ومضات من حياة الإمام السجاد(ع)...في ذكرى ولادته

قيم هذا المقال
(0 صوت)
ومضات من حياة الإمام السجاد(ع)...في ذكرى ولادته

الإمام على بن الحسين بن علي بن أبي طالب هو الإمام الرابع من أئمة أهل البيت (عليهم السلام) كما دلت على ذلك النصوص الكثيرة الواردة عن الرسول الكريم (ص) ...

بطاقة هوية الامام زين العابدين:

فيما يلي نذكر بعض المعلومات الخاطفة حول الإمام زين العابدين ( عليه السَّلام):
إسمه و نسبه : علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب .
أشهر ألقابه : زين العابدين ، سيّد الساجدين .
كنيته : أبو محمد .
أبوه : الحسين بن علي ( عليه السَّلام ).
أمه : شاه زنان أو شهربانو .
ولادته : يوم الجمعة ( 15 ) جمادى الأولى سنة ( 36 ) أو يوم ( 5 ) شعبان سنة ( 38 ) هجرية ، أيام خلافة جده أمير المؤمنين ( عليه السَّلام ).
محل ولادته : المدينة المنورة .
مدة عمره : ( 57 ) سنة ، و كان عمره في واقعة الطف بكربلاء ( 23 ) سنة .
مدة إمامته : ( 34 ) سنة أي من يوم عاشوراء سنة ( 61 ) هجرية و حتى سنة (95 ) هجرية .
نقش خاتمه : لكلّ غمّ حسبي الله/ خزي وشقي قاتل الحسين/ العزة لله .
زوجاته : من زوجاته : فاطمة أم عبد الله بنت الإمام الحسن .
شهادته : يوم السبت أو الأحد ( 12 ) أو ( 25 ) شهر محرم الحرام سنة ( 95 ) هجرية .
سبب شهادته : السّم من قبل الوليد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم .
مدفنه : جنة البقيع / المدينة المنورة .
 

من سيرة الإمام علي بن الحسين (عليه السلام)

 الإمام على بن الحسين بن علي بن أبي طالب هو الإمام الرابع من أئمة أهل البيت (عليهم السلام) كما دلت على ذلك النصوص الكثيرة الواردة عن الرسول الكريم (ص) والأئمة (عليهم السلام) هذا بالإضافة إلى الأدلة الاخرى التي أوردها علماء الشيعة في مصنفاتهم.

 ولادته واستشهاده:

ولد الإمام علي بن الحسين في الكوفة يوم الخامس من شعبان سنة 38 هـ وأدرك من حياة جده أمير المؤمنين (عليه السلام) سنتين واطلع بمسئولية الإمامة بعد استشهاد والده الحسين الشهيد وكان عمره آنذاك 22 سنة أو 23 سنة واستشهد (عليه السلام) على يد الوليد بن عبد الملك-وقيل هشام بن عبد الملك- الخليفة الأموي بعد أن دس إليه السم بواسطة عامله على المدينة وذلك سنة 95هـ.

 كنيته وألقابه ونقش خاتمه:

أما كنيته فأبو الحسن وأبو محمد، وأما ألقابه فكثيرة منها ذو الثفنات، سيد العابدين والأمين والزكي وزين الصالحين والبكاء واشتهر بزين العابدين والسجاد، وأما نقش خاتمه فقد كان له أكثر من خاتم، نقشَ على أحدها (خزي وشقي قاتل الحسين) ونقش على آخر (العزة لله.)

زوجاته

فاطمة بنت الإمام الحسن بن علي عليهما السلام، أم الإمام محمد الباقر عليه السلام، وتكنى أم عبد الله، وقيل أم الحسن، وهو هاشمي من هاشميين، علوي من علويين، فاطمي من فاطميين، لإنه أول من اجتمعت له ولادة الحسن والحسين عليهما السلام.
وذكر الشيخ عباس القمي في كتابه الأنوار البهية أن أم الإمام الخامس باقر علم النبيين سلام الله عليه هي أم عبد الله فاطمة بنت الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.
وتكنى أم عبد الله وكانت من سيدات نساء بني هاشم، وكان الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام يسميها (الصديقة).
ويقول فيها الإمام أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام (كانت صديقة لم تدرك في آل الحسن مثلها).
ويكفيها شرفاً وسمواً أنها تربّي في حجرها الإمام الباقر عليه السلام، وإنها بضعة من ريحانة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأنها نشأت في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، فسلام الله عليك يوم ولدت ويوم تبعثين.
وروي عن أبي جعفر عليه السلام قال: كانت أمي قاعدة عند جدار، فتصدع الجدار، وسمعنا هدة شديدة، فقالت بيدها: لا وحق المصطفى ما آذن الله لك في السقوط، فبقي معلقاً حتى جازته، فتصدق عنها أبي بمئة دينار.
وذكرها الصادق عليه السلام يوماً فقال: كانت صديقة لم يدرك في آل الحسن مثلها.
وكانت أم ولد آخر زوجاته عليه السلام.

أولاده

روى الشيخ المفيد أن أولاد علي زين العابدين (عليه السلام) خمسة عشر بين ذكر وأنثى، أحد عشر ذكراً وأربع بنات. أكبرهم سناً وقدراً الإمام محمد بن علي الملقب بـ(الباقر)، أمه فاطمة بنت الإمام الحسن (عليه السلام) أولدت له أربعة هم: الحسن والحسين ومحمد الباقر وعبد الله وبه كانت تكنى.
 

ومما يبدو أن أكبر أولاده محمد الباقر ولد سنة سبع وخمسين هجرية وكان له من العمر عندما استشهد جده الحسين (عليه السلام) في كربلاء ثلاث سنوات. وله من الذكور أيضاً زيد وعمر وأمهما أم ولد.
والحسين الأصغر، وعبد الرحمن وسليمان أمهما أم ولد. ومحمد الأصغر وعلي الأصغر وكان أصغر أولاده الذكور. وخديجة وفاطمة وعليّة وأم كلثوم أمهن أم ولد.
 

وأما زيد بن علي الشهيد فقد نشأ في بيت الإمام زين العابدين حفيد الإمام علي بن أبي طالب باب مدينة العلم، هذا البيت الذي يعد مهد العلم والحكمة، تعلم فيه القرآن الكريم فحفظه واتجه إلى الحديث الشريف فتلقاه عن أبيه حتى أصبح بعد فترة واسع العلم والمعرفة. وبعد أن تركه والده في حدود الرابعة عشرة من عمره تعهده أخوه الإمام الباقر فزوده بكل ما يحتاج من الفقه والحديث والتفسير حتى أصبح من مشاهير علماء عصره ومرجعاً معروفاً لرواد العلم والحديث والحكمة والمعرفة، سافر إلى البصرة عدة مرات وناظر علماءها ومنهم واصل بن عطاء رأس المعتزلة يوم ذاك، ناظره في أصول العقائد.
وقد طلب هشام بن عبد الملك إلى الشام وكان مجلسه حافلاً بأعيان أهل الشام وخاصته، فقال له: بلغني أنك تؤهل نفسك للخلافة وأنت ابن أمة، فأجابه زيد بن علي على الفور:
ويلك يا هشام أمكان أمي يضعني؟ والله لقد كان إسحاق ابن حرة وإسماعيل ابن أمة ولم يمنعه ذلك من أن بعثه الله نبياً وجعل من نسله سيد العرب والعجم محمد بن عبد الله، إن الأمهات يا هشام لا يقعدن بالرجال عن الغايات، اتق الله في ذرية نبيك.
فغضب هشام وقال: ومثلك يا زيد يأمر مثلي بتقوى الله؟.
فرد عليه زيد بقوله: إنه لا يكبر أحد فوق أن يوصى بتقوى الله ولا يصغر دون أن يوصي بتقوى الله.
ومضى زيد في طريقه إلى الكوفة ثم إلى البصرة ثم أرسل رسائله ورسله إلى المدائن والموصل وغيرهما وانتشرت دعوته في سواد العراق ومدنه ولما بلغ أمره هشام بن عبد الملك أرسل إلى واليه على العراق يوسف بن عمر يأمره بمضايقة زيد ومطاردته، وحدثت معركة أصيب فيها زيد فدفنه أصحابه في مجرى ماء حتى لا يصلب أو يحرق، لكن ذلك لم يفده، أحدث قتله استياءً عاماً في جميع المناطق الإسلامية وتجدد البكاء على أهل البيت ولف الحزن كل من يحبهم ويسير على خطاهم.
 

وممن تحدثت عنهم كتب الأنساب من أولاد الإمام علي زين العابدين عبد الله بن علي الملقب بالباهر:
كان فاضلاً فقيهاً روى عن آبائه وأجداده أحاديث كثيرة، روى بعضهم قال: سألت أبا جعفر الباقر: أي إخوانك أحب إليك وأفضل؟ فقال: أما عبد الله فيدي التي أبطش بها. وأما عمر فبصري الذي أبصر به، وأما زيد فلساني الذي أنطق به، وأما الحسين فحليم يمشي على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً وكان عبد الله يلي صدقات رسول الله وصدقات أمير المؤمنين (عليه السلام)، وأما عمر فقد كان ورعاً جليلاً وسخياً كريما تولى صدقات جده (عليه السلام) واشترط على كل من يبتاع ثمارها أن يثلم في الحائط ثلمة لكي تأكل منها المارة ولا يرد أحداً عنها، ويروى عنه أنه قال:
المفرط في حبنا كالمفرط في بغضنا أنزلونا بالمنزل الذي أنزلنا الله به ولا تقولوا فينا ما ليس بنا إن يعذبنا الله فبذنوبنا وإن يرحمنا فبرحمته وفضله علينا.
 

وأما الحسين بن علي (عليه السلام) فإنه كان فاضلاً ورعاً يروي عن أبيه علي بن الحسين وعمته فاطمة بنت الحسين (عليه السلام) التي أودعها الحسين عند خروجه من المدينة إلى كربلاء وصيته، كما روى عن أخيه أبي جعفر الباقر، وقد عدّه الطوسي في رجاله من أصحاب الباقر والصادق (عليهما السلام).
 

والإمام محمد بن علي زين العابدين المعروف بالباقر عاش سبعة وخمسين عاماً درك فيها جده الحسين (عليه السلام) ولزمه نحواً من أربع سنوات، وعاش مع أبيه السجاد بعد جده خمساً وثلاثين سنة وفي طفولته كانت المحنة الكبرى التي حلت بأهل البيت في كربلاء واستهد فيها جده الحسين ومن معه من إخوته وبني عمه وأصحابه (عليه السلام) جميعاً وتجرع هو مرارتها وشاهد بعدها جميع الرزايا والمصائب التي توالت على أهل بيته من قبل الحكام الطغاة الذين تنكروا للقيم والأخلاق وجميع المبادئ الإسلامية وعاثوا فساداً في البلاد ولم يتركوا رذيلة واحدة إلا مارسوها بشتى أشكالها ومظاهرها، في قصورهم الفخمة الأنيقة ونواديهم القذرة الفاجرة.
 

في هذا الجو المشحون بالظلم والقهر والفساد وجد الإمام الباقر (عليه السلام) وقد علمته الأحداث الماضية مع آبائه وأجداده خذلان الناس لهم في ساعات المحنة أن ينصرف عن السياسة ومشاكل السياسيين ومؤامراتهم إلى خدمة الإسلام ورعاية شؤون المسلمين عن طريق الدفاع عن أصول الدين الحنيف ونشر تعاليمه وأحكامه فناظر الفرق التي انحرفت في تفكيرها واتجاهاتها عن الخط الإسلامي الصحيح كمسألة الجبر والإرجاء التي روّجها الحكام لمصالحهم الشخصية. لقد فرضت عليه مصلحة الإسلام العليا أن ينصرف إلى الدفاع عن القعيدة الإسلامية فالتف حوله العديد من العلماء والكثير من طلاب العلم والحديث من الشيعة وغيرهم.
كان عالماً عابدا تقياً ثقة عند جميع المسلمين، وروى عنه أبو حنيفة وغيره من أئمة المذاهب المعروفة.
 

جاء عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنه قال: لقد أخبرني رسول الله بأني سأبقى حتى أرى رجلاً من ولده أشبه الناس به وأمرني أن أقرأه السلام واسمه محمد يبقر العلم بقراً، ويقول الرواة إن جابر بن عبد الله كان آخر من بقي من أصحاب رسول الله، وفي آخر أيامه كان يصيح في مسجد رسول الله يا باقر علم آل بيت محمد، فلما رآه وقع عليه يقبل يديه وأبلغه تحية رسول الله (صلى الله عليه وآله.
 

وقال فيه محمد بن طلحة القرشي الشافعي: محمد بن علي الباقر هو باقر العلم وجامعه وشاهر علمه ورفعه، صفا قلبه وزكا عمله وطهرت نفسه وشرفت أخلاقه وعمرت بطاعة الله أوقاته ورسخت في مقام التقوى قدمه، فالمناقب تسبق إليه والصفات تشرف به له ألقاب ثلاثة: باقر العلم، والشاكر والهادي وأشهرها الباقر وسمي كذلك لتبقره العلم وتوسعه فيه.

إخوته:

كان للإمام علي بن الحسين (عليهما السلام) إخوان هم: علي الأكبر، وعبد الله الرضيع. وقد استشهد علي الأكبر مع أبيه في كربلاء، ولا بقية له، وأمه كانت آمنة بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي، وأمها بنت أبي سفيان بن حرب.
أما عبد الله الرضيع فأمه الرباب بنت امرئ القيس قد استشهد أيضاً مع أبيه وأخيه يوم الطف.

أخواته:

له أختان أيضاً: سكينة وفاطمة، فسكينة أمها الرباب بنت امرئ القيس، وأما فاطمة فأمها أم إسحاق بن طلحة بن عبيد الله.
ويكفي في جلالتها كلام الإمام الحسين (عليه السلام) مع ابن أخيه الحسن بن الإمام الحسن (عليه السلام) لما جاء إليه خاطباً إحدى ابنتيه: أما سكينة فغالب عليها الاستغراق مع الله، فلا تصلح لرجل . كانت وفاتها في المدينة سنة 117هـ.
أمّا أختها فاطمة فيكفي في فضلها كلام الإمام الحسين (عليه السلام) مع ابن أخيه الحسن بن الإمام الحسن: أختار لك فاطمة فهي أكثر شبهاً بأمي فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله): أما في الدين فتقوم الليل كله وتصوم النهار. كانت وفاتها في المدينة سنة 117هـ عن أكثر من سبعين سنة.

 الإمام كما يصفه الآخرون:

قال: عمر بن عبد العزيز الأموي عندما نُعي عنده الإمام (ذهب سراج الدنيا وجمال الإسلام وزين العابدين.)

وقال: سعيد بن المسيب (هذا الذي لا يسع مسلمًا أن يجهله وقال ما رأيت قط أفضل من على بن الحسين وما رأيته قط إلا مقتُّ نفسي).

ويقول الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري (ما رؤي في أولاد الأنبياء مثل علي بن الحسين.)

 آثاره العلمية:

دوَّن العلماء من أبناء الشيعة -وكذلك السنة- الكثير مما أُثر عن الإمام من أحاديثَ كان يلقيها في المسجد النبوي كل جمعة وفي موسم الحج وفي مجلسه العامر بالعلماء والرواد -وقد كانت أحاديثه تبيانًا للمعارف الإسلامية حيث كان يتصدى فيها لتفسير القرآن الكريم والسنة الشريفة والتعريف بالعقائد الدينية، والأحكام الشرعية ومعالجة ما أشكل منها على الناس، هذا بالإضافة إلى ما زخرت به أحاديثه من مواعظ وحكم، ولهذا وجد العقلاء والزهاد ضالتهم عند منبره وفي مجلسه.

 ومن آثاره أيضًا الصحيفة السجادية ورسالة الحقوق:

أما الصحيفة السجادية فهي مجموعة من الأدعية تتألف من 54 دعاءً غير ما اُلحق بها بعد ذلك من أدعية للإمام (عليه السلام) وغير الأدعية الطويلة التي تناقلها الرواة كدعاء أبي حمزة الثمالي، هذا وقد ضمَّن الإمام هذه الأدعية كثيرًا من المعارف الإسلامية والاعتقادات الدينية.

كالتوحيد والعدل الإلهي وسائر الصفات الذاتية لله عز وجل ومسائل النبوة والإمامة، ورغم أنها جاءت بصيغة الدعاء والمناجاة إلا إنها احتفظت بالصبغة البرهانية المتناسبة مع هذه المسائل، ثم إن هذه الأدعية لم تقتصر مضامينها على ما ذكرناه بل أنها اشتملت على الكثير من المعالجات النفسية والتربوية والكثير من القيم والمبادئ الاجتماعية، فكانت بحقٍ واحةٌ لخلق الإنسان الكامل والمجتمع الكامل.

ذلك لأنها سبرت أعماق الإنسان لتضع يده على مكامن الداء ثم تصدَّت لوصف الدواء بأسلوب أخَّاذٍ ورائق يفيض عذوبة ويبعث في النفس عنفوانًا جامحًا ومتمردًا على مباعث الدعة والاسترخاء.

 وأما رسالة الحقوق فهي نتاج غير مسبوق إذ لم يُؤثر عن أحد من العلماء أو الفلاسفة في الحضارات التي سبقت الإسلام انه كتب رسالة مستقلة في الحقوق، هذا وقد بلور الإمام (عليه السلام) في هذه الرسالة الرؤية الإسلامية الصافية تجاه ما ينبغي أن يكون عليه نظم العلائق الاجتماعية فحدد بذلك ما لكل فرد وما عليه من حقوق بعد أن صنف أفراد المجتمع على أساس مواقعهم الاجتماعية أو ملكاتهم الشخصية أو وظائفهم الدينية أو علائقهم الإنسانية أو النسبية، هذا وقد صدَّر رسالته الشريفة بتحديد نحو العلاقة بين الإنسان وربه ثم أردف ذلك بتبيان حقِ النفس على الإنسان وحقوق جوارحه عليه.

 وختاما نود أن نشير إلى أن المرحلة التي عايشها الإمام إبَّان إمامته كانت دقيقة وحرجة جدًا حيث لم يعد النظام الأموي يخشى من التعبير عن هويته بعد أن كشفت أحداثُ كربلاء عن طبيعتها، ولذلك أشاع الفساد في أرجاء الحواضر الإسلامية فأظهر الناس الفسوق وتعاطي الخمور وكانت بيوتات مكة والمدينة تضج بالغناء والرقص، هذا بالإضافة إلى أن المجتمع الإسلامي في هذه المرحلة قد انفتح على شعوبٍ وحضارات أخرى نتيجة الفتوحات الكثيرة التي كانت في تلك المرحلة.

 من هنا كان دور الإمام يتركز في محورين أساسيين:

الأول: تعئبة الأمة من أجل استئصال مادة الفساد اعني النظام الأموي، وقد استعان على ذلك بمجموعة من الأدوات والوسائل منها استعراض فاجعة كربلاء من اجل فصل الأمة معنويًا عن النظام الأموي وتحريضهم عليه وإلهاب شعورهم بالندم على تقاعسهم عن نصرة الحسين (عليه السلام). ومنها تشجيع الثورات وإعطاؤها الصبغة الشرعية.

الثاني: بذل الوسع من أجل تحصين الأمة عن الانحراف الفكري والخلقي وبتعبير آخر: إن الإمام لم يكن قادرًا على فصل الأمة عن الأجواء الموبؤة التي فرضتها ظروف انحراف الخلافة الإسلامية عن مسارها الصحيح ولذلك كان دوره يتمحض في تمديد أمد المقاومة للانحراف فكان دوره يشبه إلى حدٍ كبير دور العقاقير المضادة للفيروسات والتي تساهم في إعطاء المريض القدرة على المقاومة للمرض.

وقد نجح الإمام -وكذلك أئمة أهل البيت (عليهم السلام)- في ذلك حيث تمكنوا من إعطاء الأمة والهوية الدينية القدرة على الصمود أمام عوامل الانهيار التام.

 الصّلاة على الإمام عليّ بن الحسين زين العابدين ( عليه السَّلام ):
اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ سَيِّدِ الْعابِدينَ الَّذىِ اسْتَخْلَصْتَهُ لِنَفْسِكَ ، وَ جَعَلْتَ مِنْهُ اَئِمَّةَ الْهُدىَ الَّذينَ يَهدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ اخْتَرْتَهُ لِنَفْسِكَ ، وَ طَهَّرْتَهُ مِنَ الرِّجْسِ ، وَ اصْطَفَيْتَهُ وَ جَعَلْتَهُ هادِياً مَهْدِيّاً ، اَللّـهُمَّ فَصَلِّ عَلَيْهِ اَفْضَلَ ما صَلَّيْتَ عَلى اَحَد مِنْ ذُرِّيَةِ اَنْبِيائِكَ حَتّى تَبْلُغَ بِهِ ما تَقِرُّ بِهِ عَيْنُهُ فِي الدُّنْيا وَ الاْخِرَةِ ، اِنَّكَ عَزيزٌ حَكيمٌ .

المصدر: مواقع مختلفة بتصرف

 

قراءة 664 مرة