
emamian
الحج في القرآن
عبدالله جوادي آملي
لماذا سميت مكة ببكة؟
قال تعالى: (لَلَّذِي بِبَكَّةَ) وقد قيل: إنّ المقصود بـ"بكة" هو مكة، إذ تبديل الميم إلى الباء يحدث أحياناً نظير "لازب ولازم". بيدَ أنّ تعليل ذلك لا يكون بالتبديل، وانما: "لأنّ الناس يَبُكُّ بعضهم بعضاً" أثر الازدحام والكثرة عند اجتماع الناس فيها.
و"بك" تأتي بمعنى التحطيم، فهي بكة لأنها تبك أعناق الجبابرة والبغاة إذا بغوا فيها، فتدفعهم.
معنى مباركاً:
يقول تعالى في وصف بيته الذي بمكة: (مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ) (آل عمران/ 96). والمعنى انّ البيت منشأ الوفير من البركات، وهو وسيلة هداية للناس. وتطلق "البرك" على المال والشيء الثابت، فما له ثبات ودوام فهو مبارك.
من هنا اطلق على تجمعات الماء في الصحراء انها "بِركة" لما تتسم به من ثبات، ولأنها تحفظ الماء من الهدر فيدوم.
وبتعبير الشيخ الطوسي فانّ الصدر يسمى "برك"؛ لأنّه المكان الذي تحفظ فيه العلوم والأسرار والأفكار وتثبت. وكذا يقال "بَرَك" لوَبَر البعير من جهة صدره.
وذات الله مباركة لجهة ثبات خيرها ودوامها.
أما بالنسبة للبيت فلانه ينعم بالخير والثبات أكثر من الأماكن الأخرى فهو يكون "مباركاً"؛ أي وفير الخيرات دائمها. أما كون الكعبة وسيلة هداية للناس كافة، فمرد ذلك إلى أنّ جميع العباد والسالكين يقصدونها؛ ومنها صدعت دعوة الحقّ إلى البشرية جمعاء؛ إذ مِنها انطلق نداء نبينا (ص): "لا إله إلّا الله" إلى أرجاء الدنيا.
فهي إذاً محضن الحقّ، تتوفّر على وسائل كثيرة أخرى لهداية الناس. وفي مكة آيات لله لا تحصى. (فيه آيات بينات).
مقام إبراهيم:
يقول تعالى: (مقام إبراهيم) لقد ذهب البعض للقول: انّ إبراهيم (ع) كما "كان أمة واحدة" فإنّ مقامه أيضاً بمنزلة "آيات بينات"؛ أي انّ المقام في آثار أقدام الخليل (ع) وفير بالمعجزات، حتى أضحى المقام بمنزلة "أمة واحدة" في باب الإعجاز، كما هو شأن الخليل نفسه.
والسؤال: كيف أضحى "مقام إبراهيم" آيات بينات بصيغة الجمع، في حين انّ السياق يقتضي التعبير بالمفرد، فيقال: آية بينة؟
ثمة في الجواب عدّة احتمالات، نشير للأول منها من خلال ما يلي:
أوّلاً: لقد تحوَّل الصخر الصلد إلى عجين لين، وذلك في حدِّ ذاته آية ومعجزة.
ثانياً: ثمة مكان محدَّد من الصخرة هو الذي لانَ دون البقية.
ثالثاً: انّ لين الصخرة حصل لعمق وبشكل معيّن ثمّ عادت الصخرة – فيما عدا ذاك – لصلادتها.
رابعاً: لقد بذل الأعداء جهوداً محمومة لمحو هذا الأثر، بيدَ أنّه بقي يتطاول على الزمان محفوظاً من عبث الطغاة.
خامساً: ثمة قوى مولعة بخطف ما يقع بيديها من آثار قديمة في بلاد المسلمين تتسم بطابع فني، أو تحمل خصائص مقدَّسة، ومع ذلك بقي هذا الأثر دون أن تفلح هذه القوى بنقله إلى خارج العالم الإسلامي.
كيف تشكّل الأثر في مقام إبراهيم؟
هل تشكّل الأثر في مقام إبراهيم حين وقف (ع) على المكان – الصخرة – أثناء بناء الكعبة؟ أو انّ الآية حصلت حين عادَ إبراهيم للمرة الثانية فطلبت منه زوجة ولده إسماعيل أن ينزل لتغسل له (رأسه أو رجله) إلّا انّه لم ينزل وانما وضعَ قدمه على الصخرة فتركت هذا الأثر؟ أو الأثر انطبع على الصخر حين اعتلاه الخليل ليؤذّن في الحج امتثالاً لأمر الله تعالى: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا...) (الحج/ 27).
يمكن أن يكون الأثر قد حصل في جميع هذه الحالات، أو في إحداها.
فجميع هذه الوجوه محتمل الوقوع. بيد انّ ما يهمنا التأكيد عليه هو أنّ الخليل (ع) وضع قدميه على الصخرة فانطبعت آثارهما، وبقيت الآثار حتى اللحظة. أما في أي حالة من الحالات آنفة الذكر تمّ ذلك، فالأمر مُناط للروايات الخاصة التي تتكفل إضاءة المسألة وبيانها.
إنّ هذه الخصيصة التي حصلت لإبراهيم (ع) كانَ لها ما يناظرها في سيرة داود (ع)، حيث يحدثنا (سبحانه) في سورة سبأ، بقوله تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ) (سبأ/ 10). ليس هذا وحده، وانما عُلِّمَ داود صناعة الدروع، حيث يقول تعالى: (وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ) (الأنبياء/ 80)، لقد كان الحديد البارد الصلد يلين بين يدي داود (ع).
وما ينبغي الانتباه انّ القرآن استعمل (ألنّا) في مسألة الحديد، في حين استعمل (علّمناه) في صناعة الدروع. والسر انّ صناعة الدروع هي جزء من العلوم الحرفية الصناعية التي يمكن تعلّمها واكتساب المهارة فيها، وبالتالي يمكن انتقالها إلى الآخرين. أما إلانة الحديد فهي ليست مسألة مهنية تدخل في إطار العلم والتعلّم، وبالتالي لا يمكن أن تنتقل إلى الآخرين، ولذلك لم يعبّر عنها بـ"وعلّمناه إلانة الحديد".
قد يقال: إنّ من الممكن إلانة الحديد عبر تذويبه في صهاريج الفولاذ، إلّا أنّ الآية لا تتحدث عن هذا النمط من الإلانة والتذويب الذي يقع في مجال العلم، وانما تتحدث عن فعل إعجازي، حيث كان داود (ع) يمسك الحديد الصلب بين يديه ويشكّله كيفما شاء، تماماً كما يمسك الإنسان العادي الشمع بين يديه ويعيد تشكيله بماء يشاء.
ومقام إبراهيم (ع) هو من هذا القبيل، مع فارق بين الاثنين حيث لانَ الحديد لداود، والصخر لإبراهيم، والتقدير "والنا له الحجر".
لقد أضحى الصخر ليناً ناعماً بين قدمي الخليل، حتى ترك أثرهما عليه، مُضافاً لذلك انّ الصخر أضحى بمثابةِ "المحفظة" لقدم الخليل (ع) كما الحديد بالنسبة لداود (ع).
والآن عودة إلى بدء. فقد انطلقنا من السؤال التالي: كيف يكون مقام إبراهيم لوحده – بصيغة المفرد – دالة على (آيات بينات) وهي بصيغة الجمع؟
ذكرنا حتى الآن أحد احتمالين – حيث لاحظنا انّه هناك عدد من الآيات المعجزة في المقام يشكّل مجموعها: آيات بينات – والاحتمال الأوّل هذا ذهب إليه الزمخشري.
أما الاحتمال الثاني ففحواه (آيات بينات) تنطوي على عددٍ كبير – من الآيات والمعجزات – احداها (مقام إبراهيم)، وثانيتها: (وَمَن دخله كانَ آمناً).
الأمنان التكويني والتشريعي لبيت الله الحرام:
إنّ للكعبة أمناً تكوينياً، إذ دأب الكثير من الطغاة على التعرض للبيت في محاولة للقضاء عليه، ولإلحاق الأذى بأهل مكة، إلا أنّ الله سبحانه حفظ البيت وجعله في أمان. يقول تعالى: (الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) (قريش/ 4). ويوم لم يكن ثمة أثر للتشريع والأحكام، كان أهل مكة وهم مشركون يتمتعون بأمن خاص. ثمّ هناك الأمن التشريعي، ومؤدّاه: (من دخله كان آمناً)، بل انّ الطبري نقل في تفسيره للآية (97) من سورة آل عمران، انّ المجرم الجني كان في الجاهلية إذا لجأ إلى الكعبة لا يتعرض له أحد بسوء.
وهنا لا نحتاج للتكلّف فنحصر (آيات بينات) في خصوص "مقام إبراهيم" أو خصوص ما للبيت من أمن إلهي مجعول. فبئر "زمزم" و"حجر إسماعيل" و"الحجر الأسود" هي أيضاً آيات بينات.
بل إنّ البيت بنفسه هو معجزة وآية بينة، بدليل ما حلَّ بأصحاب الفيل الذين همّوا بهدم الكعبة، فواجههم (سبحانه) بجيوش إلهيّة، كما تحكي لنا ذلك سورة الفيل: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) (سورة الفيل). إذاً، ليس ثمة ما يدعونا للقول: انّ "مقام إبراهيم" هو وحده بيان لآيات بينات، وانما خُص بالذكر من باب ذكر الخاص بعد العام.
يقول تعالى في سورة البقرة: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) (البقرة/ 125). لقد ذُكر في بحث مفصَّل انّ "البيت" مرجع للناس كافة وملاذ لهم، وهو محاط بأمن تكويني وأمن تشريعي. فإذا أراد أحد التعرّض للبيت بهدف الهدم والإفناء فإنّ الله (سبحانه) يكون بالمرصاد.
أما الأمن التشريعي فمن مصاديقه، انَّ الإنسان إذا كان عليه حد ولجأ إلى الحرم، أمن إقامة الحدود عليه طالما مكث بالحرم؛ إلاّ أن لا يراعي حرمة البيت، فيحنئذٍ يشمله القصاص. يقول تعالى: (.. وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ...) (البقرة/ 194). بمعنى انَّ الإنسان إذا تعرض لحمرة الكعبة والمسجد الحرام وعموم الحرم والشهر الحرام، فسينزع عن نفسه الأمان، ويكون عرضة للقصاص والحد.
فإذا اجترح الإنسان جناية في الحرم أقيم عليه الحد حتى وهو داخله. اما إذا ارتكب الجناية خارج الحرم ولجأ إليه أمن الحد وأمهل حتى يخرج منه. ولكن يضغط عليه حتى يلجأ إلى خارجه؛ فلا يبتاع منه ولا يُطعم ولا يُحسن إليه.
ثمة غير الآية التي نتحدَّث عنها، آية اخرى تشير إلى ما يتحلى به الحرم من أمن، حيث يقول – تعالى – في سورة العنكبوت: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ) (العنكبوت/ 67).
والسر انَّ ما من أحد يتعرض إلى البيت بقصد الإِفناء، ولأهله بقصد الاستئصال، إلاّ وكان الله له بالمرصاد، فيذيقه العقاب بلا إمهال: (.. وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) (الحج/ 25).
ثمة رواية ينقلها المرحوم ابن بابوية في كتاب "من لا يحضره الفقيه" مؤدّاها: إذا كان البيت يتحلى بحرمة خاصة، وإذا كان (سبحانه) قد أرسل (طيراً أبابيل) على جيش أبرهة حين قصد الكعبة؛ فلماذا لم تشمل الحماية الإلهيّة ابن الزبير حين تحصَّن داخل الكعبة، حيث قام الحجاج بن يوسف برمي الكعبة بالمنجنيق من على جبل أبي قبيس – بأمر من عبدالملك – فهدّمت الكعبة وأعتقل ثم قتل؟
نقل عن الإمام (الذي يبدو هو الإمام السجاد (ع) انَّ الزبير لم ينصر إمام زمانه سيّد الشهداء الحسين (ع) حتى استشهد مظلوماً، وحينما آلت الإمامة إلى الإمام الذي يليه (الإمام السجاد (ع) لم ينصره ولم يدع إليه. لذلك لم ينصره الله ولم يدفع عنه حتى وهو يلوذ بالكعبة ويلجأ إلى داخل البيت، كما حصل في جيش أبرهة حيث أرسل (سبحانه) (طيراً أبابيل) في حين لم يحصل الشيء نفسه حين رمى الحجاج الكعبة بالمنجنيق.
لذلك انتهى الأمر باعتقال الأمويين لابن الزبير – وهو رجل فاسد – فقتلوه ثم أعادوا بناء الكعبة دون مشكلة تُذكر. أما بالنسبة لأبرهة فالأمر يختلف تماماً، إذ كان هدفه إفناء الكعبة وتحويل قبلة الناس إلى جهة أخرى، لذلك لم يمهله سبحانه.
بمعنى آخر، انّ تصرّف الحجاج بن يوسف لم يشكل نقضاً للآية: (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) (الحج/25)، ولا يتعارض معها. ولا زال الأمر يشكل حالة مطّردة، فلو افترضنا انَّ هذه الديار تتحوَّل إلى ديار ظلم، فالله (سبحانه) لا يتدخل لقمع الظالم واستئصال الظلم إن لم يكن أهل الديار على الصراط المستقيم؛ وانما يمكن أن نفسِّر أمثال هذه الوقائع على أساس: (.. نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا...) (الأنعام/ 129)، – أي انَّ الوقائع تتحرك على مسار قانونٍ آخر –.
انَّ الفكرة المحورية التي ينبغي أن ننتبه إليها، هي انَّ على المسلمين أن ينهضوا بتكليفهم، ويضطلعوا بواجباتهم، ثم ينتظروا الوعيد الإلهي: (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) (الحج/25).
نسبة "البيت" إلى الله والناس:
ثمة في مطلع الآية – مورد البحث – ما يؤكد الفكرة التي نبحثها، ويدل عليها، حيث يقول تعالى: (انَّ اوّل بيتٍ وضع للناس...).
لقد نسب الله (سبحانه) البيت إلى ذاته المقدّسة كما نسبه إلى الناس، ولكن مع فارقين أحدهما أدبي والآخر معنوي. أما الأدبي فيتجلى في نسبه البيت إليه (سبحانه) من دون "لام" حيث قال: (أن طهّرا بيتي) أما حين النسبة إلى الناس فقد دخلت "اللام" حيث قال سبحانه: (.. وضع للناس). والمعنى المراد: أنَّ الكعبة هي بيت الله، وليست بيتاً للناس، بيد انها وضعت للناس ومن أجلهم.
أما الفارق المعنوي فهو يتجلى في انَّ إضافة البيت إلى الله (سبحانه) هي التي منحته الشرف والرفعة. وذلك على عكس الحالة الثانية، إذ اكتسب الناس الشرف والرفعة بإضافتهم إلى البيت.
فشرافة "البيت" من نسبته لله تعالى؛ وشرافة الناس من نسبتهم إلى البيت.
قوله تعالى: (وُضِعَ لِلنَّاسِ)، الوضع هنا تشريعي، والمقصود: انّ البيت معبد وقبلة ومطاف للناس؛ جميع الناس دون أن يكون من إختصاص فئة دون أخرى. والطريف الذي يلاحظ انّ التعبير جاء بصيغة "وضع للناس" لا بصيغة "بني" للناس.
الكعبة هي القبلة لوحدها:
لنفترض انّ الآية الكريمة أشارت إلى الأرض التي تحيط الكعبة، فمع هذا الافتراض، تكون الإشارة من باب انّ هذه المساحة تشكل منطقة الحرم. أما ما هو مهم، فهو البناء الخاص؛ أي الكعبة.
وما يقال – على سبيل التقرير – من انّ الكعبة قبلة، فذلك في مقابل مَن ذهب للقول: انّ الكعبة قبلة للقريب؛ ولأهل مكة يكون المسجد الحرام قبلة، أما البعيد فقبلته الحرم المكي برمته.
فهذا الرأي خطأ؛ والصواب أنّ الكعبة هي قبلة الجميع سواء منهم القريب والبعيد. والفارق الذي يقال إنّما يصدق على جهة الاستقبال.
لقد حث الإسلام النبي والآخرين، على أن يقولوا في كلِّ الحالات: "والكعبة قبلتي" حتى أضحت هذه الجملة ذكراً يردّده الجميع.
إنّ لجميع الأموات والأحياء شأناً مع الكعبة، فالمحتضر يستقبلها، والميت يدفن باتجاهها. بيد أنّه ليس لأحدٍ من هؤلاء شأن مع المسجد الحرام أو الحرم بنفسهما. اما قوله تعالى: (شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) (البقرة/ 144)، فهو من جهة: (فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا) (البقرة/ 144)، فالقبلة المتمثلة بالكعبة هي المقصد.
ثمّ إنّ الذي يولي وجهه شطر المسجد الحرام حتى يكون قد إتجه إلى الكعبة؛ فالاختلاف إذاً في جهة الاستقبال لا في القبلة نفسها. فالقريب يتوجه نحو البيت ويستقبل بوجهه "جرم الكعبة". أما البعيد فهو يُولي نحو الحرم، إلّا انّه يتوجه إلى الكعبة.
وبالنسبة لقوله تعالى: (وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) (البقرة/ 144)، فإنّ المقصود هو استقبال المسجد الحرام، لا إتخاذه قبلة. فالمسجد الحرام ليس قبلة بنفسه، ولا الحرم المكي، وانما تقتصر القبلة على الكعبة نفسها كما اثبت ذلك المضطلعون بالدراسات الإسلامية (الفقهية).
ومن طريف ما يمكن ان نشير إليه هنا، ما ذهب إليه بعض الأكابر من العلماء من انّ الكعبة بنفسها ليست قبلة أيضاً؛ بل القبلة ماثلة في حيّز الفضاء الخاص الذي تشغله. ورحم الله استاذنا المحقق الداماد الذي كان يكرّر هذه الجملة بدأب: ليست الكعبة هي القبلة، إذ يمكن لهذه "البُنية" أن تنهدم أو تنهار في يوم من الأيام أثر سيل أو غيره؛ فهل يبقى المسلمون يومئذٍ دون قبلة!
لذلك قالوا: إنّ القبلة هي ليست هذه البناية والجدران المضلعة، بل هي الفضاء الخاص الممتد "من تخوم الأرض إلى عنان السماء". واستدلوا على ذلك بأنّ المصلي إذا صلى في مكان منخفض أو مرتفع عن مستوى سطح الكعبة وبنائها، فهو يتوجه إلى الحالتين إلى الفضاء الممتد من تخوم الأرض إلى عنان السماء، وكون هذا الفضاء قبلة لا يطرأ عليه أي تغيير أو تبديل.
ومن الطريف أن نختم هذه الفقرة بكلمات للفخر الرازي في فضل الكعبة وشرفها انتقلت من بعده إلى كتب الآخرين؛ حيث قال: "ليس في العالم بناء أشرف من الكعبة، فالآمر هو الملك الجليل؛ والمهندس هو جبريل؛ والباني هو الخليل؛ والتلميذ إسماعيل (ع) وكفى بذلك فضلاً وشرفاً".
بيد انّ مثل هذا الشرف والفضيلة لم يثبتا لبيت المقدس.
مصاديق "آيات بينات":
ثمة آيات بينات في هذه الديار المقدسة، هي بجموعها دلالة واضحة على الغيب. انّ الآية معناها العلامة، وهي بالاصطلاح القرآني علامة صدق الأنبياء، فيما يدعون إليه من ربوبية الخالق وعبودية المخلوق.
لقد توفّر الفخر الرازي في تفسيره على ذكر علامات (آيات) كثيرة تدل على خصوصية الكعبة وكيفية بنائها، وهي تتحرك إجمالاً في نطاق هذا المحور، وفيما يلي نستعرض بعض هذه الآيات – العلامات –:
1- انبثاق زمزم ودوام فوران مائها:
ثمة الكثير من الآيات البينات في خصوص بئر زمزم، فماؤها شفاء، وهو لا يفسد حتى لو طالت عليه المدة. ثمّ انّ بئراً يبقى ماؤها يفور منذ آلاف السنين، في أرض تفتقر إلى الأمطار الغزيرة ولا تكاد تسقط فيها الثلوج إلّا نُزراً، هو بحدّ ذاته معجزة وآية من الآيات الإلهيّة البينة.
أما لو كانت هذه البئر في أرض تغزر فيها الأمطار ويتكاثر سقوط الثلوج، لأمكن تفسير دوام انبثاق مائها على أساس: (فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الأرْضِ) (الزمر/ 21).
ثمّ انّ في مائها بركة خاصة، حتى كان رسول الله (ص) يطلبه هدية من القادمين من مكة.
وبئر هذا منبثقها؛ وهذا دوام فوران مائها، وفي مائها البركة والشفاء، بحيث لا يفسد ماؤها ولا يُصاب بالعَفَن، لهي حقاً محفوفة بالمعجزات، بل إنّ ماءها وحده هو تجلي لـ"آيات بينات".
2- المشعر الحرام:
في أطراف مكة (المشعر الحرام، عرفات، ومنى) علامات تتجلى فيها آيات بينات. فرغم انّ تلك المنطقة بعيدة عن مدار السيل، إلّا انّه يكثر فيها الحصى وأجزاء الصخر المفَتَّت إلى قطع صغيرة، كتلك التي تتركها السيول حين تدهم منطقة صخرية جبلية.
فالحصى هناك كثير، ويكفي أن نتصوّر كثرته بما يحمله كلّ حاج بمفرده، إذ يحتاج كحدٍ أو أدنى إلى سبعين حصاة؛ ومع ذلك لا زال الحصى وفيراً لم ينفذ، وفي ذلك وحده معجزة. يقول الفخر الرازي في تفسيره الكبير: "وقد يبلغ من يرمي في كلِّ سنة ستمئة ألف إنسان – كلّ واحد منهم – سبعين حصاة، ثمّ لا يرى هناك إلّا ما لو اجتمع في سنة واحدة لكان غير كثير. وقد يقال الآن: انّ المسؤولين في الحجاز هم الذين يتولون عملية رفع الحصى المتجمع وتسطيح الأرض مجدداً، ولكن ماذا بالنسبة لذلك الزمان؟.
3- رعاية الحيوان لحرمة الكعبة:
تسعى الطيور أن لا تحط في أعلى الكعبة كي لا يتلوث المكان بفضلاتها؛ وإذا كانت في حالة انحدار من الأعلى نحو الأرض، فإنها تبتعد عن الكعبة بزاوية معينة. وفي ذلك وحده علامة على آية بينة.
وما ينبغي أن نشير إليه، انّ عم تلويث الطيور للمشاهد المشرفة والعتبات المقدسة، هو ظاهرة مشهودة أيضاً، وإن كان الأمر يختلف بالنسبة إلى الكعبة في تلك الزاوية التي ينحدر بها الطير بعيداً عن الكعبة.
لقد تحدّثوا بمثل هذه الكرامة لحرم الإمام أمير المؤمنين (ع) فقالوا: انّ الطير تراعي هذا الأدب من باب: "ينحدر عنّي السيل ولا يرقى إليّ الطير".
وقالوا عن الحرم المكي أيضاً: انّ الوحوش لا تعتدي على بعضها البعض وهي في الحرم، ولا تلحق الأذى بالحيوانات الأليفة.
وما نخلص إليه: انّ ثمة الكثير من الشواهد الظنية التي تُفيد انّ هذه المنطقة ليست عادية، فالحيوان فيها آمن، والإنسان يتحلى بأمن نسبي ملحوظ (الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) (قريش/ 4)، في حين كان من حولهم (.. وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ) (العنكبوت/ 67).
4- مقام إبراهيم:
يحتل مقام إبراهيم (ع) موقعاً خاصاً في صلاة الحاج وطوافه، كما ينص على ذلك القرآن. وللمقام حرمة خاصة كونه مصداقاً للآيات البينات.
يقول تعالى: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) (البقرة/ 125). هل تجب الصلاة خلف المقام مُباشرة أم أنها تكفي عند المقام؟ ثمة أقوال انتهى إليها البحث الفقهي وُفق اختلاف المدرك (الرواية)، إذ احتاط بعضهم فذهب إلى وجوب الصلاة خلف المقام مُباشرة؛ فيما عدّ البعض الآخر الصلاة عندَ المقام كافية.
تقابل "اللام" و"على":
يقول تعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا) (آل عمران/ 97)، انّ (على الناس) في الآية هي في حقيقتها (للناس) أي: لنفع الناس وفائدتهم، لا لضررهم وعليهم. كما انّ "اللام" في (لله) لا تفيد معنى النفع والاستفادة، وانما معناها: انّ هذا الأمر هو من قبل الله ومن جهته إلى الناس.
فالتكليف الإلهي يقترن دائماً بالخير، نظير قوله تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) (البقرة/ 216)، وإذا كان الشيء خيراً فلا يكون بضرر أحد.
لذلك نخلص إلى أنّ "اللام" و"على" حين يكونان في مقابل بعضهما البعض، فإنّ التقابل علامة على أنّ الأمر أو الشيء يكون حكماً من أحد الطرفين، وجعلاً وواجباً على الطرف الثاني، ولا يمكن أن يدل (التقابل) على الضرر.
فضيلة الحج على سائر العبادات:
لا يبدو من ظاهر آيات القرآن الكريم، انّ ثمة عبادة غير الحج جاءت في صيغة (لله على الناس) إذ لم نجد نظير هذا الأسلوب في عبادة مثل الصلاة والزكاة، وبالتالي لا يقال "لله على الناس إقامة الصلوة" أو "لله على الناس إيتاء الزكاة".
وهذا التمييز يُعدّ في حدّ ذاته على خصوصية فريضة الحج وما تنطوي عليه من عظمة من بين سائر العبادات.
فعن الصلاة جاءنا الخطاب القرآني بصيغة (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) (البقرة/ 43)، أما الحج فتميَّز وانفرد بصيغة: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ...).
"الحج" لغة:
الحج مصدر، وقد ذهب البعض إلى انّه اسم مصدر، ومعناه قصد بيت الله الحرام.
انّ "حج البيت" هو عبادة مألوفة منذ عصور قديمة؛ وبالذات منذ عصر الخليل إبراهيم (ع). وقد اعتادوا أن يعدّوا السنين بالحج، وفي ذلك يقول نبيُّ الله شعيب لموسى الكليم (ع): (قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ) (القصص/ 27).
ويقال في لغة الشهور "ذو الحجة" لوقوع "حج البيت" في هذا الشهر، ويعبر أربع حجج بدلاً من أربع سنوات وهكذا.
هناك في الآية: (لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ...) الكثير مما ينبغي التأكيد عليه؛ من نظير:
1- يتضح من ظاهر آيات القرآن أنّ الحج هو العبادة الوحيدة، التي عُبّر عنها بصيغة (لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ).
2- لقد قُدّم "لله" على المبتدئ المؤخّر، لكي يفيد السياق معنى الحصر، ويدل على انّ العبادة (الحج) لله وحده.
3- لقد بينت الآية الأمر بصيغة البدل، والإبدال يفيد التكرار كما يقال، إذ لم يقل سبحانه: "لله على المستطيع.." وانما قال: (لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ).
4- انصرفت الآية وهي في معرض بيان من يشمله التكليف من "الناس" للتعبير بصيغة بيان "البعض من الكل" فقالت: (مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا)، وهذا الأسلوب بمثابة التفصيل بعد الإجمال والتبيين بعد الإبهام: وهو يفيد التكرار والتأكيد.
ولو جاءت الآية بصيغة "لله حج البيت على المستطيع" أو "لله على المستطيع" أو "على من استطاع إليه سبيلاً حج البيت" لما أفهمت المعنى آنف الذكر.
المقصود من "البيت" هو (أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ)، والاستطاعة تنقسم إلى استطاعة عقلية واستطاعة شرعية، وكلاهما تتضمنهما الآية.
فمن الناحية العقلية يستطيع كلّ إنسان "مستطيع" أن يتشرف بالحج "ولو متسكعاً" وإن كان الحج مستحباً بالنسبة إليه، ليس بواجب؛ وإن لم يكن مستحباً فيحمل على معنى الزيارة ويدخل في المعنى العام لقوله تعالى: (مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ) فهو مصدر هداية وبركة للجميع المستطيع وغير المستطيع، وحاجاً كان أو معتمراً؛ واجباً أدّاه أو ندباً.
إلّا انّ الحج الواجب لا يجب إلّا على المستطيع. وفي البحث الفقهي ثمّة آراء؛ فهل تلزم الاستطاعة "إليه" فقط؛ أم انّ الاستطاعة "إليه" و"عنه" كلتيهما لازمتان؟.
المصدر: مجلة ميقات الحجّ/ العدد 1 لسنة 1415هـ
الأسرة مؤسسة إنسانية
د. محمد مهدي الصدر
تُعتبر الأسرة بمثابة "نواةٍ" للمجتمع الذي نحيى فيه. إذ أنها أصغر "وحدة" اجتماعية تمارس دورها بين الوحدات الاجتماعية الأخرى.
ولئن كانت الأسرة أصغر الوحدات الاجتماعية حجماً فما هي بأصغرها معنى ولا أقلّها أهمية. فهي الأساس والقاعدة الصلبة التي تتولى النشأة الأولى للأولاد وتقوم بتربيتهم وتعليمهم وإعدادهم كيما يضطلعوا بالمسؤوليات التي تقع على عاتقهم مستقبلاً. وليست الأسرة سوى "مؤسسة إنسانية" تقوم على أكتاف شخصين هما الرجل والمرأة. وهذه المؤسسة تشبع رغبات ملحّة في ذات كل منهما، وهي: رغبة الجنس ورغبة الإدارة ورغبة التربية ورغبة الأمومة ورغبة الأبوّة. وهي تدفع كل فرد من أفرادها إلى القيام بواجباته دون إرغام، بعد أن تشبع فيهم كافة الرغبات الإنسانية، فيقوم الأبوان فيها بتدريس أصول الحياة وكيفية العشرة، لأفراد المجتمع ورجال المستقبل، وهم الأولاد. وما من نظام يستطيع أن يلغي الأسرة بشكل نهائي لأن أي نظام عاجز عن مقاومة الرغبات التي تشبعها الأسرة، وهي رغبات متأصِّلة في أعماق كل إنسان. ولهذا فإنّ الأنظمة التي ألغت الأسرة عادت فأوجدتها على شكل أوسع. فالنظام الشيوعي مثلاً ألغى الأسرة التي تتألّف من (رجل) و(امرأة) و(أولاد)، ولكنه أقام المزارع الجماعية[1] التي تتكون من (عدّة رجال) و(عدّة نساء) و(عدّة أولاد). هذه المزارع عاجزة عن حلّ مشكلاتها (على عكس الخلية الحيّة التي تقوم بإتماء نفسها وحلّ مشكلاتها بلا تدخّل أجنبي)، فكانت بحاجة إلى تدخّل الدولة لحلّ تلك المشكلات. والمزارع الجماعية ذات مفعول رجعي.. بينما نجد أنّ الأسرة ترتفع بالإنسان إلى مستواه كإنسان – ذي حياة منتظمة –. أمّا النُظم الغربية فإنها لم تُقدِم على إلغاء الأسرة عن سابق تخطيط، وإنّ ما قدّمته هذه النُظُم كبديل للأسرة لم يكن إلا الانحلال، والميوعة التي أسفرت عنها حركات الهيبيز والبيتلز والبانك.. إلخ[2]. ويعرّف علمُ الاجتماع الأسرة بأنها رابطة اجتماعية تتكون من زوج وزوجة وأطفالهما، وتشمل الجدود والأحفاد وبعض الأقارب، على أن يكونوا مشتركين في معيشا واحدة[3]. ويرى الباحث علي عبدالواحد وافي في كتابه (الأسرة والمجتمع) أنّ الزواج الذي لا تصحبه ذرية لا يكون أسرة[4]. إنّ الأسرة هي إحدى العوامل الأساسية في بيان الكيان التربوي وإيجاد عملية التطبيع الاجتماعي وتشكيل شخصية الطفل، وإكسابه العادات التي تبقى ملازمة له طول حياته، فهي البذرة الأولى في تكوين النمو الفردي وبناء الشخصية[5] وفي تقويم السلوك الفردي، وبعث الحياة والطمأنينة في نفس الطفل. فمنها يتعلّم اللغة ويكتسب القِيَم الحميدة. وإليها يعود الفضل في تعلّم الإنسان لأصول الاجتماع، وقواعد الآداب والأخلاق. الفضل في تعلّم الإنسان لأصول الاجتماع، وقواعد الآداب والأخلاق. - واجبات الأسرة ووظائفها: تضطلع الأسرة بمسؤوليات أساسية على جانب كبير من الأهمية. وإن أدنى تقصير في أداء هذه المسؤوليات ليؤدّي – ولا شك – إلى حدوث خلل اجتماعي وإنساني وإلى عواقب وخيمة تدفع ثمنه الأجيال المتعاقِبة وإلى تفشي الجريمة والإدمان على المخدرات.. ولا يحسبنّ أحدٌ أن مسألة الإنجاب أمر ذو أهمية ثانوية. فهو الوسيلة التي تحفظ النوع البشري من الانقراض وهو الذي يرفد المجتمع بالدماء الشابّة. وقد أدّى انخفاض الإنجاب في بعض البلدان الصناعية الكبرى إلى نشوء مخاوف جديّة من أن تصبح بعض هذه البلدان – في بحر عقدين أو ثلاثة من الزمن – أمّة "هرمة" تفتقر إلى عدد كافٍ من الشباب. وهو الأمر الذي يهدّد عجلة الصناعة والاقتصاد والبحث العلمي والإدارة والانتاج بالتوقف[6]. ولابدّ للعائلة من الإشراف الكامل على تربية أطفالها: "فـ:"الأسرة مسؤولة عن عملية التنشئة الاجتماعية التي يتعلّم الطفل من خلالها خبرات الثقافة وقواعدها في صورة تؤهله فيما بعد لمزيد من الاكتساب، وتُمكّنه من المشاركة التفاعلية من غيره من أعضاء المجتمع"[7]. و"إنّ حرمان الطفل من أبيه – مؤقتاً أو بصورة دائمة – يثير فيه كآبةً وقلقاً مقرونين بشعور الإثم والضغينة، ومزاجاً عاتياً متمرِّداً، وخوراً في النفس وفقداناً لحسن العطف العائلي... وقد لُوحظ (في معاهد الأطفال) أنّه إذا كانت صحة الطفل البدنية، ونموه العضلي، وضبط دوافعه الإرادية تتفتح وتزدهر بصورة متناسقة في تلك المعاهد، فإن انفصاله عن والدَيه قد يؤدي من جهة أخرى إلى ظهور بعض المعايب كصعوبة النطق، وتمكّن العادات السيئة منه، وصعوبة نموّ حسّه العاطفي"[8]. أما الواجبات الأخرى للأسرة فهي: 1- إعداد الأولاد للمشاركة في حياة المجتمع والتعرّف على قيمِهِ وعاداته. 2- إمدادهم بالوسائل التي تهيئ لهم ذواتهم داخل المجتمع. 3- توفير الاستقرار والأمن والحماية والحنو على الأطفال. ففي الدين يجد الشباب الأمان والاطمئنان والسلامة النفسية في الحاضر والمستقبل. وعلينا أن نعلم بأننا "سوف نخسر أنفسنا عندما ننكر تراثنا وشخصيتنا الإسلامية أو نبتعد عنها بدلاً من أن نحاول إثباتها"[9]. فالدين إحدى الدعامات الرئيسية التي يرتكز عليها الكيان النفسي لأي إنسان، وهذه الدعامة تقيه من الهزات التي قد تعتريه في صراعه مع ظروف الحياة المتقلّبة"[10]. وهذا فضلاً عن أنّه يمنحه قناعة ورضا بما قسم الله تعالى له من رزق وصحه. وقد أرسى الإسلام الحنيف نظام الأسرة على أسس راسخة تستجيب لمتطلبات الحياة وتتواءم مع حاجات الناس وسلوكهم. وقد شاء الله تعالى أن تقوم الزوجية – وهي أسّ الحياة العائلية ونواتها الأولى – على أساس من المودّة والرحمة. قال تعالى في محكم كتابه العزيز: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) (الروم/ 21). قال الراغب: يُقال لكل واحد من القرينين من الذكر والأنثى من الحيوانات المتزاوجة: زوج، ولكل قرينين فيها وفي غيرها: زوج، قال تعالى: (فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأنْثَى) (القيامة/ 39)، وقال: (وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) (البقرة/ 35)، وزوجة لغة رديئة وجمعها زوجات – إلى أن قال – وجمع الزوج أزواج. فقوله: (أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا)، أي خلق لأجلكم – أو لينفعكم – من جنسكم فكل واحد منهما ناقص في نفسه مفتقر إلى الآخر، ولهذا النقص والافتقار يتحرك الواحد منهما إلى الآخر، حتى إذا اتصل به سكن إليه لأن كل ناقص مشتاق إلى كماله وكل مفتقر مائل إلى ما يزيل فقره، وهذا هو الشبق المودَع في كل من هذين القرينين. وقوله: (وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً)، المودّة كأنّها الحب الظاهر أثره في مقام العمل فنسبة المودّة إلى الحب كنسبة الخضوع الظاهر أثره في مقام العمل إلى الخشوع الذي هو تأثّر نفساني عن العظمة والكبرياء. والرحمة نوع تأثّرٍ نفساني عن مشاهدة حرمان المحروم عن الكمال وحاجته إلى رفع نقيصته يدعو الراحم إلى إنجائه من الحرمان ورفع نقصه. ومن أجلّ موارد المودّة والرحمة المجتمع المنزلي، فإنّ الزوجين يتلازمان بالمودّة والمحبة وهما معاً – وخاصة الزوجة – يرحمان الصغار من الأولاد في حفظهم وحراستهم وتغذيتهم وكسوتهم وإيوائهم وتربيتهم، ولولا هذه الرحمة لا نقطع النسل ولم يعش النوع قط. ويحرص الإسلام كل الحرص على أن يجعل الأسرة المسلمة أنموذجاً رفيعاً ومثالاً يحتذى به بما يُمثِّله من عناصر الريادة والقيادة الصالحة في المجتمع الإنساني. قال سبحانه وتعالى في وصف عباده الصالحين: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا) (الفرقان/ 74). ومرادهم بكون أزواجهم وذرياتهم قرّة أعين لهم، أن يسرّوهم بطاعة الله والتجنّب عن معصيته، فلا حاجة لهم في غير ذلك ولا إربة، وهم أهل حق لا يتبعون الهوى. وقوله: (وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا)، أي متسابقين إلى الخيرات سابقين إلى رحمتك فيتبعنا غيرنا من المتقين. وكأنّ المراد أن يكونوا صفاً واحداً متقدِّماً على غيرهم من المتقين ولذا جيء بالإمام بلفظ الأفراد. وهكذا نجد أن نظام الأسرة الذي شرّعه الإسلام مبني على أساس الحرص الشديد على تأمين السعادة للأسرة، وعلى تمتين أسس تماسكها وترابطها من الناحية النفسية والاجتماعية والجسدية كيما ينعم كل فرد من أفرادها بالحب والحنان والدعة والاستقرار والتفاهم والتكافل. والدولة الإسلامية مكلّفة أن تعنى أعظم العناية بإنشاء الاُسَر وحياطتها وتوفير ضمانات الاستقرار لها، وتعالج ما تلده الظروف الاقتصادية والثقافية والسياسية من آثار تمسّها، نَعَم هي مسؤولة عن ذلك مسؤوليتها عن التموين والتعليم والدفاع وما أشبه هذه الأغراض التي لا يمكن تركها للأفراد، لأنّها من صميم عمل الدولة[11]. الهوامش:
[1]- وهي على نوعين: مزارع حكومية وتدعى كولخوز ومزارع أهلية وتدعى سوفخوز. [2]- انظر كتاب السيد هادي المدرسي: كيف تسعد الحياة الزوجية، مؤسسة الوفاء، بيروت 1403، ص12-16. [3]- علم الاجتماع، محمد عاطف. [4]- ص 15-16. [5]- النظام التربوي في الإسلام، باقر شريف القرشي، دار التعارف – بيروت 1403، ص64-65. [6]- تدهور نسبة الإنجاب في فرنسا – مثلاً – إلى 1.7 طفل للعائلة الواحدة. وما تزال هذه النسبة مستمرة في الانخفاض. علماً بأن الحد الأدنى الضروري لا يقلّ عن نسبة 3 أطفال للعائلة الواحدة. [7]- علم الاجتماع، ص48. [8]- أثر الأسرة والمجتمع في الأحداث الذين هم دون الثالثة عشرة – اليونسكو، ص37. [9]- إسلام امرأة، ص8. [10]- الشاب من الطفولة إلى الزواج. إعداد محمد رفعت. مؤسسة عز الدين للطباعة والنشر – بيروت، 1403، ص201.
[11]- حقوق الإنسان، محمد الغزالي، ص115-116.
المصدر: مجلة نور الإسلام/ العددان 19 و20 لسنة 1991م
الاتفاق النووي.. إيران تنتظر النتائج الإيجابية للدبلوماسية وغروسي في طهران لحل مشكلة التفتيش
إدارة بايدن أبدت استعدادها للمشاركة في مباحثات برعاية الاتحاد الأوروبي، ومشاركة كل أطراف الاتفاق، للبحث في السبل الممكنة لإحياء الاتفاق النووي الإيراني
الاتفاق النووي هدف بشكل أساسي إلى خفض أنشطة طهران وضمان عدم سعيها لتطوير سلاح نووي (الأوروبية)
قال ممثل إيران بالأمم المتحدة مجيد تخت روانجي، إنه لا معنى لأي عودة للاتفاق النووي دون التحقق من جدية رفع واشنطن للعقوبات، في الوقت الذي يصل فيه اليوم المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي إلى طهران عشية انتهاء مهلة حددتها لتقليص عمل المفتشين.
وأوضح روانجي أنه فرضت 3 أنواع من العقوبات على إيران، وأنه إذا لم تلغَ أي منها فلا فائدة من عودة واشنطن.
وشدد على ضرورة وجود ضمانات لوصول عائدات النفط لإيران عبر النظام المصرفي العالمي، إذا ما رُفعت العقوبات النفطية، ورأى روانجي أن الأوروبيين لم يعوضوا إيران عن خروج واشنطن من الاتفاق، لا بل أخلوا هم أيضا بالتزاماتهم.
وفي السياق ذاته، نقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية اليوم السبت عن المتحدث باسم الحكومة علي ربيعي قوله، إن إيران على يقين من رفع العقوبات الأميركية قريبا على الرغم من استمرار "الخلاف الدبلوماسي" بشأن إحياء الاتفاق النووي، في إشارة إلى رغبتها في إنهاء الأزمة، دون أن تبدي موقفا جديدا.
وأضاف ربيعي "نحن على ثقة من أن المبادرات الدبلوماسية ستسفر عن نتيجة إيجابية على الرغم من المشاحنات الدبلوماسية التي تُعد مقدمة طبيعية لعودة الأطراف إلى التزاماتها، ومنها رفع جميع العقوبات في المستقبل القريب".
وقبل وصوله إيران، قال المدير العام لوكالة الطاقة الذرية رافائيل غروسي إنه سيتوجه اليوم إلى طهران للقاء كبار المسؤولين الإيرانيين لإيجاد حل يتفق عليه الطرفان يتيح للوكالة مواصلة أنشطة التحقق الأساسية التي تجريها في إيران.
وأضاف غروسي في تغريدة له على موقع تويتر، أنه يتطلع إلى النجاح الذي سيكون في مصلحة الجميع.
في حين قال المتحدث باسم المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية بهروز كمالوندي إن المباحثات ستركز على "القضايا الفنية والإجراءات المتعلقة بوقف عمليات الرقابة وفق البروتوكول الإضافي الطوعي"، كما تتناول "سبل مواصلة التعاون بين الجانبين"، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الرسمية "إرنا".
اعلان
وأبرم الاتفاق النووي بعد أعوام من المفاوضات، وهدف بشكل أساسي إلى رفع العديد من العقوبات المفروضة على إيران، مقابل خفض أنشطتها النووية وضمان عدم سعيها لتطوير سلاح نووي.
وأبدت إدارة بايدن الخميس استعدادها للمشاركة في مباحثات برعاية الاتحاد الأوروبي، ومشاركة كل أطراف الاتفاق، للبحث في السبل الممكنة لإحيائه.
والجمعة، أبلغ بايدن مؤتمر ميونخ للأمن أن بلاده ستتعاون عن كثب مع حلفائها في سبل التعامل الدبلوماسي مع إيران، بعدما اعتمد سلفه ترامب سياسة عدائية حيال طهران قامت بشكل أساسي على "الضغوط القصوى".
وسبق للإدارة الجديدة أن أبدت رغبة في توسيع الاتفاق ليشمل ملفات، أبرزها برنامج الصواريخ الباليستية والنفوذ الإقليمي لطهران، إلا أن مسؤولين إيرانيين بينهم الرئيس حسن روحاني، أعلنوا رفضهم أي تعديل في بنود الاتفاق.
وجددت إيران الجمعة على لسان وزير الخارجية محمد جواد ظريف، تأكيد مطلبها رفع العقوبات المفروضة عليها، في أعقاب الطرح الأميركي للمباحثات.
المصدر : الجزيرة + وكالات
"إسرائيل" توسع ترسانتها النوويّة.. ما الذي كشفته الصور الفضائيّة الجديدة؟
ما الذي كشفته الصور الفضائيّة الجديدة لمركز "ديمونة" الإسرائيلي للأبحاث النووّية الواقع بصحراء النقب؟
- الصور التي نشرتها المنظمة لأعمال البناء قرب مركز "ديمونة" في 4 كانون الثاني/يناير 2021
نشر الفريق الدوليّ المعنيّ بالمواد الانشطاريّة، صوراً فضائيّة تؤكد تنفيذ "إسرائيل" أعمال بناء جديدة في مركز "ديمونة" للأبحاث النووية الواقع بصحراء النقب.
الصور التقطت عبر قمر صناعيّ في 4 كانون الثاني/يناير الماضي، حيث أشار الفريق أمس الخميس، إلى أنّ "أعمال البناء تجري على مقربةٍ مباشرة من مفاعل ديمونة، ومحطة إعادة المعالجة في الموقع".
وتتركّز تلك الأعمال في المرحلة الحاليّة على منطقة محفورة واسعة النطاق، يصل طولُها إلى نحو 140 متراً، وعرضها إلى
نحو 50 متراً، ولا يزال الغموض يلُفّ هدفها، بعد أن انطلقت تلك الأعمال أواخر عام 2018، وفق الفريق الدولي.
بحسب صحيفة "الغارديان" البريطانيّة، قال بافيل بودفيج، الباحث في برنامج العلوم والأمن العالمي بجامعة "برينستون": "يبدو أن البناء بدأ في وقت مبكر جداً من عام 2019، أو أواخر عام 2018، لذا فقد بدأ العمل به منذ حوالى عامين، ولكن هذا كل ما في وسعنا قوله في هذه المرحلة".
ولم تعلّق السفارة الإسرائيليّة في واشنطن على هذه الصور الجديدة حتى الآن، حيث تنتهج "إسرائيل" سياسة الغموض المتعمد بشأن ترسانتها النوويّة، دون تأكيد أو نفي وجودها.
ويُقدر اتحاد العلماء الأميركيين أن "لدى إسرائيل نحو 90 رأساً حربياً مصنوعة من البلوتونيوم المنتج في مفاعل الماء الثقيل في ديمونة".
يذكر أنّ "إسرائيل" قامت ببناء مفاعل "ديمونة" في الخمسينيات، بمساعدة سريّة واسعة من الحكومة الفرنسيّة.
وتمّ الكشف عن دور مفاعل "ديمونة" في برنامج الأسلحة النوويّة الإسرائيلي، لأوّل مرة من قبل فني سابق في الموقع، يدعى مردخاي فعنونو، الذي روى قصته لـ"صنداي تايمز" البريطانيّة عام 1986.
المصدر:المیادین
استعمالات مبتكرة لحبوب القهوة مع الحساء واللحوم المشوية والسلطات
أصبحت القهوة روتينا يوميا لمعظم الناس في مختلف أنحاء العالم، وفي كل أوقات اليوم تقريبا؛ ففي سويسرا على سبيل المثال، يستهلك الفرد الواحد 1100 كوب من القهوة سنويا، وهي الثالثة عالميا في معدل استهلاك القهوة.
ويميل الناس في الطقس الحار والرطب إلى تناول القهوة المثلجة أو الباردة، إذ لا يُغلى البن فوق النار، بل يُنقع في الماء البارد. وهنالك أيضا ما يُعرف بقهوة دالغونا الكورية التي تغلى مع الماء والسكر ثم تُخفق لتتحول إلى رغوة صلبة، وهذا النوع شهد انتشارا كبيرا في أثناء الحجر الصحي.

المزج بين الطعام والقهوة
إن حبات البن المحمصة لم تعد تُستخدم فقط في إعداد القهوة، بل أصبحت تضاف إلى عدد من الأطباق والأكلات. وبات عدد من مشاهير الطهاة في سويسرا، على غرار تانيا غرانديتس، يستخدمون البن لإضفاء نكهة خاصة على الأطباق التي يقدمونها لزبائنهم. وتقوم تانيا بتتبيل أطباقها بالقهوة، خاصة في الأشهر الباردة من السنة.
خيارات بلا حدود
وأفضل ميزة نحصل عليها عند المزج بين الطعام والقهوة هو أن عدد الخيارات لا حدود له، إذ إن حبات البن المطحونة تتناغم مع كل أنواع البهارات، خاصة الفلفل الحار والهال والكزبرة والزعفران والكراوية، كما تقول الكاتبة راحيل كورفغين في تقرير نشرته صحيفة "بي تسات بازل" (bzbasel) السويسرية.
فإذا كنت ترغب في الأيام المقبلة بمفاجأة ضيوفك على المائدة، فإن استخدام القهوة قد يكون خطوة ذكية تمنحك عددا من الخيارات لتقديم أطباق بمذاق فريد وغير مألوف.

نكهة رائعة مع الشواء
وبات الطبخ بالقهوة فكرة رائجة في المنازل وليس فقط في المطاعم، فقد اكتشف كثيرون أن الإسبريسو وأنواع القهوة الأخرى يمكن أن تمنح الصلصة والسلطة نكهات لذيذة. فعلى سبيل المثال، يمكن تتبيل قطع اللحم قبل الشواء بالبن المطحون بدلا من الفلفل الأحمر.
نكهة غنية مع السلمون
وفكرة إضافة القهوة لا تتلاءم فقط مع اللحم، بل يمكن تجربتها أيضا مع سمك السلمون وأنواع أخرى من السمك. ويؤكد أحد الطهاة أنه جرّب أيضا إضافة القهوة إلى المحار قبل طبخه، وكانت النتيجة رائعة.

إضافة القهوة إلى الصلصة
وتقول الكاتبة إن إضافة بعض القهوة إلى الصلصة قد تضفي عليها نكهة رائعة، لكنها تحذّر من تسخين هذا الخليط في درجة حرارة عالية أو لوقت طويل، لأن طعمه يتحول في تلك الحالة إلى المرارة.
وصفات متعددة
ويجمع أشهر الطهاة في أوروبا بين القهوة والفطر، وهي وصفة تحبها تانيا غرانديتس كثيرا وتستخدمها في مطبخها، كما أن القهوة تتناسب أيضا مع الشمندر والكراث واليقطين والخيار والخس.
أثر الإعلام على حياة الناس
ممّا لا شكّ فيه أنّ عالمنا يتغيَّر بصورة متسارعة بسبب تدفُّق المعلومات، فقد أصبح لوسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئيّة الأثر الكبير اليومي في حياة الأفراد والجماعات، بل إنّ أثرها قد طغى في بعض الأحيان على العادات والتقاليد المتوارثة في المجتمعات، وأفرزت هذه الوسائل عادات وتقاليد حياتية جديدة مكتسبة لم تكن مألوفة للنّاس، لدرجة إنّ وسائل الإعلام باتت تتمكَّن من قولبة النّاس وشحذ شخصيتهم ليصح قول الصحافية تالا ياغي "قل لي ما تشاهد أقول لك من أنت".
لقد اعتبر الإعلام في عصرنا الحاليّ "سلطة رابعة" نتيجة لما له تأثير واضح وأكيد على حياة وسلوكيات الأفراد والجماعات، فمع نشأة وسائل الإعلام في بداية القرن العشرين بدأ الناس ينتقلون من حالة "التواصل" عبر الحكاية أو القصة أو الحديث المقروء والمسموع بينهم إلى حالة الالتفاف حول جهاز المذياع والإنصات إلى ما يبوح به، فبدأت مع هذا الجهاز مرحلة التحلق في الخيال لما تسمعه الأذن والشوق إلى رؤية ومعرفة من يتكلّم عبر هذا الجهاز، وبدأت أيضاً مع هذه المرحلة تراجع مسألة التواصل بين الناس والالتفاف إلى حالة الانفرادية مع جهاز يتحدث إلى الفرد، ثمّ مع اختراع التلفزيون عام 1927 أصبح وسيلة أساسية في يومنا هذا للترفيه والتثقيف، وحلّ محل عدد كبير من وسائل التواصل الأخرى فصار بوسع الإنسان أن يرى العالم من خلال جهاز صغير يتحدث إليه بالصورة والصوت، وصار له انتشار واسع واستطاع أن يستقطب مليارات البشر في أنحاء العالم، ولابدّ من القول أنّ التلفزيون يعتبر "أوكسجين" حياة الكثير من الناس في مجتمعاتنا العربية، ومع وجود التلفزيون كشريك معنا في البيوت ومجال الأعمال وغيرها تراجعت بشكل حاد حالة التواصل بين الناس، كما تسارعت وتيرة انتقال المعلومة عبر اختراع "الإنترنت" و"الكمبيوتر" الذي نستطيع أن نغوص فيه لساعات دون أن نلاحظ صمتنا وانصهارنا به، إلا إنّنا نعتقد أنّ التلفزيون ما زال هو الوسيلة الإعلامية المسيطرة على التواصل.
في كلِّ الأحوال، إنّ أغلب وسائل الإعلام وخاصة المرئية منها لها الصفات التالية:
1- تصدّر المعلومة بالصوت والصورة (أي ناقلة وغير متلقية).
2- لديها متلقي سلبي في أغلب الأحيان لا يستطيع أن يناقشها أو يحاورها.
3- تعتبر وسيلة مروّجة للفكر (الإيجابي والسلبي) وكذلك المادة الاستهلاكية والقيم الحياتية (الإيجابية والسلبية).►
المصدر: كتاب الإعلام وقضايا المرأة
ما هي الخيارات امام بايدن حتى نهاية المهلة الايرانية وهل سيتجاوز الضغوط؟
قال مندوب إيران الدائم لدى الأمم المتحدة مجيد تخت روانجي إن طهران لم تنسحب من الاتفاق النووي لتعود اليه الآن، وأضاف أن تقليص ايران لإلتزاماتها النووية يندرج في إطار المادة السادسة والثلاثين من الاتفاق النووي التي تسمح لإيران بالتخلي عن بعض أو كل تعهداتها اذا قام أحد أطراف الاتفاق بانتهاك واضح وخطير.
وأعلنت طهران أنها ستوقف العمل بالبروتوكول الإضافي الطوعي اعتبارا من الثالث والعشرين من الشهر الجاري بسبب عدم وفاء الأطراف الأخرى بالتزاماتها الواردة في الاتفاق النووي.
محللون سياسيون رأوا أن المفاوضات معروف فيها ان كل طرف يعض على يد الطرف الآخر ومن يصرخ اولا هو الذي يخسر، وفي الاتفاق النووي الايراني يشهد العالم نموذج المفاوضات بين محترفين، فهناك طرف يملك القوة وطرف عنده طول بال غير عادي ولافت.
ويشير هؤلاء الى ان الطرفين هما عبارة عن الحكومة الايرانية ومجلس الشورى الإسلامي، في مقابل فريق الرئيس الاميركي جو بايدن ومعه الكونغرس، وهنا يضغط مجلس الشورى على الحكومة الايرانية، والكونغرس يضغط ايضا على فريق بايدن في هذا الموضوع، وبالتالي هناك ضغوط كثيرة من عدة اتجاهات.
ويعتبر المراقبون ان الخطوة المطلوبة يجب ان تأتي من بايدن وفريقه بإعتبار ان الطرف الاميركي هو الذي انسحب من الاتفاق النووي، فبالتالي الطرف المنسحب الاجدر به ان يعود عن انسحابه بشكل طبيعي وهذا ما يقوله الايراني، لكن بايدن صرح بشكل واضح ورد على ذلك وقال اذا لم نر رجوعا ايرانيا الى التزاماتها فلن نعود، وقائد الثورة الإسلامية السيد الخامنئي خلال لقاء كبيرة مع قادة سلاح الجو الايراني، لم يتحدث فقط عن عودة الاميركي الى الاتفاق ورفع كل انواع الحظر بل وتحقق ايران من رفع الحظر قبل العودة الى الاتفاق، لكنهم استبعدوا رفع الحظر على ايران خلال المهلة لان الوقت ضيق وتلبية ما تريده ايران صعب وتلبية ما تريده الولايات المتحدة صعب، وهناك كتلة كبيرة داخل الكونغرس الاميركي تضغط على بايدن لكي لا يعود للاتفاق.
في حين يرى خبراء أن الحظر الامريكي هو آلية تريد من خلالها اميركا ان تجسد قوة مساومة لها في المفاوضات لا فقط امام ايران بل حتى امام روسيا والصين. وان تصريحات بايدن بأن واشنطن لن ترفع الحظر لعودة طهران للمفاوضات بل عليها هي اولا وقف تخصيب اليورانيوم، هي تصريحات ناجمة عن الضغوط الداخلية واللوبيات الصهيونية، وما يوجد في الساحة العملية الدبلوماسية الاميركية هو طريق آخر، والرسائل التي تأتي من بايدن لايران هي غير هذه التصريحات التي هي اعلامية فقط، فاليوم برنامج بايدن والاطراف الاوروبية وخاصة بريطانيا تؤكد على اهمية ايجاد حل وسطي للخروج من هذا الطريق المسدود.
ويعتقد المحللون ان امريكا وحلفاءها وكذلك الصين وروسيا يريدون ان يكون هناك اثبات لحسن النوايا ما بين الاطراف، لكن كلا الطرفين الآن يرفع من سقف طلباته بحيث انه عند وصوله الى طاولة المفاوضات يستطيع ان يخفض هذه المطالب للامور التي يعتبرها في قراره انها اساسية بالنسبة له.
ويؤكد المراقبون لهذه الازمة أن الدول الاوروبية سوف تمشي في ركب الادارة الاميركية الجديدة بقيادة بايدن، لانها من مصلحتها اقتصاديا ان تعود الحركة التجارية ما بين ايران والدول الاوروبية، خاصة في ظل الظروف الحالية وما يمر به الاقتصاد العالمي وخاصة الاقتصاد الاوروبي من ازمات وشدائد بسبب كورونا.
ويعتبر المحللون ان السقف الذي رفعته ايران الى اقصى درجة ممكنة وكذلك السقف الذي رفعته الادارة الاميركية الى اقصى درجة ممكنة ما هي الا محاولات لطرح جميع المشاكل على الطاولة، وفي نهاية المفاوضات ستعود الاطراف الى العقلانية، مشيرين الى ان خروج امريكا من الاتفاق النووي كان خطأ سياسيا فادحا.
فما رأيكم؟
- هل ضاقت الفرصة المحدودة امام ادارة بايدن للعودة الى الاتفاق النووي؟
- ماذا يعني تحذير ايران من وقف التنفيذ للبروتوكول الاضافي نهاية الاسبوع المقبل؟
- كيف يُقرأ كلام روحاني ان على الادارة الامريكية بدء المسار الجديد بسرعة؟
- ما الخيارات المتاحة امام بايدن لاثبات حسن النية والعودة الى الاتفاق بلا ضغوط؟
- ما هي السيناريوهات امام امريكا حتى الثامن عشر من شباط؟
ما هو الدرس الذي لقنته الجزائر لـ "إسرائيل" والدول المُطبعة؟
في صفعة قوية للدول المُطبعة والكيان الصهيونيّ المجرم، انسحب وفد برلمانيّ جزائريّ من محاضرة للجمعية البرلمانيّة للبحر الأبيض المتوسط، بعد جمع بين متدخل جزائريّ وآخر صهيونيّ، وقام 3 نواب جزائريون، من بينهم عمار موسى الذي كان محاضراً، إضافة إلى نائبين آخرين، بإرسال تقارير للانسحاب من الفقرة الثانية للشبكة البرلمانيّة لمنظمة "او سي دي"، والتي بحثت عودة النشاط الاقتصاديّ بعد أزمة فيروس كورونا المستجد.
شمل الانسحاب الجزائريّ من الفقرة الثانية الخاصة بعملية التلقيح ضد فيروس كورونا، والإجراءات التي ستليها، والتي حضرها عضو في البرلمان الصهيونيّ، ميكي ليفلي، حيث غادر النواب الجزائريون الجلسة بناءً على رسالة تلقوها من المجلس الشعبيّ الوطنيّ الجزائري (البرلمان)، دعاهم إلى الانسحاب من المحاضرة، وذلك مع ازدياد حجم التكالب على فلسطين وداعميه من خلال الانجرار نحو اتفاقات العار لتمرير "صفعة القرن" التي تهدف إلى تصفيّة قضيّة الشعب الفلسطينيّ والعربيّ، والغوص في مشاريع التفتيت والتقسيم في المنطقة.
ومن الطبيعيّ أن يصدر هذا الموقف عن الجزائر التي كانت أول دولة تعترف بدولة فلسطين، وافتتحت معسكرات تدريبيّة للمقاتلين الفلسطينيين في ستينيات وسبعينيات القرن الفائت، وقد ثمنت حركتا "حماس" و"الجهاد الإسلامي" في فلسطين، انسحاب الوفد البرلماني الجزائريّ من الاجتماع الدولي، بسبب المشاركة الصهيونيّة.
وفي هذا الشأن، ثمن المتحدث باسم حركة حماس، حازم قاسم، انسحاب الوفد الجزائريّ من اجتماع الشبكة البرلمانية الدولية للبحر الأبيض المتوسط، وهي المنتدى الرئيس الذي تتداول فيه برلمانات منطقة الأورومتوسطية للوصول إلى الأهداف الاستراتيجيّة نحو تهيئة أفضل بيئة وظروف سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية لمواطني الدول الأعضاء، وأكد قاسم أنّ هذا الموقف يعبر عن الإجماع الشعبيّ العربيّ الرافض للتطبيع مع كيان الاحتلال الغاصب، لافتاً إلى أن الموقف الجزائريّ يعكس تجذر القضية الفلسطينيّة في ضمير الشعب الجزائريّ، وعمق انْتِماء الجزائر على كل المستويات الشعبيّة والرسميّة للقضايا القوميّة وفي مقدمتها القضية الفلسطينيّة، وفق الإعلام التركيّ.
كذلك، أشار عضو المكتب السياسيّ لحركة "الجهاد الإسلاميّ"، نافذ عزّام في بيان، أنّ الجزائر عوّدت الشعب والقيادات الفلسطينيّة على هذه المواقف المبدئية والأصيلة، ونوه بأنّ التصدّي للتطبيع بكل أشكاله يمثل واجباً أخلاقيّاً ودينيّاً وعروبيّاً، وأنّ الجزائر تُمثل بوضوح شديد هذا الموقف الحر الراسخ، معتبراً أن هذا الموقف هو إدراك من الجزائر لمسؤوليته تجاه فلسطين والانتصار لقضيتها.
وتعد الجزائر من الدول العربيّة الداعمة بقوة للقضية الفلسطينيّة، وترفض رفضاً قاطعاً إقامة علاقات مع الكيان الصهيونيّ، ومطلع هذا العام، قدم نواب جزائريون مشروع قانون لتجريم التطبيع مع تل أبيب إلى رئاسة البرلمان، وتضمن بنوداً تمنع السفر أو أيّ اتصال مباشر أو غير مباشر مع العدو الغاشم، ولم يحسم بشكل كامل حتى الآن.
يشار إلى أنّ المداخلات تطرّقت إلى أن النساء من بين الأكثر تضرراً من جائحة فيروس كورونا، الذي أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة وزيادة العنف الأسريّ، وهو ما أشار إليه تقرير الجمعية البرلمانيّة للبحر المتوسط، حيث شجعت الدول الأعضاء والمجتمع الدولي بشكل عام على تبني القرارات اللازمة، ودعت التوصيات إلى التعاون بين البلدان على ضفتي البحر الأبيض المتوسط من أجل تحقيق تعاف شامل ومرن، وخاصة فيما تعلق باقتناء اللقاح وتوزيعه.
إضافة إلى ذلك، تم التطرق إلى الإجراءات المتخذة من قبل الحكومة الجزائرية لمجابهة جائحة كورونا، حيث كانت من بين الدول التي تبنت استراتيجيّة اجتماعيّة منذ البداية أي بداية من شهر أيار 2020، كما تم تضمين إعفاءات ضريبية للمؤسسات والشركات وخفض ساعات العمل ومنح إجازات مدفوعة الأجر وخاصة للحوامل والمصابين بأمراض مزمنة، وكذلك دفع بعض الإعانات للحرفيين والعاملين لحسابهم الخاص مثل النقل والمطاعم.
ومن الجدير بالذكر، أنّ الجمعية البرلمانية الأورومتوسطية تأسست في نابولي ثالث أكبر مدن إيطاليا، في 3 كانون الأول عام 2003، بقرارٍ من المؤتمر الوزاريّ للشراكة الأوروبيّة المتوسطية، وتعتبر هذه المؤسسة أحدث مؤسسة في الشركة، كما افتتحت الجمعية البرلمانيّة الأورومتوسطية فعالياتها في أثينا يومي الثاني والعشرين والثالث والعشرين من شهر آذار عام 2004، ويضم مكتبها رؤساء مجلس الشعب المصريّ والبرلمان الأوروبيّ ومجلس النواب التونسيّ والبرلمان اليونانيّ.
وتقوم الجمعية البرلمانية اليورومتوسطية بدور استشاريّ وتساهم وتدعم توطيد وتطوير الشراكة الأوروبيّة المتوسطيّة، وتعبر الجمعية عن آرائها في جميع القضايا المتعلقة بشأن الشراكة بما في ذلك تنفيذ تلك الاتفاقيات، وتتبنى الجمعية بعض القرارات أو التوصيات الموجهة إلى المؤتمر الأورومتوسطيّ، وتضم الشراكة الأورومتوسطية 44 عضواً، 28 من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي و16 دولة في الشراكة هي ألبانيا، المغرب، البوسنة والهرسك، تركيا، مصر، الكيان الصهيونيّ، الأردن، لبنان، تونس، موريتانيا، موناكو، الجبل الأسود، ليبيا، سوريا والجزائر، فضلاً عن السلطة الفلسطينيّة.
وما ينبغي ذكره، أنّ الجزائر في ظل الفوضى التي اجتاحت الشرق الأوسط على خلفية التطبيع والجدل الذي انتشر في الشارع العربيّ، بسبب الضخ الإعلامي المكثف من الدول المطبعة والإعلام الغربيّ لدفع بقية الدول العربيّة نحو التطبيع، اختارت عدم الصمت عن هذه الفوضى، وإيقاف هذه السموم الإعلامية، عبر طرح مشروع قانون لمنع الترويج للتطبيع مع الكيان الصهيونيّ، عبر وسائل الإعلام والإعلام البديل.
في النهاية، إنّ ما قامت به الجزائر يُعد موقفاً وطنيّاً عروبيّاً بامتياز، في ظل الهجوم القذر على القضية الفلسطينيّة وداعميها، ما يشي بأنّ أصحاب الضمائر الحية في العالم العربيّ لا يمكن أن يستكينوا للخانعين والمُستسلمين والراضخين وأسيادهم، ومن المتوقع أن يعاني الكيان الصهيونيّ المجرم كثيراً من هذه الموقف التي تؤكّد كل يوم عدم شرعيته وعدوانه، في اللقاءات السياسيّة والاقتصاديّة والرياضيّة.
المصدر: الوقت
ربيعي: ايران جاهزة للعودة الى الوضع الاول للاتفاق النووي ان عادت اميركا الى التزاماتها
تلتقي برامج التثقيف الاسلامي عند محور مركزي يمثل الدورة الثقافية السنوية الأم التي تتفرع عنها وتتماهى معها كل برامج السنة والعمر. إنها دورة الأشهر الثلاثة رجب وشعبان وشهر رمضان.
ويكشف التأمل في منظومة برامج أعمال كل من شهري رجب وشعبان عن تمهيد رجب لشعبان وتمهيد الشهرين لشهر رمضان لتظهر الشخصية الواحدة لهذه الأشهر من خلال خصائص الدورة الثقافية الواحدة التي تمتد من بداية أول ليلة من رجب إلى ما بعد توزيع الجوائز في يوم العيد.
وقد ورد التعبير بالجوائز في الحديث الشريف عن الإمام الباقر عليه السلام عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): «إذا طلع هلال شوال نودي المؤمنون: أن اغدوا إلى جوائزكم».
الأشهر الثلاثة والشخصية الواحدة:
ورد الحديث عن الشخصية الواحدة للأشهر الثلاثة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما في الحديث الشريف الآتي: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «إن من عرف حرمة رجب وشعبان، ووصلهما بشهر رمضان شهر الله الأعظم شهدت له هذه الشهور يوم القيامة، وكان رجب وشعبان وشهر رمضان شهوده بتعظيمه لها، وينادي مناد: يا رجب يا شعبان ويا شهر رمضان كيف عمل هذا العبد فيكم وكيف كانت طاعته لله عز وجل؟ فيقوم رجب وشعبان وشهر رمضان: يا ربنا ما تزود منا إلا استعانة على طاعتك واستمدادا لمواد فضلك، ولقد تعرض بجهده لرضاك، وطلب بطاقته محبتك. فقال للملائكة الموكلين بهذه الشهور: ماذا تقولون في هذه الشهادة لهذا العبد؟ فيقولون يا ربنا صدق رجب وشعبان وشهر رمضان، ما عرفناه إلا متقلبا في طاعتك، مجتهدا في طلب رضاك، صائرا فيه إلى البر والاحسان، ولقد كان يوصله إلى هذه الشهور فرحا مبتهجا. أمل فيها رحمتك، ورجا فيها عفوك، ومغفرتك وكان مما منعته فيها ممتنعا وإلى ما ندبته إليه فيها مسرعا لقد صام ببطنه وفرجه و سمعه وبصره، وساير جوارحه ولقد ظمأ في نهارها ونصب في ليلها، وكثرت نفقاته فيها على الفقراء والمساكين، وعظمت أياديه وإحسانه إلى عبادك، صحبها أكرم صحبة، وودعها أحسن توديع أقام بعد انسلاخها عنه على طاعتك، ولم يهتك عند إدبارها ستور حرماتك، فنعم العبد هذا. فعند ذلك يأمر الله تعالى بهذا العبد إلى الجنة فتلقاه ملائكة الله بالحباء و الكرامات، ويحملونه على نجب النور، وخيول النواق، ويصير إلى نعيم لا ينفد، ودار لا تبيد، لا يخرج سكانها، ولا يهرم شبانها، ولا يشيب ولدانها، ولا ينفد سرورها وحبورها، ولا يبلى جديدها، ولا يتحول إلى الغموم سرورها لا يمسهم فيها نصب ولا يمسهم فيها لغوب، قد أمنوا العذاب، وكفوا سوء الحساب وكرم منقلبهم ومثواهم»[1].
محور العمر كله:
يؤكد هذا الحديث الشريف ست حقائق:
1- شهادة هذه الأشهر لمن عمل فيها بطاعة الله تعالى.
2- شهادة خاصة من الملائكة لمن انتظر هذه الشهور وأحسن صحبتها.
3- الخطوط العامة للعمل في هذه الدورة – المسابقة.
4- المحافظة على روح هذه الدورة ومواد العمل فيها، بعد انقضاء أشهرها. (ولم عند إدبارها ستور حرماتك).
5- النعيم الخاص وكفاية سوء الحساب، ويعني الأخير عدم المداقة في الحساب وهو في بابه فوز عظيم.
والحديث حول دوام روح هذه الأشهر وعدم هتك سترها عند إدبارها، حديث عن محورية هذه الدورة الثقافية العبادية في البناء الثقافي العقيدي والعبادي للسنة كلها. ثم إن تكرارها السنوي يجعلها محور العمر كله.
ومن الأهمية بمكان أن يلحظ في هذا السياق بالتحديد العلاقة بين ليلة قدر هذه الدورة التربوية الإلهية وبين ليلة الجمعة. ليلة الجمعة ليلة قدر الأسبوع كما هي ليلة القدر التي تقع في نهايات دورة الأشهر الثلاثة، ليلة قدر السنة.
حرمة رجب وليلته الأولى:
ولابد من التنبه أيضاً في خصائص الأشهر الثلاثة أنها تبدأ بأحد الأشهر الحرم وهو شهر رجب.
في خطبة النبي (صلى الله عليه وآله) عام حجة الوداع.. إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً: منها أربعة حرم: ثلاثة متوالية رجب مضر الذي بين جمادي وشعبان[2].
شاء الله تعالى أن يكون الشهر الأول من أشهر دورة السنة التأهيلية شهراً حراماً وأن تختم بالشهر الذي لا يضاهي فضله شهر، وهو شهر رمضان. وما بينهما شهر خاص – وبامتياز- برسول الله: «ألا إن شعبان شهري، فرحم الله من أعانني على شهري»[3].
كما شاء سبحانه أن تكون الليلة الأولى من هذا الموسم السنوي ودورته الإلهية التأهيلية، من الليالي التي يستحب إحياؤها بالعبادة.
عن الإمام الرضا عن أبيه الإمام الكاظم عن أبيه الإمام الصادق عن أبيه الإمام الباقر (عليه السلام): «أن علياً عليه السلام كان يعجبه أن يفرغ الرجل نفسه في أربع ليال من السنة: ليلة الفطر، وليلة النحر (الأضحى) وليلة النصف من شعبان، وأول ليلة من شهر رجب»[4].
فرادة البرامج:
لدى التأمل في برامج الأشهر الثلاثة المتنوعة والشاملة، تتجلى فرادة المنهج الإسلامي المعتمد في بناء الشخصية المؤمنة. إن الواجبات التي حدد لها وقت معين، ووفرة الأعمال المستحبة الموزعة على الأشهر الإثني عشر، والتي تشكل أعمال الأشهر الثلاثة منها القلب والجوهر، سواء أكانت هذه الأعمال ذكراً أم دعاءً أم صلاة أم صياماً، أم زيارة عن قرب أو بعد – ينبغي أن ينظر إليها جميعاً، الواجبات والمستحبات – باعتبارها تظهيراً فريداً لمفاهيم الثقافة الإسلامية التي عقد المسلم القلب عليها حين اعتقد بالأصول بالدليل والبرهان.
لابد للمنتمي إلى خط فكري أن يتواصل على الدوام مع الفكر الذي انتمى إليه، وليست هذه الأعمال المبثوثة في كل مفاصل الزمن إلا تجسيد رعاية منهج التوحيد للقلب الذي استضاء بنوره، حتى لا يخبو هذا النور لفرط ما يواجه من رياح الظلام والأعاصير.
كما يلتزم القانون اعتماداً على المختص، يجب التعامل مع الثابت من المستحبات والمكروهات اعتماداً على من أظهرهم الله تعالى على الحقائق والأسرار. ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾[5].
ولتثبيت حقيقة أن التعامل مع القانون الإلهي ومنه المستحبات والمكروهات، هو من سياق التزام القانون ثقة بالمختص، نجد في روايات المستحبات عموماً وروايات رجب بالخصوص التأكيد مكرراً على أن هذا الثواب الكثير وهذه النتائج المرجوة رهن اليقين. فهل نُقبل على موسم الأشهر الثلاثة ودورتها الأم، بملء اليقين؟
في بيان خطورة نقص اليقين، يقول الإمام الخميني قدس سره: "إن مصدر جميع الخطايا والمعاصي التي تصدر من الإنسان، هو النقص في اليقين والإيمان، وإن مراتب اليقين والإيمان مختلفة على مستوى لا يمكن عدها وبيانها. وإن اليقين الكامل والاطمئنان التام الذي يحظى به الأنبياء، والحاصل من المشاهدة الحضورية هو الذي يعصمهم من الآثام".
رزقنا لاله تعالى اليقين وأن نقرن القول بالعمل.
* سماحة الشيخ حسين كوراني
[1] بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 94 - ص 38
[2] الخصال - الشيخ الصدوق - ص 487.
[3] إقبال الأعمال - السيد ابن طاووس - ج 3 ص 288.
[4] بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 94 ص 39.
[5] سورة الملك / 14.
الطاقة الذرية: إيران أخطرتنا بوقفها تنفيذ الإجراءات الطوعية بموجب الاتفاق النووي
أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن طهران أخطرتها بتعليق إيران إجراءاتها الطوعية بموجب الاتفاق النووي بما فيها البروتوكول الإضافي، اعتبارا من الـ23 من فبراير.
وقالت الوكالة إن مديرها رافائيل غروسي اقترح السفر لإيران للتوصل إلى حل يسمح للوكالة بمواصلة أنشطة الرقابة الأساسية.
وكان المندوب الدائم لإيران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية كاظم غريب ابادي، أعلن يوم أمس أنه تم تسليم المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رسالة وقف الاجراءات الطوعية لايران بموجب الاتفاق النووي في 23 فبراير .
وقال غريب أبادي إن "هذا الإجراء يأتي تنفيذا للقانون الذي أقره مجلس الشورى الإسلامي لرفع الحظر وحماية مصالح الشعب الإيراني وبما يتماشى مع حقوق جمهورية إيران الإسلامية بموجب المادتين 26 و36 من الاتفاق النووي لعدم امتثال الأطراف الأخرى بتعهداتها في اتجاه رفع الحظر غير القانوني".
وأضاف: "من الآن فصاعدا، سيستمر التعاون بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية على أساس التزامات اتفاقية الضمانات فقط ، حتى رفع الحظر بشكل عملي وملموس لتمهيد الأرضية لإيران للعودة إلى تنفيذ هذه الإجراءات".
المصدر: "رويترز" + "فارس"