السيد جون كيري .. الكذب ليس أقل سوءاً من الغباء

قيم هذا المقال
(0 صوت)

السيد جون كيري .. الكذب ليس أقل سوءاً من الغباء

في الوقت الذي لم يختلف اثنان من المراقبين، الذين تابعوا تفاصيل جولة المفاوضات النووية الاخيرة بين ايران و مجموعة ۵+۱، علي الدور السلبي الواضح لوزير خارجية فرنسا لوران فابيوس في عرقلة عمل المفاوضين، يخرج وزير الخارجية الامريكي جون كيري علي الناس خلال زيارته للامارات الاثنين الماضي محملا ايران مسؤولية عدم التوصل الي اتفاق. صحيح ان التصريحات الامريكية ازاء ايران تصل الي حد التناقض، مع اختلاف الضيف الذي يحاوره هذا الامريكي ، فهو يقول شيئا عندما يتحدث الي الصحفيين او الي اي ضيف الا انه يقول عكس ذلك، عندما يكون امامه احد زعماء اسرائيل او احد مشايخ الخليج الفارسي، وهذا الامر يمكن خلق التبريرات والمعاذير له لاسباب معروفة، ولكن ان يدلي مسؤول امريكي بمستوي جون كيري بتصريحات تتناقض كل التناقض مع حقائق ومواقف لم تمر عليها الا ساعات، فهذا امر، يقتلع الثقة من جذورها.

كان من الممكن علي رئيس الدبلوماسية الامريكية، ان يبرر عدم توصل المتفاوضين في جنيف الي صيغة موحدة ولكن بشكل اخر، لا ان يحاول اظهار وحدة موقف معسكره، علي حساب الحقيقة عبر ليّ عنقها بهذا الشكل الفج.

ان تصريحات ومواقف فابيوس البعيدة عن الدبلوماسية وعن المسؤولية اثارت حتي حفيظة زملائه الاوروبيين وخاصة الالمان كما نقلت صحيفة الشرق الاوسط عن مصادرها الخاصة في عددها الصادر يوم الاحد ۱۰ تشرين الثاني نوفمبر. ونقلت الصحيفة ايضا عن مندوب امريكي قوله ان فرنسا مثل من جاء متأخرا ويتمسك بالعودة لنقطة البداية.

كما نقلت وكالات الانباء والصحافة العالمية عن دبلوماسي غربي قوله ان الأميركيين والاتحاد الأوروبي والإيرانيين عملوا بشكل مكثف طوال أشهر علي هذا الاقتراح، وهذه ليست إلا محاولة من فابيوس للتدخل في اللحظة الأخيرة للعب دور في المفاوضات.

اما وزير خارجية السويد كارل بيلت فقد ذهب الي ابعد من ذلك وأكد في تغريدة علي موقع تويتر: يبدو أن المفاوضات في جنيف لا تجري مع إيران، بل في صفوف المجموعة الغربية. هذا ليس أمرا جيدا.

اما الرد الاقوي علي كيري فجاء من وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف الذي تساءل علي تويتر: سيدي الوزير هل كانت ايران هي من حذف أكثر من نصف المسودة الامريكية مساء الخميس وادلي علنا بتعليقات معارضة لها صباح الجمعة؟ . لا يمكن لاي قدر من المراوغة ان يغير ما حدث داخل مجموعة القوي الست في جنيف من السادسة مساء الخميس حتي ۵.۴۵ مساء السبت. لكنه يمكن أن يزيد من تقويض الثقة.

ما ذهب اليه المراقبون والاوروبيون والايرانيون لقي تاييدا قويا من روسيا ، التي هي عضو مهم في مجموعة ۵+۱، حيث أيد مصدر في وزارة الخارجية الروسية في حديث مع وكالة رويترز ما ذهب اليه هؤلاء وقال معلقا علي تصريحات كيري يبسط هذا التفسير كثيرا فحوي ما حدث في جنيف بل ويشوهه.

وأضاف كانت المسودة التي أعدها الأمريكيون للوثيقة المشتركة مناسبة للجانب الإيراني.. لكن اتخاذ قرار في محادثات بمثل هذه الصيغة يتم بالإجماع لذا لم يتسن التوصل إلي اتفاق نهائي للأسف. لكنه لم يكن ذنب الإيرانيين.

اما السر الحقيقي وراء تصرف فابيوس في جنيف فكان عند اسرائيل، فقد ذكرت وسائل اعلامها و من بينها القناة العاشرة الاسرائيلية، ان موقف فابيوس في جنيف جاء بتحريض من دولة كبيرة في الخليج الفارسي، لا تحتمل كما اسرائيل، ان تري تسوية للملف النووي الايراني عبر الوسائل السياسية.

الامر المؤسف الذي يحز في النفس هو ان نري اسرائيل وقد تحولت الي ناطق رسمي لبعض الدول العربية في الخليج الفارسي، بعد ان اعلن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، انه لا يتحدث عن قلق اسرائيل وحدها بل يتحدث باسم العرب الذين هم قلقون ايضا مثل اسرائيل من البرنامج النووي الايراني!!، داعيا امريكا الي درك خطر ايران عندما يوحد هذا الخطر اسرائيل والعرب!!.

اخيرا، علي جون كيري، الذي اعتبر الامريكيين ليسوا اغبياء في التعامل مع ايران، ان يعرف ان الكذب ايضا ليس اقل سوءا من الغباء، فهو يحكم بالفشل علي اي جهد سياسي قبل ان يبدأ.

بقلم: ماجد حاتمي

قراءة 1952 مرة