مسار المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية: من مؤتمر مدريد إلى صفقة القرن

قيم هذا المقال
(0 صوت)
مسار المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية: من مؤتمر مدريد إلى صفقة القرن

لا يختلف اثنان على أن القضيّة الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي من أعقد الملفات التي بدأت منتصف القرن الماضي ولا تزال مستمرّة حتى يومنا هذا، صراع هو الأطول من نوعه في تاريخ البشرية والأكثر تعقيداً وخطورة استغرق حتى الآن قرناً من الزمن، وسلك فيه الفلسطينيون وإلى جانبهم إخوانهم العرب خيار المقاومة الذي مرّ بمحطات مصيرية في عامي 1967 و1973.

بعد ذلك، شكّل المسار التفاوضي الذي سلكته "إسرائيل" مع مصر، ولاحقاً الأردن، أنموذجاً لمسار مماثل مع الفلسطينيين ساهم قرار مجلس الأمن رقم 242  الذي صدر في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 1967 في تعزيزه عبر معادلة "الأرض مقابل السلام" ( رغم إرجاع الكثيرين خيار الدولتين إلى هذا القرار، إلا أن جذور هذا الأمر تعود إلى العام 1937، هذا الخيار الذي طرح لأول مرة كحل بين المشروعين الفلسطيني والصهيوني، عندما اقترحت لجنة من عصبة الأمم تقسيم فلسطين إلى دولتين واحدة لليهود وأخرى للعرب تكرس في العام 1947 بقرار التقسيم، وتم وضع أول إطار عملي في اتفاقية كامب ديفيد المصرية –الإسرائيلية).

وفي حين دعا القرار الأممي 242 إلى "انسحاب القوات المسلحة الإسرائيلية من الأراضي التي احتلتها في النزاع الأخير" و "احترام سيادة أي دولة في المنطقة والاعتراف بها وسلامة أراضيها واستقلالها السياسي وحقها في العيش بسلام في ظل حدود آمنة ومعترف بها بعيداً عن أي تهديدات أو تصرفات باستخدام القوة "، حاول الكيان الإسرائيلي التنصّل من هذه الالتزامات عبر القول بأن صياغة النسخة الإنجليزية تدعو لـ "الانسحاب من أراضٍ"، يعني عدم الانسحاب من جميع الأراضي، مقابل التفسير العربي القائل بأن الانسحاب ينبغي أن يشمل جميع الأراضي التي احتلت عام 67.

في هذه الورقة نرسم صورة كاملة عن المسار التفاوضي بين الفلسطينيين ممثلين بمنظمة التحرير، والكيان الإسرائيلي، لنخلص في نهايتها إلى نتائج المسار التفاوضي والمكاسب والتنازلات التي نتجت عنه.

اتفاقيات كامب ديفيد 1978

لم تكن بداية حلقات التفاوض مع الكيان الإسرائيلي فلسطينية، بل تمثّلت بداية المفاوضات المباشرة والعلنية مع الكيان الصهيوني بين مصر و"إسرائيل" في اتفاقية كامب ديفيد في 17 كانون الأول/سبتمبر 1978 والتي كان فيها إقرار الحكم الذاتي للشعب الفلسطيني على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة فقط .

طرحت عدة خطط سلام بعد حرب 67 لكن لم يحدث شيء إلا أن هذه الحرب هيّأت الأرضية لمصلحة إبرام سلام كما يتجلى في الزيارة التاريخية للرئيس المصري، أنور السادات، إلى القدس في نوفمبر 1977.

استغل الرئيس الأمريكي، جيمي كارتر، الاستعداد العام للسلام بناءً على الأرضية التي تمهّدت للسلام بعد حرب أكتوبر 73 أو حرب يوم الغفران كما تعرف في "إسرائيل"، ليدعو الرئيس الأمريكي الرئيس المصري أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي، مناحيم بيغن، لإجراء مباحثات سلام في المنتجع الرئاسي بكامب ديفيد بالقرب من العاصمة واشنطن، استمرت المفاوضات لمدة 12 يوماً وانتهت بإبرام اتفاقين، "إطار السلام في الشرق الأوسط"، هو عنوان الاتفاق الأوّل الذي وضع أسس السلام بتوسيع القرار رقم 242 وحدد ما كان يأمل أن يكون سبيلاً لحل "المشكلة الفلسطينية"، ونص على ضرورة إبرام معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل ودعا إلى إبرام معاهدات أخرى بين "إسرائيل" وجيرانها، نقطة الضعف في الاتفاق الأول هي الجزء المتعلق بالفلسطينيين، هدفت الخطة إلى إنشاء "سلطة حكم ذاتي" في الضفة الغربية وقطاع غزة على أن تتبع لاحقاً "بمحادثات الوضع النهائي" لكن الفلسطينيين لم يكونوا طرفاً في الاتفاق.

الاتفاق الثاني هو "إطار كامب ديفيد لمعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل"، وجاء هذا الاتفاق في عام 1979 بعد انسحاب "إسرائيل" من سيناء، مثَّل الاتفاق أول اعتراف من طرف بلد عربي كبير بإسرائيل بصفتها دولة لها الحق في الوجود، قد تكون المحادثات بين الطرفين الأنجح في عملية السلام برمتها.

تعدّ اتفاقية كامب ديفيد أهم الاتفاقيات في مسار الصراع العربي الإسرائيلي لأنها أول اتفاقية رسمية بين دولة عربية وإسرائيل، وأدت إلى تحييد مصر في الصراع.

مؤتمر مدريد 1991

بعد اتفاقيّة كامب ديفيد، ولاحقاً قرار منظمة التحرير الفلسطينية في بيان الجزائر عام 1988 الاعتراف بالقرار الأممي 242 وبحل الدولتين، والقبول بدولة أصغر بكثير من مساحة فلسطين التاريخية لا تتجاوز مساحتها 22% مقابل التسليم للاحتلال بـ78%، وتكون هذه الدولة قابلة للحياة، متصلة غير مجزأة بطرق الاتفافية وكتل استيطانية وجدار عازل، وشرقي القدس عاصمة لها، تشكّلت الأرضية لانطلاق عملية السلام.

عقد اللقاء الأول وبشكل علني بين الكيان الإسرائيلي والدول العربية في 30 تشرين أول/أكتوبر- 1 تشرين ثاني/نوفمبر 1991 لوضع الخطوات الأولى نحو معاهدة السلام وإقرار الحق الفلسطيني وتم الاتفاق على مواصلة اللقاءات الثنائية لتحقيق السلام الشامل.

كان مؤتمر مدريد، الذي رعته أمريكا والاتحاد السوفيتي، يهدف إلى استلهام المعاهدة بين مصر وإسرائيل من خلال تشجيع البلدان العربية الأخرى على توقيع اتفاقيات سلام مع إسرائيل، شارك الفلسطينيون أيضاً في هذا المؤتمر من خلال وفد مشترك مع الأردن وليس بوجود ياسر عرفات أو قادة آخرين في منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت إسرائيل ترفض مشاركتها في المؤتمر.

اتفاقية أوسلو 1993

أسس مؤتمر مدريد لمبدأ الأرض مقابل السلام، ليشكّل اتفاق أوسلو الذي عقد سراً في أوسلو (النرويج) ونشرته بعض وسائل الإعلام قبل الإعلان عنه وتوقيعه رسمياً في واشنطن يوم 13 سبتمبر/أيلول، تعتبر اتفاقية أوسلو أول اتفاقية رسمية مباشرة بين إسرائيل ممثلة بوزير خارجيتها آنذاك شمعون بيريز، ومنظمة التحرير الفلسطينية، ممثلة بأمين سر اللجنة التنفيذية محمود عباس وبحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي اسحق رابين ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات.

حاولت مفاوضات أوسلو معالجة العنصر الغائب عن جميع المحادثات السابقة وهو إجراء مباحثات مباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين الذين مثلتهم منظمة التحرير الفلسطينية، تمثلت أهمية هذه المباحثات في التوصل إلى اعتراف نهائي متبادل بين "إسرائيل" ومنظمة التحرير الفلسطينية.

جرت المفاوضات في سرية تامة تحت رعاية النرويج ووُقِّع الاتفاق الذي توصل إليه الطرفان في البيت الأبيض يوم 13 سبتمبر/أيلول 1993 بحضور الرئيس الأمريكي، بيل كلينتون. وتصافح كل من الزعيم الفلسطيني، ياسر عرفات، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، إسحاق رابين.

نص اتفاق أوسلو على انسحاب القوات الإسرائيلية على مراحل من الضفة الغربية وغزة وإنشاء "سلطة حكم ذاتي فلسطينية مؤقتة" لمرحلة انتقالية تستغرق خمس سنوات على أن تُتوج بتسوية دائمة بناء على القرار رقم 242 والقرار رقم 338.

وتحدث الاتفاق عن وضع "حدّ لعقود من المواجهة والنزاع" وعلى اعتراف كل جانب "بالحقوق الشرعية والسياسية المتبادلة" للجانب الآخر، لكن بالرغم من أن النص على إقامة دولة فلسطينية لم يرد في نص الاتفاق بوضوح، فإن المعنى الضمني يعني إنشاء دولة فلسطينية في المستقبل إلى جانب إسرائيل.

كان ثمة تبادل للرسائل بين ياسر عرفات الذي ذكر أن "منظمة التحرير الفلسطينية تعترف بحق "إسرائيل" في الوجود بسلام وأمن في حين قال إسحاق رابين "قررت حكومة إسرائيل الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية بصفتها ممثل الشعب الفلسطيني".

لم تقبل حركة حماس ومجموعات الرفض الأخرى اتفاق أوسلو وبدأت في شن عمليات انتحارية ضد الإسرائيليين، كما عارضت المجموعات التي يقودها المستوطنون داخل إسرائيل اتفاق أوسلو. نُفذ اتفاق أوسلو بشكل جزئي فقط.

اتفاقية غزة أريحا 1994

شكّلت اتفاقية أوسلو أرضية مناسبة لاستكمال المفاوضات، ليُطلق على الاتفاق التنفيذي لأوسلو الذي وقعه الفلسطينيون والإسرائيليون في 4 مايو/أيار 1994 اتفاقية غزة أريحا (عرف أيضاً باسم اتفاق القاهرة) وتضمن الخطوة الأولى لانسحاب إسرائيل من غزة وأريحا وتشكيل السلطة الفلسطينية وأجهزتها اسم اتفاق غزة أريحا، سبق توقيع هذا الاتفاق إجراءات لبناء الثقة تمثلت في ثلاث اتفاقيات وقعت بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني: إحداها خاصة بالمعابر وأمن الطرق والثانية حول ترتيبات الأمن في الخليل والثالثة بروتوكول للتعاون الاقتصادي، وأتبع الاتفاق باتفاقين تنفيذيين:الأول اقتصادي (يوليو/تموز) ينظم العمالة الفلسطينية والعلاقات المالية والاقتصادية بين الطرفين، والآخر اتفاق تمهيدي لنقل الصلاحيات المدنية في الضفة (آب/أغسطس)، واشتمل على تعريفات خاصة بنقل السلطة وإجراءاتها في مجالات الصحة والتعليم والثقافة وغيرها. 

اتفاق وادي عربة 1994

في العام نفسه، بدأ الأردن يشعر بالتهديد من المسار التفاوضي الفلسطيني الإسرائيل لاسيّما فكرة "الأردن الوطن البديل للفلسطينيين" كما يصرّ على طرحها بعض الإسرائيليين، نجح الإسرائيلي في جرّ الجانب الأردني إلى عملية السلام التي وجد فيها الملك حسين حماية لكيانه بضمانة دولية.

الاتفاقية الموقّعة في 26 أكتوبر/تشرين الأول 1994 بين المملكة الأردنية الهاشمية والكيان الإسرائيلي، شملت عدة مواد أهم ما فيها أنها ترسي مبادئ عامة من الاعتراف والاحترام المتبادل والتعاون الاقتصادي وتبين الحدود وترتيبات أمنية ضد اختراق الحدود، والإرهاب، والمياه، وإقامة علاقات طبيعية، وأحالت قضية اللاجئين إلى اللجنة متعددة الأطراف، واعترفت للأردن بدوره الخاص في رعاية الأماكن المقدسة في القدس، رغم أن الجانب الفلسطيني لم يكن طرفاً في هذه الاتفاقية، إلا أنها أثّرت بشكل واضح على المسار التفاوضي بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، وعزّزت الأوراق الإسرائيلية على طاولة المفاوضات.

اتفاقية طابا أو أوسلو الثانية 1995

توالت حلقات التفاوض فصولاً، ليتمّ التوقيع في 28 سبتمبر/أيلول 1995في واشنطن على اتفاقية جديدة جاءت نتاجاً للمباحثات التي شهدتها مدينة طابا المصرية.

قبيل الاتفاقية، ارتكب جنود ومستوطنو الاحتلال الإسرائيلي جرائم بشعة ضد الفلسطينيين، وخاصة في الضفة الغربية، أشهرها مذبحة الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل جنوبي الضفة، والتي نفذها المستوطن المتطرف اليهودي باروخ غولدشتاين، كذلك جرى اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين على يد مستوطن يهودي اسمه إيغال عامير.

وعرف هذا الاتفاق باتفاق المرحلة الثانية من انسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية،  قسّم الاتفاق المناطق الفلسطينية إلى (أ) و(ب) و(ج) تحدّد مناطق حكم السلطة الفلسطينية والمناطق الخاضعة لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي وغير ذلك، ويقضي الاتفاق بانسحاب الاحتلال من ست مدن فلسطينية رئيسية و400 قرية في بداية عام 1996، وانتخاب 82 عضواً للمجلس التشريعي، والإفراج عن معتقلين في السجون الإسرائيلية.

وتضمن تأكيداً على ما سبق في الاتفاقات السابقة، وعلى الترتيبات الأمنية والمعابر، وجعل للخليل ترتيبات خاصة لحماية 400 مستوطن يهودي، وكان من المفترض أن يكون اتفاق طابا أو (أوسلو 2) هو المرحلة الثانية التي ستتلوها مفاوضات الوضع النهائي، ولكن ذلك لم يحدث حتى اليوم.

اتفاق واي ريفر الأول 1998

ويدعى اتفاق واي بلانتيشن، وقد حدث عدد من المتغيرات قبل هذا الاتفاق إذ اغتالت إسرائيل يحيى عياش يوم 5 يناير/كانون الثاني 1996 فردت حماس بعدة قنابل بشرية عنيفة في إسرائيل، فعقد على أثرها قمة صانعي السلام في شرم الشيخ لمحاربة الإرهاب في 13 مارس/آذار من العام نفسه، وعقد اتفاق مكمل لاتفاق سابق حول الخليل والوجود الدولي المؤقت فيها يوم 9 مايو/أيار 1996. ولكن تجمدت العملية السلمية باستلام بنيامين نتنياهو الحكم في إسرائيل يوم الأول من يونيو/حزيران 1996 ثم استؤنفت باتفاق بروتوكول حول إعادة الانتشار في الخليل يوم 17 يناير/كانون الثاني 1997.

مهد لهذا الاتفاق باجتماع رئاسي في 15 أكتوبر/تشرين الأول 1998 ضم الرئيس عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون في منتجع واي ريفر.

وفي 26 أكتوبر/تشرين الأول تم التوقيع على الاتفاق الذي نصّ على مبدأ الأرض مقابل الأمن أن تقوم السلطة الفلسطينية بتكثيف حملتها ضد "العنف وتنفذ "إسرائيل" مرحلة جديدة من إعادة الانتشار في 13% من الضفة الغربية على أن تتم إعادة الانتشار على ثلاث مراحل: أولاً - المرحلة الأولى والثانية:

وتشمل إجراءات تسهيل تطبيق الاتفاق الانتقالي بشأن الضفة الغربية وقطاع غزة الموقع في الثامن والعشرين من سبتمبر/ أيلول 1995 واتفاقات أخرى ذات صلة بينها خاصة تلك المتعلقة بعمليات إعادة انتشار إضافية وبقضايا الأمن.

اتفاق واي ريفر الثاني 1999

وقعه مع السلطة الفلسطينية رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك على الأساس نفسه الذي عقدت عليه "اتفاقية واي ريفر الأولى".

فقد وقع الطرفان بشرم الشيخ بمصر في يوم 4 سبتمبر/أيلول 1999 اتفاقية سميت "واي ريفر الثانية"، وفي هذه الاتفاقية تم تعديل وتوضيح بعض نقاط "واي ريفر الأولى" مثل إعادة الانتشار وإطلاق السجناء والممر الآمن وميناء غزة والترتيبات الأمنية وغير ذلك.

ورغم الجدية الأمريكية التي كانت بادية آنذاك لإنجاز الحل، فكل ما تحقق في اتفاق واي ريفر لم يتعدَ الاتفاق على تسليم السلطة الفلسطينية ١٣% من أراضي الضفة، وهو القرار الذي لم ينفذ إلا على مراحل في ولاية رئيس الوزراء الإسرائيلي باراك، وسعى كلينتون من جديد في يوليو ٢٠٠٠ إلى عقد محادثات جديدة بين الطرفين عرفت بمحادثات كامب ديفيد.

كامب ديفيد 2000

جولة أخرى من المفاوضات شهدتها قمّة كامب ديفيد، بُذلت محاولات عديدة لتسريع الانسحاب وإقامة سلطة الحكم الذاتي كما نص على ذلك اتفاق أوسلو (بما في ذلك في اتفاقية طابا في عام 1995، اتفاقية وادي ريفير في عام 1998 واتفاقية شرم الشيخ في عام 1999). ثم سعى الرئيس كلينتون إلى معالجة ملفات الوضع النهائي بما في ذلك مشكلة الحدود ووضع القدس واللاجئين التي لم تشملها اتفاقية أوسلو وتركتها ريثما تتم مفاوضات مستقبلية بين الطرفين.

جرت المفاوضات في يوليو/تموز بين رئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود باراك، وزعيم منظمة التحرير الفلسطينية، ياسر عرفات، لكنها لم تنته إلى اتفاق معين بالرغم من أنها تناولت قضايا تفصيلية أكثر من قبل، تمثلت المشكلة الأساسية في أن أقصى ما يمكن أن تقدمه إسرائيل يقل عن الحد الأدنى الذي يمكن أن يقبل به الفلسطينيون، باءت القمّة بالفشل في إيجاد حل سلمي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، دامت القمة لمدة أسبوعين دون نتيجة، وقام الإعلام الغربي بعدها بتحميل كل المسؤولية على الرئيس ياسر عرفات لرفضه الاقتراحات الإسرائيلية والأمريكية خصوصاً بعد اندلاع الانتفاضة الثانية بعد هذه القمة بأشهر، وفي إعلام دولة الاحتلال يسمى هذا  "العرض السخي" الذي رفضه الفلسطينيون ويكثر ذكرها كثيراً على أنها دليل لرفض الفلسطينيين لسلام دائم.

وكان  العرض المقدم من الكيان الإسرائيلي وأمريكا، يتضمن: موافقة إسرائيلية على إقامة الدولة الفلسطينية على حوالي 94 % من مساحة الضفة (عدا القدس) إضافة إلى كامل قطاع غزة بشرط ألّا تتمتع هذه الدولة بجيش يمتلك أسلحة ثقيلة، وأن يسمح لقوات الاحتلال الإسرائيلي بالوجود في أراضي وأجواء هذه الدولة، إضافة إلى بقاء الدولة مقطّعة الأوصال، فيتم فصل الضفة عن غزة، وتقسيم الضفة إلى "كانتونين" كبيرين، مع ربط بعض المناطق بممرات آمنة وطرق التفافية تقع تحت السيطرة الفلسطينية، دون انتزاع السيادة الإسرائيلية عنها.

وفيما يتعلق بقضية اللاجئين الفلسطينيين، فيتم حل هذه القضية بتوطين هؤلاء اللاجئين بالبلاد التي يقيمون فيها مع تعويضهم وإعادة جزء بسيط منهم، من دون اعتراف دولة الاحتلال بأي مسؤولية قانونية أو مدنية لتشريدهم، وعلى ألّا يتجاوز عددهم 100 ألف فقط، إضافة إلى السماح للدولة الفلسطينية بإعادة نصف مليون منهم وفق برنامج زمني محدود.

كما يتم إقامة صندوق دولي لتعويض اللاجئين يساهم فيه الكيان الصهيوني وأمريكا وأوروبا، شريطة أن يتضمن تعويض اليهود الذين خرجوا من أماكن سكناهم في الدول العربية بعد قيام الدولة العبرية على أرض فلسطين عام 1948.

وكان من أهم ما أفشل التوصل لاتفاق، المقترحات المتعلقة بالقدس، حيث اشترطت تقسيم مدينة القدس وضم أغلبها إلى سيادة إسرائيل باستثناء بعض الأراضي و "البقع" تحت السيادة الفلسطينية، وضم المسجد الأقصى (في القدس القديمة في القدس الشرقية) إلى السيادة الإسرائيلية.

طابا 2001

رفض كلينتون الاستسلام في مواجهة هذه الصعوبات رغم أنه كان على وشك مغادرة البيت الأبيض، وفي هذا السياق، قدّم "اقتراحاً لردم الهوة" بين الطرفين، حيث أطلق محادثات إضافية في واشنطن والقاهرة ثم في طابا لاحقاً (مصر).

في منتجع طابا عقد الوفدان الفلسطيني والإسرائيلي جولة ماراثونية من المفاوضات استمرت أسبوعاً كاملاً، عقدوا خلاله سلسلة طويلة من المباحثات الثنائية، ومنذ البداية، وقبل دخول الطرفين في صلب المواضيع المطروحة على جدول الأعمال، تعمد الوفد الإسرائيلي، وبخاصة رئيسه شلومو بن عامي، إشاعة أجواء متفائلة جداً، في حينه، تعامل بعض أعضاء الوفد الفلسطيني مع تصريحات "بن عامي" المتفائلة على أنها تعبير عن رغبة في التوصل إلى اتفاق، وآخرون قدروا أنها استمرار في الدعاية الإعلامية لكنها موجهة هذه المرة بالأساس إلى الناخب الإسرائيلي المحبذ الوصول إلى السلام مع الفلسطينيين بأسرع وقت ممكن.

وأظهرت مناقشات الجولة الأولى في طابا، ومفاوضات أخرى سرية جرت في قناة موازية، أن ما طرحه الرئيس كلينتون في قمة كامب ديفيد بشأن الدولة والأرض واللاجئين والاستيطان والحدود كان موافق عليه إسرائيلياً، ووافق الجانب الإسرائيلي في طابا، حسب رواية أعضاء الوفد الفلسطيني، على الانطلاق في بحث موضوع الأرض من حدود 1967، وأبدى استعداده للانسحاب من نسبة تصل إلى أكثر من 97% من الأراضي الفلسطينية التي احتلت في العام 1967، وضمنها منطقة الغور بالكامل وضمنها شريط البحر الميت، لاحقاً اتضح أن التفاؤل الإسرائيلي كان عرضاً إعلامياً، وأكدت المفاوضات أن أطروحة كلينتون باراك في مفاوضات كامب ديفيد كانت أقل من اتفاق، وما طرح في محادثات طابا يوفر الحد الأدنى المطلوب لتوصل الطرفين إلى اتفاق.

فشلت مفاوضات طابا نظراً لوجود "ثغرات كبيرة" بين إسرائيل والفلسطينيين، وعلى وجه الخصوص، كانت قضايا اللاجئين والقدس أبعد ما يكون عن التوصل إلى القرار كعهدها السابق.

خطة السلام السعودية 2002

في أعقاب فشل المحادثات الثنائية بين الطرفين واستئناف النزاع، قدم السعوديون خطة سلام في القمة العربية التي انعقدت ببيروت في مارس/آذار 2002، تقوم المبادرة السعودية على نهج متعدد الجوانب وأكدت على أن العالم العربي أجمع تحدوه رغبة في وضع حد لهذا النزاع.

تنص مبادرة السلام العربية على ضرورة انسحاب إسرائيل إلى حدود عام 67 والسماح بإقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة وإيجاد "حل عادل" لقضية اللاجئين.

وفي المقابل، تعترف الدول العربية بحق إسرائيل في الوجود. وأعادت قمة عربية أخرى عقدت في الرياض في 2007 التأكيد على مبادرة السلام السعودية.

وتكمن قوة هذه المبادرة في الدعم الذي حظيت به مسألة إقامة دولتين في المنطقة في حين تتمثل نقطة ضعفها في أن الطرفين يتوجب عليهما التفاوض على القضايا ذاتها التي فشلا في حلها إلى حد الآن.

خارطة الطريق 2003

فشلت كل الخطوات الأمريكية السابقة، لتضع اللجنة الرباعية التي تضم أمريكا وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة خارطة طريق، لم تضع الخطة تفاصيل بشأن تسوية نهائية للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني لكنها تقترح الطرق الكفيلة بحل المشكلة وكيفية مقاربتها، وتركز هذه الخارطة على نقاط من بينها: إقامة دولتين إسرائيلية وفلسطينية، وعلى أن تتم التسوية النهائية بحلول عام 2005، وهو ما لم يقع.

قبل خارطة الطريق، صدر بيان مهم في يونيو/حزيران 2002 عن الرئيس الأمريكي آنذاك، جورج دابليو بوش، والذي أصبح أول رئيس أمريكي يدعو إلى إقامة دولة فلسطينية، اقترح البيان جدولاً زمنياً متدرجاً يقوم على إقامة الأمن قبل التوصل إلى تسوية نهائية.

المرحلة أ: يصدر الجانبان بيانات تدعم الحل القائم على دولتين. وفي المقابل، ينهي الفلسطينيون العنف ويتصدون "لكل أولئك المنخرطين في الإرهاب"، ويتولون إعداد دستور، وتنظيم انتخابات على أن يوقف الإسرائيليون النشاطات الاستيطانية ويمارسوا ضبط النفس خلال تنفيذ العمليات العسكرية.

المرحلة ب: إنشاء الدولة الفلسطينية "ذات الحدود المؤقتة" في مؤتمر دولي.

المرحلة ج: مباحثات بشأن الاتفاقيات النهائية.

لم تُطبق خارطة الطريق، دعا الجدول الزمني الخاص بها إلى ضرورة التوصل إلى اتفاقات نهائية في عام 2005، وبالرغم من أن الأحداث المتلاحقة غطت على خارطة الطريق، فإنها تظل نقطة مرجعية للمفاوضات.

اتفاق جنيف 2003

لم تنجح خارطة الطرق، وبالرغم من انهيار المحادثات الرسمية بين الطرفين، فإنهما توصلا بطريقة غير رسمية إلى اتفاق بينهما في ديسمبر/كانون الأول وتحديداً بين شخصيتين قياديتين إسرائيلية وفلسطينية وهما يوسي بيلين، أحد مهندسي اتفاق أوسلو، عن الجانب الإسرائيلي ووزير الإعلام الفلسطيني السابق، ياسر عبد ربه، عن الجانب الفلسطيني.

أهم تقدم في الموضوع هو تنازل الفلسطينيين عن "حق العودة" في مقابل الحصول على معظم أجزاء الضفة الغربية ولو أن الاتفاق نص على إمكانية عودة قلة تمثيلية منهم إلى منازلهم، تتنازل إسرائيل عن بعض المستوطنات الرئيسية مثل أرييل لكنها تحتفظ بأخرى بالقرب من منطقة الحدود على أن يقترن ذلك بتبادل الأراضي بحيث تمنح إسرائيل الفلسطينيين أراضٍ في داخل إسرائيل مقابل احتفاظها بأخرى في الضفة الغربية، وكذلك، نص الاتفاق على منح الفلسطينيين حق إقامة عاصمة دولتهم المرتقبة في القدس الشرقية على أن يحتفظ الإسرائيليون بالسيادة على الحائط الغربي من المدينة القديمة.

وتوصل الجانبان إلى اتفاق غير رسمي بحيث مثل إسرائيل الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الداخلي (الشين بيت) عامي أيالون وفلسطين نائب سابق في القدس عن منظمة التحرير الفلسطينية، ساري نسيبة، نص الاتفاق على العودة إلى حدود 67 وجعل القدس مدينة مفتوحة وتخلي الفلسطينيين عن حق العودة إلى منازلهم القديمة.

أنابوليس 2007

لم تنجح مساعي الرئيس الأمريكي جورج بوش في ولايته الأولى، ليعقد بوش في الولاية الثانية من رئاسته مؤتمراً في القاعدة البحرية أنابوليس بماريلاند في محاولة لاستئناف عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

شارك رئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود أولمرت، ورئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس في المحادثات، إلى جانب مسؤولين من اللجنة الرباعية وممثلين عن بلدان عربية عديدة منها السعودية، وسوريا، حماس التي فازت حينها بالانتخابات البرلمانية وسيطرت على قطاع غزة، لم تُدع إلى المشاركة في مؤتمر أنابوليس. وأعلنت بالتالي أنها ليست ملزمة بأي اتفاق يتم التوصل إليه.

وصدر عن المؤتمر بيان مشترك بين القادة الإسرائيليين والفلسطينيين دعا إلى الانخراط في المفاوضات يكون هدفها التوصل إلى اتفاق سلام كامل بحلول نهاية 2008. واتفق الطرفان على أن تطبيق بنود السلام ينبغي أن تسبقه إجراءات بناء الثقة المنصوص عليها في خارطة الطريق، وجرت اجتماعات منتظمة بين أولمرت وعباس والتي قيل إنها حققت تقدماً جيداً بخصوص قضايا الحدود لكنها توقفت فجأة عندما بدأ الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة في أواخر 2008.

وآنذاك اعترف كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات بفشل 18 عاماً من المفاوضات، مؤكداً أن الرئيس محمود عباس توصل إلى قناعة باستحالة إقامة دولة فلسطينية في عهد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو.

عهد أوباما

فشل بيل كلينتون وجورج بوش في الولايات الأربع السابقة، ليأتي الدور على الرئيس الجديد باراك أوباما الذي قدّم نفسه كرجل سلام، بدأ الرئيس الأمريكي باراك أوباما ولايته الرئاسية الأولى بحماس شديد للعملية السلمية في الشرق الأوسط، فكان أول نشاط ذي طابع دبلوماسي يقوم به إثر تسلم منصبه هو تعيينه جورج ميتشل مبعوثاً خاصاً لهذه المفاوضات دون تحقيق تقدّم ملموس.

وفي ولايته الثانية أسند إدارة الملف إلى وزير الخارجية نفسه جون كيري لكنه -رغم جولاته المكوكية الدؤوبة- لم يحقق أفضل من سلفه، عشرات الجولات أجراها مبعوث أوباما إلى تل أبيب والقدس المحتلّة دون التوصل إلى أي نتيجة تذكر، ليلقي الرئيس أوباما في 29 يناير/كانون الثاني 2010 باللوم على ما أسماها سياسات داخلية في كل من إسرائيل والأراضي الفلسطينية في تقييد دبلوماسية السلام، داعياً الجانبين إلى تقديم تنازلات لاستئناف مفاوضات السلام، وبينما رفض في الوقت ذاته إدانة الممارسات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني واصفاً إسرائيل بأنها أقوى حلفاء واشنطن، أشار إلى "ضرورة التنبّه إلى محنة الفلسطينيين". في 2 أيلول/ سبتمبر من العام نفسه يتم استئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية المباشرة في مقر وزارة الخارجية الأمريكية بواشنطن، بعد توقفها إثر العدوان الإسرائيلي الدموي على قطاع غزة أواخر عام 2008. ونتنياهو يستبقها بقوله إنه يؤيد إنشاء دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة لكن "بشرط أن تكون منزوعة السلاح"،وفي حين بدأت في 14 سبتمبر/أيلول جلسة التفاوض المباشرة في منتجع شرم الشيخ المصري بلقاء ثلاثي جمع عباس ونتنياهو وهيلاري كلينتون، استضافت القدس الغربية في 15 سبتمبر/أيلول مفاوضات المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين التي انطلقت جولتها الثانية في منتجع شرم الشيخ المصري دون أن يتوصل الطرفان لحل خلافاتهما بشأن النشاط الاستيطاني، يتوالى الأخذ والرد والتعنت الإسرائيلي في وقف الاستيطان، ليقدّم مبعوث أوباما الخاص بمفاوضات السلام في الشرق الأوسط جورج ميتشل  13 مايو/أيار2011 استقالته.

يصرّ أوباما بعد الفوز بولاية ثانية على استكمال المسار التفاوضي بطاقم جديد يديره وزير الخارجيّة جون كيري، لينجح الأخير بعد جولات مكوكيّة في حث المفاوضين الفلسطينيين والإسرائيليين في - 29 يوليو/تموز على استئناف المفاوضات في واشنطن -برعاية أمريكية- المفاوضات المباشرة المتوقفة بينهما منذ عام 2010 على أن تستمر تسعة أشهر، في 14 يناير/كانون الثاني 2014، يشن وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون هجوماً لاذعاً على كيري منتقداً خطته للسلام التي قدمها في جولته الأخيرة بالمنطقة قائلاً إنها "لا تساوي الورق الذي كتبت عليه"، وذلك أثناء محادثات مغلقة جرت بين مسؤولين إسرائيليين وأمريكيين، مؤكداً أنه "لا توجد مفاوضات مع الفلسطينيين، لأن الجانب الإسرائيلي هو الذي قام بتقديم شيء بينما لم يقدم الفلسطينيون شيئاً"، وواشنطن تستنكر تصريحات يعالون.

في 1 مايو/أيار 2014، يدعو كيري إلى "وقفة لتقييم المفاوضات" الفلسطينية الإسرائيلية بعد فشل مساعيه في التوصل إلى اتفاق سلام بنهاية أبريل/نيسان 2014، واعتبر أن المفاوضات حققت منذ استئنافها قبل تسعة أشهر "تقدماً لا يمكن التراجع عنه، ولهذا السبب أعتقد أن أفضل ما يمكن فعله الآن هو أن نتوقف ونلقي نظرة واقعية على هذه الأمور، ونبحث ما هو ممكن وما هو غير ممكن في الأيام القادمة"، في 4 مايو/أيار2015، يقول الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر-في مقابلة مع صحيفتيْ فايننشال تايمز البريطانية وفرانكفورتر تسايتونغ الألمانية- إن مفاوضات السلام الإسرائيلية الفلسطينية "قضية ميتة"، لأن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو غير مستعد لقبول قيام دولة فلسطينية، وأكد أن "نفوذ أمريكا في القدس ورام الله في أدنى مستوياته الآن"، انتهت حقبة أوباما كسلفيه كلينتون وبوش دون تحقيق الفلسطينيين أيّ مكاسب من المفاوضات، في ظل مواصلة الكيان الإسرائيلي عمليات الاستيطان.

صفقة القرن

وصل الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض في ظل الحديث عن عملية إعادة إحياء لعملية السلام، بدأ الحديث عما يسمى بصفقة القرن، إلا أن الرئيس ترامب من خلال نقل سفارته إلى القدس نسف أي بريق أمل للفريق الفلسطيني المفاوض، لم يعرض ترامب برنامجه كمجموعة محددة أو اقتراح مكتوب، لكن تم تحديد الخصائص والمكونات الأساسية لخطته من خلال تصريحات المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين والفلسطينيين وغيرهم، وأطلق عليها "صفقة القرن"، وتتضمّن: "إسرائيل" كوطن للشعب اليهودي-الاعتراف بالقدس (أو الأورشليم) كعاصمة لـ"إسرائيل"-تشكيل فلسطين مقطّعة ذات سيادة وأرض محدودتين وعاصمتها "أبو ديس"-الدولة الفلسطينية ذات السيادة المحدودة ونزع سلاح الفلسطينيين-الحفاظ على المستوطنات التي بناها الكيان الإسرائيلي بطريقة غير شرعية وإضفاء الشرعية عليها- لا حقّ عودة للاجئين-الضغط على الفلسطينيين وتهجيرهم إلى سيناء والأردن. ما يقدّمه ترامب لم يكن وليد الساعة، بل نتيجة طبيعية للمسار الذي بدأ في كامب ديفيد 1978، ولاحقاً مدريد1991، فهل هذا ما كان يريده الرئيس الراحل ياسر عرفات من المفاوضات؟

خاتمة

اليوم، اليوم وبعد مرور قرن كامل من الصراع و70 عاماً من قيام الدولة العبرية على أرض فلسطين المحتلة وعقدين ونصف من التفاوض، يبدو جلياً أن مؤتمرات السلام لم تأت بسلام، وحلم الدولة الفلسطينية تاه من مدريد انتهاءً بصفقة القرن، المتأمل بتجربة أكثر من ربع عقد من التفاوض يخلص إلى حقيقة واحدة هي عقم الخيار السلمي مع الكيان الإسرائيلي، مقابل جدوى الخيار العسكري، كما حصل في لبنان، لم تحقّق المفاوضات أي مكاسب للشعب الفلسطيني، بل هناك جملة من المكاسب التي يدّعي البعض أنها نتيجة المسار التفاوضي، هي في الحقيقة ترجمة لخيار المقاومة على طاولة المفاوضات، أيضاً، أثبتت واشنطن التي احتكرت عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين منذ أكثر من 20 عاماً فشلها في إدارة المفاوضات، اليوم، تترسّخ القناعة لدى الشعب الفلسطيني، ومن خلفه الشعوب العربية، أن المقاومة هي الخيار الوحيد وأن المفاوضات مضيعة وقت، والوقت في مصلحة الإسرائيليين.

قراءة 1847 مرة