emamian

emamian

الخميس, 30 آذار/مارس 2023 07:32

من ثمار شهر رمضان المبارك

في شهر رمضان المبارك تمكّن الكثير من الناس أن ينالوا ثماراً ونتاجات كثيرة، ثماراً سيكون لها بركات لا لسنتهم الآتية فحسب، بل في بعض الأحيان لكلّ عمرهم. فبعضهم نال حالة الأُنس مع القرآن واستفاد من معارفه وتدبّر فيه، وبعضٌ جعلوا الأُنس والمناجاة مع الله في هذا الشهر سيرتهم ومنهاج حياتهم ونوّروا قلوبهم بذلك.
 
صام الناس، وبواسطة الصيام حقّقوا في أنفسهم صفاءً حيث سيكون لهذا الصفاء وهذه النورانيّة والأُنس بركات كثيرة في الحياة الفرديّة والاجتماعيّة. فهذا الصفاء النفسانيّ يُعطي الإنسان حُسن الفكر وتطهير النفس من الحسد والبخل والكبر والشهوات. الصفاء في نفس الإنسان يجعل بيئة المجتمع بيئة آمنة وأمينة على المستوى الروحي والمعنوي، يُقرّب القلوب ويجعل المؤمنين يتراحمون مع بعضهم بعضاً ويزداد التعاطف والتراحم بين أبناء المجتمع الإيماني. كلّ هذه هي ثمار شهر رمضان المبارك للنّاس الفائزين والسعداء.

الثمرة الأساس الأخرى لهذا الشهر هي التقوى، حيث قال: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾1، "اليد التي تمسك بزمامه وعنانه"، هذا هو معنى التقوى. فأحياناً، نمسك بعنان الآخرين جيّداً، لو استطعنا أن نمسك بعناننا ونمنع أنفسنا من الجموح والسَبُعية ومن تجاوز الخطوط الإلهية الحمراء، فهذه مهارة كبرى. التقوى تعني مراقبة النفس من أجل الحركة على الصراط الإلهيّ المستقيم، وتحصيل العلم والمعرفة والبصيرة، والتحرّك على أساس العلم والمعرفة والبصيرة.
 
ولحسن الحظّ كان لمجتمعنا في شهر رمضان الكثير من هؤلاء الأفراد السعداء الذين تمكّنوا من كسب هذه البركات. يمكن القول إنّ الصورة الغالبة عن بلدنا وشعبنا بحمد الله هي مثل هذه. ففي المجالس المختلفة، في مجالس الذكر والدعاء، ومجالس تلاوة القرآن في ليالي القدر، في المراسم المختلفة كما كنّا نتابع أخبارها ورأينا مشاهدها وصورها واطّلعنا فإنّ شبابنا، نساءً ورجالاً من الشرائح المختلفة والفئات المتعدّدة في مجتمعنا، اجتمعوا كلّهم على اختلاف سلائقهم وتوجّهاتهم حول سفرة هذه الضيافة الإلهية في شهر رمضان المبارك ونالوا فيضاً.
 
قال الشاعر يوماً: "اليد التي تمسك بعنانه ليست موجودة اليوم في كمّ أحد"، لكن في زماننا فإنّ الأيدي التي تُمسك بعنانها ليست قليلة. فهذا المجتمع المتشكّل من شباب البلد، وهذه الشريحة للجيل اليافع الفاعل والنشيط في بلادنا تتحرّك على الطريق الصحيح وتتمرّن على التقوى، فإنّ هذا بالنسبة لمستقبل بلدنا وأُمّتنا الإسلاميّة بشارة كبرى.

ما هو ضروريّ هو أن نحفظ هذه النتاجات وهذه الثمار، وأن لا ندع صاعقة الذنوب تُحرق هذا الحصاد القيّم وتقضي عليه. أن نحفظ طريق الله وسبيل التوجّه وصراط صفاء النفس والأُنس بالقرآن والحفاظ على علاقتنا بالله والتوجّه القلبيّ إليه ومخاطبته في أنفسنا. لو أنّكم تحدّثتم مع الله، فإنّ الله يتحدّث معكم، ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾2.

الإمام الخامنئي (دام ظله) ،الزمان: 1/10/1432ﻫ.ق.،  31/08/2011م.


1- سورة الأنعام، الآية 153.
2- سورة البقرة، الآية 152.

الخميس, 30 آذار/مارس 2023 07:27

الآثار الطيبة للتمسك بالقرآن

القرآن الكريم كلام الله وللتمسّك بكلامه آثار طيّبة ومتنوّعة منها:

1- الهداية من الضلالة:
القرآن الكريم مظهر هداية الله، وسرّ النجاة من الضلالة: ﴿إِنَّ هذَا القرآن يَهْدي لِلَّتي‏ هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنينَ الَّذينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبيرا﴾[1]. وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّي تارك فيكم الثقلين ما إنْ تمسكتم بهما لن تضلُّوا كتاب الله وعترتي أَهل بيتي وإنَّهما لن يفترقا حتَّى يردا عليَّ الحوض"[2].
 
2- الارتقاء في مراتب الآخرة:
كلُّ آيةٍ من آيات القرآن الكريم تُمثِّلُ درجةً من درجات الجنَّة، وكلَّما تحقَّقَ الإنسانُ بآيةٍ من آيات الكتاب الإلهيّ، كلَّما ارتقى في مراتب الجنَّة. فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "عدد درج الجنَّة عدد آيات القرآن، فإذا دخل صاحب القرآن الجنَّة قيل له، اقرأ وارق لكلِّ آية درجة فلا تكون فوق حافظ القرآن درجة"[3].
 
3- الشِّفاءُ:
القرآن هو الشافي الحقيقي لأمراض النفوس المزيل لأمراض القلوب، وهو إكسيرُ السعادة في الدَّارين. فمن أراد أنْ يُطهِّر باطنه من الأمراض والرذائل الأخلاقية والذُّنوب الممحقة ما عليه سوى التَّمسك بهذا النور الإلهيّ. قال تعالى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ القرآن ماهُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنينَ وَلا يَزيدُ الظَّالِمينَ إِلاَّ خَسارا﴾[4]
 
وعن أمير المؤمنين  عليه السلام في خطبة له قال: "واعلموا أنَّه ليس على أحد بعد القرآن من فاقة ولا لأحد قبل القرآن من غنى فاستشفوه من أَدوائكم واستعينوا به على لأوائكم فإنَّ فيه شفاء من أكبر الداء وهو الكفر والنفاق والغي والضلال"[5]. وعنه  عليه السلام أيضاً قال: "وتعلّموا القرآن فإنَّه ربيع القلوب واستشفوا بنوره فإنَّه شفاء الصدور"[6].
 
4- حملته يحشرون مع الأنبياء:
من كرامة الله على حامل القرآن أنْ يرزقه ثوابَ الأنبياء ويحشره معهم، فعن النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم قال: "إنَّ أَكرم العباد إلى الله بعد الأنبياء العلماء، ثمَّ حملةُ القرآن يخرجون من الدُّنيا كما يخرج الأنبياء ويُحشرون من قبورهم مع الأنبياء، ويمرّون على الصراط مع الأنبياء ويأخذون ثواب الأنبياء، فطوبى لطالب العلم وحامل القرآن ممّا لهم عند الله من الكرامة والشرف"[7].
 
5- النجاة من العذاب:
لأنّ الله تعالى لا يُعذِّبُ من تلبَّسَ برداء القرآن ظاهراً وباطناً، لأنّه صار مظهراً للقرآن خَلقاً وخُلقاً، ولأنّ القرآن هو الجنَّة نفسها. فعن النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم قال: "اقرؤوا القرآن واستظهروه فإنَّ الله تعالى لا يُعذّب قلباً وعى القرآن"[8].
 
6- الخروج من الظلمات إلى النور:
فهو الكتاب السماوي الوحيد الذي يهدي إلى سبل الخير والسَّلام، وهو نور الله المتّصل بين الأرض والسماء، والصراط المستقيم الذي من سلكه نجا ومن تخلَّفَ عنه هلك: ﴿قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبينٌ * يَهْدي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلام وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْديهِمْ إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقيم﴾[9].
 
7- الشفاعة:
من نعم الله السَّابغة على المتمسِّكِ بالقرآن الكريم، أنْ يرزقَه الشَّفاعةَ التي هي من أهمّ خصائص الأنبياء والأولياء والشُّهداء، فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم قال: "من استظهر القرآن وحفظه، وأحلّ حلاله، وحرّم حرامه، أدخله الله به الجنَّة وشفَّعه في عشرة من أهل بيته كلّهم قد وجب له النَّار"[10].
 
8- الإيمان:
تجذُّر الإيمان في النفس وتكامله، هو من أهمّ الآثار المترتّبة على التمسّك الحقيقي بالقرآن الكريم: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إيماناً وَعَلى‏ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾[11].
 
9- الخشوع:
من المواهب السَّنـيَّة التي يهبها الله تعالى للمتحقِّق بآيات القرآن، أنْ يلين قلبه ويجعلَهُ خاشعاً من خشيته: ﴿لَوْ أَنْزَلْنا هذَا القرآن عَلى‏ جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ الله﴾[12].‏ وقال عزَّ اسمه: ﴿الله نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَديثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثمَّ تَلينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى‏ ذِكْرِ الله﴾[13].
 
طلائع القلوب، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية


[1] سورة الإسراء، الآية 9.
[2] الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج27، ص33.
[3] الميرزا النوري، مستدرك الوسائل، ج4، ص231.
[4] سورة الإسراء، الآية 82.
[5] السيد حسين البروجردي، جامع أحاديث الشيعة، ج15، ص63.
[6] الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 6، ص167.
[7] الميرزا النوري، مستدرك الوسائل، ج4، ص244.
[8] م.ن، ج4، ص245.
[9] سورة المائدة، الآيتان 15 – 16.
[10] الميرزا النوري، مستدرك الوسائل، ج4، ص245.
[11] سورة الأنفال، الآية 2.
[12] سورة الحشر، الآية 21.
[13] سورة الزمر، الآية 23.

الجواب: نعم.

هو ليس معصوماً، وإن حاول أن يعصم نفسه من الزلل؛ لكنّه يرتكب الخطأ، ويقع فيه، إلّا أنّ الفارق بينه وبين مَن لا يتمتّع بشيءٍ منها، أنّه سريعُ التراجع عن خطأه فما أن يتذكَّر أنّه تحت نظر (الشاهد) و(الحاكم) معاً، حتى ينثني.. يقول تعالى في وقوع المُتّقين في الخطأ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ﴾ (الأعراف/ 201).. إنّ في داخل كلّ تقيّ (جهاز إنذار مبكر)!

وهذا يعني في ما يعنيه، أنّ التقوى استقامة فكرية وسلوكية وحياتية عامّة، تتخلَّلها حالات من الوهن والضعف والانتكاسات الآنية غير الملازمة وغير المزمنة أو المستديمة، هم سرعان ما يتنبَّهون لأخطائهم، ويراجعون أنفُسهم، ويلومونها ويحاسبونها، ويكثر بين أسئلتهم الناقدة سؤال: «أينَ الله؟»!

إنّ المتأمِّل في قول الإمام عليّ (ع): «أنّ المُتّقين ذهبوا بعاجل الدُّنيا وآجل الآخرة»، يرى أنّ لا تلازم بين الزُّهد وبين التقوى، وإن كانت التقوى في معنىً من معانيها، زهدٌ بالحرام، وإقلاعٌ عن الانكباب على الشهوات الممنوعة، ذلك أنّ قوله 7: «ذهبوا بعاجل الدُّنيا» يوافق منطق القرآن: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا﴾ (القصص/ 77).

وبالتالي، فليس من الضرورة أن أجتنب الدُّنيا لكي أكون تقيّاً، وإنّما الاجتناب يُطال المحرَّمات والشبهات، وما عدا ذلك فإنّ تناول الطيِّبات من الرِّزق، وأخذ الزينة بكلّ معانيها، والإثراء المشروع، هو  من (التقوى) لأنّه طاعة لله تعالى في مباحاته.. ولمّا كانت مساحة الحرام ضيِّقة، ومساحة الحلال والمُباح واسعة بما لا قياس بين الاثنين، فإنّ تارك الحلال أو (مُحرِّمه) على نفسه ليس تقيّاً، لأنّه بذلك يُوسِّع دائرة (الحرمة) ودائرة (الكراهية) ذات الحدود المعلومة، ومن هنا ينشأ التكلُّف والتشديد والتحرُّج والتعسُّف والتطرُّف.

يومَ قَسَّم الإمام موسى الكاظم (ع) - في الرواية عنه - الأوقات إلى أربع ساعات، فإنّه كان قد وضع الساعة الرابعة للاستمتاع بالملذّات، قائلاً: «وساعة تخلون فيها للذَّاتِكم في غيرِ مُحرَّمٍ، وبهذهِ الساعةِ تقدرون على الثلاثِ ساعاتٍ»  وقد أراد أن يلفت عنايتنا إلى أنّ هذه الساعة من الأهميّة بمكان بحيث يمكن الاصطلاح عليها بأنّها (ساعة الساعات) طالما أنّها تُمكِّننا من أداء أعمالنا العبادية والمعاشية والمجتمعية بيُسر وسهولة وانشراح صدر.. وفي قول آخر للإمام عليّ (ع): «إنّ هذه القلوبَ تملُّ كما تملُّ الأبدان، فابتغُوا لها طَرَائف الحِكم» ، والطريف: الجديد.

وكما يُطاعُ الله تعالى في (عزائمه) فرائضه وواجباته، وتكاليفه ومسؤولياته، يُطاعُ كذلك في (رُخَصه) وتخفيفاته في الأحكام، فليس من التقوى أن أُطالب بالتمام في صلاة السفر ولا بالصوم خلاله حتى مع قدرتي عليه وعدم استشعاري للمشقّة، وليس من التقوى أن أغتسل وأنا مُثخنٌ بالجروح، وليس من التقوى أن أُعاند الطبيب الذي يرى أنّ الصيام يضرُّ بصحّتي، فقط لأنّني لا أحبُّ أن يفوتني صيام الشهر، والله تعالى يُرخِّصني في آية الصيام بعدّةٍ من أيّامٍ أُخر إن كنتُ مريضاً أو على سفرٍ، وعلى ذلك فقس ما سواه.

فرقٌ بين من يتهيّأ لأمرٍ ما قبل حلوله ووقوعه، فيعدّ له عدّته، ويتهيّأ التهيّؤ اللازم لاستقباله ومواجهته، وبين مَنْ يجد نفسه فجأةً في غمار ذلك الأمر وإرباك مباغتته.

فالأوّل سيواجه الأمور مواجهةً مدروسة فاعلة إيجابيّة، تستفيد من مفرداتها كلّها، وتوظّف معطياتها كلّها بما يثري وجوده ووجود الآخرين من حوله. أمّا الثاني، فسيهجم عليه الحدث، وستقتحمه الأمور، وتتقاذفه تقلّباتها، وسيغدو محكومًا لها بعد أنْ كان متحكّمًا فيها.

وينطبق ما تقدّم على كيفيّة استقبالنا لشهر رمضان الكريم، فمَن تهيّأ لشهر الله العظيم التهيّؤ المناسب، واستقبله الاستقبال الملائم، كانت استفادته من الشهر أكبر، ومكاسبه منه أوفر، ومَن دخل عليه الشهر الكريم وهو في غيابٍ عن انتهاز عظيم الفرصة، أو كسلٍ عن الاستفادة منها، فلن يضيف إلى رصيده غير القليل، أو الحسرة على تضييع فرصة الفرص والتزوّد من المائدة الإلهيّة.

فأولياء الله تعالى يستقبلون شهر رمضان أحسن استقبال، بل يشتاقون إلى قدومه قبل مجيئه، ويودّعونه أحسن توديع، ويحزنون على فراقه قبل انقضائه.

فالعلاقة التي يعيشها أولياء الله بهذا الشهر، هي علاقة الحبيب بمحبوبه، والعاشق بمعشوقه، فهو ينتظره بلهفة وشوق لا يمكن وصفهما، ويتركه ويودّعه بوَجْدٍ ولوعة لا مثيل لهما، وإنّ سبب هذه العلاقة هي معرفة هؤلاء العظماء بحقيقة هذا الشهر وعظمته ومكانته وفوائده الجمّة، التي مهما بذل الإنسان من سعي حثيث لاستثمارها، سيشعر بالتقصير، لأنّ الحجم المعنويّ العظيم الذي ادّخره الله تعالى لعباده، قد لا يسعه هذا الوعاء الزمنيّ القصير.

ومن هذه الرؤية، تنبع أهمّيّة الحديث عن التهيئة لشهر رمضان الكريم. فالحديث عن التهيئة لشهر رمضان هو حديثٌ عن كيفيّة الاستفادة من المُنح الإلهيّة والعطايا الربّانيّة والنفحات الرحمانيّة، التي بسطها الله تعالى لعباده الفقراء، فنحن، باختصار، ضيوفٌ على مائدة الرحمن. وإذا أردنا أن نصوغ هذا الكلام بمعادلة ما، فنحن العباد الفقراء (محض الفقر)، ضيوفٌ على مائدة الغنيّ المطلق (محض الغنى)، فلو أضفنا محض الغنى على محض الفقر، فالنتيجة رحمةٌ لا متناهيةٌ.

وما نريد أن نصل إليه من خلال هذه المقدّمة، أنّ شهر رمضان هو محطّة روحيّة، ولقاء ربّانّي، على مائدة الرحمة الإلهيّة، فمن تهيّأ في ما مضى من رجب وشعبان، وقام بأداء ما ورد فيهما من طاعات بالصوم والقيام والذكر وتلاوة القرآن، فيكون قد استكمل مسيرة المائدة، وهيّأ وأعدّ واستعدّ للمائدة الكبرى، أي شهر رمضان، وإذا استقبله بالتوبة الحقيقيّة، فسيكون ذلك بمثابة بطاقة دخول للضيافة الرحمانيّة، وغاسلة للذنوب، وتهيئة لطهارة النفس، لتستعدّ لتلقّي عطاءات الله وفيوضاته النوارنيّة.

الثلاثاء, 28 آذار/مارس 2023 07:59

نافلة الليل في أسحار شهر الله

تُعتبر صلاة الليل أهمّ النوافل، فهي تمسّكٌ بأخلاق النبيين، وهي المانعة من نزول العذاب، وهي النور والأنيس في القبر، وهي التي تنفي السيئات، وتدرّ الأرزاق، غذاء القلوب، وزاد الأرواح، مناجاةٌ ودعاء، خضوع وثناء، تذلّل وبكاء، وتوسّل ورجاء، واعتصام والتجاء، وتواضع لكبرياء الله، وخضوع لعظمته، وانطراح بين يديه، وانكسار وافتقار إليه، تذلّلٌ وعبودية بين يديه، إنّها ملجأ المسلم، وملاذ المؤمن، فيها يجد البلسم الشافي، والدواء الكافي، والغذاء الوافي، إنّها خير عدّة وسلاح، وأفضل جُنَّة وكفاح، وأعظم وسيلة للصلاح والفلاح والنجاح، تنشئ في النفوس، وتذكي في الضمائر قوةً روحية، وإيمانًا راسخًا، ويقينًا عميقًا، ونورًا يُبدّد ظلمات الفتن، ويقاوم أعتى المغريات والمحن، وكم فيها من الأسرار والحكم، والمقاصد والغايات، فما أعظم الأجر، وأوفر الحظّ لمن واظب على أدائها.
 
الشرف الوضاح:
لتبيان ماهية هذا الشرف ننقل عن الإِمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام قوله: "ما مِن عمل حسن يعملهُ العبد إِلاَّ ولهُ ثواب في القرآن إِلاَّ صلاة الليل، فإِنَّ الله لم يُبيّن ثوابها لعظيم خطرها عنده فقال: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ*  فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾[1].[2]
 
وفي معتبر هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "جاء جبرائيل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم  فقال: يا محمد، عش ما شئت فإنّك ميت، وأحبب ما شئت، فإنّك مفارقه، واعمل ما شئت، فإنّك تجزى به.. واعلم أنّ شرف الرجل قيامه بالليل، وعزّه استغناؤه عن الناس"[3].
 
وفي صحيح عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: "ثلاث من فخر المؤمن وزينه في الدنيا والآخرة: الصلاة في آخر الليل، ويأسه ممّا في أيدي الناس، وولايته الإمام من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم"[4].
 
تمسُّك بأخلاق النبيّين:
وبالرغم مِن أنّنا نعلم أنّ أمير المؤمنين عليه السلام لا يترك صلاة الليل أبداً، ولكن نظراً لأهمّية هذه الصلاة فإنّ رسول الله  صلى الله عليه وآله وسلم  أوصاهُ بها في جملة مِن وصاياه لهُ، رواها حفيده الصادق عليه السلام ، فقال: كان في وصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عليه السلام أن قال: "يا علي، أُوصيك في نفسك بخصال احفظها عنّي، ثم قال: اللهم أعنه.. إلى أن قال.. وعليك بصلاة الليل.. وعليك بصلاة الليل.. وعليك بصلاة الليل.."[5].
 
وروي عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم  أنّه قال: "خيركم مَن أطابَ الكلام، وأطعم الطعام وصلّى بالليل والناس نيام"[6].

وروي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: "قيام الليل مصحّة للبدن، ومرضاة للرّب عزّ وجلّ، وتعرّض للرحمة، وتمسّك بأخلاق النّبيّين"[7]، وفي سيرته العطرة صلوات الله عليه لم يترك صلاة الليل قطّ حتى في ليلة الهرير[8].[9]
 
أبا حــــــســـــــــــنٍ والليل مرخٍ ســـــــــــــــــــدوله      وأنت عان لوجـــــــــــــه الله تُناجــيـــــــــــــــهِ
براك الظنا من خوفِ باريك في غدٍ      وقد أمن المغرور من خوف باريهِ
على شفتيك الذكر يطفح سلسلاً       فتنهل علاً من ســــموِّ معانيهِ

 
غفران الذنوب:
روي عن الإمام الصادق عليه السلام في قول الله عزّ وجلّ: ﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾[10] قال: "صلاة المؤمن باللّيل تَذهَب بما عمل من ذنب بالنّهار"[11].

روى اسحاق بن عمار أنّ الإمام الصادق عليه السلام وقف على رجلٍ يُصلّي فقال له: (يا عبدَ اللهِ أيَّ شيءٍ تُصلّي؟) فقال: "صلاة الليلِ فاتتني أقضيها بالنهارِ". فقال عليه السلام (لصاحبه) حُطَّ رَحلك حتَّى نتغدَّى مع الذي يقضي صلاةَ الليلِ. فقال: جُعلت فداكَ تروي فيه شيئاً، فقال عليه السلام: حدّثني أبي، عن آبائه، قال: قال رسول الله  صلى الله عليه وآله وسلم: "إنَّ اللهَ يُباهي بالعبدِ يقضي صلاةَ الليلِ بالنهارِ، يقول: يا ملائكتي انظروا إلى عبدي كيف يقضي ما لم أفترضْ عليه، أُشهِدُكم أنّي قدْ غفرْتُ له"[12].
 
وروي عن الصادق عليه السلام عن رسول الله  صلى الله عليه وآله وسلم  أنّه قال: "إذا قامَ العبدُ من لذيذِ مضجعِه، والنعاسُ في عينه، ليُرضي ربَّه تعالى بصلاةِ ليلِه. باهى اللهُ تعالى به الملائكةَ، وقالَ أَما ترَون عبدي هذا قد قام من لذيذِ مضجعِه لصلاةٍ لم أفترضْها عليه،اشهَدوا أنّي قد غفرتُ له"[13].
 
للمتهجـّدين بالأسحار:
صلاة الليل لها أثر كبير في ترقّي العبد وعلوّ درجاته، فإنّ انفرد مؤدّيها في جوف الليل بربّه عزّ وعلا - يشكو إليه بثّه وحزنه ويُناجيه ملحّاً عليه، متوسّلاً بسعة رحمته إليه، راجياً لاجئاً، راهباً راغباً، منيباً تائباً، معترفاً لائذاً عائذاً، لا يجد ملجأ من الله تعالى إلاّ إليه - فإنّ عوائد الله ستترادف على هذا العبد.

روى الإمام علي بن موسى الرضا عن أبيه، عن جدّه قال: سُـئل علي بن الحسين عليهم السلام: ما بال المتهجّدين بالليل من أحسن الناس وجهاً؟.. قال عليه السلام : "لأنّهم خلوا بالله، فكساهم الله من نوره"[14].
 
روى عبد الله بن سنان، أنّه سأل الصادق عليه السلام عن قول الله عزّ وجلّ: ﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾[15]؟ قال: "هو السهر في الصلاة"[16].
 
وروى ابن عمار عنه عليه السلام قال: "صلاة الليل تُحسّن الوجه، وتُحسّن الخلق، وتطيب الريح، وتدرّ الرزق، وتقضي الدين، وتذهب بالهمّ، وتجلو البصر"[17].
 
ولتبيان كثرة هذه الآثار الحميدة نقول روى يعقوب بن زيد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "كذب من زعم أنه يُصلّي صلاة الليل وهو يجوع، إنّ صلاة الليل تضمن رزق النهار"[18].

قال الإمام الصادق عليه السلام: "إنّ البيوت التي يُصلّى فيها بالليل بتلاوةِ القرآنِ تُضيءُ لأهلِ السماءِ كما تُضيءُ نجومُ السماء لأهلِ الأرض"[19].
  
قربان الأتقياء، دار المعارف الإسلامية الثقافية


[1] سورة السجدة، الآيتان 16 - 17.
[2] العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 87، ص 140.
[3] الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه، ج 1، ص 472، باب ثواب صلاة الليل.
[4] ثقة الإسلام الشيخ الكليني، الكافي، ج 8، ص 234.
[5] الحُر العاملي، وسائل الشيعة، ج 4، ص 91.
[6] العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 87، ص 142 - 148.
[7] م. ن.
[8] حسن بن محمد الديلمي، إرشاد القلوب، ج 2، ص 217، فصل: في عبادته وزهده سلام الله عليه.
[9] الأبيات للشيخ العميد الدكتور أحمد الوائلي رحمه الله.
[10] سورة هود، الآية 114.
[11] ثقة الإسلام الشيخ الكليني، الكافي، ج 3، ص 266.
[12] الحُر العاملي، وسائل الشيعة، ج 4، ص 278 - 279.
[13] الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان أعلى الله مقامه، المقنعة، ص 120، 9: باب كيفية الصلاة و صفتها.
[14] الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج ‏8، ص 157، 39 - باب تأكد استحباب المواظبة على صلاة الليل.
[15] سورة الفتح، الآية 29.
[16] من لا يحضره الفقيه، ج‏1، ص 471، باب ثواب صلاة الليل.
[17] م. ن.
[18] البرقي، المحاسن، ج‏1، ص 53، باب 61، ثواب صلاة الليل.
[19] الحُر العاملي، وسائل الشيعة، ج 5، ص 294.

وصف سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم القرآن الكريم، فكان وصفاً حافلاً بمزايا القرآن، جامعاً لفضائله، فقد ورد عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم يقول: "إنّها ستكون فتنة. قُلت: فما المخرج منها يا رسول الله؟ قال: كتاب الله فيه نبأ من قبلكم وخبر من بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبّار قصمه الله، من ابتغى الهدى في غيره أضلّه الله، وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، هو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا يشبع منه العلماء، ولا تلتبس منه الألسن، ولا يخلق من الرد، ولا تنقضي عجائبه، هو الذي لم ينته الجنّ إذ سمعته حتى قالوا: إنّا سمعنا قرآناً عجباً يهدي إلى الرشد. من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن عمل به أجر، ومن دعي إليه هدي إلى صراط مستقيم"[1].
 
وورد عنه صلى الله عليه وآله وسلّم أيضاً أنه قال: "القرآن أفضل كلّ شيء دون الله، فمن وقّر القرآن فقد وقّر الله، ومن لم يوقّر القرآن فقد استخفّ بحرمة الله"[2].
 
ولمّا كان القرآن كلام الله عزّ وجلّ، فلا يُقاس بكلام المخلوقين، ورد عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم أنه قال: "فضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله على خلقه"[3]. وقال صلى الله عليه وآله وسلّم: "القرآن غنى لا غنى دونه، ولا فقر بعده"[4]. وقال صلى الله عليه وآله وسلّم: "القرآن مأدبة الله، فتعلّموا مأدبته ما استطعتم، إنّ هذا القرآن هو حبل الله، وهو النور المبين، والشفاء النافع"[5]. وقال صلى الله عليه وآله وسلّم: "من أعطاه الله القرآن فرأى أن رجلاً أُعطي أفضل ممّا أُعطي فقد صغّر عظيماً، وعظّم صغيراً"[6].
 
ومن خلال ما تقدّم نجد أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم، وأخاه أمير المؤمنين عليه السلام ومن أجل ربط الأُمّة بالقرآن الكريم والالتزام بما جاء فيه من مفاهيم وقيم وأحكام وأخلاق، قد بيَّنا لنا أنّ القرآن الكريم رفيق المتّقين، وأنّه ربيع القلوب المتجدِّد، وأنّ القرآن ينابيع العلوم، والشفاء النافع لأمراض الأُمّة بجميع أنواعها إن تمسّكت به وجَعْلته دستوراً لها، وكُانت سَالِكة سَبِيلَهُ، زَاهِدة فِي تَزْهِيدِهِ، رَاغِبة فِي تَرْغِيبِهِ، خَائِفة مِنْ تَخْوِيفِهِ، فَإنّها ستكون ثْابتة على الحق ولها البشرى، فَإِنَّهُ لا يَضُرُّها مَا قِيلَ فِيها، وَإِنْ كاْنتَ مُبَايِنة لِلْقُرْآنِ، فَمَاذَا الَّذِي يَغُرُّها مِنْ نَفْسِها.
 
وهكذا أرشدنا مولانا الإمام الباقر عليه السلام في وصيّته لجابر الجعفي فعرّفنا الطريقة المثلى للثبات على الحق، وبشّر سالكيها بحسن المآل، ودلّنا على الطريقة العملية للنجاة من الشبهات والفتن والضلال عبر إصلاح النفس وإزالة عيوبها، عبر وزنها بميزان القرآن: "أعرض نفسك على القرآن الكريم، فإن كنت سالكاً سبيله" فإن قال لك: خفْ، فأنت تخاف، وإذا قال لك: تقدّم، فإنّك تتقدّم، وعندما يقول لك: قف، فأنت تقف، وحينما يقول لك: أَحِبّ، فأنت تُحبّ، وإن قال لك: أبغض، فإنّك تبغض[7]... بذلك تكون حالاتك مطابقة لأوامر الله تعالى، وعندها تُدرك لماذا قال في فرقانه الحكيم: ﴿فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾[8]. وقال وليه الباقر عليه السلام: "الذكر القرآن، ونحن أهله"[9].
 
نعم في بيتهم نزل القرآن، وأهل البيت أدرى بالذي فيه. وهما يشتركان معاً في إضاءة عقل الإنسان وروحه وقلبه، ويُوجهانه إلى حيث سعادته في الدارين، فلولا القرآن لم يكن للحياة هدى، ولا للإنسان رشد، ولا علق في طرفه نور، ولولا أهل البيت عليهم السلام لم يكن للرشد مُرشد، ولا للعلم معلم، ولا للنور مشكاة ومصباح، ولا للنجاة سفينة، فالقرآن الكريم أصل العلم، وأهل البيت عليهم السلام معرفته ومعدنه وبيانه.
 
المبصرون، من وصايا الإمام الباقر (عليه السلام) لتلميذه جابر، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية


[1] المتقي الهندي، كنز العمّال، ج1، ص 175، تحقيق الشيخ صفوة السقا، نشر مؤسسة الرسالة ـ لبنان، 1989م.
[2] العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 89، ص 19.
[3] م.ن.
[4] م.ن.
[5] م.ن.
[6] الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 6، ص 181 ـــ 200.
[7] من محاضرة لسماحة آية الله الشيخ مصباح اليزدي ألقاها بتاريخ / 7 آب / 2011م (بتصرّف).
[8] سورة النحل، الآية 43.
[9] العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 23، ص 181.

لهذا فإن الأطباء ينصحون بالامتناع عن تلك العادات والتي من بينها شرب الماء بكثرة سواء في وقت السحور أو قبل الفجر، إذ يسبب زيادة عمل الكلى للتخلص من الماء وزيادة الرغبة في التبول ومن ثم العطش طول النهار، وكذلك شرب الماء البارد عند الإفطار مباشرة، إذ يسبب التقليل من حركة الدم إلى المعدة والأمعاء، ما يصيب الجسم بمشاكل هضمية كالمغص أو حدوث التقلصات.

بالإضافة إلى ضرورة الامتناع عن تناول الحلوى بعد الإفطار مباشرة، إذ تؤدي إلى تراكم الدهون في الجسم وزيادة السمنة والكوليسترول، وينصح بتناول الفاكهة لما تحتويه من فيتامينات وأملاح معدنية يحتاجها الجسم خاصة في رمضان.

كما يحذر الأطباء من كثرة تناول المخللات والملح والتوابل الملح والتوابل لكونها تسبب الشعور بالعطش وعدم انتظام ضربات القلب، ولا يفضل إطلاقاً الإفطار على الأغذية التي تحتوي على الدهون إذ تحتاج إلى عمليات معقدة في تمثيلها، وتؤدي إلى رفع سكر الدم بصورة غير متدرجة فتسبب الصداع.

بحسب ما نشره موقع Everyday Health، تقول الدكتورة شيلبي أغاروال، اختصاصية طب الأسرة في واشنطن دي سي، ومؤلفة كتاب The 10 Day Total Body Transformation: "إن الترطيب مهم لأن أجسامنا تعمل حقًا [بشكل أفضل مع] توازن الماء الكافي".

أما بالنسبة للجفاف فتقول الدكتورة مالينا مالكاني من نيويورك، إنه إذا لم يتم معالجة الجفاف، فربما تؤدي الحالات الشديدة منه إلى حدوث مشاكل مثل صعوبة التنفس وزيادة درجة حرارة الجسم وضعف الدورة الدموية والنوبات. ووفقًا لكلية الطب بجامعة هارفارد، يمكن أن يساهم الجفاف بشكل عام في التهابات المسالك البولية وحصى الكلى.

ويوضح الخبراء فيما يلي الفارق بين الترطيب والشعور بالعطش والجفاف وبعض الحقائق المهمة لتجنب التعرض لأي متاعب أثناء الصيام:

1. الظمأ لا يعني الإصابة بالجفاف

يقول الدكتور جينغر هولتين من سياتل ومؤلف كتاب Anti-Inflammatory Diet Meal Prep، إن العطش لا يمكن اعتباره مؤشرًا على أن هناك إصابة بالجفاف، لأن "كل شخص يحتاج إلى تقييم ما إذا كان هذا صحيحًا بالفعل بالنسبة له، لأن هناك الكثير من الأسباب التي تجعل الشخص يشعر بالعطش. يقول هولتين: "لا يكون السبب دائمًا هو الجفاف بنسبة 100%"، فمن الممكن على سبيل المثال، أن يتسبب شيء بسيط مثل الطعام الحار في الشعور بالعطش أكثر من المعتاد. ووفقًا لما نشرته كليفلاند كلينك، فإن الزيادة الحادة في العطش يمكن أن تكون علامة على وجود مشكلة صحية مثل مرض السكري. ويمكن أن يكون أحد الآثار الجانبية لدواء يتم تناوله بل إن بعض الأدوية تسبب جفاف الفم دون التسبب في الجفاف بحد ذاته.

2. لون البول الأصفر الداكن

يضيف الدكتور بولتين أن فحص "لون البول يمكن أن يكون مؤشرًا جيدًا على حالة الترطيب"، مشيرًا إلى أن مخطط ألوان البول المكون من ثمانية مستويات يحدد لون البول من اللون الأصفر الفاتح إلى الأصفر الداكن أو البني، وفقًا لما نشرته قيادة الصحة العامة بالجيش الأميركي، وعلى الرغم من اختلاف طبيعة جسم كل شخص، فإن الألوان الأربعة الفاتحة تشير إلى أن الشخص يتناول كميات مناسبة من المياه، أما الأربعة الداكنة فيمكن أن تعني أنه مصاب بالجفاف، لكن يحذر الدكتور هولتين من أن تدهور لون البول إلى النطاق البني، ولابد من المسارعة للحصول على رعاية طبية عاجلة، لأنه يمكن أن يعني الجفاف الشديد.

3. مخاطر الإفراط في الماء

يبالغ البعض في شرب المياه، ويقول الدكتور هولتين إن "هناك حالة تسمى نقص صوديوم الدم، وتحدث عندما ينخفض تركيز الصوديوم في الجسم - وهو إلكتروليت شديد الانخفاض ويمكن أن يؤدي في الواقع إلى تضخم الخلايا في الجسم، وهي حالة تهدد الحياة".

بحسب كليفلاند كلينك ومايو كلينك، فإنه بينما يمكن لأي شخص أن يصاب بنقص صوديوم الدم (ما يسمى بسمية الماء)، لكن يكون البعض أكثر عرضة لخطر مرتفع، من بينهم مرضى الفشل الكلوي وفشل القلب الاحتقاني واختلال وظائف الكبد والقيء الشديد المزمن أو الإسهال ومرض أديسون، والأشخاص الذين يتناولون بعض الأدوية، مثل مضادات الاكتئاب ومدرات البول. أظهرت الأبحاث أن الرياضيين الذين يمارسون رياضة التحمل ربما يكونون أيضًا معرضين لخطر الإصابة بنقص صوديوم الدم.

4. مخاطر الجفاف الشديد

ولكن الخبر السار، بحسب الدكتورة مالكاني، هو أنه إذا لم يكن لدى الشخص أحد عوامل أو حالات الخطر المذكورة، فليس هناك ثمة ما يدعو إلى القلق، حيث إنه "بالنسبة لمعظم الأشخاص الأصحاء، لا يمثل الإفراط في الماء مصدر قلق خطير، لأن الكلى قادرة على إفراز أي سوائل زائدة للحفاظ على توازن الماء والكهارل".
فيما يوضح موقع MedlinePlus أن أعراض نقص صوديوم الدم الشديدة تشمل التشنجات والارتباك والتعب والصداع والغثيان وضعف العضلات، وهي التي تحتاج إلى ضرورة التوجه إلى طبيب.

وفي هذا الصدد يحدز هولتين من أن "[الجفاف] خطير للغاية على الأطفال والنساء الحوامل وبعض كبار السن، خاصة إذا كان شخص من هذه الفئات مريضًا بالحمى أو القيء أو الاسهال، لذا فإنهم يحتاجون إلى عناية طبية على وجه السرعة لتقييم حالة الترطيب في أجسامهم".

5. الحوامل والأطفال وكبار السن

وفقًا لمايو كلينك، يكون القيء الشديد والإسهال غالبًا السبب الرئيسي للجفاف عند الأطفال. وفي الوقت نفسه، يمكن أن يكون لدى كبار السن كمية أقل من الماء في الجسم، ويمكن أن تؤدي بعض الأدوية والحالات إلى تفاقم الأمور. أما النساء الحوامل فإن غثيان الصباح الشديد، المعروف باسم التقيؤ الحملي، يمكن أن يسبب القيء ويؤدي إلى الجفاف.

6. مصادر متعددة للماء

توضح دكتورة مالكاني أن الحصول على الماء في الجسم لا يقتصر على تناول السوائل فقط، مشيرة إلى أنه "في حين أن حوالي 80% من مدخولنا من الماء يأتي من السوائل، فإن حوالي 20% منها يأتي من الأطعمة المائية مثل الفواكه والخضروات الغنية بالعصارة". على سبيل المثال، بحسب ما نشرته مايو كلينك، يحتوي البطيخ والسبانخ على ما يقرب من 100% من الماء من حيث الوزن. وتضيف دكتورة مالكاني أن الأطعمة المرطبة الأخرى تشمل الخيار والكرفس والفجل والجرجير والجريب فروت والشمام والفراولة.

7. أطعمة تسبب العطش

وتشير دكتورة مالكاني أنه "على الجانب الآخر، فإن الأطعمة المالحة والأطعمة الغنية بالصوديوم تسبب الجفاف لأنه عندما يتم امتصاص الملح ويبدأ في الدوران في الدم، يستجيب الجسم عن طريق سحب الماء من خلايا الجسم لإحداث التوازن اللازم مما يؤدي إلى زيادة العطش".

8. قلة النوم تسبب الجفاف

توصلت دراسة، نُشرت في فبراير 2019 بدورية Sleep، إلى أن الأشخاص الذين ينامون ست ساعات كل ليلة يعانون من الجفاف أكثر من أولئك الذين ينامون ثماني ساعات بانتظام. يشير العلماء إلى اضطراب الفازوبريسين، وهو هرمون يفرز في الليل يساعد الجسم في الحفاظ على حالة الترطيب.

9. عدد أكواب الماء يوميًا

حول عدد الأكواب من الماء المناسب تناولها يوميًا، يقول دكتور هولتين إن "هناك مجموعة من ما يحتاجه الإنسان، والتي تعتمد على العديد من العوامل، بما يشمل النشاط البدني والنظام الغذائي والبيئة التي يعيش فيها، من بين عوامل أخرى"، مثل الظروف الصحية الأساسية والجنس والعمر وما إذا كان المرأة حاملاً أو مرضعة.
توصي أحدث الإرشادات الصادرة عن الأكاديمية الأميركية الوطنية للعلوم والهندسة والطب بتناول 15 كوبًا من السوائل للرجال وحوالي 11 كوبًا من السوائل للنساء يوميًا.

10. العطش والجوع وفقدان الوزن

بينما يؤكد الخبراء على خطورة تعرض الجسم للجفاف وأن الظمأ يعد أحد العلامات على احتمال حدوث الإصابة بجفاف، إلا ان كثرة شرب الماء لا يعد حلًا أكيدًا، فربما يتطلب الأمر الحصول على اسعافات عاجلة في الطوارئ بحقنة سوائل عن طريق الوريد، كإجراء مبدئي. كما يشير موقع كليفلاند كلينيك إلى أنه في حالات الجفاف الخفيفة، يمكن أن يكون تناول مشروب يحتوي على إلكتروليتات مثل الصوديوم والبوتاسيوم والمغنيسيوم مفيدًا، بخاصة إذا الشخص يتعرق أو يتقيأ أو يعاني من الإسهال، مما يؤدي إلى فقدان الشوارد اللازمة أيضًا للحفاظ على ضغط الدم المناسب.

وتنبه دكتورة أغاروال إلى أهمية ملاحظة أنه يحدث خلط في بعض الأحيان حيث يمكن أن يخطئ الشخص الجوع بالعطش، وربما يتصور الشخص أنه جائعًا في حين يكون الجسم في حالة ظمأ ويحتاج لتناول الماء لإحداث التوازن اللازم ولمساعدة أعضائه على أداء وظائفها.

وأخيرًا، ينصح الخبراء بشرب الماء قبل البدء في تناول الطعام لأنه يساعد في إنقاص الوزن، إذا كان الشخص يهدف إلى الحفاظ على وزن مناسب.

ووفق مختصين قد يجد الشخص صعوبةً في بداية رحلة الإقلاع، ولكن بالعزيمة والإصرار وزيارة العيادات المتخصصة وتغيير بعض العادات التي كانت تُحفّز على العودة لهذه السلوكيات،يكون ذلك ممكنا.

وتُشكّل مشكلة السمنة والسُكّري عائقًا كبيرًا لدى البعض، ويُعد شهر رمضان، فرصةً وقائية وعلاجية لإعادة النظر في النظام الغذائي، وممارسة الرياضة.

وأكدت الأبحاث العلمية جدوى وفوائد الصيام المتقطع وجدوى ذلك في تحسين الصحة من منظور طبي ، ولعل شهر رمضان فرصة لغنائم الأجور العظيمة، والفوائد الصحية والنفسية .

وأكدت اخصائية اجتماعية أن عادة السهر في شهر رمضان من أخطر العادات التي تؤذي النفس،حيث يؤثر ذلك على هرمونات الجسم، وترفع من خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين وارتفاع ضغط الدم، ويُسبّب خللاً في الجهاز المناعي، ويرفع معدل الإصابة بالأمراض.

لذا يجب على الوالدين أن يكونا قدوةً صالحةً لأبنائهم، ويقسموا اوقاتهم، وتشجيعهم بأن شهر رمضان ليس موسمًا للسهر والكسل، بل ميّزه الله عن بقية الشهور بفضائل عديدة.

الارتجاع المريئي يحصل عند تدفق حمض المعدة إلى الأنبوب الذي يربط بين الفم والمعدة، ويسمى المريء. عندما يلامس حمض المعدة الارتجاعي بطانة المريء، فإنه يسبب إحساسا حارقا في الصدر أو الحلق، ويسمى بحرقة المعدة.

ما هي الأعراض.. ولماذا تزيد في رمضان؟

يصيب الارتجاع المريئي نسبة كبيرة من الناس، وتشمل أعراضه:

– رجوع أحماض المعدة إلى الفم.

– ألم في الصدر.

– بحة أو التهاب في الحلق.

– طعم حامض أو مر في الفم.

– صعوبة في التنفس.

– سعال جاف.

– ضيق في الحلق.

– صعوبة في البلع.

- الشعور بالاختناق أو بوجود ورم في الحلق.

تزداد مشاكل هذا المرض خلال شهر رمضان، بسبب التغير الحاصل في نظام ونوع الأكل.

كيف يجب أن يتعامل الصائم مع حالات الارتجاع المريئي لضمان صيام صحي وسليم؟

استشاري أمراض الجهاز الهضمي والكبد، مهند العقلا، أكد ،أن الإصابة بالارتجاع المريئي تزداد بشكل ملحوظ خلال رمضان، مما يتطلب من الصائم اتباع نصائح دقيقة، تشمل:

– كسر الصّيام على وجبة خفيفة، مثل التمر أو الماء أو الشوربة الخفيفة.

– تقسيم وجبة الإفطار على دفعتين، حيث تكون الدفعة الثانية من الأكل بعد حوالي ساعة أو ساعة ونصف.

– تجنب الأطعمة الدسمة، مثل المقالي والحلويات.

-تجب الإكثار من العصائر والمشروبات مع وجبات الطعام.

– عدم النوم مباشرة بعد وجبة السحور، والانتظار فترة ساعة أو ساعة ونصف.

وشدد العقلا ، على “ضرورة التزام الأشخاص الذين يعانون من المرض، بالتوصيات والنصائح الطبية الدقيقة خلال رمضان، خاصة أن العديد منهم يجدون في الصيام راحة تخفف من معاناتهم، بشرط الالتزام بنوعيات وكميات الطعام المحددة.