الانسحاب التكتيكي لأنصار الله من الموانئ الثلاثة يحمل في طياته الكثير من الرسائل والأهداف... تعرّف عليها

قيم هذا المقال
(0 صوت)
الانسحاب التكتيكي لأنصار الله من الموانئ الثلاثة يحمل في طياته الكثير من الرسائل والأهداف... تعرّف عليها

شهدت الساحة اليمنية الكثير من التطورات الميدانية خلال الفترة القليلة الماضية وفي الوقت الذي بذل المبعوث الأممي "مارتن غريفث" الكثير من الجهود لإحياء وتفعيل اتفاقية "ستوكهولم" للسلام في ميناء الحديدة، ارتفعت حدّة الاشتباكات العسكرية بين أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية وبين قوات مرتزقة العدوان السعودي الإماراتي في العديد من الجبهات الشمالية والجنوبية.

وفي هذه الأثناء، أعلن مسؤول كبير بالأمم المتحدة، يوم أمس الجمعة، أن جماعة "أنصار الله" تعتزم سحب قوات الجيش واللجان الشعبية من ثلاثة موانئ رئيسة خلال أربعة أيام اعتباراً من السبت وأضاف المسؤول إن انسحاب "أنصار الله" سيسمح بإرساء دور أممي قيادي في دعم مؤسسة موانئ البحر الأحمر في إدارة الموانئ اليمنية.

وأعرب المسؤول الأممي، قائلاً: "يرحّب رئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار الفريق مايكل لوليسغارد بالعرض الذي قدّمه أنصار الله وعزمهم على القيام بإعادة الانتشار المبدئي الأحادي الجانب من موانئ الحديدة، والصليف، وراس عيسى".

وأضاف: "يلاحظ رئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار أن هذه الخطوة العملية الأولى على أرض الواقع منذ إبرام اتفاق الحديدة، لكنه يشدد على ضرورة أن تلي هذه الخطوة الإجراءات الملتزمة والشفافة والمستمرة للأطراف للوفاء الكامل بالتزاماتهم، إضافة إلى ذلك، يتعيّن أن تسمح عملية إعادة الانتشار الأحادي الجانب هذه بإنشاء دور رائد للأمم المتحدة في دعم مؤسسة موانئ البحر الأحمر في إدارة الموانئ وتعزيز مراقبة آلية الأمم المتحدة للتحقيق والتفتيش وفقاً للاتفاقية".

إن انسحاب "أنصار الله" من الموانئ الثلاثة في الوضع الحالي، يعتبر انسحاباً تكتيكياً وذكيّاً وذلك لأن هذا العمل يمكنه فضح تخاذل الطرف الآخر في تنفيذ الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها مسبقاً أمام العالم وأمام الأمم المتحدة، ويمكنه أيضاً إثبات الدور الإيجابي والبنّاء لأنصار الله في عملية السلام كلاعب إقليمي موثوق به في تنفيذ كل الاتفاقيات.

وحول هذا السياق، أكد رئيس اللجنة الثورية العليا، بجماعة "أنصار الله"، "محمد علي الحوثي": أن الانسحاب أحادي الجانب الذي سيقوم به الجيش واللجان التابعان للجماعة، جاء بسبب رفض دول العدوان الأمريكي البريطاني السعودي الإماراتي وحلفائهم تنفيذ اتفاق ستوكهولم، وأضاف رئيس اللجنة الثورية العليا، قائلاً: "الانسحاب يؤكد أن سبب الإعاقة لتنفيذ اتفاق ستوكهولم هو دول العدوان".

من جهته أعلن القيادي في حركة أنصار الله، "محمد البخيتي" أن انسحاب القوات اليمنية الأحادي الجانب من موانئ الحديدة حصل بعد فشل الأمم المتحدة في إقناع مرتزقة العدوان على الانسحاب المتزامن وفق اتفاق السويد.

وأعرب "البخيتي"، قائلاً: "الجميع يعلم أننا كنا في محادثات السويد مع وقف إطلاق النار في كل الجبهات ولكن دول العدوان ومرتزقتها رفضوا ذلك وفي النهاية قبلوا بحلّ جزئي في الحديدة".

وأضاف "البخيتي": "بعد ذلك كانت هناك محادثات مطوّلة لتنفيذ اتفاق السويد ولكن لم ننجح في الاتفاق إلا على انسحاب جزئي من الموانئ الثلاثة مقابل انسحاب مرتزقة العدوان من موانئ البحر الأحمر".

وتابع القيادي في حركة أنصار الله، قائلاً: "بعد توقيع الاتفاق بدأت دول العدوان ومرتزقتها في المماطلة بتنفيذ الاتفاق، لذلك أبدينا استعدادنا قبل شهرين بالانسحاب من جانب واحد، لكن الأمم المتحدة فضّلت انسحاباً ثنائياً ومتزامناً وحاولت طوال الشهرين الماضيين إقناع دول العدوان ومرتزقتها بتنفيذ الانسحاب لكنهم فشلوا في ذلك، لهذا قبلوا بمقترحنا".

وأكد أن هذه المبادرة تعتبر تنازلاً أمام المرتزقة ولكنها في نفس الوقت تؤكد حرص أنصار الله على التوصل إلى حلّ شامل وأن من يعطّل الحلول هم دول العدوان ومرتزقتهم لأنهم يدركون أن تنفيذ اتفاق الحديدة سينقلنا إلى الخطوة التالية وهي خطوة وقف الحرب بشكل كامل وشامل والتوصل لحل سياسي للازمة اليمنية وهذا ما لا يرغبون به.

تقع موانئ الحديدة والصليف شمال مدينة الحديدة وتعتبر هذه الموانئ من أهم الطرق لإدخال واستيراد المواد الغذائية والأدوية والسلع الضرورية الأخرى إلى اليمن، وهما الطريقان الوحيدان لوصول المساعدات الإنسانية للمحافظات اليمنية المختلفة في ظل الحصار الخانق الذي يفرضه تحالف العدوان على البلاد.

ومن جهة أخرى يستخدم ميناء "رأس عيسى" الواقع أيضاً في مدينة الحديدة، لاستيراد الوقود والغاز ويُقدّر حجم نفط شركة "صافر" الموجود في مخازن تكرير نفط "رأس عيسى" الواقعة على ضفاف البحر الأحمر، حوالي 5 ملايين برميل.

لذلك، ونظراً لأهمية هذه الموانئ الثلاثة كعناصر حيوية للاقتصاد اليمني، فقد تبنّت دول تحالف العدوان استراتيجية الضغط الاقتصادي لإجبار أنصار الله على الاستسلام، وذلك لأنهم يعلمون جيداً بأنه لو تم تنفيذ اتفاق "ستوكهولم"، فإن أملهم الوحيد في الفوز بهذه الحرب سوف يكون باهظ الثمن.

وبناءً على ذلك، فإن إعلان "أنصار الله"، عن الانسحاب أحادي الجانب من هذه الموانئ، سيوفر الأرضية الخصبة للأمم المتحدة والرأي العام العالمي للضغط على حكومات دول العدوان للامتثال وتنفيذ اتفاق "ستوكهولم".

وفي سياق متصل، أفادت العديد من المصادر الإخبارية بأن الضغط تزايد خلال الأشهر الأخيرة على دول تحالف العدوان ومؤيديهم الغربيين لإنهاء الحصار غير الإنساني المفروض على اليمن، والذي تسبب في حدوث أزمة إنسانية في هذا البلد الفقير.

ولقد كشفت مؤسسة السلام العالمي، التابعة لجامعة "توبتس" الأمريكية، الأزمة الإنسانية اليمنية بأنها جاءت كنتيجة لعاملين رئيسين: الضربات الجوية لتحالف العدوان، والأزمة الاقتصادية والحصار الخانق الذي تفرضه دول تحالف العدوان على اليمن.

وهنا يمكن القول بأن التقدم الميداني الذي يحققه أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية في المناطق الجنوبية ولا سيما في محافظة "الضالع" والإعلان المتزامن عن الانسحاب الطوعي من المرافئ الرئيسة الثلاثة الواقعة في محافظة الحديدة، تشير إلى هذه الحقيقة التي مفادها أن "أنصار الله"، لم يضعفوا ولم يتراجعوا ولم يتم إجبارهم على الانسحاب والتخلي عن تلك الموانئ وإنما هذا العمل يعدّ استراتيجية تكتيكية يقوم بها أنصار الله لكشف عورة تخاذل الطرف الآخر وعدم امتثاله لاتفاق "ستوكهولم".

قراءة 1032 مرة