طوفان الأقصى بعد عامين.. والرسائل التي كتبت بالدم

قيم هذا المقال
(0 صوت)
طوفان الأقصى بعد عامين.. والرسائل التي كتبت بالدم

تدخل اليوم معركة طوفان الاقصى عامها الثالث، دون ان يحقق الثنائي الامريكي الاسرائيلي ومن ورائه الغرب باجمعه، الاهداف التي حددها مجرم الحرب بنيامين نتنياهو وداعميه، وفي مقدمتهم بايدن وترامب، ومنها القضاء على حماس و تحرير الاسرى و تهجير اهالي غزة و احتلال القطاع بالكامل، ولكن بعد كل الفظائع التي ارتكبها هذا الثنائي في غزة  والتي رجت الضمير  الانساني رجا، عاد هذا الثنائي اليوم  ليتفاوض مع حماس لاطلاق سراح اسراه!.

لم یخطر ببال ای عسکری امریکی او اسرائيلي، ان يقاوم بضعة الاف من الرجال وفي ارض ضيقة محاصرة علی مدی عقدین کاملین من جميع الجهات، قوات الاحتلال الاسرائيلي التي توصف بانها « جیش لا یقر»، وجيش يعتبر نفسه اقوى جيش في العالم هو الجيش الامريكي الذي انخرط بالمعركة الى جانب جيوش غربية، متسلحين باحدث الاسلحة الفتاكة، لم يحترموا اي خطوط حمراء انسانية، فقتلوا حتى الاطفال الجياع والمرضى، وابادوا اكثر من 90بالمائة من قطاع غزة، على مدى عامين كاملين ، من دون ان يرفع رجال المقاومة ، ولا اطفال ونساء وشيوخ غزة الراية البيضاء، رغم انهم فقدوا 67الف شهيد ونحو 10000 مفقود وعشرات الالاف من الجرحى والمصابين.

الوحشية التي تعامل بها الكيان الاسرائيلي وامريكا والغرب مع غزة واهلها والتي تجاوزت وحشية الكواسر، لم يكن مردها الانتقام من الهزيمة التي مني بها الكيان الاسرائيلي في السابع من اكتوبر عام 2023 بل جاءت كردة فعل على حقيقة ثبتتها المقاومة الاسلامية في غزة، وهي حقيقة ان الكيان الاسرائيلي كيان اوهن من بيت العنكبوت ، يمكن اجتثاثه لو توفرت الارادة لدى شعوب المنطقة، وكذلك توفر الارادة لدى حكوماتها، على قول كلمة لا للامريكي الذي يعتبر الرئة التي يتنفس بها هذا الكيان المزيف، لذلك كان لابد من التمادي بالوحشية الى اقصى حدودها،لاظهار كلفة من يفكر باجتثاث هذه القاعدة العسكرية الغربية المتقدمة في العالم الاسلامي.

يبدو ان ترامب الذي صدق مزاعم نتنياهو بامكانية اخلاء غزة من اهلها واسكان الصهاينة بدلا عنهم هناك، لذلك رايناه كيف كان يكرر مخططه الرامي الى اقامة ريفيرا الشرق الاوسط في غزة بعد احتلالها مرة اخرى، الا انه بعد ان شاهد التمسك الاسطوري لاهالي غزة بارضهم، فتيقن بشكل لا لبس فيه، انه من المستحيل اقتلاع الوجود الفلسطيني من ارض فلسطين، حتى لو تكالبت كل قوى الشر في العالم ضدهم، فما كان منه الا ان انقلب على مواقفه السابقة، عندما اعلن وبشكل صريح، للقناة 12 الإسرائيلية يوم السبت الماضي« ان نتنياهو تجاوز حدود المعقول في غزة وخسرت إسرائيل الكثير من الدعم في العالم. الآن سأعيد كل هذا الدعم». وفي اليوم التالي اي يوم الاحد، قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، «إن بلاده لا يمكنها تجاهل تأثير الحرب في غزة على مكانة إسرائيل على الساحة العالمية، في وقت تتزايد فيه العزلة الدبلوماسية لإسرائيل».

لم تتضرر السمعة الكاذبة التي اصطنعها الغرب لاسرائيل دوليا فحسب بل دفع الكيان الاسرائيلي وداعموه نتيجة لحرب الإبادة في غزة ثمنا باهظا على صعيد الشرعية الدولية، وتشكل أحكام المحاكم الدولية تهديدا جديا لدولة الاحتلال وقيادتها بهذا الخصوص، كما تضررت فرص قبول دولة الاحتلال في المنطقة، بل وحتى العالم، الذي شهد تظاهرات ضخمة منددة بالكيان الاسرائيلي ، وهي تظاهرات اسهمت في دفع العديد من الدول الاوروبية والغربية للاعتراف بدولة فلسطين، وقطع العلاقات التجارية مع الكيان، ووقف مبيعات الاسلحة معه، وكان اخر مظاهر الدعم الدولي لغزة، اسطول الصمود الذي فضح الكيان اكثر مما هو مفضوح.

العدوان على غزة اسهم في استنزاف دولة الاحتلال سياسيا واقتصاديا وعسكريا، ووصل الانقسام الاجتماعي داخل الكيان إلى مستويات دفعت رئيس هذا الكيان إلى التحذير من مخاطر الحرب الأهلية. ومازال نسبة كبيرة من مستوطني غلاف غزة يخشون العودة إلى منازلهم. وقدّر بنك إسرائيل الكلفة الإجمالية للعدوان بنحو 330 مليار شيكل (100 مليار دولار)، ما يعني 111 ألف شيكل (33.6 ألف دولار) لكل أسرة إسرائيلية.

صحيفة “هآرتس” العبرية، رسمت صورة حقيقة لما يجرى في الكيان الاسرائيلي في مقال لها اليوم الثلاثاء، عندما كتبت تقول «إن إسرائيل غارقة في العزلة وتحتضر، بعد أن خاضت حربا على قطاع غزة دون أهداف لمدة عامين.. إن الإسرائيليين يخشون السفر إلى الخارج، والبلاد ومؤسساتها ونسيجها الاجتماعي في مراحل متقدمة من التفكك.. أصبحت اسرائيل الآن رهنا لنزوات الرئيس الأمريكي، فإذا أراد إنهاء الحرب، وإعادة الرهائن، وإنقاذ إسرائيل من نفسها، فهذا أفضل بكثير».

اما صحیفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، فذكرت في تقرير لها امس الاثنين « إن إسرائيل باتت أكثر عزلة من أي وقت مضى مع مرور عامين على الحرب في غزة.. أن الحرب على غزة أثارت رأيا عالميا يهدد مستقبل إسرائيل على المدى البعيد.. أن الغضب ضد إسرائيل امتد من العالم الإسلامي إلى أوروبا والولايات المتحدة، وثمة شريحة متزايدة من المجتمع الأمريكي تعارض الآن دعم واشنطن لإسرائيل.. من المتوقع أن يكون دعم الجيل الجديد لغزة، من الجامعات الأمريكية إلى المدارس الثانوية الأوروبية، عاملا حاسما في تشكيل تفكيرهم السياسي المستقبلي».

ان هجوم طوفان الاقصى ارسل برسائل للعالم اجمع، كتبه الشعب الفلسطيني بدمه، ومفادها ان الشعب الفلسطيني لن يتحمل الاحتلال وسيبقی یرفضه تحت كل الظروف وبشتی الوسائل، وان الطوفان، كما اكد القيادي في حركة حماس فوزي برهوم اليوم الثلاثاء، «كان استجابة تاريخية لمؤامرات تصفوية للقضية الفلسطينية ولم يكن مجرد معركة كشفها جيش الاحتلال الموهوم، بل نقطة تحول كبرى بدأت بفضلها عملية فضح وتجريم وعزل الاحتلال الصهيوني».

 

حاتمي

قراءة 8 مرة