الاستقامة في القضايا السياسية

قيم هذا المقال
(0 صوت)
الاستقامة في القضايا السياسية



أقول لكم أيها الإخوة الثوريين الأعزاء: الاستقامة ضرورية؛ ليست الاستقامة أن نحفظ اسمها ]وظاهرها[! أبدًا، لذا نرى جماعة قد بقيت ]على الخط[، ولا ينقصها شيء في الظاهر إلا أنها خالية في الباطن! عندما يستيقظ الإنسان من الغفلة يرى ويشاهد هذا. أقول لكم هذا الكلام وأوجهه للجميع، خاصة الخواص منهم: اسعوا إلى حفظ هذا الركن وهذا العامود بقوة وصلابة، وثبتوا هذا السقف على هذا الوتد -سقف الثورة، سقف القيم وسقف المجتمع الإسلامي الحقيقي سمّوه ما شئتم - فإذا ما ابتعد الجميع عن هذا السقف بمعنى اذا ما نزعت حيطانه وبقيت أعمدته وأوتاده فلن يتزلزل، وليضرب مئة معول وأزميل جدرانه الآجرية ذات الطبقة الواحدة، فلن تكون هناك مشكلة. إلا أنه إذا ما اهتز عامود واحد فلا محال سيهتزّ ذلك السقف بذلك المقدار نفسه.
لا ترتعبوا لا تتخلوا عن القيم الثورية والإسلامية -شكلها وإطارها الصحيح- بأي قيمة وثمن، وهذا الكلام فوق المسائل السياسية والحزبية واليومية.

أبعدوا أنفسكم عن كل ما هو رائج في العرف السياسي في العالم، [وهؤلاء] من خلال وساوسهم لا يريدون أن تصل هذه القضايا ]الصحيحة[ إلى مسامعنا - الوساوس السياسية والوساوس الدولية. لنفترض أن عمل مجموعة خبيرة في أمريكا يتركز على حل مشاكل البلدان والحكومات التي لها علاقات وقضايا مع أمريكا، فإسم هذه المجموعة هو "الوسواس السياسي أو الوسواس الدبلوماسي".

مذكرات نيكسون، تشون لي:
على سبيل المثال، يقومون بحركة ما على سبيل إجراء مباراة في لعبة " بينغ بونك"، مع الصين في عهد "تشون لي". وكان ذلك بمثابة مقدمة لمد جسور العلاقات على نحو تدريجي ولا أحد يشعر بأن شيئا قد حصل. اقرؤوا مذكرات "نيكسون"، فقد ألف كتابًا أسماه "القادة" وقد ترجم إلى الفارسية وفيه كتب مذكراته مع "تشون لاي".

من الأمور التي يتحدّث عنها في الكتاب -وما أتذكره الآن- تلك اللقاءات التي عقدها مع "جوين لاى" نفسه وزيارته التاريخية إلى الصين التي أدت إلى فتح العلاقات مع الصين وكسب صداقتها! تأملوا في بداية نشوء هذه العلاقة وأين بدأت! لم يشعر أحد بذلك! بمعنى أن المخاطبين بهذه الوسوسة والأطراف الذين هم عرضة لها، يشعرون في نهاية الأمر أن ضرورات الحياة قد عرضت ولا سبيل لهم غير ذلك، لكن عملاء السياسة وأربابها في العالم يعلمون ذلك ويعرفون ماذا يفعلون وأن لدى هؤلاء خيارات ومجالات. لاحظتم؟ احذروا الوقوع في مطبّات وكمائن هذه الوساوس. وما قد يتصوّر أنّه من الضرورات الوقتية -ولعل لذلك ضرورة بمعنى من المعاني- فلا ينبغي أن يشتبه علينا الأمر ونخلطه مع الموانع الواقعية. لا، فهذه من بين الأمور والأشياء التي تضمحلّ وتذهب مع وجود الاستقامة. بالطبع ليس معنى كلامنا هنا أنه يوجد اليوم في بلادنا أشخاص تشبه حالتهم حالة "تشون لي" في ذلك الزمان! أبدًا ولحسن الحظ.. وهنا ذكرت هذه المسألة كمثال من بين عشرات المسائل والأمثلة.

أنتم تشكلون العناصر والجماعة الحاسمة. فأنتم أصحاب الإرادة والعمل الواقعي والتصميم الحقيقي، حتى لو كان هناك شخص مسؤول آخر في لحظة أخرى يتخذ القرار ويطبق وينفذ، إلا أنه في واقع الأمر أنتم من تصممون وتتخذون القرار.

المصدر: الاستقامة والبصيرة، مقتطف من كلمات سماحة الإمام القائد السيد علي الخامنئي (دام ظله) حول البصيرة والاستقامة

 

قراءة 584 مرة