emamian

emamian

 

تواجد كيان الاحتلال الإسرائيلي في "قمة مصر للسلام" المقامة في القاهرة، يتسبب في امتناع الجزائر وتونس عن المشاركة في القمة.

 

في ظل العدوان الصهيوني الهمجي والوحشي على قطاع غزة، تحفظت الجزائر على المشاركة في "قمة مصر للسلام"، التي تقام في القاهرة، والتي ينتظر أن تخصص أشغالها لسبل خفض التصعيد في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية.

وكان الرئيس عبد المجيد تبون قد تلقى دعوةً من نظيره المصري، عبد الفتاح السياسي، للمشاركة في القمة المقررة السبت 21 أكتوبر 2023 في القاهرة، لبحث تطورات ومستقبل القضية الفلسطينية وعملية السلام، إلا أنّ الجزائر وفق الإعلام الجزائري، قررت عدم المشاركة في هذا الاجتماع.

كذلك، شاطرت تونس موقف الجزائر، وقررت وفق ما نقله موقع إذاعة "موزاييك" التونسية، عدم المشاركة في القمة.                       

وتدرس "قمة القاهرة للسلام"، سبل وقف إطلاق النار والاعتداء على سكان غزة، وقضية الأسرى، وإيصال المساعدات الإنسانية للفلسطينيين، "وإعادة إحياء عملية السلام بناء على حل الدولتين وحدود 1967"، وفق ما أعلنت.

ولفتت وسائل الإعلام الجزائرية إلى أن الجزائر لا تشارك في اجتماعات يكون كيان الاحتلال طرفاً فيها، ولاسيما عندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية، ما يساهم في فهم خلفيات هذا القرار.

ويشارك في القمة التي تحتضنها مصر، وفق تقارير إعلامية، 18 دولة، من بينها الأردن وقطر والكويت وتركيا والعراق وموريتانيا والمملكة المغربية والبحرين، ورئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، وألمانيا وفرنسا، إلى جانب وفد من "إسرائيل"، وآخر من الولايات المتحدة الأمريكية وممثلين عن روسيا والصين، إضافة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، والأمين العام لجامعة الدول العربية.

المصدر : المیادین

جاء ذلك في تصريحات للمتحدث باسم الوزارة نشرت على فيسبوك تعليقا على القصف الصهيوني الذي استهدف محيط المستشفى الأهلي العربي (المعمداني) في غزة أسفر عن استشهاد أكثر من 500 فلسطيني.

وأضاف القدرة: “مجزرة مستشفى المعمداني لا مثيل لها ولا يمكن وصفها.. مئات الضحايا وصلوا المستشفى ولا زالت طواقم الإسعاف تجلي الأشلاء”.

وتابع: “معظم ضحايا مجزرة المعمداني أطفال ونساء غابت ملامحهم. الضحايا وصل منهم بلا رؤوس وأشلاء ممزقة وخروج للأحشاء”.

وأردف: “سيل الضحايا ونوعية الإصابات فاق قدرات الطواقم الطبية وسيارات الإسعاف. الأطباء كانوا يجرون عمليات جراحية على الأرض وفي الممرات وجزء منهم بلا تخدير”.

وأوضح القدرة أن “عددا كبيرا من مصابي قصف المستشفى ما زال ينتظر العمليات والعدد الآخر تحاول الطواقم الطبية إنقاذ حياته في العنايات المركزة”، لافتا إلى أن “الإمكانيات العلاجية المتبقية أمامها ساعات قلائل لنعلن نفادها الفعلي”.

وخلال استقباله صباح اليوم الثلاثاء حشدا من النخب والمواهب العلمية البارزة في البلاد قال سماحته في الاشارة الى العدوان الصهيوني الهمجي على المدنيين العزل في قطاع غزة اثر عملية طوفان الاقصى للمقاومة الفلسطينية: إذا استمرت جرائم الكيان الصهيوني فإن صبر المسلمين وقوى المقاومة سينفد وحينها لن يتمكن أحد من الوقوف امامهم.

وأضاف: ليعلم من يهمه الامر ولا يتوقعوا ويقولوا لا تسمحوا للمجموعة الفلانية ان تقوم بالعمل الفلاني، لانه لا احد يمكنه الوقوف امامهم (المسلمون وقوى المقاومة) حينما ينفد صبرهم. هذه حقيقة قائمة.

وقال آية الله خامنئي: بالطبع، مهما فعل الكيان الصهيوني، فإنه لا يستطيع التعويض عن الهزيمة المذلة التي مني بها في هذه القضية.

وشدد قائد الثورة الإسلامية على وجوب محاكمة الكيان الصهيوني الغاصب وقال: في القضية الفلسطينية، ما هو قائم أمام انظار العالم أجمع هو جريمة إبادة جماعية يرتكبها الكيان الغاصب. العالم كله يرى هذا الامر.

وأضاف: أن مسؤولي بعض الدول الذين تحدثوا إلى مسؤولي بلادنا دفاعًا عن الكيان الصهيوني الغاصب، كان احتجاجهم هو انه لماذا قتل الفلسطينيون المدنيين. أولاً، هذا الكلام يناقض الواقع ، يعني أن من يتواجد في المستوطنات ليسوا مدنيين بالمرة، بل كلهم ​​مسلحون.

وأضاف آية الله خامنئي: على افتراض أنهم مدنيون، كم عدد المدنيين الذين قتلوا (في المستوطنات)؟ هذا الكيان الغاصب يقتل مائة ضعف ذلك العدد نساءً وأطفالاً، شيوخاً وشباباً، ومدنيين؛ في استهدافه للمباني في غزة التي لا يتواجد فيها العسكريون؛ فالعسكريون يتواجدون في اماكنهم والصهاينة يعرفون أن هؤلاء هم مدنيون ويختارون المراكز المزدحمة ويقومون بضربها.

وقال: في هذه الأيام القليلة، بلغ عدد الشهداء الفلسطينيين عدة آلاف؛ وهذه جريمة تجري أمام انظار العالم كله، لذا يجب محاكمة الكيان الصهيوني الغاصب.

واكد قائد الثورة الإسلامية على أن أميركا مسؤولة ايضا عن الجرائم الأخيرة، وقال: مثلما تطلعنا العديد من المعلومات، فإن السياسة الحالية في هذه الأيام والأسبوع الماضي داخل الكيان الصهيوني ينظمها الأميركيون وهم من يصنعون السياسات.

وصرح انه على الأميركيين أن ينتبهوا إلى مسؤوليتهم وقال: يجب أن يتوقف القصف فوراً لأن الشعوب الإسلامية غاضبة بشدة. ونرى مؤشرات ذلك في تجمعات الفئات الشعبية ليس في الدول الإسلامية فحسب، بل في الدول الأوروبية والغربية أيضا. الامر في الدول الإسلامية واضح أيضا. الشعوب غاضبة.

وفي جانب آخر من كلمته خلال اللقاء قال قائد الثورة الاسلامية: كلمتي الأولى هي أن المجتمع العلمي والنخب في البلاد، هم اليوم بحاجة إلى حركة ونهضة جديدة.

وأضاف: إن هذا النهوض الجديد يجب أن يتم بمواكبة الحكومة وتعاون المسؤولين الشباب الموجودين في الحكومة وبجهودكم انتم النخب.

وذكر آية الله الخامنئي أن النخب والعلماء في الحوزة والجامعة لا ينبغي أن يكونوا غير مبالين وقال: العلم يجلب المسؤولية؛ مثل سائر الموارد. الملكية الفكرية، الملكية المالية، ملكية السلطة؛ هذه كلها تجلب مسؤوليات. ويعد العلم أحد هذه الموارد القيمة.

وأضاف: عندما تمتلك العلم فانه يحملك المسؤولية. أي ينبغي أن تستخدم علمك في نفع الناس، وأن تستخدم المكانة التي يهبها العلم لك في نفع الناس. وهذه المعرفة في حد ذاتها ينبغي أن تخدم الناس.

*على العلماء أن يتحركوا في قضية غزة

واشار إلى أن الله تعالى أخذ من العلماء هذا الالتزام بعدم التهاون في الامور وأضاف: على العلماء ألا يتحملوا شراهة الظالم وجوع المظلوم. علينا أن نبدي رد الفعل. واليوم، في قضية غزة، يقع على عاتقنا جميعا ابداء رد الفعل.

واشار الى معاناة اهالي غزة تحت القصف الهمجي الصهيوني واستشهاد المئات يوميا اضافة الى النقص في الغذاء والدواء ، مؤكدا انه على العالِم، سواء كان حوزويا او جامعيًا ، أن يسعى لمعرفة الحقيقة والوقوف إلى جانبها. ولا يجوز للعالِم أن ينظر للامور بلا مبالاة.

*لا ينبغي أن نغتر بالسرعة العالية للتطور العلمي في البلاد

وأشار آية الله الخامنئي إلى أن المؤسسات العلمية في البلاد بحاجة إلى خطوة مبتكرة وقال: التخلف العلمي يجعل البلاد عرضة للخطر. قبل سنوات قليلة، عبرت عن شيء ما في بعض اللقاءات العلمية والجامعية، حيث قلت إنه يقال إن معدل نمونا مرتفع، لكن لا ينبغي لنا أن نغتر بذلك.

وأضاف: رغم هذه السرعة في النمو، إلا أننا مازلنا متخلفين في مجال المعرفة. نحن متخلفون علميا مقارنة بعالم العلوم. وعلينا أن نجهز أنفسنا للدخول في فصل جديد من التحرك العلمي. صحيح أن القفزة العلمية قد حدثت والحركة العلمية كانت جيدة، ولكننا اليوم بحاجة إلى حركة إبداعية من المؤسسات العلمية في البلاد حتى لا نتخلف عن الركب.

وأوضح آية الله الخامنئي: لقد قلت مراراً؛ "العلم سلطان" اي العلم قدرة. إذا أردنا حماية البلاد من الأضرار التقليدية لدول العالم، فان الامر المهم والذي ياتي قبل كل شيء هو التقدم العلمي؛ وإذا تخلفنا عن الركب، فسنكون عرضة للخطر.

*الشعب الموهوب لا تتاح له فرصة النمو دوما

واعتبر قائد الثورة الإسلامية أن المستقبل مشرق ومفعم بالأمل، وقال: يجب علينا استغلال الحافز والقدرة الموجودين للتقدم. يمكن للشعب الموهوب أن ينمو، لكنه لا تتاح له دائمًا الفرصة للنمو.

ووصف آية الله الخامنئي المستقبل بانه مشرق وواعد وقال: إن تجاربنا وماضينا يخبرنا أنه ينبغي علينا الاستفادة القصوى من الفرص المتاحة. اليوم والحمد لله عندما أنظر إلى البلد هناك إرادة ودافع وعزم وقدرة على التقدم؛ عليكم الاستفادة من هذا الامر. إذا لم نستغل فرصة وجود الرغبة والقدرة فقد ظلمنا.

*ليس لدي أدنى شك في ضرورة مشاركتنا في المنافسة العلمية في العالم

وأضاف آية الله الخامنئي: ليس لدي أدنى شك في أنه يجب علينا المشاركة في المنافسة العلمية في العالم، وهذا يجب أن يتم بالتأكيد.

الأحد, 15 تشرين1/أكتوير 2023 19:07

ما هي أصعب البلاءات؟

إنَّ هذا الإنسان في هذه الدنيا هو في معرَض الابتلاء والمصائب على الدوام، ولذا نقرأ في كلمات الإمام علي عليه السلام وهو يصف حال الإنسان في هذه الدنيا: "المؤمِّل ما لا يدرك، السالك سبيل من قد هلك، غرض الأسقام ورهينة الأيام. ورميّة المصائب. وعبد الدنيا. وتاجر الغرور. وغريم المنايا. وأسير الموت. وحليف الهموم. وقرين الأحزان. ونصب الآفات. وصريع الشهوات، وخليفة الأموات"([1]).
 
إنَّ التأمل في كلمات الإمام هذه ترشدنا إلى حالة هذا الإنسان في هذه الدنيا، تتقاذفه البلاءات فيُصبح غرضاً لها، فهو إمّا أن يعيش أملاً كبيراً لا يستطيع أن يُدركه مهما بذل من جهد، لأنّ الدنيا محدودة دائماً، ومصيرها الفناء والزوال، وإمّا يسير على ما سار عليه من سبقه وهو يرى أنَّهم أصبحوا هلكى لا أثر لهم ولا حول لهم. وهو إمّا أن يكون مبتلى بأنواع الأمراض لا يشفى منها، وإن شفي من مرض ابتلي بآخر، وإن سلم من المرض فهو رهينة للأيام، لا يعلم ما يخبِّئ له غده، فالأيام هي التي تحكم عليه، والمصائب تتوالى عليه، فكأنها جعلته هدفا تصوّب إليه سهامها.
 
وأصعب البلاءات هو البلاء الذي لا يلاحظه الإنسان، إنَّه معصية الله، وعبادة الدنيا، هذا الذي يقدّم مصالح دنياه على مصالح آخرته، فهو يَدخل في تجارة خاسرة، وكيف لا تكون خاسرة وهو يدفع ثمناً كبيراً هو الجنّة وما فيها من نعيمٍ مقيمٍ، لأجل متاع الدنيا الذي يصفه القرآن بأنّه غرور.
 
نعم على الإنسان أن يدعو الله على أن يُسلَّمه من البلاء، ولكن أيّ بلاء هذا الذي تستعيذ بالله منه، إنّه البلاء الذي يَخرج بك عن طاعة الله، يُروى عن أبي ذر رضوان الله عليه أنّه قال: "ثلاثة يبغضها الناس وأنا أحبّها: أحبّ الموت، وأحبّ الفقر، وأحبّ البلاء: هذا ليس على ما يروون، إنَّما عنى: الموت في طاعة الله أحبّ إلي من الحياة في معصية الله، والفقر في طاعة الله أحبّ إليّ من الغنى في معصية الله، والبلاء في طاعة الله أحبّ إليَّ من الصحة في معصية الله"([2]).
 
إنّ من الآفات التي عليك أن تستعيذ بالله منها، وتسأل الله أن يبعدها عنك، آفة حبّ الهوى، الذي يدفعك إلى ارتكاب المعاصي، وهو الذي ورد في الروايات أنّه آفة الدّين.
 
إنَّ كلَّ صفةٍ من الصفات الحميدة، وكلَّ خُلُقٍ من الأخلاق الحسنة، له آفة، إذا أُصيب الإنسان بتلك الآفة، انقلب من محاسن الأخلاق إلى مساوئها، ومن التحلّي بتلك الصفات، إلى التخلّي عنها والابتلاء بالأمراض الخلقيّة، وهذا ما على الإنسان أن يلجأ إلى الله عزَّ وجلَّ ضارعاً إليه أن يرفعها عنه.
 


([1]) نهج البلاغة، وصية الإمام لولده الإمام الحسن عليه السلام.
([2]) الكافي - الشيخ الكليني - ج8 ص222.

الأحد, 15 تشرين1/أكتوير 2023 19:05

إطلالة على حقوق الزوجة في الإسلام

يقول الإمام زين العابدين عليه السلام: "وحق الزوجة أن تعلم أن اللَّه عزّ وجلّ جعلها لك سكناً وأنساً، وتعلم أن ذلك نعمة من اللَّه تعالى عليك، فتكرمها وترفق بها، وإن كان حقك عليها أوجب فإن لها عليك أن ترحمها لأنها أسيرك وتطعمها وتكسوها فإذا جهلت عفوت عنها"([1]).

يتناول عليه السلام في هذه الفقرة المباركة من رسالته الحقوقية، الحقوق الشرعية والأدبية والمادية للزوجة مرة بالتشريع لبيان الواجب والمطلوب ومرة أخرى بالتوجيه الوجداني المؤثّر.
 
ويصوّر عليه السلام من أعماق القلب وأغوار الحسّ الصادق طبيعة تلك العلاقة بتعبير لطيف رقيق ينهل من القرآن الكريم ولا يكتب إلا بحبره الذي لا ينضب ويظلّ‏ يشعّ بأنوار الحقيقة الخالدة فيوضح عليه السلام صلة النفس بالنفس، صلة السكن والقرار، صلة المودة والرحمة صلة الستر والتجمل.

فيا ترى ما الذي توجبه هذه الصلات من حقوق على الزوج عليه مراعاتها والقيام بها أمام شريكة العمر ورفيقة الدرب الطويل.

إن هذا ما نبيّنه فيما يلي:
 
الحق الأول: النفقة عليها.
فقد ألزم الإسلام الزوج بالنفقة على زوجته وتهيئة المسكن المناسب لها ضمن حدود قدرته المالية وإمكاناته المادية يقول تعالى: ﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ...﴾([2])-([3]).

على الرجل أن يكفيها من الطعام والشراب واللباس إضافة إلى المسكن وكل ما هو ضروري في حياتها كالطبابة وغيرها، فلا يترفه هو ويضيّق عليها وهذا الحق ثابت لها حتى وإن كانت غنية موسرة.
 
وهي غير ملزمة بذلك إلا إذا أرادت لأن الشريعة لم تكلفها بالانفاق على زوجها إلا إذا أرادت هذا الأمر عن طيب خاطر ورضا متطوعة غير مجبرة وحول هذا الحق جاء في الحديث: "حق المرأة على زوجها أن يسدّ جوعتها وأن يستر عورتها ولا يقبّح لها وجهاً"([4]).

وأيضاً عن إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللَّه‏ عليه السلام: ما حق المرأة على زوجها الذي إذا فعله كان محسناً؟ قال‏ عليه السلام: "يشبعها ويكسوها، وإن جهلت غفر لها"([5]).
 
وكذلك في الحديث: "ما من عبد يكسب ثم ينفق على عياله إلا أعطاه اللَّه بكل درهم ينفقه على عياله سبعمائة ضعف"([6]).
 
الحق الثاني: وصالها
وهو عبارة عن حقها الزوجي في العلاقة معه، والاتصال بينهما كما أراده اللَّه تعالى ولذلك لا يحق للزوج هجرانها والابتعاد عنها زيادة عن المدة المحدّدة في الشرع المبين، ومن القبح بمكان أن يقصّر الرجل في أداء هذا الحق لها وقد ورد ذم الرجل المتهاون بهذا الأمر في النصوص الواردة عن أهل بيت العصمة عليهم السلام([7]).
 
الحق الثالث: عدم إهانتها
فينبغي التعامل معها بإحسان فلا يعمد إلى إستعمال الألفاظ النابية معها وإن كان غاضباً أو محقّاً وهو المقصود من قول النبي‏ صلى الله عليه وآله وسلم: "ولا يقبّح لها وجهاً"([8]).

وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: "خير الرجال من أمتي الذين لا يتطاولون على أهليهم ويحنون عليهم ولا يظلمونهم ثم قرأ: "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ..."([9])-([10]).
 
الحق الرابع: عدم الاضرار بها
ربما يعمد بعض الأزواج إلى الاضرار بالزوجة حتى تصل إلى حالة ترجو فيها الخلاص من زوجها فتبذل مهرها لقاء أن يطلقها فيكون هو الذي الجأها إلى هذه الحالة من خلال المعاملة السيئة والأسلوب الوحشي في التعاطي معها، وربما يفرح الزوج بأنه قد نجحت خطته ووصلت إلى الغاية التي رمى إليها من خلال عملية الاضرار والاضطهاد التي مارسها مع زوجته لكن الحقيقة إن اللَّه تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم بريئان من هذا الرجل وإضافة إلى ذلك فإن ما أجبرت الزوجة على دفعه له حرام عليه([11]).
 
يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "ألا وإن اللَّه ورسوله بريئان ممن أضرّ بامرأة حتى تختلع منه"([12]).
 
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: "إني لأتعجب ممن يضرب امرأته وهو بالضرب أولى منها"([13]).
 
الحياة الزوجية، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية


([1]) رسالة الحقوق: حق الزوجة.
([2]) الطلاق: 6
([3]) رسالة الحقوق: حق الزوجة.
([4]) ميزان الحكمة، حديث 7870.
([5]) م.ن. حديث 7874.
([6]) مكارم الأخلاق، ص‏217.
([7]) راجع سفينة البحار، ج‏1 ص‏180.
([8]) ميزان الحكمة، حديث 7870.
([9]) النساء: 34.
([10]) مكارم الأخلاق، ص‏216.
([11]) راجع تحرير الوسيلة، ج‏2، ص‏352، مسألة 14.
([12]) ثواب الأعمال: 1 338.
([13]) جامع الأخبار، 1259 447.

الأحد, 15 تشرين1/أكتوير 2023 19:03

خصوصيات أذكار الصلاة

ما هي خصائص الجمل التي يردّدها المصلّي في الركعتين الثالثة والرابعة قائماً، وهذه الجمل هي أربعة أذكار تنطق بأربع حقائق عن الله تعالى: "سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر".
 
إنّ معرفة هذه الخصوصيّات الأربع لها تأثير عميق في تكوين فهم صحيح وكامل عن التوحيد، إذ إنّ كلّ واحد من هذه الأذكار يبيّن صورةً ومتناً لعقيدة التوحيد.
 
وإنّ تكرار هذه الجمل ليس من أجل زيادة الإطلاع والمعرفة الذهنيّة لدى الإنسان وحسب، بل ينبغي أن تكون أعظم فوائد معرفة صفات الله وخصوصياته والمداومة على ذكر الله، هو أن تُوجد في الإنسان الحركة والمسؤوليّة، وأن يتحمّل المسؤوليّة المتناسبة مع تلك الحقيقة التي أدركها.
 
بشكل عامّ، ينبغي أن تكون العقائد الإسلاميّة (خارج الذهن) وفي ساحة الحياة منشأً للعمل والحركة، فهذه العقائد لا تستمدّ أهميتها واعتبارها من جهتها الذهنية والتجريديّة صرفاً، بل هي أكثر اعتباراً في الإسلام، كونها ناظرة إلى حياة الإنسان وسلوك الفرد والمجتمع. صحيح أنّ كلّ عقيدة إسلاميّة هي في المعنى معرفةُ حقيقة معيّنة، ولكن تلك العقائد المؤكّدة في الإسلام والتي يجب الاعتقاد بها، هي التي توجد التزاماً لدى الإنسان المعتقد بها، وتضع على عاتقه مسؤوليّةً وتكليفاً جديداً.
 
والاعتقاد بوجود الله هو من هذا القبيل. فالاعتقاد بوجود الله أو الاعتقاد بعدم وجوده، كلّ منهما، يُوجِد في الحياة والعمل نمطاً وشكلاً خاصّاً. فالفرد والمجتمع الذي يعتقد حقّاً بوجود الله يعيش في الحياة بنمطٍ ونحوٍ خاصَّين، والفرد والمجتمع المنكر لهذه الحقيقة يعيش بنحوٍ آخر. فإذا اعتقد الإنسان أنّه، هو والعالمُ، قد أُوجِدا من جانب قدرة مريدة وعن حكمة وشعور، فسيدفعه هذا الاعتقاد إلى اعتقاد آخر وهو أنّ هذا الخلق كان لـ "هدف وغاية"، ويذعن بأنّ عليه أن يؤدّي دوراً ويتحمّل مسؤوليّة لبلوغ هذه الغاية. وهذا الشعور بالمسؤوليّة والالتزام هو الذي يدعوه إلى العمل والجدّ وتحمّل مسؤوليّات ثقيلة، ويشعر تجاه ذلك كلّه بالرضا ويتقبّله عن طيب نفس.

وهكذا أيضاً، الاعتقاد بالمعاد والنبوّة والإمامة و... فكلّ واحدة تلقي مسؤولياتٍ وتكاليفَ على عاتق المعتقد، وتشخِّص له بمجموعها طريقه وبرنامجه ومنهج حياته العامّ.
 
وإن ظهر في الواقع الخارجيّ، أنّ بعضَ من يعتبرون أنفسهم معتقدين بهذه الأصول الفكريّة، يرون أنفسهم متساوين مع أولئك الذين ليس لديهم إطّلاع عليها ولا يعتقدون بها، وحياتهم هي كحياة أولئك، فليس هذا (التصوّر) إلاّ بسبب عدم الإطّلاع الصحيح أو لعدم تجذّر إيمانهم وتسليمهم. وفي المواقع والظروف الحساسة وفي منعطفات الحياة، يمتازُ صفُّ المعتقدين الواقعيّين عن المقلّدين الجاهلين والمنتهزين للفرص.

الأحد, 15 تشرين1/أكتوير 2023 18:38

كيف نجتنب الغضب؟

روى مولانا أبو عبد الله عليه السلام قال: سمعت أبي يقول: "أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم رجل بدوي، فقال: إني أسكن البادية فعلمني جوامع الكلم، فقال: آمرك أن لا تغضب، فأعاد عليه الأعرابي المسألة ثلاث مرات حتى رجع الرجل إلى نفسه، فقال: لا أسأل عن شيء بعد هذا ما أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم إلا بالخير"[1].
 
ومعنى اجتناب الغضب أن يملك الإنسان نفسه عند الغضب، فلا يُقْدم على قول أو فعل يندم عليه في حال الرضى، بحيث يكون كل سلوكه محكوماً بعقله السليم في حالتي الغضب والرضى، لا بالغرائز الجامحة، وإذا كان سلوك الإنسان محكوماً بوحي من عقله السليم، فإنه يحوز الخير كله، ويبتعد عن الشر كله، لأن العقل السليم ينسجم تماماً مع الدين الإسلامي الذي هو فطرة الله التي فطر الناس عليها.
 
وهكذا جاءت وصية النبي صلى الله عليه وآله وسلّم لذلك الرجل، ووصية حفيده الباقر عليه السلام في كلمة واحدة "لا تغضب"، ولكن هذه الكلمة تتضمّن توجيهاً عالياً نحو السلوك الأمثل، فالإنسان في حال الغضب يتصرّف بدافع من عاطفته بعيداً عن تحكّم العقل الرشيد، فلا يؤمَن - والحال هذه - عليه أن يتفوّه بكلام سفاهة أو أن يعتدي بجوارحه على من غضب عليه، فالحلم عند الغضب ضمان لسلوك المسلم في كفّ أذاه بلسانه ويده، وإذا علمنا أن المصطفى صلى الله عليه وآله وسلّم قد جعل كفّ الأذى رمزًا للمسلم الحقّ، وذلك في قوله الذي رواه عنه حفيده الباقر عليه السلام: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده"[2]، فإنّنا نعلم سمو المقاصد التي اشتملت عليه هذه الكلمة "لا تغضب".
 
ويبين لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم عظمة الإنسان الذي يملك نفسه عند الغضب وذلك من خلال قوله: "ليس الشديد بالصُّرَعة، إنّما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب"[3]، فالشديد ليس هو القوي في بدنه الذي يصرع الرجال، وإن كان هذا يعدُّ في عرف الناس شديدًا، إنما الشديد حقاً هو الذي يملك نفسه عند الغضب، فكم من غضبة جرحت العواطف المرهفة، وشحنت النفوس بالأضغان، وفصمت عرى الإخاء والمحبة والتآلف بين الناس، وكم من غضبة زجّت أناساً من الأبرياء في قعر السجون، وعرّضتهم للتلف، وكم من غضبة أثارت الحروب، وسفكت الدماء، فذهب ضحيتها الآلاف من الأبرياء.
 
دور الوصية في إيجاد الصبر والثبات
وكانت هذه الوصية من إمامنا الباقر عليه السلام لجابر ليحثّه على الصبر على مشاق الدعوة ومواقفها التي تتطلّب صبراً عالياً، ومقاومة شديدة، وضبطاً للنفس لا يقدر عليه إلا أهل اليقين الصامدون في خندق العقيدة، والثابتون على طريق المبدأ، ذلك أن إقامة الخلْق على العبودية لله تعالى تُكلِّفهم أن يخرجوا على هوى أنفسهم، وينعتقوا من أسر عاداتهم، وما ورثوه عن آبائهم، وما ألفوه في حياتهم من الطقوس والتقاليد الجاهلية، وهذا ما يشقّ على النفوس، ويستحيل على كثير من الناس أن يستجيبوا له.
 
"إذن فمن المناسب هنا أن يبادر مَن هم مِن أمثال الإمام الباقر عليه السلام لنصيحة جابر (وعبره إلى كل مؤمن تبلغه هذه الوصية): "إِنْ كُذِّبْتَ فَلا تَغْضَبْ"، فعندما لا يكون ثمّة قصد غير طلب الخير للآخرين وإنّ الطرف الآخر لا يُقدِّر ذلك حقّ قدره فيتعيّن على الذين ينتهجون نهج الأنبياء أن يستعدّوا للسيطرة على أنفسهم ومشاعرهم عندما يواجَهون بتكذيب المعارضين وأن لا يغضبوا.
 
فإذا لم يُعِدّ المرء نفسه مسبقاً لمواجهة مثل هذه السلوكيّات فسوف لن يتمالك نفسه ويخرج عن حالته السويّة، لكنّه إذا لقّن نفسه قبل الولوج في هذا الميدان فسوف لن يشقّ عليه كثيراً تكذيب المكذّبين ومعارضة المعارضين. فإذا أحبّ المرء نصيحة الآخرين طلباً لخيرهم فليحدّث نفسه قائلاً: إذا كُذِّبتُ فعليّ أن لا أعبأ بكلامهم. فإنّ على عاتقي مهمّة وقد أدّيته، وإنّ على الطرف المقابل تكليفاً وهو مخيّر بين أن يعمل أو لا يعمل به، فهو الذي يتحمّل في النهاية مسؤوليّة فعله، ولا أتحمّل أنا أيّ مسؤوليّة، وعندها لن يغضب في مقابل إساءة الآخرين له. وهذه هي الوصيّة الثالثة التي وجّهها الإمام عليه السلام إلى جابر، وفّقنا الله وإيّاكم للعمل بها إن شاء الله"[4].
 
المبصرون، من وصايا الإمام الباقر عليه السلام لتلميذه جابر، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية


[1] الحُر العاملي، وسائل الشيعة، ج 15، ص 354 ـ 373.
[2] العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 64، ص 302.
[3] م.ن، ج 74، ص 151.
[4] من محاضرة لسماحة آية الله الشيخ مصباح اليزديّ (دامت بركاته) ألقاها بتاريخ 4 / آب / 2011م.

وزير الخارجية الإيراني أمير عبداللهيان التقى في الدوحة مساء السبت إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس وعدد من قيادات هذه الحركة.

وجرى خلال هذا اللقاء بحث آخر التطورات في فلسطين وغزة.

وفي هذا اللقاء، أشار وزير الخارجية إلى أن قضية فلسطين هي أهم قضايا العالم الإسلامي، كما كان في السابق، وقال إن دعم فلسطين مسؤولية دينية وإنسانية وأخلاقية، واليوم أكثر من السابق على كل المسلمين والمؤمنين والأحرار أن يقفوا إلى جانب فلسطين وشعبها المظلوم.

وهنأ وزير الخارجية الإيراني بانتصارات مقاومة الشعب الفلسطيني، وقال إن حجم جرائم الحرب التي يرتكبها الصهاينة بحق أهل غزة كبير، لأنهم تلقوا ضربة غير مسبوقة من الشعب الفلسطيني.

وأشار أمير عبداللهيان إلى الجهود التي تبذلها الجمهورية الإسلامية الإيرانية في المشاورات الإقليمية والدولية من أجل وقف الهجمات الهمجية للصهاينة ضد شعب غزة المظلوم، وقال، في هذه الأيام، من أجل دعم سكان غزة ضد جرائم الحرب التي يرتكبها الكيان الصهيوني، طرحنا عقد اجتماع طارىء لوزراء خارجية الدول الإسلامية وسنواصل جهودنا ومتابعتنا وندعم كل مبادرة من الدول الإسلامية لدعم الشعب الفلسطيني.

كما أشار وزير الخارجية إلى التحرك الاندفاعي للشعب الفلسطيني في تخطيط وتنفيذ عملية طوفان الأقصى، وقال، بحسب العديد من الخبراء، إن طوفان الأقصى أظهر أن فلسطين حية على عكس الفهم الخاطئ لدى البعض، ولا يمكن لعملية التطبيع التي تقوم بها بعض الدول أن تفت إرادة الشعب الفلسطيني الراسخة في متابعة نيل حقوقه الطبيعية والإنسانية والقانونية.

وقال أمير عبداللهيان إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لن تتراجع أبدا عن مبادئها وقيمها في دعم الشعب الفلسطيني.

وأضاف: إن عملية الأقصى كانت رد الفعل الطبيعي للشعب الفلسطيني على الجرائم والأعمال الاستفزازية المستمرة لحكومة نتنياهو المتطرفة، وخاصة اعتداءات الصهاينة المتكررة على المسجد الأقصى.

وأضاف أنه إذا استمرت جرائم الحرب التي يرتكبها الكيان الصهيوني في غزة فإن كل الاحتمالات واردة في المنطقة وستواصل الجمهورية الإسلامية الإيرانية جهودها لوقف جرائم الحرب التي يرتكبها الصهاينة.

بدوره بعث إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس تحياته إلى قائد الثورة والرئيس والشعب الإيراني، وشكر الجمهورية الإسلامية الإيرانية على دعمها لفلسطين، وقال إن عقد اجتماع كبار المسؤولين في منظمة التعاون الإسلامي أمر مهم للغاية ونتوقع أن نرى الدعم القوي من العالم الإسلامي للشعب الفلسطيني.

وأضاف هنية أن العدو الصهيوني ارتكب العديد من الجرائم بحق الشعب الفلسطيني المظلوم منذ عقود طويلة، كما ارتكب في الأشهر الأخيرة العديد من الانتهاكات بحق المسجد الأقصى، وكانت عملية طوفان الأقصى رد فعل طبيعي على هذه الممارات والتطاولات.

وقال هنية إن عملية الأقصى وجهت ضربة وهزيمة استراتيجية للكيان الصهيوني، وقتلهم وجرائمهم في غزة تظهر عجزهم وفوضىهم، ورغم جرائم الحرب والقتل الوحشي والأعمى وتدمير المنازل والمساجد والمستشفيات والأماكن العامة، لكن المقاومة الفلسطينية قوية ومقتدرة.

قائد الثورة الإسلامية آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي، ثمن خلال استقباله زعيم الحركة الإسلامية في نيجيريا الشيخ إبراهيم الزكزاكي وعائلته، الجهود التي بذله الشيخ زكزاكي وعائلته معتبرا أن تزايد قوة الإسلام في العالم رغم المؤامرات الواسعة هو نتيجة النضال والمجاهدات وقال ان ما يجري في فلسطين من مظاهر قوة الإسلام وعلى العالم الإسلامي كله أن يساعد الشعب الفلسطيني.

وأضاف: إن القضايا الأخيرة التي تشهدها فلسطين اليوم، وخاصة قصف غزة واستشهاد النساء والأطفال والرجال، تؤلم قلب الإنسان لكن جزءًا آخر من هذه القضايا يؤشر علي قوة الإسلام المذهلة في فلسطين، وان هذه الحركة التي انطلقت في فلسطين ستتقدم وستؤدي إلى النصر الكامل للفلسطينيين.

واعتبر قائد الثورة الاسلامية تأسيس النظام الإسلامي وتشكيل الحكومة في ايران على أساس الإسلام السياسي بعد قرون عديدة من مظاهر قوة الإسلام، مؤكدا: ان الجمهورية الإسلامية الايرانية أصبحت أقوى يوما بعد يوم منذ تأسيسها حتى اليوم وستصبح أقوى في المستقبل.

وتابع سماحته أن الأنشطة الإسلامية في العالم تشهد منحا تصاعديا، وتمضي في مسار التقدم ، مضيفا: اليوم تتوسع الحركة الإسلامية في أنحاء مختلفة من العالم مثل أفريقيا وآسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية، وبتوفيق الله سيستمر نجاح هذه الحركة بقوة أكبر.

وأعرب قائد الثورة الإسلامية عن سعادته بلقاء الشيخ الزكزاكي وعائلته وقال انهم مصداق المجاهدين الحقيقيين في سبيل الله ونأمل أن تتمكنوا من مواصلة نضالكم ومجاهدتكم.

من جانبه، أعرب الشيخ الزكزكي وعقيلته عن ارتياحهما البالغ لهذا اللقاء ووصفا مشاعرهما بأنها لا توصف، معربا عن املهما بأن ينتشر الإسلام في العالم أكثر يوما بعد يوم بفضل دعاء قائد الثورة الاسلامية وجهود المسلمين.

إبراهيم هلال

في فجر السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، نفَّذت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) هجوما بريا وجويا في عمق المستوطنات الإسرائيلية، وهو هجوم مُعقَّد على المستوى العملياتي والهندسي والاستخباراتي يُعَدُّ الأول من نوعه منذ قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي عام 1948. ورغم ما يقوم به جيش الاحتلال من غارات يومية تشبه عملية الإبادة الجماعية تحت سمع وبصر العالم والدول الغربية التي لم تتوانَ عن دعم الكيان المحتل، يقوم المسؤولون الغربيون في مقدمتهم الرئيس الأميركي جوزيف بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن بترديد أقوال ليس لها أي أساس من الصحة عن قيام حماس بذبح الأطفال، وغيرها من الاتهامات.

 

وكما أن عقارب الساعة لا يمكنها أبدا الرجوع إلى الوراء، فإن ما وجَّهته عملية "طوفان الأقصى" من صفعة للجيش الإسرائيلي وتدمير لهيبته لا يمكن محوه. فعلى مدار عقود لم تُفض عمليات التسوية الدولية ومقررات الأمم المتحدة إلى حل الصراع، ولم يحصد الفلسطينيين مقابل ذلك سوى الحصار والقتل الممنهج والصمت الدولي، في حين كانت المقاومة محصورة في خانة رد الفعل في مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية التي لم ترقَ في معظم الأحيان (بسبب ضعف الإمكانات) إلى مستوى ما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي. كان كل ذلك، حتى جاءت عملية طوفان الأقصى التي مثَّلت تطورا استثنائيا في قوة الفعل المقاوِم، وأثبتت قدرة المقاومة على إلحاق أذى بالغ وعميق وإستراتيجي بدولة الاحتلال. وبذلك، كسرت العملية نمط الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي إلى الأبد، أما القادم فهو غير معروف، لكنه بالتأكيد لا يشبه السنوات الماضية، التي قامت فيها إسرائيل بقصف وقتل الأبرياء دون ثمن يكافئ إجرامها.

 

غزة.. من النكبة إلى أوسلو

توجَّه نحو ربع مليون فلسطيني ممن طُردوا من بيوتهم أثناء حرب عام 1948 إلى غزة. (الصورة: مواقع التواصل)

بدأت الحكاية منذ أن أقرَّت الجمعية العامة للأمم المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني 1947 قرارا بتقسيم فلسطين الخاضعة للانتداب البريطاني إلى دولة يهودية تضم 56% من فلسطين التاريخية ودولة عربية تضم المساحة المتبقية وتبلغ 44% (1). وحين اندلعت الحرب عام 1948 بين الجيوش العربية والعصابات الصهيونية وانتهت بهزيمة عربية، استلمت دولة الاحتلال البنية والعتاد والمواقع التي تركتها بريطانيا وراءها، ثم وسَّعت العصابات الصهيونية حدود دولتها الوليدة إلى 80% من أرض فلسطين، وتبقت مناطق لم تجتحها تلك العصابات هي الضفة الغربية وقطاع غزة الخاضع للإدارة المصرية حينئذ (2).

 

إثر ذلك، توجَّه نحو ربع مليون فلسطيني ممن طُردوا من بيوتهم أثناء حرب عام 1948 إلى غزة، وفاق عددهم بكثير عدد سكان غزة الأصليين الذي بلغ آنذاك 80 ألف نسمة فقط، وبات هؤلاء وذريتهم يشكّلون اليوم أكثر من 70% من سكان القطاع. ويُعَدُّ أكثر من نصف سكان غزة لاجئين تقل أعمارهم عن 18 سنة، وهي تحتل "المرتبة الثانية" على مستوى العالم من حيث أعلى نسبة سكان دون عمر 14 سنة، في حين أن الكثافة السكانية فيها ضمن الأعلى في العالم (3).

 

بعد توقف المعارك عام 1949، فرضت مصر سيطرة مُحكَمة على أنشطة الفدائيين في غزة، لكن في بداية عام 1955، بدأت الغارات الإسرائيلية على القطاع، إذ شنَّ الجيش الإسرائيلي غارة دموية عبر الحدود ذهب ضحيتها 40 جنديا مصريا. وفي أكتوبر/تشرين الأول 1956، اجتاحت إسرائيل بالتواطؤ مع بريطانيا وفرنسا شبه جزيرة سيناء المصرية واحتلت غزة. وقد وصف المؤرخ الإسرائيلي "بيني موريس" الأحداث التالية قائلا: "لقد علِق العديد من الفدائيين وما يُقدر بـ4000 جندي نظامي من المصريين والفلسطينيين في القطاع، وقد حدد الجيش الصهيوني وجهاز الأمن العام هويتهم واعتقلهم، ولقي العديد منهم حتفهم في مذبحتين ارتكبهما الجيش الصهيوني" (4).

احتلال قطاع غزة أثناء حرب 1967. (الصورة: مواقع التواصل)

بحلول عام 1957 انسحب الجيش الإسرائيلي من غزة مخلِّفا وراءه أكثر من 1000 شهيد، لكن إسرائيل أعادت احتلال القطاع أثناء حرب 1967. وعندما أظهر الغزاويون مقاومة عنيدة للاحتلال، جاء شارون على رأس القيادة الجنوبية لجيش الاحتلال بهدف "سحق المقاومة في غزة"، وتشير باحثة أميركية متخصصة في تاريخ غزة كيف قام شارون "بوضع مخيمات اللاجئين تحت عمليات حظر تجول تستمر 24 ساعة، يُفتِّش خلالها الجنود البيوت ويجمعون الرجال في ساحة عامة لاستجوابهم، وقد أُجبِر العديد من الرجال على الوقوف في مياه البحر المتوسط حتى خصورهم لعدة ساعات أثناء عمليات التفتيش". إضافة إلى ذلك، أُبعِد ما يقارب 12 ألفا من أفراد عائلات المشتبه بانخراطهم في القتال إلى مخيمات احتجاز في سيناء، وخلال بضعة أسابيع، بدأت الصحافة الإسرائيلية نفسها توجه انتقادات للجنود على قيامهم بضرب الناس وإطلاق الرصاص على الحشود وتحطيم المقتنيات في البيوت وفرض قيود شديدة القسوة أثناء حظر التجول (5).

 

في يوليو/تموز 1971، أضاف شارون أسلوب "تقليص" مخيمات اللاجئين بهدف زيادة التضييق على أهل غزة، وبحلول نهاية شهر أغسطس/آب كان جيش الاحتلال قد اجتث أكثر من 13 ألفا من سكانها. وفتح الجيش باستخدام الجرافات طرقا واسعة عبر المخيمات وعبر الحقول لتيسير عمل الوحدات العسكرية الآلية وتمكين قوات المشاة من السيطرة على المخيمات، وأدت إجراءات القمع التي نفذها الاحتلال إلى تحجيم المقاومة.

 

في بداية التسعينيات، كانت إسرائيل على وشك النجاح في قمع الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي انطلقت عام 1987، وفي تلك الفترة دخلت دولة الاحتلال في مفاوضات سرية مع منظمة التحرير الفلسطينية في العاصمة النرويجية أوسلو، ثم جرت المصادقة على تلك المفاوضات في شكل اتفاق في سبتمبر/أيلول 1992، حيث اعترفت منظمة التحرير بـ"دولة إسرائيل" مقابل السلطة على الضفة الغربية وغزة. وسَعَت إسرائيل من خلال اتفاق أوسلو إلى تيسير فرض الاحتلال عن طريق سحب جنودها من الاتصال المباشر مع الفلسطينيين على أن يحل مكانهم "وكلاء فلسطينيون". وقد علَّق وزير الخارجية الإسرائيلي السابق "شلومو بن عامي" على الأمر بقوله: "يتمثل أحد معاني أوسلو في أن منظمة التحرير الفلسطينية باتت كيانا متعاونا مع إسرائيل في مهمة خنق الانتفاضة وإجهاض كفاح أصيل لتحقيق الاستقلال الفلسطيني" (6).

 

17 عاما من الحصار

لكن الأمور لم تستمر كما خُطط لها، ففي عام 2006، وبعد أن سئم الفلسطينيون من مسار المفاوضات التي رأوها عبثية التي، صوتوا لصالح حركة حماس في الانتخابات التشريعية التي فازت فيها بأغلبية. وقد أعربت عضو مجلس الشيوخ الأميركي حينها "هيلاري كلينتون" عن سخطها من أن الولايات المتحدة لم "تزوِّر" نتيجة الانتخابات، وقالت إنه "كان يجب علينا أن نتأكد من القيام بأمر ما لتحديد الجهة التي ستفوز" (7).

بعد فوز حماس بالانتخابات شدَّدت إسرائيل حصارها فورا على القطاع، "وتوقفت الأنشطة الاقتصادية في غزة"، وحَذَت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حذو إسرائيل، إذ فرضا عقوبات مالية وُصفت بال "مدمرة" على غزة. وقد كان الدافع وراء هذه الحرب الاقتصادية القاسية التي استهدفت "حكومة منتخبة انتخابا حرا لشعب تحت الاحتلال" هو ضمان فشل حماس وضعضعة مكانتها بوصفها هيئة حاكمة. وطالبت واشنطن وبروكسل في آنٍ واحد الحركة الإسلامية أن تنبذ العنف (الذي يعني مقاومة الاحتلال)، وأن تعترف بإسرائيل وبالاتفاقات السابقة المبرمة بين الطرفين، رغم أنها شروط أحادية الجانب؛ إذ لم تُجبر إسرائيل بدورها على نبذ العنف الذي تمارسه بحق الفلسطينيين، كما لم يُطلب منها اعتراف مناظر بحقوق الفلسطينيين من أجل إقامة دولة ضمن حدود 1967، فضلا عن إيقاف توسُّعها في بناء المستوطنات (8).

⁠في عام 2007، عزَّزت حماس سيطرتها على غزة بعد أن أحبطت محاولة انقلابية تبين أن واشنطن شاركت في تدبيرها بالتواطؤ مع إسرائيل وعناصر من فتح، وفق ما كشفته فانيدتي فير وصحف أميركية أخرى، فيما أطلقت عليه حماس بعد ذلك بـ"الحسم العسكري" (9)، وكان رد إسرائيل والولايات المتحدة تشديد الحصار. ولكن حماس في ذلك الوقت أرادت أن تمنح مَن انتخبوها مُتنفَّسا، فدخلت في اتفاق مع إسرائيل لوقف إطلاق النار في يونيو/حزيران 2008 بوساطة مصرية. وأبدت حماس استعدادها لقبول حل "الدولتين" وقيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، بل وقبلت -مرحليا- بالدخول في أي مفاوضات لإتمام "عملية السلام" (10). لكن في نوفمبر/تشرين الثاني 2008، انتهكت إسرائيل الاتفاق، ونفَّذت غارة حدودية فتاكة على غزة أعادت إلى الأذهان الاعتداءات الحدودية التي شنتها عام 1955، وكان الهدف استثارة عملية انتقامية توفِّر ذريعة لشن هجوم إسرائيلي واسع.

قتلت قوات الأمن الإسرائيلية 455 فلسطينيا، من بينهم 175 مدنيا على الأقل عام 2008. (الصورة: رويترز)

بالفعل، تبيَّن أن الغارة كانت فاتحة لاجتياح دموي. ففي 27 سبتمبر/أيلول 2008، أطلقت إسرائيل عملية "الرصاص المصبوب"، وبدأت العملية بحملة جوية تبعها هجوم جوي وبري. وشنَّ سلاح الجو الإسرائيلي الذي يستخدم أحدث الطائرات المقاتلة في العالم نحو ثلاثة آلاف طلعة جوية فوق غزة وأسقط عليها ألف طن من المتفجرات، في حين نشر جيش الاحتلال عدة ألوية عسكرية مجهزة بأنظمة متطورة لجمع المعلومات، وبنادق روبوتية يُتحَكَّم بها عن بُعد مُزوَّدة ببث تلفزيوني. وعلى الجهة الأخرى، أطلقت حماس مئات الصواريخ "البدائية" وقذائف الهاون نحو إسرائيل. وفي 18 يناير/كانون الثاني 2009، أعلنت إسرائيل وقف إطلاق النار من جانب واحد، حيث كان موعد تنصيب باراك أوباما رئيسا حينئذ بعد يومين (10).

 

غير أن الحصار على غزة استمر، ومنحت إدارة الرئيس بوش والكونغرس الأميركي إسرائيل دعما تاما أثناء الهجوم. وأقر الكونغرس الأميركي بالإجماع قرارا يضع اللوم على حماس بشأن ما حدث من قتلٍ ودمار (11). وفي عام 2009، أصدرت بعثة لتقصي الحقائق مكلفة من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، على رأسها القاضي الجنوب أفريقي المعروف "ريتشارد غولدستون"، تقريرا كبيرا وثَّق ارتكاب إسرائيل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

 

بالمثل، وثّق تقرير منظمة "بتسليم" (مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة) السنوي لعام 2008 أن قوات الأمن الإسرائيلية قتلت 455 فلسطينيا، من بينهم 175 مدنيا على الأقل عام 2008، في حين قتل الفلسطينيون 31 إسرائيليا. ومن ثمَّ بلغت نسبة القتلى من الفلسطينيين إلى قتلى الإسرائيليين عشية ما يسمى "حرب الدفاع عن النفس" الإسرائيلية نحو 1:15. وقد شجبت إسرائيل احتجاز حماس لمقاتل إسرائيلي واحد أَسَرته عام 2006، في الوقت الذي احتجزت فيه دولة الاحتلال قرابة 8000 "سجين سياسي" فلسطيني، بمَن فيهم 60 امرأة و390 طفلا، و548 شخصا احتُجزوا بموجب الاعتقال الإداري من دون توجيه اتهامات ضدهم ولا محاكمتهم (42 منهم احتجزوا لمدة تزيد على سنتين).

أطفال غزة يرفعون لافتات لرفع الحصار عن غزة. (الصورة: الأناضول)

في ديسمبر/كانون الأول 2008، أفاد تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (AHCO) بأن الحصار الإسرائيلي "المُمتَد منذ 18 شهرا خلق أزمة هائلة للكرامة البشرية، إذ أدَّى إلى تراجع كبير في سبل العيش وتدهور كبير في البنى التحتية والخدمات الأساسية". فقد كان الغزاويون يفتقرون إلى الكهرباء لمدة تصل إلى 16 ساعة يوميا، ويحصلون على المياه مرة واحدة في الأسبوع ولبضع ساعات فقط، كما أن 80% من المياه كانت غير صالحة للاستهلاك البشري، وكان واحد من كل اثنين عاطلا عن العمل ويفتقر إلى الأمن الغذائي، وكانت 20% من الأدوية الأساسية في غزة قد تراجعت إلى مستوى الصفر، في حين عانى أكثر من 20% من المرضى بسبب السرطان وأمراض القلب وأمراض مستعصية أخرى، دون قدرة على استصدار تصاريح للحصول على علاج طبي في الخارج.

 

تعلَّق الغزاويون إذن بالحياة عبر خيط رفيع، وكل ذلك بسبب الحصار الإسرائيلي. وقد استنتج تقرير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية أن سكان غزة "يشعرون على نحو متزايد بأنهم عالقون في مصيدة، ماديا وفكريا وعاطفيا". وفي ضوء ذلك التاريخ شديد الاختصار عن كفاح غزة ومعاناة شعبها يمكننا الآن أن نطرح السؤال: هل حماس هي مَن بدأت الحرب؟

 

الاختيار الصعب.. الموت بالحرب أو الموت بالحصار

عند لحظة ما، لم تُبدِ حماس اعتراضا على ما أجمع عليه المجتمع الدولي بخصوص "تسوية النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي" استنادا إلى حل الدولتين مع انسحاب إسرائيل إلى حدود ما قبل 1967، بحيث يتضمَّن ذلك حلا عادلا لمسألة اللاجئين سواء بالعودة أو التعويض. غير أن مَن شذَّ عن هذا الإجماع الواسع لم يكُن سوى إسرائيل والولايات المتحدة، فقد صوَّتت الدولتان بالرفض دوما في التصويت السنوي الذي تُجريه الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار "تسوية قضية فلسطين بالوسائل السلمية"، الذي يتضمن مبادئ لتحقيق حل الدولتين، منها تأكيد عدم جواز اكتساب الأراضي عن طريق الحرب، والتشديد على عدم مشروعية المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة منذ عام 1967 بما في ذلك القدس الشرقية، وضرورة انسحاب إسرائيل إلى حدود عام 1967 وإعمال حقوق الشعب الفلسطيني، وأهمها الحق في تقرير المصير وإقامة دولة مستقلة، وحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وفقا لقرار الجمعية رقم 194.

(الجزيرة)

في عام 2002، بدأت إسرائيل في إنشاء جدار داخل مناطق الضفة الغربية اتخذ مسارا مُتعرِّجا أدمج الكتل الاستيطانية الكبيرة فيما يشبه دولة فصل عنصري. وقد طلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة من محكمة العدل الدولية أن توضح "الآثار القانونية الناشئة عن تشييد الجدار الذي تقوم إسرائيل بإقامته"، لتُصدر المحكمة قرارها الاستشاري بعدم قانونية الجدار عام 2004. ثم أعادت محكمة العدل الدولية التشديد على العناصر الأساسية للإطار القضائي لحل النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، وحدَّدتها في "قواعد ومبادئ القانون الدولي ذات الصلة"، وأبرزها أنه "لن يُعترف من الناحية القانونية بأي اكتساب للأراضي ناشئ من التهديد باستعمال القوة"، وأن "سياسة وممارسات إسرائيل المتمثلة في إقامة مستوطنات في الأراضي الفلسطينية لا تستند إلى أي أساس قانوني".

 

⁠تبلور إجماع دولي واسع أيضا لإعمال "حق العودة" للفلسطينيين، حيث نصَّ القرار 194 على "وجوب السماح بالعودة، في أقرب وقت ممكن، للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن الممتلكات للذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم". إضافة إلى ذلك، صرحت منظمة "هيومان رايتس ووتش" بأنها "تحث إسرائيل على أن تقر بحق العودة لأولئك الفلسطينيين، ونسلهم، الذين فروا من مناطق تقع الآن داخل (دولة إسرائيل)، والذين احتفظوا بروابط مناسبة مع هذه المناطق"، كما دعت منظمة العفو الدولية إلى "تمكين الفلسطينيين الذين فروا من إسرائيل أو الضفة الغربية أو قطاع غزة أو طُردوا منها، وكذلك الأشخاص المنحدرون منها الذين حافظوا على روابط حقيقية مع المنطقة؛ من أن يمارسوا حقهم في العودة".

 

على عكس ما يظنه كثير من العرب وغيرهم حول السقف المرتفع لحماس ومثاليتها الزائدة، كان موقف الحركة من تلك القضايا مرنا للغاية. فقبل بضعة أشهر فقط من عملية الرصاص المصبوب، صرَّح "خالد مشعل"، رئيس المكتب السياسي لحماس، أثناء مقابلة جرت معه بأن "معظم القوى الفلسطينية، بما فيها حماس، تقبل بدولة على حدود عام 1967" (12). وحتى بعد الدمار الذي خلّفه الاجتياح، أعاد مشعل التأكيد أن "الهدف الحالي يظل إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، وعودة إسرائيل إلى حدود 67، وحق العودة للاجئين" (13). وفي صيغة تكميلية، أخبر مشعل الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر عام 2006 أن "حماس وافقت على قبول أي اتفاقية سلام يتم التفاوض عليها بين قادة منظمة التحرير الفلسطينية وبين إسرائيل، بشرط أن يوافق عليها الفلسطينيون لاحقا عبر استفتاء عام أو من خلال حكومة منتخبة ديمقراطيا"، كما أكد كارتر بنفسه لاحقا (14).

"خالد مشعل" رئيس المكتب السياسي لحركة حماس. (الصورة: رويترز)

بعد اتفاق وقف إطلاق النار الذي عقدته حماس مع إسرائيل عام 2008، التزمت حماس بوقف أي هجوم أو إطلاق أي صواريخ، وحثت جميع الفصائل على احترام الاتفاقية، حتى جاءت عملية "الرصاص المصبوب"، التي علَّقت عليها منظمة العفو الدولية في تقريرها السنوي بالقول: "في يونيو/حزيران، تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وجماعات فلسطينية مسلحة في غزة، وظل قائما لمدة أربعة أشهر ونصف الشهر، لكنه انهار بعدما قتلت القوات الإسرائيلية ستة مسلحين فلسطينيين في هجمات جوية وهجمات أخرى يوم 4 نوفمبر/تشرين الثاني" (15).

 

ومع ذلك، ظلت حماس "مهتمة بتجديد الهدوء النسبي مع إسرائيل"، وفقا لتعبير رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي "يوفال ديسكين"، كما كانت مستعدة للقبول بصفقة "لإيقاف إطلاق النار مقابل تخفيف السياسات الإسرائيلية التي خنقت اقتصاد القطاع"، وفقا لقائد الجيش الإسرائيلي السابق في غزة "شموئيل زكاي". ولكن إسرائيل شددت حصارها الخانق، كما طالبت حماس بوقف إطلاق نار فوري وغير مشروط وأحادي الجانب. وحتى قبل أن تشدد دولة الاحتلال حصارها، شجبت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان "ماري روبنسون" تأثير الحصار قائلة: "لقد تم تدمير جميع مظاهر المدنية [في غزة]، وأنا لا أبالغ في ذلك" (15).

 

بالمثل، أكدت "سارا روي"، المتخصصة بالاقتصاد السياسي في جامعة هارفارد، "أن الطعام والدواء، والوقود، وقطع الغيار لأنظمة المياه والصرف الصحي، والأسمدة، والأغطية البلاستيكية، والهواتف، والورق، والصمغ، والأحذية، وحتى أكواب الشاي، لم تعُد تدخل بكميات كافية أو لا تدخل إطلاقا. وها هو مجتمع بأكمله ينهار أمام أعيننا، ولا يوجد سوى استجابة دولية ضئيلة فيما عدا تحذيرات الأمم المتحدة التي تُتجاهل" (14).

معاناة يعيشها أهالي القطاع مع تكرر القصف وانقطاع الخدمات. (الصورة: رويترز)

في حال لم ترد حماس بأي مقاومة على هذا الوضع، فإن إسرائيل كانت لتزيد من أعمالها الاستفزازية، وهذا ما حدث بالفعل في الفترة بين عامي 2008-2021، حيث تكررت الحرب على غزة وقصفها، وتسوية أحيائها بالأرض وخنقها بالحصار، فلم يتبقَّ أمام "حماس" وأهل غزة عموما إلا الموت جوعا أو الموت بالمقاومة. وحتى صفقات تبادل الأسرى التي أجرتها حماس لم تُحدِث تغييرا كبيرا، حيث أعادت إسرائيل اعتقال عدد كبير من الأسرى المُحرَّرين. والمحصلة من كل ذلك هي أن المجتمع الدولي عاجز عن تغيير الواقع الذي تقوم فيه إسرائيل برمي كل قوانين وتقارير المجتمع الدولي وراء ظهرها، والمُضي قدما في قتل وسحق الفلسطينيين وحصارهم وتجويعهم أو أسرهم حتى الموت، مع عدم التزامها بأي اتفاقية لوقف إطلاق النار، مهما قدَّمت الفصائل الفلسطينية من تنازلات.

 

لذا، مثَّلت عملية "طوفان الأقصى" خروجا عن هذه الدائرة المُفرغة من المفاوضات والاتفاقات والتسويات التي استمرت لما يزيد على نصف قرن بلا فائدة، لتؤسس واقعا جديدا لم تعُد فيه إسرائيل الدولة صاحبة القوة الحاسمة والردع الكامل، ولم يعد جيشها "لا يقهر". أما عمَّا هو آت فستكشف عنه الأيام والسنوات القادمة، لكن ما نعلمه يقينا أن إسرائيل والمنطقة كلها بعد تلك العملية لن تكون كما قبلها.

———————————————————————————————————

المصادر والمراجع

  1. غزة: بحث في استشهادها. نورمان جفنكلستين. ترجمة أيمن حداد.
  2. دولة الإرهاب. كيف قامت إسرائيل الحديثة على الإرهاب. تأليف: توماس سواريز. ترجمة: محمد عصفور
  3. غزة: بحث في استشهادها.
  4. Benny Morris, Israel’s Border Wars, 1949–1956 (Oxford: Clarendon Press, 1993), pp. 407–409.
  5. Jean-Pierre Filiu, Gaza: A History (New York; London: Hurst, 2014), p. 105
  6. Shlomo Ben-Ami, Scars of War, Wounds of Peace: The Israeli-Arab Tragedy (New York: Oxford University Press, 2006), pp. 191 and 211
  7. Ken Kurson, «2006 Audio Emerges of Hillary Clinton Proposing Rigging Palestine Election,» Observer (28 October 2016).
  8. غزة: بحث في استشهادها.
  9. US plotted to overthrow Hamas after election victory
  10. غزة: بحث في استشهادها.
  11. Stephen Zunes, «Virtually the Entire Dem-Controlled Congress Supports Israel’s War Crimes in Gaza,» Alternet (13 January 2009)
  12. Mouin Rabbani, «A Hamas Perspective on the Movement’s Evolving Role: An Interview with Khalid Mishal, Part II,» Journal of Palestine Studies, vol. 37, no. 4 (Summer 2008)
  13. غزة: بحث في استشهادها.
  14. 14.Jimmy Carter, We Can Have Peace in the Holy Land: A Plan That Will Work (New York: Simon and Schuster, 2009), pp. 137 and 177.
  15. غزة: بحث في استشهادها.

المصدر : الجزيرة