ما هي النعم التي يسلبها اقتراف الذنوب؟

قيم هذا المقال
(0 صوت)
ما هي النعم التي يسلبها اقتراف الذنوب؟

(النِعَم): جمع «نعمة» ـ بكسر النون ـ وهي ما يلتذّ ويتنعّم به الإنسان من المال والنساء، والقوىٰ والآلات والأدوات، والصحة والفراغة، والمأكولات والمشروبات، والأنعام من الأغنام والإبل والخيول والبغال والحمير والبقرات، وغيرها ممّا أنعم الله به علىٰ عباده، (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا)([1]).

قال تعالىٰ: ٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ)([2]).

في المجمع قال: «قال بعض الأعلام: يكتب في اللوح أشياء مشروطة وأشياء مطلقة، فما كان علىٰ الإطلاق فهو حتم لا يغيّر ولا يبدّل، وما كان مشروطاً ـ نحو أن يكون مثبتاً في اللوح أنّ فلاناً إن وصل رحمه مثلاً يعيش ثلاثين سنة، وإن قطع رحمه فثلاث سنين ـ فإنما يكون ذلك يحسب حصول الشرط، وقد قال الله تعالىٰ: (يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتَ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ)([3])»([4]) انتهىٰ.

الذنوب المغيرة للنعم
و(الذنوب التي تغيّر النعم) ـ كما جاءت بها الرواية ـ: ترك شكر المنعم، والافتراء علىٰ الله والرسول، وقطع صلة الرحم، وتأخير الصلاة عن أوقاتها حتّىٰ انقضت أوقاتها، والدياثة، وترك إغاثة الملهوفين المستغيثين، وترك إعانة المظلومين.

وبالجملة، قد قرّر الشارع لكلّ نعمة أنعم الله بها علىٰ عباده شكراً وطاعة، كما قال تعالىٰ: (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)([5]).

ومعلوم أنّ تركه يصير سبباً لأخذ المنعم تلك النعمة عن المنعَم عليه.

وعن الصادق عليه السّلام، قال: «نحن والله نعمة الله التي أنعم بها علىٰ عباده، وبنا فاز من فاز»([6]).

أقول: لمّا كانوا عليهم السّلام وسائط فيض الله تعالىٰ وجوده، ومجالي نوره وظهوره، ومكامن سرّه، كما قال عليه السّلام (بنا اهتديتم في الظلماء، وتسنمتم العلياء وبنا انفجرتم عن السرار. ..)([7])، أي صرتم ذوي فجر.

وقوله عليه السّلام: (تسنّمتم العلياء) أي ركبتم سنامها.

فما من نعمة فاضت علىٰ الخلق إلّا بواسطتهم وبأيديهم، فهم النعم العظمىٰ، والدولة القصوىٰ من الله تبارك وتعالىٰ في الآخرة والأولىٰ، كما قيل:
من فضل ربّهم ولاته ارتوتْ
أنوارهم في نورهم قد انطوتْ
 وقرب فرض الكلّ مثل انفلِ
 كالفرع ثم قربهم كالأصلِ
بأرضهم تستنسر البغاثُ
 والمستغيثين بهم أغاثوا
 مجد بناته وفضل كرم
 في غرف مبنية عليهم
 
ثم إنّ النعم تشتمل النعم الباطنة من العلم والحكمة والعرفان، والإيمان بالله وباليوم الآخر، والأنبياء والرسل والأوصياء الاثني عشر، عليهم صلوات الله الملك الأكبر إلىٰ يوم

بيان الذنوب المغيّرة للنعم
فالذنوب التي تغيّر تلك النعم وتذهب بنورها هي الخطيئات التي يعدّها أهل السلوك إلىٰ الله تعالىٰ أيضاً ذنباً، كالتوجّه إلىٰ غيره تعالىٰ وترك الأولىٰ، وكثرة الأكل والشرب والنوم، وقلّة الاكتراث بالصلاة والصوم، وكلّ ما كان من هذا القبيل من الهواجس النفسائية، فضلاً عن الوساوس الشيطانية، فليتجنب العبد المؤمن عن جميع هذه الذنوب، بعناية الله الحبيب المحبوب.
 
 شرح دعاء كميل، السيد عبد الأعلى السبزواري (قدس سره)

([1]) «إبراهيم» الآية: 34.
([2]) «الأنفال» الآية: 53.
([3]) «الرعد» الآية: 39.
([4]) «مجمع البحرين» ج 3، ص 431، مادة «غير».
([5]) «إبراهيم» الآية: 7.
([6]) «بحار الأنوار» ج 9، ص 112، 318.
([7]) «بحار الأنوار» ج 32، ص 237.

قراءة 933 مرة