الثورة الإسلامية، عوامل إنتصارها وأرکانها و معطياتها

قيم هذا المقال
(2 صوت)

تمهید

إنَّ تاريخ كلّ اُمة، هو ذاكرتها، التي يعتمد عليها أبناؤها،وهذا التاريخ لا يصوغه إلا العظماء الذين وقفوا حياتهم لخدمة مجتمعاتهم ونهضتها، ولذا كان التعرّف على سيرة هؤلاء العظماء ضرورياً لاستلهام الدروس والعبر منها، ولاسيّما في المراحل المفصلية من حياة الاُمم والشعوب، والتاريخ الإسلامي حافل بتلك النماذج والاُسوة ، و في مقدَّمتهم الرسول الأعظم (ص) والمعصومون الأطهار (ع) وأصحابهم الأخيار والعلماء الأفذاذ والشهداء الأبرار، والقائمة تطول، حتى عصرنا الراهن، الذي يتألق فيه إسم مفجِّر الثورة الإسلامية ورائد صحوتها ومؤسس جمهوريتها الإمام الخميني(ره) الذي استطاع أن يقود ثورة تحمل لواء الإسلام الأصيل ليدكّ بها حصون الاستكبار العالمي، وليسقط نظاماً فاسداً ديکتاتورين عميلاً للغرب.

إنَّ الرجال الربانيين أمثال الإمام الخميني(ره) وخليفته الإمام الخامنئي (دام ظله) من أولئك الصفوة الذين تجلَّت في روحهما خصال أوليائه فلم يحنيا رأسهما لعاصفة التحديات ولم يخشيا أحداً إلا الله، وقد تجسَّدت في شخصيتهما الإسلام المحمدي الأصيل([1])، فهم القادة الحقيقيون الذين يقاومون زيف الاعوجاج وزيغ الباطل ويصنعون صروح المجد بوعي الحكمة، فيصبحون كواكب في سماء المعالي، فيضيئون الزمان والمكان بجوهرة الحق والعدالة، ويؤمون البشرية نحو خالق الكون.

لقد کان الإمام الخميني(ره) أکبر شخصيةعلمية،سياسية، جهادية وإجتماعية في عصرنا الحاضر حيث استطاع ان يعرِّف الإسلام المحمدي الأصيل للعالم الإسلامي ويطبِّقه في المجتمع الإيراني،وبحق إنّه(ره) أعطى للأمة الإسلامية درساً بأنَّ  التمسك بتعاليم الإسلام الحنيف هو سلاح الاُمة الذي لا يستطيع أي سلاح أن يقهره، حيث تمكَّن به أن يؤسس نظاماً إسلامياً نموذجياً.

وبعد فقدان الإمام (ره) جاء دورتلميذه الوفي بمبادئه الإمام الخامنئي (دام ظله)، إستمراراً لنفس الخط الذي رسمه الإمام(ره) وبفكره السليم ونهجه القويم، وبقيادة حكيمة أيقظ ضمير الاُمة، وأعاد للثورة الإسلامية شعاعها المنير فبقيت قناديل الثورة مشتعلة وازدات إنارة وضياءً في العالم.

إنَّ الاُمة الإسلامية في عصرنا الحاضر، بحاجة ماسَّة  أكثر من أي وقت مضى إلى دراسة سيرة هذين الشخصيتين لتستلهم منهما روح الجهاد في سبيل الله، وتقتدي بهما لتستکمل صحوتها الإسلامية و ثوراتها ضد الظلم والطغيان والإستکبار.

ومن هذا المنطلق وعلی ضوء تلك الأهداف والقيم التي تمثَّلت بهذين القائدين إخترنا قبسات من تاريخ الثورة الإسلامية لمبارکة النيَّرة والمنيرة لطريق السائرين علی خط المقاومة ضد الظلم والعدوان لنعرضها بثوب جديد للاُمة الإسلامية لتنتفع بها في مختلف معارك الحياة (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَ لا بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَليمٍ ) ([2]).

وفي الختام نسأل المولى القدير أن يتقبل منَّا هذا الجهد المتواضع،خدمة للثورة الإسلامية المبارکة وقادتها، ويوصل ثوابه إلى روح الإمام الراحل (ره) وأرواح جميع من مات أواستشهد علی نهجه، إنَّه سميع قريب مجيب، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وصلَّى الله على نبيه محمد وآله الطاهرين وصحبه المنتجبين.

(وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ.... )([3])

موقع رواق الحجاج

 

الإمام الخميني(ره) والثورة الإسلامية

لاشک ان الحديث عن الثورة الإسلامية لا ينک عن الحديث عن شخصية الإمام الخميني(ره)  وفهو مقرون به  وقد إبتدأ الإمام الخميني(ره) جهاده ضد الظلم والإستبداد النظام الملکي البهلوي في عنفوان شبابه، وواصله طوال فترة الدراسة بأساليب مختلفة، ولاسيَّما مقارعته للمفاسد الاجتماعية والانحرافات الفكرية والأخلاقية، ففي عام 1943م، ومن خلال تأليفه ونشره لكتاب (كشف الأسرار) قام سماحته بفضح جرائم فترة العشرين عاماً من حكومة رضا شاه وتصدى الرد على شبهات المنحرفين دفاعاً عن الإسلام وعلماء الدين، كما أثار في كتابه هذا فكرة الحكومة الإسلامية، وضرورة النهوض لإقامتها.

وانطلق الإمام(ره) في نضاله العلني ضد الشاه عام 1962م، وذلك حينما وقف بقوة ضد لائحة (مجالس الأقاليم والمدن)، والتي كان محورها محاربة الإسلام، فالمصادقة على هذه اللائحة من قِبل الحكومة آنذاك كانت تعني حذف الإسلام كشرط في المرشحين والناخبين، وكذلك إقرار اليمين الدستورية بالكتاب السماوي بدلاً من (القرآن المجيد)، بيد أنّ سماحته هبّ لمعارضة هذه اللائحة، ودعا المراجع والحوزات العلمية وأبناء الشعب للنهوض دون هذه المبادرات المشئومة، وعلى إثر برقيات التهديد التي بعثها إلى رئيس الوزراء وقتئذ، وخطاباته التي فضحت الحكومة، وبياناته القاصمة، وتأييد المراجع لمواقفه، انطلقت المسيرات الشعبية الحاشدة في كلٍّ من مدينة (قم) و(طهران) وسائر المدن الأخرى، مما اضطُرت السلطة إلى إلغاء اللائحة والتراجع عن مواقفها.

ودفعت مواصلة السلطة لارتكاب إحدى حماقاتها التي تمثّلت في مهاجمة الحوزة العلمية (المدرسة الفيضية) بمدينة (قم) في الحادي والعشرين من آذار عام 1963م، وما هي إلاّ فترة وجيزة حتى انتشر خطاب وبيانات الإمام الخميني (ره) حول هذه الفاجعة في مختلف أنحاء إيران، وفي عصر العاشر من محرّم الحرام عام 1383 للهجرة (3/6/1963م) فضح سماحته عبر خطاب حماسي غاضب، العلاقات السرّية القائمة بين سلطة الشاه و(إسرائيل) ومصالحهما المشتركة، وفي الساعة الثالثة من بعد منتصف ليل اليوم التالي، حاصرت القوات الحكومية الخاصة بيت الإمام(ره)، وتم اعتقاله وإرساله مكبّلاً إلى (طهران). وانتشر خبر الاعتقال بسرعة خاطفة في مختلف أنحاء إيران وبمجرّد أن سمعت الجماهير نبأ اعتقال الإمام(ره) نزلت إلى الشوارع منذ الساعات الأولى لفجر الخامس من حزيران 1963م، وراحت تعبّر عن استنكارها لعمل الحكومة في تظاهرات حاشدة، أعظمها تظاهرة قم المقدسة، التي شهدت أكبر هذه الاستنكارات، والتي هاجمتها قوات النظام بالأسلحة الثقيلة، وكان نتيجتها سقوط العديد من المتظاهرين مضرّجين بدمائهم.

ومع إعلان سلطة الشاه الأحكام العرفية في (طهران)، اشتد قمع تظاهرات أبناء الشعب في تلك الأيام، حيث قتلت وجرحت قوات الحكومة العسكرية الآلاف من أبناء الشعب الأبرياء. وكانت مذبحة الخامس من حزيران 1963م بدرجة من القسوة والوحشية تناقلت أخبارها وسائل الإعلام العالمية والمحلية.

وأخيراً، ونتيجة لضغط الرأي العام واستنكار العلماء وأبناء الشعب في داخل البلاد وخارجها، اضطرت الحكومة الشاهنشاهية إلى إطلاق سراح الإمام بعد عشرة أشهر تقريباً.لکن الإمام(ره) استمر يواصل جهاده عبر خطاباته الفاضحة للنظام، وبياناته المثيرة للوعي، وفي هذه الأثناء، صدرت مصادقة الحكومة على لائحة (الحصانة القضائية) التي تنص على منح المستشارين العسكريين والسياسيين الأمريكيين الحصانة القضائية، فأثار غضب قائد الثورة وسخطه. فما أن اطلع الإمام الخميني (ره) على هذه الخيانة؛ حتى بدأ بتحركاته الواسعة، وقام بإرسال مبعوثيه إلى مختلف أنحاء إيران، وهو يعلن لأبناء الشعب عن عزمه على إلقاء خطاب في العشرين من جمادى الآخرة عام 1383هـ.  وفعلاً لقد ألقى الإمام خطابه الشهير في اليوم المحدَّد، دون أن يعبأ بتهديد النظام ووعيده، فانتقد لائحة الحصانة القضائية، وفي بيانه بشدة على الرئيس الأمريكي وقتئذ.وإذا بمرتزقة نظام الشاه مرة اُخرى حاصرت بيت الإمام في مدينة قم، وذلك في طليعة يوم الثالث من تشرين الثاني عام 1964م،وبعد اعتقاله ، سيق مباشرة إلى مطار (مهر آباد) بطهران، ومن هناك تمَّ نفيه أوَّلاً إلى مدينة (أنقرة عاصمةتركيا)، ومن ثمَّ إلى مدينة (بورساي) التركية، وقامت قوات الأمن الإيراني والتركي المكلّفة بمراقبة الإمام(ره) بمنعه من ممارسة أي نشاط سياسي أو اجتماعي.

 

الإمام الخميني(ره) في المنفی

إستغرقت إقامة الإمام الخميني (ره) في منفاه  بتركيا أحد عشر شهراً، وخلال هذه الفترة، عمل نظام الشاه بقسوة لم يسبق لها مثيل على تصفية بقايا المقاومة في إيران، وقد منحت الإقامة الجبرية في تركيا للإمام فرصة اغتنمها في تدوين كتابه الفقهي (تحرير الوسيلة)، حيث تطرّق فيه لأول مرة آنذاك إلى الأحكام المتعلقة بالجهاد، والدفاع، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمسائل المعاصرة.

وفي يوم 5/10/1965م نُقل الإمام(ره) برفقة ابنه السيد مصطفى(ره)، من تركيا إلى منفاه الثاني بالعراق، ليقيم في مدينة (النجف الأشرف)، ومن منفاه في (النجف) كان الإمام(ره)، إضافة إلى انشغاله بتدريس الفقه لمرحلة (البحث الخارج) وعرضه للمبادئ النظرية للحكومة الإِسلامية، التي عنونت بمبحث (ولاية الفقيه)، كان يتابع بدقة الأحداث السياسية التي تشهدها إيران والعالم الإسلامي، رغم كل الصعوبات الموجودة، وكان حريصاً على إيجاد قنوات الاتصال مع الثوريين في إيران، ومع عوائل شهداء انتفاضة الخامس من حزيران، والسجناء السياسيين بشتى السبل، وقد وفّر وجود الإمام(ره) في العراق الفرصة لأن يكون على اتصال مباشر بالمؤمنين والطلبة المسلمين الموجودين خارج البلاد بنحو أفضل من السابق، وكان لذلك دور كبير في نشر أفكاره وأهداف النهضة على المستوى العالمي، فأثناء اعتداءات الكيان الصهيوني والحروب العربية الإسرائيلية، بذل الإمام (ره) جهوداً كبيرة في الدفاع عن نهضة المسلمين الفلسطينيين ودول خط المواجهة، من خلال اللقاءات المتعددة التي كان يجريها مع زعماء الفصائل الفلسطينية المناضلة، وقيامه بإرسال المبعوثين إلى لبنان، وإصدار فتواه التاريخية المهمة التي اعتبرت تقديم الدعم العسكري والاقتصادي لثورة الشعب الفلسطيني والبلدان التي تتعرض للاعتداءات الصهيونية، واجباً شرعياً، وكان ذلك من جملة النشاطات التي تصدر ولأول مرة من أحد مراجع الشيعة الكبار.

وفي الوقت الذي كان الشاه يعيش ذروة جبروته وقمَّتها، وكان يحضّر للاحتفال بمرور ألفين وخمسمائة عام على تأسيس الإمبراطورية الشاهنشاهية، وكان منهمكاً في إيجاد نظام الحزب الواحد في البلاد، حزب (رستاخيز) كانت خطابات الإمام(ره) ونداءاته تشحذ الهمم وتبعث الأمل في مثل هذه الظروف، وتزيد من عزم المناضلين ومقاومتهم، الذين كانوا يتعرضون في غياهب السجون إلى أشد أنواع التعذيب الوحشي على أيدي أفراد (السافاك).

 

ذروة أحداث الثورة الإسلامية

في تاريخ23/10/1977م إستشهدآية الله السيد مصطفى الخميني النجل الأكبر للإمام (ره)  علی يد أزلام نظام الشاه، وكانت مراسم العزاء التي أقيمت في إيران، بمثابة نقطة الانطلاق لانتفاضة الحوزات العلمية ثانية، وانتفاض المجتمع الإيراني المؤمن، وقد وصف الإمام الراحل (ره) هذا الحادث المؤلم بأنَّه من الألطاف الإلهية الخفية.وفي غضون ذلك، بادر نظام الشاه إلى الانتقام من الإمام والشعب، بنشره مقالاً في إحدى الصحف اليومية الرسمية للبلاد، يسيء إلى الإمام الخميني (ره)،فأثار المقال استنكاراً واسعاً بين صفوف أبناء
الشعب، وقاد إلى اندلاع انتفاضة التاسع عشر من شهر دى (1356هـ. ش = 9/1/1978م) في مدينة (قم)، والتي قُتل فيها العديد من طلاب العلوم الدينية، وععمّت مختلف أنحاء البلاد في فترة قياسية، في كلٍّ من مدينة (تبـريز) و(يزد) و(جهرم) و(شيراز) و(أصفهان) و(طهران). وطوال هذه الفترة، كانت نداءات الإمام (ره) المتتالية، وأشرطة التسجيل المتضمنة لخطاباته ، التي كان يدعو الناس فيها إلى الثبات والاستقامة ومواصلة النضال والثورة حتى انهيار أركان السلطة وتشكيل الحكومة الإسلامية، كانت تسجَّل وتوزَّع على مساحة واسعة من إيران من قِبل أنصار الإمام وأتباعه.

وفي اللقاء الذي جمع وزيرَي خارجية إيران والعراق في نيويورك، قرر الطرفان إخراج الإمام (ره) من العراق، وفي 24/9/1978م حاصرت القوات البعثية منزل الإمام في (النجف الأشرف)، وأبلغت الإمام بأنّ دوام إقامته في العراق مشروط بإيقاف نشاطاته السياسية، والتخلي عن النضال. وأصرّ الإمام على مواقفه، ولم يركن للضغوطات البعثية، مما دفعه إلى ترك (النجف الأشرف) في 24/10/1978م، بعد ثلاثة عشر عاماً من النفي، متوجهاً إلى الكويت، إلاّ أنّ الحكومة الكويتية - وبطلب من نظام الشاه - منعت الإمام (ره) من دخول أراضيها، وبعد أن تشاور الإمام مع ابنه المرحوم حجة الإسلام والمسلمين السيد أحمد الخميني (ره) قرّر الهجرة إلى باريس.

وصل سماحته باريس في 26/ 10/ 1978م، وفي اليوم التالي انتقل للإقامة في منزل أحد الإيرانيين
بـ (نوفل لوشاتو) من ضواحي باريس. وفي غضون ذلك، قام مبعوث قصر (الإليزيه) بإبلاغ الإمام طلب الرئيس الفرنسي (جيسكار ديستان)، بضرورة اجتناب أي نوع من النشاط السياسي، فكان رد الإمام حازماً، إذ صرّح بأنّ هذا النوع من المضايقات يتعارض مع ادعاءات الديمقراطية، وأنَّه لن يتخلى عن أهدافه حتَّى ولو اضطره ذلك إلى التنقل من مطار إلى آخر ومن بلد إلى آخر. فاستمر الإمام(ره) بنشاطه السياسي من نوفل لوشاتو فترة الأربعة أشهر من إقامته فيها، وأضحت حوارات الإمام ولقاءاته المختلفة مع حشود الزوار الذين كانوا يتدفقون على (نوفل لوشاتو) من مختلف أنحاء العالم، سبباً في أن يتعرف العالم أكثر فأكثر على أفكار الإمام وآرائه بشأن الحكومة الإسلامية والأهداف القادمة للثورة.

 

عودة الإمام إلی الوطن وإنتصار الثورة الإسلامية

 أعلن الإمام الخميني(ره) قائد الثورة الإسلامية للشعب من باريس عن تشكيل مجلس قيادة الثورة وتعيين أعضائه، وقرّر الشاه بدوره الخروج من البلاد في تاريخ 16/1/1979م، تحت ذريعة المرض والحاجة إلى الراحة، ولقد أثار خبر فرار الشاه من البلاد، موجة من البهجة والسرور بين صفوف أبناء الشعب، وزاد من عزيمتهم على مواصلة النضال حتى إسقاط النظام، كما أوجد قرار الإمام في عودته إلى الوطن موجةً من الفرح والأمل في قلوب أبناء الشعب، ممَّا قاد أعداء الثورة إلى ارتكاب حماقات ذليلة، حيث قام نظام الشاه بزعامة وزيره بختيارـ وبعد التشاور والتنسيق مع الحكومة الأميركية ـ بإغلاق مطارات البلاد بوجه الرحلات الخارجية. وتدفقت حشود أبناء الشعب إلى العاصمة الإيرانية (طهران) من شتى أنحاء البلاد، لتلتحق بالتظاهرات المليونية التي قام بها أبناء مدينة (طهران)، والتي كانت تطالب بفتح المطارات لقدوم الإمام ،وانصاع نظام الشاه لمطالب الشعب، واضطربختيارلفتح مطار (مهر آباد) بطهران، ووصل قائد الثورة الإسلامية إلى أرض الوطن في الأول من شباط عام 1979م، بعد أربعة عشر عاماً من النفي،وكان استقبال الشعب الإيراني المنقطع النظير للإمام الخميني (ره) بدرجة من العظمة أجبرت وكالات الأنباء الغربية على الاعتراف به، حتى أنّ بعضها قدّرت عدد المستقبلين ما بين أربعة ملايين إلى ستة ملايين شخص فنزل الإمام من الطائرة وتوجه مباشرة مع الحشود الكبيرة من الشعب إلى مراقد الشهداء في بهشت زهراء (جنة الزهراء). وأعلن في نفس اليوم وفي كلمته الأولى في أرض الوطن عن تشكيل الحكومة المؤقتة، رغم وجود حكومة الشاه، والتي ما زالت تمارس مهامها، وفي 5/2/1979م، وبتعيين رئيس الوزراء، كُلّفت الحكومة المؤقتة بالتحضير لإجراء الاستفتاء العام وإقامة الانتخابات.

وفي الثامن من شباط 1979م، بايع عناصر القوة الجوية الإمام الخميني (ره) في محل إقامته في المدرسة العلوية بطهران. وفي التاسع من شباط، وحيث عزمت قوات الحرس الشاهنشاهي الخاص إلى قمع انتفاضة منتسبي أهم قاعدة جوية بطهران، أخذ أبناء الشعب ينزلون إلى الشوارع لحماية القوات الثورية، وفي العاشر من شباط عام 1979م، راحت مراكز الشرطة والمؤسسات الحكومية تسقط الواحدة تلو الأخرى بأيدي أبناء الشعب.

ولكي يتسنى لحكومة الشاه تنفيذ الانقلاب العسكري الذي تمَّ التخطيط له بمساعدة المستشارين الأميركيين المقيمين بطهران، أصدر الحاكم العسكري لطهران بياناً أعلن فيه عن زيادة عدد ساعات منع التجوال ابتداءاً من الساعة الرابعة عصراً.

وفي غضون ذلك، كان ردّ فعل الإمام(ره) أن دعا أبناء مدينة (طهران)، خلال بيان أصدره، للنزول إلى الشوارع وإحباط المؤامرة الوشيكة الوقوع، وإلغاء الأحكام العرفية عملياً. ونزلت الجموع، من النساء والرجال الصغار والكبار، إلى الشوارع وراحت تقيم الخنادق، وما أن أخذت تتحرك أُولى دبابات الشاه وحاملات الجنود من معسكراتها، حتى بادر أبناء الشعب إلى إيقافها وتعطيل عملها، وبذلك تمَّ القضاء على آخر القوات التابعة لنظام الشاه.

وفي فجر الحادي عشر من شباط 1979م (22/ بهمن/ 1357هـ. ش)، أشرقت أرض إيران بانتصار الثورة الإسلامية المباركة.

 

تشكيل الحكومة الإسلامية ومكتسباتها

لم يمضِ سوى شهرين على انتصار الثورة، حتى أعلن الشعب الإيراني، في واحدة من أكثر الاستفتاءات حريةً في تاريخ إيران، عن تأييده بنسبة 98.2 بالمئة لإقامة نظام الجمهورية الإسلامية في إيران، وتلت ذلك الانتخابات السياسية تدوين الدستور والمصادقة عليه، وإقامة انتخابات الدورة الأولى لمجلس الشورى الإسلامي.كما استطاع الإمام الخميني (ره) في السنوات التي أعقبت انتصار الثورة الإسلامية، رغم المؤامرات المتلاحقة لأعداء الإسلام، وفي مقدّمتهم أميركا،  استطاع الإمام عبر توجيهاته وقراراته، بتشكيل المؤسسات الثورية والمراكز الحيوية، کجهاد البناء  و(لجنة الإمام الخميني للإغاثة) و(مؤسسة 15 خرداد) و(مؤسسة الإسكان) و(مؤسسة الشهيد) و(مؤسسة المستضعفين) ومؤسسة (نهضة محو الأمية) و... التي شملت بخدماتها أقصى نقاط إيران وأكثر القرى والأرياف المحرومة، هي من جملة الإنجازات التي تحققت في حياة الإمام الراحل (ره). كما أنّ تشكيل كلٍّ من (لجان الثورة الإسلامية) و(قوات حرس الثورة الإسلامية)، وإعادة تنظيم (جيش الجمهورية الإسلامية في إيران)، ودور هذه الكيانات في المحافظة على الأمن، وردّ العدوان ، وإحباط مؤامرات الأعداء، تعدّ من الإنجازات الكبيرة والباهرة للثورة الإسلامية.

ومن جملة الأمور التي تحققت بتأكيد الإمام الخميني (ره)  ومتابعته لها شخصياً، التحول الذي شهدته الحوزات العلمية الدينية، وإعادة النظر في مناهج المدارس والجامعات،  وإنشاء الجامعات ومراكز التعليم العالي في المناطق المحرومة.

وفي تاريخ 23/9/1980م بدأ الجيش العراقي، بإيحاء من الحكومة الأميركية ودعم القوى الكبرى، عدوانه العسكري الواسع على امتداد 1289 كم من الحدود الإيرانية العراقية، بيد أنّ ما يثير الإعجاب ويبعث على التأمل إلى حد كبير، ردود الفعل الأولية التي صدرت عن الإمام الراحل (ره)، التي عكستها بياناته وخطاباته التي تطرّقت إلى اعتداء الجيش العراقي من أبعاد مختلفة ووجوب مقاومة الشعب الإيراني ودفاعه عن الإسلام والثورة الإسلامية، ولا يتّسع  - للأسف - المجال هنا للحديث عن دقائقها وخصوصياتها. وجاء بيان الإمام (ره)، الذي عُرف ببيان قبول القرار 598 (20 تموز 1988م) ليجسّد حكمة الإمام وقيادته الفذة بأبهى صورة، إذ تطرّق إلى نتائج الحرب المفروضة وأبعادها بصراحة ووضوح، وحدّد الخطوط العامة لمستقبل النظام والثورة الإسلامية في مختلف المجالات. وهكذا إنتهت حرب الثمانية سنوات دون أن يظفر مشعلو فتيلها في تحقيق أي واحد من أهدافهم، ومرة أخرى يبرهن الشعب الإيراني النبيل في ظل قيادة الإمام الحكيمة، على حقّانيّته وسلامة مسيرته، وأن يجعل أمنية تجزئة إيران الإسلامية وهزيمتها حسرة في قلوب أعدائها، وما أن استتبّ السلام نسبياً، حتى أصدر الإمام بياناً في تاريخ 3/10/1988م في تسعة بنود، حدّد فيها لمسؤولي الجمهورية الإسلامية النهج الذي ينبغي أتّباعه في مسيرة إعادة بناء البلاد وإعمارها.

ومن المواقف المهمة الأخرى التي صدرت عن الإمام الخميني (ره) في الأشهر الأخيرة من عمره المبارك، والتي تستحق التأمل، الرسالة التي بعثها إلى (غورباتشوف)، آخر رؤساء الاتحاد السوفيتي السابق، ففي هذه الرسالة التي بعث بها في 1/1/1989م أشار الإمام، ضمن تحليله للتحولات التي شهدها الاتحاد السوفيتي، إلى عجز النظام الماركسي الإلحادي عن إدارة المجتمع، وأعلن بأنّ مشكلة الاتحاد السوفيتي الأساسية تكمن في عدم إيمان قادته بالله.

وبعد عشرة أعوام من تجربة نظام الجمهورية الإسلامية في إيران، بعث الإمام الراحل (ره) بتاريخ 24/4/1989م رسالة إلى رئيس الجمهورية وقتئذ (سماحة آية الله الخامنئي) أوكل فيها إلى لجنة من أصحاب الرأي والخبراء مسؤولية دراسة وتدوين التعديلات اللازمة في الدستور على أساس محاور حدّدها في الرسالة، منها عدم إشتراط المرجعية في قيادة الثورة ،وکل ذلك بدافع إصلاح وتكميل تشكيلات النظام الإسلامي وتعبيد الطريق أمام الشخص اللائق والأصلح لقيادة الثورة والحكومة الإسلامية من بعده.

إنّ مثل هذا القرار ونظائره يشير بوضوح إلى أي حدّ كان هاجس ترسيخ وتقوية أركان الحكومة الإسلامية يشغل فكر الإمام (ره)، وكيف أنه كان ينتهز كل فرصة ليمهّد الأرضية ويعبّد الطريق أمام تطبيق الأحكام الإسلامية واستمرار حكومة ولاية الفقيه وتعيين مصداقه الأصلح على أحسن وجه.

 

رحيل الإمام إلى الملكوت الأعلى

الإمام في أيامه الأخيرة

لقد كان الإمام (ره) في أيامه الأخيرة مثالاً للصبر على الشدائد والسكينة والطمأنينة في استقبال الموت، وذلك ما نتلمّسه من خلال ما قاله مقرّبون له ممن كانوا معه في تلك الأيام واللحظات الأخيرة من عمره  فهذا آية الله الخامنئي يقول : « لم يغفل الإمام وإلى آخر لحظة عن ذكر الله والدعاء والصلاة، وقد ذكر الحاج السيد أحمد أن الإمام بدأ يصلي منذ ضحى اليوم الأخير من حياته دون انقطاع ولم نكن نعرف أي صلاة يقيمها، لكنه سأل بعد فترة من الانشغال بالصلاة: «هل حان وقت صلاة الظهر؟» أجابوا: نعم، فأقام صلاتي الظهر والعصر.وكان يردد التسبيحات الأربعة: (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبـر) إلى أن أغمي عليه (الإغماء الأخير)([4]).

و يقول حجة الإسلام والمسلمين التوسلي : «نقل الإمام يوماً عن أستاذه العارف الجليل المرحوم الشاه آبادي، أن الشيطان يسعى لإغفال الإنسان عن ذكر الله عند الاحتضار بأن يستعرض له الأشياء التي يحبها، ولعل هذا الذي دفع الإمام لأن يأمر قبل ثلاثة أيام من وفاته بعدم إدخال حفيده علي بن السيد أحمد عليه، كان الإمام في حالة الذكر المستمر حتى إنَّه أفاق مرة وشفتاه المباركتان تتحركان، وعندما قرّب الطبيب أذنه منهما سمع الإمام يلهج بذكر (الله أكبـر)، وقد عرجت روحه من الدنيا وهو يذكر الله» ([5]).

 

السفر إلى المقر الأبدي

كان الإمام الخميني (ره) في أجواء شعبان أوائل حزيران سنة 1989م يجهز نفسه لملاقاة عزيز صرف كل عمره من أجل كسب رضاه، ولم يُحن قامته مقابل أي قوة إلا أمامه، أشعاره العرفانية تحكي جميعها عن ألم الفراق، وتبين العطش للحظة وصال المحبوب، والآن تصل هذه اللحظة العظيمة بالنسبة له، والمفجعة الشاقة لأتباعه، هو نفسه كتب في وصيته قائلاً: «بفؤادٍ هادئ، وقلب مطمئن، وروح سعيدة، وضمير آمل بفضل الله أستأذن من خدمة الأخوات، والأخوة لاُسافر إلى المقر الأبدي، ولي حاجةٌ مبـرمةٌ لدعائكم الخير، وأسأل الله الرحمن الرحيم أن يقبل عذري في القصور، والتقصير في الخدمة».

الساعة العاشرة والثلث من ليل يوم الثلاثاء(13 خرداد سنة 1368هـ.ش) = 4/ حزيران/ 1989م كانت لحظة الانتقال إلى العالم الآخر، وتوقف عن العمل قلبٌ أحيا ملايين القلوب بنور الله، والمعنويات، وقد صُوِّرت أيام مرض الإمام، والعملية الجراحية، ولحظة لقاء الحق بواسطة آلة تصوير خفية وضعت من قبل عشاق الإمام في المستشفى، وعندما بُثّت الصور عن حالات الإمام المعنوية، وهدوئه في تلك الأيام والساعات، أحدث ذلك ثورة في القلوب لا يمكن إدراكها إلا بالتواجد في ذلك المكان، الشفاه كانت دائماً تتحرك بذكر الله، في آخر ليلة من حياته، وبعد خضوعه لعدة عمليات جراحية صعبة وطويلة، في سن 87 سنة([6])، وفي حال أن عدة إبر مصل كانت موصولةً بيده؛ كان يصلي صلاة الليل، ويقرأ القرآن، في الساعات الأخيرة كان لديه طمأنينة، وهدوء ملكوتي، وكان يذكر دائماً الشهادة بوحدانية الله ورسالة النبي(ص)، وبهذه الحالة ارتفعت روحه إلى الملكوت الأعلى، وترك رحيله في القلوب حرقة لا تلتئم.

عندما انتشر خبر الرحيل، كأن زلزالاً عظيماً قد حدث،و تفجرت الأحزان، وبكت إيران كلها، لا بل بکی كل من عرف الإمام الخميني (ره) في العالم، وسمع كلامه،  لم يكن أي قلم، أو بيان قادراً على وصف آثار الحادثة.

للشعب الإيراني والمسلمين الثوريين الحق أن يحدثوا هذه الضجة، من البكاء والحزن فهم قد فقدوا شخصاً أعاد لهم عزتهم التي دِيسَتْ، وقطع أيدي الملوك الظلمة، والمستعمرين الأمريكيين، والغربيين عن أرضهم، وأحيا الإسلام، وأعطى المسلمين العزة، وأقام الجمهورية الإسلامية، ووقف صامداً بوجه جميع القوى الإستكبارية. ثم بعد ذلك كله قاوم مدة عشر سنوات في مواجهة مئات المؤامرات لقلب النظام والانقلابات، والاضطرابات، والفتن الداخلية، والخارجية.

وقاد ثماني سنوات من الدفاع وكان في الجبهة المقابلة له عدو مدعوم من قبل القوتين العظيمتين الشرقية لغربيةمن جميع النواحي، لقد فقد الناس قائدهم المحبوب، ومرجعهم الديني، والمنادي باسم الإسلام المحمدي الأصيل، فعرفوا عند ذلك المعنى الحقيقي للحديث المأثور:«إذا مَاتَ الْعَالِمُ ثُلِمَ فِي الْإِسْلَامِ ثُلْمَةٌ لَا يَسُدُّهَا شَيْ‏ءٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَة» ([7]).

 

الوداع الأخيرمع الإمام(ره)

في يوم، وليل الخامس عشر من خرداد سنة 68هـ، 5/ حزيران/ 1989م، اجتمع ملايين الأشخاص من أهل طهران، ومن المعزّين الذين جاؤوا من المدن، والقرى في مصلى طهران الكبير، ليودّعوا لآخر مرة الجسد المطهر لرجلٍ قامت بثورته عماد القيم والكرامة في عصر الظلم الأسود.

وكان صوت القرآن يسمع من جميع المساجد، والمراكز والإدارات والمنازل، وما أن حل الليل حتى أشعلت آلاف الشموع، على أرض المصلى الكبير لطهران، والتلال المحيطة.

وصل الناس الليل بالنهار إلى جانب جسد الإمام الطاهر، وفي أول ساعة من صباح السادس عشر من خرداد (السادس من حزيران) أقام ملايين الأشخاص الصلاة على جثمانه الطاهر بعيون دامعة بإمامة آية الله العظمى الگلبايگاني (ره).

إن ملحمة كثرة الجموع وعظمة وحماس وحضور الناس في يوم دخول الإمام إلى الوطن في 12 بهمن 1357هـ.ش (1 شباط 1979م)، تكرّرت بشكل أعظم في مراسم تشييع الإمام وهي تعتبر بحق من عجائب التاريخ.

وقد قدرت وسائل الإعلام الرسمية العالمية جموع المستقبلين سنة (1357هـ.ش، 1979م) بستة ملايين شخص، وجموع الحاضرين في مراسم التشييع بتسعة ملايين شخص.

 

الإرث الخالد للإمام الخميني (ره)

ينبغي على الأمة التي عاشت في ظل بركات ثورة الإمام(ره)، ونهلت من معين فكره، واكتسبت العزة بخطه، أن تتحمل إرثه المبارك وفاءً لهذه الشخصية الفريدة والنسمة المباركة من خلال مايلي:

أولاً- الوفاء لشخصه: من خلال وسائل عديدة أهمها تركيز البعد العاطفي في العلاقة بيننا وبين شخص الإمامبعد رحيله، ونجعل منه بهذا الرابط امتداداً حقيقياً للحسين (ع) وقضيته، فيبقى خالداً كجده
الحسين (ع) بفكره وعطائه وثورته.

ثانياً- الوفاء لخطّه ومدرسته: لقد تميّز خط الإمام (ره) بالأصالة الإسلامية، واستقاء الفكرة والمنهج، وتحديد الهدف والطريق، وغيرها من القرآن والسنة خالصاً من كل شائبة، غير متأثر بأي شيء آخر غيرها، وعلى الأسس والقواعد الشرعية في التعامل مع مصادر الشرع والفكر الإسلامي.

مدرسة الإمام كانت وما زالت مدرسة عملية وواقعية مع كل ما تطرحه من أهداف، وآمال كبيرة والاهتمام بهذا التراث، ودراسته ونشره والعمل به يعتبر من أكبر مصاديق الوفاء للإمام والاستمرار على نهجه، فينبغي على الملتزمين بفكره أن يحيوا هذا التراث بشتى السبل، ويحافظوا على شعارات خط الإمام حية فاعلة، ويجسدوا مبادئه القويمة في سلوكهم وممارساتهم، ويصرفوا الجهد الأكبر والطاقة العظمى في إطار هذا الأمر المهم.

ثالثاً- الوفاء لأعماله وإنجازاته:  نظام الجمهورية الإسلامية في إيران، يعتبر ثمرة دماء الشهداء، وتضحيات المجاهدين تحت ظلّ توجيهات الإمام الخميني (ره) وهو خلاصة وعصارة أعمال الإمام وإنجازاته. ووفاءً لروح الإمام (ره) ولدماء الشهداء الأبرار ينبغي العمل على الحفاظ على ذلك الانجاز العظيم بكل الوسائل الممكنة والمتاحة.

 

انتخاب خليفة الإمام(ره)

لقد كانت مسألة وجود خليفة للإمام (ره)يقود مسيرة الثورة إلى أهدافها المنشودة بكل أمانة وإخلاص من مصاديق بُعد النظر،والفكر الاستراتيجي الذي كان يتحلّى به الإمام
الخميني (ره)، فعمل على تخريج عدد كبير من الفقهاء والمفكرين من مدرسته، ليؤدوا رسالتهم ودورهم المبارك، وقد أثبتت الأيام أنهم بحق صمام أمان هذه الأمة، وروّاد طلائعها وحصون مبادئها، يشغل الواحد منهم مساحة كبيرة من وعي الأمة، ويحتضن شريحة واسعة من أبنائها، ومن أبرز هذه الفئة المباركة، سماحة آية الله السيد علي الخامنئي(دام ظله)

لقدحدد الدستور طريقة تشخيص ولي الفقيه والقائد واختياره، إذ أوكل هذا الأمر المهم إلى مجلس الخبراء، الذي ضمَّ أربعة وسبعين مجتهداً من أهل الخبرة آنذاک، فبعد يوم من رحيل الإمام وهو اليوم الرابع عشر من خرداد سنة 1368هـ. ش، 4 حزيران 1989م، اجتمع أعضاءمجلس الخبراء، وبعدماقرأ آية الله السيد علي الخامنئي(دام ظله) وصية الإمام الخميني (ره) التي طالت أكثر من ساعتين، بدأ البحث وتبادل الآراء لاختيار خليفة للإمام(ره)، وقائد للثورة الإسلامية، وبعد عدة ساعات اجتمعت كلمتهم بأغلبية ساحقة على تأييد سماحة آية الله الإمام الخامنئي(دام ظله) كفقيه ولي جدير لتولي مسئولية ولاية الفقيه بعد فقدان الإمام (ره)، وقيادة نظام الجمهورية الإسلامية،(رئيس الجمهورية في ذلك الوقت).  وقد أصدر مجلس الخبراء في ختام اجتماعه الطارئ بياناً تاريخياً مهماً هذا نصه:

بسم الله الرحمن الرحيم بعد تقديم مجلس الخبراء للتعازي برحيل إمام الأمة وقائد الجمهورية الإسلامية في إيران ومؤسسها، ومع الإدراك العميق لمسؤوليته التاريخية، وبالنظر للموقع الرفيع والحساس لمنصب القيادة في نظام الجمهورية الإسلامية في إيران، ومع الاهتمام البالغ الذي أولاه سماحة إمام الأمة ومؤسس الجمهورية الإسلامية في إيران (رضوان الله تعالى عليه) في نداءاته وبياناته المتكررة، وخاصة أوامره وإرشاداته بشأن القيادة، وبالنظر للأسس المتعلقة بالدستور، ومع الإحساس الكامل بمؤامرات الخناسين وأعداء الإسلام في الداخل والخارج تجاه مستقبل النظام الإسلامي المقدس، ومن أجل الاستعداد اللازم لمواجهة أية حادثة، وبالنظر للظروف الداخلية والخارجية، وباستلهام المضامين الربانية الرفيعة لوصية سماحة إمام الأمة الإلهية السياسية المهمة جداً، فإن مجلس الخبراء انتخب في اجتماعه الطارئ، المنعقد بتاريخ 14/3/68 هــ. ش سماحة آية الله السيد علي الخامنئي لقيادة نظام الجمهورية الإسلامية في إيران بأكثرية أربعة أخماس الأعضاء الحاضرين، 60 صوتاً مؤيداً من 74 عضواً حاضراً.

ويقول آية الله بني فضل عضو مجلس الخبراء وأحد كبار علماء قم: أن الأربعة عشر خبيراً الذين لم يُصوتوا لصالح آية الله العظمى الخامنئي، لم يكن لديهم أدنى تحفظ على قيادته، بل كانوا يعتقدون بأرجحية القيادة الجماعية والتي يكون آية الله العظمى الخامنئي على رأسها.

وبهذا الإنتخاب يئس أعداء الثورة والإستکبار العالمي الذين كانوا يعدون أنفسهم لزمان موت الإمام (ره).، ورحيل الإمام (ره) لم يكن نهاية طريقه. وحيث صرَّح الإمام الراحل(ره) بنفسه في وصيته: «وليعلموا أنه بذهاب خادم سوف لن يحصل خلل في السد الحديدي للشعب، فإنّ هناك خداماً أسمى وأفضل يخدمون الآن،.. »([8]).

 ولعلَّه أراد الإمام(ره) أن يشير إلی قوله تعالی:«ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها»([9]).وقد حدَّد الإمام(ره) معنی هذه الآية في رسالته التي أرسلها إلی آية الله السيد علي الخامنئي(دام ظله) وخاطبه بقوله: «إنني أعتبرك أحد الأركان القوية للجمهورية الإسلامية، وأخاً عالماً بالمسائل الفقهية وملتزماً بها وحامياً للمباني الفقهية المرتبطة بالولاية المطلقة للفقيه، ومن الأفراد النادرين من بين الأصدقاء الملتزمين بالإسلام والمباني الإسلامية، وكالشمس تسطع بالنور»، (21/1/66 هـ.ش).

 

الإمام الخامنئي(دام ظله).. استمرارٌ للمسيرة

لقدتصدى الإمام الخامنئي(دام ظله)  بانتخاب أهل الخبرة لمقام القيادة والولاية الشرعية، وأصبحت مهمة الدفاع عن الجمهورية الإسلامية منوطةً به، وموكولة إلى قيادته، وحكمته في إدارة الثورة والدولة والاُمة،وقد بدأ عصر الإمام الخميني (ره) بشكل أوسع مما سبق، حيث أثبت الإمام الخامنئي (دام ظله) بقيادته الحكيمة، وقدرته السياسية والإدارية، وبمنهجه الشامل، بقاء الإمام (ره) بشخصه وفكره وليس هذا بغريب فلقد كان(دام ظله) في طول مسيرته التلميذ الوفي لأستاذه عاملاً بآرائه مقتدياً بسيرته ناهجاً خطه، وقد عاهد ربَّه والأمة، بعد اختياره لتولي هذا المقام، على البقاء أميناً على هذه المبادئ، وليس هذا بغريب فلقد كان التلميذ الوفي لأستاذه ، عاملاً بآرائه مقتدياً بسيرته، وقد عاهد ربَّه والاُمة، بعد اختياره لتولي هذا المقام، على البقاء أميناً على هذه المبادئ، ومدافعاً عن الإرث الخالد للإمام الخميني (ره) وهو نظام الجمهورية الإسلامية.

ولقد تکلم سماحة الإمام الخامنئي (دام ظله)  بعد اختياره لقيادة الجمهورية الإسلامية قائلاً: «إنّ الخطوط الرئيسة للثورة هي تلك التي رسمها الإمام، أمّا الأعداء السذّج الطامعون ذوو القلوب العمياء والذين ظنّوا أنه برحيل الإمام، يبدأ عصر جديد بمعالم جديدة متميزة عن عصر الإمام الخميني(ره) فهم مخطئون. إنّ الإمام الخميني حقيقة حية دائماً، اسمه لواء هذه الثورة، وطريقه طريق هذه الثورة وأهدافه أهداف هذه الثورة».

ومن هذا المنطلق ينبغي على السائرين على خط الإمام (ره) أن يسخّروا جميع إمكانياتهم وقدراتهم، ويضعوها تحت تصرفه حتى يتمكن من النجاح في أداء مهمته الخطيرة، فإن الإيمان بولاية الفقيه يجعل من الائتمام بالقائد الإمام الخامنئي(دام ظله) واجباً على كل مسلم غيور.

 

ثورةالإمام (ره)واهدافها في كلام الإمام الخامنئي (مد ظله)

يصف الإمام الخامنئي أهداف الإمام الراحل من ثورته الإصلاحية الکبری قائلاً «الأهداف الكبرى التي عرضها الإمام الراحل  هي: مكافحة الاستكبار العالمي، والحفاظ على الاعتدال الأكيد على منهج »لا شرقية ولا غربية« والإصرار الكبير على الاستقلال الحقيقي والشامل للشعب - الاكتفاء الذاتي بالمعنى التام للكلمة - التشديد الأكيد واللامتناهي على حفظ المبادئ الدينية والشرعية والفقهية الإسلامية، وتحقيق الوحدة والتضامن، والاهتمام بالشعوب المسلمة والمظلومة في العالم، وإعزاز الإسلام والشعوب المسلمة وعدم الفزع من القوى العالمية الكبرى، وتوفير القسط والعدل في المجتمع الإسلامي، والدعم السخي الدائم للمستضعفين والمحرومين والطبقات الضعيفة من المجتمع وضرورة الاهتمام بها. كلنا كان شاهداً على أن الإمام واصل مسيرته في هذه الخطوط بكل إصرار وبلا أي تردد. وعلينا متابعة سبيله وأعماله الصالحة ومسيرته الدؤوبة»([10]).

ويقول الإمام الخامنئي في کلمة بمناسبة ذکری رحيل الإمام يلخِّص فيها کافة مشروع الإمام الإصلاحي فيقول:« يتلخص محور كافة المبادئ والقواعد في مشروع إمامنا الكبير في أمرين: الإسلام والشعب،و حتى الإيمان بالشعب استقاه إمامنا الكبير من الإسلام. الإسلام هو الذي يشدد على حق الشعوب وأهمية أصواتها وتأثير جهادها وتواجدها. لذلك جعل الإمام الجليل الإسلام والشعب محور مشروعه... جعل المحور عظمة الإسلام والشعب، واقتدار الإسلام، واقتدار الشعب، وصلابة الإسلام، وصلابة الجماهير»([11]).

 

عوامل انتصار الثورة الإسلامية

مرجعية الإمام الخميني (ره) وقيادته الحکيمة  

 لقد كانت مرجعية الإمام الخميني(ره) واعية لكل الأساليب والمخططات المشبوهة التي كان يمارسها الشاه وأزلامه الذين سخَّروا كل طاقاتهم لمحاربة الدين الإسلامي والحوزة العلمية وكبار مراجع الدين من خلال نشر المقالات الصحفية التي تسيء إلى الاُمة وقيمها، وقد كان يشاهد ثروات البلاد نهباً بيد الطامعين وأكثرية الشعب يرزح في ظلمات الأمية والبؤس في أحد أغنى بلاد العالم الإسلامي من مختلف أنواع الثروات، فکان للإمام (ره) الدور البارز والأصلي في إنتصار الثورة الإسلامية من خلال قيادته الفذة والحکيمة في توعية الناس، وحثهم على رفض الظلم، وإعلان صرخة الرفض العارم للطاغوت الشاهنشاهي البهلوي والإستکبار العالمي.

 واقتداءً بالإمام الخميني (ره)  لقد استطاعت الحوزة بعلمائها ورجالاتها الواعين من أمثال آية الله الشهيد مرتضى المطهري (ره) وآية الله الشهيد سيد محمد الحسيني البهشتي (ره) وآية الله المرحوم الطالقاني (ره) وآية الله السيد علي الخامنئي(دام ظله) وغيرهم الكثير من التأثير في مختلف الطبقات الاجتماعية وتشكيل اتحاد راسخ بين الواعين من أساتذة وطلاب الجامعات والعلماء وطلبة الحوزات الدينية.وکل ذلک کان ينبع ويستند إلی ولاية الفقيه المتمثلة والمتجسِّدة آنذاک بشخيصة الإمام الخميني (ره) ، تلك الولاية الحقيقة التي کانت أيضاً من أهِّم عوامل إنتصار الثورة الإسلامية والتي سنبحثها بإختصار فيما يلي :

 

ولاية الفقيه أو الحكومة الإسلامية

لقد اشتملت نهضة الإمام الراحل (ره) في أحد أبعادها الحضارية المهمة على عرض عام نظري وعملي لمشروع إسلامي ذي أسس شرعية عقلية ونقلية متينة فيما يرتبط بأحد أهم عوامل نجاح أي نهضة سواء في مرحلة الثورة أو في مرحلة إقامة الدولة أو في مرحلة الإصلاح الاجتماعي، وهو عامل توفر القيادة الكفوءة القادرة على الاستجابة لمتطلبات نهضة الأمة في جميع مراحلها. ويمثل هذا المشروع في عرضه العلمي الاستدلالي([12]) والعملي على ضوء مذهب الشيعة باعتباره يمثل أحد أبرز مصاديق تجسيد التمسك بعرى الإمامة والولاية الإلهية في عصر غيبة إمام العصر المهدي المنتظر (عج) كما أن الكيان الشيعي قد التزم عملياً طوال التاريخ في عصر الغيبة الصغرى والغيبة الكبرى ببعض مراتب ولاية الفقيه خاصة عبر النظام الديني، ورجوع الأمة- بدرجة أو بأخرى سعة وضيقاً- إلى رواة أحاديث أهل البيت (ع) وعلماء مدرستهم من نواب الإمام المهدي (عج) الخاصين في الغيبة الصغرى والعامين في الغيبة الكبرى، ولكن وعلى الرغم من ذلك فإن هذه النظرية لم تحظ بصبغة المشروع القيادي السياسي الشمولي لحركة نهضة الأمة وبصيغة إقامة الدولة الإسلامية الولائية إلا في ظل النهضة الخمينية وعلى نطاق واسع أدى إلى أن تفرض هذه النظرية نفسها كإحدى أبرز المشاريع الإسلامية لحل مشكلة القيادة ليس في نطاق الدائرة الشيعية فحسب بل وفي عموم الساحة الإسلامية.

وقد أثبتت ولاية الفقيه جدارتها في تفعيل دور الأمة وترشيده في مختلف مجالات النهضة ونشاطاتها وإدارة الصراع المفروض عليها بجدارة وتفوق، وحققت بذلك إنجازات تاريخية للأمة الإسلامية لا يستهان بها سواء في إطار الساحة الإيرانية أو عموم الساحة الإسلامية بل والعالمية أيضاً.والإمام (ره) الذي فجّر تلك الثورة وأقام ذلك النظام الإسلامي إنما استقطب الجماهير المليونية وعبّأ طاقاتها وصنع الملاحم البطوليّة ببركة تلك الأطروحة لاعتقاد الجماهير بأن ولاية الفقيه نابعة من صميم الإسلام المحمدي (ص).

وقد صرَّح محمد حسنين هيكل الصحفي المصري المعروفبأن : «ولاية الفقيه لغم زرعه الإمام أمير المؤمنين (ع) في القرن الأول الهجري وفجّره الإمام الخميني في نهاية القرن الرابع عشر». ولکن التعبير الأصح فإنَّ ولاية الفقيه  ليس لغماً وإنما منهج نور رباني وضعه الإمام علي (ع) وجسَّده حفيده الإمام الخميني (ره). فهذه الأطروحة ليست متقوّمة بشخص خاص كالإمام الخميني (ره) مثلاً وإنَّما ترتكز إلى المبادئ السامية ذات الحيويّة ، ولذلك رأينا استمرارية تلك الأطروحة بعد ارتحاله(ره) من دار الدنيا إلى الملكوت الأعلى، حيث تجسّدت بقيادة خليفته الصالح وليّ أمر المسلمين الإمام الخامنئي(دام ظله)، وهذا الواقع هو الذي أثار حفظية أعداء الإسلام فوجّههم إلى هذه الفكرة: بأنَّ الإطاحة بتلك الثورة العملاقة لا تتسنى لهم إلا من خلال إسقاط ولاية الفقيه من الاعتبار، وإنما يتحقق ذلك الهدف المشؤوم من خلال إلقاء الشّبه والشكوك إلى لواقح الفتن حول الاعتقاد بولاية الفقيه.

 

شروط الحاکم وصلاحياته عند الإمام الخميني(ره)

يقول الإمام الخميني(ره) في کتابه ولاية الفقيه أو الحکومة الإسلامية : «الشروط التي من الضروري توفرها في الحاكم نابعة مباشرة من طبيعة الحكومة الإسلامية فإنه ـ بصرف النظر عن الشروط العامة كالعقل وحسن التدبير ـ هناك شرطان مهمان هما:1 ـ العلم بالقانون. 2 ـ العدالة.»

فلا يعتبر الحاكم كفؤاً لو لم تكن له دراية بالقانون، لأنه لو لجأ إلى التقليد، ضعفت حكومته، وإن لم يقلد، كان غير قادر على تطبيق القانون الإسلامي. فمقولة «الفقهاء حُكّام على السلاطين» ([13]) هي من البديهيات.

فلو كان الملوك مسلمين حقاً، لوجب عليهم اتباع الفقهاء والإستفسار منهم عن القوانين والأحكام وتطبيقها. وفي هذه الحالة يكون الفقهاء هم الحكام الحقيقيون. لذا لابدّ من إناطة الحكم رسمياً للفقهاء لا إلى أولئك المضطرين لاتباعهم بسبب جهلهم بالقانون. ويجب على الحاكم أن يتمتع بكمال إعتقادي وأخلاقي وعدل وطهارة من الآثام. فلابدّ لمن يريد إقامة الحدود ـ أي تنفيذ قانون الإسلام الجزائي ـ وإدارة بيت المال ونفقات البلاد وأن يفوضه الله مسؤولية عباده، أن لا يكون من أصحاب المعاصي إذ (لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)(3) ([14]) وإن الله تبارك وتعالى لا يفوض مثل هذه الصلاحيات للجائر. فإذا لم يكن الحاكم عادلاً، فإنه لن يمارس العدالة في أداء حقوق المسلمين وجباية الضرائب وإنفاقها على النحو الصحيح وتنفيذ القانون الجزائي، وقد يسلّط شخص كهذا أعوانه وأنصاره وذويه على رقاب الناس ويتصرف ببيت مال المسلمين بموجب أهوائه وفي سبيل خصوصياته» (4) ([15])

وفي باب صلاحيات الحاکم العالم العادل يقول الإمام (ره) : «لو قام شخص كفؤ يمتلك هاتين الصفتين [العلم بالقانون والعدالة] وشكّل حكومة، فسوف تكون له نفس الولاية التي كانت للرسول الأكرم(صلّى الله عليه وآله وسلم) في أمر إدارة المجتمع، وتجب على جميع الناس طاعته. هذا التصور ـ وهو أن صلاحيات حكومة الرسول الأكرم(صلّى الله عليه وآله وسلم) كانت أكثر من الإمام علي(عليه السلام) وأن صلاحيات حكومة الإمام(عليه السلام) هي أكثر من تلك التي للفقيه ـ هو تصور باطل وفاسد. نعم، إن مما لا شك فيه أن فضائل الرسول الأكرم(صلّى الله عليه وآله وسلم) تفوق فضائل البشر أجمعين ويأتي من بعده الأمير(عليه السلام) بالفضيلة، إلا أن زيادة الفضائل المعنوية للمرء لا تزيد من صلاحيات حكومته. فنفس الولاية والصلاحيات التي كانت للرسول(صلّى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (صلوات الله عليهم) ... فعندما نقول بأن للفقيه العادل في عصر الغيبة نفس الولاية التي كانت للرسول الأكرم(صلّى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام)، يجب أن لا يتوهم أحد بأن للفقيه نفس منزلة الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام). لأن الكلام هنا ليس في المنزلة، بل في الوظيفة. فالولاية ـ بمعنى الحكومة وإدارة البلاد وتطبيق قوانين الشرع المقدس ـ هي مسؤولية ثقيلة ومهمة للغاية ([16]).

ويقول الإمام (ره) « وكنت معتقداً ومصرّاً منذ البداية بأن شرط المرجعية ليس ضرورياً، بل يكفي المجتهد العادل الذي ينال تأييد خبراء البلاد المحترمين. فعندما ينتخب الشعب الخبراء ليعيّنوا مجتهداً عادلاً لقيادة حكومتهم، وعندما يعيّن هؤلاء الخبراء شخصاً لتسلم زمام القيادة، فسوف ينال قبول الشعب [قهراً] وسيكون في هذه الحالة الولي المنتخب من قِبَل الشعب ويكون حكمه نافذاً» ([17]).

 

العلاقة الوثيقة بين الاُمة وإمامهم

لقد شاهد العالم - وبوضوح - مدى انصياع الشعب لقائده في النهضة، ولم تكن هذه الطاعة إلا نتاج عقيدة شعب مسلم يلتزم بهذا الدين وفق مبادئ مدرسة أهل البيت (ع) الفكرية، ومسألة التقليد والرجوع إلى الفقهاء العدول، باعتبارهم القادة للأمة، تعد من أبرز السمات المميزة لهذه المدرسة.

ولقد شاهدت الأمة الإسلامية من خلال سير أحداث الثورة الإسلامية - وليس الإيرانيون وحدهم - حكمة الإمام (ره) وقدرته الفائقة على الإمساك بزمام الأمور ولغته الصريحة الواضحة، وصلابة إيمانه وشجاعته، كل ذلك مع أعلى درجات التواضع والزهد في الدنيا وعدم الاعتناء بها، ولا يخفى إنّ طريقة حياة الإمام (ره)، وبساطة عيشه، ولكونها نابعة من معتقداته الدينية، بقيت ثابتةً لم تتغير في مختلف مراحل حياته، وطوال مسيرة جهاده السياسي الحافلة بالأحداث، وحتَّی النصر النهائي وتشکيل الحكومة الإسلامية، لقد دُهِش الصحفيون الأجانب ومراسلو وكالات الأنباء العالمية، الذين سُمح لهم بعد رحيل الإمام (ره) بزيارة محل إقامته ، دُهِشوا لمشاهدتهم البيت المتواضع، ووسائل المعيشة البسيطة. وإنّ ما رأَوه لا يمكن مقارنته بأي وجه مع نمط حياة رؤساء البلدان والزعماء السياسيين والدينيين في عصرنا الراهن، إن أسلوب حياته وبساطة معيشته يعيدان إلى الأذهان الصورة التي كانت عليها حياة الأنبياء (ع) والأولياء والصالحين.

 ومن المهمِّ جداً المحافظة على أمرين رئيسيين لإستمرارالثورة والحکومة الإسلامية وهما:

الأول: الإصرار على بقاء القيادة بيد المرجعية الدينية، أي أن المرجعية ومبدأ ولاية الفقيه هي الضمان الوحيد في سبيل الاستمرار في حاكمية الإسلام.

الثاني: المحافظة على العلاقة الوثيقة بين الأمة وقيادتها الدينية باعتبارها علاقة مقدسة ومصيرية، وهذا ينبع ويستمر فيما إذا أيقنت الأمة أن القيادة ملتزمة إلى أبعد الحدود بمصالح الشعب والمستضعفين.

ولقد عبّر الإمام الخميني (ره) ولمرات عديدة عن أحقية هذه الطبقة المستضعفة من الشعب بالثورة، بل وإن جل الدماء والتضحيات كانت من قبلهم، ولأجل إنقاذ الوطن وسعادة الشعوب.قال (ره): «إن الشعب هو الذي قاد النهضة وهو الذي يجب أن يكمل مسيرتها».

 

الثورة والاستلهام من دروس عاشوراء

لقد كان للثقافة العاشورائية أبلغ الأثر في تحريك الجماهير واستلهامها من مدرسة أبيّ عبد الله (ع) دروس الصبر والعزة والكرامة والثبات على المبادئ. لقد قرأ الشعب الإيراني هذه الثورة من سيرة الإمام المظلوم أبي عبد الله الحسين (ع) قراءة صحيحة جمعت بين الحب والعاطفة من جهة، وهو ما يعبر عنه بـ (العَبـرة)، وبين استلهام دروسها العظيمة في الوقوف بوجه الطغيان والفساد وهو ما يعبر عنه بـ (العِبـرة).

إن التجربة التاريخية والملحمة البطولية لسيد الشهداء (ع) علّمت الأمة أنها ستخسر كل شيء عند عدم الالتفاف حول القيادة الشرعية، وأنها لو سارت على النهج الحسيني سوف تربح إحدى الحسنيين، إمَّا النصر أو الشهادة. وقد استفاد الإمام (ره) في مختلف مراحل الثورة الدروس الكبيرة من السيرة الحسينية وثقافة عاشوراء، فإن انتفاضة الخامس من حزيران عام 1963م انطلقت وتفجرت بعد خطاب حماسي ألقاه سماحته عصر يوم عاشوراء.

واستمر الإمام (ره) يبين - بعد نجاح الثورة ولمرات عديدة - للأمة أهمية الالتزام بالنهج الحسيني وإحياء مجالس الإمام الحسين (ع) وضرورة الصبر وتحمل المشاق والتضحية تأسياً بالإمام الحسين (ع). قال (ره) في الحديث عن إحياء الشعائر الحسينية: «لا تغفلوا عن مراسم عزاء الأئمة الأطهار (ع) وبخاصة سيد المظلومين والشهداء مولانا أبي عبد الله الحسين صلوات الله الوافرة وصلوات الأنبياء وملائكة الله والصالحين على روحه الحماسية الكبيرة، واعلموا أن تعاليم الأئمة (ع) لإحياء هذه الملحمة التاريخية الإسلامية وما ينصب من لعن على ظالمي أهل البيت (ع) إنما هو بأجمعه يمثل صرخة الشعوب البطولية في وجه الحكّام الظلمة على مر التاريخ وإلى الأبد»([18]).

وقال : «كل ما عندنا هو من محرم وصفر».

 

أرکان الثورة الإسلامية ومعطياتها

1- الإلتزام بشعار اللاشرقية واللاغربية

لقد اعتمدت الثورة هذا الشعار كعنوان كبير لبيان هويتها ومنهجها الفكري والثوري النابع من أصول العقيدة الإسلامية والقرآن الكريم، قال تعالى:(وَلَن يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً)([19])
وقال تعالى: (وَلاَ تَرْكَنُوَاْ إِلَى الّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسّكُمُ النّارُ)([20]). ولذلك اعتمد واضعوا الدستور للجمهورية الإسلامية في إيران والساسة الذين تحمّلوا أعباء الحكم وقيادة الدولة على هذا الشعار وحولوه إلى قاعدة متينة وأصل ثابت من أصول السياسة للجمهورية الإسلامية. ويمکن بيان أبعاد هذا الشعار وآثاره العملية علی ضوء خطابات الإمام في النقاط التالية:

الأول: إن هذا الشعار لا يعني أبداً الانزواء وقطع العلاقات الاقتصادية والثقافية مع مختلف البلدان، قال (ره): «نحن لا نريد قطع العلاقات مع الدول الأجنبية، بل إنهاء التبعية لها».

الثاني: عدم السماح للدول الأجنبية - ومهما كانت كبيرة وقوية - من التدخل في الشؤون والمصالح الإيرانية سواء ما يتعلق بالسياسة الخارجية أو صيغة الحكم أو الاقتصاد أو أي أمر آخر، قال (ره):«عندما يقول شبابنا لا شرقية ولا غربية يعني لا يحق لأحد التدخل في شؤون إيران وهذا موقف مشروع وحق».

الثالث: لقد طرح (مؤتمر باندونغ) عند تأسيس حركة عدم الانحياز ومن خلال البيان التأسيسي ميثاقاً جاء فيه: «سياسة حركة عدم الانحياز، هي سياسة مستقلة عن الغرب والشرق وداعمة لحركات التحرر، وبعيدة عن التبعية والتحالفات العسكرية الشرقية والغربية»، ولكن أغلب الدول التي شاركت - حتى في تأسيس هذه الحركة وإعلان ولادتها - بقيت بعيدة كل البعد عما جاء في وثيقة التأسيس، وعنوان هذه الحركة وروحها.وبقيت أغلب دول عدم الانحياز تابعاً إما بصورة كاملة أو جزئية لهيمنة أحد القطبين الحاكمين على السياسة في العالم.

لقد بيّن الإمام الخميني (ره) أنّ شعار «لا شرقية ولا غربية» هو الإطار الوحيد والأصيل الذي يمكن للدول والحكومات الاستناد إليه، قال (ره):«إن شعار لا شرقية ولا غربية، هو الشعار المبدئي للثورة الإسلامية في عالم الجياع والبؤساء، وهو الإطار الصحيح والواقعي لسياسة عدم الانحياز».

الرابع: إن هذا الشعار يمثل قانوناً ثابتاً ومنهجاً أصيلاً لا يمكن التنازل أو التخلي عنه، قال (ره):«يجب أن لا يتصوّر البعض بأن هذا الشعار مرحلي، بل هو سياسة إستراتيجية لشعبنا وجمهوريتنا الإسلامية ولجميع مسلمي العالم....». وقال أيضاً:«ديمومة وبقاء الجمهورية الإسلامية في إيران مرهون بتمسكها بسياسة لا شرقية ولا غربية، وإنّ أيّ تراجع عن هذه السياسة يعتبر خيانة بحق الإسلام والمسلمين، وإساءة لعزة وكرامة شعبنا البطل، ومساساً باستقلال البلاد»([21]).

 

2- تبني الإسلام المحمدي الأصيل([22])

عندما استند الشعب الإيراني المسلم على الحوزة وعلمائها والجامعة وطلبتها وأساتذتها في أصول ثورته منذ بدايتها، وفي مختلف مراحلها حتى ذروة الانتصار ـ وهو ما أطلق عليه بعد الانتصار بـ (الوحدة بين الحوزة العلمية والجامعة) ـ فهذا يعني بكل وضوح أنها ثورة تستند إلى فكر رصين وثقافة مبدئية متجذّرة في أعماق نفوس الثائرين من الطبقات المفكرة المثقفة.

ولم يكن الإسلام الذي طرحه الإمام الخميني (ره) والسائرون معه من كبار الفقهاء والمفكرين إسلاماً متخلفاً يفسر النصوص بما يسيء إلى الدين ويفقده القدرة على مواكبة الزمان ومتطلبات العصر وحاجات المجتمع، أو هو إسلاماً (التقاطياً) يلوّح بالعناوين ويستبطن مناهج مستوردة من المدارس الفكرية المادية أو الماركسية أو غيرها كما قامت به بعض الحركات المنحرفة التي عملت في الساحة الإيرانية.

لقد طرح الإمام الخميني (ره) وبقوة مسألة الاستناد في إعادة بناء الدولة ومؤسساتها الثقافية إلى متبنيات الفقهاء ومناهجهم العلمية الاستدلالية التي يطرحونها في دروسهم على طلاب الحوزات العلمية، وأعلن بكل وضوح أن الدولة الإسلامية أبوابها مفتوحة لكل علم نافع ومفيد يحترم البشرية ويحقق طموحاتها في الرخاء والسعادة، ونفى بذلك - عملياً - ما كان يروّج له الشاه وأبواقه من اتهام للنهضة وإمامها بأنَّهم رجعيون .

قال الإمام الخميني (ره): «هل كان العلماء ورجال الدين يوماً ما يخالفون التحضر والتقدم العلمي؟ ففي أي مجال من هذا القبيل قاموا بالمخالفة؟ هل أردتم بناء المدارس وخالفكم العلماء؟ هل أردتم استيراد معمل وعارضوكم؟ هل عزمتم على اختراع مركبة فضائية تحلقون بها في الفضاء لدراسة الأجرام السماوية ومنعكم علماء الدين من ذلك؟»([23]).

إنّ الإسلام المشوّه والمحرَّف يسيء إلى الاُمة وتطلعاتها، والإسلام المحمدي الأصيل الذي طرحه الإمام (ره) هو الضامن الوحيد لحفظ الجمهورية وسلامة مسيرتها، کما أراد الإمام (ره) بالمقابل أن تکون الجمهورية الإسلامية وشعبها في خدمة الإسلام والمسلمين في کل العالم.

نقل بأنَّ أحد المسؤولين الذين أوكلت إليهم إحدى المناصب المهمة بعد انتصار الثورة الإسلامية تحدث في حضور الإمام الخميني(ره) وقال بأنَّه سوف يسعى ويبذل جهده من أجل خدمة إيران من خلال مبادئ الإسلام، وبعد انتهاء حديثه ردّ عليه الإمام الخميني (ره) قائلاً: «أما أنا فأريد خدمة الإسلام من خلال إيران». وبنظرة فاحصة يتبين مدى البون الشاسع بين النظريتين والمنهجين، فالأول يعتبر ما حصل هو ثورة إيرانية قامت على أساس الإسلام، والثاني يعتبر ما حصل ثورة إسلامية قامت في إيران، وعليه فلا يمكن - وفق الأولى - الاهتمام بمشاكل المسلمين الحاصلة في مختلف بقاع العالم، إلا في جوانب محدودة قد تقتصر في أفضل الأحوال على الأمور السياسية وما شابه.

أمَّا وفق النظرية الثانية والتي تبناها وأعلنها الإمام الخميني(ره) بقوة فإن الشعب والدولة الإيرانية ستفرض على نفسها التزامات واسعة وتضحيات جسيمة، وهذا ما حصل بالفعل. فقد طرح الإمام(ره) مسألة تصدير الثورة إلى كافة أنحاء العالم وقال(ره): «إننا سنقوم بتصدير ثورتنا إلى كافة أرجاء المعمورة»([24])، وأوضح بجلاء أن هذه القضية لا تعني بأيّ حال من الأحوال، التدخل في شؤون الآخرين، وإثارة الفتن والاضطرابات الداخلية، بل يعني ذلك تنبيه الشعوب إلى حقوقها المهدورة ونشر الوعي السياسي وتطبيق الإسلام وقوانينه بشكل جذّاب يشدّ إليه النفوس المتعطّشة ويدفعها إلى العمل من أجل استرجاع الكرامة والعزة المنتهكة من قوى الاستكبار.

 

3 - تبني قضايا الاُمة الإسلامية والمستضعفين في العالم

بما أن الثورة قام بها شعب مسلم من أجل عزته وكرامته، ودفاعاً عن مبادئه وعقيدته الإسلامية المستهدفة، وأنّ قائد الثورة يعتبر من كبار فقهاء المسلمين في العصر الحديث، فمن الطبيعي والمنطقي أن تتحمل الثورة وقيادتها مسؤولية الدفاع عن هموم الأمة ومشاكلها، ومنها تحرير القدس القضية الکبری للمسلمين .

القدس تلک المدينة المقدسة في جميع الأديان  وفيها المسجد الأقصى المبارک وهو القبلة الأولى للمسلمين وثالث الحرمين الشريفين في الإسلام، وهو الآن لا زال تحت الإحتلال الکيان الغاصب لفلسطين.

ولقد وجَّه الإمام الخميني (ره) أنظار المسلمين نحو مشكلة اعتبرها أمَّ المشاكل وأمَّ القضايا بل القضية المركزية الأهم، ألا وهي القضية الفلسطينية والقدس، حيث اعتبر الإمام (ره) أن هذه القضية ليست مجرد صراع حول أرض من أراضي المسلمين بل هي رمز لمواجهة الاستكبار العالمي للإسلام والمستضعفين فينبغي أن تحتل الحيز الأكبر والمرتبة الأولى من بين قضايا الأمة والشعوب، وكذلك الحكام.

وفي سبيل هذه القضية ولكونها محورية تهم جميع المسلمين، ويمكن لها أن تساهم بشكل كبير في توحيد المسلمين، أعلن (ره) أخر جمعة من كل رمضان يوم القدس العالمي بعد أشهر قليلة من قيام الجمهورية الإسلامية أي في تموز من العام 1979م.

إن الهدف من إعلان آخر جمعة من رمضان المبارك يوماً للقدس، ليس الوقوف عند حد الشعارات والهتافات، بل لأجل أن تتحد الشعوب والدول الإسلامية أكثر من أي وقت مضى لتستعد للجهاد لأخذ حق الشعب الفلسطيني، وإلحاق الهزيمة بالعدو الصهيوني ،وإزالة هذه البقعة السوداء من خارطة العالم الإسلامي .

لقد عاشت فلسطين ومقدساتها في قلب الإمام«قده»  ، وكانت معه في محطات حياته كلها، وكان «رضوان الله عليه» يؤكد بأقواله وأفعاله ومواقفه العلاقة بين الجمهورية الإسلامية في إيران وفلسطين، كبلدين إسلاميين، وشعبين مسلمين، وكانت أمنيته أن ترجع فلسطين إلى مكانها في العالم الإسلامي ، وكان أمله الصلاة في مسجدها الأقصى ، لذلك سعى جاهداً لتحريض المسلمين في كل مكان وتوعيتهم للقضاء على الصهيونية لتحرير فلسطين،  ولهذا فمن أولى واجباتنا كمسلمين أن نعمل ، ونتعاون ونتَّحد لإنقاذ القدس من براثن الصهيونية، ولتحقيق هذا الهدف لا بد من تلبية نداء الإمام الخميني «قده» لإحياء يوم القدس العالمي، حيث يقول الإمام (رضوان الله عليه): «الذين لا يشاركون في يوم القدس مخالفون للإسلام وموافقون لإسرائيل»، ويقول «قده»: «ينبغي إحياء يوم القدس بين المسلمين»، ولا بد من الالتزام بدعوة الإمام لبناء جيش العشرين مليون الذي أطلق عليه «جيش القدس».

وهكذا نجد المواقف المشابهةوالمشرفة للجمهورية الإسلامية من قضية لبنان وأفغانستان والعراق وغيرهما من القضايا الكبرى للعالم الإسلامي،في مواجهة العدو المشترك الذي يواجه المسلمون وهو الاستكبار وعلی رأسهم أمريکا والکيان الغاصب الصهيوني.

وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين ،وصحبه الأخيار المنتجبين.

 

 

[1])- هذا التعبير لأول مرة أطلقه الإمام الخميني (ره) في مقابل الإسلام الأمريكي الذي من أبرز خصائصه أن يخلق وعَّاظ السلاطين الذين يبرِّرون ظلم الحكَّام.

[2]) الشعراء: 88 ، 89

[3]) التوبة: 105.

([4]) آية الله الخامنئي، صحيفة اطلاعات 19/3/1368هـ.ش.

[5]- حجة الإسلام والمسلمين التوسلي، مجلة (حوزه) العدد 45.

[6]- هذا بحسب السنة الهجرية الشمسية أمّا بحسب السنين القمرية كان عمره الشريف 89 سنة.

[7]- مستدرك‏الوسائل 9: 51    106

[8]- صحيفة النور.

([9]) سورة البقرة/ 106.

[10]- من كلمته في مراسم بيعة رئيس الوزراء وهيئة الحكومة 17/3/1368ش= (6/6/1989م).

[11]- من كلمته في الذكرى الرابعة عشرة لرحيل مؤسس الجمهورية الإسلامية 14/3/1382 ش= (4/6/2003م).

[12]- عرض الإمام الخميني(ره) نظرية ولاية الفقيه في مجال البحث الفقهي التخصصي في الجزء الثاني من كتابه (البيع) ثم عاود عرضها الاستدلالي في محاضرته التي ألقاها في النجف الأشرف على طلبة الحوزة، وقد طبعت مراراً تحت عنوان: (الحكومة الإسلامية أو ولاية الفقيه) وهو يؤكد في كلا البحثين على ضرورة إقامة الحكومة الإسلامية في كل عصر إلى جانب الاستدلال النقلي والعقلي على ولاية الفقيه ولزوم تصديه لهذا الأمر في عصر غيبة الإمام المهديf.

[13]- مستدرك الوسائل17: باب 11، حديث33 ،کتاب القضاء، أبواب صفات القاضي.

[14]- سورة البقرة :124.

[15]- ولايت فقيه: 58.

[16]- ولايت فقيه(بالفارسية): 92.

[17]- صحيفه إمام(بالفارسية) 21: 371.

[18]- صحيفه إمام(بالفارسية).

[19]- النساء: 141.

[20]- هود: 113.

[21]- صحيفه إمام(بالفارسية).

[22]- هذا التعبير لأول مرة أطلقه الإمام الخميني (ره) في مقابل الإسلام الأمريكي الذي من أبرز خصائصه أن يخلق وعاظ السلاطين الذين يبررون ظلم الحكام.

[23]- صحيفه إمام(بالفارسية).

[24]- صحيفه إمام(بالفارسية).

قراءة 2118 مرة