جدل حول زوال الكيان الإسرائيلي

قيم هذا المقال
(0 صوت)
جدل حول زوال الكيان الإسرائيلي

ما برحت فكرة زوال الكيان الاسرائيلي تتراوح بين أخذ ورد. لكن كثيرين، كأنهم مقتنعون بمقولات الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، وهم يؤمنون أن الكيان الإسرائيلي زائل لا محالة.

منذ نشاة الكيان الصهيوني، والجدل قائم حول إمكانية بقائه أو زواله. كثيرون من العرب المتأثرين بالنكبة (1948)، والنكسة (1967)، والعديد من المعارك العسكرية والسياسية التي لم تكن في صالح فلسطين، وقضيتها، وشعبها، ما انفكوا يعبرون عن اليأس من العودة، فكيف بفكرة "زوال الكيان الاسرائيلي"؟.. ذلك رغم التحولات الكبرى التي حدثت لاحقا ابتداء من هزيمة العام 2000، واضطرار العدو الاسرائيلي لمغادرة الأرض اللبنانية تحت وطأة المقاومة، ثم بعد انتصار الـ 2006، والذي شكّل لدى كثيرين نقطة تحول في الصراع، ومنهم من رأى فيه بداية نهاية الكيان الاسرائيلي، دعوة طالما أطلقها الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله.

 في خضم الصراع المتواصل والمتجذّر على فلسطين، تتطور الأمور، وتتغير المفاهيم، وتتعدل المواقف، والأفكار والقيم. كثيرة هي وسائل الإعلام التي تنقل القلق الاسرائيلي من استمرارها، وأخرى تنقل القناعة بأن الكيان الاسرائيلي كان مجرد كذبة استمرت بقوة حاضنيها، وصولاً إلى قناعة البعض بأنها زائلة لا محال، مهما طال الزمن.

 على مستوى القلق، ما انفك مقال لكاتب إسرائيلي في صحيفة هآرتس، اسمه آري شبيط، يلفت الأنظار، وقد نشر أواخر صيف 2016، تحت عنوان: "اسرائيل تلفظ أنفاسها الأخيرة"، وفيه:

يمكن أن يكون كل شيء ضائعاً، ويمكن أننا اجتزنا نقطة اللاعودة، ويمكن أنه لم يعد من الممكن إنهاء الاحتلال، ووقف الاستيطان، وتحقيق السلام، ويمكن أنه لم يعد بالإمكان إعادة إصلاح الصهيونية، وإنقاذ الديمقراطية، وتقسيم البلاد.

 إذا كان الوضع كذلك، فإنه لا طعم للعيش في البلاد، وليس هناك طعم للكتابة في هآرتس، ولا طعم لقراءة هآرتس. يجب فعل ما اقترحه روغل ألفر قبل عامين، وهو مغادرة البلاد. إذا كانت الإسرائيلية واليهودية ليستا عاملاً حيوياً في الهوية، وإذا كان هناك جواز سفر أجنبي، ليس فقط بالمعنى التقني، بل بالمعنى النفسي أيضاً، فقد انتهى الأمر. يجب توديع الأصدقاء، والانتقال إلى سان فرانسيسكو، أو برلين.

من هناك، من بلاد القومية المتطرفة الألمانية الجديدة، أو بلاد القومية المتطرفة الأميركية الجديدة، يجب النظر بهدوء ومشاهدة دولة إسرائيل وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة. يجب أن نخطو ثلاث خطوات إلى الوراء، لنشاهد الدولة اليهودية الديمقراطية وهي تغرق. يمكن أن تكون المسألة لم توضع بعد.

ويمكن أننا لم نجتز نقطة اللا عودة بعد. ويمكن أنه ما زال يمكن إنهاء الاحتلال ووقف الاستيطان، وإعادة إصلاح الصهيونية، وإنقاذ الديمقراطية، وتقسيم البلاد.

يضع شاليط إصبعه على الجرح، بل في عين نتنياهو، وليبرمان، والنازيين الجدد، ليوقظهم من هذيانهم الصهيوني، بقوله أن باراك أوباما، وهيلاري كلينتون ليسا هما اللذان سينهيان الاحتلال.

وليست الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي هما اللذان سيوقفان الاستيطان. القوة الوحيدة في العالم القادرة على إنقاذ إسرائيل من نفسها، هم الإسرائيليون أنفسهم، وذلك بابتداع لغة سياسية جديدة، تعترف بالواقع، وبأن الفلسطينيين متجذرون في هذه الأرض. ويحث على البحث عن الطريق الثالث من أجل البقاء على قيد الحياة هنا، وعدم الموت.

الإسرائيليون منذ أن جاؤوا إلى فلسطين، يدركون أنهم حصيلة كذبة ابتدعتها الحركة الصهيونية، استخدمت خلالها كل المكر في الشخصية اليهودية عبر التاريخ.

ومن خلال استغلال ما سمي المحرقة على يد هتلر «الهولوكوست» وتضخيمها، استطاعت الحركة أن تقنع العالم بأن فلسطين هي أرض الميعاد، وأن الهيكل المزعوم موجود تحت المسجد الأقصى، وهكذا تحول الذئب إلى حمَل يرضع من أموال دافعي الضرائب الأميركيين والأوروبيين، حتى بات وحشاً نووياً.

فقد أكد علماء آثار غربيون ويهود، من أشهرهم «إسرائيل فلنتشتاين» من جامعة تل أبيب، أن الهيكل أيضاً كذبة وقصة خرافية ليس لها وجود، وأثبتت جميع الحفريات أنه اندثر تماماً منذ آلاف السنين، وورد ذلك صراحة في عدد كبير من المراجع اليهودية، وكثير من علماء الآثار الغربيين أكدوا ذلك.

وكان آخرهم عام 1968 م، عالمة الآثار البريطانية الدكتورة «كاتلين كابينوس»، حين كانت مديرة للحفائر في المدرسة البريطانية للآثار بالقدس، فقد قامت بأعمال حفريات بالقدس، وطردت من فلسطين بسبب فضحها للأساطير الإسرائيلية، حول وجود آثار لهيكل سليمان أسفل المسجد الأقصى.

حيث قررت عدم وجود أي آثار أبداً لهيكل سليمان، واكتشفت أن ما يسميه «الإسرائيليون» مبنى إسطبلات سليمان، ليس له علاقة بسليمان، ولا إسطبلات أصلاً، بل هو نموذج معماري لقصر شائع البناء في عدة مناطق بفلسطين، وهذا رغم أن «كاثلين كينيون» جاءت من قبل جمعية صندوق استكشاف فلسطين، لغرض توضيح ما جاء في الروايات التوراتية، لأنها أظهرت نشاطاً كبيراً في بريطانيا في منتصف القرن 19 حول تاريخ «الشرق الأدنى».

لعنة الكذب هي التي تلاحق الإسرائيليين، ويوماً بعد يوم، تصفعهم على وجوههم بشكل سكين بيد مقدسي، وخليلي، ونابلسي، أو بحجر جمّاعيني، أو سائق حافلة من يافا، وحيفا، وعكا.

يدرك الإسرائيليون أن لا مستقبل لهم في فلسطين، فهي ليست أرضاً بلا شعب كما كذبوا. ها هو كاتب آخر يعترف، ليس بوجود الشعب الفلسطيني، بل وبتفوقه على الإسرائيليين، هو جدعون ليفي الصهيوني اليساري، إذ يقول:

يبدو أن الفلسطينيين طينتهم تختلف عن باقي البشر، فقد احتللنا أرضهم، وأطلقنا عليهم الغانيات، وبنات الهوى، وقلنا ستمر بضع سنوات، وسينسون وطنهم وأرضهم، وإذا بجيلهم الشاب يفجر انتفاضة الـ 87.. أدخلناهم السجون وقلنا سنربيهم في السجون.

وبعد سنوات، وبعد أن ظننا أنهم استوعبوا الدرس، إذا بهم يعودون إلينا بانتفاضة مسلحة عام 2000، أكلت الأخضر واليابس، فقلنا نهدم بيوتهم ونحاصرهم سنين طويلة، وإذا بهم يستخرجون من المستحيل صواريخ يضربوننا بها، رغم الحصار والدمار، فأخذنا نخطط لهم بالجدران والأسلاك الشائكة..

وإذا بهم يأتوننا من تحت الأرض وبالأنفاق، حتى أثخنوا فينا قتلاً في الحرب الماضية، حاربناهم بالعقول، فإذا بهم يستولون على القمر الصناعي عاموس ويدخلون الرعب إلى كل بيت في إسرائيل، عبر بث التهديد والوعيد، كما حدث حينما استطاع شبابهم الاستيلاء على القناة الثانية.. خلاصة القول، يبدو أننا نواجه أصعب شعب عرفه التاريخ، ولا حل معهم سوى الاعتراف بحقوقهم وإنهاء الاحتلال.

نقولا طعمه

قراءة 1193 مرة