
emamian
الإمام الخامنئي: أمريكا فشلت في إيران وتحاول تعويض هذا الفشل
قائد الثورة الإسلامية آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي، استقبل اليوم الأربعاء، الآلاف من أهالي مدينة قم المقدسة في حسينية الإمام الخميني (رض).
يأتي هذا اللقاء في إطار إحياء الذكرى السنوية لانتفاضة التاسع عشر من دي لعام 1356 (9 يناير 1978).
بعض أهم محاور كلمة قائد الثورة الإسلامية كما يلي:
كانت إيران في فترة الشاه قلعة حصينة للمصالح الأمريكية؛ ومن داخل هذه القلعة انبثقت الثورة وتفجرت. لم يفهم الأمريكيون، خدعوا، وذهلوا، واغتروا؛ هذا هو الخطأ الحسابي لأمريكا.
بعد الثورة، على مدار هذه العقود، أخطأ الأمريكيون في غالب الأحيان في مسائل إيران. هذه الكلمات موجهة بشكل خاص لأولئك الذين يشعرون بالخوف من سياسات أمريكا.
العمل البرمجي هو الكذب، خلق فجوة بين الواقع والأفكار العامة والتصورات؛ أنتم تزدادون قوة، وهو يروج لفكرة أنكم تضعفون. هو نفسه يضعف، ويعلن أنه يقوى. أنتم تصبحون غير قابلين للتهديد، فيقول: "سأدمركم بالتهديد." هذه هي الدعاية. وهناك البعض الذين يتأثرون بذلك.
اليوم، العمل الأساسي والمهم لأجهزتنا الدعائية، لأجهزتنا الثقافية، دعاية وزارتنا، إذاعتنا وتلفزيوننا، نشطائنا في الفضاء الإلكتروني، هو أن يكسروا وهم قوة العدو، ألا يسمحوا للدعاية المعادية بالتأثير على الرأي العام. هذا هو العمل الذي قام به أهل قم في يوم 19 دي 56.
جواب سماحة آية الله خامنئي لأولئك الذين يسألون لماذا تتفاوض إيران مع الأوروبيين ولديها علاقات معهم بينما لا ترغب في التفاوض والتواصل مع أمريكا: "أمريكا كانت قد تملكت هذا المكان لكنها انتزعت منه. لذلك، حقدها تجاه البلاد والثورة هو حقد "الجمل"، ولن تتخلى عنها بسهولة. أمريكا قد فشلت في إيران، وهي تسعى لتعويض هذا الفشل."
على المسؤولين ومتخذي القرارات ألا يأخذوا بعين الاعتبار مطالب ومواقف أمريكا والصهاينة على الإطلاق.
وشكر سماحة آية الله الخامنئي المواقف الواضحة والشجاعة لرئيس الجمهورية بشأن الكيان الصهيوني ودعم الولايات المتحدة لهذا الكيان.
إذا استمع المسؤولون في بلادنا في أي فترة من الفترات إلى التوقعات غير المبررة للأمريكيين، أي أخذ مصلحة أمريكا بعين الاعتبار في اتخاذ القرارات بشأن قضايا مختلفة، فإنهم يهددون الديمقراطية وجمهورية البلاد.
المقاومة حية ويجب أن تبقى حية ويجب أن تصبح أقوى يوماً بعد يوم. ونحن نساند المقاومة، نساند المقاومة في غزة، في الضفة الغربية، في لبنان، في اليمن، ومن أي نقطة تواجه الحركة الخبيثة للكيان الصهيوني وتقاومها، نحن نساندهم.
وفي ما يلي تفاصيل خطاب قائد الثورة الإسلامية:
وصف قائد الثورة الإسلامية، 46 عاما من الحسابات والسياسات الخاطئة من قبل أمريكا تجاه الشعب الإيراني بأنها استمرار للخطأ الحسابي نفسه الذي ارتكبته أمريكا في تحليل انتفاضة 19 دي التاريخية.
وأشار إلى ضرورة التعلم من انتفاضة 19 دي، وأكد على الجهود "المستمرة والواسعة والفعّالة" من قبل وسائل الإعلام والنشطاء في الفضاء الإلكتروني لـ "تمزيق وهم قوة العدو وحماية الأفكار العامة" وتركيز المسؤولين الكامل على مصالح الشعب والبلاد في كل قرار وإجراء اقتصادي وثقافي كاحتياجات حيوية اليوم.
وقال سماحته: يجب على الجميع أن يستمروا في الحركة الوطنية نحو تحقيق الأهداف الاقتصادية وغير الاقتصادية بالأمل والجهود المتزايدة.
واعتبر آية الله الخامنئي انتفاضة 19 دي من قبل الشعب المؤمن والشجاع في قم من قمم تاريخ البلاد، مثلما هو الحال مع جميع أيام الله، تحتوي على دروس وعبر متعددة، وقال: أهم درس من ذلك اليوم هو أنه يظهر ما نوع الإيراني الذي تفضله أمريكا وتتمناه.
وأشار قائد الثورة إلى زيارة الرئيس الأمريكي وقتها، جيمي كارتر، إلى طهران في 31 ديسمبر 1977، ومدحه الكاذب لمحمد رضا شاه ووصفه لإيران تحت حكم الشاه بأنها "جزيرة استقرار.
وأضاف: إيران 1977 التي كان كارتر يعتبرها مثالاً مطلوباً لأمريكا، كانت من الناحية السياسية الخارجية تابعة تماماً للأمريكيين وتؤمن مصالحهم، ومن الناحية الداخلية كانت تشهد قمعاً شديداً لكل الحركات المعارضة وحتى المختلفة عن النظام، ومن الناحية الاقتصادية كانت تتمتع بإيرادات ضخمة من بيع النفط لكن بنظام طبقي متشدد، ومن الناحية العلمية والتكنولوجية كانت متأخرة، ومن الناحية الثقافية كانت بلداً ينتشر فيه فساد وفجور وغربيات فاسدة بشكل يومي.
وتابع: إن انتفاضة 19 دي انتزعت "إيران التي كانت مرغوبة للأمريكيين" من قبضتهم، لكن أمريكا لا تزال تحلم بتلك إيران، والتي بالطبع كما أخذ كارتر هذه الرغبة إلى قبره، فإن باقي الأمريكيين أيضاً سيأخذونها إلى قبورهم.
واعتبر سماحة آية الله الخامنئي الدرس الثاني من انتفاضة 19 دي هو كشف خطأ الحسابات الأمريكية وإثبات عجزهم عن فهم واقع إيران.
وأضاف قائد الثورة: أولئك الذين يربطون آمالهم بمظاهر أمريكا وينسون عظمة الله والشعب الإيراني يجب أن ينتبهوا إلى أنه فقط بعد 9 أيام من مدح كارتر لـ "جزيرة الاستقرار" الأمريكية، أظهرت انتفاضة أهالي قم الرائدة كم أن أمريكا متأخرة وغافلة في فهم قضايا إيران.
وقد شبه سماحته انتصار الثورة الإسلامية من قلب "أهم معقل للاستكبار" بتربية النبي موسى (عليه السلام) في قصر فرعون، وأضاف: الأمريكيون ظلوا نائمين، بينما انفجرت الثورة الإسلامية العظيمة من قلب قلعة مصالحهم القوية؛ تماماً كما كان فرعون غافلاً عن أن موسى كان ينمو ويترعرع في بيته.
وأشار آية الله الخامنئي إلى استمرار أخطاء الحسابات الأمريكية تجاه إيران على مدار 46 سنة مضت، وأضاف: أولئك الذين يخافون من سياسات أمريكا، لا ينبغي أن يخافوا ويجب أن يولوا اهتماماً كافياً إلى هذه النقطة الضعف الأساسية والمستمرة في نظام الولايات المتحدة.
وشرح قائد الثورة الإسلامية بعض السياسات الخاطئة وغير المثمرة لأمريكا تجاه الشعب الإيراني وأشار إلى موضوع العقوبات، وقال: لقد استهدفت العقوبات إضعاف الاقتصاد الإيراني وتركيعه، لكن الشعب الإيراني حقق خلال فترة العقوبات أكبر تقدم في مجالي العلم والتكنولوجيا، وبرز شبابه المستعد للعمل في مختلف الميادين.
وأضاف سماحته: بالطبع، العقوبات ألحقت أضراراً بالبلاد، لكنها لم تتمكن من تحقيق أهدافهم، وإن شاء الله سيأتي يوم يحاسب فيه الشعب الإيراني على هذه الأضرار أيضاً.
ووصف سماحة آية الله الخامنئي انتصار الثورة بإحداث تصدعات في جدار الاستكبار الخرساني وزعزعة حصون الغرب، وأضاف: درس آخر من انتفاضة 19 دي هو أننا يجب أن نحصن الرأي العام لشعبنا ضد دعاية العدو.
واعتبر سماحته أن الهدف من نشر مقال مسيء ضد الإمام الخميني في إحدى الصحف في 1977 كان نتيجة استغلال الولايات المتحدة ونظام الشاه لأدوات البرمجيات الإعلامية، وقال: كانوا يريدون إسكات "ذو الفقار اللسان" للإمام الخميني، الذي كان من جوار مرقد أمير المؤمنين (عليه السلام) يبعث الأمل والدفء في قلوب الناس، لكن أهالي قم بوعيهم وعدم ثقتهم في دعايات أمريكا ونظام الشاه أفشلوا تلك المؤامرة.
وأشار قائد الثورة إلى الزيادة الهائلة في استخدام الأمريكيين للبرمجيات الإعلامية لتعزيز نتائج استخدام الأدوات الصلبة، وقال: في غزة، قتلوا عشرات الآلاف من البشر، لكنهم لم يستطيعوا القضاء على المقاومة بالأدوات الصلبة. وفي لبنان أيضاً، استشهد شخصيات مثل السيد حسن نصر الله وغيره من القادة، لكن حزب الله لم ينهزم ولن يُهزم.
ووصف سماحته العمل التوضيحي والإعلامي بأنه مؤشر بالغ الأهمية، وقال: العدو من خلال اختلاق الأكاذيب، وخلق فجوة بين الواقع وأفكار الناس وتصوّراتهم، وأساليب أخرى، يحاول التأثير على الرأي العام. واليوم، يجب على هيئة الإذاعة والتلفزيون، ووزارة الإرشاد، وجميع المؤسسات الإعلامية والثقافية، والنشطاء في الفضاء الإلكتروني، أن يمزقوا وهم قوة العدو ويوفروا الحماية للرأي العام ضد الأكاذيب، والتهديدات، والتحريفات التي يقوم بها.
وأشار قائد الثورة إلى أن طبيعة الاستكبار لم تتغير عن الماضي، وقال: لا يظن أحد أن أمريكا والكيان الصهيوني اليوم يختلفان عن الماضي، لكن أساليبهما وأدواتهما أصبحت أكثر تنوعاً وانتشاراً بمقدار ألف مرة، ولذلك علينا أيضاً أن نكون أكثر يقظة ودقة بمقدار ألف مرة.
واعتبر سماحته أن تحصين الرأي العام ضرورة أساسية، وأضاف: المفتاح هو ألا نصدق كلام العدو، وندرك أن ما يطرحه العدو في دعاياته للتأثير على الرأي العام هو خادع وكاذب، وعلينا أن نرفضه على الفور.
وفي جزء آخر من حديثه، وصف سماحة آية الله الخامنئي إيران بأنها قمة استراتيجية في العالم، لما تتمتع به من نِعَم قيمة مثل الموارد الطبيعية والقوة البشرية المتقدمة فوق المتوسط العالمي، بالإضافة إلى موقعها الجغرافي الممتاز وجغرافيتها السياسية الحساسة.
وأضاف: كانت إيران، منذ حوالي 80 عاماً، ولمدة عدة عقود، تحت سيطرة أمريكا، ولكن الثورة الإسلامية حررت البلاد من قبضة أمريكا، ولهذا السبب لا يستطيعون نسيان مرارة الثورة.
وأشار سماحة آية الله الخامنئي إلى تصريحات بعض الأشخاص الذين يتساءلون عن سبب رفض الجمهورية الإسلامية التفاوض والتواصل مع أمريكا رغم وجود علاقات مع الدول الأوروبية وسفاراتها في إيران، وقال: إن إيران قبل الثورة كانت تحت هيمنة أمريكا، ولكن الثورة الإسلامية أخرجت هذه الثروة السياسية والاقتصادية الهائلة من قبضتهم، ولهذا فإن حقدهم للثورة دفين وأعمق بكثير مقارنة بالدول الأوروبية.
واعتبر قائد الثورة أن فشل أمريكا في استعادة إيران، رغم التكاليف الباهظة التي تحملتها خلال الـ 46 عاماً الماضية، هو سبب آخر لحقدها على الشعب الإيراني والجمهورية الإسلامية، وأضاف: لقد مُنيت أمريكا بالهزيمة في هذا البلد، وهي تحاول تعويض هذه الهزيمة، ولذلك تعادي الشعب الإيراني بكل ما تستطيع.
وأوضح سماحته أن أحد مطالب الاستكبار، وعلى رأسه الحكومة الأمريكية، من جميع الدول بما فيها مسؤولو الجمهورية الإسلامية، هو مراعاة مصالحهم واعتباراتهم عند صياغة القضايا المختلفة. وشدد على أن الرضوخ لهذا المطلب غير المشروع يشكل تهديداً للديمقراطية والجمهورية في البلاد، وقال: لقد صوّت الشعب للمسؤولين لتحقيق مصالحهم، وليس لتحقيق مصالح أمريكا. لذلك، يجب أن يركز صانعو القرار في القضايا الاقتصادية مثل التضخم والإنتاج والعملات، وكذلك في القضايا الثقافية كالحجاب، على مصالح الشعب الإيراني والجمهورية الإسلامية فقط، وألا يراعوا أبداً مصالح أمريكا والصهاينة، لأنهم أعداء للشعب الإيراني والجمهورية الإسلامية، وغايتهم تدمير إيران.
وأعرب قائد الثورة عن سعادته بالمواقف الصريحة والحازمة والشجاعة التي اتخذها رئيس الجمهورية ضد الكيان الصهيوني ودعم أمريكا لجرائم الصهاينة، قائلاً: هذه المواقف أسعدت قلوب الشعب.
وأكد سماحته أهمية الحفاظ على الأمل في مواجهة جهود العدو لتثبيط عزيمة الشباب، وقال: يجب أن نعتمد على الهداية والعون الإلهي، وعلى القوة الإلهية التي تكمن في الشعوب، ويجب أن يكون الهدف الأساسي لجميع العاملين في المجال الإعلامي وكل من يمتلك منبراً هو تعزيز الأمل في القلوب وتجنب بث أي كلمات محبطة.
ووصف قائد الثورة آفاق الاقتصاد الإيراني بأنها واعدة من وجهة نظر الخبراء والمطلعين على الواقع، وأضاف: هناك من يرى أن تحقيق سياسات مثل النمو الاقتصادي بنسبة 8% أمر غير ممكن، ولكن في معرض نشطاء الاقتصاد الذي زاره الرئيس مؤخراً، تم التأكيد وإثبات أن تحقيق هذا النمو ممكن دون الاعتماد على الخارج، وهو ما ردده الرئيس أيضاً بناءً على تصريحات الخبراء والنشطاء.
وأشار سماحته إلى أن الأمل يتطلب العمل الجاد والمثابرة، وأضاف: يجب أن نسعى، بالأمل والعمل، لتوفير متطلبات تقدم البلاد.
واختتم سماحة آية الله الخامنئي خطابه بالتأكيد على أن أحداث المنطقة، بما في ذلك سوريا، يجب ألا تؤدي إلى تهميش قضية فلسطين، وقال: "الركيزة الأساسية للمقاومة هي الصمود في وجه التحركات الخبيثة للكيان الصهيوني."
وشدد سماحته على أهمية "بقاء المقاومة وتعزيز قوتها يوماً بعد يوم"، وأضاف: "نحن ندعم المقاومة في غزة، والضفة الغربية، ولبنان، واليمن، وفي أي مكان تقف فيه المقاومة ضد الكيان الصهيوني.
قائد الثورة الإسلامیة الإیرانیة: قوات الحشد الشعبي تمثّل عنصراً مهماً من عناصر القوة في العراق
أعمال شهر رجب المرجب
أن يدعو في كلّ يوم من رجب بهذا الدّعاء الذي روى انّ الامام زين العابدين صلوات الله وسلامه عليه دعا به في الحجر في غرّة رجب :
خيرُ الدنيا والآخرةِ
عَنِ اَلنَّبِيِّ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ اَللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى نَصَبَ فِي اَلسَّمَاءِ اَلسَّابِعَةِ مَلَكاً، يُقَالُ لَهُ: اَلدَّاعِي، فَإِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَجَبٍ، يُنَادِي ذَلِكَ اَلْمَلَكُ كُلَّ لَيْلَةٍ مِنْهُ إِلَى اَلصَّبَاحِ: طُوبَى لِلذَّاكِرِينَ، طُوبَى لِلطَّائِعِينَ، وَيَقُولُ اَللَّهُ تَعَالَى: أَنَا جَلِيسُ مَنْ جَالَسَنِي، وَمُطِيعُ مَنْ أَطَاعَنِي، وَغَافِرُ مَنِ اِسْتَغْفَرَنِي، اَلشَّهْرُ شَهْرِي، وَاَلْعَبْدُ عَبْدِي، وَاَلرَّحْمَةُ رَحْمَتِي، فَمَنْ دَعَانِي فِي هَذَا اَلشَّهْرِ أَجَبْتُهُ، وَمَنْ سَأَلَنِي أَعْطَيْتُهُ، وَمَنِ اِسْتَهْدَانِي هَدَيْتُهُ، وَجَعَلْتُ هَذَا اَلشَّهْرَ حَبْلاً بَيْنِي وَبَيْنَ عِبَادِي فَمَنِ اِعْتَصَمَ بِهِ وَصَلَ إِلَيَّ»[1].
إنَّ فريضةَ شهرِ رجبٍ هوَ الدعاءُ؛ لكونِهِ شهرَ اللهِ، فهوَ شهرُ ذكرِ اللهِ ودعائِهِ، وشهرُ قراءةِ الزياراتِ، كما أنَّ فيهِ أعمالاً كثيرةً، فدعاءُ «يا مَنْ أَرْجُوهُ لِكُلِّ خَيْرٍ»[2] منَ الأدعيةِ التي تُستحَبُّ قراءتُها بعدَ كلِّ صلاةٍ واجبةٍ في هذا الشهرِ، وقراءتُهُ لا بدَّ من أن تكونَ معَ التوجُّهِ للمفاهيمِ العظيمةِ المهمّةِ التي يحتويها، وفي كلِّ مرّةٍ يقرؤهُ الإنسانُ بهذهِ الطريقةِ يزدادُ قرباً منَ اللهِ تعالى.
«يا مَنْ أَرْجُوهُ لِكُلِّ خَيْرٍ، وَآمَنُ سَخَطَهُ عِنْدَ كُلِ شَرٍّ، يا مَنْ يُعْطِي الْكَثِيرَ بِالْقَلِيلِ، يا مَنْ يُعْطِي مَنْ سَأَلَهُ، يا مَنْ يُعْطِي مَنْ لَمْ يَسْأَلْهُ وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ تَحَنُّناً مِنْهُ وَرَحْمَةً، أَعْطِنِي بِمَسْأَلَتِي إِيَّاكَ جَمِيعَ خَيْرِ الدُّنْيا وَجَمِيعَ خَيْرِ الاخِرَةِ، وَاصْرِفْ عَنِّي بِمَسْأَلَتِي إِيَّاكَ جَمِيعَ شَرِّ الدُّنْيا وَشَرِّ الاخِرَةِ، فَإِنَّهُ غَيْرُ مَنْقُوصٍ ما أَعْطَيْتَ، وَزِدْنِي مِنْ فَضْلِكَ يا كَرِيمُ».
يقولُ الإمامُ الخامنئيُّ (دام ظلّه)، شارحاً فقراتِ هذا الدعاءِ:
«يا مَنْ أَرْجُوهُ لِكُلِّ خَيْرٍ»؛ أي إنَّنا نأملُ الثوابَ من كلِّ خيرٍ عمِلناهُ، فالحراسةُ في سبيلِ اللهِ، والصلاةُ، وقولُ الصدقِ، وكلُّ عملٍ إلهيٍّ، فإنَّنا نرجو الثوابَ منَ اللهِ على عملِهِ.
«وَآمَنُ سَخَطَهُ عِنْدَ كُلِ شَرٍّ»؛ أي إنَّنا نلجأُ إلى اللهِ مِن سخطِهِ عندما نقومُ بعملٍ سيِّئ… حقّاً إنَّ هاتينِ الكلمتَينِ مناجاةٌ كاملةٌ، إنَّكَ حليمٌ، إنَّكَ صبورٌ علينا، لا تَعْجَلُ بعذابِكِ، إنَّها تُبيِّنُ العظمةَ الإلهيّةَ وخصائصَ العبدِ.
«يا مَنْ يُعْطِي الْكَثِيرَ بِالْقَلِيلِ»؛ أي إنَّ جهادَ هذا الشعبِ، ومظلوميّةَ الإمامِ (قُدِّس سرُّه)، ودماءَ الشهداءِ، وإيثارَ المجاهدينَ، والصبرَ والاستقامةَ في مقابلِ الشدائدِ، كلُّ ذلكَ يُعَدُّ قليلاً إذا ما قيسَ بثوابِ اللهِ تعالى وأجرِهِ.
«يا مَنْ يُعْطِي مَنْ سَأَلَهُ»؛ أي إنَّ اللهَ تعالى يُعطي العبدَ ما سألَهُ إنْ كانَ صالحاً، فسُنّةُ عالمِ الخلقِ قائمةٌ على ذلكَ، حتّى لو لم يتذكّرْهُ العبدُ، ومنَ الممكنِ أن تتأخّرَ الإجابةُ، إلّا أنّها تحدثُ. لقد كانَ بعضُهُم يقولُ: لقدْ أكثرْنا منَ الدعاءِ من أجلِ سقوطِ النظامِ البهلويِّ، إلّا أنَّهُ لم يسقطْ! فكنتُ أجيبُهُم بأنَّ الإجابةَ لها وقتٌ خاصٌّ، فعليكُم بالصبرِ حتّى ترَونَ ذلكَ في وقتِهِ، وفعلاً شاهدتُمُ الإجابةَ.
«يا مَنْ يُعْطِي مَنْ لَمْ يَسْأَلْهُ»، عندما أتيْنا إلى هذهِ الدنيا، هل طلبْنا منَ اللهِ أن يُعطيَنا حليباً؟! إلّا أنَّ اللهَ تعالى أعطانا إيّاهُ. نعم، إنَّهُ يُنعِمُ على مَن لم يسألْ، ومَن لم يطلبْ، «وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ»، كالكفّارِ والملحدينَ، «تَحَنُّناً مِنْهُ وَرَحْمَةً»؛ أي إنَّكَ تُعطي برحمتِكَ ومحبّتِكَ.
«أَعْطِنِي بِمَسْأَلَتِي إِيَّاكَ جَمِيعَ خَيْرِ الدُّنْيا وَجَمِيعَ خَيْرِ الآخِرَةِ»؛ إنَّكُم تتصوّرونَ الخيرَ في الكثيرِ منَ الأمورِ، إلّا أنَّ اللهَ يمنعُها عنكُم، إنَّ بعضَ النعَمِ والثروةِ والمالِ والمنصبِ مضرٌّ بالشخصِ، والباري هوَ الذي يعلمُ ما يفيدُكُم، فاسألوا اللهَ تعالى أن يعطيَكُم الخيرَ الذي يعلمُهُ هوَ.
«وَاصْرِفْ عَنِّي بِمَسْأَلَتِي إِيَّاكَ جَمِيعَ شَرِّ الدُّنْيا وَشَرِّ الآخِرَةِ، فَإِنَّهُ غَيْرُ مَنْقُوصٍ ما أَعْطَيْتَ، وَزِدْنِي مِنْ فَضْلِكَ يا كَرِيمُ»، هنا يأخذُ (سلامُ اللهِ عليه) بلحيتِهِ، والدموعُ تجري من عينَيهِ، فيقولُ: «يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ، يا ذَا النَّعْماءِ وَالْجُودِ، يا ذَا الْمَنِّ وَالطَّوْلِ، حَرِّمْ شَيْبَتِي عَلَى النّارِ». لو أعطانا اللهُ جميعَ النعَمِ، فلا فائدةَ منها ما لم يُحرِّم أجسادَنا على النارِ.
إذا قرأتُم هذا الدعاءَ خمسَ مرّاتٍ يوميّاً، فستكونونَ أكثرَ قرباً منَ اللهِ تعالى.
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين
[1] السيّد ابن طاووس، الإقبال بالأعمال الحسنة، ج3، ص174.
[2] المصدر نفسه، ج3، ص211. وراجع: الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج2، ص584 – 585.
في ذكرى استشهاد الامام علي الهادي عليه السلام... صور من حياته الشريفة
في النصف من ذي الحجة سنة 213 للهجرة النبوية ، ولد الامام علي بن محمد الهادي المعروف بالامام الهادي عليه السلام فهو سليل امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام .
نشأ وترعرع في ظل ابيه وتحت رعايته الکريمة ، فابوه الامام محمد الجواد عليه السلام وارث علوم اهل البيت حامل معارف الرسالة وصد نص الامام الجواد (ع) وشخَص شخصية الامام من بعده في موارد کثيرة يؤکد فيها ان ( الامر من بعدي لولدي علي ) .
ان الامام الهادي عليه السلام احد ائمة اهل البيت عليهم السلام الذين ورثوا أبا عن جد عن رسول الله صلي الله عليه وآله الايمان والعلم والخلق والتقوي لذا ترك رسول الله (ص) فيهم وصيته الخالدة : ( إني تارك فيکم الثقلين کتاب الله وعترتي اهل بيتي ما إن تمسکتم بهما لن تضلوا بعدي ابدا و انهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض).
وقال صلى الله عليه وآله: ( نحن اهل بيت لايقاس بنا احد ) .
لقد کان الامام علي الهادي (عليه السلام) قدوة في الاخلاق والزهد والعبادة ، ومواجهة الظلم ورفض الظالمين ، ومنارا للعلم والالتزام ، لذا فقد وصفه العلماء ورجال السياسة واصحاب السير بما يستحق من صفات العلم والفضل والادب وقد قال ابو عبد الله الجنيد : ( والله لهو خير اهل الارض وافضل من برأة الله تعالي - في عصره - ). مآثر الکبراء / ج3.
ولوضوح شخصية الامام الهادي عليه السلام وجلاء عظمتها ، فان ذلك لم يستطع اخفاءه حتى اعداء الامام من اعوان السلطان ، فقد هجموا على الامام ليلا ، کما يحدثنا عن ذلك کتب التاريخ : ( فهاجموا داره فلم يجدوا فيه شيئا في بيت مغلق عليه وعليه مدرعة من صوف وهو جالس على الرمل والحصي وهو متوجه الى الله تعالي يتلو آيات من القران الكريم ) سبط ابن الجوزي - تذکرة الخواص .
وعلى هذا الحال حمل الى المتوکل العباسي وأدخل عليه وکان المتوکل في مجلس شراب ، وبيده کاس من الخمر فناول الامام الهادي عليه السلام فردَ الامام : ( والله ماخامر لحمي ولادمي قط ، فاعفني ) فأعفاه ، فقال له : انشدني شعرا فقال الامام علي (ع) ( انا قليل الرواية للشعر ) فقال : لابد ، فانشده :
باتوا على قلل الأجبال تحرسهم غلب الرجال فلم تنفعهم القلل
واستنزلوا بعد عز من معاقلهم وأسكنوا حفرا يا بئس ما نزلوا
ناداهم صارخ من بعد دفنهم أين الأساور والتيجان والحلل
أين الوجوه التي كانت منعمة من دونها تضرب الأستار والكلل
فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم تلك الوجوه عليها الدود تقتتل
قد طال ما أكلوا دهرا وقد شربوا وأصبحوا اليوم بعد الأكل قد أكلوا
فبکى المتوکل حتى بلَت لحيته دموعه وبکى الحاضرون ) . سبط ابن الجوزي / تذکرة الخواص وکتاب الائمة الاثنا عشر لابن طزولون .
إن الناظر المتأمل في هذه الوثائق التاريخية يستطيع ان يعرف مقام الامام الهادي عليه السلام وعبادته وورعه وتعلق الناس به واحترام الجميع له ، فهو على کل حال ملازم للعبادة ، حليف للقرآن معرض عن الدنيا يعرف ذلك منه خاصة الناس وعامتهم ويشهد به احباؤه وخصومه .
اما عن الاوضاع السياسة في زمانه ، فقد حفلت حياة الامام الهادي (عليه السلام) بالمعاناة السياسية إذ أنه عايش الحکام العباسيين وقاسى منهم العنت والمضايقات والضغوط وراى محنة العلويين ومآسي ابناء فاطمة الزهراء عليها السلام على يدهم .
عايش الامام الهادي (عليه السلام) في عصر إمامته بقية حکم المعتصم العباسي ، کما عايش من بعده الواثق خمس سنين وسبعة اشهر ، ومالك المتوکل اربع عشرة سنة وملك ابنه المنتصر ستة اشهر وملك المستعين سنتين وتسعة اشهر وملك المعتز ثماني سنين وسته اشهر وفي آخر ملکه استشهد الامام الهادي عليه السلام .
وقد حفلت هذه الفترة بالحوادث والصراع السياسي المرير بين العلويين والحکام العباسيين فاصاب الامام منها الاذى والاضطهاد .
و كان الحکام العباسيون يخافونه لانه کان سيَد اهل البيت وامام الامة وصاحب الکلمة النافذة .
فقد کان لائمة اهل البيت عليهم السلام موقع خاص في النفوس ولهم علاقة متميزة بابناء الامة ترجح على علاقة الامة بحکام بني العباس الذين اشاعوا الرعب والارهاب وسفکوا الدماء وتسببوا في الفساد وبالغوا في اللهو والبذخ الى جانب الفقر والجوع والاضطهاد للمحرومين .
وکان الامام عليه السلام ينمي حرکة الوعي السياسي والايماني ويستقطب الجماهير من حوله ويمارس دور التربية والتوجيه عن طريق نشر الوعي الاسلامي السليم والمعرفة الدينية الصحيحة والتعرف بمباديء الاسلام في الحکم والسياسة وسيرة الحاکم العادل واخلاقة .
لقد کان حکام بني العباس يخافون دور الامام الهادي عليه السلام موقعه وتاثيره لذا کانوا يحوطونه بالرقابة وعناصر التجسس وجمع المعلومات والحيلولة بينه وبين جماهير الامة وعلمائها ، ليتمکنوا من عزله وابعاده عن مجال التاثير الفکري السياسي .
ومن يدرس حياة الامام علي الهادي (ع) منذ استشهاد ابيه وتحمَله مهام الامامة، حتى استشهاده يجدها حياة مليئة بالتحديات والصبر والثبات العقائدي والسياسي فقد ابتلى بحکام حاقدين على آل أبي طالب وخصوصا ذرية علي وفاطمة ويسعون لاستئصال هذه الشجرة المبارکة .
ابتدأ الامام الهادي عليه السلام حياته السياسية أواخر عهد المعتصم العباسي الذي کان يعامل العلويين وکل من يعارض سياسته الظالمة بتعسف وقسوة .
وکان الفساد قد سيطر على البلاد وتسلط الغلمان الحواشي على الامور وکان المعتصم کأسلافه من بني العباس في تعامله وسلوکه وايغاله في اللهو واللعب والاستهانة بالنفوس والدماء ، حتى وصف المؤرخون المعتصم ( انه إذا غضب لايبالي من قتل ولامافعل ). الطبري/ تاريخ الرسل والملوك ج7.
ثم بنى المعتصم مدينة سامراء وجعلها عاصمة لخلافته ومقرا لجنده لذا سميت بالعسکر وسمي الامام الحسن العسکري عليه السلام بذلك لسنه بها فيما بعد .
وبعد موت المعتصم خلفه ولده الواثق سنة ( 227للهجرة ) ولم يکن الواثق في سياسته ورعايته بافضل من ابيه الا ان المؤرخين ذکروا ان الواثق کان اخف وطأة على آل ابي طالب فلم يحصل في عهده ان قتل احدا منهم وتنفس في عهده العلويون الصعداء إذ کان الواثق مشغولا باللهو الفساد .
خلال هذه الفترة کان الامام الهادي عليه السلام يقيم في المدينة مشغولا بالعلم والعبادة وهداية الناس وارشادهم وهو في سن الشباب فکان نجمه يعلو وشخصيته تترکز وقلوب الناس تهوي اليه .
ثم تولى المتوکل جعفر بن المعتصم الخلافة بعد موت الواثق سنة ( 232) وقد لقى على يدي المتوکل الطالبيون الاذى والاضطهاد ومن ابرز مظاهر العداء والصراع بين المتوکل واهل البيت عليهم السلام :
1- کراهيته للامام علي بن ابي طالب عليه السلام ومحاولة الحط من سمعته والاستهانة به .
2- هدمه لقبر سيد الشهداء الامام الحسين عليه السلام وتنکيله بزوار القبر الشريف .
3- فرض الحصار الاقتصادي على العلويين وقطع ارزاقهم ومنع الناس من مساعدتهم ليموتوا جوعا .
4- التضييق على الامام علي الهادي عليه السلام وجلبه من المدينة المنورة ووضعه تحت الرقابة وفرض الحصار السياسي عليه .
5- محاولة ايجاد بديل هزيل لزعامة اهل البيت عليهم السلام وترشيح موسي اخ الامام الهادي (عليه السلام) لهذه المهمة وفشل هذه المحاولة .
6- قتل الثوار العلويين والتنکيل بهم بعد ان ضج العلويون من ظلمه وسياسته فلجأوا الى الجهاد .
ولم يکن الامام الهادي عليه السلام ليغفل عن هذه المحن وذلك الظلم العسف الذي مارسه المتوکل العباسي لذا کان يقوي علاقته بابناء الامة وينشر مباديء الاسلام ويربي جيلا من العلماء والرواة على اسس متينة من العلم والتقوى والثبات على الحق ومقاومة الظالمين .
حين اصبح موقع الامام الهادي عليه السلام في المدينة المنورة خطرا يهدد کيان المتوکل وقوة ترهبه وترهب العناصر المسيطرة على الدولة والمال والسلطة کثرت التقارير والوشايات ومحاولات الايقاع بالامام .
وحاول خصوم الامام ان يقنعوا المتوکل بان الامام الهادي عليه السلام يعد ويهيء للثورة وهو يجمع المال والسلاح والانصار ، لذا عمد المتوکل الى استدعاء الامام وجلبه من المدينة المنورة الى مدينة العسکر (سامراء ) ليکون تحت الرقابة والمتابعة اليومية وذلك سنة ( 243) .
وفي سامراء بدات اعمال الضغوط السياسية والرقابة المشددة من قبل المتوکل العباسي وارکان سلطته ضد الامام الهادي (عليه السلام) واتباعه فمرة يحاولون النيل من شخصيته واخرى سجنه واغتياله وثالثة بتفتيش بيته ويجلب ليلا الى المتوکل بتهمة الاعداد للثورة والمواجهة واخرى يسعون لايجاد زعيم بديل عنه ، وکل تلك المحاولات باءت بالفشل الذريع إذ کانت عنايه الله تعالى ترعى الامام وتدفع عنه وکانت شخصيته تعلو ومقامه يفرض على المتوکل رغم صلفه وکراهيته لآل علي بن أبي طالب عليه السلام کما کان الامام يفرض وجوده على القصر وحواشيه .
واستمرت محنة الامام الهادي عليه السلام مع المتوکل العباسي وصراعه المرير معه حتى مات المتوکل مقتولا فقد لقى مصرعه وهو سکران ثمل في قصر خلافته ، اشترك ابنه المنتصر في القضاء عليه ، ثم تمت البيعة للمتنصر وبموت المتوکل شعر العلويون بتخفيف وطأة الارهاب والمطارة لهم إذ ان المنتصر کان لينا معهم واعاد لهم بعض حقوقهم المسلوبة .
ثم مات المنتصر سنة (248) وجاء بعده المتسعين وفي زمنه اشتدت الفتن وتعاظم تذمر الناس فهجموا على سجون بغداد وسامراء واخرجوا السجناء منها .
انتهى المستعين مقتولا کالمتوکل وحمل راسه الى المعتز ( الخليفة من بعده ) الذي کان يلعب الشطرنج فقال : ضعوه حتى افرغ من الدست ، فلما فرغ نظر اليه وأمر بدفنه . ولم يکن المعتز بافضل من اسلافه کما ان الاوضاع کانت اسوأ من السابق .
اما الحديث عن الثورات العلوية نستطيع ان نقول ،إن جملة الظروف والاوضاع السياسية وسلوك السلطة الحاکمة کانت تساعد على قيام حرکات المعارضة وتدعو الى المواجهة المسلحة وقد قاد العلويون عدة انتفاضات وثورات في عهد الامام علي الهادي عليه السلام ايام المتوکل العباسي .
وکانت معظم هذه الثورات تدعو الى الرضى من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم وکان المعني بهذا الشعار هم ائمة اهل البيت عليهم السلام وامامهم في تلك الفترة علي الهادي عليه السلام .
وکانت هذه الحوادث کلها ايام المستعين حتى قتل المستعين فتولى الخلافة المعتز .
في خلافة المعتز لم تکن الاوضاع السياسية والامنية في سامراء وبغداد وبقية اقطار الخلافة فيها ، الا أسوأ من الاوضاع التي سبقتها .
خلال هذه الفترات کان الامام علي الهادي عليه السلام يرقب الحوادث ، ويسعى لکف العدوان العباسي ويبذل جهده في مجال العلم والمعرفة والدفاع عن مباديء الشريعة وقيمها وتربية الامة على اساسها وتوعية الناس على مفاهم الدين الصحيحة لاالصورة المشوهة التي کان يعرضها الخلفاء العباسيون ويتصرفون بالدين وفقا لاهوائهم وشهواتهم ونزعاتهم الشريرة في الحکم .
واصل الامام الهادي عليه السلام تيار اهل البيت عليهم السلام العلمي في کل مجال وعلم من علوم الشريعة ومعارفها امتدادا لجهود الائمة من قبله في احياء معالم الدين وتنزيهها من التحريف والتزيف الذي الحقه بها الحکام الظالمون والعلماء المنحرفون واصحاب البدع والافکار الضالة .
کانت جهود اهل البيت عليهم السلام تترکز لحفظ الشريعة نقية خالصة کما جاء بها سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم ولذا اتجهت الکثير من احاديثهم وما کتبه تلامدتهم في بيان عقيدة التوحيد ونفي التجسيم والتشبيه وغيرها من الظنون والاوهام عنها ، وفي بيان آيات القرآن الکريم وتوضيح شؤون الاحکام الاسلامية في مختلف شؤون الحياة .
وقد کان الامام الهادي عليه السلام مرجع اهل العلم والفقه والشريعة في عصره فقد ذکر الشيخ الطوسي في کتابه الرجالي ، مائه وخمسة وثمانين تلميذا وراويا اخذوا و رووا عن الامام الهادي عليه السلام .
کانت حياة الامام علي الهادي عليه السلام حياة علم وعمل ودعوة الى کتاب الله وسنَة رسوله صلى الله عليه واله وسلم الى جانب کونها حياة کفاح وصراع سياسي من اجل الحق والعدل ونصرة المظلوم .
لقد لاقى من حکام عصره الملاحقة والارهاب والتضييق واخرج من مدينة جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واجبر على الاقامة في سامراء ليکون تحت الرقابة المباشرة وليعزل عن قيادة تحرك الامة المتجهة نحو اهل البيت عليهم السلام وهناك في سامراء قضى شطرا کبيرا من حياته حتى استشهد فيها في رجب سنة ( 254 للهجرة) في ظروف غامضة وکان عمره الشريف يوم استشهاده احدى واربعين سنة .
وقال ابن شهر آشوب : ( وفي آخر ملك المعتمد استشهد مسموما وقال ابن بابويه : وسمه المعتمد ) کتاب مناقب آل ابي طالب /ج4 ابن آشوب .
سلام الله عليك أيها الامام المظلوم يا ابن رسول الله يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا، ورزقنا الله توفيق السير على نهجك في الدنيا وشفاعتك في الآخرة... اللهم آمين.
حقوق الإنسان في القرآن الكريم
في ذكرى مولده المبارك... شذرات من وصايا الإمام الباقر (ع) لأصحابه
ومن نفائس ما تركه الأئمة (عليهم السلام) للمسلمين هو وصاياهم الكثيرة، الحافلة بالتوجيه والأخلاق والحكم والمعارف والآداب، فلم يعرف التاريخ الإسلامي مثل هذه الوصايا لمن سبقهم أو تأخر عنهم من العلماء والحكماء، وما ذلك إلّا لحرصهم على توجيه المجتمع، وإصلاح الأمة، وبث الأخلاق بين الناس؛ ولمناسبة ذكرى ولادة الإمام الباقر (عليه السلام) نورِدُ بعض وصاياه (ع):
وصيته لجابر بن يزيد الجعفي:
* يا جابر: أنزل نفسك من الدنيا كمثل منزل نزلته ساعة ثمّ ارتحلتَ عنه، أو كمثل مال استفدته في منامك ففرحت به وسررت ثمّ انتبهت من رقدتك وليس في يدك شيء، وإنّي إنّما ضربتُ لك مثلاً لتعقل وتعمل به إن وفّقك الله له، فاحفظ يا جابر ما أستودعُك من دين الله وحكمته.
*عن جابر، قال: دخلنا على أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السلام (في مكة) ونحن جماعة بعدما قضينا نسكنا، فودّعناه وقلنا له: أوصنا يا ابن رسول الله (ص)، فقال: ( ليُعن قويُّكم ضعيفَكم، وليعطف غنيّكم على فقيركم، ولينصح الرجل أخاه كنصيحته لنفسه، واكتموا أسرارنا ولا تحملوا الناس على أعناقنا (.
* يا جابر: الدنيا عند ذوي الألباب كفيء الظلال).
وصيته لحمران بن أعين:
* عن حمران بن أعين قال: دخلتُ على أبي جعفر عليه السلام فقلت له: أوصني، فقال: (أوصيك بتقوى الله، وإيّاك والمزاح فإنّه يذهب هيبة الرجل وماء وجهه، وعليك بالدعاء لإخوانك بظهر الغيب فإنّه يُهيل الرزق). يقولها ثلاثاً.
وصيته لخيثمة:
* عن خيثمة قال: دخلت على أبي جعفر عليه السلام أودّعه فقال: ( يا خيثمة أبلغ من ترى من موالينا السلام، وأوصهم أن يشهد حيُّهم جنازة ميّتهم وأن يتلاقَوا في بيوتهم، فإنّ لُقيا بعضهم بعضاً حياة لأمرنا، رحم الله عبداً أحيا أمرنا).
وصيته لأبي الجارود
* عن أبي الجارود، قال: قلت له عليه السلام: أوصني، فقال: ( أوصيك بتقوى الله، وأن تلزم بيتك، وتقعد في دهماء هؤلاء الناس).
وصيته لأبي النعمان العجلي:
* عن أبي النعمان العجلي قال: قال أبو جعفر محمّد بن عليّ عليهما السلام: (يا أبا النعمان، لا تكذب علينا كذبة فتُسلب الحنيفية. يا أبا النعمان، لا تستأكل بنا الناس فلا يزيدك الله بذلك إلّا فقراً. يا أبا النعمان، لا ترأس فتكون ذنباً. يا أبا النعمان، إنّك موقوف ومسؤول لا محالة، فإن صدقت صدقناك وإن كذبت كذبناك. يا أبا النعمان، لا يغرّك الناس عن نفسك فإنّ الأمر يصل إليك دونهم، ولا تقطعن نهارك بكذا وكذا، فإنّ معك من يحفظ عليك، وأحسن، فلم أرَ شيئاً أسرع دركاً ولا أشدّ طلباً من حسنة لذنب قديم.(
)* وإنّ أحسن الناس فعلاً من فارق أهل الدنيا من والد وولد، ووالى ووازر وناصح وكافأ إخوانه في الله وإن كان حبشياً أو زنجياً.(
وصيته لعمرو بن خالد
ومن أبلغ ما وصى به الامام محمد الباقر (عليه السلام) ما نقله (عمرو بن خالد)، عن أبي جعفر (ع) انه قال: (يا معشر الشيعة، شيعة آل محمد، كونوا النُّمْرَقة الوسطى يرجع إليكم الغالي ويلحق بكم التالي. فقال له رجل من الأنصار يقال له سعد: جُعلت فداك ما الغالي؟ قال: قوم يقولون فينا ما لا نقوله في أنفسنا، فليس أولئك منّا ولسنا منهم، قال: فما التالي؟ قال: المرتاد، يريد الخير، يبلّغه الخير يؤجر عليه، ثمّ أقبل علينا فقال: والله ما معنا من الله براءة، ولا بيننا وبين الله قرابة، ولا لنا على الله حجّة، ولا نتقرّب إلى الله إلّا بالطاعة، فمن كان منكم مطيعاً لله تنفعه ولايتنا، ومن كان منكم عاصياً لله لم تنفعه ولايتنا، ويحكم لا تغترّوا، ويحكم لا تغترّوا
قائد الثورة يستقبل عائلة الشهيد أبي مهدي المهندس
استقبل قائد الثورة الإسلامية آية الله السيد علي الخامنئي، يوم الأحد الماضي عائلة الشهيد أبي مهدي المهندس، بمناسبة الذكرى الخامسة لاستشهاد الشهيدين قاسم سليماني وأبي مهدي المهندس اللذين ارتقيا شهيدين على يد أميركا في مطار بغداد الدولي في الثالث من كانون الثاني عام 2020.
وفي اللقاء وجهت أبنة الشهيد أبي مهدي المهندس، سؤالا لقائد الثورة حول دور الشباب اليوم في ظل ما يجري في المنطقة والظروف التي تمر بها.
يذكر أن الاجابة على السؤال سيتم نشرها لاحقا مع تصريحات قائد الثورة خلال هذه اللقاء.
المصدر: العالم
العامري: الشهيد سليماني كان له دور محوري بمواجهة التحديات في العراق وسوريا
أكد الأمين العام لمنظمة بدر في العراق، هادي العامري، أن الشهيد القائد قاسم سليماني كان له دور محوري في مواجهة التحديات في العراق وسوريا، مشيراً إلى أن المقاومة استطاعت الصمود أمام الكيان الاسرائيلي لأكثر من سنة وثلاثة أشهر رغم الصمت العالمي.
وأوضح العامري خلال كلمته في الذكرى السنوية الخامسة لاستشهاد قادة النصر، أن القادة الشهداء، وعلى رأسهم سليماني، تميزوا بالإخلاص والهمة العالية في كل ما قاموا به، واصفاً السيد حسن نصر الله بأنه "شهيد غزة"، ومؤكداً أن الدفاع عن مظلومية غزة يمثل موقفاً شرعياً لا يتأثر بالتنازلات.
وأضاف : "لن نسمح بتقسيم سوريا كما يسعى الكيان الصهيوني، وعراق اليوم ليس عراق 2014".
وشدد على أن المعركة الحالية هي "معركة الأحزاب"، داعياً المؤمنين للثبات بتسديد من الله.
واختتم العامري بالقول:"نحن لا نخشى من سوريا بل نخشى عليها"، مشيداً بجهود المقاومة في مواجهة المخططات الإسرائيلية وسعيها للحفاظ على وحدة المنطقة.
المصدر: العالم
"الإخوان المسلمون" و "طوفان الأقصى"
حركة "الاخوان المسلمين" رغم انها مصرية المنشأ الا ان انتشرت تعاليمها خارج مصر، وهناك احزاب تحمل نفس التعاليم الا انها تحمل مسميات مختلفة، وخاصة في الاردن وسوريا وفلسطين وتركيا بالاضافة الى مصر. و رغم الجذور المشتركة لجميع هذه الاحزاب "الاخوانية" من حيث النشأة والاتجاه، إلا أن مواقفها من معركة "طوفان الاقصى" جاءت متباينة بعض الشيء، وسنتناول في هذا التقرير هذا التباين واسبابه، وقبل ذلك نمر مرورا سريعا على نشأة الحركة "الأم" في مصر لتكون الصورة اكثر وضوحا.
التأسيس
حركة "الاخوان المسلمين" أسسها الشيخ حسن البنا في مصر في 22 اذار/ مارس 1928م عقب تخرجه من دار العلوم. انتشرت تعاليم البنا إلى ما هو أبعد من مصر، حيث أثرت اليوم على مجموعة متنوعة من الحركات الإسلامية من المنظمات الخيرية والدعوية إلى الأحزاب السياسية، وليس جميعها تستخدم نفس الاسم. بدأت كحركة دينية واجتماعية، دعت إلى الإسلام في مصر، وعلمت الأميين، وأنشأت المساجد والمدارس الإسلامية والمستشفيات والشركات التجارية. تقدمت لاحقا إلى الساحة السياسية لإنهاء السيطرة الاستعمارية البريطانية على مصر. الهدف المعلن للجماعة حسب موقعها الرسمي هو إقامة دولة مدنية ديمقراطية ذات مرجعية إسلامية وتحكم بالشريعة الإسلامية. الجماعة ممتدة إلى دول إسلامية أخرى، وتوجد في مصر واحدة من أقدم تنظيماتها، على الرغم من سلسلة الحظر وحملات القمع الحكومية التي بدأت في عام 1948م حتى اليوم، مع اتهامات بالتخطيط لاغتيالات ومؤامرات لقلب نظام الحكم. كما تلقت الجماعة دعما من المملكة العربية السعودية التي تشاركت معها أعداء مشتركين مثل الشيوعية والقومية العربية. ظلت مجموعة هامشية في السياسة في العالم العربي حتى نكسة حزيران 1967، وظهرت كخيار بديل للقومية العربية العلمانية الشعبية.
الإخوان المسلمون والحرب على غزة
تبنى التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، ومعظم فروعه في الدول العربية، موقفا مؤيدا من معركة "طوفان الاقصى" ، ومساندا لها في مراحل الحرب الجارية، وتتعدد دوافع ذلك التأييد والانخراط، كاعتبارات كون حركة حماس أحد فروع الجماعة، وبحكم الدفعة التي منحتها حماس للجماعة بعد سنوات عديدة من الإخفاقات السياسية والأزمات الداخلية التي مرت بها. وقد أعلن التنظيم الدولي للإخوان المسلمين تماهيه مع حماس، رغم حالة الانقسام بين جناحي انقرة، التي يحكمها الاخوان المسلمون تحت قيادة حزب العدالة والتنمية، ولندن التي يقيم فيها العديد من القيادات الاخوانية المصرية بعد خروجهم من مصر، وبعد مرحلة من التمايز ما بين الجماعة وحركة حماس، خاصة تجاه الموقف من سوريا وحزب الله وإيران. الامر الذي سنتناول اسبابه في اخر التقرير.
إخوان مصر
في ظل نظام الاخوان في مصر، نظم "ائتلاف القوى الإسلامية والهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح" في مصر في الخامس عشر من شهر حزيران عام 2013 مؤتمرا بعنوان "مؤتمر الأمة المصرية في دعم الثورة السورية"في الصالة المغطاة في استاد القاهرة الدولي، شارك فيه آلاف الحضور، ودعا فيه بعض الشيوخ الذين ألقوا كلمات إلى "الجهاد" في سورية، وليس في فلسطين.
وألقى الرئيس المصري السابق محمد مرسي كلمة في المؤتمر قال فيها إن مصر "قررت اليوم قطع العلاقات تماماً مع النظام الحالي في سوريا، وإغلاق سفارة النظام الحالي في مصر، وسحب القائم بالأعمال المصري" في دمشق، ورفع علم الثورة السورية في المؤتمر. ودعا لإنشاء منطقة حظر جوي في سورية، ووعد بالعمل على عقد مؤتمر قمة عاجل..لاتخاذ قرارات لصالح الشعب السوري.
مستشار الرئيس المصري صرح قبل يوم من خطابه: من يتوجه إلى سورية للجهاد لن نمنعه، وعندما يعود لن يخضع للمساءلة. بعد ان بنى اخوان مصر آمالا عراضا على إسقاط النظام في سورية.
كما شن مرسي هجوما عنيفا على حزب الله الذي يشارك في القتال في سوريا الى جانب قوات الرئيس السوري بشار الاسد، مؤكدا انه "لا مكان لحزب الله في سوريا". واكد انه "لا مجال ولا مكان" للنظام السوري الحالي في سوريا مستقبلا، معتبرا ان هذا النظام ارتكب "جرائم ضد الانسانية".
واكد ان مصر ترفض "التدخل في الشؤون الداخلية للدول" سواء أكان هذا التدخل من قبل "دول او ميليشيات"، قبل ان يضيف "اننا نقف ضد حزب الله".
امام هذا الموقف المتشدد ازاء سوريا، جاء موقف مرسي من الكيان الاسرائيلي، متناقضا بالكامل، وذلك عندما ارسل رسالة، حملها السفير المصري الجديد حينذاك عاطف محمد سالم سيد الأهل ، إلى رئيس الكيان الاسرائيلي شمعون بيريز، حيث وصف فيها بيريز بعبارة "عزيزي وصديقي العظيم"!!.
اللافت ان السفير سيد الاهل ولدى تقديم أوراق اعتماده لبيريز قال إنه جاء برسالة سلام، وليؤكد أن مصر تعمل من أجل تعزيز الثقة والشفافية وملتزمة بكل الاتفاقات التي وقعتها مع "إسرائيل". واضاف "إنه شرف كبير لي أن أكون هنا ويجب إعداد مستقبل من السلام للجيل الشاب، ونحن في قارب واحد يتجه نحو مستقبل آمن".
إخوان الاردن
أصدر مجلس شورى الجماعة بيانا في 24 أكتوبر عبّر فيه عن "استيائه الشديد من الموقف العربي الرسمي، وضعفه الشديد"، و "ضرورة أن يرتقي الموقف الأردني، بخطوات ضرورية عاجلة، لحشد الموقف العربي، لوقف فوري للعدوان على المدنيين"، كما أصدر المكتب الإعلامي للجماعة بياناً في 25 أكتوبر دعا فيه الحكومة الأردنية لاستخدام كل ما لديها من أوراق ضغط، وهي بالنسبة للجماعة تتمثل في قطع العلاقات مع الكيان الصهيوني، وطرد سفيرها من عمان، وإلغاء اتفاقية وادي عربة، وكافة الاتفاقيات الاقتصادية المتعلقة بملفات الغاز والماء الكهرباء. في نفس السياق وظّفت الجماعة قناتها الفضائية "اليرموك" لتغطية الحرب في غزة ضمن خطها المنسجم مع خطاب حماس. هذا النشاط الاخواني الاعلامي حصرا، غاب بالكامل عن مشهد اسناد حزب الله لغزة، وتجاهل بالكامل تضحيات الحزب وموقفه الاسلامي الاصيل من نصرة اهل غزة، فلم يسجل للاخوان المسلمين في الاردن موقفا مؤيدا او حتى ترحيبا لما قام به حزب الله من دعم لحماس منذ 8 أكتوبر، بل على العكس تماما لطالما سمعنا تصريحات ومواقف تتهجم على ايران وحزب الله وموقفهم من الازمة السورية.
وخلافا لما هو متوقع، قالت مصادر داخل الإخوان المسلمين إن الجماعة تراجعت عن نشر بيان نعت فيه شهيد الامة السيد حسن نصرالله وسحبته من وسائل التواصل الاجتماعي بعد ساعات.
اللافت ان التيارات اليسارية والقومية في الاردن هي التي رفعت صور الشهيد السيد حسن نصرالله في تظاهرات قبالة السفارة الإسرائيلية في عمان، وأقامت للشهيد نصرالله بيت عزاء داخل مقر حزب الوحدة الشعبية الذي يمثل هذه التيارات.
إخوان تركيا
يرى اغلب المراقبين ان تركيا تحت قيادة الاخوان، انتظرت 20 يوما دون ان تنبس ببنت شفه، بينما الغضب يلف الشعب التركي بسبب القصف الجوي الإسرائيلي العشوائي لغزة، ليعلن "ليس لدينا مشكلة مع إسرائيل، ولكننا لم ولن نوافق أبدا على الطريقة التي تتصرف بها كمنظمة وليس كدولة". ومع تصاعد الهجمة الوحشية الاسرائيلية على غزة، ظل الدور التركي محصورا بالتنديد فقط، رغم ان المحكمة الجنائية الدولية اصدرت مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو ووزير حربه يواف غالانت، بينما بقيت العلاقات بين تركيا والكيان الاسرائيلي في مختلف المجالات على حالها ولم تتأثر ازاء ما يجري في غزة.
الاخوان المسلمون وانصارهم في تركيا كانوا يتوقعون من رئيسهم رجب طيب اردوغان، الذي رسم صورة له في قمة دافوس للمنتدى الاقتصادي العالمي، في 29 كانون الثاني (يناير) 2009، كنصير للقضية االفلسطينية، عندما قاطع خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي شيمون بيريز قبل أن يغادر المنصة. وحينها تحول الى أيقونة التأييد للفلسطينيين، ليس فقط في العالم العربي والإسلامي فحسب، بل أيضاً في تركيا، حيث استقبل استقبال الأبطال.
مع امتداد الاضطرابات إلى سوريا المجاورة، أكثر الدول العربية دعما للقضية الفلسطينية، فوجئ كثيرون بموقف أردوغان الداعي إلى "تغيير النظام"، خصوصاً في ظل العلاقات القوية التي كانت تربط دمشق بأنقرة واعتماد الحكومة التركية سياسة «صفر مشكلات» مع جيرانها.
في نهاية المطاف، وصلت رومانسية العرب بأردوغان إلى نهاية صادمة عندما وجه اتهاماً طائفيا مذهلا، واصفا حكم الرئيس السوري بشار الأسد بأنه "ديكتاتور نصيري" (وهو مصطلح مهين لأتباع الطائفة العلوية التي تنتمي إليها عائلة الأسد) مدينا ما وصفه بإضطهاد الأغلبية السنية من السكان.
شهد حجم التجارة التركية – "الإسرائيلية" على مدى العقدين الماضيين زيادة مذهلة بنسبة 532%، ليصل إلى 8.91 مليار دولار عام 2022. في اللقاء الأول منذ تحسن العلاقات بين اردوغان ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، على هامش انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، جرى البحث في إمكان استخدام "إسرائيل" لتركيا كمركز لعبور الطاقة إلى أوروبا.
بعد عملية "طوفان الأقصى" اصدرت وزارة الخارجية التركية في 7 تشرين الأول (أكتوبر)، بيانا حثت فيه على ضبط النفس وأدانت بشدة الخسائر في أرواح المدنيين!، وشددت على أن أعمال العنف ستكون ضارة، داعية إلى تجنب الأعمال المتهورة ووضع حد لاستخدام القوة وإلى العودة إلى حل الدولتين.
كذلك أبدت تركيا استعدادها للمساهمة في جهود الوساطة. وكانت هذه النغمة المدروسة غير عادية بالنظر إلى خطاب أردوغان الحازم عادة. إذ كان الرئيس التركي حينها يستعد لاستضافة نتنياهو ويخطط لزيارة إلى القدس للصلاة في المسجد الأقصى.
وبطبيعة الحال، تثير أنقرة هذه القضية على كل المستويات. ويجري أردوغان مكالمات هاتفية دبلوماسية بينما طرح وزير الخارجية حقان فيدان اقتراحا من شأنه أن يجعل تركيا، بطريقة أو بأخرى، في موقع "الضامن" لحماس.
لكن، رغم كل هذه اللفتات، بقيت لهجة أنقرة ساكنة إلى حد ما؛ وكل ما أمكنها فعله كان إعلان الحداد لمدة ثلاثة أيام. ولعل كلام فيدان يلخص الموقف، إذ قال: "أتمنى الصبر لسكان غزة. أريدهم أن يعرفوا أننا نبذل كل ما في وسعنا. إن شاء الله، ستمر هذه الأيام. وستواصل تركيا الوقوف إلى جانبهم. نحن نرى هذا الألم والحزن بمثابة ألمنا وحزننا. وهم ليسوا وحدهم".
وعلى عكس المرات السابقة، لا تبدو تركيا وارودغان منخرطين في النقاش الحالي. ويرمز تغييب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أنقرة عن دبلوماسيته المكوكية الأخيرة في المنطقة إلى هذا التحول.
يرى الخبراء ان تورط أردوغان في سوريا، أدى إلى تراجع موقف تركيا الداعم تاريخياً لكل من فتح وحماس في النضال الفلسطيني. أردوغان، الذي كان معروفاً بمعارضته الصريحة لـ"إسرائيل"، أصبح الآن في وضع "وسيط السلام". وهناك العديد من العوامل الجيوسياسية والسياسية والاقتصادية تكمن وراء هذا التحول.
النتيجة
بات واضحا، انه ليس هناك تباين صارخ في مواقف جماعة الاخوان المسلمين في مصر والاردن وتركيا وسوريا، ازاء ما جرى ويجري في غزة، بل وحتى المنطقة، والسبب يعود في ذلك ان "جماعات" الاخوان المسلمين المعاصرة اليوم، تتمايز عن "جماعات " الاخوان المسلمين سابقا، وهذا التمايز يكمن وللاسف في تسلل البعد الطائفي الى الخطاب الاسلامي والسياسي للجماعات، وهو تسلل اضعف البعد الاسلامي والعالمي والانساني للجماعات، التي كانت تزعم انها جامعة لكل مكونات المجتمعات الاسلامية، وهو زعم كان سببا في انتشار افكار الجماعة عالميا. ولهذا السبب بالذات لم نتناول موقف الاخوان المسلمين في سوريا ازاء ما يجري في غزة، فهو موقف يمكن وصفه بالغائب، لنفس السبب السابق, فمن الصعب جدا على الانسان، ناهيك عن الانسان المسلم، ان يعجز عن الترحم على ارفع قامة في التاريخ الاسلامي المعاصر، كشهيد الامة الاسلامية الاسمى السيد حسن نصرالله، ضحى بنفسه وبولده وبرجاله وقدم اضخم التضحيات، من اجل القضية الفلسطينية والقدس وغزة، و"حماس الاخوانية"، بسبب الطائفية المقيتة التي تكتمت على انفاسه. بل الادهى من ذلك نسمع ان هناك من يطالب ويدعو الى عدم الترحم عليه، انطلاقا من فيروس الطائفية الذي ينخر عقله ووجدانه. والامرّ من كل هذا وذاك رأينا ان هناك من يجد الف عذر للكيان الصهيوني المجرم الذي لا يخفي اطماعة بالاراضي العربية وخاصة الاردنية واللبنانية والمصرية والسعودية، بينما يعجز عن كتمان حقده الطائفي البغيض على ايران، التي تتعرض منذ اكثر من اربعة عقود لاقسى العقوبات والصغوط السياسية والااقتصادية والامنية والنفسية و..، من اجل القدس، التي ترفع الجماعات الاخوانية راية الدفاع عنها، ومن حقنا ان نسأل كيف يجتمع حب القدس وبغض ايران في قلب واحد؟!، فاذا كان دفاع ايران عن القدس على مدى اكثر من اربعة عقود والتضحيات التي قدمتها في هذا المجال، واذا كان استشهاد قمة شامخة كالسيد حسن نصرالله، لم يخففا من غلواء الطائفية في قلوب البعض، الذي يبغض حتى حماس التي تنتمي الى الاخوان، لانها مدعومة من ايران وحزب الله، فلا نعتقد ان هناك شيئا اخر في العالم يمكن ان يقضي على هذا الفيروس. وما يجري اليوم في سوريا، التي تستبيحها "اسرائيل" وكانها ارض بلا شعب، وسط تهليل وتصفيق من يدعون العروبة والاسلام ، اللذان فقدا معانيهما بالكامل في ظل فيروس الطائفية، الذي تم تصنيعه في مختبرات امريكا والغرب و"اسرائيل"، ودسه في عقول المسلمين لنخرهم وجعلهم اعجاز نخل خاوية.
العالم