
emamian
النص الكامل لكلمة الإمام الخامنئي في مناسبة يوم الشجرة وأسبوع الموارد الطبيعية
بسم الله الرحمن الرحيم،
بحمد الله، كما جرت العادة كل عام، وُفّقنا هذا العام أيضًا بفرصة غرس بضع شتلات، شتلتين أو ثلاث. الغاية من ذلك هي أن يتوجه، إلى جانب الشباب، الأشخاص مَن هم في أعمارنا أيضًا نحو هذا العمل المهم والعظيم والضروري والجميل. ينبغي أن يسعى الجميع بشوق إلى غرس الشتول وزيادة الأشجار والمساحات الخضراء في البلاد.
إنّ التشجير استثمار، هو في الواقع نظرة مستقبلية، وإنتاج للثروة. فهذه الشتلة ستتحول مع مرور الوقت إلى شجرة. فإن كانت شجرة مثمرة، فهي نوع من الثروة، وإذا كانت للخشب، فهي أيضًا نوع من الثروة. إنكم تحققون بالتشجير ربحًا لا خسارة فيه. هذا أحد جوانب قضية غرس الشتول.
الجانب الآخر منها يتمثّل في كونها عاملًا لسلامة الهواء. فالأشجار والمزارع والخضراوات التي ينبتها الله تعالى من الأرض، لها تأثير في تحسين بيئة الحياة وجودة الهواء. لذلك، تستفيد البيئة أيضًا من غرس الشتول والأشجار، إذ تُعدّ البيئة أمرًا بالغ الأهمية، فهي بيئة حياة الإنسان، ولا غنى للناس عنها. هذا جانب.
جانبٌ آخر يتمثّل في أن الأشجار والمساحات الخضراء تضفي النضارة والصفاء على بيئة الحياة، فبالإضافة إلى جانب الصحة والمنفعة المادية وما شابه، فإنها تبعث البهجة في الأنظار والأفئدة. إذا ازدانَت البيئة بالخضرة، وكانت مخضرّة بما ينبت من نعم الله، أفادت بيئة الإنسان الروحية وانتفع الناس منها. هذه جوانب مختلفة. في الحقيقة، إنّ التجشير وغرس الشتول فيه فوائد مادية وبيئية و ويُعدّ مصدرًا للنضارة والمنفعة النفسية. حقًّا وإنصافًا، إنه ربح مطلق من الجوانب كلها. أي لا يوجد فيها أي ضرر إطلاقًا.
ما أود أن أوصي به هو أن تؤخذ هذه النهضة الوطنية للتشجير، التي أُعلن عنها العام الماضي وسمعت أنها تسير - بحمد الله - على نحو جيد، على محمل الجد وتتابعوها. عندما أُعلن في حكومة الشهيد رئيسي عن زراعة مليار شجرة في أربع سنوات، تبيّن أن هذا الأمر عمليّ وممكن التحقيق، بشرط أن تتكاتف جهود الجميع، وأن تُقدّم الأجهزة الحكومية المعنية الدعم اللازم للناس، سواء عبر التبيين أو عبر المساعدات العملية والإدارية وما شابه ذلك.
النقطة المهمة الأخرى هي ألا نزرع الشتول من جهة، ومن جهة أخرى ندمّر الأشجار الكبيرة المفيدة ونقطعها. صحيح أن قطع الأشجار قد يكون ضروريًا أو مطلوبًا تقنيًا في بعض الحالات، سواء في الغابات أو غيرها، وهذا بحث آخر، ولكن بالمجمل يجب الحذر من قطع الأشجار لأنه أمر مضر وخطِر. ينبغي منع تدمير الغابات، ويجب منع تحويل الأراضي الزراعية إلى استخدامات أخرى، والتصدي لهذه الممارسات. هذه مسألة أيضًا. سمعتُ أنه - بحمد الله - قد اتُخذت خطوات جيدة في هذا المجال في طهران وبعض المدن الأخرى، وينبغي مواصلتها.
أوصي بأن ينظر ناسنا الأعزاء إلى قضية غرس الشتول على أنها عمل صالح وحسنة، وأن يُكثِروا عدد الأشجار والنباتات، ليضفوا بهذا العمل صفاء على البيئة، بالإضافة إلى توفير وسيلة لهم للاستفادة المادية والروحية والمعنوية. أسأل الله المتعالي التوفيق للجميع.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الصيام وتقوية الإرادة: كيف يساعد الصيام على ضبط النفس؟
الإرادة هي واحدة من الصفات الانسانية المهمة التي تلعب دوراً أساسياً في النجاح والتقدم الفردي، فإن الإرادة القوية تساعد الإنسان على المقاومة أمام التحديات والصعوبات وتحقيق أهدافه.
ورد موضوع الإرادة في القرآن الكريم ومن المعاني القرآنية للإرادة، "العزم" إذ يذكر القرآن الكريم في سورة آل عمران، الآية 159 "فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ" وهذه الآية تظهر أن الإرادة والتوكل على الله يمكن أن تساعد الإنسان في الوصول إلى أهدافه.
كما جاء في الآية الـ53 من سورة "يوسف" المباركة "وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ" حيث تشير هذه الآية إلى دور الإرادة وضبط النفس في مواجهة الوسواس والأهواء النفسية.
وإحدى فوائد الصوم هي تقوية الإرادة وضبط النفس لأن الصوم هو فرصة لممارسة الصبر والثبات أمام المغريات والرغبات النفسية.
عندما يمتنع الإنسان لفترة معينة عن الأكل والشرب، يحقق ضبط النفس ويعزز إرادته. هذه المقاومة للاحتياجات الطبيعية للجسد من أجل أمر إلهي تهيئ المجال لتعزيز ضبط النفس. كما تشير الروايات الإسلامية إلى تأثير الصوم في تعزيز الإرادة.
في هذا السياق روي عن النبي محمد(ص) "يقولُ اللّهُ عَزَّ و جلَّ مَن لَم تَصُمْ جَوارِحُهُ عن مَحارِمِي فلا حاجَةَ لي في أن يَدَعَ طَعامَهُ و شَرابَهُ مِن أجلِي". وهذا الحديث يدلّ على أن الصيام ليس عبادة فقط، بل هو أيضاً أداة لتقوية الإرادة ومقاومة الإغراءات.
ويعلّم الصوم الإنسان كيفية مقاومة الرغبات الآنية والزائلة والالتزام بأهدافه طويلة الأمد. هذه المهارة مفيدة جداً في الحياة اليومية وتساعد الفرد على مقاومة الضغوط الاجتماعية والمغريات المادية.
إن الصوم، كممارسة روحية ونفسية، يساعد الإنسان على الوصول إلى فهم أعمق لنفسه وعلاقته مع الله سبحانه وتعالى حیث یساعد هذا الفهم العميق الإنسان على أن يكون قوياً في مواجهة تحديات الحياة، والمضي قدماً نحو أهدافه بإرادة قوية. لذلك فإن الصيام ليس مجرد عبادة فحسب، بل هو أيضاً أداة قوية لتقوية قوة الإرادة وضبط النفس، مما قد يكون له تأثير إيجابي على كافة جوانب حياة الإنسان.
وَاسْتَعِينُوا بِالْقُرْآنِ
عنْ أميرِ المؤمنينَ (عليهِ السَّلامُ): «وَاعْلَمُوا أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ، هُوَ النَّاصِحُ الَّذِي لَا يَغُشُّ، وَالْهَادِي الَّذِي لَا يُضِلُّ، وَالْمُحَدِّثُ الَّذِي لَا يَكْذِبُ. وَمَا جَالَسَ هَذَا الْقُرْآنَ أَحَدٌ إِلَّا قَامَ عَنْهُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ: زِيَادَةٍ فِي هُدًى، أَوْ نُقْصَانٍ مِنْ عَمًى. واعْلَمُوا أَنَّه لَيْسَ عَلَى أَحَدٍ بَعْدَ الْقُرْآنِ مِنْ فَاقَةٍ، ولَا لأَحَدٍ قَبْلَ الْقُرْآنِ مِنْ غِنًى؛ فَاسْتَشْفُوه مِنْ أَدْوَائِكُمْ، واسْتَعِينُوا بِه عَلَى لَأْوَائِكُمْ، فَإِنَّ فِيه شِفَاءً مِنْ أَكْبَرِ الدَّاءِ، وهُوَ الْكُفْرُ والنِّفَاقُ والْغَيُّ والضَّلَالُ»[1].
وردَ الحثُّ الشديدُ في هذا الشهرِ الكريمِ على الاغتنامِ منَ القرآنِ الكريمِ، فجعلَ اللهُ عزَّ وجلَّ جليلَ الثوابِ وعظيمَ الأجرِ على كلِّ ما يرتبطُ بهذا القرآنِ، تلاوةً واستماعاً وتدبُّراً. ومعرفةُ مكانةِ هذا القرآنِ تَظهَرُ جليّاً في كلماتِ أميرِ المؤمنينَ (عليهِ السَّلامُ)، ففي العُكوفِ على مائدةِ هذا الكتابِ السماويِّ العظيمِ نفعٌ دائمٌ.
ومنَ المُفرداتِ التي نادى بها الإمامُ الخامنئيُّ (دامَ ظلُّه) هوَ الأُنسُ بهذا القرآنِ؛ بمعنى طمأنينةُ النفسِ والشعورُ بالرَّاحةِ عندَ الجلوسِ معَ هذا القرآنِ الكريمِ، يقولُ (دامَ ظلُّه): «عندما يتحقّقُ الأُنسُ بالقرآنِ، ينفتحُ بابُ التدبُّرِ والتأمُّلِ والتفكُّرِ في معارفِه. لا يصحُّ الاكتفاءُ بقراءةِ القرآنِ منْ أوَّلِه إلى آخرِه، والمُرورِ عليهِ مُرورَ الكِرامِ، فهوَ بحاجةٍ إلى التدبُّر،ِ وإلى الوقوفِ على كلِّ كلمةٍ منْ كلماتِه، وكلِّ تركيبٍ كلاميٍّ ولَفظيٍّ فيه. فكلَّما تدبَّرَ الإنسانُ وتأمَّلَ، ازدادَ أُنسُهُ، وكَثُرَ نفعُهُ واستفادتُهُ، هكذا هوَ القرآنُ»[2].
وقدْ أكَّد شهيدُنا الأسمى السيِّدُ حسنُ نصرُ اللهِ فُرصةَ الانتفاعِ بالقرآنِ الكريمِ في هذا الشهرِ، يقولُ (قدَّسَ اللهُ سرَّهُ): «يجبُ أنْ يكونَ هذا الشهرُ... مُناسبةً عظيمةً وفُرصةً حقيقيَّةً، لتعرُّفِ كتابِ اللهِ عزَّ وجلَّ، والأُنسِ بهِ، وتلاوتِه، والتدبُّرِ بآياتِه، وفَهمِه، كمُقدِّمةٍ للعملِ بكلِّ ما جاءَ فيهِ، إنْ شاءَ اللهُ تعالى. هذا القرآنُ هوَ الكتابُ الإلهيُّ الخالدُ، هذا القرآنُ المُصدِّقُ لما بينَ يديهِ منْ كُتُبِ السَّماءِ وصُحُفِ الأنبياءِ، هذا القرآنُ الهُدى والنُّورُ المُبينُ والتِّبيانُ لكلِّ شيءٍ وبيِّناتُ الهُدى وفُرقانُ الحقِّ والباطلِ، هذا القرآنُ شفاءُ الصُّدورِ ورَبيعُ القُلوبِ، كتابُ الهدايةِ والصِّراطِ المُستقيمِ.
حالُنا معَ هذا القرآنِ، أيُّها الإخوةُ والأخواتُ، كحالِ المَرضى الذينَ يَسكنونَ في جِوارِ طبيبٍ، وفي بُيوتِهِمُ الدَّواءُ، ولكنَّهُم هجَروا الطبيبَ وهجَروا الدَّواءَ، وأصرُّوا بجَهلِهِمْ، وبغفلتِهِمْ، وبسوءِ حالِهِمْ، على أنْ يَبقَوا في المَرَضِ؛ مَرَضِ العُقولِ، والأرواحِ والأنفُسِ الأمَّارةِ بالسُّوءِ.
القرآنُ هذا علاجُ كلِّ أمراضِنا، كلِّ ما يُمكنُ أنْ نَتَصوَّرَهُ منْ سُوءٍ فينا، وكلِّ ما يُمكنُ أنْ نَتَصوَّرَهُ منْ حاجةٍ، ومنْ سُؤالٍ، فهذا القرآنُ الإلهيُّ فيهِ تِبيانُ كلِّ شيءٍ، وهوَ الكتابُ الخالدُ الأبديُّ الذي سيَرِدُ الحَوضَ معَ عِترةِ رسولِ اللهِ (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ) يومَ القيامةِ».
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين
[1] السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، ص252، الخطبة 176.
[2] من كلام للإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في محفل الأنس بالقرآن الكريم، بتاريخ 21/07/2012م.
2025-03-05
عندما يكون الأمن مستوردا.. أوكرانيا مثالا
في تغريدة على منصة إكس قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي "لم يسر اجتماعنا في البيت الأبيض، بالطريقة التي كان من المفترض أن يكون عليها. من المؤسف أن يحدث بهذه الطريقة. لقد حان الوقت لتصحيح الأمور.. أنا وفريقي مستعدون للعمل تحت القيادة القوية للرئيس ترامب".
لم ينس زيلينسكي ان يعزف على الوتر الذي تطرب له مسامع الرئيس الامريكي دونالد ترامب، وهو اعلان استعداده لتقديم الموارد الطبيعية لاوكرانيا على طبق من ذهب لامريكا تتصرف بها كيف تشاء، وذلك عندما اكد استعداده لتوقيع اتفاق يمنح الولايات المتحدة أفضلية الوصول إلى مواردها الطبيعية ومعادنها "في أي وقت وبأي تنسيق مناسب".
محاولة زيلنيسكي كسب ود ترامب لم تكن كافية على ما يبدو بعد اللقاء العاصف في البيت الابيض يوم الجمعة، حيث نقلت وكالة رويترز عن أربعة مصادر مطلعة يوم امس الثلاثاء، قولهم ان ترامب "يسعى الآن للحصول على صفقة كبرى وفضلى مع أوكرانيا وأن معايير الاتفاقية قد تتغير".
بات واضحا ان تراجع زيلينسكي، رغم الاهانة التي تعرض لها امام العالم اجمع في البيت الابيض، بهذا الشكل الدراماتيكي، كان وراءه اسباب لم تكن خافية، فالرجل خاف على نفسه قبل اي شيء اخر، بعد التهديد الذي وجهه اليه ترامب في منشور على منصة "تروث سوشيال" الخاصة به عندما قال "ان أميركا لن تتحمله لفترة أطول". وبعد تهديد ترامب هذا اعلن مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأميركي "آمل وأدعو، بصراحة، أن يعود الرئيس زيلينسكي إلى رشده، وأن يعتذر عن سلوكه ويعود إلى طاولة المفاوضات بامتنان، أو أن يتولى شخص آخر قيادة البلاد للقيام بذلك".
بعد التهديدات الامريكية العلنية، اعلن النائب الأوكراني أليكسندر دوبينسكي إنه تقدم بطلب رسمي لرئيس البرلمان لبدء إجراءات عزل الرئيس فولوديمير زيلينسكي، وطالب بعقد جلسة استثنائية لمجلس النواب للنظر في إمكانية إنشاء لجنة خاصة للتحقيق مع الرئيس.
الشيء الاخر والمهم هو ان الادارة الامريكية تعاملت مع رئيس دولة اخرى معامل مدير مع موظف، وذلك عندما كشفت شبكة "سي إن إن" عن مصادر لم تسمها، إن مسؤولين في إدارة ترامب طالبوا الأوكرانيين على إعادة المحادثات لمسارها الصحيح قبل خطاب ترامب امام الكونغرس، "عاجلا وليس آجلا". وطالبوا زيلينسكي بالاعتذار علانية لترامب.
اليوم لا يمكن وصف حال اوكرانيا بقيادة زيلينسكي، الا بالكارثي، فالبلد دخل في حرب لا ناقة لشعب اوكرانيا فيها ولاجملا، فقط من اجل توسيع حلف الناتو ليصل الى حدود روسيا، بالرغم من وجود اتفاقيات منها اتفاقيات مينيسك، التي كانت تدور حول ابقاء اوكرانيا خارج نطاق حلف الناتو، لكن زيلينسكي، رهن بلاده ومستقبل شعبه، بوعود الغرب وعلى راسه امريكا و ورطه شعبه في حرب ضروس مع قوة عظمى، فد خلالها 20 بالمائة من اراضي بلاده، كما سيخسر ثرواتها الغنية على مدى عقود، وومن المؤكد وفور انتهاء الحرب سيكون في مواجهة شعبه، الذي سيطالبه باجوبة على اسئلة بديهية جدا، وفي مقدمتها كيف ورط بلاده في حرب وهو لا يملك قراره السياسي، وكيف يطلب الامن من الخارج، واخيرا، كيف سيمنح ثروات شعبه لامريكا دون مقابل. ولا نعتقد ان الشعب سيرحمه حينها.
المصدر: العالم
عراقجي: لا يمكن تدمير البرنامج النووي الإيراني عبر هجوم عسكري
قال وزير الخارجية الايراني ان البرنامج النووي الإيراني لا يمكن تدميره بهجوم عسكري.
وقال وزير الخارجية الايراني السيد عباس عراقجي لوكالة فرانس برس على هامش اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي في جدة، ما دامت إدارة ترامب تطبق أقصى الضغوط، فإن إيران لن تستأنف المفاوضات مع الولايات المتحدة بشأن برنامجها النووي".
وتابع: "لا يمكن تدمير البرنامج النووي الإيراني عبر هجوم عسكري". هذه هي التكنولوجيا التي حققناها، والتكنولوجيا في العقل والدماغ لا يمكن قصفها.
واضاف: " ان وزارة خارجية بلادنا ليست في عجلة من أمرها لإقامة علاقات مع الحكومة السورية الجديدة".
ونوه: "إذا هاجم كيان "إسرائيل" إيران فإن ذلك سيؤدي إلى صراعات أوسع في الشرق الأوسط".
قائد الثورة : يجب التعامل بجدية مع حركة غرس الاشجار الوطنية
أكد قائد الثورة الإسلامية على ضرورة التعامل بجدية مع حركة غرس الاشجار الوطنية قائلا: ان هذا المشروع الذي بدأ العام الماضي وما زال مستمر، يظهر أن زراعة مليار شجرة في أربع سنوات أمر ممكن، وعلى الجهات الحكومية مساعدة الشعب في هذا المجال.
وبمناسبة اسبوع الموارد الطبيعية ويوم الشجرة في ايران، قام قائد الثورة الاسلامية آية الله العظمى السيد علي الخامنئي اليوم الأربعاء بغرس 3 شتلات.
وبعد غرسه لثلاث شتلات، اعتبر سماحته بأن غرس الأشجار نشاطا مربحا واستشرافيا ومنتجا للثروة،مؤكدا على ضرورة الاهتمام الجاد بحركة غرس الأشجار الوطنية التي بدأت العام الماضي في حكومة الشهيد رئيسي،داعيا جميع الناس أن يشاركوا في غرس الأشجار كعمل صالح، بحيث انه مع زيادة الأشجار، ستكون بيئة الحياة منعشة ونقية.
وصرح قائد الثورة الإسلامية بان غرس الأشجار السنوي الذي يقوم به هو عمل رمزي للتذكير بأن غرس الأشجار لا يقتصر على الشباب فحسب، بل يجب على جميع الناس من مختلف الأعمار أن يجدوا الحماس والحافز لهذا العمل الهام والكبير والضروري والجميل.
واكد اية الله العظمى الخامنئي على ان زراعة الأشجار يعد استثمارا مربحا بشتى الطرق وينتج الثروة،مضيفا بان زراعة الأشجار لأي سبب كان، سواء للاستفادة من ثمار الأشجار المثمرة، أو الاستفادة من أخشاب الأشجار التي يكون أخشابها ذات قيمة، هو عمل مربح تماما لا ضرر فيه.
وبالاشارة الى ان الأشجار والبساتين مسؤولة عن تحسين صحة الهواء ونقائه، مؤكدا على الأهمية الكبيرة للبيئة، وموضحا بأن الأشجار والنباتات تعمل أيضا على إنعاش بيئة الحياة الانسانية التي تنعش روح الإنسان لأن الأشجار والنباتات تسر العين والقلب ايضا.
كما أكد سماحته على ضرورة التعامل بجدية مع حركة غرس الاشجار الوطنية التي بدأت في حكومة الشهيد رئيسي،قائلا: ان هذا المشروع الذي بدأ العام الماضي وما زال مستمر، يظهر أن زراعة مليار شجرة في أربع سنوات أمر ممكن، وعلى الجهات الحكومية مساعدة الشعب في هذا المجال.
هذا وحذّر قائد الثورة الاسلامية من قطع الأشجار وتغيير استخدام الأراضي الزراعية، مضيفا بأن قطع الأشجار إلا في الحالات الفنية والضرورية خسارة ومخاطرة ويجب منع تدمير الغابات وتحويل الأراضي الزراعية.
وبمناسبة اسبوع الموارد الطبيعية ويوم الشجرة في ايران، وتحتفل ايران من کل عام باليوم الوطني للشجرة لتشجيع الناس على زرع الاشجار والاعتناء بها وحماية الغطاء النباتي في الحدائق والغابات وجميع انحاء البلاد.








القرآن سكينة القلوب في شهر رمضان
لقد أرسل الله تعالى الأنبياء (عليهم السلام) لهداية البشرية إلى سواء السبيل، وأنزل على بعضهم كتباً لتكون مناراً يستهدي بها الناس، ولكن للأسف حرّف الناس كتب الله تعالى كما في التوراة والإنجيل، وبذلك انحرفوا عن الصراط المستقيم ووقعوا في ضلال مبين. إلى أن أرسل الله تعالى نبيّه الكريم محمّداً (صلى الله عليه وآله) وسلم ليرجع الناس إلى طريق الله، ويزيلهم من الانحراف، وينير لهم الطريق، فأنزل على قلبه الكتاب الكريم القرآن المجيد وحفظه تعالى من التحريف: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾[1]. فكان الهادي والمبين والموعظة والمنير لطريق السالكين إلى الله تعالى، فهو الكتاب السماوي الوحيد الذي لم تمسّه يد التحريف. يقول تعالى: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾[2]. ﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾[3]. ﴿هَذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ﴾[4].
وحسب القرآن عظمةً وكفاه منزلةً وفخراً وفضلاً أنه كلام اللّه العظيم، ومعجزة نبيّه الكريم، وأن آياته هي المتكفلة بهداية البشر في جميع شؤونهم وأطوارهم وفي جميع أجيالهم وأدوارهم، وهي الضمينة لهم بنيل الغاية القصوى والسعادة الكبرى في العاجل والآجل. هو كلام اللّه و«فضل كلام اللّه على سائر الكلام كفضل اللّه على خلقه»[5].
هو وصية الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) الأولى والثقل الأكبر الذي خلّفه قائلاً: «إني تارك فيكم الثقلين: كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علَيَّ الحوض»[6].
اعتراف المفكّرين بعظمة القرآن
وقد اعترف بعظمة القرآن وفضله المنصفون من المِلل الأخرى، يقول ول ديورانت: "وقد ظلّ (القرآن) أربعة عشر قرناً من الزمان محفوظاً في ذاكرتهم (المسلمين)، يستثير خيالهم، ويشكِّل أخلاقهم، ويشحذ قرائح مئات الملايين من الرجال. والقرآن يبعث في النفوس... أسهل العقائد، وأبعدها عن التقيّد بالمراسم والطقوس، وأكثرها تحرراً من الوثنية والكهنوتية. وقد كان له أكبر الفضل في رفع مستوى المسلمين الأخلاقي والثقافي، وهو الذي أقام فيهم قواعد النظام الاجتماعي والوحدة الاجتماعية، وحضّهم على اتباع القواعد الصحية، وحرّر عقولهم من كثير من الخرافات والأوهام، ومن الظلم والقسوة، وحسن أحوال الأرقّاء، وبعث في نفوس الأذلاء الكرامة والعزة، وأوجد بين المسلمين (إذا استثنينا ما كان يقترفه بعض الخلفاء المتأخرين) درجة من الاعتدال والبعد عن الشهوات لم يوجد لها نظير في أية بقعة من بقاع العالم يسكنها الرجل الأبيض..."[7].
هذه شهادة - من شهادات كثيرة - للقرآن الكريم من أحد الغربيين، وهو مؤرخ كبير معروف، أليس في شهادته دلالة على فضل القرآن وعظمته؟ أليس في شهادته وشهادة أمثاله، دلالة على مدى تأثير القرآن وفاعليته وهدايته للبشرية؟
كيف نستفيد من القرآن الكريم:
إن من الأمور المهمة معرفة كيفية الاستفادة من القرآن العظيم - ولا يكفي أن نعرف عظمة هذا الكتاب الكريم وفضله - وذلك يكون بمعرفة أن هذا الكتاب كتاب تعليم وهداية إلى اللهو إلى سبيل السعادة الحقيقية.
فليس القرآن الكريم لتعليم الجهات الأدبية والنحو والصرف أو أن تأخذ منه الفصاحة والبلاغة والنكات البيانية والبديعية وليس هو لتعليم القصص والحكايات بالنظر التاريخي والاطلاع على الأمم السابقة.
ثم أنه ليس كتابًا نقرأه للثواب والأجر فقط ولهذا لا نعتني بغير تجويده، ونريد أن نقرأه صحيحاً حتى يعطي لنا الثواب، ونحن مقتنعون بهذا الحد، ولهذا لا يفيدنا القرآن. فالمطلوب إذن التعلّم من القرآن كيفية السير والسلوك إلى الله وكيفية التخلّق بالأخلاق العالية لنصل إلى الكمال والسعادة.
[1] القرآن الكريم، سورة الحجر، الآية: 9.
[2] القرآن الكريم، سورة الإسراء، الآية: 9.
[3] القرآن الكريم، سورة إبراهيم، الآية: 1.
[4] القرآن الكريم، سورة آل عمران، الآية: 138.
[5] المجلسي، بحار الأنوار، ج 6، ص 89.
[6] الحديث متواتر رواه خمسة وثلاثون صحابياً (راجع مصادره في خلاصة عبقات الأنوار الجزء الأول والثاني).
[7] قصة الحضارة، ول ديورانت، مج201، ج1، ص48، دارالجيل.
شهر رمضان فرصة لمراقبة الجوارح
تعتبر الحواسّ من الألطاف الربانية والنعم الإلهية التي أنعم الله بها على الإنسان والتي لولاها لكانت الحياة شبه مستحيلة، إلّا أنّ هذه الحواسّ هي كذلك مسؤولية كبرى على عاتق الإنسان كما بيّن القرآن الكريم، فمن صانها وصقلها وأحسن استخدامها فيما أحلّ الله جعلها طريقاً إلى الجنة والرضوان، ومن تركها على هواها وألقى حبلها على غاربها قادته إلى العذاب والشقاء، ولذلك نجد أنّ النبيّ محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) قد شدّد في خطبته الغرّاء في استقبال شهر رمضان على ضرورة تهذيب الجوارح سيّما اللسان، والعين، والأذن، من خلال الكلام الآثم والنظر المحرّم، والاستماع إلى المحرّمات، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «واحفظوا ألسنتكم، وغضّوا عمّا لا يحلّ النّظر إليه أبصاركم، وعمّا لا يحلّ الاستماع إليه أسماعكم»[1].
وسنقتصر في الكلام هنا على المراقبات الخاصّة باللسان والبصر والسمع.
مراقبات اللسان
جاء في رسالة الحقوق للإمام زين العابدين (عليه السلام): «وأمّا حقّ اللسان فإكرامه عن الخنى وتعويده على الخير وحمله على الأدب وإجمامه إلا لموضع الحاجة والمنفعة للدين والدنيا وإعفاؤه عن الفضول الشنعة القليلة الفائدة التي لايؤمن ضررها مع قلّة عائدتها، ويعد شاهد العقل والدليل عليه وتزين العاقل بعقله حسن سيرته في لسانه ولا قوة إلا بالله العلي العظيم».
واللسان من أكثر الأعضاء التي تحتاج إلى مراقبة وحذر سيّما خلال الشهر المبارك، والأصل الذي يجب اعتماده هو أصل السكوت والصمت، فالأصل في الإنسان الصمت وعدم الكلام إلا لحاجة، بخلاف ما يتوهّمه البعض من أنّ الإنسان يجب أن يتكلم في كلّ شيء سواء فيما يعنيه أو ما لا يعنيه، بل ترى الكثيرين في مجتمعاتنا اليوم يتنافسون في المجالس على كثرة الكلام بعيداً عن نوع هذا الكلام وأهميته وحاجة المستمعين له ومناسبته للمقام والمقال ورغبة المستمعين بالسماع وإلى غير ذلك من الأمور التي يجب مراقبتها فيما نقوله ونتحدث به.
فالصمت نجاة وسلامة ووقار وحاجز دون الإثم والمعصية وخصلة من خصال الإيمان والورع والحكمة التي جعلها النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أفضل أعمال الشهر.
مراقبات العين
قال تعالى: ﴿قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾[2].
وقال تعالى: ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾[3].
وجاء في رسالة الحقوق للإمام زين العابدين (عليه السلام): «وأمّا حقّ البصر فغضُّه عمّا لا يحلّ لك، وتعتبر بالنظر به، وترك ابتذاله إلا لموضع عبرة تستقبل به بصراً أو تستفيد به علماً، فإنّ البصر باب الاعتبار»[4].
ويبين الإمام السجّاد (عليه السلام) في هذا المقطع أموراً ثلاثة لا ينبغي للبصر أن يتجاوزها:
1- الغضّ عن الحرام: ونؤكّد هنا على بعض المحرّمات التي تبثّ عبر الشاشات وما تحويه من برامج خلاعية وماجنة وعبثية وما تعرضه المواقع الالكترونية من فساد وإظهار لمفاتن الجسد والمشاهد المثيرة والبذيئة التي تتنافى مع أبسط قواعد الحشمة والأخلاق.
كما يجب التنبيه على ضرورة مراعاة هذا الشهر الكريم في الإعلانات والدعايات والصور التي تعرض في الشوارع والتي تخالف عفَّة المجتمع وتقوّي الإغراءات وتساهم مساهمة كبرى في تدمير المجتمع.
2- جعل النظر وسيلة للإعتبار: أوليس كلّ ما في الوجود من السموات والأرضين والبحار والنجوم بل والمجرّات وأسرار الخلق في الإنسان والحيوان والنبات والجماد كله يقودك إلى عظمة هذا الخالق وكمال صفاته وضرورة السباحة في فلكه وإطلاق كمال العبودية له؟
3- الاستفادة منه في كسب العلوم والمعارف: وذلك من خلال المطالعة وقراءة الكتب والإصدارات النافعة وقراءة القرآن والأدعية والقيام بالأنشطة المناسبة لحرمة الشهر.
ومن المهمّ الإشارة إلى ما يمكن للمرء أن يستعين به على غضّ البصر كما دلّت على ذلك النصوص، فعن الإمام الصادق (عليه السلام): «ما اعتصم أحد بمثل ما اعتصم بغض البصر، فإنّ البصر لا يغضَّ عن محارم الله إلا وقد سبق إلى قلبه مشاهدة العظمة والجلال»[5].
وسئل أمير المؤمنين علي (عليه السلام): «بمَ يستعان على غضّ البصر؟ فقال: "بالخمود تحت سلطان المطَّلع على سترك»[6].
مراقبات السمع
قال تعالى: ﴿وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾[7].
وقال تعالى: ﴿لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ﴾[8].
والسمع من أعظم النعم إن وعى المرء ما يسمع وفقه ما يدخل أذنيه، بل لعلّ الآية المتقدّمة جعلت السمع عدل العقل إن وعت القلوب، وأمّا مع غفلة القلوب فلا سبيل للهداية أبداً، وقال تعالى: ﴿وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لاَ يَسْمَعُواْ وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ﴾[9].
وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾[10].
وهذا ما قاله أمير المؤمنين علي (عليه السلام): «فيا لها أمثالاً صائبة، ومواعظ شافية، لو صادفت قلوباً زاكية، وأسماعاً واعية»[11].
وجاء في رسالة الحقوق للإمام زين العابدين (عليه السلام): «وأمّا حقّ السمع فتنزيهه عن أن تجعله طريقاً إلى قلبك إلا لفوهة كريمة تحدث في قلبك خيراً أو تكسب خُلُقاً كريماً فإنه باب الكلام إلى القلب يؤدّي إليه ضروب المعاني على ما فيها من خير أو شرّ ولا قوّة إلا بالله»[12].
ومن هنا فليراقب كلٌّ منا ما يسمع من قول، فإنّ المستمع للغِيبة شريك القائل والمستمع للموسيقى يُنبت النفاق في قلبه والمستمع للوشاية يُضعف لحمة المسلمين ناهيك عن التملّق والغشّ والأيمان الكاذبة وقول الزور والتنصّت على أسرار الناس وغير ذلك مما يدخل في الأسماع فيتحول وقراً على القلوب فيمنع من وعي ما سمعت أو تعقّل ما أدركت.
[1] الأمالي، ص 154.
[2] القرآن الكريم،سورة النور، الآيتان 30 ـ 31 .
[3] القرآن الكريم، سورة غافر، الآية 19 .
[4] شرح رسالة الحقوق، ص 145.
[5] بحار الأنوار، ج101 ، ص41 .
[6] نفس المصدر .
[7] القرآن الكريم، سورة الملك، الآية 10.
[8] القرآن الكريم، سورة الحاقة، الآية 12.
[9] القرآن الكريم، سورة الأعراف، الآية 198.
[10] القرآن الكريم، سورة الأعراف، الآية 179.
[11] نهج البلاغة، ج1، ص 137.
[12] تحف العقول، ص 279.
ما هي الأسباب الستّة لانحراف القدوات؟
توجد العديد من الأسباب التي يمكن اعتبارها أساسية في جعل القدوات تنحرف، وسنذكر لكم هنا ستة أسباب:
1- الاتكال على الشهرة: قال تعالى: ﴿فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ * أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ﴾([1]). فقد يصل الإنسان إلى مقام رفيع يحسده عليه القاصي والداني، بل وقد يصل إلى هذا المقام بعد مسيرةٍ جهادية طويلة فيركن إلى هذا المقام ويستأنس به إلا أنه يغفل في الوقت نفسه أن الإنسان كلما أرتقى مقامه كلما وجب عليه مجاهدة نفسه أكثر، وأن المناصب العليا تحتاج إلى مجاهدة أكبر، وأن الإيمان يحتاج إلى تجديدٍ مستمر وتنقيته من شوائب ما قد يعلق به بصورةٍ دائمة، وأن ترك النفس على هواها وعدم التشدد في مراقبتها يوقع الإنسان من عليائه مهما علا شأنه وذاع صيته، وأن سيرة الأنبياء والأولياء أكبر شاهدٍ على ذلك.
2- الخلود للراحة والاغترار بالماضي: قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ﴾([2]) .
فهذا الشعور بالتثاقل يتسلل إلى قلب الإنسان عندما يُشعر نفسه بحاجته للراحة وأنه قد أدّى قسطه من العمل والجهاد وأنجز ما أنجز من الأمور التي يجعلها نصب عينيه ويعكف على الحديث عنها وهو يريد أن يبرز فضائله من خلالها ويغفل أن مسيرة الجهاد مسيرة لا تتوقف، ولا حدّ لعطاء الإنسان فيها، بل وعليه دائماً أن ينظر إلى المساحة التي ما زالت بحاجة للجد والعمل ويرسم لها أهدافاً كبيرة ويسعى جاهداً لتحقيقها دون كللٍ أو تثاقل.
3- الركون إلى الدنيا: قال تعالى: ﴿فَلَمَّا جَاء سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ﴾([3]). فلا مقارنة بين عطاء الله وثوابه وما أعدّه لعباده وبين حطام دنيا زائفة زائلة، ولذلك أشار رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى خوفه من افتتان الناس بمفاتن الدنيا بعد ظهور الإسلام وما قد يفتح للناس من ألوان المال والمنصب والشهرة والسمعة بقوله: «إن مما أخاف عليكم من بعدي ما يُفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها» ([4]).
ومن أسوأ ما قد يصيب المرء إعجابه بحياة الظالمين وجمال سلطانهم فيسعى للتشبه بهم والتحلل من أتباعه وأعوانه وطريقة حياتهم، فيكون ظالماً لنفسه ومفسداً لآخرته. قال تعالى: ﴿وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ﴾([5]).
4- ولوج الشبهات: قال تعالى: ﴿كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا﴾([6]).
فالذي يكون في مواقع السلطة والقدوة تفتح له العديد من الأبواب على خيرها وشرها وشبهاتها، ولا القدوة ألا يتهور بولوج الشبهات وإقحام نفسه فيما لا يأمن منه على سلامة دينه من الأمور التي قد تقوده شيئاً فشيئاً إلى الحرام معزّياً نفسه بأنه ممن لا يسقط في الشبهات وأنه فوقها بكثير فيرتمي في أحضانها ويأنس بلذائذها الزائفة وتكون سبيله شيئاً فشيئاً إلى الحرام.
5- الخوف من الاستهداف: فالأعداء يتربصون المكائد ويسعون جاهدين للإيقاع بأي شخصيةٍ رسالية قيادية، والتاريخ الماضي والحاضر أدلّ دليل على ذلك، والقدوة ينبغي أن يكون على استعداد تام لنيل كرامة الشهادة ولقاء الله، وأن الخوف أو الجبن من شأنه أن يوقع صاحبه في التراخي وإظهار المرونة للأعداء، بل قد يوقعه في شباكهم فيخسر دنياه وآخرته.
6- إغراءات الأعداء: قال تعالى: ﴿وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً﴾([7]). وفي سيرة رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أكبر شاهد على مكر قريش ومحاولتها إحتواء النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ودعوته من خلال ما عرضوه عليه من ألوان الملك والشرف والمال والسيادة، والنساء وسوى ذلك، وكلّ ذلك لإسقاط أهدافه وحرفه عن مساره الرباني.
هذه أبرز ما يسبب إنحراف بعض القدوات عن مواقعهم بالإضافة إلى أمور كثيرة أخرى لا يسع المقام لذكرها كقلة النصيحة له وعدم التواصي بالحق والصبر واستهانته ببعض المنكرات او انحراف بعض الأتباع والأنصار ممن هم حوله وانشغالهم بالدنيا وإعجابه بنفسه وفقدان الروحية الرسالية وابتلاءه برذائل الأخلاق وحب الظهور حتى ولو من خلال المخالفة والمعاندة على الخطأ، وغير ذلك من الأمور التي ينبغي أن يُبقيها القدوة نصب عينيه حتى لا ينحرف عن جادة الهدى فيتسبب بضياعه وضياع الكثيرين معه.
([1]) القرآن الكريم، سورة الزمر: 2-3
([2]) القرآن الكريم، سورة التوبة 38.
([3]) القرآن الكريم، سورة النمل: 36.
([4]) صحيح ابن حيان، ج8، ص 22.
([5]) القرآن الكريم، سورة هود: 113.
([6]) القرآن الكريم، سورة المؤمنون: 51.
([7]) القرآن الكريم، سورة الاسراء: 73.
التهيؤ المعرفي لاستقبال شهر رمضان المبارك
قد قيل: إذا كَمُلت معرفة الرجل بالدنيا، تعجّب من أبنائها، وإذا عمي عن معرفة الآخرة، تعجّب من أبنائها.
ومن الواضح أنّ العلم دليلُ العمل، بل إنّ العلم شرطٌ في صحّة القول والعمل. لا يصحّ القول، ولا يصحّ العمل، إلّا إذا كان العلم قبلهما، فعلاقة العلم والعمل علاقةٌ ترابطيّة.
ومن الواضح أنّ مقدار الاستفادة من كلّ شيء - مطلقًا - وكيفيّتها، مربوطان بفهمنا لذلك الشيء وحجم معرفتنا له، فمن عرف الله -عزّ وجلّ- حقّ معرفته، عظّمَه، ومن عظّم اللهَ، عظّم كلّ ما جعله الله معظّمًا. فمن عرف قيمة شهر رمضان، لم يضيّع وقته، بل استفاد من لحظات هذا الشهر المبارك كلّها.
وقد جاءت الروايات كثيرة ومتنوّعة، عن المعصومين (عليهم السلام) في هذا الشأن، بالإضافة إلى الأدعية العظيمة التي تحرّك العقول والقلوب لاغتنام فرصة الاستفادة من شهر الله، كما في خطبة النبيّ الأعظم (صلى الله عليه وآله) في استقبال شهر رمضان، وكما في دعاء الإمام علي السجّاد (عليه السلام) في الصحيفة السجّاديّة في استقبال شهر رمضان (الدعاء الرابع والأربعين)، ودعائه العظيم في وداع شهر رمضان (الدعاء الخامس والأربعين) وغيرهما.
عن النبيّ الأعظم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم): «لَوْ يَعْلَمُ الْعَبْدُ مَا فِي رَمَضَانَ، لَوَدَّ أَنْ يَكُونَ رَمَضَانُ السَّنَةَ». فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَة: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا فِيهِ؟ فَقَالَ صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ الْجَنَّةَ لَتُزَيَّنُ لِرَمَضَانَ مِنَ الْحَوْلِ إلى الْحَوْلِ، فَإِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، هَبَّتِ الرِّيحُ مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ، فَصَفَقَتْ وَرَقَ الْجَنَّةِ، فَتَنْظُرُ حُورُ الْعِينِ إلى ذَلِكَ، فَيَقُلْنَ: يَا رَبِّ، اِجْعَلْ لَنَا مِنْ عِبَادِكَ فِي هَذَا الشَّهْرِ أَزْوَاجًا تَقَرُّ بِهِمْ أَعْيُنُنَا، وَتَقَرُّ أَعْيُنُهُمْ بِنَا، فَمَا مِنْ عَبْدٍ صَامَ رَمَضَانَ إِلاَّ سِوَى مَا عَمِلَ مِنْ حَسَنَاتٍ»[1].
عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِضَا (عليه السلام)، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ عَلِيٍّ (عليه السلام)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم): إِنَّ شَهْرَ رَمَضَانَ شَهْرٌ عَظِيمٌ، يُضَاعِفُ اللَّهُ فِيهِ الْحَسَنَاتِ، وَيَمْحُو فِيهِ السَّيِّئَاتِ، وَيَرْفَعُ فِيهِ الدَّرَجَاتِ. مَنْ تَصَدَّقَ فِي هَذَا الشَّهْرِ بِصَدَقَةٍ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ، وَمَنْ أَحْسَنَ فِيهِ إلى مَا مَلَكَتْ يَمِينُهُ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ، وَمَنْ حَسَّنَ فِيهِ خُلُقَهُ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ، ومَنْ كَظَمَ فِيهِ غَيْظَهُ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ، وَمَنْ وَصَلَ فِيهِ رَحِمَهُ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ». ثُمَّ قَالَ (عليه السلام): «إِنَّ شَهْرَكُمْ هَذَا لَيْسَ كَالشُّهُورِ، إِنَّهُ إِذَا أَقْبَلَ إِلَيْكُمْ، أَقْبَلَ بِالْبَرَكَةِ وَالرَّحْمَةِ، وَإِذَا أَدْبَرَ عَنْكُمْ، أَدْبَرَ بِغُفْرَانِ الذُّنُوبِ... »[2].
عَنْ مَوْلانَا الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عليهما السلام)، في حديث: «قَالَ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يَصُومُ شَهْرَ رَمَضَانَ اِحْتِسَابًا، إِلاَّ أَوْجَبَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - لَهُ سَبْعَ خِصَالٍ:
أُولاهَا: يَذُوبُ (لا يَدُومُ) الْحَرَامُ فِي جَسَدِهِ،
وَالثَّانِيَةُ: لا يَبْعُدُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تعالى،
وَالثَّالِثَةُ: يَكُونُ قَدْ كَفَّرَ خَطِيئَةَ أَبِيهِ آدَمَ،
وَالرَّابِعَةُ: يُهَوِّنُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ،
وَالْخَامِسَةُ: أَمَانٌ (أَمَانًا) مِنَ الْجُوعِ وَالْعَطَشِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ،
وَالسَّادِسَةُ: يُعْطِيهِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بَرَاءَةً مِنَ النَّارِ،
وَالسَّابِعَةُ: يُطْعِمُهُ اللَّهُ مِنْ طَيِّبَاتِ الْجَنَّةِ»[3].
وممّا تقدّم، نعرف قيمة التركيز على الجانب المعرفيّ، فالمرحلة الأولى للاستقبال الصحيح هي معرفة قدر شهر رمضان والغاية منه، ولذلك جاء في دعاء الإمام السجّاد (عليه السلام) في استقبال شهر رمضان قوله (عليه السلام): «وَأَلْهِمْنَا مَعْرِفَةَ فَضْلِهِ وَإِجْلالَ حُرْمَتِهِ... »[4].
[1] المجلسيّ، محمّد باقر بن محمّد تقي، بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار، مؤسّسة الوفاء، لبنان - بيروت، 1403ه - 1983م، ط2، ج93، ص346.
[2] الصدوق، الشيخ محمّد بن عليّ بن بابويه، عيون أخبار الرضا عليه السلام، تصحيح وتعليق وتقديم: الشيخ حسين الأعلميّ، مؤسّسة الأعلميّ للمطبوعات، لبنان - بيروت، 1404 - 1984م، لا.ط، ج1، ص293.
[3] ابن طاووس، السيّد رضيّ الدين عليّ بن موسى الحسنيّ الحسينيّ، الإقبال بالأعمال الحسنة فيما يُعمَل مرّةً في السنة، تحقيق جواد القيّوميّ الأصفهانيّ، مكتب الإعلام الإسلاميّ، إيران - قمّ، 1414ه، ط1، ج1، ص4.
[4] الدعاء الرابع والأربعون - الصحيفة السجادية، الإمام زين العابدين (عليه السلام).