المقام المعنوي لأمير المؤمنين (عليه السلام) في كلمات الإمام الخميني (قدس سره)

قيم هذا المقال
(0 صوت)
المقام المعنوي لأمير المؤمنين (عليه السلام) في كلمات الإمام الخميني (قدس سره)

إن للإمام الخميني (قدس سره) كلاماً حول مقام الإمام علي عليه السلام غير محتاج إلى شرح وتعليق، فهو بيان فصل ومعنى جامع، قلّما بلغ إلى ما قصده العظماء من أهل العلم، والأولون من أهل الفضل. ويكفيك عبارته في مطلع وصفه للأمير عليه السلام، حيث يقول قدس سره: "علي عليه السلام هو التجلي العظيم لله"([1]).
 
ثم يتوجه قدس سره إلى الكشف عن الأبعاد الوجودية لأمير المؤمنين عليه السلام، قائلاً: "هذا العظيم يمتاز بشخصية ذات أبعاد كثيرة، ومظهر لاسم الجمع الإلهي الذي يحوي جميع الأسماء والصفات، فجميع الأسماء والصفات الإلهية في ظهورها وبروزها في الدنيا وفي العالم ظهرت في هذه الشخصية بواسطة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، وإن أبعاده الخفية هي أكثر من تلك الأبعاد الظاهرة، وإن نفس هذه الأبعاد التي توصل إليها البشر، ويتوصل إليها قد اجتمعت في رجل واحد، في شخصية واحدة جهات متناقضة ومتضادة.. يمتلك جميع الأوصاف وجميع الكمالات([2]).. لم يكن حضرة الأمير عليه السلام من الجهة المعنوية شخصاً مفرداً، بل كان كل العالم"([3]).
 
بهذا الفهم البعيد في أعماقه والراقي في مبادئه بما يعطي لمقام الإمامة من جامعية وإحاطة أنكرها بعض الباحثين عن الحقيقية الذين لم يصلوا إلى ضالتهم اعتماداً على نظرتهم إلى الإمام عليه السلام باتجاه واحد وهو المقام الظاهري له، وهو ما دعاهم إلى الجرأة عليه في الماضي والحاضر مع إغفالهم لمقامه الباطني ومكانته المعنوية، وجهلهم بكل المقامات التي تحدّث عنها الإمام قدس سره. فهل كانوا يفهمون عليًا عليه السلام على أنه التجلي الإلهي العظيم أو أنه كل العالم يا ترى؟!
 
لهذا يظهر الإمام قدس سره تأسفه قائلاً: "يجب علينا أن نأسف لأن الأيدي الخائنة والحروب التي أشعلوها ومثيري الفتن لم يسمحوا لبروز الشخصية الفذة لهذا الرجل العظيم في أبعادها المختلفة([4])." فإذا كان الكثير من أبعاده الظاهرية خافياً عنا، فكيف بالأبعاد المعنوية التي لا ينال معرفة حقائقها أحد من العالمين كما جاء في الأحاديث الشريفة؟.
 
إن ما تقدم من البيان حول مقام مولى الموحدين وزوجه الصديقة الطاهرة عليها السلام كان نموذجاً للإطلالة على رؤية الإمام الخميني قدس سره لهم صلوات الله عليهم من جدهم إلى خاتمهم القائم المهدي عجل الله فرجه، وإنما كان التخصيص في الحديث عنهما عليهما السلام لأنهما الرأس في سلسلة دائرة العصمة والولاية المحمدية العلوية. كما يفهم من مجموع كلامه قدس سره بل من تصريحه ثوابت عديدة منها:
 
وحول ولاية الإمام التكوينية يقول قدس سره: "إن للإمام عليه السلام خلافة تكوينية تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات هذا الكون"([5]).

ويقول أيضاً في حديث عن ولاية الأمير عليه السلام: "إنه عليه السلام صاحب الولاية المطلقة الكلية، والولاية باطن الخلافة... فهو عليه السلام قائم على كل نفس بما كسبت ومع كل الأشياء"([6]).
 
يشير (قدس سره)  إلى مسألة علم الكتاب في حديثه عن نزول الكتاب التكويني قائلاً: إن هذا الكتاب التكويني الإلهي وأولياءه الذين كلهم كتب سمائية نازلون من لدن حكيم عليم وحاملون للقرآن التدويني، لم يكن أحد حاملاً بظاهره وباطنه إلا هؤلاء الأولياء المرضيين كما ورد من طريقهم عليهم السلام. وعن أبي عبد الله عليه السلام: "وعندنا والله علم الكتاب كلّه"([7]).
 


([1]) تفسير آية البسلمة, الإمام الخميني قدس سره ص31.
([2]) منهجية الثورة الإسلامية. ص117.
([3]) خط الإمام, كلام الإمام, ج2, ص14.
([4]) منهجية الثورة الإسلامية. ص116.
([5]) الحكومة الإسلامية، ص52.
([6]) مصباح الهداية, الإمام الخميني, ص142.
([7]) شرح دعاء السحر، ص71.

قراءة 298 مرة