الإسلام والقضايا الإنسانية

قيم هذا المقال
(0 صوت)
الإسلام والقضايا الإنسانية

قال تعالى: (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) (المائدة/ 8).

 

الهدف:

بيان بعض القضايا التي ترتبط بالجانب القِيَمي في الحياة الإنسانية.

 

المقدمة:

رفع الإسلام لواء الدفاع عن الإنسان في كافّة قضاياه الإنسانية، ولذلك نرى أنّ من أهمّ السياسات التي نادت بها الشريعة الإسلامية نصرة الشعوب المستضعفة والمحرومة والمغتصبة حقوقها ورفع الظلم والجور والحيف عنها والذي يتمظهر اليوم بضرورة شجب واستنكار ما يجري اليوم من سرقة ونهب ثروات الشعوب وخيراتها ومدّخراتها واستعمار أراضيها وقمع أهلها من التعبير عن آلامهم ومشاكلهم، وتركها ترزح تحت وطأة الفقر والمرض والعوز، بغض النظر عن دينها أو المذهب الذي تعتقده وتنتسب إليه، فإنّه من سمع منادياً يستغيث بالمسلمين ولم يجيبوه فليسوا بمسلمين.

 

محاور الموضوع:

1- نشر العدل: والذي يعتبر من أسمى الأهداف الإسلامية وغاية حركة الأنبياء والرسل.

وعن رسول الله (ص): "عدلُ ساعة خيرٌ من عبادة ستين سنة قيام ليلها وصيام نهارها، وجورُ ساعة في حكم أشدُّ وأعظم عند الله من معاصي ستين سنة".

وعن الإمام الكاظم (ع) في تفسير قوله تعالى: (يُحْيِي الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا) (الروم/ 19)، قال: "ليس يحييها بالقطر، ولكن يبعث الله رجالاً فيحيون العدل فتحيا الأرض لإحياء العدل، ولإقامة الحدّ لله أنفع في الأرض من القطر أربعين صباحاً".

2- مواجهة الفتن: قال تعالى: (الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) (العنكبوت/ 1-2)، والآية واضحة في أنّ ابتلاء الفتنة واقع لعموم الناس، وأنّ عنوان الإيمان مرتبط بأدائهم إبّان الفتنة، ففي الرواية عن معمر بن خلاد عن أبي الحسن (ع) بعد أن تلا الآية، قال لي: ما الفتنة؟ فقلت: جعلت فداك الذي عندنا الفتنة في الدِّين، قال (ع): "يُفتنون كما يُفتن الذهب، ثمّ قال: يخلصون كما يخلص الذهب".

قال تعالى: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ) (البقرة/ 193)، فالإسلام نادى بمواجهة الفتن التي تحيد بالإنسان عن جادّة الهدى وتدخله في زواريب المحسوبيات الضيقة وتبعده عن الأعمال القربوية التي تسلك به إلى الله، ولذلك عبّرت الآية أنّ المراد مواجهة أرباب الفتن أن يكون الدين لله وحده.

3- مواجهة حكّام الجور: قال تعالى: (اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى) (طه/ 43)، فالطغيان من أكبر الأمور التي يمارسها حكّام الجور كمظهر من مظاهر الإساءة بها لإنسانية الإنسان، ولذلك جاء الأمر الإلهي بالذهاب إلى فرعون، هذا الأمر الإلهي الذي يوجب علينا التوجّه إلى كلّ فرعون في كلّ زمان ومكان للوقوف في وجه الطغيان استنفاداً لإنسانية الإنسان من التشوّه والضياع.

وهذا ما نقرأه في سيرة نبي الله إبراهيم (ع) ومواجهته مع النمرود وعيسى (ع) ومواجهته للرومان في عهده ورسول الله (ص) ومواجهته لأجلاف قريش، وغيرهم من الأنبياء على طول التأريخ، وكذا الحال في سيرة الأئمّة الأطهار ووقوفهم في وجه حكّام الجور الذين كانوا يلبسون لباس الدين ويحكمون بغير ما أنزل الله تعالى.

4- رفع الاضطهاد: والذي يتمثّل اليوم باستعمار بعض البلاد واستعباد شعوبها وسرقة خيراتها ونهب ثرواتها وعدم تقديم الحدّ الأدنى لها من ضرورات العيش ومستلزمات الحياة اليومية من التعليم أو الطبابة أو ما شاكل من أنواع الخدمات الأساسية للإنسان.

5- مواجهة الظلم: قال تعالى: (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ) (هود/ 113)، وفي ذلك تشديدٌ في الأمر الإلهي إذ قرن الركون إلى الظالم بدخول النار مباشرةً، وجعل تعالى في آياتٍ أخرى هلاك الظالمين سنةً من السنن الإلهية التي لا تتبدّل ولا تتحوّل إذ قال تعالى: (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا...) (يونس/ 13)، وقال تعالى: (فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا...) (النمل/ 52).

6- تقوية المستضعفين: قال تعالى: (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) (القصص/ 5)، أي نصرة قضاياهم العادلة بغضّ النظر عن دينهم أو مذهبهم، وهذا يعتبر من أهم سياسات الدعوة الإسلامية، وفي حركة نبيّ الله يوسف (ع) خير شاهد على ذلك، فقد وقف إلى جانب الشعب المصري في سِني القحط والجوع وعمل على تأمين قوتهم وغذائهم وهم ما زالوا على غير دين التوحيد، وما ذلك إلا لوجوب الوقوف إلى جانب الشعوب المستضعفة في قضاياها العادلة والإنسانية.►

 

قراءة 212 مرة