emamian

emamian

كلمة الإمام الخامنئي في ذكرى مولد النّبي الأكرم (ص) والإمام جعفر الصادق (ع)، والذّكرى الوطنيّة لمقارعة الاستكبار العالميّ 3-11-2020

بسم الله الرحمن الرحيم،

والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبيّنا أبي القاسم محمد، وعلى آله الطيّبين الطاهرين المنتجبين المعصومين، ولا سيما بقيّة الله في الأرضين.

إنّ ولادة النبي الأكرم (ص) مهّدت لأعظم حادثة في تاريخ البشرية. أبارك لجميع المشاهدين الأعزاء، وجميع أبناء الشعب الإيراني، وأبناء الأمة الإسلامية العظيمة، ذكرى المولد السّعيد للنبي الأكرم والرسول الأعظم (ص)، وذكرى مولد الإمام جعفر الصادق (ع)، اللذين يُعدّان من الأعياد العظيمة. لقد مهّد هذا المولد المبارك الأرضية للبعثة النبوية الشريفة التي هي أعظم حادثة في تاريخ البشرية قاطبة. أسأل الله – تعالى – أن يجعل هذا العيد مباركاً على شعبنا العزيز وجميع الشعوب المسلمة، وأن يكون أساساً لكثير من البركات للمجتمع البشري أجمع.

تزامنت مع هذا اليوم ثلاث مناسبات إحداها المولد المبارك للنبي الأكرم (ص) وحفيده العزيز الإمام الصادق (ع)، والمناسبة الثانية «أسبوع الوحدة الإسلامية»، وهي مناسبة مهمّة جداً، والمناسبة الثالثة الذكرى السنوية لمقارعة الاستكبار التي تصادف الثالث عشر من آبان [الثالث من تشرين الثاني]. سنتحدث لشعبنا الإيراني العزيز باختصار عن كل واحدة من هذه المناسبات الثلاث.

التلاؤم الواضح بين بعض آيات «القرآن الكريم» ووضع البشرية الحالي
هناك عدد من الآيات في القرآن الكريم التي نزلت حول النبي الأكرم (ص)، وبعضها يناسب بوضوح الوضع الحالي للبشرية، إذ عندما يقرأ الإنسان هذه الآيات يشعر كأنها تخاطب البشرية الآن. من هذه الآيات الآيةُ المباركة من سورة «براءة»: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (التوبة، 128)؛ تخصّ الجملتان الأوليان في الآية جميع البشر. كما يقول في آية أخرى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} (الأعراف، 158)، فخطاب النبي الأكرم (ص) موجّه إلى جميع البشر. هاتان الجملتان مهمّتان جداً: الأولى {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ}، أي ليعُزّ على النبي العظيم (ص) معاناة كلّ فرد من أبناء البشر، فهو يـتألّم لآلامهم، والجملة الثانية: {حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ}، أي غيور عليكم ومشتاق لكم ومهتمّ بمصيريكم. هذا الخطاب موجّه إلى أبناء البشرية جمعاء.

إنّ المجتمع البشري اليوم هو مصداق لهذا الخطاب، أي هناك تناسب كبير بين هذا الخطاب والوضع الحالي للمجتمع البشري. في الحقيقة، يمكننا القول إن البشرية تعاني اليوم أكثر من أيّ وقت مضى في تاريخها. فهناك غيابٌ للمساواة، وحروب، وإشعال للصّراعات، ونزعة مادية متشددة قلّ نظيرها في حقب التاريخ الماضية من حياة البشر، واستخدامٌ للتطور العلمي والتقني لقمع الشعوب، كما للطغيان وأنواع الشرور والطواغيت.

توظيف الاستكبار العلمَ والتطور التّقني لتفعيل قوّته الطّاغوتية
طبعاً بعض هذه الأمور، من مثل غياب المساواة، والتمييز، وفقدان العدالة، ووجود الطواغيت، كانت موجودة على مر التاريخ وليست وليدة هذا العصر، لكن اليوم يجري توظيف العلم والتّطور التّقني لإعمال هذه القوّة الطّاغوتية. مثلاً كان فرعون يقول: {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ} (الزخرف، 51)، أي كان يمارس طغيانه في نطاق محدود هو مصر. أما اليوم، فأمريكا التي تمثّل فرعون هذا العصر لا تكتفي ببلاد أمريكا، ولا تقول: «أليس لي ملك أمريكا!»، بل تتدخّل في شؤون البلدان الأخرى، وتصنع الحروب، وتتسلّط، وتنشئ قواعد عسكرية لها. الوضع على هذا النحو، فاستخدام الطواغيت المعرفة البشرية والتّطور العلمي جعل انتشار التّمييز والحروب أكثر من أي وقت مضى. إنّ الرّوح الطاهرة للنبي الأكرم (ص) تتألّم حقاً لما تعانيه البشرية اليوم، كما ورد في هذه الآية المباركة: {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ}. وهو في أمَسّ الشّوق لتحقيق سعادة البشرية وهدايتها، وهو بما للكلمة من معنى كأب حنون يريد السعادة للبشرية، وأن تهتدي إلى الصّراط المستقيم، وأن تصل إلى النّهاية التي فيها نفعُها.

تمييز الخطاب القرآني بين أئمة الكفر وغيرهم من عامّة الكفّار
من النقاط اللافتة في هذه الآية المباركة أنها جاءت آخر سورة «براءة» (التّوبة). و«براءة» هي سورة الحرب، والبراءة من الكفار، وسورة الأمر بالجهاد وأمثال ذلك. فأن يقول القرآن آخر هذه السورة: {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ} ويكون الخطاب موجّهاً إلى أفراد البشر كافة، كما أسلفنا، فهذا يمكن أن نفهم منه هذه النقطة: تلك الخطابات التي وجّهتها هذه السورة لا تخصّ الأفراد الجاهلين والغافلين من غير المسلمين، وإنما قادة الكفر والاستكبار، وتلك الأنظمة المتحكّمة بمصير المجتمعات البشرية التي عبّر عنها القرآن في إحدى آياته بأئمّة الكفر: {فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ} (التوبة، 12)، كما عبّر عنها في مكان آخر في سورة «القصص» بالأئمة الذين يدعون إلى النار: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ (41)}، أي يجرّون الناس إلى جهنم ويدعونهم إلى النار. في الواقع إنّ تلك الحدّة والشدّة التي يبديها القرآن قُبالة أعداء الإسلام، والكفّار، إنّما موجّهة إلى تلك التيّارات. أما عامّة الأشخاص من غير المسلمين، الذين ينشدون الحقّ ويميلون إليه وليسوا من أهل العناد وليس لديهم أهداف مغرضة، فهم المخاطبون في هذه الجملة الجميلة من القرآن الكريم: {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ}.

إن العدوّ الأساسيّ للإسلام اليوم، والمصداق الحقيقي لتلك الآية: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ}، هي قوى الاستكبار والصهيونية. هؤلاء من يواجهون الإسلام ويعارضونه بكلّ ما أوتوا. وآخر حلقة في مسلسل المواجهة ما حدث، للأسف، الأسبوع الماضي في باريس. هذه الرّسوم المسيئة التي عُرضت في باريس تحتاج إلى كثير من الدّقة والانتباه (إلى الهدف منها).

سقوط الفن في فرنسا وتلقّيه الدّعم السّياسي من الدّولة
إنّ قضية نشر الرّسومات الكاريكاتيرية المسيئة إلى النبيّ (ص) ليست مجرّد أن رسّاماً كاريكاتيرياً فاسداً ومنحرفاً ارتكب هذا الفعل القبيح وأساء إلى نبيّ الإسلام (ص) بلغة الكاريكاتير، بل توجد أيدٍ خفيّة وراء هذه الحادثة. ما الدليل على ذلك؟ الدليل هو ما شاهدناه من التحرك المفاجئ لرئيس جمهورية فرنسا، وحتّى بعض الدول، للدّفاع عن هذا العمل الفنيّ العادي! واضحٌ أن هناك جهات تقف وراء هذه القضية، فالمسألة ليست مجرّد أن الفنّ في فرنسا وصل إلى هذا المستوى من السقوط والانحطاط، بل القضية هي سياسة تلك الدولة التي تدافع عن هذا العمل الخطأ، وذاك المسؤول السياسي الذي يعلن دعمه الصّريح لهذا العمل. حسناً، أنتم تقولون إنّ هذا الطّرف [المسلم] قتل ذلك الإنسان. حسناً! فلماذا بدلاً من إظهاركم الأسف والتّعاطف مع المقتول تأتون بهذه الرسوم المسيئة وتنصبونها في مكان ظاهر للجميع وتدافعون عنها بكلّ صراحة؟ هذه حادثة مؤلمة وقبيحة جداً على مستوى دولة، وليست مجرّد عمل لفنان أو رسام كاريكاتير. في المرّات السابقة، عندما حدثت أعمال مشابهة لذلك، رأينا أيضاً، كيف أن مسؤولين في الدولة وشخصيات سياسية انبروا للدّفاع عن هذه الأعمال وحمايتها.

غضب الأمّة الإسلامية يدلّ على أن المجتمعات الإسلاميّة حيّة
طبعاً إنّ الأمّة الإسلامية تبدي اليوم اعتراضاً وغضباً عارمين، وهذا يدّل على أن المجتمعات الإسلامية لا تزال حيّة، وهو ما يبعث على الرّضا. إنّ الشّعوب المسلمة وحتى كثيرين من المسؤولين والشّخصيات السياسية شرقيّ العالم الإسلامي وغربيّه – طبعاً هناك من أظهر حقارته حتى هنا – عبّروا عن غضبهم واعتراضهم، ودافعوا عن الهويّة الإسلامية والشّخصية العظيمة للنبي الكريم (ص)، وهذا يدّل على أن الشعوب المسلمة حيّة. لكن هناك عبرة لافتة في هذه الحادثة هي من جملة الأشياء التي يجب أن يلتفت إليها الذين يعملون بالسياسة ويتابعون المسائل السياسية في العالم. العبرة في الحادثة هي ربط الدّولة الفرنسية بين هذه القضيّة وموضوع حقوق البشر وحرّية التعبير وأمثالها.

تقديم الدّولة الفرنسيّة الدّعم إلى أكثر الإرهابيّين وحشيّة وعنفاً في العالم
لنرَ الآن هذه الدولة الفرنسية أيّ دولة هي، وسياستها أي سياسة؟ هي السياسة نفسها التي انتهجتها وجعلت من أراضيها ملاذاً آمناً لأكثر الإرهابيين عنفاً ووحشية في العالم، أي الإرهابيّين الذين استهدفوا رئيس الجمهورية في بلادنا، ورئيس الوزراء، ورئيس السّلطة القضائية، وأشخاصاً كثيرين من أعضاء المجلس والحكومة والسلطة القضائية، وأدّوا إلى استشهادهم. طبقاً للإحصاءات لدينا تسبّب هؤلاء في استشهاد أكثر من سبعة عشر ألف شخص من عامّة الناس في الأزقة والأسواق. هؤلاء ليسوا إرهابيّين عادييّن، وهم يقيمون في فرنسا وباريس، ثم يأتي هؤلاء ويدّعون الدّفاع عن حقوق الإنسان وحرية التعبير. هذه الدولة نفسها كانت من أكبر الداعمين للذئب الدموي صدّام [حسين] أيّام الحرب المفروضة – طبعاً لا يمكننا القول إن دعمها كان أكبر من الدّول الأخرى لكنها كانت من الدّاعمين الكبار لصدّام أثناء هذه الحرب – وقدّمت إليه أحدث الطّائرات والمعدّات الحربية المتطورة، ولم تخجل من فعلتها واعترفت بذلك. هذا سلوكهم تجاه الإرهابيين وأمثالهم وقد شاهدتم بأُمِّ أعينكم كيف تعاملوا مع المتظاهرين من شعبهم في مظاهرات أيام السبت التي اندلعت خلال السنة الأخيرة! ثمّ يأتي هؤلاء ويدّعون أنهم من أهل الدّفاع عن الحريّات وحقوق الإنسان وأمثال ذلك!

الدّفاع عن الوحشيّة الثقافيّة وعن المنافقين وصدّام وجهان لعملة واحدة
أعتقد شخصياً أن الدّفاع عن هذه الوحشية الثقافية، أي العمل الإجرامي لرسام الكاريكاتير، والدّفاع عن المنافقين (جماعة «خلق») وعن صدّام وتقديم الدّعم إليهما، هما وجهان لعملة واحدة.
لقد تكرّرت أمثال هذه الحوادث في السنوات الأخيرة في الدّول الأوروبية وأمريكا، الإساءة إلى القرآن وإلى النبي المعظّم (ص)، لكنها لن تستطيع الخدش، لو قليلاً، بكرامة نبي الإسلام (ص) وجلالته وعظمته؛ واضح جداً أن الوجه النّوراني لنبي الرّحمة (ص) لن تؤثّر فيه مثل هذه الأشياء، وسيزداد نور شمسه سطوعاً يوماً بعد يوم. وكما أنّ زعماء مكّة والطّائف في تلك الأيام، رغم كلّ الجهود التي بذلوها، لم يستطيعوا محو الاسم المقدس لنبيّ الإسلام (ص)، اليوم أيضاً لن يستطيع هؤلاء «الحضرات» الذين يشبهونهم أن يلحقوا أيّ ضرر بالنبي (ص).

علامات ظهور الجاهليّة الحديثة والحضارة الغربيّة المتوحّشة
ما يمكن أن نفهمه من أمثال هذه الأفعال أنها تكشف عن الذّات الظّالمة للحضارة الغربية. إنها تكشف مدى الظّلم والوحشيّة في ذات هذه الحضارة وهذه الثقافة التي تمثّل في حقيقتها جاهليّة حديثة. طبعاً يخفون هذا الوجه الوحشيّ لأنّ لديهم علماً وتطوراً تقنياً، فيوظّفون العلم والتّقنيات الحديثة ليخفوا خلفها تلك الوحشية عبر أنواع التعابير الإنسانية والوجوه التي في ظاهرها بشرية. يخفون حقيقتهم الوحشيّة خلف ظاهر مجمّل بربطات العنق والعطور وأمثال ذلك. إذاً، الإسلام ونبيّه الكريم (ص) لن يمسّهما سوء، لكن هذه الأفعال وسيلة لنعرف – أنا وأنتم – هذه الحضارة على حقيقتها. حضارة وحشيّة حقاً! لقد كانت هذه الحضارة وبالاً على شعوبها أنفسهم. الآن، بعد مرور قرون على هذه الحضارة وعصر النّهضة، تشاهدون غياب المساواة، والفقر، وفقدان العدالة، وحالة الانحلال الأخلاقي المخجلة في الدّول الأوروبية وفي أمريكا وأتباعهم. هذه هي طبيعة الحضارة الغربية وحقيقتها. إلى هنا كان الحديث عن المناسبة الأولى.

الابتكار العظيم للإمام الخميني الراحل (قده) بإعلانه «أسبوع الوحدة الإسلامية»
في ما يتعلّق بـ«أسبوع الوحدة الإسلامية»، أظنّ أنه اتّضحت اليوم أهمّية هذا الابتكار العظيم للإمام الراحل أكثر من أي وقت مضى. في ذلك اليوم الذي أعلن فيه إمامنا العظيم «أسبوع الوحدة الإسلامية»، ودعا جميع الفرق والمذاهب الإسلامية إلى توحيد توجّهاتها وميولها العامة والسياسية والاجتماعية، لم يستطع كثيرون ممّن عناهم هذا الخطاب أن يدركوا المدى لأهمية هذا النداء، ولا سيما مسؤولي عدد من الدّول الإسلامية، إذ لم يفهموا حجم الأهمية التي ينطوي عليها النداء. بل إن كثيرين منهم أظهروا العناد، وتجاهلوا هذا النّداء لأغراض في أنفسهم. واليوم نحن ندرك كم كان هذا النداء مهمّاً. عندما يرى الإنسان هذه الأحداث اليوم، وهذه الاختلافات الكثيرة بين الدول الإسلامية، وهذه الأحداث المريعة في بعض دول المنطقة، في سوريا والعراق وليبيا واليمن وأفغانستان، يدرك كم أنّ الحاجة إلى اتّحاد المسلمين مهمّة، وكم أنّ وحدة الأمة الإسلامية ذات قيمة، تلك التي طرحها الإمام الرّاحل ودعا إليها، ولو أنها تحققت، ما حدثت كثير من هذه القضايا.

الحركة الخائنة للتّطبيع مع الصّهاينة من نتائج تفرّق العالم الإسلاميّ
في الواقع إنّ ما نشهده اليوم في العالم الإسلامي، ولا سيما في هذا الجزء منه، أي منطقتنا، مؤلم للغاية؛ لقد همّشوا القضية الفلسطينية وحرّكوا مسار التّطبيع الخائن والمذلّ مع الصّهاينة. هذا كله ناتج عن غياب الوحدة في العالم الإسلامي، فبسبب هذا التّنافس والدّوافع الفاسدة وغير السليمة لدى بعضهم جاء الإقدام على هذا العمل القبيح وتضييع حقوق الشّعب الفلسطيني.
لكن القضية الفلسطينية لن تنتهي، وهؤلاء لن يستطيعوا، وهم أصغر من أن يستطيعوا، تصفية القضية الفلسطينية. إنّ هذه القضية ستستمرّ، وستعود فلسطين إلى الفلسطينيّين، وهذا الكيان الصهيوني المُختلق هو من سيزول. هذا مما لا شك فيه، وكل ما يفعله هؤلاء هو مجرّد زرع للعراقيل أمام ذلك، ومنها موضوع التّطبيع مع هذا الكيان الغاصب القاتل المجرم. هذه حقيقة الكيان الصهيوني: غصب أرض فلسطين وقتل شعبها. فكم قتل هؤلاء الصهاينة من أبناء الشعب الفلسطيني وكم ارتكبوا من جرائم! هم فرحون بعملهم هذا (التّطبيع) ويختلقون لأنفسهم مبرّرات تُضحك الثّكلى.

إدراك العدوّ لمدى الأهمية لوحدة المسلمين وتخطيطِه ضدّها
أريد أن أقول: من المؤسف أن كثيراً من الدول الإسلامية لم تدرك مدى الأهمية للطرح الذي قدّمه الإمام الراحل آنذاك، لكنّ العدو أدرك ذلك جيداً وأدرك أهمية هذه الدعوة التي وجّهها الإمام الرّاحل لوحدة المذاهب الإسلامية على أساس التوجهات الكليّة – مع احتفاظ كل منها بعقائده ومناسكه الخاصة – وكم ستحدّ من نفوذه داخل البلدان الإسلامية. لهذا، بدأ التخطيط ضد هذا المسار وهذه الحركة. ووضع خططاً عملانية لمواجهة نداء الوحدة الذي رفعه إمامنا العزيز، من جملتها. أولاً: إيجاد مراكز لإنتاج الفكر المُعادي لما نسميه التّقريب بين المذاهب الإسلامية. أنشؤوا مراكز وقدموا المال إلى بعض العملاء ليجلسوا في هذه المراكز وينتجوا أفكاراً وأبحاثاً تتعارض مع فكرة التقريب، أي أن يعملوا عبر مراكز لإنتاج الفكر من أجل إحباط سياسة الإمام وهذا التدبير الإلهيّ العظيم الذي عمل عليه. ثانياً: صناعة الجماعات التكفيرية. فجماعة «داعش» الجرّارة أوجدها أعداء الإسلام، وقد اعترف الأمريكيون بذلك. طبعاً نحن كنّا نعلم بذلك ولدينا معلومات، لكن عندما ندّعي هذا الادّعاء ربّما يكون كلامنا محلّ أخذ وردّ، لكن هم أنفسهم اعترفوا بهذا، سواء الذين أوجدوا «داعش» في الحكومة الأمريكية السابقة أو التي بعدها، ولا سيما هذا الذي يتربّع على عرش السلطة الآن (1). لقد قال بكل صراحة إنهم من أوجدوا «داعش» وقدموا إليها الحماية والدعم، بل أمروا عملاءهم في المنطقة، الدول التابعة لهم، لكي يمدّوا «داعش» بالمال ويشتروا لها السلاح وكلّ ما تحتاجه من عتاد وتجهيزات.

إذاً، هؤلاء أوجدوا مراكز لإنتاج الفكر المُعادي للوحدة، وكذلك تيارات تكفيرية إرهابية، واستطاعوا أن يُقحموا في هذا المسار كثيرين من العناصر الجاهلة والغافلة، وأن يُدخلوهم في هذه اللّعبة، بإثارة غضبهم ودفعهم ليشتم كلٌّ منهم الآخر. لهذا، نرى مثلاً شخصاً من أهل المنبر، في إحدى الدول الجارة، يقوم فجأة ويصعد المنبر ويكيل الإساءات إلى مقدسات المذهب الآخر ورموزه، ثم ينزل من على المنبر، ويذهب إلى السفارة البريطانية طالباً اللجوء. أمثال هذه الحوادث كثيرة وليست قليلة أبداً. يدفعون أشخاصاً ليحرّضوا الناس ويثيروا غضبهم، كي يقتتلوا بينهم. إذاً، هؤلاء قالوا بصراحة إنهم وراء هذه الأعمال. لكن ما أريد أن أقوله: إنّ إثم بعض دول المنطقة الذين تولّوا تقديم الدعم المالي إلى هذه الجماعات أكبرُ بكثير من الأفراد التّابعين لها، أي ذاك الشخص الذي جاء من إحدى بقاع العالم الإسلامي وانضم إلى هذه الجماعات من منطلق التعصّب الديني وبسبب الجهل ذنبه أقلّ من ذاك الرئيس وذاك المسؤول وذاك الملك الذي أمدّ هذه الجماعات بالمال وقدّم إليها التّسهيلات، وهيّأ لها السّلاح والعتاد وغيرها. طبعاً يبقى المجرم الأساسيّ الأمريكيّين. هذا هو الواقع.

أمريكا والنّظام السعوديّ هما المجرمان الأساسيّان في مسألة التيّارات التّكفيريّة
أما موضوع التيّارات التكفيرية في هذه المنطقة، فيتحمّل جرمها أساساً الأمريكيّون، ثمّ أتباعهم السعوديّون الذين قدّموا المال والدعم إليها، كما أنّ الأمريكيّين ارتكبوا جرماً آخر بغزوهم البلدان الإسلامية بذريعة هذه الجماعات التكفيرية، فغزوا أفغانستان وسوريا، وكانوا يخططون لغزو أماكن أخرى مثل العراق ولا يزالون، لكنّ شباب العراق والشعب العراقي المؤمن لن يسمحوا لهم بذاك، فغيرتُهم وتعصّبهم للحق سيمنعان أمريكا، إن شاء الله، من تحقيق مبتغاها. لكن هؤلاء لديهم خطة ويسعون جاهدين للنفوذ داخل هذه الدول. طبعاً في كلّ مكان دخلوه زرعوا الخراب وسلبوا الأمان. لقد دمّروا البنى التحتية للدول التي دخلوها ونشروا الفوضى وأشعلوا الحروب الداخلية وأرهقوا كاهل الحكومات بإشغالهم بالمشكلات لكي لا تتمكّن من القيام على وظائفها الأساسية. إنّهم المصداق الحقيقيّ لقوله – تعالى –: {وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ} (البقرة، 205)؛ هذا ما فعلوه تماماً، فهذه الآية تنطبق عليهم بما للكلمة من معنى.

علاج القضيّة الفلسطينيّة وفاجعة حرب اليمن يكونُ بوحدة الأمّة الإسلاميّة
في اعتقادي «أسبوع الوحدة الإسلامية» مهمّ للغاية، واتّحاد المسلمين هو العلاج لكثير من آلام الأمّة الإسلامية. مثلاً هذه الحرب المفجعة في اليمن منذ خمس سنوات، وهذا الشعب المظلوم الذي يتعرّض للقصف في الأزقة والأسواق والبيوت والمستشفيات والمدارس وحتّى التجمّعات البشرية، هذا حدث ليس صغيراً. إنه حدث كبير جداً. وقد أظهر السعوديّون في هذه الحرب قسوة رهيبة. أو (مثلاً) في ما يخصّ القضية الفلسطينية وما فعلته بعض الدول الضعيفة الذليلة من التّطاول على العالم الإسلامي والأمة الإسلامية وتجاهلها القضية الفلسطينية وتطبيعها العلاقات مع الغاصب القاتل. بلا شكّ، كلّ هذه الأمور لا تعالج إلا بالوحدة الإسلامية، وكذلك المشكلات الأخرى للدول والشّعوب المسلمة – هناك مشكلات كثيرة في أنحاء العالم الإسلامي مثل قضية كشمير والحرب في ليبيا وغيرها – لن تزول إلا ببركة اتّحاد المسلمين. هذا بشأن الوحدة الإسلامية.

مقارعة النّظام الأمريكيّ المستكبر أمر عقلانيّ وحكيم
أما مسألة الثالث عشر من آبان [الثالث من تشرين الثاني]، فمن محاسن المصادفات هذه السنة هذا التّزامنُ بين ذكرى المولد النبوي الشريف ويوم مقارعة الاستكبار، الأمر الذي يستحضر في ذهن الإنسان هذه الآية المباركة: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} (الفتح، 29). فمن جهة لدينا المولد، ومن جهة أخرى {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ}، وهي الحركة العظيمة التي فعلها شبابنا. لقد كان الثالث عشر من آبان مظهراً من مظاهر مقارعة الشعب الإيراني للاستكبار. لم تكن القضية مجرّد مشكلة مع بعض الموجودين داخل إحدى السفارات، بل كانت عملاً مهماً وفي محلّه، وله رمزيته في المواجهة ضد الاستكبار. فالنّظام الأمريكي نظام استكباري، ومثل هذا النّظام ينطوي على كثير من المساوئ والشّيطنات والمضارّ، فهو يشعل الحروب ويمارس الإرهاب ويرعاه، ويتدخّل في شؤون الغير، كما أنه فاسد ومحتكر. أي عندما نقول «نظام استكباري» نعني ذاك النظام الذي فيه كل هذه المساوئ والقبائح والشّيطنات. بناءً على هذا، إنّ مواجهة هذا الاستكبار وهذه الظّاهرة هي عينُ العقلانيّة. هناك من يقول: يا سيّد! هذا خلاف العقلانية والحكمة. ونحن نقول له: ليس هذا خلاف الحكمة بل هو عين العقلانية، وإنما خلاف العقلانية هو الاستسلام والخنوع.

أمريكا هي البادئة بالعدوان
لم نكن البادئين، أي لم نشرع في العدوان – اللّطيف أنه يوجد في القرآن الكريم عبارة تعبّر عن وضعنا تماماً، قوله تعالى: {وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} (التوبة، 13) – بل هم من بدؤوا. نحن لم نهاجم السفارة الأمريكية بعد انتصار الثورة مباشرة، بل كانت في بدايات انتصار الثورة موجودة وموظّفوها يؤدّون أعمالهم، لكنِ الأمريكيّون هم من بدؤوا التحرّك ضدّ الثورة. لقد أصدروا قرارات ضدّها في الكونغرس الأمريكي، وراحوا يهاجمون الجمهورية الإسلامية في تصريحاتهم وفي الكونغرس، وصنعوا الجماعات الإرهابية، وعملوا على دعم العناصر والجماعات الانقلابية بالتخطيط والإمكانات، فيما كانت سفارتهم في طهران – كما وُصفت بحقّ «وكرٌ للتجسس» – تشرف على أعمال تجسّس كبيرة جداً. إذاً، هم كانوا البادئين، وما فعله الطلاب من تحرّك واحتلالهم السفارة الأمريكية كان عملاً دفاعياً، وفي محلّه. إنّه عمل عقلاني تماماً.

التّصوّر الخطأ لبعضهم حول الاستسلام أمام أمريكا
أريد أن أقول في هذا الإطار إنّ بعضهم لديه تصوّر خطأ عن الدولة والنظام الأمريكيين. يظنّون أنه لو استسلمت دولة ما للنظام الأمريكي، فستحقّق مكاسب من ذلك. هذا الأمر غير صحيح، وإنْ كان هناك دول تقيم علاقات مع أمريكا ووضعها الاقتصادي جيّد، فذلك بسبب أنها لا ترضخ – بمقدار ما تسمح هذه الدول لأمريكا أن تتدخل في شؤونها، ستتلقى الضربات – وأما تلك الدول التي استسلمت للإرادة الأمريكية وخضعت لسياساتها وإملاءاتها، فتلقت ضربة. مثال ذلك معاهدة «كامب ديفيد» التي أدّت إلى تأخّر الدولة الموقّعة عليها ثلاثين سنة أو أربعين إلى الوراء. المثال الآخر النظام البهلوي في بلادنا الذي أرجعها إلى الوراء بسبب استسلامه أمام سياسات أمريكا. ويوماً بعد يوم تزداد هذه الأنظمة تبعيّة ومعاناة.

سياستنا المدروسة والثّابتة تّجاه أمريكا
سياستنا تجاه أمريكا مدروسة وواضحة، ولا يبدّلها ذهاب الأشخاص ومجيئهم. اليوم هناك انتخابات في أمريكا، وبعضهم يتساءلون: من الذي سيفوز ومن سيخسر، وإنْ فاز فلان، فماذا سيحدث، أو لو فاز الآخر، ماذا سيحدث... نعم، من الممكن أن تقع أحداث لكنها لا تعنينا، أي لن تُؤثّر في سياستنا، فسياستنا مدروسة وواضحة ولا يؤثر فيها تبدّل الأشخاص. لكن لو لاحظتم حال هؤلاء، لوجدتم وضعاً مدعاةً للفرجة. فرئيس الجمهورية الموجود الآن على رأس السلطة ويُجري الانتخابات يقول إنّها أكثر الانتخابات تزويراً في تاريخ أمريكا! من يقول هذا؟ رئيس جمهورية أمريكا الموجود على رأس السلطة، والذي في الواقع يُدير إجراء الانتخابات. أمّا منافسه (2)، فيقول إن ترامب لديه نيّة كبيرة للتّزوير! هذه هي الدّيمقراطية الأمريكية! هم يتحدثون عن انتخاباتهم على هذا النحو. هذا نموذج من الوجه «الكريه» للدّيمقراطية الليبرالية داخل أمريكا. وبغضّ النظر عمّن سيفوز – ربما هذا المرشّح أو ذاك، هذا الأمر سيُعرف اليوم أو غداً – هناك أمر واضح وجليّ، هو ذاك الانحطاط السياسيّ والمدنيّ والأخلاقيّ في النّظام الأمريكيّ، فأيّ من المرشحين فاز لن يختلف الأمر.

الانحطاط السياسيّ والمدنيّ والأخلاقيّ في النّظام الأمريكيّ
للحقّ والإنصاف أنّ النّظام الأمريكي يعاني من تردٍّ كبير على المستوى السياسيّ والمدنيّ والأخلاقيّ. هذا ليس تحليلاً. ما أقوله ليس مجرّد تحليل، بل هو ما يقولونه بأنفسهم، ما يقوله كتّابهم ومفكّروهم داخل أمريكا. هم من يقولون هذا. في السنوات الأخيرة، أُلّفت كُتُب عدّة حظيت بنسبة مبيع كبيرة داخل أمريكا تكشف الستار عن أمور كثيرة. تُرجم أحدها إلى الفارسية، وقد قرأته شخصياً. إنّه مليء بالشواهد على هذا التردّي والانحطاط، أي من يقرأ هذا الكتاب، فسيجد في الحقيقة أنه من أوّله إلى آخره يشير إلى مدى الانحطاط في النظام السياسي الأمريكي وتصرّفات الرؤساء الأمريكيين. على هذا الوضع، لن يطول الأمد بهذه الإمبراطورية. عندما يصل الوضع السياسي إلى هذا المستوى من التردّي في نظام ما، من الواضح أنه لن يُعمّر طويلاً، وسوف ينهار. طبعاً إنْ جاء أحدهم إلى السلطة، فسيُعجّل الانهيار، والآخر ربّما يؤخّره قليلاً، لكن في جميع الأحوال هذه هي الحقيقة.

تقوية البلاد هي السّبيل الوحيد قبالة العداوات
إنّ عداءهم لنا سببه أننا لم نقبل هيمنتهم الظّالمة، أي أنّنا لم نخضع لإملاءاتهم، ولم نوافق على سياساتهم في المنطقة، ورفَضنا سياستهم في القضية الفلسطينية. هم يعادوننا لأننا رفضنا سياساتهم الظالمة، وهذه العداء سيستمرّ. السّبيل الوحيد لحلّ هذه العداوة هي إيصالهم إلى مرحلة اليأس، أي يجب على الشّعب الإيراني والدّولة والنّظام في الجمهورية الإسلامية أن يواصلوا العمل على نحو ييأس معه الطرف المقابل من اعتقاده بقدرته على توجيه ضربة قويّة، أي يجب أن نصير أقوياء. هذا الكلام قلته مراراً لشعبنا العزيز وللمسؤولين في جلسات العمل والجلسات الخاصة وأمام الرأي العام. يجب علينا أن نعمل على تقوية وسائل القوّة لدينا – القوّة الحقيقيّة، لا الشكليّة – ليصير شعبنا قويّاً ودولتنا قويّة. عندئذ سيشعر العدوّ باليأس. إنّ شعبنا في الحقيقة قاوم جيّداً، واستطاع الصمود وتحمّل الصعاب، وأظهر الاستقامة.

الحاجة إلى تحرّك أكثر لدى المسؤولين على ثلاثة أصعدة
في رأيي، يجبُ على المسؤولين أن يتحرّكوا على نحو أفضل في ثلاثة مجالات: الاقتصاد، والأمن، والثقافة. علينا، نحن المسؤولين، أن نُضاعف جهودنا في هذه المجالات الثلاثة. فعلى صعيد الاقتصاد النّظرةُ الصّحيحة والأساسية هي ألّا ننظر خارج البلاد مُطلقاً، لا بمعنى أن نقطع علاقاتنا مع الخارج. كل مرّة كنت أدعو فيها أن نبحث عن علاج لمشكلاتنا في الداخل، كان يبتر بعضهم سياق الكلام وينشرون على الإنترنت: «السيد يعتقد أنه يجب أن نقطع العلاقات مع الخارج». لا! الأمر ليس كذلك، بل يجب أن تبقى العلاقات. لكن المهم في الموضوع ألّا نطلب الحلول من الآخرين، وألّا نستجدي العلاج من الخارج، لأن العلاج موجود فينا، موجود داخل البلاد، ومن أهمّ عناصره زيادة الإنتاج، الأمر الذي أكّدته مراراً. يجب أن نؤدّي جهوداً مدروسة ومنظّمة على الصعيد الاقتصادي.

حلّ المشكلات الاقتصادية يتوقّف على التناغم الإداري بين الإدارات
إنّ كثيراً من مشكلاتنا الحاليّة لا علاقة لها بالحظر الاقتصادي وأمثال ذلك، وإنما سببها نحن، سببها ضعف التنسيق. موجة ارتفاع الأسعار الأخيرة لا مبرّر لها أبداً، وكثير من حالات ارتفاع الأسعار الأخيرة غير مبرّرة. يجب أن تُعالَج، وهي قابلة للعلاج، ويجب على المسؤولين أن ينسقوا بينهم لعلاجها. عندما ننظر، نجد أنّ ارتفاع الأسعار شمل اللحم الأحمر ولحم الدجاج والطماطم وصولاً إلى حِفاض الأطفال. ارتفاع أسعار هذه السلع لا مبرّر له، ولا يوجد دليل يُبرّره، فهذه السلع متوافرة. إذاً، المشكلة هي في وزارة الصّناعة والتّعدين والتّجارة، وفي «هيئة التعزيرات الحكومية» (3) والتّعبئة وجميع الأجهزة المعنيّة بهذا الأمر مثل الجمارك وغيرها. على هؤلاء أن يتعاونوا وينسّقوا بينهم ليريحوا الناس من هذه المشكلة. جميع هذه الأمور يمكن ضبطها. إذاً، بحُسن التّنسيق الإداري بين مختلف الأجهزة، يمكن علاج هذه المشكلات.

إرساء الأمن الخارجي والأمن الداخلي
في ما يخصّ أمن البلاد، وعلى صعيد الأمن الخارجي، يجب تجهيز البلاد بالوسائل الدّفاعية اللّازمة، مثل الصواريخ والطائرات المسيّرة والطائرات الحربية التي تُصنّع اليوم في الداخل، فهذه الوسائل تُرسي الأمن الخارجي لبلادنا، أي تحميه من مطامع الأعداء. ليس الأمر أن نتصوّر أنّ صناعة الصواريخ تحلّ المشكلات جميعاً. كلّا، هناك بعض المشكلات لا ارتباط لها بالصّواريخ بتاتاً، لكن هناك مشكلات كثيرة نجد لها ارتباطاً بهذه الوسائل الدّفاعية.
أما في الأمن الداخلي، فيجب على أجهزتنا الأمنية الحذر من اختراقات العدو. فالاختراق هو المسألة الأساسية، ونفوذه داخل الأجهزة المختلفة في الدولة وزرعه أنواع الوساوس، أي المطامع والإغراءات... هذه هي المشكلة الأساسية. عليهم أن ينتبهوا إليها جيداً.

الحاجة إلى جهود ذكيّة في مجال العمل الثقافي
الشيء نفسه في المجال الثقافي. على المسؤولين المعنيّين أن يبذلوا جهوداً ذكيّة في هذا الإطار. أحياناً يكون لدينا أعمال ثقافية كثيرة لكن علينا أن نكون أذكياء في العمل، أي أن نعلم مكان احتياجنا إلى شيء وأين نحتاج الأعمال الثقافية، فننفذ ما نحتاجه. في رأيي إنّ هذه المواضيع الثلاثة، أي الاقتصاد والأمن، والثقافة، إنْ عملنا عليها جيداً، فهي من المواضيع الأساسية التي يمكن التقدّم بها عبر حسن التدبير والتنسيق والمتابعة، والحمد لله، المسؤولون مشغولون بالعمل، لكن المطلوب منهم هو المزيد من الجديّة في تنفيذ الأعمال.

تحرير الأراضي الأذربيجانيّة المحتلّة وتأمين الحماية للأرمن
النّقطة الأخيرة هي الحرب المؤسفة الدائرة بجوارنا بين دولتين جارتين لنا، أي أذربيجان وأرمينيا. هذه الحرب حدث مرير يهدّد أمن المنطقة، وليست جيدة على بلادنا، ولذا يجب أن تتوقف في أقرب وقت. طبعاً يجب أن تُحرّر جميع الأراضي الأذربيجانية التي تُسيطر عليها أرمينيا، وتنبغي إعادتها إلى الدولة الأذربيجانية – هذا من الشّروط الأساسية – لأنّ هذه الأراضي تعود ملكيّتها أساساً إلى أذربيجان، ولها الحقّ في استعادتها، ويجب أن تُحرّر. طبعاً في الوقت نفسه، يجب الحفاظ على أمن الأرمن الموجودين في هذه المناطق، كما تجب رعاية الحدود الدولية، أي على طرفي النزاع ألّا يتعدّوا على الحدود الدولية للدول الأخرى، وأن يحافظوا على هذه الحدود، وألّا يسمحوا للإرهابيّين بالاقتراب من حدودنا. كما تشير التقارير، وإنْ كان هناك من يُنكر ذلك لكن هناك تقارير موثوقة، ثمة دخول لأعداد من الإرهابيّين من هنا وهناك على خطّ الصراع. هؤلاء إنِ اقتربوا من الحدود وشعرنا بأي خطر، فقطعاً سنتعامل معهم بمنتهى الحزم، فعليهم ألّا يقتربوا.

نأمل من الله أن تتخلّص جميع الشّعوب المسلمة وشعوب المنطقة وأفراد البشرية من هذه المشكلات، وأن ينتظر شعبنا الإيراني العزيز أياماً جميلة في المستقبل، ببركة هذا المولد العظيم والرّوح المطهّرة لنبي الإسلام الأكرم (ص) والإمام الصادق (ع)، وروح إمامنا المطهّرة، ونحن كلّنا أمل، إن شاء الله، في أننا قد اقتربنا من هذا المستقبل.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

(1) الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
(2) المرشّح الديمقراطي جو بايدن.
(3) تسمّى أيضاً هيئة العقوبات التقديرية، وهي مؤسسة حكومية وظيفتها الرقابة على الأسعار ومكافحة الغلاء.

أعلنت إيران أن الفرصة باتت متاحة لإختبار لقاح إيراني خاص بوباء كورونا على البشر، مشيرة إلى أن المرحلة الأولى من إختبار اللقاح ستجري قريبا على 56 متطوعا، وقالت السلطات الطبية الإيرانية، إن اللقاح الإيراني تجاوز مرحلة الإختبار الحيواني بنجاح كامل، ولم تسجل أي تاثيرات سلبية على الحيوانات التي خضعت للإختبار في هذا المجال.

بدأ العد العكسي للإختبار البشري لأول لقاح إيراني لفيروس كورونا، بعد أن تجاوز بنجاح كامل مرحلة الإختبار الحيواني، ولم تسجل أي تأثيرات سلبية على الحيوانات التي خضعت للإختبار.

المرحلة الأولى من الإختبار البشري للقاح الإيراني، سيجري على 56 متطوعا تترواح أعمارهم بين 18- 50 عاما وسيخضعون للمراقبة من أسبوع إلى شهر كامل، لبحث التداعيات والتأثيرات التي سيتركها اللقاح عليهم.

واكد حسين جليلي مسؤول فريق إنتاج لقاح كورونا في إيران:"لقد بدأنا من اليوم الأول لإنتشار الفيروس بالعمل وفقا لمعايير منظمة الصحة العالمية الخاصة بالدراسات السريرية لوباء كورونا، وكنا نبعث بنتائج اختباراتنا إلى وزارة الصحة فور الإنتهاء منها".

ثلة من الخبراء والمتخصيين الإيرانيين، شكلوا نواة الفريق الذي تابع اخر الدراسات العالمية المتعلقة بفيروس كورونا، وبذلوا جهودا دؤوبة للخروج بنتائج حول الإختبارات السريرية المتعلقة باللقاح.

وقال عباس زادة طبيب بيطري:"لقد شكلنا فريقا كبيرا وعملنا ليل نهار. وكنا نراقب الحيوانات التي تجرى عليها الإختبارات السريرية بصورة متناوبة سواء قبل حقن اللقاح أو بعده، وكنا نسجل النتائج بصورة دقيقة ومتلاحقة حتى وصلنا الى النتائج المتوخاة ".

شهور من الجهود والمثابرة أنتهت أخيرا بإنتاج اللقاح الإيراني.

واشار حسين جليلي/ مسؤول فريق إنتاج لقاح كورونا في إيران الى ان:"اللقاح عبارة عن فيروس معطل أي أن جميع المولدات المتعلقة بهذا الفيروس تم تعطيلها، وقد تم إدخال اللقاح إلى الجسم، لكي تبدأ المضادات بعملية الإفراز، وبالتالي يتمكن الجسم بهذا الشكل من مقاومة الفيروس".

اللقاح الإيراني تمكن وبنجاح كامل من تجاوز مرحلة الإختبار على الحيوانات.

وقال أمينيان فر وهو متخصص في علم الأمراض البيطرية:"لقد تم إختبار اللقاح على عدد من الحيوانات مثل الفئران التجريبية والأرانب والخنازير الغينية والقرود، وجرى الإختبار على مستوى التسمم والفعالية أي سعينا إلى معرفة الأضرار التي يتركها على الجسم وأيضا معرفة نتائجه وفعاليته".

نتائج الإختبارات الحيوانية أثبتت أن اللقاح يمنح السلامة الكاملة تجاه فيروس كورونا ولايترك أي تأثيرات سلبية على الحيوانات.

اللقاح الإيراني سوف يستخدم قريبا في أولى الإختبارات الإنسانية على مجموعة من المتطوعين لينطلق بعد ذلك إلى مرحلة التلقيح العام في حال حقق النجاح الكامل.

المصدر:العالم

أكد قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي الخامنئي، ان الممرضين والممرضات قد أبلوا بلاء حسنا في مكافحة جائحة كورونا، وهم اليوم أعز من أي وقت مضى في نظر الشعب.

ألقى قائد الثورة الاسلامية كلمة متلفزة اليوم الاحد بثت على الهواء مباشرة، بمناسبة ذكرى مولد العقلية زينب بنت الامام علي عليه السلام ويوم التمريض في ايران.

وقال قائد الثورة ان الممرضين والممرضات ابلوا بلاء حسنا خلال فترة تفشي فيروس كورونا، مؤكدا ان جهاد هؤلاء قد عزز مكانتهم في نظر الشعب الذي فهم بدوره مكانة ودور كادر التمريض.

ودعا قائد الثورة، المسؤولين الى متابعة قضية تعيين 30 الف ممرضا وممرضة بأسرع وقت ممكن.

وقدم قائد الثورة، التهاني والتبريكات للممرضين والممرضات، بمناسبة يوم التمريض الذي يتزامن مع الذكرى المباركة لولادة السيدة زينب عليها السلام.

كما اعرب سماحته عن مواساته لعوائل العاملين في قطاع التمريض الذين فقدوا ابنائهم وهم يضحون بأرواحهم من أجل علاج المرضى المصابين بفيروس كورونا المستجد.

وتابع سماحته قائلا: إن الممرضين والممرضات هم ملائكة الرحمة للمريض ، وهذا أصدق تعبير وليس فيه اي مبالغة لأن الممرض على اتصال مع جسم المريض ومع روحه في آن واحد.

واضاف: أن الممرض هو شريك ومساعد الطبيب حيث يساهم بجزء مهم من الأعمال التي تساعد على تحسن حالة المريض، اما من الناحية الروحية فأن الممرض هو من يخفف هموم المريض ويبعث فيه الاطمئنان والاستقرار، وبالتالي فأن للممرض دور كبير في تحسن صحة المريض، واذا لم يكن الممرض موجودا فأن عملية العلاج لن تصل الى نتيجة.

واشار قائد الثورة إن العمل على تخفيف الآم أحد الاشخاص يعد من أجمل صور الحياة البشرية وقد تجلى هذا خلال العام الاخير الذي انتشر فيه فيروس كورونا المستجد.

وأوضح سماحته أن الممرضين والممرضات في المستشفيات والمراكز الصحية في انحاء البلاد أدوا مهامهم وقاموا بأنشطة تبعث على الاعجاب .

من ناحية اخرى، وصف  قائد الثورة الاسلامية، مهنة التمريض بانها مهنة صعبة مليئة بالقلق والاضطراب، وقال : فكيف اذا اضيف الى ذلك خطر الابتلاء بالعدوى ، من المؤكد أن ذلك سيزيد هذه المهنة صعوبة وهذا ما رأيناه في زمن كورونا ، فالممرضون والممرضات واصلوا أعمالهم وسجلوا مواقف مشرفة مع عدم استبعاد انهم سيصابون بالمرض.
ورأى سماحته أن جهود الممرضين في هذه الفترة جلبت انتباه الناس إلى أهمية عمل التمريض، وإذا كانوا قبل ذلك لم يلتفتوا إلى هذا الأمر فإنهم أدركوا اليوم في زمن كورونا كم هو كبير ومهم عمل الممرضين، وكم هي القيمة الكبرى لهذا العمل.

المصدر:فارس

الإثنين, 21 كانون1/ديسمبر 2020 11:16

عقيلة الوحي والنبوّة

أما عقيلة الوحي والنبوة: فأبوها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، أخو النبي ووليّه، ووزيره ونجيّه، ووارث علمه ووصيّه، وأوّل الناس إيمانا باللّه، وأعلمهم بأحكامه فتى الإسلام شجاعة، وتقى، وعلما، وعملا، وزهدا في الدنيا، ورغبة فيما عند اللّه.

 

وأمّها فاطمة الزهراء، سيّدة نساء العالمين، وخير نساء أهل الجنة وأفضلهن بحكم النصّ الصريح الصحيح، وإجماع الأمة كافة، آثرها اللّه عز وجل بذريّة نبيّه، فإنّ ذريّة كل نبيّ من صلبه، إلّا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله، فإنّ ذريته إنّما هي من علي وفاطمة.

 

وجدّها لأمّها: سيّد المرسلين، وخاتم النبيين محمد صلّى اللّه عليه وآله، البشير النذير، السراج المنير، وكفى بذلك فخرا.

 

وجدّتها لأمها: خديجة بنت خويلد، أم المؤمنين، صدّيقة هذه الأمة، وأولها إيمانا باللّه، وتصديقا بكتابه، ومواساة لرسوله صلّى اللّه عليه وآله.

 

قال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: «يا خديجة هذا جبريل يقرئك السلام عن اللّه عز وجل، ويبشّرك ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب«.

 

فقالت في جوابه: اللّه عز وجل هو السلام، ومنه السلام، وإليه السلام، وعلى رسول اللّه وعلى جبرائيل السلام، ورحمة اللّه وبركاته.

 

انفردت برسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله خمسا وعشرين سنة، لم تشاركها فيه امرأة ثانية، ولو بقيت ما شاركها فيه أخرى، وكانت شريكته في محنته طيلة أيامها معه، تقوّيه بمالها، وتدافع عنه بكل ما لديها من قول أو فعل، وتعزّيه بما يفاجئه به الكفّار في سبيل الرسالة وأدائها، وكانت هي وعلي عليه السّلام معه في غار حراء، إذ نزل عليه الوحي أوّل مرة.

 

ولمّا ماتت خديجة وأبو طالب، وكانت وفاتهما في عام واحد، حزن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله عليهما حزنا شديدا، وسمّاه عام الحزن، وأوحى اللّه سبحانه إليه في ذلك العام، «أن أخرج فقد مات ناصرك»، فكانت الهجرة المباركة.

 

هاجر وفي قلبه ذكرى لصدّيقته المواسية، فكان يكثر ذكرها وبرها والصدقة عنها، حتى قالت عائشة: ما تذكر من عجوز حمراء الشدقين قد هلكت فأبدلك اللّه خيرا منها؟ !!

 

فتغيّر وجه النبي صلّى اللّه عليه وآله ورد عليها غضبان: «واللّه ما أبدلني خيرا منها، آمنت بي حين كفر بي الناس، وصدّقتني حين كذبني الناس، وواستني بمالها حين حرمني الناس، ورزقني منها ولدا إذ حرمني من غيرها«.

 

وجدّ زينب لأبيها: شيخ الأباطح، وبيضة البلد، أبو طالب بن عبد المطلب، عمّ النبي القائم في كفالته مقام أبيه، إذ مات أبوه عبد اللّه وهو جنين، ثم مات جدّه عبد المطلب، والنبي في السابعة من عمره الشريف، فكفّله عمه أبو طالب، فكان أفضل أب عطوف، لم يغفل عمّا يجب له لحظة واحدة، ولم يسلّمه إلى طغاة قريش، وقد لجّوا في طغيانهم يعمهون، إذ طلبوه منه، ولا سيّما إذ سمعوه صلّى اللّه عليه وآله يقول: «واللّه لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته أو أموت دونه«.

 

فيحنو عليه حنوّ المرضعات على الفطيم، وهو يقول: (اذهب وشأنك فو اللّه لا أسلّمك لشيء أبدا).

وهو القائل من قصيدة يخاطب بها طغاة قريش:

ألم تعلموا أنّ ابننا لا مكذّب * لدينا ولا نعبا بقول الأباطل

يلوذ به الهلّاك من آل هاشم * فهم عنده في نعمة وفواضل

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * ثمال اليتامى عصمة للأرامل

وميزان صدق لا يخيس شعيرة * ووزّان حقّ وزنه غير غائل

 

وقال من قصيدة أخرى:

ألم تعلموا أنا وجدنا محمدا * نبيا كموسى خطّ في أول الكتب

أفيقوا أفيقوا قبل أن تحفر الزبى * ويصبح من لم يجن ذنبا كذي ذنب

أليس أبونا هاشم شدّ أزره * وأوصى بنيه بالطعان وبالضرب

 

وقال مخاطبا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله من قصيدة أخرى:

أنت النبي محمد * قرم أغرّ مسوّد

لمسوّدين أكارم * طابوا وطاب المولد

ولقد عهدتك صادقا * بالقول لا تتزيّد

ما زلت تنطق بالصواب * وأنت طفل أمرد

أنى تضام ولم أمت * وأنا الشجاع العربد

 

وكان ممّا نادى معلنا:

يا شاهد اللّه عليّ فاشهد * أني على دين النبي أحمد

من شك في الدين فإنّي مهتدي

 

إلى كثير من أمثال هذه الدرر والغرر، الدالة على علوّ مكانته في الإيمان، وحسن بلائه في حمايته لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله.

 

وجدّة زينب لأبيها: فاطمة بنت أسد بن عبد مناف بن هاشم، زوجة أبي طالب عمّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله، وأول هاشمية ولدت لهاشمي.

 

كانت من السابقات إلى الإسلام، فحسن إسلامها، وأوصت إلى النبي صلّى اللّه عليه وآله إذا حضرتها الوفاة، فقبل وصيتها، وكفّنها بقميصه، وصلّى عليها ونزل في لحدها، فاضطجع معها فيه.

 

فقال له بعض أصحابه: ما رأيناك صنعت بأحد هذا الصنع.

 

فقال: «إنّه لم يكن أحد بعد أبي طالب أبرّ بي منها، إنّما ألبستها قميصي لتكسى من حلل الجنة، واضطجعت معها في قبرها ليهون عليها «.

 

هذا نسب العقيلة.

 

الكلمة الغراء في تفضيل الزهراء (عليها السلام) وعقيلة الوحي زينب (عليها السلام)، السيّد عبد الحسين شرف الدين (رضوان اللّه عليه)

الإثنين, 21 كانون1/ديسمبر 2020 11:15

حسابات خاطئة بخصوص التطبيع

سعيد الحاج

 

شهدت الأسابيع القليلة الأخيرة تطبيع عدد من الدول العربية علاقاتها مع "إسرائيل" بشكل متسارع ومتسرع، بدا أشبه بسباق مع الوقت قبل انتهاء فترة رئاسة دونالد ترامب، ولم تكتف بعض هذه الدول ببدء علاقات سياسية ودبلوماسية مع تل أبيب، وإنما توسع الأمر؛ ليشمل مبادرات "شعبية" بالزيارة والترويج للاحتلال ومديحه.

مثلت هذه الخطوات خروجا عن الإجماع العربي الرسمي، متمثلا بالمبادرة العربية للسلام المعلنة في قمة بيروت 2002، والتي كانت تعد حدا أدنى لما يمكن قبوله، وما زالت الجامعة العربية ودولها الأعضاء مصرين عليها رغم أن "إسرائيل" لم تتفاعل معها، واعتبرتها منذ لحظاتها الأولى "لا تساوي الحبر الذي كتبت به".

الذريعة الرئيسة لهذا اللهاث التطبيعي لبعض الأنظمة العربية، والتي سرّبت مصادر "إسرائيلية" أن عددها سيرتفع قريبا، هو مصلحة هذه الدول الوطنية الخاصة، والتي سوِّقت على أنها لا تتعارض مع القضية الفلسطينية وحقوق شعبها؛ بل إن بعضها ادعى أن تطبيعه يصب مباشرة في صالح الفلسطينيين.

في حالة المغرب، التي يبدو ظاهريا أنها حصلت على عائد مجز مقابل التطبيع، وهو اعتراف الولايات المتحدة بسيادتها على الصحراء الغربية، فتلك أيضا مصلحة غير حقيقية. فلا الاعتراف الأميركي مضمون ودائم مع إدارة أميركية جديدة، ولا هو اعتراف دولي أو أممي ملزم، ولا هو قادر على تغيير كافة المعادلات المتعلقة بالمسألة.

ثمة أخطاء كبيرة في حسابات هذه الأنظمة بخصوص مسار التطبيع هذا، جوهره وتوقيته وأسلوبه ونتائجه، أهمها:

الأول: المبدأ. النظر لـ"إسرائيل" على أنها عدو أو خصم للفلسطينيين فقط، وكأن القضية نزاع حدودي بين دولتين جارتين، والغفلة -سهوا أو عمدا- عن طبيعة الكيان كمشروع غربي استعماري لإخضاع المنطقة كلها وتفتيتها والتحكم بها، وبالتالي العداء والتناقض مع الجميع فيها، دولا وشعوبا.

وبهذا المعنى، لا يستقيم القول إن التطبيع "لن يضر القضية الفلسطينية"، ذلك أن التطبيع مضر بالدولة، التي تقدم عليه، وبالقضية الفلسطينية سواء بسواء. وهذا تحديدا هو سبب التناقض الضمني في مصطلح "التطبيع"، إذ إنه من "غير الطبيعي" ولا المقبول إقامة علاقات "طبيعية" مع دولة الاحتلال؛ بسبب طبيعة المشروع الصهيوني وخلفيته وأهدافه.

الثاني: المسوّغ. ليس صحيحا أن هناك مصلحة حقيقية في تطبيع الدول العربية مع "إسرائيل"، وإنما هي مصالح متوهَّمَة فقط. ولو كان هناك أدنى مصلحة أو منفعة ستعود على هذه الدولة أو تلك، لحصلت عليها كل من مصر والأردن اللتين وقعتا اتفاقين قبل عقود، أو حتى منظمة التحرير الفلسطينية.

حتى في حالة المغرب، التي يبدو ظاهريا أنها حصلت على عائد مجز مقابل التطبيع، وهو اعتراف الولايات المتحدة بسيادتها على الصحراء الغربية، فتلك أيضا مصلحة غير حقيقية. فلا الاعتراف الأميركي مضمون ودائم مع إدارة أميركية جديدة، ولا هو اعتراف دولي أو أممي ملزم، ولا هو قادر على تغيير كافة المعادلات المتعلقة بالمسألة، فضلا عن خطأ رهن ما تراه المغرب حقا أصيلا لها بملف آخر مثل التطبيع، بما يجعل الأمر استدراجا أو تسويغا أكثر منه مصلحة حقيقية متحصلة.

الثالث: التوقيت. بافتراض أننا تجاوزنا مبدأ التطبيع نفسه، فإن أحد أكبر الأخطاء التي ارتكبتها هذه الأنظمة هو التوقيع والرهان على أطراف غير فاعلة أو مأزومة. فالرئيس الأميركي دونالد ترامب يعد أيامه الأخيرة في البيت الأبيض، ونتنياهو يعاني منذ سنوات في الداخل فشلا في تشكيل حكومة مستقرة، فضلا عن الملاحقات القضائية.

اعلان

مقتضيات هذا التوقيت تجعل نتنياهو المستفيد شبه الوحيد من مسار التطبيع، وربما ترامب بشكل رمزي، لكنها تحد جدا من استفادة الدول العربية منه. وإذا كانت بعض الأنظمة قد سارعت لإعلان التطبيع سابقا في مسعى لتعظيم فرص ترامب في الانتخابات الأميركية، فإن الإعلانات اللاحقة على خسارة الأخير في الانتخابات تبدو أكثر فشلا، كمن يسجل هدفا بعد صافرة الحكم.

الرابع: الأولوية. تبدو الأنظمة المطبعة مدفوعة بالسعي نحو تثبيت شرعيتها، وامتلاك أوراق قوة في ظل حالة السيولة القائمة في المنطقة. ومن هذا المنطلق، براغماتيا كما مبدئيا، فإن أفضل مصدر لاكتساب الشرعية وأدومها هو التصالح أو "التطبيع" مع الشعوب بما يخدم الاستقرار الداخلي، ثم حل المشكلات العالقة مع الدول الجارة والشقيقة والصديقة بما يخدم الاستقرار الإقليمي.

الخامس: الأسلوب. تميزت الخطوات التطبيعية الأخيرة بكثير من الخِفَّة، وأخرج المشهد بكثير من تصغير النفس. بدءا من اللهاث وكيل المدائح، مرورا بالمبالغة في محاولة إظهار الأمر وكأنه رغبة شعبية، وليس انتهاء بشراء أحد أمراء الأسرة الحاكمة في الإمارات نصيبا في أحد أكثر الأندية "الإسرائيلية" عنصرية واحتقارا للعرب.

وعلى عكس ما يظن هؤلاء، فإن ذلك يحط من قدر دولهم وشعوبهم أمام الطرف الآخر؛ بل وأمام العالم، فضلا عن نظرة شعوبهم لهم، النظرة الحقيقية التي لا تنعكس بالضرورة في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي.

السادس: الهجوم بهدف الدفاع. كان لافتا أن بعض الأنظمة، وفي إطار تسويغها لخطواتها التطبيعية، قد استعْدَتْ الفلسطينيين، وسعت لتشويههم، بدءا من مزاعم بيع الأراضي في الماضي، مرورا باتهامهم بالمتاجرة بقضيتهم، ووصولا لتحميلهم مسؤولية أوضاعهم الحالية وإخلاء مسؤولية الاحتلال، فضلا عن اتهام أطياف منهم بالإرهاب والتبعية للخارج. وهو أمر إضافة لخطئه وزيفه ولا أخلاقيته، خطير جدا على وعي شعوبهم ومستقبلها، لا سيما في ظل الماكينة الإعلامية القوية المسخرة لهذا الهدف.

السابع: ردة الفعل. أما الخطأ الأخير في إطار هذا المقال، فمتعلق بالأطراف الرافضة للخطوات التطبيعية التي حصلت. ذلك أن البعض حرصا وغضبا وحمية يقفز بدون أن ينتبه من مربع رفض التطبيع وانتقاده إلى مساحة التهجم على شعوب بعينها وتوجيه الشتائم لها، لما يراه من مشاهد توحي باندفاع شعبي نحو التطبيع، وما لا يراه من رفض شعبي واضح وعلني وقوي كان ينتظره.

ولعله من البدهي القول إن بعض مشاهد "تغزّل" مواطني بعض الدول العربية، الخليجية تحديدا، بدولة الاحتلال وإظهار السعادة الشديدة بزيارة الأراضي المحتلة، والتعامل مع "الشعب الإسرائيلي" هو مشهد إعلامي مصطنع، لا يمثل الشعوب ولا يعبر عنها. بدليل أنه مشهد وحيد متفرد لا يقابله مشهد رافض أو متحفظ ولو بالحد الأدنى، فضلا عن السيطرة المطلقة لهذه الأنظمة على الفضاء الإعلامي ومراقبة وسائل التواصل الاجتماعي، والتنكيل الشديد بأي معارض أو معترض.

أرادت بعض هذه الأنظمة أن توحي بأن خطواتها مقبولة شعبيا أو ربما مطلب شعبي، بما وضعنا أمام فيديوهات يتغنى فيها شباب عرب خليجيون بأخلاق المحتلين و"ثقافة السلام" لديهم. فات هذه الأنظمة كما فات بعض منتقدي خطواتها أن هذه المبالغات الشديدة وفي وقت قياسي، هي نفسها الدليل القاطع على عدم صحة وتلقائية ما قيل وصُوِّر، بمنطق "كاد المريب بأن يقول خذوني". إذ لا يستقيم أن يَثبُتَ شعبا مصر والأردن عقودا من الزمن على تجريم التطبيع الاقتصادي والتجاري والثقافي والفني، فيما يروج له الشعبان الإماراتي والبحريني مثلا خلال أيام فقط.

الأهم هنا، أن العاطفة التي دفعت البعض لتجريم شعوب بعينها أو شتمها هي خدمة مجانية للمسار الذي يرفضونه، من حيث إنه يوسع الهوّة بينهم وبين الشعوب التي طبعت أنظمتها، وبما يقدم ذرائع -غير صحيحة – لمن يروجون لمفاهيم مغلوطة عن منظومة الأصدقاء والخصوم والأعداء في المنطقة، بحيث يصبح "الإسرائيلي" صديقا، ومن ينتقدون التطبيع معه خصوما لا يحملون الود.

في الخلاصة، اكتنفت موجة التطبيع الأخيرة أخطاء كثيرة تصل لدرجة الخطايا فيما يتعلق بكل ما له علاقة بالتطبيع، المبدأ والتوقيت والأسلوب والثمن وتوهم المصلحة وما إلى ذلك.

أخيرا، إن استطاعت الأنظمة المذكورة تمرير خطاب داخلي يضع التطبيع في إطار المصلحة والقرارات السيادية الخاصة، التي لا تضر بالفلسطينيين وقضيتهم، فإنها لن تستطيع إنكار المخاطر الكبيرة لهذه الخطوة على شعبها وجبهتها الداخلية. ذلك أن أول وأخطر ما قام به "الإسرائيليون" بعد الاتفاقات، التي أبرموها مع مصر والسلطة الفلسطينية والأردن، هو العمل على اختراق الجبهات الداخلية والتجسس والإضرار بكل السبل المتاحة، المشروعة وغير المشروعة. وليس سرا أن الدول التي سارت في طريق التطبيع معهم في الآونة الأخيرة ليست أكثر تحصينا من الدول المذكورة؛ بل لعلها أكثر هشاشة وضعفا لأسباب كثيرة لا مجال لسردها.

ختاما، ما زال هناك رهان منطقي على الشعوب وقواها الحية ونخبها، بأن تعكس هذه الخطوات التطبيعية وتئدها وهي في بداياتها حين أمكن ذلك لا سيما في دولة مثل المغرب، أو تبقيها في حدها السياسي الأدنى مع الأنظمة بدون النفوذ للمستوى الشعبي في دول أخرى، فضلا عن التحرك لمنع هذه الخطوة الخطيرة في دول سرب اسمها ضمن المطبعين المتوقعين قريبا.

المصدر:الجزیره

الإثنين, 21 كانون1/ديسمبر 2020 11:10

اللقاح الايراني لكورونا

 أعلان إيران أن الفرصة باتت متاحة لإختبار لقاح إيراني خاص بوباء كورونا على البشر، مشيرة إلى أن المرحلة الأولى من إختبار اللقاح، ستجري قريبا على 56 متطوعا

أعلنت إيران أن الفرصة باتت متاحة، لإختبار لقاح إيراني خاص بوباء كورونا على البشر، مشيرة إلى أن المرحلة الأولى من إختبار اللقاح، ستجري قريبا على 56 متطوعا.

وقالت السلطات الطبية الإيرانية إن اللقاح الإيراني تجاوز مرحلة الإختبار الحيواني بنجاح كامل ولم تسجل أي تاثيرات سلبية على الحيوانات التي خضعت للإختبار في هذا المجال.

 

أحمد رمضان -

مع اقتراب التنصيب الرسمي للرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن في الـ20 من يناير/كانون الثاني المقبل، يترقب المتابعون للشأن المصري إمكانية تغير السياسية الأميركية تجاه نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي انتقده بايدن سابقا حيث قال إنه لن يمنح شيكا على بياض للسيسي الذي وصفه الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب بـ"دكتاتوره المفضل".

وتتجه الأنظار أكثر إلى جماعة الإخوان المسلمين التي دافع ترامب عن محاربة السيسي لها، في حين يردد البعض حاليا تكهنات واحتمالات بشأن موقف مغاير أو أقل حدة من إدارة بايدن -الذي ربما يكون تواصل مع الإخوان- خاصة فيما يتعلق بملف حقوق الإنسان وإطلاق سراح المعتقلين.

الجزيرة نت تحدثت إلى إبراهيم منير، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، فأشار إلى أنه لا توجد حاليا تفاهمات أو مجال للتواصل مع الإدارة الأميركية الجديدة، لكنه لم يستعبد حدوث ذلك، في حين رأى أكاديميون متابعون للشأن المصري أن على الجماعة اتخاذ خطوات في هذا الإطار كمحاولة للضغط على نظام السيسي.

وكانت جماعة الإخوان قد ثمّنت فوز بايدن بالرئاسة، ودعته إلى مراجعة "سياسات دعم ومساندة الدكتاتوريات، وما ترتكبه الأنظمة المستبدة حول العالم من جرائم وانتهاكات بحق الشعوب".

منير: من حقنا التواصل مع العالم

وعن كيفية استعداد الإخوان لمرحلة بايدن، قال إبراهيم منير "لا جديد في فكر الجماعة ولا سلوكها وإن كان الواقع يقول إن البيت الأبيض من سنوات طويلة هو صاحب الكلمة العليا على حكام مصر العسكريين، ونحن لا نقف على أبواب الخلق بل نقف على أبواب الخالق".

وأضاف منير أن "عقولنا متفتحة أمام الجميع، ومن حقنا كمكون شعبي إيجاد وسائل للتواصل مع العالم، لشرح قضيتنا وتوضيح مواقفنا ومبادئنا، وهذا ما حدث فعلا ويحدث مع أعضاء البرلمانات الأوروبية والكونغرس والمنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان، والمؤسسات المعنية بالعدالة وتطبيق القانون".

وأشار نائب المرشد العام إلى أن العلاقة بين جماعة الإخوان والسلطات الأميركية وإداراتها المختلفة ليست علاقة بالمعنى المعروف، ولكنها تتلخص في المتابعات الأمنية والفكرية من قبل الإدارة الأميركية، وسياسة التعامل مع الجماعة عن طريق الأنظمة التابعة لها.

في حين يرى أن تصريح بايدن، بأنه لن يعطي شيكا على بياض لدكتاتور ترامب المفضل، قد يكون دافعا لتحجيم القمع الذي يمارس بحق المصريين.

وأوضح أن هذا الدافع الأميركي قد يأتي خصوصا أمام الفوضى التي تحدث الآن في المنطقة والتي تقف خلفها الدكتاتوريات التي رعاها ترامب، حيث إن هذه الفوضى بدأ تأثيرها السلبي يظهر في المنطقة كلها، وقد تؤدي إلى عقبات أمام السياسة الأميركية تتمثل في منع دخول الصين وروسيا إلى المنطقة من أبواب كثيرة.

اعلان

وأكد منير أن مطالب الجماعة التي تحملها إلى العالم كله هي مطالب الشعب المصري، وإن تحملت الجماعة وأفرادها وقياداتها في سبيلها الجزء الأكبر من إرهاب وإجرام العسكر وداعميه، على حد قوله.

مؤتمر لتوضيح الفكرة

ويأتي حديث منير بعد يومين من إقامة الجماعة مؤتمرا دوليا افتراضيا، لتوضيح حقائق عن فكرها، بمشاركة نحو 40 من رموز الجماعة وشخصيات سياسية ودينية من مختلف أنحاء العالم.

وجاء المؤتمر الدولي بعنوان "الإخوان المسلمون .. حقائق ومنطلقات"، وناقش منهج الجماعة وعلاقاتها مع التيارات الإسلامية والمدنية وموقفها من الخلافات المذهبية والتمسك بالفكر الوسطي، ودورها في العمل الخيري وحماية الشعوب ومواجهة الكوارث.

وفي هذا الصدد أكد نائب المرشد العام للجماعة، للجزيرة نت، أن المؤتمر الافتراضي يعد وسيلة من الوسائل التي تستخدمها الجماعة في إطار توضيح فكرها والحقائق الخاصة بها.

الملف الحقوقي

وفي هذا السياق يؤكد أستاذ العلوم السياسية مدير المعهد المصري للدراسات، عصام عبد الشافي، أن جماعة الإخوان ستسعى إلى فتح مزيد من أبواب التواصل مع الإدارة الأميركية الجديدة، متوقعا أن تعطي الجماعة أولوية للملفات الحقوقية بدرجة أساسية، باعتبار أن بايدن جاء بخطاب يغلب عليه الاهتمام بالملف الحقوقي.

ولفت عبد الشافي إلى أن الجماعة يمكنها أن تتواصل مع أطراف في إدارة بايدن لوقف التشريعات التي يسعى بعض أعضاء الكونغرس من خلالها إلى تصنيف الإخوان جماعة إرهابية.

وأوضح أن الجماعة ليست مستعدة بدرجة كافية للتواصل مع إدارة بايدن، حيث كان توقع فوزه ضعيفا ومن ثم لم تكن هناك ملفات حاضرة في هذا الصدد، كما أن المدة عقب فوزه ليست كافية للاستعداد.

وتوقع عبد الشافي أن يتم التواصل بين الطرفين لأن هناك نوعا من التوافق بين ما يسعى إليه الإخوان ويتوقعونه من إدارة أكثر فاعلية تجاه ملف حقوق الإنسان بمصر، وما تسعى إليه إدارة بايدن أيضا في هذا الملف.

وأشار إلى أن بايدن سيحكم الولايات المتحدة مدة 4 سنوات، الأمر الذي يتطلب من الآن إعداد الملفات المهمة والاهتمام بإدارتها جيدا من خلال شبكات اتصال مع الإدارة الأميركية، منبها إلى ضرورة الحذر في ظل حساسية تلك الإدارة من من التقارب والتعاون مع التيارات السياسية ذات المرجعية الإسلامية، وهو ما يمكن تجنبه عبر شركات علاقات عامة متخصصة أو عن طريق مستشارين أو خبراء متخصصين.

وأوضح أن إدارة بايدن تضم عددا كبيرا من اليساريين والتقدميين والاشتراكيين، وهم في الغالب أقرب إلى مواجهة الفساد والاستبداد ومنتهكي حقوق الإنسان، وهو أمر يمكن البناء عليه بشكل جيد.

المطلوب من الإخوان

بدوره يرى مدير المركز الدولي للدراسات التنموية والإستراتيجية، مصطفى یوسف، أن جماعة الإخوان مثل الحزب الديمقراطي فيها تيار تقدمي وتيار محافظ، وعلى الجماعة السعي إلى التواصل مع إدارة بايدن، لما لديها من رغبة في التعامل مع جميع التيارات المنفتحة ديمقراطيا.

واستدرك يوسف بأن الجماعة ستواجه عقبات خلال تواصلها مع بايدن منها اللوبي الصهيوني والإماراتي والسعودي والمصري، وعلى الجماعة أن تعي مسؤوليتها تجاه توضيح أنها ليست ضد المصالح الأميركية.

وشدد يوسف على ضرورة أن توضح جماعة الإخوان لإدارة بايدن وللغرب أن دعمهم للدكتاتورية في مصر، في حال استمرار الأوضاع الراهنة على ما هي عليه، قد يقود إلى تدفق عشرات ملايين المهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا، ويمكن للمنظمات الراديكالية تجنيد مئات الآلاف من المصريين الذين يعانون الفقر.

ودعا الإخوان للتركيز على الحديث عن المصالح المتبادلة بين الطرفين، وأهمية التعامل مع الأنظمة الديمقراطية، حيث يعارض التيار التقدمي داخل الحزب الديمقراطي التعامل مع الدكتاتوريات التي تفرز هجرة غير شرعية وتيارات تنطوي تحت تنظيمات راديكالية.

وختم الباحث المتخصص في الشؤون الدولية بأن على الإخوان المسلمين وغيرهم من تيارات المجتمع المصري أن يؤكدوا انفتاحهم للتعامل مع أي إدارة لا تساند الدكتاتورية، وتحترم حقوق الإنسان، وتسعى لإرساء مبادئ الديمقراطية.

المصدر : الجزيرة

الجمعة, 18 كانون1/ديسمبر 2020 08:35

اهم معالم اسلامیه وسياحیة في عمان

اهم معالم اسلامیه وسياحیة في عمان

بواسطة شاهيناز شوقي

تعتبر عمان من أكثر الدول التي تحتوي على كنوز الآثار والمعالم التاريخية في العالم، على الرغم أنها لا تعلن عن ذلك صراحةً، مما يجعل الكثيرون لا يدركون قيمتها التراثية والسياحية، ولكن الوافدين من أجل السياحة في عمان يعلمون تماماً مواطن السحر فيها، ومقومات السياحة المتعددة التي تمتلكها، سواء كانت سياحة التراث والآثار، أو السياحة الترفيهية على شواطئها الخلابة، والتسوق خلال أسواقها العصرية المتميزة، وأيضاً أسواقها القديمة بأصالتها وفنونها الشعبية العريقة.

السياحة في عمان تعني الاستمتاع بالهدوء والاسترخاء في أحضان الطبيعة الناعسة، والجبال الشاهقة لعشاق تسلق الجبال، والوديان الخضراء، والتراث العربي الأصيل، بعيداً عن ضوضاء المدن والازدحام، والشواطئ الساحرة لممارسة كافة أنواع الرياضات المائية والشاطئية.

 

السياحه في عمان

جامع السلطان قابوس الأكبر بمدينة مسقط العاصمة

لا شك أن مسقط عاصمة سلطنة عمان هي الخطوة الأولى للزائر من أجل السياحة في عمان، والتي تعتبر العاصمة السياحية للبلاد أيضاً، حيث تنتشر فيها الحدائق الغناء والمباني التراثية العريقة، إلى جانب العديد من المعالم الأثرية التي تعتبر من أهم المعالم السياحية في عمان مثل المتحف الوطني العماني، وبيت الزبير، ومسجد السلطان قابوس الكبير، ومارينا بندر الروضة حيث الألعاب المائية والأنشطة المتنوعة، كما يوجد بها العديد من المتنزهات والحدائق مثل حديقة القرم الطبيعية للتنزه والاسترخاء، كما يوجد بها دار الأوبرا، وقصر العلم الملكي، وسوف نتعرف بشئ من التفصيل عن بعض هذه المعالم.

  • أهم 3 معالم في مدينة مسقط

1- جامع السلطان قابوس الأكبر Sultan Qaboos Grand Mosque

هو أكبر الجوامع في السلطنة العمانية وأحد أهم معالم السياحة في عمان، حيث يبهر الزائرين بطرازه المعماري الفريد، وتنتشر به النوافير في جنباته، ولديه العديد من القباب بنقوشها الإسلامية الدقيقة، ويزين صحن المسجد الخارجي قبة كبيرة بها ثريا هي الثانية الأضخم في العالم، كما تتزين الجدران أيضاً بنقوش الفسيفساء. ومن يحالفه الحظ، يسمح له بصعود المئذنة ليشاهد طلة جامعة لمدينة مسقط بكافة معالمها.

وملحق بالجامع مكتبة ضخمة تضم أكثر من 20 ألف كتاب من أمهات الكتب في كافة فروع العلوم الدينية والشرعية والحديث والفقه وخلافه، وملحق بالمسجد أيضاً قاعاتٍ لإقامة المحاضرات وعقد الندوات، حيث تقام العديد من الفاعليات الدينية في كافة المناسبات.

2- دار الأوبرا الملكية Royal Opera House

السياحه في عمان
دار الأوبرا الملكية

بدأ البناء في دار الأوبرا الملكية عام 2007 بأمر من السلطان قابوس، وافتتحت رسميا في أكتوبر 2011، وهي أول دار أوبرا في منطقة الخليج (الفارسي)، وقد أنشئت على الطراز العماني الحديث، وكان الغرض من إنشائها أن تكون منارةً لنشر الفنون والثقافة والفكر، وجسراً للتواصل بين الشعب العماني وشعوب العالم.

تتسع دار الأوبرا لـ 1100 مشاهد، وهي مكونةً من قاعة العرض الرئيسية، بالإضافة إلى قاعةً أخرى تقام فيها الاحتفالات والمؤتمرات المختلفة وقسم ٌخاص بالإنتاج الفني والأوبرالي، وتحيط بها الحدائق الغناء ومراكز تسوق والعديد من المطاعم الفاخرة.

ومع البرامج المتنوعة وزيارات الفرق الفنية العالمية وتقديم عروضها الفنية على مسارح دار الأوبرا الملكية، تنشط السياحة في عمان لمتابعة تلك العروض في أجواء ساحرة، وانتهاز الفرصة لزيارة معالمها السياحية وأثارها العظيمة.

3- قصر العلم الملكي Al Alam Palace

يعتبر قصر العلم الملكي من أهم مزارات السياحة في عمان، ولكننا هنا إزاء شكلٍ مختلف من اشكال الإبهار، حيث تبهر الزائر البساطة والبعد عن المغالاة في أسلوب البناء، على الرغم من أن هذا القصر قد خُصص للقاءات الرسمية للملوك والرؤساء الذين يزورون سلطنة عمان، فالطابع العام للقصر هو استخدام الرخام الأبيض المصقول في معظم المباني، ولأن القصر مخصص لضيوف السلطنة، فقد خصصت فيلا خاصة مجهزة ومؤثثة لتناسب مكانتهم الرفيعة ومزودٌ بها مسبحٌ، وسبا ونادي لياقة بدنية وكافة احتياجات الضيوف، وهو بالفعل من المعالم السياحية في عمان التي تستحق الزيارة.

السياحة في صلالة

سياحة عمان

عين رزات بمدينة صلالة

تبعد صلالة عن مسقط العاصمة ما يقرب من 1000 كم باتجاه الجنوب، وتمتاز بشواطئها الرائعة التي تمتد لأميال طويلة ذات المياه الرقراقة الصافية، تكسوها الرمال الناعمة البيضاء، وتنتشر بها أشجار جوز الهند، إضافةً إلى العديد من الواحات الخضراء بنباتاتها الرائعة والكثير من المعالم التاريخية والأثرية منتشرة في مناطق عديدة.

تعتبر منطقة ظفار جزءً من صلالة، وتتميز بأشجار اللبان المنتجة للبخور المنتشرة على سفوح الجبال، أما حديقة اللبان التي تقع في وادي دواقة تعتبر من مواقع التراث العالمية المعتمدة لدى منظمة اليونسكو نظراً لكثافة أشجار اللبان بهذه المنطقة، والمشاهد الرائعة للمناظر الطبيعية الخلابة، وهي من أهم معالم جذب السياحة في عمان.

  • أهم 3 معالم في مدينة صلالة

1- شاطئ المغسيل Al Mughsail Beach

 

عمان سياحة
شاطئ المغسيل

 

يقع شاطئ المغسيل في غرب مدينة صلالة وهو أحد معالم السياحة في عمان التي تجتذب السكان المحليين، والسياحة الوافدة أيضاً، ويتميز بمياهه الزرقاء البديعة، ورماله الناعمة البيضاء الممتدة بطول الشاطئ، ويحيط بالشاطئ صخور داكنة اللون، مما يمنح المكان مشهداً رائعاً، يزداد روعةً عندما تميل الشمس للمغيب، وقد صنف شاطئ المغسيل ضمن ترتيب الشواطئ الأجمل على مستوى العالم.

ومن أجل راحة الرواد تنتشر على الشاطئ مجموعة من الشاليهات، وأيضا أماكن مخصصة للشواء، بحيث تستطيع الأسر قضاء يوم عطلة رائع، كما يسمح للزائرين الدخول بسياراتهم الشخصية، واستحضار كراسي معهم للجلوس عليها، كما يتاح للجميع ممارسة كافة الأنشطة الشاطئية، ومن الملاحظ عدم توافر أكشاك أو مطاعم أو مقاهي لذلك يجب على من يقرر قضاء اليوم على الشاطئ أن يحضر معه الطعام والشراب اللازم للأسرة.

2- عين رزات Ayn Razat

تقع عين رزات على بعد 30 كم من مركز مدينة صلالة، لذلك تعتبر من معالم السياحة في عمان التي يسهل الوصول إليها، وتمتاز بمياهها الرقراقة الصافية، والجو المعتدل بها، وبجانبها كهوف رزات التي تنتشر حولها النباتات اليانعة والزهور البديعة، وتنتصب الجبال الشامخة التي تكسوها الخضرة بدرجاتها لتمنح المنطقة بأسرها جمالاً لا يضاهيه جمال، ويجعلها قبلة السياحة في عمان.

ويمكن للزائرين ممارسة الكثير من الأنشطة في رحلتهم لعين رزات، حيث تكونت في محيط العين بحيرةً رائعة الجمال يمكن للزوار عمل جولةً داخل البحيرة بالقوارب الصغيرة، كما يمكن السباحة أو التجول على شاطئ العين، كما يحلو للبعض استكشاف كهوف العين أو تسلق الجبال، والتقاط الصور الرائعة، ويوجد في المنطقة المحيطة أكشاك لبيع الأكلات السريعة والمشروبات.

3- وادي دربات Darbat Valley

يعتبر وادي دربات من أجمل مناطق السياحة في عمان، حيث تجتمع الشلالات والعيون والطبيعية والجبال والكهوف في مكان واحد، بكل ما يحمله ذلك من جمال الطبيعة وتنوع يبهر العين ويريح النفس، وينشر الراحة والسكينة بين الزائرين، فهذا الوادي يضم حديقةٍ تنتشر فيها العديد من الحيوانات والطيور الملونة والفراشات البديعة، وعندما تهطل الأمطار في فصل الخريف يتكون شلالٌ موسميٌ يزيد من روعة المكان.

وقد تم إعداد المكان بحيث يكون مناسباً لقضاء يوماً ممتعاً في أحضان الطبيعة، فقد زود باستراحاتٍ ومقاعد، ومماشي تسمح للزوار بالتجوال في تلك الحدائق الغناء، ويمكن أيضاً استخدام القوارب الصغيرة في نزهةٍ في بحيرة الشلالات، كما خصصت مناطق للصغار وقوارب تناسبهم من أجل مزيد من المرح، ولهواة الشواء في الهواء الطلق يمكن القيام بذلك داخل الحدائق أو شراء المأكولات الجاهزة من المطاعم وأكشاك البيع المنتشرة في المكان.

السياحة في نزوي

السياحة في عمان

الجبل الأخضر

نزوي هي المدينة التي يجتمع فيها جمال الطبيعة مع الآثار التاريخية في متحفٍ كبيرٍ يستدعي الزائرين من جميع بقاع الأرض من أجل السياحة في عمان، والاستمتاع بالآثار القديمة والقلاع التاريخية، وروعة وجمال الطبيعة.

وسوف يستمتع الزائر لمدينة نزوي بزيارة قلعة نزوي، والجبل الأخضر، وسوق نزوي، كما تنتشر بالمدينة المطاعم التي تقدم كافة الأطباق العالمية، والفنادق الفخمة العصرية، والمنتزهات العديدة، وسوف نتعرف تفصيلياً على أهم الأماكن السياحية في نزوي المناسبة للزيارة.

  • أهم 3 معالم في مدينة نزوي 

1- قلعة نزوى Nizwa Fort

قلعة نزوى

يرجع تاريخ قلعة نزوي إلى عهد الإمام سلطان بن سيف في القرن 17 الميلادي، وهي دائرية الشكل مبنية من الحجارة المحلية، ولها برج يتم الصعود إليه بسلم حلزوني، ويمكنك من خلال البرج مشاهدة الكثير من معالم المدينة من حدائق وأشجار النخيل والعديد من الآثار المنتشرة بالمدينة، أما قاعات القلعة فهي مقسمة لغرف بها آسرة ومستلزمات الإعاشة، وقاعات معروض بها نماذج من ملابس نسائية ورجالية خاصة بذلك العصر، والعديد من المقتنيات والأواني المعدنية والأسلحة.

2- الجبل الأخضر Jebel Akhdar

تعتبر منطقة الجبل الأخضر من أجمل مناطق السياحة في عمان، حيث يرتفع الجبل شاهقاً بمروجه الخضراء، وأشجار الفاكهة المتنوعة من المشمش والخوخ والبرقوق، وأيضاً الرمان الذي اكتسب شهرة عالمية، وتعتبر منطقة الجبل الأخضر نموذجاً للحياة العمانية البكر حيث يعيش سكانها على الرعي والزراعة، وتنتشر على الجبل أنواعٌ كثيرةٌ من الحيوانات الأليفة والمتوحشة أيضاً، ويعتبر الجبل الأخضر من أكثر المناطق العمانية جذباً للسياحة العالمية.

3- سوق نزوى NizwaSouq

للزائرين من أجل السياحة في عمان، والراغبين في التعرف عن قرب على الحياة العمانية، وتبهرهم الأصالة والعودة إلى الطبيعة، عليهم زيارة سوق نزوي، هذا السوق الذي يجمع في مكانٍ واحدٍ كل ما هو أصيلٌ من المنتجات الزراعية والنباتية والحيوانية أيضاً، وينشط السوق عادة يوم الجمعة حيث يتوجه إليه كل من يرغب في البيع أو الشراء من الماشية والأغنام وكافة البضائع التقليدية، وأيضاً تعتبر أيام الأعياد من أكثر أيام السوق حركةً ورواجاً خصوصاً عيد الأضحى، حيث يسعى الناس لشراء الأضحية، ويعرض أيضاً داخل السوق العديد من المصنوعات اليدوية والحرفية التي يشتهر بها أهل عمان.

عمان سياحة

رمال الشرقية بمدينة صور

تقع ولاية صور في أقصى الشرق بسلطنة عمان، واشتهرت بصناعة السفن والتجارة، وقد هيأ لها موقعها الجغرافي إمكانياتٍ سياحيةً كبيرةً، خصوصا مناراتها المختلفة، والتي جعلتها على قائمة مزارات السياحة في عمان، وفي هذه المدينة ستجد العديد من العيون والكهوف وأشهرها “كهف مجلس الجن” والذي يبلغ اتساعه مهبط لـ 7 طائرات بوينج، وهو تاسع كهف في العالم من حيث الاتساع، وتم اكتشافه بالأقمار الصناعية.

1- حصن بلاد صور

السياحة في عمان

حصن بلاد صور

يعتبر حصن بلاد صور من معالم السياحة في عمان ذات الأهمية والخصوصية حيث بني في القرن 18 ويقع في شرق مدينة صور، وهو عبارة عن 5 قلاعٍ كانت مقر إقامة الوالي، وتتم فيه الاحتفالات المختلفة، وحصن صور ليس الحصن الوحيد في دولة عمان، بل بها سلسلة دفاعية كاملة من حصون متعددة.

وقد بني الحصن بعيداً عن السواحل، والغرض منه حماية البلاد من غزو القبائل الداخلية، ويمتاز الحصن بموقعه الجغرافي الفريد، وأنه محاط بالحدائق والبساتين المثمرة، وللحصن خمسة أبراج والبرج الرابع مكون من طابقين، وما زال الحصن حتى الآن تعقد فيه الاحتفالات الرسمية للبلاد ومنها احتفالات العيد الوطني.

2- رمال الشرقية

إذا أردنا الحديث عن جمال الطبيعة في المناطق الصحراوية، فسوف يكون عنوانها صحراء رمال الشرقية، التي تمتد لمسافة 10 كم من محافظة شمال الشرقية حتى محافظة جنوب الشرقية، وهي تعد من أفضل أماكن التخييم وقد وفرت الدولة الخدمات اللازمة من أجل ذلك مما جعلها قبلة الوافدين لمحبي السياحة في عمان.

سوف ينبهر الزائر بدرجات اللون الذهبي المتدرج إلى البني، ومع حركة ميل الشمس سوف يطالع في كل وقت أشكالاً وألواناً من تموجات الألوان الساحرة في بحر الرمال الممتد إلى آخر مدى البصر.

من أشهر وأروع الواحات هناك “واحة بدية” حيث تحتضن الكثبان الرملية النباتات والأشجار الكثيفة، ويمثل انحدار الرمال في تلك المنطقة مكاناً مفضلاً لممارسة رياضة التزلج على الرمال.

أهم المعالم السياحية في باقي مدن عمان

1- قرية وادي الجنز

معالم عمان

قرية وادي الجنز

هي محمية طبيعية ساحلية تمتد لمسافة 45 كم بامتداد الساحل، وهي موطن للسلاحف البحرية، وبها عددٌ من قرى الصيادين الأثرية القديمة، وعددٌ من المقابر والآثار التي يرجع عمرها لأكثر من 6 آلاف سنة، وقد أظهرت البعثات الاستكشافية العديد من الآثار العمانية القديمة مثل المركب الخشبي العماني القديم، كما أظهرت العلاقات الوطيدة التي كانت سائدة بين الصيادين القدماء في تلك القرى بالتجارة مع بلاد الرافدين والصين والهند وأفريقيا، وتعتبر المحميات فرصة للتعرف على البيئة الطبيعية للسلاحف وخصوصاً في فترات التزاوج ووضع البيض، وهي بذلك من أكثر معالم السياحة في عمان أهميةً سواء لطلاب العلم أو السائحين.

2- وادي شاب

سياحة في عمان

وادي شاب

يعتبر وادي شاب من الأودية الرائعة المنتشرة في ربوع سلطنة عمان، والتي يجتمع فيها كل مقومات المتعة في رحلات التنزه العائلية، حيث المياه الجارية والطبيعة الساحرة والحدائق الممتدة، ووجود وادي شاب في منطقة ساحلية جمع سحر الشاطئ مع روعة الجبال المحيطة والأشجار الباسقة، فهي بحق منطقة جذبٍ رائعةً تجعل السياحة في عمان متعةً مختلفةً تستحق العناء والسفر.

تأتي المياه العذبة المنحدرة من أعالي الجبال، لترسم أثناء انحدارها الممرات والأخاديد لتشكل لوحاتٍ سرياليةً رائعةً، وحتى تمتزج المياه العذبة بمياه البحر في لقاء رائع يجمع كل المتناقضات، ليجعل الزائر يعيش أحلام الجنة والحوريات.

وحتى تكتمل عناصر المتعة سوف يجد السائح أيضاً لمحات من الماضي السحيق متمثلة في العديد من الآثار القديمة مثل قرى الصيادين الأثرية الدائرية، والتي يرجع تاريخها للقرن الرابع قبل الميلاد.

3- جبل شمس

جبل شمس من أشهر معالم سلطنة عمان، وهو يقع في محافظة الداخلية، وتحديداً في ولاية الحمراء، ويبلغ ارتفاعه 3100 م عن سطح البحر، وقد سمي بجبل الشمس لأنه أول مكان تسطع عليه شمس الصباح، وآخر ما تغرب عنه شمس المساء، وترجع أهمية جبل الشمس لتأثيره على مناخ السلطنة، وبأن به ثاني أكبر فالقٍ صخري في العالم، ومن خلال هذا الفالق يتمكن الزائر من صعود الجبل.

وحول الجبل مجموعةً من القرى يعيش فيها سكان الجبل الأصليين أهمها قرى غول والحاجر والنخر. ويتميز الجبل بالنباتات البرية التي تنمو على سطحه والأشجار المختلفة مثل أشجار الزيتون والعلعلان والبوت، وحالياً يمكن زراعة العديد من النباتات والأشجار المثمرة التي تشكل مصدراً لدخل سكان أهل الجبل، كما توجد أيضاً العديد من الحرف اليدوية التي يمتاز بها سكان المنطقة، وكل تلك المظاهر تشكل عوامل تنشيط السياحة في عمان.

4- قلعة بهلاء

سياحة عمان
قلعة بهلاء

تم إدراج قلعة بهلاء ضمن التراث العالمي لليونيسكو في عام 1987، وهي أحد أهم قلاع سلطنة عمان وتقع في ولاية بهلاء بمحافظة الداخلية، والقلعة محاطة بسور طوله حوالي 13 كم، وتضم واحة بهلاء وبها عددٌ من الأسواق التاريخية القديمة، والمساجد الأثرية، ويرجع تاريخ بنائها إلى القرن الثالث قبل الميلاد، ويبدو من تصميمها وفتحات إطلاق النيران في السور، والغرف المخصصة للحراس وأماكن ومستلزمات إعاشتهم أن الغرض من بناء القلعة كان صد هجمات الأعداء وتوفير الأمن لمن يعيشون فيها، وبناء القلعة على تبه عالية منحها مظهر الشموخ والعظمة.

ونظراً للأزمنة العديدة التي مرت على القلعة فقد تركت عليها بصمات العصور المختلفة، فتمازجت وتناغمت الفنون بداخلها لتصنع إحدى القلاع الشامخة التي تستحق الزيارة والسياحة في عمان، وأن يأتي إليها عشاق التاريخ والتراث من كل مكان.

5- صحراء رمال وهيبة

أثارت رمال وهيبة اهتمام العلماء وخصوصا الجمعية الجغرافية الملكية، تلك الصحراء الممتدة على مسافة 180 كم، وهي تقع في منطقة الشرق من سلطنة عمان، وقد تم حصر 16,000 نوعاً مختلفاً من الحيوانات اللافقارية، إضافةً إلى 200 نوع من كافة الحيوانات البرية، كما تم حصر 150 نوعاً من النباتات البيئية التي تنتمي إلى هذه المنطقة.

وتتمتع صحراء رمال وهيبة بتنوع جيولوجي كبير تَكون على مدار أزمنة سحيقة، نتج عنها ترسبات جيرية وسبخات وحصى الذي تكون منه هياكل وتكوينات هائلة تستهوي وتعمل على جذب السياحة في عمان، وتجتذب على وجه الخصوص كل المهتمين بالدراسات الجيولوجية ودراسة تكوين الأرض لكونها نموذجاً يستحق الدراسة بتنوعه الكبير.

وبعد انتهاء جولتنا في رحاب دولة ذات تاريخ وعراقة، تعرفنا على سلطنة عمان، تلك العروس الناعسة البكر، التي لم تلوثها مظاهر حضارة مصطنعة، ولكنها استطاعت الاحتفاظ بكنوزها البكر، وأصبحت مقصداً لمن يقدرون عظمة الخالق ويسعون إلى المتعة والاستجمام والترفيه.

اتباع نظام غذائي متوازن وممارسة التمارين الرياضية يساعد في العيش بشكل أفضل لمدة أطول (شترستوك)

ليلى علي

الشيخوخة هي عملية لا مفر منها، ومع ذلك، غالبا ما نرى أشخاصا يكسرون الحاجز النفسي بينهم وبين هذه المرحلة، التي نخشى تأثيرها على أرواحنا وأجسادنا، فبالرغم من كبر أعمارهم إلا أنهم رائعون ومفعمون بالحيوية وطاقة الشباب، ولا يمكنك تخمين عمرهم، فهؤلاء الأشخاص يتبنون بعض العادات التي تجعلهم صغارا مفعمين بالحياة.

وتقترح الكاتبة العلمية مارتا زاراسكا في كتابها الأكثر مبيعا "كيف يمكن للصداقة والتفاؤل واللطف مساعدتك على العيش حتى 100 عام"، مفهوم "الصحة الناعمة"، الذي يشير إلى الظروف الشخصية التي نعيش ونعمل ونلعب في ظلها، فهي تعد واحدة من أهم العوامل المستندة إلى العلم، والتي تؤثر على مدى صحتنا ومدة حياتنا ومدى تقدمنا في العمر.

إذا كنت تهدف إلى العيش بصحة أفضل لعمر أطول، فأنت بحاجة إلى قضاء المزيد من الوقت في تنمية هذه العادات الصحية، التي يتشاركها الأشخاص، الذين لا يتقدمون في العمر أو على الأقل من لا يظهر عليهم ذلك.

الاعتناء بشريك الحياة

تعتقد زاراسكا أن أهم جزء في اهتمامنا بأنفسنا يتعلق بجودة علاقاتنا مع الأشخاص الأقرب إلينا، فقد أظهرت دراسة أجريت عام 2020 أن العزلة الاجتماعية مرتبطة بمستويات أعلى من الالتهاب، والذي يرتبط بعدد من الأمراض كالقلب والسرطان والسكري، والتي يمكن أن تقصر من عمرنا وتتعارض مع نوعية حياتنا.

ومع ذلك، وجدت دراسة عام 2008 أن ما يصل إلى 43% من الأميركيين فوق سن 60 يشعرون بالوحدة، ليس لأنهم يعيشون بمفردهم، فهم يشعرون بالوحدة حتى مع أزواجهم.

توصي زاراسكا بإعطاء الأولوية لعلاقاتك الشخصية الوثيقة، خاصة مع شريك حياتك، وضرورة بذل جهد منسق لإسعاد بعضكما البعض، والذي يتضمن التحدث حول الأشياء الجيدة التي تحدث في حياتك اليومية، والقيام بأشياء ممتعة معا.

يجب إعطاء الأولوية لعلاقاتك الشخصية الوثيقة خاصة مع شريك حياتك، وبذل جهد منسق لإسعاد بعضكما البعض (غيتي)

حياة اجتماعية قوية

وفقا لموقع "إنك" (inc)، فإن العلاقات لها تأثير كبير على الصحة الجسدية، حيث أظهرت الدراسات مرارا وتكرارا أن أولئك الذين تربطهم علاقات شخصية أقوى يعيشون أطول، وأن أولئك الذين لديهم علاقات ضعيفة يعانون من حالات صحية مزمنة بما في ذلك أمراض القلب والأوعية الدموية.

ووفقا لدراسة أجريت عام 2017، فإن الاستثمار في حياة اجتماعية جيدة قد يكون أفضل شيء يمكنك القيام به، حيث إن امتلاك شبكة دعم اجتماعي قوية، من الأشخاص الذين يمكنك الذهاب إليهم للحصول على الدعم العاطفي أو الاجتماعي أو حتى المالي حسب الحاجة، يرتبط بانخفاض خطر الوفاة المبكر بنسبة 50%.

وتوصي الكاتبة بالتواصل مع الأصدقاء، ووضع خطط للالتقاء حتى لو كانت هذه الخطط بعيدة في الوقت الحالي؛ بسبب كورونا، كما تنصح بالجمع بين الرياضة والتواصل الاجتماعي.

اعلان

مساعدة الآخرين

إن مساعدة الآخرين تعمل على تقليل التوتر وإطلاق سلسلة من التغيرات الفسيولوجية في أجسامنا، التي تعمل على تحسين صحتنا؛ مما قد يؤدي إلى حياة أطول وأفضل.

وتوصي زاراسكا بممارسة أعمال اللطف العشوائية، كمساعدة من يحتاج لذلك، والابتسام لشخص يمر في الشارع، وتوزيع الحلوى على الصغار، أو التطوع في مؤسسة خيرية قد تستفيد من خبراتك أو مجهودك.

مساعدة الآخرين تعمل على تقليل التوتر وإطلاق سلسلة من التغيرات الفسيولوجية في أجسامنا، التي تحسن صحتنا (بيكسلز)

التفاؤل والتفكير الإيجابي

وفقا لموقع "إنك" فإن الحفاظ على موقف إيجابي، مهما كان الأمر صعبا في بعض الأحيان، له فوائد ضخمة لمكافحة الشيخوخة، فمن لديهم نظرة إيجابية لمستقبلهم والذين رأوا الشيخوخة على أنها ليست مشكلة كبيرة، لديهم قدرة أكبر على العمل بشكل مستقل، والحفاظ على اللياقة البدنية، والعمل بدوام كامل، والاستمتاع اجتماعيا.

تشير دراسة أجريت عام 2019 إلى أن التفاؤل يرتبط بعمر أطول، وحتى "طول عمر استثنائي"، والذي يعرف بأنه العيش حتى سن 85 عاما أو أكثر.

إذا كان عيش حياة طويلة وسعيدة أمرا مهما لك، فعليك أن تقوم بكل ما في وسعك لتنمية حس التفاؤل لديك، حتى لو كان ذلك يعني العمل على تغيير شخصيتك، وهو أمر ممكن إن أردت ذلك.

الوعي

ممارسة الحياة بالطريقة الواعية، هي سمة أساسية للأشخاص الذين يعيشون طويلا بشكل جيد، وهذا مرتبط بصفات مثل القدرة على التنظيم وأخذ الحذر والاجتهاد.

فهم يميلون إلى اتخاذ خيارات صحية، ويختارون العودة إلى المنزل مبكرا حتى يتمكنوا من الاستيقاظ مبكرا وممارسة الرياضة، كما يختارون أصدقاء جيدين، يتفوقون في العمل، ويرتدون أحزمة الأمان. عندما يكون لديهم موعد مهم في الصباح، يجهزون ملابسهم في الليلة السابقة.

عوامل أخرى

يضيف موقع "ميديوم" (medium) بعض العوامل المهمة الأخرى، التي يجب ممارستها في حال أردنا العيش بشكل أفضل لمدة أطول، وهي اتباع نظام غذائي متوازن وممارسة التمارين الرياضية، والنوم ما لا يقل عن 8 ساعات يوميا، وممارسة التأمل؛ لأنه يبطئ الشيخوخة بشكل مؤكد.

وأظهرت دراسة أن المتأملين المنتظمين في الخمسينيات من العمر لديهم نفس حجم قشرة الفص الجبهي مثل حجم قشرة الذين في العشرينيات من العمر، وهذا دليل على أن التأمل يمكن أن يحمي العضو الأكثر حيوية، وهو الدماغ، حتى منتصف العمر.

كما ينصح أيضا بالتعرض لأشعة الشمس؛ لأنها أفضل مصدر لفيتامين "د" الذي يعتقد أنه يزيد من صحة الجلد والعظام والصحة العقلية، ويبقيك نشيطا وشابا.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية

إنّ استثمار الأموال يُعدّ أحد العوامل الأساسيّة في النموّ الاقتصاديّ. وعلى الرغم من ضرورة هذا الأمر، إلا أنّه لا يزال غير متعارفٍ في النشاطات الاقتصاديّة الأُسريّة، إذ إنّ الأُسرة هي المصدر الأساس للاستثمار.

 

لذا، من الضروريّ السعي في إصلاح برنامج تخصيص الأموال وإنفاقها، بحيث يتمّ اجتناب الإسراف، والتبذير، وهدر الثروات، أو خمودها، وذلك لكي يتمّ تسخير الاستثمار والادّخار في خدمة التطوّر الاقتصاديّ. وهذه الاستراتيجيّة في تدبير المعيشة تؤدّي إلى القضاء على الفقر والحرمان، وتكون ذخراً لا ينضب لأبناء المجتمع.

 

فالمال والثروة - بطبيعة الحال - رصيدٌ للفرد والمجتمع على حدٍّ سواء. وبعبارةٍ أخرى: إنّ المال قَوّامٌ عليهما، والخطابات القرآنيّة في هذا المجال جاءت بصيغة الجمع([1])، وذلك للدلالة على أهمّيّة الرصيد المالي وقوّاميّته في المجتمع.

 

فأصل قوّاميّة المال تبيّن لنا أهمّيّة الاستثمار، حتى وإن كانت الثروة بأيدي الناس، لأنّ الثروة لو سُخّرت لخدمة المجتمع، وتأمين مصالحه، سوف لا تفقد قوّاميّتها، لكنّها لو ادُّخرت وأصبحت خاملةً، ستفقد هذه القوّاميّة ([2]). عن الإمام الصادق عليه السلام: "إنَّما أعطاكُمْ اللهُ هذهِ الفُضولَ مِن الأموالِ، لتُوجِّهوها حيثُ وَجّهَها اللهُ، ولَم يُعطِكُموها، لتكنِزُوها"([3]) .

 

وأكّد الدين الإسلاميّ على خاصّية العمل والاستثمار في جميع المجالات الاقتصاديّة التي تخدم المجتمع، كالزراعة، والصناعة، والتعدين، والخدمات العامّة، وما إلى ذلك من نشاطات. وتطرّقت المصادر الإسلاميّة إلى هذا الأمر وشجّعت الناس عليه، تحت عناوين مختلفةٍ: إمّا بشكلٍ مباشرٍ، مثل: إصلاح المال، والعمران، والإحياء، وإمّا بشكلٍ غير مباشرٍ، مثل: منع ركود الثروة، وحرمة الإسراف والتبذير، وحرمة إتلاف المال، وترويج مبدأ القناعة، والاقتصاد في استهلاك الأموال ([4]) .

 

وسنذكر في ما يأتي بعض الآيات المباركة والأحاديث الشريفة التي تشجّع على استثمار الأموال:

 

 آياتٌ مشجِّعة على الاستثمار:

صرّح القرآن الكريم بمشروعيّة جمع الثروة، وأهمّيّة تأمين المصادر الاقتصاديّة واستثمارها في مجال الإنتاج، وأشار إلى أنّ الله تعالى خلق الإنسان من الأرض، وسخّرها له، وأوكل إليه إعمارها، حيث قال: ﴿هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَ﴾([5])، وبالطبع، فإنّ عمران الأرض لا يتمّ إلا عن طريق الاستثمار.

 

- نستلهم من قصّة النبيّ يوسف عليه السلام أنّه وضع برنامجاً اقتصاديّاً، لإدارة مصر لأكثر من عقدٍ، وتمكّن من القيام باستثماراتٍ ضخمةٍ في هذه البلاد العظيمة. وهذه الاستثمارات قد بُرمِجَت في إطار خطّةٍ طويلة الأمد، وفي ثلاثة محاور، هي: توفير عناصر الإنتاج، وإنشاء ثروةٍ ماليّةٍ واستثمارها، وبناء مخازن للموادّ الغذائيّة، بغية حفظها لسنوات الجدب. قال الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ﴾([6]).

 

- خلق الله تعالى السماء والأرض، وسخّر كلّ ما فيهما، لخدمة الإنسان، وتلبية حوائجه، وأكرمه بالعقل الذي مكّنه من استثمار ما في الطبيعة من خيراتٍ، كصناعة السفن التي تقطع البحار، لكي يتسنّى له كسب رزقٍ حلالٍ. وبالطبع، لا بدّ له من أن يشكر الله تعالى على هذه النعم العظيمة. ومن المؤكّد أنّ استغلال هذه النعم لا يكون ميسّراً إلا بعد برنامجٍ استثماريٍّ مناسبٍ، وإن كان محدوداً. فعلى سبيل المثال: إنّ استخراج لحمٍ طريٍّ من البحر: ﴿وَمِنْ كُلٍّ تَأكُلُونَ لَحْمَاً طَرِيَّ﴾([7]) لا يكون ميسّراً من دون تسخير بعض الأموال في صناعة السفن والزوارق، أو على أقلّ تقديرٍ توفير وسائل الصيد.

 

- تحدّث القرآن الكريم عن استثمارٍ ضخمٍ في أحد المشاريع العظيمة إبّان العهود السالفة من خلال تسخير أموالٍ طائلةٍ، واستخدام تقنيةٍ متطوّرةٍ. وهذا المشروع هو: بناء سدٍّ بين جبلين يحول دون عبور الأعداء من تلك الفسحة، حيث تمّ إنشاؤه من قِبَل ذي القرنين، تلبيةً لطلب سكّان المنطقة، وذلك إمّا باستثمار أموال السكّان وذي القرنين معاً، وإمّا باستثمار أموال السكّان فحسب. وذكر القرآن الكريم نجاح هذا المشروع العظيم، وأنّ ذا القرنين اعترف بأنّ هذا النجاح لم يكن ممكناً لولا رحمة الله تعالى ولطفه، إذ أكرمه تعالى بقدرةٍ مكّنته من صناعة ذلك السدّ. قال تعالى: ﴿قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا * قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا * آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا * فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبً﴾([8]) .

 

- أمر الله تعالى المسلمين بأن يعدّوا أنفسهم لمواجهة الأعداء قدر المستطاع، وذلك حتّى لا يطمع أحدٌ بالإغارة على أراضيهم وسلب أموالهم. قال عزّ وجلّ في كتابه الكريم: ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ﴾([9]) .

 

فهذه الآية المباركة تدلّ على ضرورة اقتناء الأسلحة المتطوّرة من قِبَل المسلمين في كلّ زمانٍ، كما أنّها تحتّم عليهم تقوية عزائم الجند، ورفع معنويّاتهم، ليزدادوا قوّةً. وهي بالتأكيد لا تختصّ بالاستعداد العسكريّ وحسب، بل نستوحي منها ضرورة الاهتمام بسائر القضايا الاقتصاديّة، والثقافيّة، والسياسيّة، التي تندرج تحت مفهوم(القوّة)، لما لها من تأثيرٍ بالغٍ في مواجهة الأعداء([10]).

 

- هناك آياتٌ كثيرةٌ في القرآن الكريم تطرّقت إلى نماذج عديدةٍ من استثمار الأموال في مختلف المشاريع، منها الآيتان 37 و38 من سورة هود، والآية 27 من سورة المؤمنين التي تشير إلى توفير بعض الأمور، من أجل صناعة سفينة نوح عليه السلام عن طريق الوحي. والآيتان 12 و13 من سورة سبأ تشيران إلى خطّة النبيّ سليمان عليه السلام الاستثماريّة في صناعة جدران، وتماثيل، وأواني طعام كبيرة، وقدور ثابتة. وكذلك الأمر في الآيتين 10 و11 من سورة سبأ، والآيات 26 إلى 28 من سورة القصص التي تذكر مشروع النبيّ داوود عليه السلام الاستثماريّ في صناعة الدروع الحربيّة، وكذلك تشير إلى الاتّفاقيّة التي عُقِدَت بين النبيّ شعيب عليه السلام والنبيّ موسى عليه السلام في استثمار خدمات الأخير ([11]) .

 

روايات مشجِّعة على الاستثمار:

وفي ما يلي نذكر بعض الروايات المباركة التي تناولت قضيّة استثمار الأموال:

- روى زرارة عن الإمام الصادق عليه السلام قوله: "ما يَخلُفُ الرّجُلُ بَعدَهُ شَيئاً أشَدَّ عَلَيهِ مِن المالِ الصّامِتِ". قال زرارة: قلت له كيف يصنع به؟ قال عليه السلام: "يَجعَلهُ فِي الحائطِ والبُستانِ أو الدّارِ"([12]) .

- روى محمّد بن عذافر، عن أبيه، قال: أعطى أبو عبد الله عليه السلام أبي ألفاً وسبعمائة دينارٍ، فقال له: "اتَّجِر لِي بِها". ثمّ قال عليه السلام: "أَما إنّهُ لَيسَ لِي رَغبَةٌ في رِبحِها، وإنْ كانَ الرّبحُ مَرغوباً فيهِ، ولكِنِّي أحبَبتُ أن يَراني اللهُ عزَّ وجلَّ مُتعرِّضاً لفَوائدِهِ". قال: فربحت له فيه مائة دينارٍ، ثمّ لقيته، فقلت له: قد ربحت لك فيها مائة دينارٍ، ففرح أبو عبد الله عليه السلام بذلك فرحاً شديداً، وقال لي: "أَثبِتْها في رَأسِ مالِي"([13]) .

 

- أوصى الإمام جعفر الصادق عليه السلام أحد أصحابه أن يشتري مزرعةً أو بستاناً، لأنّ الذي يمتلك رصيداً مادّيّاً يؤمّن حاجاته وحاجات عياله، سوف لا يعاني كثيراً، ويرتاح باله، لو تعرّض إلى نائبةٍ أو حادثةٍ. فقد روى محمّد بن مرازم، عن أبيه: أنّ أبا عبد الله عليه السلام قال لمصادف مولاه: "اتّخِذْ عقدةً أو ضَيعةً، فإنّ الرّجلَ إذا نزَلت بهِ النّازِلةُ أو المصيبةُ، فذَكرَ أنّ وَراءَ ظهرِهِ ما يقيمُ عيالَهُ، كانَ أسخَى لنفسِهِ"([14]).

 

- وأوصى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الناس باستثمار أموالهم، وعدَّ ذلك من المروءة، حيث قال: "مِن المروءَةِ استصلاحُ المالِ"([15]) . كما أكّد الإمام عليّ بن الحسين عليه السلام على هذا الأمر - أيضاً - بقوله: "استثمارُ المالِ تمامُ المروءَةِ"([16]) .

 

وإضافةً إلى ما ذُكر، فإنّ جميع الروايات التي وردت في العقود التجاريّة، مثل: عقد المزارعة، والمساقاة، والمضاربة، والشراكة، والجعالة، والإجارة، وما شاكلها، تجوّز استثمار الأموال، وتسخيرها، خدمةً للفرد والمجتمع.

 

فن التدبير في المعيشة - رؤية قرآنية روائية - ، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

 

([1]) وردت في القرآن الكريم عبارات عديدة بصيغة الجمع في هذا المجال، مثل: ﴿خلقَ لكم﴾، ﴿جعلَ لكم﴾، ﴿للنّاس﴾، ﴿رزقاً لكم﴾...

([2]) فينومينولوجيا الفقر والتنمية (بديده شناسي فقر وتوسعه)، إشراف محمّد الحكيميّ، ط1، قم المقدّسة، منشورات المركز الإعلاميّ في الحوزة العلميّة في قم المقدّسة، 1380هـ.ش، ج3، ص266.

([3]) الكليني، الكافي، م.س، ج4، أبواب الصدقة، باب في أداء المعروف، ح5، ص32.

([4]) الحسينيّ، رضا: نمط توزيع الدخل وسلوك المستهلك المسلم (اُلكوي تخصيص درامد ورفتار مصرف كننده مسلمان)، ط1، لام، منشورات مركز الثقافة والفكر الإسلاميّ، 1379هـ.ش، ص159.

([5]) هود: 61.

([6]) يوسف: 47-49.

([7]) فاطر: 12.

([8]) الكهف: 94-97.

([9]) الأنفال: 60.

([10]) الشيرازي، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، م.س، ج5، ص472.

([11]) لمعرفة المزيد عن الخطط الاستثماريّة التي وردت في القرآن الكريم، انظر: رجائي, وآخرون، معجم موضوعى آيات اقتصادى قرآن(باللغة الفارسية)، م.س، ص104-110.

([12]) الكليني، الكافي، م.س، ج5، كتاب المعيشة، باب شراء العقارات...، ح2، ص91.

([13]) الكليني، الكافي، م.س، ج5، كتاب المعيشة، باب ما يجب من الاقتداء بالأئمّة عليهم السلام، ح12، ص76.

([14]) الكليني، الكافي، م.س، ج5، كتاب المعيشة، باب الدين، ح5، ص92.

([15]) الصدوق، من لا يحضره الفقيه، م.س، ح3616.

([16]) الكليني، الكافي، م.س، ج1، كتاب العقل والجهل، ح12، ص20.