مضموناً بارزاً آخر فی مناسک الحج. منذ أن دخل الاستعمار الأوروبیّ فی البلدان الإسلامیة کانت التفرقة بین المسلمین من المبادئ الحتمیّة فی سیاسة المستعمرین... متوسّلین بسلاح الطائفیّة تارة، وبالنعرات الإقلیمیّة والقومیّة تارة، وبغیرها أحیاناً، ومع کلّ نداءات المصلحین ودعاة الوحدة، فإنّ مدیّة الأعداء هذه لا تزال تنزل بجسد الأمّة الإسلامیّة مع الأسف ضربات وجراحات؛ من خلال إثارة الاختلافات بین الشیعة والسنّة، والعرب والعجم، والآسیویّین والأفارقة، وتضخیم القومیّات العربیّة والطورانیّة والفارسیّة، وإن ابتدأت على ید الأجانب، فهی الیوم تستمرّ -مع الأسف- على ید أفراد من بیننا، یعبّدون طریق العدو عن سوء فهم أو عن عمالة للأجانب. هذا الانحراف یبلغ من الفظاعة -أحیاناً- أن تنفق بعض حکومات المسلمین أموالاً للتفریق بین المذاهب الإسلامیّة أو الشعوب والأقوام المسلمة، أو أنْ یعلن بعض أنصاف العلماء بصراحة فتوى تکفیر بعض الفرق الإسلامیة ذات الماضی الوضیء فی التاریخ الإسلامیّ. لذلک کلّه یجدر بالشعوب المسلمة أن تتعرّف إلى الدوافع الخبیثة لهذه الأعمال، وأنْ ترى الأیدی التی وراءها... ید الشیطان الأکبر، وأیدی أذنابه، وأن تتصدّى لفضح الخائنین"[35].
ثانیاً: ثابتة الوحدة الإسلامیّة فی فکر الإمام الخمینی (قده):
عدّ القرآن الکریم مبدأ الوحدة من الثوابت والأصول الفکریّة للبشر، وجعلها مرتکزًا لمنظومة الأخلاق والقیم التی تشکّل الرابط الأهمّ بین المجتمعات الإنسانیّة. ویتضّح هذا الأمر لمن یلقی نظرة عامّة إلى القرآن الکریم، حیث یجده یخاطب الناس جمیعاً فی کثیر من آیاته: {یا أیها الناس}، {یا بنی آدم}، {والعالمین}، {لیظهره على الدین کله}[36]، ویدعوهم إلى الاعتصام والتلاقی والتوحّد: { کان الناس أمة واحدة فبعث الله النبیین مبشرین ومنذرین وانزل معهم الکتاب بالحق لیحکم بین الناس فیما اختلفوا فیه}[37]، {واذکروا نعمة الله علیکم إذ کنتم أعداء فألف بین قلوبکم فأصبحتم بنعمته إخوانا}[38].
وهو ما أکّدت علیه السنة الشریفة: "لا تختلفوا، فإنّ مَنْ کان قبلکم اختلفوا، فهلکوا"[39]. "
وإذا کان الدین الإسلامیّ قد حرص على الوحدة الإنسانیّة؛ فضلاً عن الوحدة الإسلامیّة بین أبناء هذا الدین، فاهتمّ بتفاصیل العلاقة بین أفراده؛ فضلاً عن الکلیّات والأصول، التی تضمن -فی ما لو أُتبعت- حیاة سعیدة وهادئة لجمیع البشر؛ بل للمخلوقات الحیّة کلّها، فأیّ وحدة تلک التی ینبغی أن تحکم علاقة المسلمین بعضهم ببعضهم الآخر، وترسم معالم علاقة المسلم مع الآخر؟
وتجدر الإشارة إلى أنّ المسلمین لا یعانون مشکلة أو خللاً فی الأسس النظریّة للوحدة...، بل إنّ أهمّ ما تحتاجه وحدة المسلمین؛ مضافاً إلى إزالة القلق من الآخر؛ هو التوافق على منهج علمیّ جادٍ وجریء ومشترک لقراءة المبادئ والأصول التی وقع الاختلاف علیها، وبحثها؛ تمهیداً لنشوء نوع من التعاون المنهجیّ والمعرفیّ الذی لو توافق المسلمون على قبوله، وتحکیمه، لتمکّنوا من حلّ نصف المشکلة. ویبقى القسم الآخر منها على عاتق العلماء والقادة المدعوّین لإغلاق کیاناتهم المذهبیّة الضیّقة لحساب کیان الإسلام الکبیر، واتّخاذ القرارات الجریئة بإعلان الموافقة على مبدإ الوحدة، والسعی العلمیّ إلى مأسستها وتحویلها إلى عنوان للتلاقی والدفاع عن المسلمین، ولحمایة الإسلام ومقدّساته.
وقد اعتبر الإمام الخمینیّ أنّ الوحدة کانت وما تزال العلّة (المحدثة) و(المبقیة) للنظام الإسلامیّ، وأنّ الإسلام والوحدة هما الضمانة الأکیدة لاستمرار المسلمین وبقائهم، حیث یقول سماحته: "إذا أراد المسلمون استعادة عزّتهم وعظمتهم فی صدر الإسلام، فعلیهم التمسّک بالإسلام وبوحدة الکلمة. إنّ الالتزام بمحور الإسلام هو الذی أوجد کلّ تلک القدرة والشجاعة العجیبة"[40].
ولذا، فإنّ آراء الإمام الخمینیّ (قده) الوحدویّة تشکّل مدخلاً مهمّاً من أجل استیعاب فکره السیاسیّ؛ وذلک بسبب المکانة العظیمة التی یشغلها موضوع الوحدة فی فکره. یقول سماحة الإمام (قده): "الوحدة هی تلک التی یدعو إلیها القرآن الکریم؛ وهی نفسها التی حمل لواءها الأئمّة الأطهار (عله)، وکانوا یدعون المسلمین إلیها. وفی الواقع أنّ الدعوة إلى الإسلام تعنی الدعوة إلى الوحدة؛ أی أنْ یجتمع الجمیع تحت رایة الإسلام وکلمته. لکنْ، وکما تعلمون، لم یسمحوا لهذه الوحدة بأن ترى النور"[41].
وفی کلمته التی وجّهها إلى الدول الإسلامیّة أشار سماحته إلى الاعتصام بحبل الله والدین الإسلامیّ؛ باعتباره محور الوحدة، مشیراً -کذلک- إلى التأثیرات الإیجابیّة والبرکات التی تحملها تلک الوحدة؛ بقوله: "لو اتّحدت هذه الأقطار الإسلامیّة التی تملک کلّ شیء، بعضها مع بعض، فلن تکون بحاجة إلى أیّ شیء أو بلد أو قوّة تحت رایة ذلک الاتّحاد، بل إنّ الآخرین سیحتاجون إلى هذه البلدان. لو حافظ المسلمون وحکوماتهم الإسلامیّة على الأواصر الأخویّة التی أمر بها الله -سبحانه وتعالى- فی القرآن الکریم؛ لما تعرّضت (أفغانستان)، ولا فلسطین، ولا البلدان الأخرى إلى الاعتداء والهجوم. لو اتّحدت أیادی وقلوب المسلمین حول کلمة واحدة؛ فما حاجتنا إلى أن نمدّ أیدینا إلى أمیرکا أو الاتّحاد السوفیاتیّ؟ إنّ الإسلام یطالبکم بالوحدة والاعتصام بحبل الله، فلماذا لا تعتصمون بحبل الله؛ بدلاً من أن یتعلّق کلّ منکم بأذیال الغرب أو الشرق؟!"[42].
ویرى الإمام الخمینیّ (قده) الشیطان عاملاً آخر من عوامل الاختلاف والفُرقة، حیث یقول: "عندما یصدر الاختلاف عن أیّ شخص أو على لسان أیّ مخلوق؛ فإنّما یصدر ذلک على لسان الشیطان نفسه؛ سواء أکان الناطق بذلک الاختلاف رجل دین، أم شخصاً مقدّساً، أو أحد المصلّین، أو أیّ لسان آخر، واعلموا أنّ هذا إنّما هو لسان الشیطان، وقد لا یکون المتحدّث أحیاناً واعیاً لهذا الأمر، بل واقعاً تحت تأثیر الشیطان أو لسانه؛ وهو الذی یدفعه إلى القیام بتلک الأفعال"[43].
وقد أشار الإمام الخمینی (قده) إلى أُولى السُّور وأُولى الآیات الشریفة التی نزلت على النبیّ الکریم (ص) بعد البعثة؛ ومنها قوله تعالى: {کَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَیَطْغَى * أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى}[44]؛ موضّحاً أنّ الاختلاف إنّما هو بسبب طغیان الإنسان، فـ"جمیع الاختلافات الموجودة سببها أنّ الأساس لم تتمّ تزکیته وتنقیته بعد، فالغایة من البعثة هی تزکیة الناس؛ لکی یتمکّنوا من خلالها تعلّم الحکمة والقرآن الکریم والکتاب، فعندما تتمّ تزکیتهم؛ فلن یکون هناک أیّ إمکان للطغیان"[45].
ثالثاً: سُبُل الوحدة ودعائمها فی فکر الإمام الخمینیّ (قده):
تتّفق المذاهب الإسلامیة جمیعاً حول کثیر من المسائل، وما یجمعها هو أکثر ممّا یُفرّقها، ولو أرادت الاجتماع حول ما یَجمع؛ لوجدت نفسها أقوى الأمم على الإطلاق. ولکنّ القوى المستکبرة والمستعمرة تعمل على إثارة نقاط الخلاف فی ما بینها، وتسخّر له کثیراً من الوسائل الدعائیّة والإعلامیّة، والأبواق والأقلام المأجورة؛ بهدف إضعاف المسلمین وتمزیق وحدتهم. فلماذا نترک هذا الکمّ الهائل من عناصر الوحدة والاعتصام، ونتلهّى بتفاصیلنا الصغیرة؟ فبدلاً من أن نکون الأمّة الأکثر تماسکاً، إذ بنا نصیر بسبب هذا الاختلاف أمماً متفرّقة متصارعة فی ما بینها.
یقول الإمام الخمینی (قدّس سرّه) عن وسائل الإعلام التی تروّج للمسائل الخلافیة بین المذاهب الإسلامیّة: "إنّهم یحاولون عبثاً زرع الفرقة. إنّ المسلمین إخوة فی ما بینهم ولا یتفرّقون من خلال الإعلام السیّئ لبعض العناصر الفاسدة. أصل هذه المسألة -وهی الشیعة والسنّة- أنّ السنّة فی طرف، والشیعة فی طرف آخر، وقد وقع هذا بسبب الجهل والإعلام الذی یمارسه الأجانب، مثلما نلاحظ بین الشیعة أنفسهم وجود أشخاص مختلفین فی ما بینهم، یحارب أحدهم الآخر، ووقوف طائفة ضدّ أخرى بین الإخوة أنفسهم من أهل السنّة. جمیع طوائف المسلمین تواجه الیوم قوى شیطانیّة ترید اقتلاع جذور الإسلام؛ هذه القوى التی أدرکت أنّ الشیء الذی یهدّدها هو الإسلام، وأنّ الشیء الذی یهدّدها هو وحدة الشعوب الإسلامیّة. على جمیع المسلمین فی جمیع بلدان العالم أنْ یتّحدوا الیوم فی ما بینهم، لا أن تقف طائفة هنا وتطرح نفسها، وتقف طائفة أخرى فی مکان آخر وتطرح نفسها أیضاً"[46].
وقد أشار الإمام الخمینی (قده) إلى سُبُل الوحدة ودعائمها التی یمکن للمسلمین استثمارها بشکل کبیر لتعزیز وحدتهم وصیانتها، أبرزها ما یلی:
1ـ الحجّ والوحدة الإسلامیة:
یقول الإمام الخمینی (قده): "الحجّ هو تنظیم وتدریب وتأسیس لهذه الحیاة التوحیدیّة. والحجّ هو میدان تجلّی عظمة طاقات المسلمین واختبار قواهم المادّیّة والمعنویّة. والحجّ؛ کالقرآن، ینتفع منه الجمیع. ولکنّ العلماء والمتبحّرین والعارفین بآلام الأمّة الإسلامیّة، إذا فتحوا قلوبهم لبحر معارفه، ولم یرهبوا الغوص والتعمّق فی أحکامه وسیاساته الاجتماعیّة، فسیصطادون من أصداف هذا البحر جواهر الهدایة، والوعی، والحکمة، والرشاد، والتحرّر، وسیرتوون من زلال الحکمة والمعرفة إلى الأبد"[47].
فالحجّ فریضة إلهیّة لها أبعاد توحیدیّة کبیرة، وهی مؤتمر کبیر یجمع المسلمین من الأقطار کلّها؛ بحیث لا تقدر أیّ دولة فی العالم أن تنظّم مؤتمراً حاشداً کهذا، یوحّد بین أصحاب المذاهب المختلفة فی مناسک متّحدة، نحو قبلة واحدة، وبیت واحد، فی طاعة إله واحد؛ مستنّین بسنّة الرسول الأکرم (ص). وفی هذا الصدد یقول الإمام الخمینی (قده): "والآن وبینما یتوجّه مسلمو الدول المختلفة فی العالم إلى کعبة الآمال، وحجّ بیت الله الحرام، وإقامة هذه الفریضة الإلهیّة العظیمة والمؤتمر الإسلامیّ الکبیر، فی أیام مبارکة، ومکان مبارک، فإنّه یجب على المسلمین المبعوثین من قِبَل الخالق تعالى أنْ یستفیدوا من المحتوى السیاسیّ والاجتماعیّ للحجّ؛ مضافاً إلى محتواه العبادیّ، وأن لا یکتفوا بالظاهر؛ فالجمیع یعلم أنّ أیّ مسؤول وأیّة دولة لا یمکنها إقامة مثل هذا المؤتمر العظیم، وهذه هی أوامر الباری جلّ وعلا التی أدّت إلى انعقاد هذا المؤتمر. ومع الأسف، فإنّ المسلمین على طول التاریخ لم یتمکّنوا من الاستفادة بشکل جیّد من هذه القوّة السماویّة والمؤتمر العظیم لصالح الإسلام والمسلمین!"[48].
ولأجل ما یتضمّن الحجّ من قدرة على التوحید بین المسلمین؛ علینا أنْ نسعى بطاقاتنا کلّها لاستثمار هذه الفرصة التی تمرّ علینا مرّة واحدة فی کلّ عام؛ لتوحید المسلمین، وتحدید الخطر الذی یواجههم جمیعاً للتعاضد والتکاتف فی مواجهته. وهذا ما أکّد علیه الإمام الخمینی (قده) بقوله: "ومن جملة الوظائف فی هذا الاجتماع العظیم دعوة الناس والشعوب الإسلامیّة إلى وحدة الکلمة، وإزالة الاختلافات بین طبقات المسلمین. ویجب على الخطباء والکتّاب المساهمة فی هذا الأمر المهمّ، وبذل الجهد؛ من أجل إیجاد جبهة المستضعفین، فیمکن من خلال وحدة الجبهة، واتّحاد الکلمة، وشعار لا إله إلا الله، التخلّص من أسر القوى الشیطانیّة للأجانب والمستعمرین والمستغلّین، والتغلّب على المشاکل؛ من خلال الأخوّة الإسلامیّة"[49].
کما إنّ الأبعاد السیاسیّة لمناسک الحجّ لا تکاد تخفى، وقد سُمّی الحجّ بالحجّ السیاسیّ العبادیّ، وکُتبت فیه مؤلّفات عدّة تعالج الأبعاد السیاسیّة لهذا المؤتمر الإلهیّ الکبیر.
یقول الإمام (قده): "وثمّة أبعاد سیاسیّة عدیدة فی الاجتماعات، والجماعات والجمعة؛ وخاصّة اجتماع الحجّ الثمین؛ منها: الاطّلاع على مشاکل الإسلام والمسلمین الأساسیّة والسیاسیة، فیمکن من خلال اجتماع العلماء والمثقّفین والمتدیّنین الزائرین لبیت الله الحرام، طرحها ودراستها وإیجاد الحلول لها، وتقدیم تلک الحلول لدى العودة إلى البلدان الإسلامیّة، فی الاجتماعات العامّة، وبذل الجهد لرفعها"[50].
2. معرفة العدوّ المشترک للمسلمین والمستضعفین:
لا شکّ فی أنّ وحدة العدو الذی یواجهه المسلمون تُعدّ من أهمّ المسائل التی تلزمُنا بالاتّحاد ونفی الاختلاف، فوحدة العدوّ تطال الأمّة المتشرذمة بشکل أفضل؛ کما نراه الیوم فی الحروب التی یقوم بها الاستکبار العالمیّ على البلدان الإسلامیّة؛ محاولاً الاستفراد بکلّ بلد منه على حدة، ثمّ ینتقل منه إلى آخر، فإذا اتّحدت الأمّة وکانت صفّاً واحداً شکّلت بذلک سدّاً منیعاً یخلق الرعب فی نفوس الأعداء. یقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الَّذِینَ یُقَاتِلُونَ فِی سَبِیلِهِ صَفّاً کَأَنَّهُمْ بُنْیَانٌ مَرْصُوصٌ}[51]. وقد أکّد الإمام الخمینی (قده) على هذه المسألة فی کثیرٍ من خطاباته للعالم الإسلامیّ، حیث یقول: "فی مرحلة هجوم القوى الکبرى على البلدان الإسلامیّة؛ مثل: قتل المسلمین الأفغانیّین دون رحمة وبوحشیة لمعارضتهم تدخّل الأجنبی فی مقدّراتهم، أو أمریکا الضالعة فی کلّ فساد، ومع الهجوم الشامل (الذی تشنّه) إسرائیل المجرمة على المسلمین فی فلسطین ولبنان العزیز، ومع (تنفیذ) المشروع الإسرائیلیّ الإجرامیّ الرامی إلى نقل عاصمتها إلى بیت المقدس، وتوسیع جرائمها ومذابحها الوحشیّة بین المسلمین المشرّدین من أوطانهم، وفی هذا الوقت الذی یحتاج فیه المسلمون أکثر من أیّ وقت آخر إلى وحدة الکلمة، (فإنّ) عملاء قوى الاستکبار فی مرکز القوّة فی بلاد المسلمین، (یدعون) إلى التفرقة بین المسلمین، ولا یألون جهداً فی أن یرتکبوا على هذا الطریق کلّ جریمة یأمر بها سیّدهم"[52].
وقد وجّه الإمام الخمینیّ (قده) نداءات کثیرة إلى المسلمین لتنبیههم وتحذیرهم من العدوّ المشترک الذی یواجههم، ودعاهم إلى الاتّحاد وأن یقفوا سدّاً منیعاً أمام أطماعه، ومن هذه النداءات قوله: "أیّها البحر العظیم من المسلمین! اهدروا، وحطّموا أعداء الإنسانیّة، فإن اتّجهتم إلى الله والتزمتم بتعالیم السماء، فالله تعالى وجنده العظام معکم. إنّ أهمّ وأمضّ مسألة تعانی منها الشعوب الإسلامیّة وغیر الإسلامیة فی البلدان الخاضعة، هی مسألة أمریکا. الحکومة الأمریکیّة؛ باعتبارها (حکومة) أقوى بلد فی العالم لا تألو جهداً فی ابتلاع المزید من الذخائر المادّیّة للبلدان الخاضعة. أمریکا العدوّ الأوّل للشعوب المحرومة والمستضعفة فی العالم. أمریکا لا تتردّد فی ارتکاب أیّة جریمة من أجل فرض سیطرتها السیاسیّة والاقتصادیّة والثقافیّة والعسکریّة على العالم الخاضع لها. إنّها تستثمر الشعوب المظلومة فی العالم بدعایاتها الواسعة التی تدبلجها الصهیونیّة العالمیّة. إنّها ورموزها المشبوهة الخائنة تمصّ دماء الشعوب المقهورة، حتّى کأنّ حقّ الحیاة خاصّ بها وبأتباعها. أیّها المسلمون المتضرّعون (إلى الله) جوار بیت الله، ادعوا للصامدین أمام أمریکا وسائر القوى الکبرى"[53].
ویقول (قده) -أیضاً- فی نداءٍ آخر للمسلمین الحجّاج: "إنّ شرط تحقّق الآمال الفطریّة والإنسانیّة فی جمیع المناسک والمواقف هو اجتماع جمیع المسلمین فی هذه المراحل والمواقف، ووحدة کلمة جمیع الطوائف الإسلامیّة دون أنْ تفرّق بینهم اللغة، واللون، والقبیلة، والطائفة، والوطن، والعصبیّات الجاهلیة، وشرط ذلک النهوض المنسجم بوجه العدوّ المشترک... وهو عدّو الإسلام العزیز، هذا العدوّ تلقّى فی عصرنا صفعة من الإسلام، ولذلک یرى الإسلام سدًّا أمام أطماعه، ویسعى عن طریق بثّ التفرقة والنفاق إلى أنْ یزیل هذا المانع المحسوس من طریقه، ویحرّک عملاءه، وعلى رأسهم رجال الدین الحسّاد الدنیویّون المتملّقون على أعتاب السلطان؛ کی ینفّذوا أهدافه فی کلّ مکان، وفی مختلف الأوقات؛ وخاصّة فی موسم الحجّ والاجتماعات المقدّسة. على المسلمین المجتمعین فی مواقف هذه العبادة الرامیة إلى تجمیع المسلمین من جمیع أرجاء الأرض؛ لیشهدوا منافع لجمیع المستضعفین فی العالم، وأیّ منافع أعظم من قطع ید الطامعین عن البلدان الإسلامیّة؟ علیهم أنْ یراقبوا بحذر الأعمال المعادیة للإسلام والقرآن الصادرة عن هؤلاء العملاء الخبثاء ورجال الدین المفرِّقین، وعلیهم أنْ یطردوا الذین لا یقبلون النصیحة منهم، وأن لا یعیروا أهمّیّة للإسلام ولمصالح المسلمین، فهؤلاء أفظع من الطواغیت وأخبث منهم"[54].
3ـ عدم هجر القرآن الکریم:
کانت دعوة الإمام الخمینیّ (قده) الدائمة للمسلمین أن لا یُهجر القرآن بین ظهرانیهم، حیث یعتبر الإمام الخمینیّ (قده) مشکلة المسلمین الکبرى فی هجرهم لهذا الکتاب الإلهی العظیم الذی یتضمّن الهدایة للبشر جمیعاً، حیث یقول: "إنّ مشکلة المسلمین الکبرى تتمثّل فی هجرهم القرآن، والانضواء تحت لواء الآخرین"[55].
وقد دعا (قده) إلى ضرورة العمل بالقرآن وتحکیمه فی الحیاة، حیث یقول: "المهم هو أنْ یعمل المسلمون بالإسلام والقرآن، فالإسلام ینطوی على جمیع المسائل المرتبطة بحیاة البشر فی الدنیا والآخرة، وفیه کلّ ما یرتبط بتکامل الإنسان وتربیته وقیمه"[56].
4ـ شخصیّة الرسول الأکرم (ص) تجمع المسلمین:
إنّ رسول الإسلام وخاتم النبیّین (ص) شخصیّة تجمع المسلمین بکافّة مللهم وأعراقهم، فهو رسولهم جمیعاً، وکلّهم متّفقون على أنّه القائد الأوّل والملهم، والقدوة، والرجل الإلهیّ الأکمل، وأنّه دعا إلى أن یکون المسلمون یداً واحدة فی مواجهة أعدائهم وقوى الشرّ الطامعة. وهذا ما بیّنه الإمام الخمینیّ (قده) فی کثیر من خطاباته، حیث یقول: "أراد رسول الإسلام أنْ یحقّق وحدة الکلمة فی العالم کلّه، أراد إخضاع جمیع بلدان العالم لکلمة التوحید، أراد أن یخضع الربع المسکون بکامله لکلمة التوحید، بید أنّ أغراض سلاطین تلک الفترة من جهة، وأغراض علماء النصارى والیهود وأمثالهم من جهة أخرى، منعته من تحقیق ذلک، والآن فإنّهم یمنعون ذلک -أیضاً-، وإنّ مصائبنا الآن هی بسببهم"[57].
فدعوة الرسول الأکرم (ص) هی دعوة لنا جمیعاً لنبذ خلافاتنا، ولا یوجد أفضل من کلمة التوحید التی زرعها فی نفوسنا کلمة باقیة خالدة لتوحّدنا.
5. رسالة علماء الدین:
لم یغِبْ ذِکْر أهمّیّة الخطاب الدینیّ لإرساء الوحدة الإسلامیّة عن کلمات الإمام الراحل (قده)، فهو یرى الدعوة إلى الوحدة جزءاً أساساً من رسالة علماء الدِّین التبلیغیّة، حیث یقول: "یجب أن ینتفض العلماء فی سائر أنحاء العالم، وخاصّة علماء الإسلام ومفکّروه العظام، وأنْ یکونوا قلباً واحداً، وفی اتّجاه واحد فی طریق إنقاذ البشریّة من سیطرة السلطة الظالمة لهذه الأقلّیّة المحتالة والمتواطئة التی فرضت سلطتها على العالم، من خلال مختلف الدسائس والحیل، وأن یزیلوا ببیانهم وقلمهم وعملهم ذلک الخوف الکاذب المسیطر على المظلومین"[58].
6. مسؤولیة قادة البلدان الإسلامیّة فی سبیل الوحدة:
یرى الإمام الخمینیّ (قده) أنّ ثمّة مسؤولیّة کبرى تلقى على عاتق رؤساء البلدان الإسلامیّة فی سبیل الوصول إلى اتّحاد کلمة المسلمین، حیث یقول: "إنّ تکلیف رؤساء الإسلام الآن، وسلاطین الإسلام، ورؤساء الجمهوریّات الإسلامیّة، هو أن یضعوا هذه الاختلافات البسیطة الموسمیّة جانباً، فلا یوجد عرب وعجم، ولا تُرْک وفُرْس، بل هناک الإسلام؛ کلمة الإسلام. یجب علیهم أن یتّبعوا رسول الإسلام فی طریقته فی المواجهة والصراع، وأن یکونوا تبعاً للإسلام. إنّهم إذا حافظوا على وحدة کلمتهم، إذا وضعوا هذه الاختلافات الموسمیّة البسیطة جانباً، إذا کانوا جمیعاً یداً واحدة... وقاموا بحمایة حدودهم، واشترکوا جمیعاً فی کلمة التوحید المشترکة بین الجمیع، ... ووحّدوا کلمتهم، فإذا وحّد هؤلاء کلمتهم، فإنّ الیهود لن یعودوا لیطمعوا فی فلسطین، فسبب هذه الأمور أنّهم لا یسمحون لکم بالاتّحاد"[59]
خاتمة:
بناءً على ما تقدّم فی هذه المقالة، یمکن إیجاز جملة من التوصیات المنبثقة من الطرح الوحدویّ فی فکر الإمام الخمینی (قده)، أبرزها:
- إنّ وحدة المسلمین بشرائحهم کافّة، أمر فی غایة الأهمّیّة، بل هی الأساس فی أیّ تقدّم یُحرزه المسلمون، وهی الأساس لاسترجاع حقوقهم المهدورة، وهی السدّ المنیع أمام استقواء المستکبرین علیهم. فمن هذا المنطلق، لو التفت المسلمون إلى هذه النصائح الملهمة من هذا الإمام الراحل (قده)؛ لوجدوا فیها روح التوحید، والحرص على أمر المسلمین ومقدّساتهم.
- ضرورة عدم الغفلة عن القرآن الکریم الذی یصدح بنا لیل نهار لنبذ الخلاف، وتوحید الکلمة، والسعی الدائم إلى لمّ الشمل؛ لکی لا نفشل وتذهب ریحنا.
- عدم ترک أیّ فرصة یمکن أن تجمع المسلمین على الکلمة السواء، من دون استثمار عملیّ لها، ولاسیّما المناسبات التوحیدیّة؛ کشهر رمضان، ویوم القدس، وأسبوع الوحدة الإسلامیّة فی شهر ربیع الأوّل، وأیّام الحجّ المبارکة، وعدم الغفلة عن العدوّ المتربّص بنا الدوائر.
- إنّ مختلف عناوین الوحدة وأشکالها وصورها القائمة على المجاملات -التی لا تتعدّى حدود الألفاظ والشکلیّات- لا یمکن لها أن تحقّق أدنى غایاتها، ولو کانت بأفضل صورها وأجملها وأرقاها، ولیست هی التی یطمح إلیها المسلمون الحریصون على قدسیّة الإسلام، ومصالح بنیه، وحفظ ثوابته العقدیّة والفکریّة. ولهذا، فإنّ الوحدة المرجوّة هی تلک الوحدة المرتکزة على الأصول الوحدویّة للبشر التی ذکرها القرآن الکریم؛ مضافاً إلى الأصول والفروع التی بُنِیَت علیها الشریعة الإسلامیّة، وکُلِّف بها الناس، والتی من المفترض أن تقضی على ظاهرة التفرقة، والتباین، والتکفیر، ونحوها، وأن تزیل جمیع المعیقات المصطنعة أو المدسوسة أو المنحرفة التی تمنع تلاقی المسلمین ووحدتهم.
[1] رئیس التحریر، وأستاذ فی جامعة المصطفى (ص) العالمیّة، من لبنان.
[2] سورة الحجرات، الآیة 10.
[3] سورة الحجرات، الآیة 10.
[4] الکلینی، محمد بن یعقوب: الکافی، تصحیح وتعلیق: علی أکبر الغفاری، ط4، طهران، دار الکتب الإسلامیّة، 1365هـ.ش، ج2، کتاب الإیمان والکفر، باب أخوّة المؤمنین بعضهم لبعض، ح4، ص166.
[5] م.ن، ح3.
[6] الحرانی، ابن شعبة: تحف العقول عن آل الرسول (ص)، تصحیح وتعلیق: علی أکبر الغفاری، ط2، قم المقدّسة، مؤسّسة النشر الإسلامیّ التابعة لجماعة المدرّسین، 1404هـ.ق/ 1363هـ.ش، ص263.
[7] الکلینی، الکافی، م.س، ج2، کتاب الإیمان والکفر، باب الحبّ فی الله والبغض فی الله،ح2، ص125.
[8] سورة البقرة، الآیة 215.
[9] سورة البقرة، الآیة 195.
[10] سورة التوبة، الآیة 34.
[11] الکلینی، الکافی، م.س، ج2، کتاب العشرة، باب حقّ الدار، ح14، ص668.
[12] سورة الحجرات، الآیة 10.
[13] سورة الإسراء، الآیة 31.
[14] سورة الحشر، الآیتان 8-9.
[15] سورة الحجرات، الآیة 13.
[16] الهیثمی، علی بن أبی بکر بن سلیمان: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، لا ط، بیروت، دار الکتب العلمیّة، 1408هـ.ق/ 1988م، ج5، ص222.
[17] المتقی الهندی، علی بن حسام الدین: کنز العمّال، ضبط وتفسیر: بکری حیانی، تصحیح وفهرسة: صفوة السقا، لا ط، بیروت، مؤسّسة الرسالة، 1409هـ.ق/ 1989م، ج1، ص207.
[18] سورة الفتح، الآیة 26.
[19] الکلینی، الکافی، م.س، ج2، کتاب الإیمان والکفر، باب العصبیّة، ح1، ص307.
[20] م.ن، ح7، ص308.
[21] سورة الحجرات، الآیة 13.
[22] انظر: الغزالی، محمد: خُلقُ المسلم، ط13، دمشق، دار القلم، 1418هـ.ق/ 1998م، ص197.
[23] المتّقی الهندی، کنز العمال، م.س، ج1، ح686، ص142.
[24] سورة المائدة، الآیة 2.
[25] العلویّ، محمد بن الحسین بن موسى (الشریف الرضی): نهج البلاغة (الجامع لخطب أمیر المؤمنین الإمام علی بن أبی طالب(ع) ورسائله وحکمه)، شرح: محمد عبده، ط1، دار الذخائر، قم المقدّسة، 1412هــ.ق، ج2، الخطبة146، ص29.
[26] الصدر، محمد باقر: اقتصادنا، ط2، قم المقدّسة، بوستان کتاب، 1425هـ.ق/ 1382هـ.ش، ص310.
[27] سورة إبراهیم، الآیات 24-27.
[28] سورة آل عمران، الآیة 159.
[29] الکلینی، الکافی، م.س، ج2، کتاب الإیمان والکفر، باب الرفق، ح7، ص119.
[30] سورة الممتحنة، الآیتان 8-9.
[31] انظر: الطباطبائی، محمد حسین: المیزان فی تفسیر القرآن، لا ط، قم المقدّسة، مؤسّسة النشر الإسلامیّ التابعة لجماعة المدرّسین، لا ت، ج6، ص258.
[32] الواسطی، علی بن محمد اللیثی: عیون الحکم والمواعظ، تحقیق: حسین الحسینی البیرجندی، ط1، قم المقدّسة، دار الحدیث، لا ت، ص40.
[33] البیهقی، علی بن زید: معارج نهج البلاغة، تحقیق: محمد تقی دانشبجوه، إشراف: محمود المرعشی، ط1، قم المقدّسة، بهمن، 1409هـ.ق، ص399.
[34] الکاشانی، محمد بن المرتضى (الفیض): المحجّة البیضاء فی تهذیب الأحیاء، تحقیق: علی أکبر الغفاری، ط2، قم المقدّسة، مؤسّسة النشر الإسلامیّ التابعة لجماعة المدرّسین، لا ت، ج5، ص368.
[35] نداء من الإمام الخمینی (قده) إلى حجّاج بیت الله الحرام، عام 1413ه.ق.
[36] سورة التوبة، الآیة 33.
[37] سورة البقرة، الآیة 214.
[38] سورة آل عمران، الآیة 10.
[39] المتّقی الهندیّ، کنز العمال، م.س، ج1، ص177.
[40] الخمینی، روح الله: صحیفة النور، ط1، مؤسّسة تنظیم ونشر تراث الإمام الخمینی (قده)، طهران، 1430هـ.ق/ 2009م، ج8، ص235.
[41] م.ن، ج16، ص54.
[42] م.ن، ج15، ص271-272.
[43] م.ن، ج20، ص12-13.
[44] سورة العلق، الآیتان 6-7.
[45] الخمینی، صحیفة النور، م.س، ج14، ص251-256.
[46] م.ن، ص434-435.
[47] الخمینی، منهجیّة الثورة الإسلامیّة (مقتطفات من أفکار الإمام الخمینی (قده) وآرائه)، م.س، ص141.
[48] م.ن، ص141-142.
[49] م.ن، ص142.
[50] الخمینی، منهجیّة الثورة الإسلامیّة (مقتطفات من أفکار الإمام الخمینی (قده) وآرائه)، م.س، ص142.
[51] سورة الصف، الآیة 4.
[52] نداء من الإمام الخمینی (قده) إلى حجاج بیت الله الحرام، بتاریخ: 2 ذی الحجّة 1400هـ.ق.
[53] نداء من الإمام الخمینی (قده) إلى حجاج بیت الله الحرام، بتاریخ: 2 ذی الحجّة 1400هـ.ق.
[54] نداء من الإمام الخمینی (قده) إلى حجاج بیت الله الحرام، بتاریخ: 1 ذی الحجّة 1406هـ.ق.
[55] الخمینی، روح الله: الکلمات القصار (مواعظ وحکم من کلام الإمام الخمینیّ (قده))، ط1، بیروت، دار الوسیلة، 1416هـ.ق/ 1995م، ص51.
[56] م.ن، ص50.
[57] الخمینی، منهجیّة الثورة الإسلامیّة (مقتطفات من أفکار الإمام الخمینی (قده) وآرائه)، م.س، ص427.
[58] م.ن، ص426.
[59] م.ن، ص427-428.
مراجع
[1]سورة الحجرات، الآیة 10.
[1] سورة الحجرات، الآیة 10.
[1] الکلینی، محمد بن یعقوب: الکافی، تصحیح وتعلیق: علی أکبر الغفاری، ط4، طهران، دار الکتب الإسلامیّة، 1365هـ.ش، ج2، کتاب الإیمان والکفر، باب أخوّة المؤمنین بعضهم لبعض، ح4، ص166.
[1] م.ن، ح3.
[1] الحرانی، ابن شعبة: تحف العقول عن آل الرسول (ص)، تصحیح وتعلیق: علی أکبر الغفاری، ط2، قم المقدّسة، مؤسّسة النشر الإسلامیّ التابعة لجماعة المدرّسین، 1404هـ.ق/ 1363هـ.ش، ص263.
[1] الکلینی، الکافی، م.س، ج2، کتاب الإیمان والکفر، باب الحبّ فی الله والبغض فی الله،ح2، ص125.
[1] سورة البقرة، الآیة 215.
[1] سورة البقرة، الآیة 195.
[1] سورة التوبة، الآیة 34.
[1] الکلینی، الکافی، م.س، ج2، کتاب العشرة، باب حقّ الدار، ح14، ص668.
[1] سورة الحجرات، الآیة 10.
[1] سورة الإسراء، الآیة 31.
[1] سورة الحشر، الآیتان 8-9.
[1] سورة الحجرات، الآیة 13.
[1] الهیثمی، علی بن أبی بکر بن سلیمان: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، لا ط، بیروت، دار الکتب العلمیّة، 1408هـ.ق/ 1988م، ج5، ص222.
[1] المتقی الهندی، علی بن حسام الدین: کنز العمّال، ضبط وتفسیر: بکری حیانی، تصحیح وفهرسة: صفوة السقا، لا ط، بیروت، مؤسّسة الرسالة، 1409هـ.ق/ 1989م، ج1، ص207.
[1] سورة الفتح، الآیة 26.
[1] الکلینی، الکافی، م.س، ج2، کتاب الإیمان والکفر، باب العصبیّة، ح1، ص307.
[1] م.ن، ح7، ص308.
[1] سورة الحجرات، الآیة 13.
[1] انظر: الغزالی، محمد: خُلقُ المسلم، ط13، دمشق، دار القلم، 1418هـ.ق/ 1998م، ص197.
[1] المتّقی الهندی، کنز العمال، م.س، ج1، ح686، ص142.
[1] سورة المائدة، الآیة 2.
[1] العلویّ، محمد بن الحسین بن موسى (الشریف الرضی): نهج البلاغة (الجامع لخطب أمیر المؤمنین الإمام علی بن أبی طالب(ع) ورسائله وحکمه)، شرح: محمد عبده، ط1، دار الذخائر، قم المقدّسة، 1412هــ.ق، ج2، الخطبة146، ص29.
[1] الصدر، محمد باقر: اقتصادنا، ط2، قم المقدّسة، بوستان کتاب، 1425هـ.ق/ 1382هـ.ش، ص310.
[1] سورة إبراهیم، الآیات 24-27.
[1] سورة آل عمران، الآیة 159.
[1] الکلینی، الکافی، م.س، ج2، کتاب الإیمان والکفر، باب الرفق، ح7، ص119.
[1] سورة الممتحنة، الآیتان 8-9.
[1] انظر: الطباطبائی، محمد حسین: المیزان فی تفسیر القرآن، لا ط، قم المقدّسة، مؤسّسة النشر الإسلامیّ التابعة لجماعة المدرّسین، لا ت، ج6، ص258.
[1] الواسطی، علی بن محمد اللیثی: عیون الحکم والمواعظ، تحقیق: حسین الحسینی البیرجندی، ط1، قم المقدّسة، دار الحدیث، لا ت، ص40.
[1] البیهقی، علی بن زید: معارج نهج البلاغة، تحقیق: محمد تقی دانشبجوه، إشراف: محمود المرعشی، ط1، قم المقدّسة، بهمن، 1409هـ.ق، ص399.
[1] الکاشانی، محمد بن المرتضى (الفیض): المحجّة البیضاء فی تهذیب الأحیاء، تحقیق: علی أکبر الغفاری، ط2، قم المقدّسة، مؤسّسة النشر الإسلامیّ التابعة لجماعة المدرّسین، لا ت، ج5، ص368.
[1] نداء من الإمام الخمینی (قده) إلى حجّاج بیت الله الحرام، عام 1413ه.ق.
[1]سورة التوبة، الآیة 33.
[1] سورة البقرة، الآیة 214.
[1] سورة آل عمران، الآیة 10.
[1] المتّقی الهندیّ، کنز العمال، م.س، ج1، ص177.
[1] الخمینی، روح الله: صحیفة النور، ط1، مؤسّسة تنظیم ونشر تراث الإمام الخمینی (قده)، طهران، 1430هـ.ق/ 2009م، ج8، ص235.
[1] م.ن، ج16، ص54.
[1] م.ن، ج15، ص271-272.
[1] م.ن، ج20، ص12-13.
[1] سورة العلق، الآیتان 6-7.
[1] الخمینی، صحیفة النور، م.س، ج14، ص251-256.
[1] م.ن، ص434-435.
[1] الخمینی، منهجیّة الثورة الإسلامیّة (مقتطفات من أفکار الإمام الخمینی (قده) وآرائه)، م.س، ص141.
[1] م.ن، ص141-142.
[1] م.ن، ص142.
[1] الخمینی، منهجیّة الثورة الإسلامیّة (مقتطفات من أفکار الإمام الخمینی (قده) وآرائه)، م.س، ص142.
[1]سورة الصف، الآیة 4.
[1]نداء من الإمام الخمینی (قده) إلى حجاج بیت الله الحرام، بتاریخ: 2 ذی الحجّة 1400هـ.ق.
[1]نداء من الإمام الخمینی (قده) إلى حجاج بیت الله الحرام، بتاریخ: 2 ذی الحجّة 1400هـ.ق.
[1]نداء من الإمام الخمینی (قده) إلى حجاج بیت الله الحرام، بتاریخ: 1 ذی الحجّة 1406هـ.ق.
[1] الخمینی، روح الله: الکلمات القصار (مواعظ وحکم من کلام الإمام الخمینیّ (قده))، ط1، بیروت، دار الوسیلة، 1416هـ.ق/ 1995م، ص51.
[1]م.ن، ص50.
[1] الخمینی، منهجیّة الثورة الإسلامیّة (مقتطفات من أفکار الإمام الخمینی (قده) وآرائه)، م.س، ص427.
[1] م.ن، ص426.
[1] م.ن، ص427-428.
مدير الحوزة العلمية لاهل السنة في ايران : الوحدة ضرورة لمواجهة أعداء الإسلام
كناباد/ 10 تشرين الثاني/ نوفمبر/ قال مدير الحوزة العلمية لأهل السنة في مدينة خواف الحدودية (شمال شرق ايران): إن زيادة البصيرة وتعزيز الوحدة وتعميق التضامن والتعاطف بين جميع المسلمين أمر لا غنى عنه لمواجهة مؤامرات أعداء الاسلام ونظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
وأضاف مولوي حبيب الرحمن مطهري في مقابلة مع وكالة ارنا اليوم الأحد بمناسبة "أسبوع الوحدة": أن الأعداء يحاولون وبطرق مختلفة اشعال الفتنة والفرقة بين الشيعة والسنة وبث الدعاية المغرضة ويسعون إلى ايجاد شرخ بين المعتقدات الإسلامية، ويجب العمل على أحباط مؤامراتهم بالوحدة والتلاحم بين المسلمين.
وقال، أن الأعداء معادون لمبادئ الدين الإسلامي، وان المقاومة الإسلامية في دول المنطقة في مواجهة السياسات العدائية للمستكبرين قد توسعت بفضل الوحدة بين المسلمين، وأن الحركة الإسلامية في الدول العربية كان لها تداعيات جيدة في إيقاظ المسلمين.
وصرح رجل الدين السني: لقد أكد الإمام الخميني(رض) وقائد الثورة الإسلامية دائما على وحدة المسلمين كواحدة من أساسيات المجتمع الإسلامي، وأن مفجر الثورة الاسلامية الامام الخميني (رض) باطلاق اسبوع الوحدة (من تاريخ 12 ربيع الأول إلى الـ17 منه والذي يصادف الذكرى السنوية لمولد الرسول الكريم (ص) ) قد دعا الى ابراز هذا الأمر المهم باعتباره حاجة أساسية للمسلمين.
أسبوع الوحدة الإسلامية هو عبارة عن فكرة وأطروحة نادى بها الأمام الخميني الراحل، عندما رأي أنّ الطوائف الإسلامية اختلفت في رواياتها وتأكيدها لتاريخ مولد النبي محمد (ص)، فكانت الأولى في 12 من شهر ربيع الأول - وهو رأي أهل السنة - والثانية في 17 من شهر ربيع الأول وهو رأي أغلب الشيعة، ولكي تبدأ وحدة المسلمين من اختلافهم هذا، ويكون اختلافهم في تحديد تاريخ المولد النبوي الشريف مبعثا لائتلاف المسلمين ووحدتهم، كانت له أطروحة أسبوع الوحدة الإسلامية.
حفيد رابين يحذر من انهيار إسرائيل ويدعو نتنياهو إلى الرحيل
خلال كلمة له ضمن إحياء الذكرى الـ24 لاغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل إسحاق رابين عام 1995
أسامة الغساني
حذر يوناتان بن آرتسي، حفيد رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، إسحاق رابين (1922: 1995)، من أن إسرائيل تنهار، ودعا رئيس الوزراء الحالي، بنيامين نتنياهو، إلى الرحيل.
وبثت معظم وسائل الإعلام الإسرائيلية مباشرة، الأحد، مراسم إحياء الذكرى الـ24 لاغتيال رابين، في 4 نوفمبر/ تشرين ثانٍ 1995، برصاص أيغال عامير، أثناء خروج رابين من مهرجان في تل أبيب لدعم عملية السلام مع منظمة التحرير الفلسطينية.
وملمحًا إلى نتنياهو، قال يوناتان، في كلمة له، إن جده استقال من رئاسة الوزراء، عام 1976، بعد أن كشفت الصحافة الإسرائيلية وجود حساب بنكي لزوجته في الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما كان ممنوعًا وفقًا للقانون الإسرائيلي آنذاك.
وأضاف: "على قادة إسرائيل اليوم أن يتعلموا من رابين المسؤولية وتقديمه مصلحة إسرائيل على مصلحته الشخصية".
وتابع: "رابين كان رجل قرار في حياته العسكرية والسياسية، ولذلك أتوجه لرئيس الوزراء (نتنياهو) ولكافة قادة الأحزاب، بالقول إن إسرائيل تنهار، فلا توجد حكومة، ولا موازنة، ولا مفوض للشرطة، والإسرائيليون يعانون".
واستطرد: "حان الوقت كي تتحلوا بالمسؤولية الشخصية والذهاب في سبيلكم.. إن كانت سمعتكم قد تلطخت (يقصد نتنياهو)، فقد حلن الوقت لتتنحوا جانبًا، وإن تمكنتم من تطهير سمعتكم، فيمكنكم العودة".
ويواجه نتنياهو، زعيم حزب "الليكود" (يمين)، احتمال محاكمته في 3 قضايا فساد، بتهم الرشوة وخيانة الأمانة والاحتيال، ومن المتوقع أن توجه إليه لائحة اتهام رسمية في الأسابيع المقبلة.
لكن نتنياهو، وخلافًا لسابقيه من المسؤولين الإسرائيليين، يرفض التنحي، ويصر على تولي رئاسة الوزراء في أية حكومة مقبلة، ضمن كتلة اليمين، ما أدخل إسرائيل في أزمة سياسية، بسبب فشله مرتين العام الجاري في تشكيل حكومة، وإعاقته تشكيل حكومة وحدة مع حزب "أزرق-أبيض" (يسار).
ويعتقد إسرائيليون أن نتنياهو مسؤول جزئيًا عن التحريض الذي أدى إلى اغتيال رابين برصاص يميني متطرف.
ومدافعًا عن نفسه، قال نتنياهو، في كلمة له، إنه رفض كل الشعارات والصور التي كانت تصف رابين بالخائن والنازي، خلال حملة اليمين الشرسة ضد اتفاق أوسلو للسلام مع الفلسطينيين، عام 1993.
ورابين من أصول أوكرانية، وولد في القدس عام 1922، وانضم في شبابه إلى منظمة "البلماخ" اليهودية المسلحة المتطرفة، وقاد عملية تطهير عرقي في مدينة اللد الفلسطينية، إبّان "النكبة" عام 1948.
كما قاد رابين الجيش الإسرائيلي في حرب الأيام الستة (النكسة) عام 1967، وتولى منصب وزير الدفاع إبان الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987
المصدر.الاناظول
الأمم المتحدة تطرح خطة لتجاوز أزمة العراق وواشنطن تدعو لانتخابات مبكرة
أعلنت واشنطن تأييدها لخريطة الطريق الأممية لاحتواء الأزمة في العراق، ودعت بغداد لوقف العنف ضد المحتجين وإجراء انتخابات مبكرة.
وأعرب البيت الأبيض في بيان نشره مساء الأحد عن قلق الولايات المتحدة إزاء استمرار الهجمات ضد المتظاهرين ونشطاء المجتمع المدني والإعلام في العراق، وكذلك القيود المفروضة على الإنترنت.
الرئاسات الثلاث في العراق والقضاء: نرفض الحلول الأمنية للتظاهرات السلمية
وأشار البيان إلى أن "الولايات المتحدة تنضم إلى بعثة الأمم المتحدة في العراق في دعوة الحكومة العراقية إلى وقف العنف ضد المتظاهرين والوفاء بوعد الرئيس (برهم) صالح لإصلاح النظام الانتخابي وإجراء انتخابات مبكرة".
خريطة الطريق الأممية للعراق
وفي وقت سابق من أمس الأحد، طرحت بعثة الأمم المتحدة في العراق خطة لاحتواء أزمة الاحتجاجات المتصاعدة في البلاد، تضمنت جملة من الإجراءات الفورية وقصيرة ومتوسطة الأمد.
وجاء في الخطة أن "الإجراءات الفورية (أقل من أسبوع) تشمل إطلاق سراح كافة المتظاهرين السلميين، وعدم ملاحقة المتظاهرين السلميين، البدء في التحقيق الكامل في حالات الاختطاف والكشف عن هوية من يقفون خلفها، الإسراع في تحديد هوية المسؤولين عن استهداف المتظاهرين للعدالة، محاكمة ومعاقبة المسؤولين عن الاستخدام المفرط للقوة أو المتسببين بأعمال العنف الأخرى، دعوة كافة الأطراف الإقليمية والدولية علنا لعدم التدخل في الشؤون الداخلية للعراق واحترام سيادته.
أما الإجراءات قصيرة الأمد (خلال أسبوع إلى أسبوعين) فتشمل الإصلاح الانتخابي، حيث سيتم الانتهاء من وضع إطار قانوني موحد له واستكمال الإجراءات البرلمانية في أقرب وقت ممكن، وإصلاح قطاع الأمن، حيث سيتم حظر أي أسلحة خارج سيطرة الدولة، وكذلك إجراءات لمحاربة الفساد من خلال كشف المصالح المالية للنخبة السياسية داخل البلاد وخارجها سواء أكانت بأسمائهم أو تحت أسماء أخرى.
ولفتت إلى أن "الإجراءات متوسطة الأمد (خلال شهر إلى ثلاثة أشهر) يجب أن تشمل مراجعة الدستور وقيام هيئة النزاهة بإحالة قضايا الفساد إلى مجلس القضاء الأعلى أو المحكمة المركزية لمكافحة الفساد، ومساءلة ومحاكمة كافة المسؤولين الذين يثبت فسادهم، سن عدد من أهم القوانين، منها قانون "من أين لك هذا؟، وقانون المحكمة الاتحادية، وقانون الضمان الاجتماعي، وقانون حل أزمة السكن، وقانون النفط والغاز، وتعديل قانون تشجيع الاستثمار والشراكة بين القطاعين العام والخاص.
ويشهد العراق للشهر الثاني على التوالي مظاهرات واسعة احتجاجا على الفساد والبطالة ونقص الخدمات الأساسية، ترافقها أعمال شغب واشتباكات بين قوات الأمن والمحتجين، وتتخللها عمليات قنص تنفي الحكومة مسؤوليتها عنها.
وأعلنت المفوضية العليا المستقلة لحقوق الإنسان في العراق، أن حصيلة ضحايا الاحتجاجات قد تجاوزت الـ300 قتيل.
المصدر: وكالات
ما هدف الديمقراطيين من الدخول إلى مقامرة استجواب ترامب الكبيرة؟
مع بدء خطة استجواب الرئيس الأمريكي من قبل مجلس النواب الأمريكي، في ملف طلب ترامب إلى رئيس أوكرانيا للتحقيق في فساد جو بايدن ونجله المالي، تستمر بشدة عملية جمع المعلومات والأدلة من قبل لجنة التحقيق التابعة لمجلس النواب، وإلى جانب استدعاء مختلف الأشخاص إلى الكونغرس، نشرت هنالك تقارير مختلفة خلال الفترة الأخيرة عن قبول موظفين من مختلف القطاعات الحكومية التعاون مع التحقيق، الأمر الذي جذب انتباه وسائل الإعلام والرأي العام الأمريكي.
في هذا الصدد، بالأمس أعاد "غوردون سوندلاند" سفير أمريكا لدى الاتحاد الأوروبي كتابة نص شهادته في الكونغرس، واعترف فيه بأن مطالبة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أوكرانيا للتحقيق في أنشطة نجل جو بايدن في هذا البلد ووقف المساعدات العسكرية لكييف، كان صفقةً واضحةً، وكان غوردون قد نفى في السابق علمه بهذا الموضوع.
وقد جاء هذا الاعتراف بعد أن كشفت السفيرة الأمريكية في أوكرانيا "ماري يوفانوفيتش" بأن سوندلاند قد طلب منها دعم ترامب من أجل الحفاظ على وظيفتها.
کانت يوفانوفيتش قد قالت: "قال لي (سوندلاند) أنت تعلمين أنه عليك إما القيام بعمل كبير، أو (خلاف ذلك) العودة إلى المنزل (الطرد)، عليك أن تعلني عبر تغريدة أنك تدعمين الرئيس (ترامب"(.
ولكن على الرغم من تشديد ضغط الكونغرس على الرئيس، فلا يوجد حتى الآن إجماع بين الخبراء والسياسيين الأمريكيين حول نتيجة الاستجواب.
فرصة ضئيلة للنجاح.. مقامرة الديمقراطيين الكبيرة
يتطلب النجاح في عزل ترامب أغلبية ثلثي الأصوات في مجلس الشيوخ، وبالنظر إلى أن أغلبية مقاعد مجلس الشيوخ يشغلها الجمهوريون، فيبدو من المستبعد جداً أن يحصل هذا الإجماع بين أعضاء مجلس الشيوخ، بالنظر إلى أن عزل ترامب سيقلل من فرص الجمهوريين في الفوز في الانتخابات الرئاسية لعام 2020 إلى حد كبير.
من ناحية أخرى، ثمة حقيقة تتراءى أمام الديمقراطيين باستمرار، وهي أن جزءاً كبيراً من التوجه السياسي للناخبين الأمريكيين من الطبقات الوسطى والرمادية، يركز على الظروف الاقتصادية الحالية.
لقد شهد الاقتصاد الأمريكي نمواً مقبولاً في السنوات الأخيرة، وأخيراً اقترب معدل التضخم مما يتطلع إليه الاحتياطي الفيدرالي، وانخفض معدل البطالة الكلي، وبلغ معدل البطالة بين السود ومن هم من أصول إسبانية أدنى مستوى له في القرن الماضي.
وقد أدّى هذا الوضع الجيد إلى زيادة طفيفة في الأجور الحقيقية للعمال، ونسيان الكثير منهم الأيام الصعبة التي تلت الأزمة المالية في عام 2008. لذلك، يمكن القول إن الديمقراطيين سيبذلون قصارى جهدهم لعدم وصول ترامب إلى انتخابات عام 2020.
مع ذلك، رغم أنه يبدو أنه إذا نجح ترامب في الخروج من تحدي الاستجواب سليماً، فإنه لن يجد عقبةً أمامه للفوز في انتخابات 2020، ولكن هذا ليس كل شيء.
الحرب الدعائية.. هجوم الديمقراطيين المضاد على "أمريكا أولاً"
دائماً ما أثار المراقبون والمحللون الأمريكيون حقيقة أن الانتخابات في أمريكا ترتبط ارتباطاً مباشراً بمسألة مدى الاستفادة من المال والدعاية، وبعبارة أخرى، إن الحملة الانتخابية الأكثر تكلفةً ستزيد من فرص النجاح.
في هذه الأثناء، فإن الديمقراطيين وعن طريق البدء في إجراءات عزل ترامب، حتى لو لم يحصلوا على ما يريدون، فبالنظر إلى أهمية الموضوع والاهتمام الذي لا مفر منه لجميع وسائل الإعلام لتغطية الحادث، يمكنهم الحصول على حملات دعائية مبكرة ومجانية، والهجوم على سياسات ترامب.
من ناحية أخرى، يمكن أن يكون عزل ترامب أداةً جيدةً لتحدي شعار حملته الانتخابية الأكثر أهميةً، أي استراتيجية "أمريكا أولاً".
لقد اتهم المنتقدون ترامب مراراً وتكراراً بأنه يستفيد من الموارد الحكومية لتعزيز مصالحه المالية والسياسية، وقد تجلّى ذلك بوضوح في قضية استضافة اجتماع مجموعة السبع، حيث سعى ترامب إلى جعل ملعبه الشخصي للجولف في ميامي مكاناً للقاء قادة مجموعة السبع.
الآن أيضاً وفيما يتعلق بقضية "أوكرانيا غيتس"، يقال إن ترامب قد ربط تقديم المساعدة العسكرية الأمريكية لأوكرانيا وقدرها 250 مليون دولار، بالتحقيق في الفساد المزعوم لبايدن وابنه، ما يعني استخدام وزارة الخارجية للفوز في انتخابات العام المقبل، وقد يوفّر ذلك ذريعةً جيدةً للديمقراطيين لتحدي شعار ترامب، أي "أمريكا أولاً".
كذلك، فإن محاولة ترامب لفتح الباب أمام الحكومات الأجنبية للتدخل في الانتخابات الأمريكية، بالإضافة إلى أنها تعيد إثارة موضوع اتهام روسيا بالتدخل في انتخابات عام 2016، ستعزز موقف القوميين الديمقراطيين في المضي قدماً بخطة الاستجواب، كما أعلنت زعيمة الديمقراطيين في الكونغرس "نانسي بيلوسي" في يوم الإطلاق الرسمي للتحقيقات، أنه لا يوجد أحد فوق القانون.
من ناحية أخرى، لم تغلق كل نوافذ الأمل أمام الديمقراطيين، كما تمكّنوا من الفوز بالأغلبية في انتخابات الكونغرس العام الماضي، على الرغم من تحسُّن الوضع الاقتصادي الأمريكي في عهد الجمهوريين
عراقجي: سنعيد النظر في استراتيجتنا النووية اذا عادت القرارات ضدنا
أكد مساعد وزير خارجية الجمهورية الاسلامية الايرانية، يوم السبت، أن ايران ستعيد النظر في استراتيجيتها وعقيدتها النووية اذا عادت القرارات الدولية ضدها.
ولدى مشاركته في طاولة مستديرة في مؤتمر حظر الانتشار النووي في موسكو، تطرق عباس عراقجي الى التطورات الاخيرة بالمنطقة بما فيها التوتر الحاصل في الخليج الفارسي وكذلك إطلاق صاروخين على ناقلة ايرانية، وقال: ان التحقيات بشأن هذا الحادث لمعرفة الضالعين بهذا الهجوم الصاروخي مستمرة، مشددا على اننا سنرد عليها في الزمان والمكان المناسبين.
جذور التوتر الراهن
وبشأن الاوضاع في المنطقة، قال عراقجي: تصوروا الوضع قبل ثلاث سنوات، اي في كانون الثاني/يناير 2017 كل شيء كان جيدا. وكل شيء كان في موضعه الصحيح، وكانت ايران تنفذ الاتفاق النووي بشكل تام، والوكالة الدولية كانت تؤيد ذلك في تقاريرها المتتالية. وكان الامن مستتبا في تلك الفترة في الخليج الفارسي والملاحة البحرية ونقل الطاقة يجري جيدا، وقد كان الجميع مرتاحون لتلك الظروف، وقد قام العالم بتسوية الملف النووي الايراني عبر التعامل والدبلوماسية، وكان يصفه كإنجاز للدبلوماسية.
وتساءل عراقجي: لكن ماذا حصل ليتغير كل شيء؟ السبب الوحيد هو رئيس واحد لم يكن يحب تراث الرؤساء الذين سبقوه. ولهذا السبب البسيط تغير كل شيء، والآن نواجه سياسة ممارسة الضغط الاقصى وسياسة تصفير صادرات النفط، في حين اننا بريئون تماما في هذه اللعبة.
وبيّن أن ايران دخلت المفاوضات بحسن نية، وتوصلت الى اتفاق ونفذت هذا الاتفاق، ورغم ذلك فإن الحظر تم احياؤه وفرضت حالات جديدة من الحظر ضد ايران. وقد كان بإمكان ايران الخروج من الاتفاق النووي لمجرد خروج اميركا منه، ورغم ذلك، فإن طهران أبدت حسن نية ولبّت دعوات الاطراف المتبقية في الاتفاق وواصلت التزامها به.
ولفت الى ان اوروبا وبعد خروج اميركا من الاتفاق النووي، قدمت 11 وعدا لإيران للتعويض عن الآثار السلبية للحظر الاميركي، مضيفا: من الواضح انه اذا لم ينطوِ اتفاق ما على مصلحة لكم، فلا مبرر لتلتزموا بتعهداتكم. وقد اربك توازن الاتفاق كليا، والجميع يعلم ذلك.
وتابع: ان ايران صبرت سنة كاملة لتحقيق الوعود الاوروبية، وقد منحت الفرصة للدبلوماسية، واخيرا وفي الثامن من ايار/مايو 2019، قلنا يكفي. فلا يمكننا ان نبقى في اتفاق لا يضمن اي نفع لنا. ولكننا قررنا كذلك ان نقوم بذلك على خطوات وبالتدريج.
الاتفاق النووي على عتبة النهاية
وأوضح عراقجي ان ايران حددت مهلة بين كل خطوة واخرى شهرين، لتمنح الفرصة للدبلوماسية، ولكن بما انه لم يتم ايجاد حل لهذه القضية، وتم تشديد الحظر الاميركي، لذلك من الواضح اننا نواصل هذه الوتيرة، ونخفض التزاماتنا، ومن الطبيعي ان نصل قريبا الى نهاية هذه الوتيرة، لأنه لن يبقى التزام لإيقافه، مؤكدا ان خفض التزامات ايران جاء ردا على فرض الحظر وكذلك تنفيذا للفقرة 36 من الاتفاق النووي المرتبطة بآلية حل الخلاف، والتي نصت اننا يمكننا ان نوقف كل التزاماتنا او جزءا منها.
وفي الختام أكد عراقجي على ان ايران مستعدة للعودة الى التنفيذ الكامل للاتفاق النووي شريطة ان يتم ضمان مصالحنا في اطار الاتفاق.
خط ايران الاحمر
وردا على سؤال: اذا تحركت الدول الاوروبية نحو احياء قرارات مجلس الامن الدولي، فماذا سيكون رد ايران؟ قال عراقجي: بشأن آلية الكماشة، اعتقد اننا اوضحنا لجميع المشاركين في الاتفاق النووي، بأن آلية الكماشة وعودة قرارات مجلس الامن السابقة، هو خط احمر لإيران. فإذا كان جزاء ايران بعد كل هذا التعامل والتفاوض والتعاون مع الوكالة هو إخضاعها مرة اخرى للفصل السابع (لميثاق الامم المتحدة)، فهذا بمعنى ان "عقيدتنا النووية" كانت خاطئة، وأن علينا ان نعيد النظر في سياستنا وعقيدتنا النووية.
خطط الاستيطان الجديدة.. كشف النقاب عن صفقة القرن التي يُخطط لها في الخفاء
كشفت العديد من المصادر الإخبارية خلال الأيام القليلة الماضية، عن جولة جديدة لبناء مستوطنات صهيونية في الأراضي المحتلة.
في الواقع، أعلنت منظمة "السلام الآن" الصهيونية أن الكيان الصهيوني قد أصدر تصريحاً لبناء 2342 وحدة سكنية جديدة في منطقة الضفة الغربية وتبعاً لذلك التصريح، فلقد تقرّر بناء 182 من تلك الوحدات السكنية في مستوطنة صهيونية تقع بالقرب من مدينة "أريحا".
وهنا تجدر الإشارة إلى أن هذه الأعمال الجديدة التي تنوي "تل أبيب" القيام بها، جاءت في وقت لم يتمكن فيه القادة الإسرائيليون من تشكيل حكومة تدير البلاد التي باتت تعيش فراغاً سياسياً، وفي وقت زادت فيه احتجاجات الفلسطينيين وحتى بعض الدول الأوروبية على بناء المزيد من المستوطنات في الأراضي المحتلة.
إدانات أوروبية لبناء مستوطنات صهيونية جديدة في الأراضي المحتلة
كشفت العديد من المصادر الإخبارية بأن الاتحاد الأوروبي أدان بشدة يوم الاثنين الماضي، موافقة السلطات الإسرائيلية في شهر أكتوبر الماضي على بناء المئات من الوحدات السكنية في مستوطنات غير قانونية بالضفة الغربية.
وقال الاتحاد، في بيان صادر عن المفوضية الأوروبية للشؤون الخارجية نشر عبر موقعها الإلكتروني: "في شهر أكتوبر الماضي، وافقت السلطات الإسرائيلية على بناء أكثر من 2000 وحدة سكنية في مستوطنات غير قانونية في الضفة".
وبيّن الاتحاد ثبات موقفه من سياسة الاستيطان الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة، وقال "يظلّ موقفنا ثابتاً لا يتغير.. كل الأنشطة الاستيطانية من قبل تل أبيب نعتبرها غير قانونية، وذلك بموجب القانون الدولي، هذه النشاطات تقوّض قابلية حل الدولتين واحتمالات السلام الدائم في المنطقة، كما أكدت الأمم المتحدة من جديد قرار مجلس الأمن 2334، كما دعا الاتحاد الأوروبي السلطات الإسرائيلية إلى إيقاف جميع النشاطات الاستيطانية، بما فيها إنشاء نفق لربط المستوطنات ببعضها، محذراً من عواقب هذه الخطوة.

ولفتت تلك المصادر الإخبارية إلى أن الحكومة البريطانية بدورها أدانت يوم الثلاثاء الماضي، مصادقة سلطات الاحتلال الإسرائيلي على بناء مستوطنات جديدة في الضفة الغربية المحتلة.
وقالت وزارة الخارجية البريطانية في بيان: "تدين بريطانيا قرار السلطات الإسرائيلية الأخير بشأن تطوير أكثر من 2300 وحدة سكنية في جميع أنحاء الضفة الغربية"، وأكدت أن بناء المستوطنات أمر غير شرعي بموجب القانون الدولي ومن شأنه تقويض فرص حل الدولتين، داعية "إسرائيل" إلى وقف مثل هذا العمل المضاد، ومن جهتها أدانت فرنسا القرارات الأخيرة التي اتخذتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي المتمثلة بالموافقة على بناء 2342 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية وأعمال البنية التحتية، بالقرب من بيت لحم.
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان لها: "إن هذه القرارات هي جزء من سياق مثير للقلق يتمثّل في تسارع الاستعمار في الضفة الغربية والقدس، وتقويض الظروف لسلام عادل ودائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين على أساس حل الدولتين"، داعية السلطات الإسرائيلية إلى التخلي عن هذه المشاريع.
بناء المستوطنات: رمز للاحتلال وانتهاك صارخ لقرارات مجلس الأمن والقوانين الدولية
يمكن اعتبار جولة بناء المستوطنات الجديدة التي ينوي الكيان الصهيوني القيام بها في الأراضي المحتلة رمزاً مهماً لانتهاك القانون الدولي.
يذكر أن مجلس الأمن الدولي اعتمد مساء الجمعة 23 كانون الأول 2016 القرار رقم 2334 الذي كرر مطالبة "إسرائيل" بأن توقف فوراً وعلى نحو كامل جميع الأنشطة الاستيطانية في الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، وهو القرار الذي رحّبت به السلطة الفلسطينية ودول عدة، في وقت أثار سخط "إسرائيل" والرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، ويؤكد القرار عدم شرعية إنشاء "إسرائيل" للمستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 بما فيها القدس الشرقية، ويعدّ إنشاء المستوطنات انتهاكاً صارخاً بموجب القانون الدولي وعقبة كبرى أمام تحقيق حل الدولتين وإحلال السلام العادل، كما طالب القرار بوقف فوري لكل الأنشطة الاستيطانية على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأوضح أن أي تغييرات على حدود عام 1967 لن يعترف بها إلا بتوافق الطرفين. وأكد القرار على التمييز في المعاملات بين "إسرائيل" والأراضي المحتلة عام 1967.
الكيان الصهيوني يقوم بتنفيذ صفقة القرن بهدوء
يمكن اعتبار الجولة الجديدة من بناء المستوطنات الصهيونية علامة ملموسة على تنفيذ صفقة القرن التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" قبل عدة أشهر، بشكل هادئ وفي الخفاء وهذا الشيء تؤكده تصريحات رئيس الوزراء الصهيوني السابق "بنيامين نتنياهو"، الذي قال بأنه سيكشف النقاب عن صفقة القرن بعد إجراء الانتخابات البرلمانية في البلاد.
في الواقع، تم لقد تم تأجيل عملية الكشف عن هذه الصفقة بعد فشل الخطة الأمريكية في استقطاب الإرادة الإقليمية والدولية لدعم هذه الصفقة المشؤومة في العاصمة البحرينية "المنامة" في أواخر يونيو 2019، وفي وقتنا الحالي، وعلى الرغم من أن عملية تشكيل الحكومة الإسرائيلية في الأراضي المحتلة تواجه العديد من العقبات الكبيرة، وعلى الرغم من أن الفراغ السياسي سوف يستمر لفترة طويلة في الساحة السياسية لهذا البلد، إلا أنه وفقاً للاتفاقيات السابقة، بدأت خلال الفترة الماضية عملية تنفيذ "صفقة القرن" في السر.

سياسة السقف الأوروبي المزدوج
ليس هناك شك في أن الجولة الجديدة من بناء مستوطنات صهيونية في الأراضي المحتلة جاءت بإذن مباشر وإضاءة خضراء من قبل أمريكا، ولكن الموضوع الأكثر أهمية هنا، هو سياسة النفاق التي اتبعها الاتحاد الأوروبي على مدار الأعوام القليلة الماضية، حيث كانت الدول الأوروبية دائماً تعارض بناء المزيد من المستوطنات الصهيونية، لكن يجب ألّا ينسى المرء أن هذا النهج كان مجرد كلام ولم يكن له أي تأثير لمنع الكيان الصهيوني من التوقف عن قمع أبناء الشعب الفلسطيني.
وهنا تجدر الإشارة أنه إذا فرضت الدول الأوروبية عقوبات أو قامت بممارسة مستوى من الضغط الحقيقي على الكيان الصهيوني، فإنه يمكن اعتبار تصريحاتهم تلك بأنها حقيقية وأنهم يريدون فعلاً مساعدة الشعب الفلسطيني، وإلا فإن سياسية المعارضة في الكلام والتأييد في العمل سوف تؤكد بأن سياسة السقف الأوروبي المزدوج تثبت تواطؤ هذه الدول في الأعمال الوحشية التي قامت بها قوات الاحتلال الصهيونية وحكومة "تل أبيب" ضد الفلسطينيين.
المصدر.الوقت
تغيير النظام السياسي العراقي من الفكرة إلى الواقع.. هل من الممكن تغييره إلى نظام رئاسي؟
أدّت الجولة الثانية من الاحتجاجات التي خرجت في معظم المدن والمحافظات العراقية في 25 أكتوبر 2019 إلى دخول عملية الاحتجاجات والمظاهرات مرحلة جديدة وفي هذه الجولة الجديدة من الاحتجاجات، أصبحت مسألة الإصلاحات الاقتصادية والسياسية على الهامش، وتم رفع مستوى المطالب والمطالبة بتغييرات دستورية، وفي غضون ذلك، كان تغيير النظام السياسي إلى رئاسي من أكثر القضايا إثارة للجدل في الآونة الأخيرة، ولهذا فإننا في مقالنا هذا سوف نسلط الضوء أكثر على هذه القضية الرئيسة التي تدور حول مدى إمكانية تغيير النظام السياسي في العراق وما هي العقبات التي قد تواجه هذا الأمر؟
النظام السياسي العراقي.. هل هو نظام برلماني أم إنه نظام مختلط
ذكرت العديد من المصادر الإخبارية بأنه خلال الفترة الماضية صدرت دعوات من جهات سياسية وشعبية لتغيير النظام السياسي في العراق من برلماني إلى رئاسي، والسبب في ذلك هو المشكلات التي يعاني منها البلد، طبعاً هناك نقاش قديم حول أفضلية الأنظمة السياسية، ولكلٍ منها مؤيد ومعارض، وبشكلٍ عام لا يوجد اتفاق على أفضلية نظام على آخر، فلكل منها محاسن ومساوئ وكل دولة اختارت ما يناسبها من الأنظمة نتيجة ظروف تاريخية مرّت بها، وبعضهم يقول إن النظام الرئاسي يخفف من الصراعات السياسية ويفصل بين السلطات ويحقق استقرار البلدان، لكن هناك تخوف من تحول رأس النظام إلى دكتاتور مثلما حصل في دول الحزب الواحد والدكتاتوريات في أوربا الشرقية وأمريكا اللاتينية وإفريقيا، وهناك من يقول إن النظام البرلماني يمنع تحوّل الحاكم إلى دكتاتور ويحدّ من التعارض بين السلطتين التشريعية والتنفيذية لكونهما من اتجاه سياسي واحد.

وحول هذا السياق، أكد أحد المسؤولين العراقيين بأن النظام السياسي في العراق هو نظام برلماني، اتحادي وفدرالي بدلالة المادة الأولى من الدستور العراقي ودلالة مواد أخرى واردة في الدستور العراقي، والتي أعطت صلاحيات واسعة للبرلمان، كما أكد هذا المسؤول على أن تعديل الدستور يستوجب تشكيل لجنة برلمانية وأن يكون هناك مقترح من رئيس مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية، ثم يوافق ثلثي أعضاء مجلس النواب، ليعرض الموضوع على الاستفتاء الشعبي.
وفي السياق ذاته، لفت هذا المسؤول إلى أنه بالنسبة للحالة العراقية ولتلافي أخطاء الدول الأخرى فمن الأفضل أن يكون التغيير بشكل مدروس وغير متسرّع كما كُتب الدستور، ومن خلال حوار سياسي ومجتمعي موسع تشارك فيه القوى السياسية والشعب، وبالتالي سيختار المواطن عن قناعة راسخة النظام السياسي المناسب، مثلما فعل الشعب الإيراني عندما وافق على تحويل النظام إلى رئاسي عام 1989 بينما لم يوافق الشعب البرازيلي على تحويل النظام إلى برلماني عام 1993.
متطلبات تغيير النظام البرلماني إلى رئاسي
لا يمكن تغيير النظام السياسي في العراق من البرلماني إلى الرئاسي، إلا من خلال إجراء استفتاء وتأييد للإصلاحات من خلال تصويت الشعب العراقي المباشر في جميع المحافظات الـ 18، وفي هذه المرحلة، إذا صوت ثلثا سكان ثلاث محافظات عراقية على عدم إجراء تعديل دستوري، فإن مسألة تغيير النظام سوف تنتهي في هذا اللحظة.
مقومات تغيير النظام السياسي في العراق
بالنظر إلى شبكة التحولات المعقدة في الساحة السياسية العراقية بين الحكومة والشعب في هذه المرحلة الزمنية، يمكن قراءة عدد من المقومات التي ستساعد على تغيير النظام البرلماني إلى رئاسي.
1- تنفيذ مطالب المحتجين وتهدئتهم: مما لا شك فيه أن الحكومة العراقية في وقتنا الحالي لا يمكنها تلبية جميع مطالب المحتجين وذلك لأن مطالبهم تشمل قدراً هائلاً من التغييرات بعيدة المنال لأي حكومة حالية.
يذكر أن التغييرات في الهيكل الاقتصادي والاجتماعي هي عملية طويلة الأجل لا يمكن تنفيذها بسرعة وخلال فترة زمنية صغيرة، لذلك فإن التغييرات السريعة والملموسة هي فقط التي يمكن أن تهدئ المحتجين الآن.
2. دعم التيارات السياسية الشيعية: إن تغيير النظام البرلماني إلى نظام رئاسي سوف يصبّ في مصلحة أبناء الطائفة الشيعية، وذلك لأن الشيعة يشكلون الاغلبية بين أبناء الشعب العراقي بنسبة تتراوح بين 60 و 65 في المئة، وبهذا الأمر يمكن القول بأن الشيعة سيتفوقون بسهولة على الأقليات العراقية الأخرى في أي عملية ديمقراطية.

معوقات تغيير النظام السياسي
1. انهيار نظام الحكومة الائتلافية في العراق: في معظم الدول ذات التعددية العرقية، يتم استخدام نظام الائتلاف الحكومي لإدارة النظام السياسي في البلاد ويمكن رؤية هذا النظام بشكل واضح في نظام الحكم اللبناني، وفي العراق، بعد سقوط النظام البعثي، تم وضع نفس هذا النموذج الحكومي الائتلافي وتم تشكيل حكومة ائتلاف وطنية لإدارة العراق وتم تقسيم المناصب العليا في هذا النظام السياسي أيضاً على أساس أن الشيعة يتولون منصب رئاسة الوزراء، والأكراد يتولون منصب رئاسة الجمهورية والعرب السنة يتولون منصب رئاسة البرلمان.
2- إمكانية رفض تغيير النظام السياسي من قبل الأكراد: مما لا شك فيه أن أهم عقبة أمام تغيير النظام السياسي إلى نظام رئاسي تتمثل في معارضة الأكراد، ووفقاً للدستور العراقي، قبل القيام بأي تعديلات دستورية يجب عرضها أولاً للاستفتاء الشعبي، والنقطة المهمة هنا هي أنه لن تتم الموافقة على أي تعديل دستوري إذا اعترض عليه ثلثا سكان المحافظات العراقية الثلاث.
3- صعوبة إقناع العرب السنة بإجراء تغييرات في هيكل السلطة: بالإضافة إلى الأكراد، قد يصبح العرب السنة في نهاية المطاف معارضين للنظام السياسي، في الواقع، يمكن إعطاء الأكراد بعض المناصب العليا في الدولة مثل منصب رئاسة البرلمان وذلك لإقناعهم بإجراء تعديلات دستورية وتغيير النظام الحاكم في البلاد إلى نظام رئاسي ولكن العرب السنة سوف يشعرون بالقلق من وقوعهم ضحية لمثل هذه التسوية، لذلك قد يعارضون في النهاية تغيير النظام السياسي، أو على الأقل سيطالبون ببعض الضمانات الأساسية لحقوقهم.
المصدر.الوقت
تعقيدات النظام الأمني للخليج الفارسي ومبادرات الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية
الوقت - خلق ظهور المحافظين الجدد في أمريكا وهجمات الحادي عشر من سبتمبر، فصلاً جديداً من انعدام الأمن والحروب بالوكالة في منطقة الشرق الأوسط والخليج الفارسي،ومع ذلك، فقد أدى الاكتفاء الذاتي لأمريكا في إنتاج النفط وسياسات ترامب في تخفيف عبء الإنفاق والالتزامات الأمنية الأمريكية في المنطقة والعالم، إلى دفع الجهات الفاعلة الرئيسة ذات المصلحة في تطورات الخليج الفارسي لملء الفراغ الناشئ، نحو إنشاء آليات أمنية جديدة ومبادرات جديدة لإدارة النظام الأمني والاقتصادي في منطقة الخليج الفارسي، ورغم أنه يقال إنهم يتشاركون هدفاً مشتركاً هو الأمن الإقليمي، ولكن لكل منهم مقاربة ونتائج مختلفة، سنستعرض فيما يلي أهم الخطط المعلنة لحماية أمن الخليج الفارسي.
التحالف البحري الأمريكي
الخلفية: بعد أن رفضت أمريكا تمديد إعفاءات إيران النفطية في مايو، نشرت في الوقت نفسه تقارير مزيفة عن جهود إيران لإثارة التوترات في المنطقة، ومن خلال خلق هذه الأرضية، وانفجارات ميناء الفجيرة والهجوم على السفينة اليابانية في الخليج الفارسي، أعلن رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية في حينه الجنرال "جوزيف دانفورد" عن تحالف بحري في الخليج الفارسي لحماية الأمن الإقليمي وحرية الملاحة، ثم طلبت أمريكا من 60 دولة الانضمام إلى هذا التحالف، ومنذ البداية أعلنت ألمانيا وإسبانيا أنهما لن تنضما إلى التحالف، وبدأ التحالف العمل رسمياً في 7 سبتمبر.
الأهداف: 1- خلق الإجماع العالمي ضد إيران 2- تغيير سلوك إيران تحت غطاء عمليات الحراسة ومرافقة السفن 3- طمأنة حلفاء أمريكا بشأن حمايتهم والدفاع عنهم 4- إنشاء الأمن البحري والجوي على أساس مصالح حلفاء أمريكا.
النتائج:
1- من بين 60 دولة، هناك سبع دول فقط انضمت إلى هذا التحالف، هي السعودية والإمارات والبحرين والكيان الإسرائيلي وبريطانيا وأستراليا وكوريا الجنوبية، وجود الدول الأربع الأولى الموجودة في غرب آسيا والمنطقة لا يضيف أي جديد بالنسبة للتحالف، لأن الدول الأربع حليفة لأمريكا ولعبت دوراً مباشراً في توترات الخليج الفارسي، ولذلك واجه هذا التحالف الفشل عملياً. وبحسب ما قاله وزير الدفاع الأمريكي "مارك إسبر"، فإن دول حلف شمال الأطلسي لم تدعم التحالف أيضاً.
2- في نتيجة عكسية، لم يساعد هذا التحالف في توفير الأمن فحسب، بل شجَّع السعودية على السعي إلى الانتصار في الحرب اليمنية بجرأة أكبر، ما أدى بدوره إلى تكثيف ردود أفعال أنصار الله، مثل الهجوم على منشآت نجران النفطية وأرامكو.
التقييم:1- السبب الأكثر أهميةً لفشل التحالف البحري الأمريكي، هو أنه قام على أهداف سياسية، وليس على أهداف أمنية حقيقية.2- كانت الدول الرئيسة المشاركة في التحالف هي السبب الرئيس للتوتر في المنطقة.3- الفرق في تعريف الأمن والاستقرار في الخليج الفارسي من وجهة نظر أوروبا وأمريكا، هو أحد تحديات هذا التحالف.
تسعى أمريكا إلى الضغط غير المعقول على إيران، وهي محمية من التوترات الجيوسياسية والهجرة في المنطقة، لكن أوروبا عرضة للأزمات، كذلك لا تحتاج أمريكا إلى واردات الطاقة من الشرق الأوسط إذ تنتج أكثر من 12 مليون برميل من النفط، وهي تسعى إلى بيع أمن مزيف إلى حلفائها في المنطقة من خلال إيران فوبيا، في حين أن أوروبا تحتاج إلى مصادر الطاقة المختلفة.4- لا يقدّم هذا التحالف أي طريقة عملية ومتخصصة لبناء السلام والأمن في الخليج الفارسي، ومن الناحية العسكرية، فإنه غطاء لضعف أمريكا في عمليات إزالة الألغام في الحروب المحتملة.
الكيان الإسرائيلي وخطة معاهدة عدم الاعتداء
الخلفية: بعد أسبوعين من تقديم مبادرة هرمز للسلام من قبل إيران، اقترح الكيان الإسرائيلي معاهدة عدم اعتداء مع الدول الخليجية، ووصف وزير خارجية الكيان "يسرائيل كاتس" الخطة بأنها مبادرة وخطوة تاريخية نحو "إنهاء النزاعات".
الأهداف: نظِّمت هذه الخطة في أربعة بنود، يؤكد البند الأول على تطوير الصداقة والتعاون بين "إسرائيل" والدول الخليجية على أساس القانون الدولي، يقترح البند الثاني اتخاذ "تدابير فعالة ومؤثرة" لضمان تجنّب أعمال مثل الحرب والعداء والتخريب والتحريض ضد بعضهم البعض، بموجب البند الثالث من هذه الخطة، لن ينضم أي من الطرفين (الكيان الإسرائيلي والدول الخليجية) إلى أي ائتلاف أو منظمة أو تحالف مع دولة ثالثة ذات طبيعة عسكرية أو أمنية، ولن يتعاون أي منهما مع هذه التحالفات والمنظمات ولن يقدّم الدعاية لها، ويقترح البند الرابع حلّ جميع النزاعات بين الطرفين من خلال التشاور.
التقييم:
1- الغرض الرئيس من هذا الاقتراح هو إحباط مبادرة هرمز للسلام وتحسين العلاقات بين إيران والدول الأعضاء في مجلس التعاون، وليس لتوفير أمن الطرفين، لذلك ليست لديه مزايا أمنية للدول العربية.
2- يسعى الكيان الإسرائيلي إلى ذرائع لتطبيع العلاقات مع الدول العربية، ويبحث عن تحقيق تطلعات لا يمكن تحقيقها، لذلك في شرح الاقتراح، أعرب "كاتس" عن أمله في أن تعزز الاتفاقية التعاون المدني مع الدول العربية، وتؤدي في النهاية إلى السلام مع الفلسطينيين، إن اقتراح السلام هذا، مع وجود أغلبية الجماعات اليمينية المتطرفة في الكيان الإسرائيلي والنظام البرلماني للكيان، والذي كان المتطرفون الدينيون يحتلون دائماً أكبر عدد من المقاعد فيه، غير عملي من حيث موارد السياسة الخارجية وصنع القرار.
3- إن أربعة عقود من العلاقات الإسرائيلية مع الدول العربية، تشير إلى كون الكيان الإسرائيلي غير موثوق به، والأدلة على ذلك، الحروب العربية الإسرائيلية، احتلال مرتفعات الجولان ومحاولة إضفاء الطابع الرسمي عليها، حلم "من النيل إلى الفرات" في أيديولوجية وتاريخ تشكيل هذا الكيان، الذي كان في الأساس السبب الرئيس للتوتر في المنطقة.
إن تحريض أمريكا وإعطاء معلومات خاطئة لغزو العراق في عام 2003، والغارات الجوية المتكررة على أجزاء من سوريا كدولة عربية، والهجوم الأخير على قاعدة الحشد الشعبي في العراق، يدل على أن مثل هذه المعاهدة الأمنية مع الكيان الإسرائيلي مستحيلةً عملياً، وفي هذا الصدد، ذكرت قناة "روسيا اليوم" في تقرير، أنه وفقاً لاستطلاعات الرأي، يعتقد 65٪ من المشاركين أن هذه الخطة قد فشلت.
4- يسعى الكيان الإسرائيلي إلى الاستفادة القصوى من رئاسة ترامب لإضفاء الطابع الرسمي على ما احتله في فلسطين، في هيئة صفقة القرن، ولذلك، يحاول من خلال هذه الاتفاقية والحضور في المؤتمرات الأمنية للدول العربية، منع أي مصالحة بين دول المنطقة وإيران حتى يتم تنفيذ صفقة القرن، لأنه بعد إزالة التوتر بين الدول العربية وإيران، سيتضاءل توجُّه هذه الدول إلى الكيان الإسرائيلي ودعمها لصفقة القرن.
خطة مبادرة هرمز للسلام
الخلفية:
مع تكثيف الوجود الأمريكي في الخليج الفارسي، ازدادت التوترات في المنطقة، مع توجيه أصابع الاتهام إلى إيران في كل مرة. فاقترح وزير الخارجية الإيراني معاهدة عدم اعتداء مع الدول العربية في يونيو، على هذه الخلفية، قدّم الرئيس الإيراني "حسن روحاني" مبادرة هرمز للسلام، التي تضم المزيد من الدول والمنظمات، في الدورة الرابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة.
يدور المشروع، الذي يطلق عليه أيضاً "تحالف هرمز للأمل والسلام"، حول شراكة جماعية طويلة الأجل في منطقة الخليج الفارسي، مع المحتوى الأمني والاقتصادي والقانوني الثلاثي.
تدعو الفقرة 8 من القرار الأممي 598، الأمين العام للأمم المتحدة إلى النظر في سبل تعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين، من خلال التشاور مع إيران والعراق ودول إقليمية أخرى.
لذلك، فإن الخطة، التي تتضمن وجود الأمم المتحدة والمزيد من البلدان، تستند إلى الفقرة المذكورة أعلاه من القرار، وقد دعت جميع بلدان منطقة الخليج الفارسي وكذلك الصين وفرنسا وروسيا وبريطانيا وأمريكا إلى تشكيل تحالف واحد من أجل السلام، وفي هذا الصدد، أعلن روحاني في حديث مع المراسلين قبل الذهاب إلى نيويورك، أن "مبادرة هرمز للسلام" رغم أنها خطة أمنية في المقام الأول، ولكن ستكون لها أبعاد اقتصادية وسياسية أيضاً.
مزايا وعقبات خطة هرمز للسلام:
1- الحل الرئيس لأمن الخليج الفارسي هو داخلي، ويجب توفيره من قبل دول المنطقة التي ترتبط مصالحها الجيوسياسية والجيو اقتصادية بالأمن الإقليمي. "
باري بوزان" أستاذ الاقتصاد بجامعة لندن ومنظر المجمعات الأمنية الإقليمية، يعتبر أن الحملات الأمنية الإقليمية التي تدعو فيها عدة دول إلى وجود قوة أجنبية عبر إقليمية لتوفير الأمن ضد دول أخرى في المنطقة، هو السبب الرئيس لتعريض الأمن للخطر في نظام أمني فرعي، بناءً على ذلك، تسعى إيران إلى ترتيبات أمنية مع جميع دول المنطقة وجميع أعضاء مجلس الأمن، وتتضمن مبادرة هرمز للسلام، بالإضافة إلى توطين الأمن، آليةً للحدّ من التسلح لمنع التنافس على الأسلحة بين الدول، ما يسمح للحكومات الإقليمية بمزيد من الإنفاق على التنمية الاقتصادية وتحسين رفاهية مواطنيها.
2- يقترح المنظر المعروف "ديفيد ميتراني" إقامة علاقات اقتصادية بين الدول لخلق سلام دائم، بناءً على هذه الحاجة، تعتمد مبادرة هرمز للسلام على العلاقات الاقتصادية للبلدان واحتياجاتها المتبادلة، وبالتالي يمكن أن تكون خطة سلام طويلة الأجل، وتبرر وتسهّل انضمام الاقتصادات الناشئة والكبيرة مثل الصين والهند واليابان.
3- يتم تشكيل مبادرة هرمز للسلام على أساس الحوار، ويتناول أيضاً الأسباب الجذرية والنفسية لعدم الاستقرار في المنطقة، وفي هذا الصدد، قال "محمد جواد الظريف" في مقال نُشر في جريدة الرأي الكويتية: "تعاني منطقتنا من فقر الخطاب الإقليمي الشامل في مختلف المجالات، والذي يمكن أن يقضي بشكل دائم على جذور السلام والازدهار، إن منطقتنا بحاجة إلى خطاب بين دول الإقليم أكثر من الاتهامات والخطابات القاسية والتنافس التسليحي".
4- يظهر دعم مختلف القوى الكبرى، مثل ألمانيا وروسيا والصين، لمبادرة هرمز للسلام، أن مبادرة هرمز للسلام، على عكس الخطط الأمريكية، قد أخذت بعين الاعتبار تعاريف الدول المختلفة واهتماماتها الأمنية.
كتب مركز الفكر الأطلسي عن خطة هرمز للسلام: "يمكن أن تكون هذه الخطة بدايةً لمناقشة واسعة النطاق لقضايا الأمن والتعاون في مجموعة متنوعة من المجالات، بما في ذلك أمن الطاقة، الحد من التسلح، تدابير بناء الثقة، العقود العسكرية، إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل ومعاهدة عدم الاعتداء في مضيق هرمز، بالإضافة إلى ذلك، تسعى مبادرة الأمل إلى تشكيل مجموعة عمل مشتركة معنية بقضايا مختلفة توفر تدابير عملية لتوسيع التعاون تدريجياً في مجالات الإنذار المبكر والوقاية وحل النزاعات، مكافحة الاتجار بالمخدرات والبشر، الاستثمارات المشتركة في الطاقة، العبور والنقل وكذلك التعاون في مجال الأمن السيبراني.
5- تماشي مبادرة هرمز للسلام مع خطة موسكو، بعد الإعلان عن مبادرة هرمز للسلام، قال نائب وزير الخارجية الروسي "ميخائيل بوغدانوف" بهذا الصدد: "نحن نؤيد أفكار شريكتنا إيران، هذه الخطة تتماشى مع اقتراح روسيا الذي هو "الخطة الأمنية الجماعية" في المنطقة".
التحديات والعقبات
تتمثل تحديات هذه الخطة في الإجراءات الأمريكية والإسرائيلية المثيرة للتوتر في المنطقة. ترامب، وعلى الرغم من ضغوط الكونغرس، يرفض وقف صادرات الأسلحة إلى السعودية، وتنافس البلدان في مناطق مثل اليمن يخيِّم على نجاح خطط السلام في الخليج الفارسي.
رغم إدراك الكيان الإسرائيلي لتأثير الحرب اليمنية على خطط السلام في الخليج الفارسي والجهود الأخيرة التي بذلتها إيران وبعض الدول لنزع فتيل التوتر في اليمن، يسعى الكيان إلى تكثيف الصراع في اليمن. في 6 نوفمبر، أعلن نتنياهو أن إيران تسعى إلى نشر الصواريخ في اليمن لاستهداف "إسرائيل".
بعد تقديم مبادرة هرمز للسلام، اقترح ال;يان الإسرائيلي على عجل معاهدة عدم اعتداء على الدول العربية، وهذا يدل على أن ال;يان يشعر بقلق عميق بشأن علاقات إيران المواتية مع الدول الخليجية، ويسعى إلى سوق بلدان المنطقة نحو اتفاقيات وهمية أو خلق التردد في الانضمام إلى مبادرة هرمز للسلام. هذا في حين أن الكيان الإسرائيلي لا يمكنه وحده الإخلال بالمنطقة وتعطيل مسار خطط السلام، دون دعم أمريكا.
خطة السلام العراقية
الخلفية: لقد أثر تصاعد التوترات في الخليج الفارسي على العراق. على سبيل المثال، عندما أرسلت أمريكا حاملة طائرات "أبراهام لينكولن" وأربعة قاذفات بي 52 إلى الخليج الفارسي في مايو، نقل إلى دبي موظفي شركة "إكسون موبيل" واحدة من أكبر شركاتها النفطية أيضاً، هذه الخطوة غير المتوقعة ألقت بظلالها على صناعة النفط العراقية وأثارت بعض المخاوف، من مايو إلى أكتوبر، أي خلال خمسة أشهر، شهدت المنطقة الخضراء الدبلوماسية الحساسة في بغداد ثلاث هجمات صاروخية من مصادر غير معروفة. بالإضافة إلى ذلك، نظراً لحاجة العراق إلى الغاز والكهرباء الإيرانيين، مع تزايد التوترات، سعت أمريكا دائماً إلى الضغط على العراق لخفض واردات الغاز والكهرباء من إيران، وكان آخرها في سبتمبر عندما قال وزير الكهرباء العراقي "لؤي الخطيب" إن العراق بحاجة إلى الغاز الإيراني لمدة أربع سنوات أخرى على الأقل، بالنظر إلى علاقات العراق المتوازنة مع إيران والسعودية و أمريكا، وتضرره من المنافسة والتوتر في المنطقة، اقترح الرئيس العراقي "برهم صالح" في 27 سبتمبر أثناء مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، في اجتماعاته الهامشية مع مسؤولي مختلف البلدان العربية والأوروبية وكذلك أمريكا، اقترح عقد مؤتمر في بغداد للحدّ من التوترات بين طهران وواشنطن.
أهداف الخطة: في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، قال برهم صالح إن بغداد بحاجة إلى تعزيز العلاقات مع طهران، وإذ شدد على قلق بغداد إزاء التوترات المتزايدة، أعلن أن الهدف من وراء مقترح مؤتمر بغداد هو تشكيل هيكل سياسي وأمني واقتصادي جديد، مع عضوية دول المنطقة لحل المشكلات الحالية وتمهيد الطريق للتقدم السياسي والاقتصادي، وفي وقت سابق، سافر رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي إلى السعودية وزعيم تيار "الحكمة" الوطني السيد عمار حكيم إلى الإمارات، للمضي قدماً بالمحادثات حول مؤتمر بغداد وتخفيف حدة التوتر.
فوائد خطة العراق:
1- يذكِّر مقترح برهم صالح بمؤتمر بغداد الأمني في مارس 2006 برئاسة نوري المالكي. حضر هذا المؤتمر ممثلون عن إيران والولايات المتحدة والجامعة العربية والسعودية وسوريا.
كان هذا الاجتماع أحد أكثر الاجتماعات الأمنية نجاحاً، حيث توصلت الجهات الفاعلة ذات الأهداف والمقاربات المختلفة والمتضاربة إلى نتائج قريبة بشأن تحقيق الاستقرار في العراق ومكافحة الإرهاب، والآن الوضع هو نفسه بالنسبة لأمريكا، إذ يعتزم ترامب، مثل بوش في ذلك الوقت، مغادرة العراق وأفغانستان. وبالنظر إلى القواسم الجيوسياسية المشتركة بين إيران والعراق، فمن المستحيل تحقيق الاستقرار في العراق دون مساعدة إيران.
2- أحد أعذار ترامب للانسحاب من الاتفاق النووي، كان نفوذ إيران في المنطقة وخاصةً العراق، لكن النظرة الواقعية تظهر أن قطع الحضور الإيراني في بغداد سيخلق حالة من انعدام الأمن لا يمكن السيطرة عليها. لذلك، سيساعد مثل هذا المؤتمر في بغداد في تقريب وجهات نظر الجهات الفاعلة المتخاصمة في الوصول إلى تعريفات منسجمة للأمن في العراق والمنطقة، والتي يمكن أن تساعد أيضاً في تأمين الخليج الفارسي.
3- يتمتع العراق بعلاقات دبلوماسية وشراكات سياسية واقتصادية مع أربع جهات فاعلة هي الإيرانية والأمريكية والإماراتية والسعودية، ويمكنه المساعدة في تحقيق هذا التقارب، بينما يحتاج العراق إلى صادرات النفط مثل الدول الثلاث الأخرى في المنطقة.
التحديات: 1- إن الهشاشة الاقتصادية والأمنية المفرطة للعراق تضعف موقفه لتقديم مثل هذه الخطة، لأن الاحتياجات الأمنية للعراق غير متماثلة بالمقارنة مع الدول الأخرى.2- من ناحية أخرى، لم تظهر بغداد أي جهود متواصلة أخرى سوى زيارة عمار حكيم وعبد المهدي إلى الإمارات والسعودية.3- لا تزال السعودية والإمارات تأملان الانتصار في حرب اليمن، لتدخلا في المحادثات الأمنية مع مزيد من الأوراق الرابحة.
خطة الأمن الجماعي الروسية
الخلفية: قدمت وزارة الخارجية الروسية في الأول من أغسطس وثيقة "مفهوم الأمن الجماعي في الخليج الفارسي" للدبلوماسيين الأجانب، تعود المخاوف الأمنية الروسية في الخليج الفارسي إلى التسعينيات، وإلى الأحداث التي أعقبت الغزو الأمريكي لأفغانستان، في ذلك الوقت، كانت روسيا تركز فقط على العمل العسكري الأمريكي، ولم تقدم خطةً متعددة الأبعاد وقابلةً للتنفيذ؛ ومن ناحية أخرى، قامت أمريكا خلال عهد بوش بتقييم الدول التي لم تكن متحالفةً مع الإجراءات الأمريكية الأحادية الجانب كأعداء لأمريكا، طرحت موسكو الإطار التوافقي للوثيقة الجديدة كما يلي: "في الوقت الحاضر، هناك حاجة إلى عمل فعّال وحيوي على المستويين الإقليمي والدولي، لزيادة تحسين واستقرار الأوضاع في الخليج الفارسي، والتغلب على الظروف المتأزمة الطويلة الأمد في المنطقة".
وبالتالي، فإن الوثيقة الجديدة تراعي مصالح مختلف الجهات الفاعلة، وتؤكد: "يمكن تحقيق إجراءات عملية لإنشاء نظام أمني في الخليج الفارسي، من خلال المشاورات الثنائية والمتعددة الأطراف بين المجموعات ذات الصلة، والتي تشمل دولاً داخل أو خارج المنطقة، أو منظمات مثل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ومجلس التعاون الخليجي".
أهداف الخطة
1- الهدف طويل الأجل لهذه الوثيقة هو إنشاء منظومة الخليج الفارسي الأمنية، مع اتباع نهج تدريجي ومتعدد الأطراف، والمراعاة الصارمة للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.2- منع الصراع المسلح.3- خلق شرق أوسط ناجح وديمقراطي من خلال دعم السلام والتعايش بين الأديان.4- محاربة التهديدات الإرهابية من خلال تعبئة الرأي العام للمسلمين والبلدان الأخرى.5- تقليل الوجود العسكري الأجنبي في المنطقة.6- تعزيز نظام عدم الانتشار النووي في غرب آسيا على أساس معاهدة حظر الانتشار النووي، لتحقيق منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل.
تمهيدات للإجماع
بالنظر إلى أن الخليج الفارسي هو نقطة النهاية ونتيجة للتوترات، وليس نقطة البداية، لذلك تقترح روسيا حل القضايا التي تؤدي إلى نقل الخلافات إلى الخليج الفارسي كمقدمة وخطوات أولى، وهي تشمل:1- حل الأزمات في المناطق القريبة من الخليج الفارسي، بما في ذلك العراق واليمن وسوريا.2- التزام جميع الأطراف بالاتفاقيات المتعلقة بـ "خطة العمل الشاملة المشتركة"(الاتفاق النووي).3- حل الأزمة الفلسطينية الإسرائيلية كعامل رئيس في عدم الاستقرار في الشرق الأوسط.4- تنفيذ خطة طويلة الأجل لتطبيع الوضع، تعزيز الاستقرار والأمن، حل النزاعات، تحديد المقترحات الرئيسة وطرق تنفيذ المهام ذات الصلة.
أحكام الخطة
ما تتابعه روسيا في الخطوات التالية، هو التصديق على اتفاقات بين الأعضاء لتشكيل آلية أمنية في الخليج الفارسي، وهذه الأحكام تشمل:
1- احترام سيادة وسلامة أراضي دول المنطقة.
2- عدم استخدام القوة أو التهديد باستخدام القوة لحل النزاعات.
3- قبول الالتزامات المتبادلة والشفافية في المجال العسكري.
4- إنشاء الخطوط الخاصة، تبادل الإعلانات المبكرة عن التدريبات العسكرية والرحلات الجوية، تبادل المراقبين، تبادل المعلومات حول مشتريات الأسلحة والقوات المسلحة.
5- الالتزام بحل النزاعات الإقليمية والحدودية من خلال الحوار فقط، أو غيره من الوسائل السلمية القائمة على الالتزامات الدولية.
6- توقيع اتفاقيات بشأن مكافحة الإرهاب والاتجار بالبشر والمخدرات والأسلحة والجريمة المنظمة.
7- اتخاذ تدابير مشتركة لبناء الثقة مع البلدان الإقليمية والبلدان الأخرى.
8- التزام جميع الدول بالقوانين الدولية، وخاصةً ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن.
مزايا وعيوب الخطة الروسية:
من بين فوائد هذه الخطة هي أخذها بعين الاعتبار المصالح الأمنية لجميع الدول المعنية في الخليج الفارسي، وتوافقها مع الميثاق والقانون الدوليين، كذلك، روسيا كعضو في مجلس الأمن، يمكنها متابعة تنفيذ الخطة من خلال مجلس الأمن، وبعد 8 أيام من نشر الخطة الروسية، قدمت موسكو هذه الخطة عبر رسالة إلى مجلس الأمن لمزيد من التدقيق والموافقة من قبل الأعضاء الآخرين.
من ناحية أخرى، يعد الموقع الإيجابي لروسيا بين الدول والمنظمات التي ستنضم إلى الخطة، أحد العوامل التي تساهم في نجاحها. كما سافر بوتين مؤخراً إلى الإمارات والسعودية ووقع اتفاقيات اقتصادية وعسكرية معهما، والتي من شأنها تعزيز علاقات روسيا مع الأمن المتعدد الأطراف في الخليج الفارسي.
الفائدة الأخرى للخطة هي الاهتمام بدور الصين، الصين هي واحدة من اللاعبين الرئيسيين في الخليج الفارسي، والسعودية كانت دائماً واحدة من أكبر الدول المصدرة للنفط للصين، وتحاول أمريكا غزو أسواق النفط في الصين منذ العام الماضي في تنافس خفي، لذا فإن استعداد الصين لدعم خطط السلام في الخليج الفارسي، سيكون أحد عوامل النجاح لهذه الخطط.
وفي هذا الصدد، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية "جانج شوانغ" عن الخطة الروسية: "الصين ترحب بهذه الخطة. يجب أن أنظر في هذه المعلومات ولكن يمكنني تقديم إجابة صحيحة، الوضع في الخليج الفارسي معقد والصين تتابع ذلك عن كثب وبدقة. في الواقع، إن السلام والاستقرار في المنطقة يعودان بالنفع على الجميع".
لإيران موقف جيو استراتيجي حساس، وتقع في منطقة الريملاند، من ناحية أخرى، فهي تقع أيضاً في المنطقة الجيو-إقتصادية للنفط والغاز، حيث لديها احتياطيات الطاقة في كل من شمال وجنوب البلاد. كما أنها أقوى دولة في الخليج الفارسي ومضيق هرمز، ولديها حدود ساحلية مساحتها 2237 كم في محافظة "هرمزجان" فحسب، لذلك، فإن إيران هي محور نجاح مبادرات السلام في الخليج الفارسي، وفي هذا الصدد، فإن الخطة الروسية أكثر نجاعةً بسبب اهتمامها بدور إيران المركزي.
أحد التحديات المهمة لهذه الخطة هو تجاهل الآليات الاقتصادية، لأن الاحتياجات الاقتصادية والأمنية للبلدان الإقليمية وعبر الإقليمية قد صاغت نسيج النظام الفرعي للخليج الفارسي، والاهتمام بالاعتماد المتبادل للجهات الفاعلة سيخلق التقارب والإجماع على قبول خطة السلام، لكن الخطة الروسية تفتقر حتى الآن إلى مثل هذه الآلية الدقيقة.
من ناحية أخرى، لن تتسامح أمريكا مع النفوذ الروسي في الخليج الفارسي، الأمر الذي يعدّ عقبةً رئيسةً أمام الدول الخليجية لتلعب دورها في ترتيبات موسكو الأمنية في الخليج الفارسي.
من بين جميع خطط السلام والأمن المقدمة، فإن خطتي السلام الإيرانية والروسية لديهما القدرة والقابلية للتنفيذ، وهذان المشروعان متكاملان ومنسجمان، ويلبيان مصالح أقطاب القوة المهمة مثل الصين والاتحاد الأوروبي، الذين هم في أمس الحاجة إلى الأمن في الخليج الفارسي، كما دعمت دول المنطقة مثل العراق والكويت وسوريا وعمان خطة إيران حتى الآن، وفي آخر الأخبار، تحدثت وسائل الإعلام عن رسالة إيجابية من السعودية والبحرين رداً على رسالة الرئيس الإيراني حسن روحاني للمضي قدماً بخطة هرمز للسلام
المصدر.الوقت
"اللقاء الوطني"...أول عقبة في طريق الانتخابات الفلسطينية (تحليل)
لا يبدو طريق الانتخابات الفلسطينية، مُعبّدا، حيث سرعان ما اعترضتها عقبة "اللقاء الوطني"، إثر نشوء خلاف حول توقيت عقده، قبل أو بعد، إصدار المرسوم الخاص بإجرائها.
غزة/ نور أبو عيشة -
- الفصائل الفلسطينية وحركة حماس، تسلمت الثلاثاء رد الرئيس الفلسطيني حول الانتخابات
- ينص على الرد إصدار المرسوم الرئاسي أولا، ومن ثم عقد اللقاء الوطني، بخلاف ما كانت تدعو إليه الفصائل بضرورة عقد اللقاء أولا لبحث آلية إجراء الانتخابات ومآلاتها.
- في 28 أكتوبر، أعلنت "حماس"، موافقتها على المشاركة في الانتخابات
- اتفقت الفصائل الفلسطينية مع اللجنة، في 27 أكتوبر، على إجراء الانتخابات التشريعية أولا
لا يبدو طريق الانتخابات الفلسطينية، مُعبّدا، حيث سرعان ما اعترضتها عقبة "اللقاء الوطني"، إثر نشوء خلاف حول توقيت عقده، قبل أو بعد، إصدار المرسوم الخاص بإجرائها.
حركة "حماس"، ومعها عدد من الفصائل مثل "الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية، والجبهة الديمقراطية"، تطالب بعقد لقاء وطني، خاص ببحث آليات إجراء الانتخابات، قبل إصدار الرئيس الفلسطيني مرسومه الخاص، بعقدها.
لكن رسالة بعثها الرئيس عباس، لحركة حماس، عبر لجنة الانتخابات الرئاسية، نصت على أن اللقاء سيعقد عقب صدور المرسوم.
ولم تصدر حركة حماس، تعقيبا رسميا حول الأمر، لكن مصادر مقربة من الحركة، قالت للأناضول إن قيادة حماس غير راضية عن هذا الأمر، وتناقش سبل الرد.
على الجانب الآخر، رأت حركة "فتح" التي يتزعمها الرئيس عباس، أن المصلحة الفلسطينية تقتضي عقب اللقاء بعد صدور المرسوم.
وقال عضو اللجنة المركزية للحركة حسين الشيخ، الأربعاء في تغريدة نشرها على حسابه في موقع "تويتر"، إن عقد الحوار قبل إصدار المرسوم الرئاسي، يعني "عودتنا إلى المربع الأول، في حوارات طرشان، لا تُفضي إلى أي نتيجة".
واعتبر محللون فلسطينيون، في أحاديث منفصلة لـ"الأناضول"، الخلاف على موعد عقد اللقاء الوطني، أول عقبة في طريق إجراء الانتخابات.
لكنهم قالوا إن بالإمكان تجاوز هذه العقبة إذا توفّرت "الإرادة الحقيقة لإنجاح الانتخابات".
وفي 28 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أعلنت "حماس"، في بيان لها، أنها أبلغت لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية موافقتها على المشاركة في الانتخابات.
واتفقت الفصائل الفلسطينية مع اللجنة، في 27 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، على إجراء الانتخابات التشريعية أولا على أن يتبعها الانتخابات الرئاسية، بفارق زمني لا يزيد عن ثلاثة أشهر، حسب بيان سابق صدر عن اللجنة.
وأجريت آخر انتخابات رئاسية في فلسطين العام 2005 وفاز فيها الرئيس الحالي محمود عباس، بينما أجريت آخر انتخابات تشريعية سنة 2006، وفازت فيها حركة "حماس".
الكاتب والمحلل السياسي مصطفى إبراهيم، يرى أن المؤشرات السلبية، تسود أجواء الانتخابات الفلسطينية العامة.
وتابع في حوار للأناضول:" قيادات فصائلية أيضا ذكرت أن لقاء (رئيس لجنة الانتخابات) حنّا ناصر، الثلاثاء، مع الفصائل سادت فيه الأجواء السلبية".
لكنّ إبراهيم يعتقد أن وجود "إرادة حقيقية لإجراء الانتخابات، أمر مهم للتغلب على تلك الأجواء السلبية".
ويعتقد أن تمسّك الفصائل بعقد الاجتماع الوطني قبل إصدار المرسوم الرئاسي، ينبع من خشيتهم من إفراغ اللقاء من مضمونه في حال عقد بعد المرسوم.
وقال في ذلك الصدد:" هناك تخوفات والخشية أن يعلن المرسوم، ويتم البدء بالانتخابات، وفي حال عُقد الاجتماع، سيكون دون جدوى، فلا يستطيع النقاش تذليل العقبات والعراقيل".
وتخشى الفصائل، إلى جانب ذلك، ألا يأخذ الرئيس الفلسطيني بعد إصدار المرسوم بـ"ملاحظاتها حول إجراء الانتخابات"، كما تتخوف من أن لا تكون "مخرجات اللقاء مُلزمة وضرورية".
واعتبر إبراهيم أن المرسوم الرئاسي واللقاء الوطني للتوافق حول آلية إجراء الانتخابات، أمران ضروريان.
وقال:" الاجتماع الوطني للاتفاق على التفاصيل الغامضة، كانتخابات المجلس الوطني (أعلى هيئة تشريعية فلسطينية)، والرقابة على الانتخابات، والأوضاع السياسية، وموضوع الحريات العامة، والمحاكم التي ستبت في الطعون، كل هذه الأمور لا بد أن يتم التوافق عليها".
ويعتبر الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، أن قضية الانتخابات الفلسطينية، قضية إشكالية معروفة مسبقا، "بحيث أن كل طرف يريد أن يُلقي بالمسؤولية على الطرف الآخر إزاء تعطيل الانتخابات".
وقال عوكل لوكالة الأناضول، إن حماس والفصائل أبدت استعدادها، في البداية، لإجراء انتخابات غير متزامنة، لكن أرفقت ذلك بمطلب يمكن اعتباره شرط وهو "عقد لقاء على مستوى قيادي يناقش الأبعاد السياسية للعملية الانتخابية وأسسها وآلياتها".
واستكمل قائلا:" الفصائل لديها حق في ذلك، من المشروع أن تعرف آلية إجراء تلك الانتخابات ومآلاتها".
لكن حركة "فتح"، ترفض مطلب الفصائل، وتصر على إصدار المرسوم الرئاسي أولا، في خطوة متوقعة، كما قال.
واعتبر عوكل هذا الخلاف الأولي فيما يتعلق بإجراء الانتخابات، جزءا من الخلاف حول المصالحة ومتعلق بالانقسام الفلسطيني الحالي.
وقال إن ذلك الخلاف قد يعتبر مؤشرا قويا على إمكانية "فشل إجراء الانتخابات".
ويعتقد عوكل أن الخروج من حالة الخلافات الداخلية يكمن في ضرورة التوجّه لتحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام أولا، من ثم إجراء الانتخابات.
الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني، يعتبر أن موقف الرئيس الفلسطيني الأخير، مؤشرا سلبيا حول موقفه من إجراء الانتخابات العامة.
وقال الدجني، في ذلك الصدد، إن إصرار الرئيس عباس على عقد اللقاء الوطني بعد إصدار المرسوم الرئاسي، من شأنه أن يؤدي إلى فشل الانتخابات.
وأشار الدجني في موضوع آخر إلى أن رسالة عباس الأخيرة، تتحدث عن انتخابات المجلس التشريعي، والرئاسة وتغيّب إجراء "انتخابات المجلس الوطني"، الذي يمثل الفلسطينيين في الخارج.
وبيّن أن ذلك يخالف توافق الفصائل مع رئيس لجنة الانتخابات، واصفا ذلك بـ"المؤشر السلبي حول نوايا الرئيس بإجراء انتخابات عامة".
ويختلف الكاتب والمحلل السياسي، عبد المجيد سويلم، مع الدجني، حيث يرى أن رغبة الرئيس بإصدار المرسوم الرئاسي للانتخابات، قبل عقد اللقاء الوطني، يأتي في إطار حرصه على إجراء الانتخابات وعدم إفشالها.
وتساءل، خلال حديثه:" ما هي الجدوى من عقد الاجتماع قبل المرسوم الرئاسي، في حال أن الفصائل لم تتفق على شيء معين، سيتم وضع الفيتو على الانتخابات وإفشالها".
وقال إن هدف الرئيس من ذلك "ليس تعطيل الانتخابات، إنما إبطال أي إمكانية لتعطيلها".
واستكمل قائلاً:" الرئيس عندما يصدر المرسوم، المقصود ليس فرض أي شيء مسبق إنما التأكيد على عقد الانتخابات في موعد محدد".
المصدر.الاناظول