في ذكرى ولادة النبي الأعظم(ص)

قيم هذا المقال
(5 صوت)

في ذكرى ولادة النبي الأعظم(ص)

ظاهرة النبوة في الحياة البشرية

لقد صرّح القرآن الكريم بأن العهد التاريخي للبشرية قد بدأ بظاهرة وجود النبوّات وبعث الأنبياء وإرسال الرسل. الذين مضوا يقودون مجتمعاتهم نحو حياة أفضل ووجود إنساني أكمل; مما يمكن أن نستنتج منه أنّ إشراق النبوّة وظهور الأنبياء في المجتمعات البشريّة يعتبر بداية العصر التاريخي للبشرية .

قال تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَـبَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيَما اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم}(1).

 

مضمون الظاهرة الربّانية والإنسانية

لقد قضت حكمة الله ورحمته بإرسال الأنبياء حاملين الى الإنسانية منهاج هدايتها الذي يخرجها من عهد الغريزة الى عهد العقل، ومن منطق الصراع الذي مرجعه الغريزة والقوّة الى منطق النظام ومرجعه القانون.. وخرج المجتمع البشري بالنبوّات عن كونه تكويناً حيوانياً بيولوجيّاً الى كونه ظاهرة عقلية روحية وحققت النبوّات للإنسان مشروع وحدة أرقى من وحدته الدموية البيولوجية ... وهي الوحدة القائمة على أساس المعتقد، وبذلك تطوّرت العلاقات الإنسانية مرتفعة من علاقات المادة الى علاقات المعاني . والإختلافات التي نشأت في النوع الإنساني بعد إشراق عهد النبوّات غدت اختلافات في المعنى، واختلافات في الدين والمعتقد; فإنّ أسباب الصراع لم تُلغ بالدين الذي جاءت به النبوّات بل استمرّت وتنوّعت، ولكن المرجع لم يعد الغريزة بل غدا القانون مرجعاً في هذا المضمار . والقانون الذي يتضمنه الدين يكون قاعدة ثابتة لوحدة الإنسانية وتعاونها وتكاملها(2).

 

خطّ الهداة الربّانية خطّ حركة الإنسان

وأوضح الإمام علي بن أبي طالب(ع) في الخطبة الأُولى من نهج البلاغة ـ بعد أن استعرض تاريخ خلق العالم وتاريخ خلق آدم(ع) وإسكانه في الأرض ـ أن إشراق النبوّة وتسلسلها على مدى العصور هو المحور في تاريخ الإنسان وحركته نحو الكمال كما صرّح به القرآن الكريم موضحاً منهجه في التعامل مع التاريخ.

قال(ع) «... واصطفى سُبحانه من ولد (آدم) أنبياء، أخذ على الوحي ميثاقهم(3) ، وعلى تبليغ الرسالة أمانتهم لمّا بدّل أكثر خلقه عهد الله اليهم(4)، فجهلوا حقّه، واتّخذوا الأنداد معه(5)، واجتالتهم الشياطين عن معرفته(6)، واقتطعتهم عن عبادته ..

فبعث فيهم رُسُله ، وواتر إليهم أنبياءه; ليستأدُوهم ميثاق فطرته(7)، ويذكّروهم مَنسيَّ نعمته، ويحْتجّوا عليهم بالتّبليغ، ويثيروا لهم دفائن العقول(8)، ويُروهم آيات المقدرة: من سقف فوقهم مرفوع، ومهاد تحتهم موضوع ، ومعايش تُحْييهم ، وآجال تُفنيهم، وأوصاب تُهرمهم(9)، وأحداث تتابع عليهم.

ولم يُخْل الله سبحانه خلقه من نبيٍّ مرسل ، أو كتاب مُنْزل ، أو حجّة لازمة، أو محجّة قائمة(10).

رُسلٌ لا تقصِّرُ بهم قلّة عددهم، ولا كثرة المكذّبين لهم : من سابق سُمّي له من بعده، أو غابر عرّفه من قبله(11) .

على ذلك نسلت القرون(12)، ومضت الدهور ، وسلفت الآباء، وخلفت الأبناء .

الى أن بعث الله سبحانه مُحمّداً رسول الله(ص)، لإنجاز عدته(13)، وإتمام نبوّته.

مأخوذاً على النبيّين ميثاقه، مشهورة سماته(14)، كريماً ميلاده، وأهل الأرض يومئذ مللٌ متفرّقة وأهواءٌ منتشرة، وطوائف متشتِّتة، بين مشبِّه لله بخلقه، أو مُلحد في إسمه، أو مشير الى غيره(15).

فهداهم به من الضّلالة ، وأنقذهم بمكانه من الجهالة.

ثم اختار سبحانه لمحمّد(ص) لقاءَهُ، ورضي له ما عنده ، وأكرمه عن دار الدنيا، ورغب به عن مقام البلوى، فقبضه اليه كريماً(ص) ، وخلَّف فيكم ما خلّفت الأنبياء في اُممها إذْ لم يتْرُكوهم هملاً بغير طريق واضح، ولا علم قائم(16)»(17).

 

ظاهرة البشائر وفلسفتها

إنّ بشائر الأنبياء السابقين بنبوّة الأنبياء اللاحقين تنفع الأجيال المعاصرة لهم وكذا الأجيال اللاحقة; إذ تفتح عيونهم وتجعلهم على أهبة الإستقبال للنبيّ المبشَّر بنبّوته أوّلاً، كما أنّها تزيل عنهم الريب وتعطيهم مزيداً من الثقة والاطمئنان ثانياً.

وثالثاً: إن اليأس من الاصلاح إذا ملأ القلب يجعل الإنسان يفكر بطرق أبواب الشّر والخيانة، فالبشائر بمجي الأنبياء المصلحين تزيل اليأس من النفوس التي تنتظر الاصلاح وتوجّهها الى حبّ الحياة وقرع أبواب الخير.

ورابعها: تزيد البشائر إيمان المؤمنين بنبوّة نبيّهم، وتجعل الكافرين في شكٍّ من كفرهم، فيضعف صمودهم أمام دعوة النبيّ الى الحقّ ممّا يمهّد لقبولهم الدعوة.

وخامساً: إذا أدّت البشارة إلى حصول الثقة فقد لا تُطلب المعجزة من النبيّ المبعوث الى أُمّته .

وهكذا كما تكون النبوّة المحفوفة بالبشارة أنفذ الى القلوب وأقرب الى الإذعان بها. على أ نّها تبعّد الناس عن وطأة المفاجأة أمام واقع غير منتظر، وتخرج دعوة النبيّ عن الغرابة في نفوس الناس(18).

إنّ الأنبياء جميعاً يشكّلون خطاً رساليّاً واحداً، فالسابق منهم يبشّر باللاحق به، واللاحق منهم يؤمن ويصدّق بالسابق عليه.

وقد تكفّلت الآية (81) من سورة آل عمران بالتصريح بسنّة البشائر هذه. فضلاً عن الشواهد والتطبيقات التي سوف نلاحظها في البحث الآتي.

 

بشارات الانبياء برسالة محمد بن عبدالله(ص)

1 ـ لقد نصّ القرآن الكريم على بشارة إبراهيم الخليل(ع) برسالة خاتم النبيين(ص) باسلوب الدعاء قائلاً ـ بعد الكلام عن بيت الله الحرام في مكّة المكرّمة ورفع القواعد من البيت والدعاء بقبول عمله وعمل إسماعيل(ع) وطلب تحقيق اُمة مسلمة من ذريتهما ـ : {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَـبَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (19).

2 ـ وصرّح القرآن الكريم بأنّ البشارة بنبوّة محمد(ص) الاُمّي كانت موجودة في العهدين القديم (التوراة) والجديد (الانجيل). والعهدان كانا في عصر نزول القرآن الكريم وظهور محمد(ص) ولو لم تكن البشارة موجودة فيهما لجاهر بتكذيبها أصحاب العهدين.

قال تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّورَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ...} (20).

3 ـ وصرّحت الآية السادسة من سورة الصف بأن عيسى(ع) صدَّقَ التوراة بصراحة وبشّر برسالة نبيّ من بعده اسمه أحمد. وقد خاطب عيسى(ع) بني اسرائيل جميعاً لا الحواريين فحسب.

 

أهل الكتاب ينتظرون خاتم النبييّن(ص)

لم يكتفِ الأنبياء السابقون بذكر الأوصاف العامة للنبيّ المبشَّر به، بل ذكروا أيضاً العلائم التي يستطيع المبَشَّرون من خلالها معرفته بشكل دقيق، مثل : محل ولادته، ومحل هجرته وخصائص زمن بعثته، وعلائم جسمية خاصة وخصائص يتفردّ بها في سلوكه وشريعته.. ولهذا قال القرآن عن بني إسرائيل بأنهم كانوا يعرفون رسول الإسلام المبشَّر به في العهدين كما يعرفون أبناءَهم(21).

بل رتبوا على ذلك آثاراً عملية فاكتشفوا محل هجرته ودولته فاستقروا فيها وأخذوا يستفتحون برسالته على الذين كفروا ويستنصرون برسول الله(ص) على الأوس والخزرج(22) وتسرّبت هذه الأخبار الى غيرهم عن طريق رهبانهم وعلمائهم فانتشرت في المدينة وتسرّبت الى مكّة(23).

وذهب وفد من قريش بعد إعلان الرسالة إلى اليهود في المدينة للتَثبّت من صحة دعوى النبيّ(ص) النبوّة وحصلوا على معلومات اختبروا بها النبيّ(ص) (24) واتّضح لهم من خلالها صدق دعواه.

وقد آمن جمع من أهل الكتاب وغيرهم بالنبيّ محمّد(ص) على أساس هذه العلائم التي عرفوها من دون أن يطلبوا منه معجزةً خاصةً(25)، وهذه البشائر تحتفظ بها لحد الآن بعض نسخ التوراة والإنجيل(26).

وهكذا تسلسلت البشائر بنبوة خاتم النبيين محمد(ص) من قبل ولادته، وخلال فترة حياته قبل بعثته، وقد عرف واشتهر منها إخبار بحيرى الراهب وغيره إبّان البعثة المباركة(27).

وقد شهد عليٌّ أمير المؤمنين(ع) بهذه الحقيقة التاريخية حين قال في إحدى خطبه: «... الى أن بعث الله سبحانه محمداً رسول الله(ص) لإنجاز عِدَتِه واِتمام نبوّتِه، مأخوذاً على النبيين ميثاقه مشهورةً سِماتُه..»(28).

وقد جاء في طبقات ابن سعد عن سهل مولى عتيبة أنّه كان نصرانياً من أهل حريس، وأنه كان يتيماً في حجر اُمّه وعمّه وأنه كان يقرأ الإنجيل، قال: «... فأخذت مصحفاً لعمي فقرأته حتّى مرّت بي ورقة فانكرت كتابتها حين مرّت بي ومسستها بيدي، قال: فنظرت; فاذا فصول الورقة ملصق بغراء ، قال: ففتقتها فوجدت فيها نعت محمّد(ص): إنّه لا قصير ولا طويل، أبيض ذو ضفيرتين، بين كتفيه خاتم يكثر الاحتباء ولا يقبل الصدقة ويركب الحمار والبعير ويحتلب الشاة ويلبس قميصاً مرقوعاً، ومن فعل ذلك فقد برئ من الكبر وهو يفعل ذلك، وهو من ذرّية إسماعيل، إسمه أحمد. قال سهل: فلما انتهيت الى هذا من ذكر محمد(ص) جاء عمّي فلّما رأى الورقة ضربني وقال: مالك وفتح هذه الورقة وقراءتها! فقلت: فيها نعت النبيّ أحمد، فقال: إنّه لم يأتِ بَعدُ(29) .

 

* * *

دور الولادة والنشأة

إستحكم الفساد والظلم في مجتمع الجزيرة في الفترة التي سبقت البعثة النبوية فلم تعد كتلة المجتمع واحدة ولم تكن الخصائص الاجتماعية والثقافية التي أوجدتها طبيعة الحياة في الصحراء كافية لإيقاف حالة الانهيار التي بدت ملامحها على المجتمع في الجزيرة العربية. وما الأحلاف التي نشأت إلا تعبير عن ظاهرة اجتماعية لمقاومة ذلك التحلل ولكنها في تعددها دليل على انعدام القوة المركزية في المجتمع.

وليس من حركة إصلاحية تغييرية يذكرها لنا التاريخ تكون قد سعت للنهوض بالمجتمع والارتقاء به نحو الحياة الفضلى سوى حركة بعض الأفراد التي تعبر عن حالة الرفض لهذا التفسخ والظلم الإجتماعي متمثلة في حالة التحنّث التي أبداها عدد قليل من أبناء الجزيرة العربية ولم ترتقِ الى مستوى النظرية أو الحركة التغييرية الفاعلة في المجتمع...(30) وتفكك المجتمع القرشي قد نلاحظه أيضاً في ظاهرة اختلافهم حول بناء الكعبة في الوقت الذي كانت قريش من أعز القبائل العربية وأشدها تماسكاً. ويمكن لنا أن نستدل على تمادي المجتمع في الفساد من خلال الإنذارات المتكررة من اليهود القاطنين في الجزيرة العربية واستفتاحهم على أهالي الجزيرة بظهور المصلح المنقذ للبشرية برسالته السماوية وكانوا يقولون لهم: ليخرجنَّ نبيٌّ فليكسرنَّ أصنامكم(31).

 

إيمان آباء النبيّ(ص):

ولد النبيّ(ص) وترعرع في عائلة تدين بالتوحيد وتتمتع بسمو الأخلاق وعلو المنزلة. فإيمان جدّه عبد المطلب نلمسه من كلامه ودعائه عند هجوم أبرهة الحبشي لهدم الكعبة إذ لم يلتجئ الى الأصنام بل توكل على الله لحماية الكعبة(32). بل يمكن أن نقول إن عبد المطلب كان عارفاً بشأن النبيّ(ص) ومستقبله المرتبط بالسماء من خلال الأخبار التي أكدت ذلك . وتجلّت اهتماماته به في الاستسقاء بالنبي(ص) وهو رضيع، وما ذلك إلاّ لما كان يعلمه من مكانته عند الله المنعم الرازق(33)، والشاهد الآخر هو تحذيره لأُم أيمن من الغفلة عنه عندما كان صغيراً(34).

وكذلك حال عمه أبي طالب الذي استمر في رعاية النبيّ(ص) ودعمه لأجل تبليغ الرسالة والصدع بها حتى آخر لحظات عمره المبارك متحملاً في ذلك أذى قريش وقطيعتهم وحصارهم له في الشعب. ونلمس هذا في ما روي عن أبي طالب(ع) في عدة مواقف ترتبط بحرصه على سلامة حياة النبيّ(ص)(35).

وأما والدا النبيّ(ص) فالروايات دالّة على نبذهما للشرك والأوثان ويكفي دليلاً قول الرسول(ص): «لم أزل أُنقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات» وفيه إيعاز الى طهارة آبائه واُمهاته من كلِّ دنس وشرك(36).

 

مولد الرسول(ص):

ما إن استنفذت الديانة النصرانية أغراضها في المجتمع البشري ولم تعد لها فاعلية تذكر حتى حلّت في الدنيا كلّ مظاهر التَيه والزّيغ، وأمسى الناس كافة ضُلاّل فتن وحيرة، استخفّتهم الجاهلية الجهلاء، ولم تكن أوضاع الروم بأقل سوءاً من أوضاع منافسيهم في فارس، وما كانت جزيرة العرب أفضل وضعاً من الاثنين. والكل على شفا حفرة من النّار.

وقد وصف القرآن بصورة بليغة جانباً مأساوياً من حياة البشر آنذاك، كما وصف سيد أهل بيت النبوة علي بن أبي طالب(ع) ذلك الوضع المأساوي وصفاً دقيقاًعن حس ومعايشة في عدّة خطب، منها قوله في وصف حال المجتمع الذي بُعث فيه النبيّ(ص):

«أرسله على حين فترة من الرسل وطول هجعة من الأُمم وإعتزام من الفتن، وانتشار من الأُمور وتلظٍّ من الحروب، والدنيا كاسفة النور، ظاهرة الغرور ، على حين اصفرار من ورقها، وإياس من ثمرها، واغورار من مائها ، قد درست منار الهدى ، وظهرت أعلام الردى، فهي متجهمةٌ لأهلها ، عابسةٌ في وجه طالبها، ثمرها الفتنة،وطعامها الجيفة، وشعارها الخوف، ودثارها السيف»(37).

في مثل هذا الظرف العصيب الذي كانت تمر به البشرية سطع النور الإلهي فأضاء العباد والبلاد مبشراً بالحياة الكريمة والسعادة الأبدية. وذلك عندما بوركت أرض الحجاز بمولد النبيّ الأكرم محمد بن عبدالله(ص) في عام الفيل سنة (570 ميلادية) وفي شهر ربيع الأوّل على ما هو عليه أكثر المحدثين والمؤرخين(38).

وأما عن يوم ميلاده(ص)، فقد حدّده أهل بيته^ ـ وهم أدرى بما في البيت ـ فقالوا: هو يوم الجمعة السابع عشر من شهر ربيع الأوّل بعد طلوع الفجر، كما هو المشهور بين الإمامية(39)، وعند غيرهم أنّه(ص) ولد في يوم الاثنين الثاني عشر من الشهر نفسه(40).

وتتحدث جملة من المصادر التاريخية والحديثية عن وقوع حوادث عجيبة يوم ولادته مثل: انطفاء نار فارس، وزلزال أصاب الناس حتّى تهدّمت الكنائس والبيَع وزال كلّ شيء يُعبد من دون الله عزّ وجل عن موضعه، وتساقط الأصنام المنصوبة في الكعبة على وجوهها حتّى عُمّيت على السحرة والكهّان أُمورهم، وطلوع نجوم لم تُرَ من قبل(41).

هذا وقد ولد(ص) وهو يقول: «الله أكبر، والحمد لله كثيراً وسبحان الله بكرةً وأصيلاً»(42).

واشتهر النبيُّ(ص) بـ : اسمين: «محمّد» و«أحمد» وقد ذكرهما القرآن الكريم، وروى المؤرخون أنّ جدّه عبد المطلب قد سمّاه «محمداً»، وأجاب من سأله عن سبب التسمية قائلاً: أردت أن يحمد في السماء والأرض(43). كما أنَّ أُمه آمنة سمّته قبل جده بـ : «أحمد»(44).

وقد بشّر به الإنجيل على لسان عيسى(ع) ـ كما أخبر القرآن الكريم بذلك وصدّقه علماء أهل الكتاب(45) ـ وقد حكاه قوله تعالى: {ومبشّراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد} (46). ولا مانع من أن يعرف الشخص باسمين ولقبين وكنيتين في عرف الجزيرة العربية وغيرها.

 

رضاعه الميمون :

أصبح محمد(ص) الشغل الشاغل لجدّه عبد المطلب الذي فقد إبنه عبدالله ـ وهو أعزّ أبنائه ـ في وقت مبكّر جداً. من هنا أوكل جدّه رضاعه إلى «ثويبة» وهي جارية لأبي لهب(47) .

كي يتسنى لهم إرساله إلى بادية بني سعد ليرتضع هناك وينشأ في بيئة نقيّة بعيداً عن الأوبئة التي كانت تهدد الاطفال في مكّة ويترعرع بين أبناء البادية كما هي عادة أشراف مكّة في إعطاء أطفالهم الرضّع الى المراضع وكانت مراضع قبيلة بني سعد من المشهورات بهذا الأمر، وكانت تسكن حوالي مكّة ونواحي الحرم وكانت نساؤهم يأتين إلى مكّة في موسم خاص من كل عام يلتمسْنَ الرضعاء خصوصاً عام ولادة النبيّ(ص) حيث كانت سنة جدب وقحط فكنّ بحاجة إلى مساعدة أشراف مكّة(48).

وزعم بعض المؤرخين: أنه لم تقبل أية واحدة من تلك المراضع أن تأخذ «محمداً» بسبب يتمه، وأوشكت قافلة المراضع أن ترجع ومع كل واحدة رضيع إلاّ حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية فقد أعرضت عن النبيّ(ص) أوّل الأمر كغيرها من المرضعات وحين لم تجد رضيعاً قالت لزوجها: والله لأذهبنَّ إلى ذلك اليتيم فلآخذنَّهُ. ورجح لها زوجها ذلك فرجعت إليه واحتضنته والأمل يملأ نفسها في أن تجد بسببه الخير والبركة(49).

ويردّ هذا الزعم مكانة البيت الهاشمي الرفيعة وشخصية جدّه الذي عرف بالجود والإحسان ومساعدة المحتاجين والمحرومين.

على أن بعض المؤرخين قد ذكر أن أباه قد توفي بعد ولادته بعدة أشهر(50).

كما روي أنّه(ص) لم يقبل إلاّ ثديَ «حليمة»(51).

قالت حليمة: استقبلني عبد المطلب فقال: من أنت؟ فقلت: أنا امرأة من بني سعد. قال ما اسمك ؟ قلت: حليمة. فتبسم عبد المطّلب وقال: بخ بخ سعدٌ وحلم خصلتان فيهما خير الدهر وعزّ الأبد(52).

ولم يخب ظنّ حليمة في نيل البركة وزيادة الخير بأخذ يتيم عبد المطلب فقد روي أن ثدي حليمة كان خالياً من اللبن فلما ارتضع النبيّ(ص) منه امتلأ ودرّ لبناً.

وتقول حليمة: عندما أخذنا رسول الله(ص) عرفنا الخير والزيادة في معاشنا ورياشنا حتى أثرينا بعد الجدب والجهد(53).

وأمضى وليد «عبد المطلب» في أحضان حليمة وزوجها في مرابع بني سعد ما يقارب خمس سنوات رجعت به خلالها إلى أهله عند فطامه بعد أن أتم السنتين على كره منها; لما وجدت فيه من السعادة والخير، كما أن أُمّه أرادت أن يشتد عود ابنها بعيداً عن مكّة، خوفاً عليه من الأمراض فرجعت به مسرورة(54).

وروي أنها جاءت به ثانيةً الى مكّة خوفاً عليه من أيادي السوء عندما شاهدت جماعة من نصارى الحبشة القادمين الى الحجاز قد أصرّوا على أخذه معهم إلى الحبشة لأنهم وجدوا فيه علائم النبىّ الموعود، لينالوا بذلك شرف احتضانه وبلوغ المجد باتّباعه(55).

 

الاستسقاء بالنبيّ(ص) :

أشار المؤرخون إلى ظاهرة الإستسقاء برسول الله(ص) التي حدثت أكثر من مرة في حياته، حين كان رضيعاً وحين كان غلاماً في حياة جدّه وعمّه أبي طالب. فالمرة الاُولى: لمّا أصاب أهل مكّة من الجدب العظيم، وأمسك السحاب عنهم سنتين، أمر عبد المطلب إبنه أبا طالب أن يحضر حفيده محمداً(ص) فأحضره ـ وهو رضيعٌ في قماط ـ فوضعه على يديه واستقبل الكعبة وقدّمه إلى السماء، وقال: يا ربِّ بحق هذا الغلام، وجعل يكرّر قوله ويدعو: إسقنا غيثاً مغيثاً دائماً هطلاً، فلم يلبث ساعة حتى أطبقت الغيوم وجه السماء وهطل المطر منهمراً حتى خافوا من شدته على المسجد أن ينهدم(56).

وتكرر الاستسقاء ثانياً بعد مدة وكان النبيّ(ص) في هذه المرة غلاماً حين خرج به عبد المطلب الى جبل أبي قبيس ومعه وجوه قريش يرجون الاستجابة ببركة النبيّ(ص) (57)، وقد أشار أبو طالب إلى هذه الواقعة بقصيدة أولها:

أبونا شفيع الناس حينَ سقوا به من الغيث رجّاس العشير بكور

ونحن ـ سني المحل ـ قام شفيعنا بمكّة يدعو والمياه تغــــــور

ونقل المؤرّخون أن قريشاً طلبت من أبي طالب أن يستسقي لهم فخرج أبو طالب الى المسجدالحرام وبيده النبيّ(ص) ـ وهو غلام ـ كأنه شمس دجىً تجلّت عنها غمامة ـ فدعا الله بالنبي(ص) فأقبلت السحاب في السماء وهطل المطر فسالت به الأودية وسُرَّ الجميع وقد ذكر أبو طالب هذه الكرامة أيضاً عندما تمادت قريش في عدائها للنبيّ(ص) ورسالته المباركة فقال:

وأبيضُ يستسقى الغمام بوجهه ربيع اليتامى عصمةٌ للأرامل

تلوذُ به الهلاّك من آل هاشم فهم عنده في نعمة وفواضل(58)

وكلّ هذا يعرب لنا عن توحيد كفيلَي رسول الله(ص) الخالص وإيمانهما بالله تعالى، ولو لم يكن لهما إلاّ هذان الموقفان لكفاهما فخراً واعتزازاً. وهذا يدل أيضاً على أن رسول الله(ص) قد نشأ في بيت كانت الديانة السائدة فيه هي الحنيفية وتوحيد الله تعالى.

 

 

مع اُمّه آمنة :

لم يتمتع النبيّ(ص) بطول رعاية أُمه الحنون التي عاشت بعد أبيه وهي تنتظر أن يشبَّ يتيم عبدالله ليكون لها سلوةً عن فقد زوجها الحبيب ولكن الموت لم يمهلها طويلاً. فقد روي أن حليمة السعدية جاءت بالنبي(ص) الى أهله وقد بلغ خمس سنين. وأرادت أُمه آمنة أن تحمله معها وتزور قبر زوجها العزيز ويزور محمد(ص) أخواله من بني النجار في يثرب فيتعرف في هذه السفرة عليهم ولكن هذه الرحلة لم تترك على النبيّ(ص) إلاّ حزناً آخر حيث فقد أُمه في طريق العودة في منطقة تدعى بالأبواء بعد أن زار الدار التي توفيّ ودفن فيها أبوه، وكأنَّ تلاحق الأحزان على قلب النبيّ(ص) في طفولته كانت خطوات إعداد إلهي لتتكامل نفسه الشريفة.

وواصلت أُم أيمن رحلتها نحو مكّة وهي تصطحب النبيَّ(ص) لتسلمه الى جدّه عبد المطلب الذي ازداد تعلّقاً بحفيده محمّد(ص) (59).

 

مع جدّه عبد المطّلب :

بلغ محمد(ص) في قلب عبد المطلب مكانة لم يبلغها أحد من بنيه وأحفاده وهم سادات بطحاء مكّة، فقد روي أن عبد المطلب كان يجلس في فناء الكعبة على بساط كان يُمد له وحوله وجوه قريش وساداتها وأولاده، فإذا وقعت عيناه على حفيده «محمد»(ص) أمر بأن يفرج له حتى يتقدم نحوه ثمّ يجلسه إلى جنبه على ذلك البساط الخاص به(60). وهذه العناية من سيد قريش قد عزّزت من مكانة محمد(ص) في نفوس قريش إضافةً إلى سمو أخلاقه منذ نعومة أظفاره.

ولقد أشار القرآن الكريم إلى فترة اليتم هذه التي اجتازها النبيّ(ص) تحت رعاية ربه بقوله تعالى: {ألم يجدك يتيماً فآوى}(61) إن فترة اليتم عادة تصب في صياغة الإنسان وإعداده للنضج والاعتماد على النفس في تحمّل الصعاب والمكاره عند مواجهتها والصبر عليها. وهكذا تولّى الله إعداد نبيّه المختار ليكون قادراً على تحمل مهام المستقبل وحمل الرسالة الكبرى التي كانت تنتظر نضجه وكماله. وقد أشار النبيّ(ص) الى هذه الحقيقة بقوله: «أدبني ربي فأحسن تأديبي»(62).

ولم يمضِ من عمر النبيّ(ص) أكثر من ثمان سنوات حتى مُني بمحنة ثالثة وهي فقد جدّه العظيم «عبد المطلب»، وقد حزن محمد(ص) لموت جدّه حزناً لايقل عن حزنه لموت أُمه حتى أ نّه بكى بكاءاً شديداً وهو يتبع نعشه إلى مقرّه الأخير(63).

ولم ينسَ ذكره أبداً; إذ كان يرعاه خير رعاية وكان عارفاً بنبوّته فقد روي أنّه قال ـ لمن أراد أن ينحّي عنه محمّداً(ص) عندما كان طفلاً يدرج ـ : دع إبني فإنّ الملك قد أتاه(64).

 

 

* * *

مظاهر من شخصية خاتم النبيين(ص)

1ـ الثقة المطلقة بالله تعالى:

قال الله تعالى لرسوله(ص): {لَيْسَ اللَّهُ بِكَاف عَبْدَهُ} )؟

وقال له أيضاً : {َتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ* الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ* وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} (65).

وقد كان رسول الله(ص) كما قال الله تعالى على ثقة مطلقة به سبحانه.

جاء عن جابر أنه قال : كنا مع رسول الله(ص) بذات الرقاع فإذاً أتينا على شجرة ظليلة تركناها لرسول الله، فجاء رجل من المشركين وسيف رسول الله(ص) معلق بالشجرة فاخترطه وقال: تخافني؟ قال: لا. قال: فمن يمنعك منّي؟ قال: الله. فسقط السيف من يده فأخذ رسول الله السيف فقال: من يمنعك منّي؟ فقال: كن خير آخذ. فقال: تشهد أن لا اله الاّ الله وأني رسول الله؟ قال: لا ولكني أعاهدك أن لا اُقاتلك ولا أكون مع قوم يقاتلونك، فخلّى سبيله فأتى أصحابه فقال: جئتكم من عند خير الناس(66).

 

2 ـ الشجاعة الفائقة :

قال الله تعالى: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاَتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَداً إلاّ الله} (67) .

وجاء عن علي بن أبي طالب(ع) ـ الذي طأطأ له فرسان العرب ـ أ نّه: كنّا إذا احمرّ البأس ولقيَ القومُ القومَ اتّقينا برسول الله(ع) فما يكون أحدٌ أدنى من القوم منه(68).

ووصف المقداد ثبات رسول الله(ص) يوم اُحد بعد أن تفرّق الناس وتركوا رسول الله(ص) وحده فقال: والذي بعثه بالحق إن رأيت رسول الله(ص) زال شبراً واحداً. إنّه لفي وجه العدوّ تثوب اليه طائفة من أصحابه مرّة وتتفرّق عنه مرّة، فربّما رأيته قائماً يرمي عن قوسه أويرمي بالحجر حتى تحاجروا(69).

 

3 ـ زهدٌ منقطع النظير :

قال تعالى: {وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} (70).

وعن أبي أُمامة عن النبيّ(ص): أنه قال: عرض عليّ ربّي ليجعل لي بطحاء مكّة ذهباً، قلت: لا يا ربّ ولكن أشبع يوماً وأجوع يوماً.. فإذا جعت تضرّعت إليك وذكرتك، وإذا شبعتُ شكرتُك وحمدتُك(71).

ونام على حصير فقام وقد أثّر في جنبه، فقيل له: يا رسول الله لو اتخذنا لك وطاءاً فقال: ما لي وما للدنيا؟! ما أنا في الدنيا الاّ كراكب استظلّ تحت شجرة ثم راح وتركها(72).

وقال ابن عباس: كان رسول الله يبيت الليالي المتتابعة طاوياً وأهله لا يجدون عشاءاً وكان أكثر خبزهم خبز الشعير(73).

وقالت عائشة: ما أكل آل محمد أكلتين في يوم واحد إلاّ إحداهما تمر(74).

وقالت : تُوفي رسول الله(ص) ودرعه مرهونةٌ عند يهوديٍّ بثلاثين صاعاً من شعير(75).

وعن أنس بن مالك أنّ فاطمة جاءت بكسرة خبز الى النبيّ(ص) فقال: ما هذه الكسرة يا فاطمة؟ قالت: قرص خبز، فلم تطب نفسي حتى أتيتك بهذه الكسرة. فقال: أما إنّه أوّل طعام دخل فم أبيك منذ ثلاثة أيّام(76).

وعن قتادة قال: كنّا عند أنس وعنده خبّاز له فقال: ما أكل النبيّ(ص) خبزاً مرقّقاً ولا شاةً مسموطةً حتى لقي الله(77).

 

4 ـ جودٌ وحلمٌ عظيمان :

قال ابن عبّاس: كان النبيّ(ص) أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في شهر رمضان.. إنّ جبريل كان يلقاه في كل سنة من رمضان.. فإذا لقيه جبريل كان رسول الله(ص) أجود بالخير من الريح المرسلة(78).

وقال جابر: ما سُئل النبيّ(ص) شيئاً قطّ فقال لا(79).

وروي أن رسول الله(ص) أتى صاحب بزٍّ فاشترى منه قميصاً بأربعة دراهم فخرج وهو عليه، فإذا رجل من الأنصار. فقال: يا رسول الله أكسني قميصاً كساك الله من ثياب الجنة فنزع القميص فكساه إيّاه، ثم رجع الى صاحب الحانوت فاشترى منه قميصاً بأربعة دراهم وبقي معه درهمان فاذا هو بجارية في الطريق تبكي فقال: ما يبكيك؟ قالت: يا رسول الله دفع اليَّ أهلي درهمين اشتري بهما دقيقاً فهلكا، فدفع النبيّ(ص) إليها الدرهمين فقالت: أخاف أن يضربوني فمشى معها الى أهلها فسلّم فعرفوا صوته، ثمّ عاد فسلّم، ثمّ عاد فثلّث، فردّوا، فقال: أسمعتم أوّل السلام؟ فقالوا: نعم ولكن أحببنا أن تزيدنا من السلام. فما أشخصك بأبينا واُمِّنا؟ قال: أشفقت هذه الجارية أن تضربوها، قال صاحبها: هي حرّة لوجه الله لممشاك معها. فبشّرهم رسول الله(ص) بالخير وبالجنّة; وقال: لقد بارك الله في العشرة كسا الله نبيّه قميصاً ورجلاً من الأنصار قميصاً وأعتق منها رقبة، وأحمد الله هو الذي رزقنا هذا بقدرته(80).

وكان إذا دخل شهر رمضان أطلق كل أسير وأعطى كل سائل(81).

وعن عائشة: أن رسول الله(ص) ما انتقم لنفسه شيئاً يؤتى إليه إلاّ أن تنتهك حرمات الله. ولا ضرب بيده شيئاً قط الاّ أن يضرب بها في سبيل الله ولا سُئل شيئاً قط فمنعه إلاّ أن يُسألَ مأثماً فإنه كان أبعد الناس منه(82).

وعن عبيد بن عمير: أن رسول الله(ص) ما اُتي في غير حدٍّ إلاّ عفا عنه(83).

وقال أنس: خدمت رسول الله عشر سنين. فما قال لي اُفٍّ قطّ، وما قال لشي صنعتهُ: لِم صنَعْتَه؟ ولا لشيء تركتُه: لِمَ تركتَه؟(84).

وجاءه أعرابيٌّ فجذب رداءه بشدّة حتى أثرت حاشية الرداء على عاتق النبيّ(ص) ثم قال له: يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك. فالتفت إليه فضحك ثم أمر له بعطاء(85).

لقد عُرف(ص) بالعفو والسماحة طيلة حياته... فقد عفا عن وحشي قاتل عمه حمزة(86)... كما عفا عن المرأة اليهودية التي قدمت له شاةً مسمومةً(87).

وعفا عن أبي سفيان وجعل الدخول الى داره أماناً من القتل(88). وعفا عن قريش التي عتت عن أمر ربّها وحاربته بكل ما لديها.. وهو في ذروة القدرة والعزّة قائلاً لهم: «اللهم اهدِ قومي فإنّهم لا يعلمون(89).. اذهبوا فأنتم الطلقاء»(90).

لقد أفصح القرآن عن عظمة حلم الرسول(ص) بقوله تعالى: {وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ} (91)، ووصف مدى رأفته ورحمته بقوله تعالى: ( {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} (92).

 

5 ـ حياؤه وتواضعه :

عن أبي سعيد الخدريّ: كان النبيّ(ص) أشدّ حياءاً من العذراء في خدرها وإذا كره شيئاً عُرف في وجهه(93).

وعن علي(ع): كان النبيّ(ص) إذا سُئل شيئاً فأراد أن يفعله قال: نعم وإذا أراد أن لا يفعل سكت، وكان لا يقول لشيء لا(94).

وعن يحيى بن أبي كثير أنّ رسول الله(ص) قال: آكُل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد. فإنّما أنا عبد(95). كما اشتهر عنه أنه كان يسلّم على الصبيان(96).

وكلّم النبيُّ(ص) رجلاً فأرعد. فقال: هَوِّن عليك فإني لستُ بملِك إنّما أنا ابن إمرأة تأكل القديد(97).

وعن أبي أمامة: خرج علينا رسول الله متوكّئاً على عصا، فقمنا إليه فقال: «لا تقوموا كما تقوم الأعاجم يعظم بعضهم بعضاً»(98).

وكان يداعب أصحابه ولا يقول إلاّ حقّاً(99). ولقد شارك أصحابه في بناء المسجد(100) وحفر الخندق(101) وكان يكثر من مشاورة أصحابه بالرغم من أنّه كان أرجح الناس عقلاً(102).

وكان يقول : «اللهم أحيني مسكيناً وتوفّني مسكيناً واحشرني في زمرة المساكين وإنّ أشقى الأشقياء من اجتمع عليه فقر الدنيا وعذاب الآخرة»(103).

هذه صورة موجزة جدّاً عن بعض ملامح شخصيته(ص) وبعض جوانب سلوكه الفردي والاجتماعي. وهناك صورٌ رائعةٌ وكثيرةٌ عن سلوكه وسيرته الإدارية والسياسية والعسكرية والاقتصادية والاُسريّة التي تستحق الدراسة المعمّقة للتأسي بها والاستلهام منها، نتركها الى الفصول اللاحقة.

 

* * *

من الزواج الى البعثة

1 ـ الزواج المبارك :

كان لابد لمثل شخصية محمد(ص) التى فاقت كلّ شخصيّة من الاقتران بامرأة تناسبه وتتجاوب مع عظيم أهدافه وقيمه تواصل معه رحلة الجهاد والعمل المضنية وتصبر على متاعبه ومصاعبه، ولم يكن يومذاك امرأة تصلح لمحمد(ص) ولهذه المهمة سوى خديجة، وشاء الله ذلك فاتجه قلب خديجة بكلّ عواطفه نحو محمد(ص) وتعلق بشخصه الكريم. ولقد كانت خديجة (رضي الله عنها) من خيرة نساء قريش شرفاً وأكثرهنَّ مالاً وأحسنهنَّ جمالاً، وكانت تدعى في الجاهلية بـ«الطاهرة» و«سيدة قريش»(104). وكان كل رجال قومها حريصين على الاقتران بها(105).

وقد خطبها عظماء قريش وبذلوا لها الأموال، فرفضتهم جميعاً لما كانت تملك من عقل راجح يزن الأمور، ولكنّها اختارت محمداً(ص) لما عرفت فيه من النبل والأخلاق الكريمة والسجايا الفاضلة والقيم العالية. فطلبت النزول في ساحة عظمته، وعرضت نفسها عليه.

وتظافرت النصوص التاريخية على أ نّها هي التي أبدت أوّلاً رغبتها في الاقتران به(106).

فذهب أبو طالب في أهل بيته، ونفرٌ من قريش لخطبتها من وليّها آنذاك وهو عمها عمرو بن أسد(107) وكان ذلك قبل بعثة النبيّ(ص) بخمس عشرة سنة على المشهور.

وكان مما قاله أبو طالب في خطبته: «الحمد لربّ هذا البيت، الذي جعلنا من زرع إبراهيم وذرية إسماعيل وأنزلنا حرماً آمناً، وجعلنا الحكّام على الناس، وبارك لنا في بلدنا الذي نحن فيه ... ثمّ إن ابن أخي هذا ممن لا يوزن برجل من قريش إلاّ رجح به ولا يقاس به رجل إلاّ عظم عنه، ولا عدل له في الخلق وإن كان مقلاًّ في المال; فإن المال رفدٌ جار، وظل زائل، وله في خديجة رغبة ولها فيه رغبة، وقد جئناك لنخطبها إليه، برضاها وأمرها والمهر عليَّ في مالي الذي سألتموه عاجله وآجله... وله وربّ هذا البيت حظّ عظيم، ودين شائع ورأي كامل».

لكن خديجة (رضي الله عنها) عادت، فضمنت المهر في مالها.. فقال البعض: يا عجباً! المهر على النساء للرجال فغضب أبو طالب، وقال: «إذا كانوا مثل ابن أخي هذا طُلبت الرجال بأغلى الأثمان وأعظم المهر، وإن كانوا أمثالكم لم يزوجوا إلاّ بالمهر الغالي»(108).

وتفيد بعض المصادر أن رسول الله(ص) نفسه قد أمهرها(109)، ولا مانع من ذلك حينما يكون قد أمهرها بواسطة أبي طالب، ومن خطبة أبي طالب يمكننا أن نستشف علو مكانة الرسول(ص) في قلوب الناس، وما كان يتمتع به بنو هاشم من شرف وسؤدد.

 

خديجة قبل أن يتزوّجها النبيّ(ص):

ولدت خديجة وسط اُسرة عريقة النسب كانت تتمتّع بالذكر الطيب والخلق الكريم وتميل إلى التدين بالحنيفية ـ دين إبراهيم الخليل(ع) ـ فأبوها خويلد نازع ملك اليمن حين أراد أن يحمل الحجر الأسود إلى اليمن، ولم ترهبه كثرة أنصاره دفاعاً عن معتقده ومناسك دينه، وأسد بن عبد العزى ـ جد خديجة ـ كان من المبرّزين في حلف الفضول الذي قام على أساس نصرة المظلوم، وقد شهد رسول الله(ص) لأهمية هذا الحلف وأيّد القيم التي قام عليها(110). وابن عمها ورقة بن نوفل كان قد عاشر النصارى واليهود ودرس كتبهم.

إن التاريخ لا يعطينا تفاصيل دقيقة عن حياة خديجة قبل زواجها من النبيّ(ص). فقد روي أنها تزوجت قبله(ص) برجلين وكان لها منهما بعض الأولاد وهما عتيق بن عائد المخزومي وأبو هالة التميمي(111)، في حين تروي مصادر أُخرى أن النبيّ(ص) حين تزوج بها كانت بكراً(112)، وحينئذ تكون زينب ورقية ابنتي هالة أخت خديجة قد تبنّتهما خديجة بعد فقدهما لاُمّهما.

واختلف المؤرّخون في تحديد عمر خديجة (رضي الله عنها) حين زواجها مع النبيّ((صلى الله عليه وآله)) فهناك من روى أن عمرها كان (25) عاماً وآخر (28) عاماً وثالث (30) عاماً ورابع (35) عاماً وخامس (40) عاماً(113).

 

2 ـ إعادة وضع الحجر الأسود :

كان للكعبة منزلة كبيرة لدى العرب إذ كانوا يعتنون بها ويحجّون إليها في الجاهلية. وقبل البعثة النبوية بخمسة أعوام هدم السيل الكعبة فاجتمعت قريش وقررت بناءها وتوسعتها وباشر أشراف القريشيين والمكيين العمل، ولما تكامل البناء وبلغوا الى موضع الحجر الأسود اختلفوا في مَن يضعه في مكانه; فكل قبيلة كانت تريد أن تختص بشرف ذلك واستعدوا للقتال وانضم كل حليف إلى حليفه وتركوا العمل في بنائها ثم اجتمعوا في المسجد فتشاوروا واتفقوا على ان يكون أول داخل على الاجتماع هو الحكم بينهم وتعاهدوا على الالتزام بحكمه فكان أول داخل محمد بن عبدالله(ص) فقالوا:

هذا الأمين قد رضينا به، وأقدم النبيّ(ص) على حلّ النزاع حين جعل الحجر في ثوب وقال: لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب، ثمّ قال: ارفعوا جميعاً ففعلوا فلما حاذوا موضعه أخذه بيده الشريفة ووضعه حيث يجب أن يكون، وبعد ذلك أتمّوا بناءها(114).

وروى بعض المؤرخين: أنهم كانوا يتحاكمون إلى النبيّ(ص) في الجاهلية لأ نّه كان لا يداري ولا يماري(115).

لقد كان لهذا الموقف أثر كبير في نفوس تلك القبائل وأعطى الرسول(ص) رصيداً كبيراً وعمقاً جديداً لتثبيت مكانته الاجتماعية ولفت انتباههم إلى قدراته القيادية وكفاءته الإدارية مما ركّز ثقتهم بسموّ حكمته وحنكته وعظيم أمانته.

 

الهوامش

(1) البقرة (2) : 213 .

(2) حركة التاريخ عند الإمام علي(ع) : 71 ـ 73 .

(3) أخذ عليهم الميثاق أن يبلّغوا ما أوحي إليهم ، أو أخذ عليهم أن لا يشرّعوا للناس إلاّ ما يوحى إليهم.

(4) عهد الله الى الناس : هو ما يعبر عنه بميثاق الفطرة.

(5) الأنداد: المعبودين من دونه سبحانه وتعالى .

(6) اجتالتهم : صرفتهم عن قصدهم الذي وُجّهوا إليه بالهداية المغروزة في فطرهم .

(7) كأن الله تعالى بما أودع في الإنسان من الغرائز والقوى، وبما أقام له من الشواهد وأدلة الهدى، قد أخذ عليه ميثاقاً بأن يصرف م أوتي من ذلك فيما خلق له، وقد كان يعمل على ذلك الميثاق ولا ينقضه لولا ما اعترضه من وساوس الشهوات، فبعث النبيين ليطلبوا من الناس أداء ذلك الميثاق .

(8) دفائن العقول : أنوار العرفان التي تكشف للإنسان أسرار الكائنات ، وترتفع به الى الإيقان بصانع الموجودات، وقد يحجب هذه الأنوار غيوم من الأوهام وحجب من الخيال، فيأتي النبيون لإثارة تلك المعارف الكامنة، وإبراز تلك الأسرار الباطنة.

(9) السقف المرفوع : السماء. والمهاد الموضوع : الأرض . والأوصاب : المتاعب .

(10) المحجة : الطريق القويمة الواضحة .

(11) من سابق بيان للرسل ، وكثير من الأنبياء السابقين سميت لهم الأنبياء الذين يأتون بعدهم فبشروا بهم، كما ترى ذلك في التوراة . والغابر : الذي يأتي بعد أن يشير به السابق جاء معروفاً بتعريف من قبله .

(12) مضت متتابعة .

(13) الضمير في عدته لله تعالى : لأن الله وعد بإرسال محمد(ص) على لسان أنبيائه السابقين. وكذلك الضمير في نبوته : لأنّ الله تعالى أنبأ به، وأنّه سيبعث وحياً لأنبيائه. فهذا الخبر الغيبي قبل حصوله يسمى نبوة. ولما كان الله هو المخبر به أضيفت النبوة إليه .

(14) سماته : علاماته التي ذكرت في كتب الأنبياء السابقين الذين بشّروا به .

(15) الملحد في إسم الله : الذي يميل به عن حقيقة مسمّاه فيعتقد في الله صفات يجب تنزيهه عنها. والمشير الى غيره، الذي يشرك معه في التصرّف إلهاً آخر فيعبده ويستعين به.

(16) أي أنّ الأنبياء لم يهملوا أممهم مما يرشدهم بعد موت أنبيائهم، وقد كان من محمد(ص) مثل ما كان منهم، فإنّه خلّف في أمته كتاب الله تعالى حاوياً لجميع ما يحتاجون إليه في دينهم، كما خلّف أهل بيته المعصومين وجعلهم قرناء للكتاب المجيد كما صرّح بذلك في حديث الثقلين الذي تواتر عنه(ص) ورواه جمع غفير من المحدثين.

(17) نهج البلاغة: 19 ـ 21 / خ10 .

(18) انظر: محمّد في القرآن : 36 ـ 37 (البشائر بقدوم الأنبياء).

(19) البقرة (2) : 129.

(20) الأعراف (7) : 157.

(21) راجع الأنعام (6) : 20.

(22) تفسير العياشي1:49 - 50/ح 69 (في تفسير الآية 89 في سورة البقرة)، الكافي 8: 257/ ح 481 (في تفسير الآية)، مجمع البيان 1: 299ـ 300 (في تفسير الآية)، السيرة النبوية لابن هشام 1: 211 - 212 (إنذار اليهود به(صلى الله عليه وآله)).

(23) إعلام الورى 1: 58 و مابعدها، (في معجزات النبيّ(صلى الله عليه وآله)) قبل المبعث) .

(24) راجع ما جاء في شأن نزول سورة الكهف.

(25) راجع المائدة (5): 83 .

(26) سيرة رسول الله وأهل بيته : 1 / 39 ، انجيل يوحنّا واشعة البيت النبوي : 1 / 70 ، عن التوراة وراجع: بشارات عهدين، والبشارات والمقارنات.

(27) إعلام الورى 1: 65 (في ذكر آياته و معجزاته قبل المبعث)، الطبقات الكبرى لابن سعد 1: 153 (ذكر علامات النبوة قبل أن يوحى إليه)، تاريخ الطبري2:32 (ذكر رسول الله و أنسابه) و غيرها كثير من كتب السيرة في مضانها.

(28) نهج البلاغه:20/ خ 1

(29) الطبقات الكبرى: 1/363 (ذكر صفة رسول الله(صلى الله عليه وآله) في التوراة والإنجيل).

(30) راجع السيرة النبوية لابن هشام 1:222- 227 (ذكر أسماء من نبذوا ديانات الأصنام وعبادة قريش لها) .

(31) الكافي 8: 257/ ح 481 (في تفسير الآية 89 من سورة البقرة)، بحار الأنوار 15: 231/ ح 53، السيرة النبوية لابن هشام 1: 211- 212 (إنذار اليهود به(ص)).

(32) السيرة النبوية لابن هشام1: 50 (عبدالمطلب يستنصِرُ بالله )، مروج الذهب للمسعودي 3: 104- 105 (قصة أصحاب الفيل)، البداية والنهاية لابن كثير 2: 215 - 214 (سبب قصد أبرهة بالفيل) .

(33) بحار الأنوار 15: 405/ ح 9، تاريخ مدينة دمشق 57: 150-149 (ترجمة مخرمة بن نوفل، رقم 7274)، المنتظم لابن الجوزي 2: 276-275 (حوادث السنة السابعة من مولده(ص)، شرح النهج لابن أبي الحديد 7: 272 - 271.

(34) الطبقات الكبرى لابن سعد 1: 118 (ذكر ضم عبدالمطلب له(ص)، المنتظم لابن الجوزي 2: 274 (حوادث السنة السابعة من مولده(ص)).

(35) راجع السيرة النبوية 1: 264- 269 و350-353، الطبقات الكبرى 1: 119 - 125 و201 - 203، المنتظم لابن الجوزي 2: 368- 370 (حوادث السنة الرابعة من النبوّة). و هناك مصادر كثيرة بهذا الخصوص.

(36) كفاية الأثر للخزّاز القمي: 71-72 (ما جاء عن أنس)، مجمع البيان للطبرسي 4: 90 (فى تفسير سورة الأنعام)، السيرة النبوية (أحمد زيني دحلان بهامش السيرة الحلبية 1:59 (باب وفاة أُمه(ص)).

(37) نهج البلاغة: 119/خ 89.

(38) مسار الشيعة للمفيد: 50 (أعمال ربيع الأوّل)، روضة الواعظين: 70 (مجلس في مولده(ص))، السيرة النبوية لابن هشام 1: 158 (ولادة الرسول(ص))، الطبقات الكبرى 1: 100 (ذكر مولد الرسول(ص)).

(39) تهذيب الأحكام 6:2 (باب نسب رسول الله(ص))، إعلام الورى 1: 42، (الباب الأوّل، ذكر مولد ونسب الرسول(ص))، كشف الغمة 1:14 (فصل ذكر مولده(ص))، بحار الأنوار 15:249، باب 3.

(40) السيرة النبوية لابن هشام 1:158 (باب مولده(ص))، البداية و النهاية لابن كثير 2: 320 (باب مولد الرسول(ص))، إمتاع الأسماع 1: 6 (باب مولده(ص))، السيرة الحلبية 1: 57 (باب مولده(ص))، سمط النجوم العوالي 1: 292 (الباب الأوّل من المقصد الثاني) .

(41)إنظر كمال الدين و تمام النعمة: 191-197، باب 17،18،38،39، إعلام الورى 1: 55، (الباب الثاني ذكر آياته الباهرات)، كشف الغمة 1:20-21، (فصل في ذكر آياته ومعجزاته)، تاريخ اليعقوبي 1: 328 - 329 (باب مولد رسول الله(ص))، سمط النجوم 1: 301-299، (الباب الأوّل من المقصد الثاني).

(42) السيرة الحلبية 1: 76 (باب ذكر مولده(ص)).

(43) تاريخ مدينة دمشق 3: 81 (ذكر مولده(ص))، البداية والنهاية لابن كثير 2: 325 (صفة مولده(ص))، فتح الباري لابن حجر 7: 124باب مبعث النبيّ(ص))، السيرة الحلبية 1: 78 (باب تسميته(ص)).

(44) إعلام الورى 1: 55 (باب ذكر آياته(ص))، كشف الغمة 1: 20 (فصل في معجزاته(ص))، الطبقات الكبرى 1: 104 (ذكر أسمائه(ص))، دلائل النبوة للبيهقي1: 82 (باب ذكر مولد المصطفى(ص))، السيرة الحلبية 1: 78 (باب تسمية الرسول(ص)).

(45) بصائر الدرجات: 489، ح4، ب 22، تفسير القمي 2: 365 (في تفسير سورة الصف)، المستدرك للحاكم النيشابوري 2: 310 (قصة إسلام النجاشي).

(46) الصف (61): 6 .

(47) الطبقات الكبرى لابن سعد 1: 108 (ذكر من أرضع رسول الله(ص))، إمتاع الأسماع 1 :9 ـ 10 (رضاعه(ص)).

(48) راجع السيرة الحلبية 1: 89 (باب ذكر رضاعه(ص)).

(49) الطبقات الكبرى لابن سعد 1: 110-111 (ذكر من أرضع رسول الله(ص))، المنتظم 2: 262-261 (حديث حليمة).

(50) الطبقات الكبرى لابن سعد 1:100 (ذكر وفاة عبدالله)، المنتظم 2:245 (ذكر وفاة عبدالله) .

(51) الفضائل لشاذان: 25 و 28 (باب مولد النبيّ(ص))، بحار الأنوار 15: 342-345، ضمن ح 13.

(52) بحار الأنوار 15: 388/254، السيرة الحلبية 1: 89 (باب ذكر رضاعه(ص)).

(53) المناقب لابن شهرآشوب 1:33 (فصل في منشأه(ص))، بحار الأنوار 15:333 / ح 2، السيرة الحلبية 1:90 (باب ذكر رضاعه(ص)).

(54) السيرة الحلبية 1: 92 (باب ذكر رضاعه(ص)).

(55) السيرة النبوية لابن هشام: 1 / 167 (افتقاد حليمة له(ص))، السيرة الحلبية 1: 96 (باب ذكر رضاعه(ص)).

(56) الغدير 7: 466 (في إيمان أبي طالب)، الملل والنحل 2: 469.

(57) بحار الأنوار 15: 404/ ح 29،الطبقات الكبرى 1: 90 (ذكر نذر عبدالمطلب)، دلائل النبوّة 2: 15-16 (إستسقاء عبدالمطلب به(ص)).

(58) مختصر تاريخ مدينة دمشق 2:161-162، سبل الهدى والرشاد 2: 137 (في إستسقاء أبي طالب به(ص)).

(59) الطبقات الكبرى 1: 116 (ذكر وفاة آمنة)، سبل الهدى والرشاد 2: 120 (ذكر وفاة أُمه آمنة)، السيرة الحلبية: 1 / 105 (باب وفاة أُمه(ص)).

(60) السيرة النبوية: 1 / 168 (باب إكرام جدّه له(ص))، الطبقات الكبرى 1:118 (ذكر ضمّ أبي طالب له(ص)).

(61) الضحى (93):6.

(62) مجمع البيان 10:86 (في تفسير سورة القلم)، بحار الأنوار 16: 210 (باب مكارم أخلاقه(صلى الله عليه وآله))، النهاية في غريب الحديث 1: 8، سبل الهدى والرشاد 2: 93 (باب في فصاحته(صلى الله عليه وآله)).

(63) الطبقات الكبرى 1: 119 (ذكر ضمّ عبدالمطلب له(صلى الله عليه وآله))، المنتظم لابن الجوزي 2: 282 (ذكر حوادث السنة الثامنة من عمره(صلى الله عليه وآله)).

(64) الكافي 1: 448/ح 26 (باب مولد النبيّ(صلى الله عليه وآله))، بحار الأنوار 15: 159/ح 88.

(65) الزمر (39): 36.

(66) الشعراء (26): 217 ـ 219.

(67) مسند أحمد3: 364-365 (ما أسند عن جابر)، رياض الصالحين (للنووي): 100 ـ 101 / ح 78 (باب اليقين والتوكل)، السيرة النبوية لإبن كثير 3: 164-163 (قصة غورث) .

(68) الاحزاب (33): 39.

(69) مسند أحمد 1: 156 (ما أسند عن علي(ع)، مسند ابن الجعد: 372، تهذيب الكمال 1:229 (فصل في شجاعة النبيّ(ص))، نظم دررالسمطين : 62 (شجاعته).

(70) مغازي الواقدي: 1 / 239 ـ 240 (غزوه أُحد)، تاريخ مدينة دمشق 55:267 (ترجمة محمّد مسلمة الأنصاري) .

(71) طه (20): 131.

(72) مسند أحمد 5: 254 (ما أسند عن أبي أُمامة) سنن الترمذي 4: 6، ب23، كتاب الزهد، ح2451، الجامع الصغير 2: 152/ ح5417.

(73) سنن ابن ماجة 2: 1376/ ح 4109، كتاب الزهد، ب 3، سنن الترمذي 4: 17، ب 32، كتاب الزهد ح24836 .

(74) سنن الترمذي 4: 10، ب 26، كتاب الزهد، ح 2465، رياض الصالحين للنووي: 280 / ح 514 (باب فضل الجوع و خشونة العيش) الجامع الصغير 2: 369 / ح6960.

(75) صحيح البخاري:8: 468، ب 788، كتاب الرقاق، ح 1320.

(76) مسند أحمد 6: 237 (ما أسند عن عائشة)، صحيح البخاري 4: 448، ب 731، كتاب الجهاد والسير، ح1105، السيرة النبوية (لابن كثير) 4: 562 (باب إنّ النبيّ(ص)) لم يترك ديناراً و لا درهماً) .

(77) الطبقات لابن سعد:1/400 (ذكر شدة العيش)، التاريخ الكبير للبخاري 1: 128/ ح 381 (باب 4)، ؤتاريخ مدينة دمشق 4: 122 (باب ذكر تفلله وزهده(ص)).

(78) صحيح البخاري7: 132، ب 200، كتاب الأطعمة، ح298، فتح الباري 9: 437، كتاب الأطعمة، باب الخبز المرقق.

(79) مسند أحمد 1: 288 و363 (ما أسند عن ابن عبّاس)، صحيح البخاري 6: 586، ب 576، كتاب فضائل القرآن)، صحيح المسلم 4: 73، كتاب الفضائل، (باب كان النبيّ(ص) أجود الناس بالخير) .

(80) صحيح مسلم 7: 74، كتاب الفضائل، (باب ما سئل رسول الله(ص) شيئاً)، الطبقات الكبرى لابن سعد 1: 368 (صفة أخلاق الرسول(ص)).

(81) المعجم الكبير (الطبراني) : 12 / 337، الحديث 13607، البداية والنهاية لابن كثير 6: 45 (ذكر أخلاقه وشمائله، مجمع الزوائد 9: 13-14 (باب في وجوده(ص)) .

(82) أمالى الصدوق: 114/ح 93، مجلس 14، الطبقات الكبرى 1: 377 (ذكر حسن خلقه(ص)).

(83) الطبقات الكبرى 1: 367 (ذكر صفة أخلاقه(ص)).

(84) الطبقات الكبرى 1: 368 (ذكر صفة أخلاقه(ص)).

(85) سنن الترمذي3:248، ب 68، كتاب البر والصلة، ح 2084، كتاب السنّة: 156، ب 77، ح 352.

(86) مكارم الأخلاق للطبرسي 1: 49 - 50/ ح 14، ب1، فصل2، الطبقات الكبرى 1: 458 (ذكر أصناف لباسه(ص))، تاريخ مدينة دمشق 3:368 (باب صفة خلقه و معرفة خلقه)، رياض الصالحين للنووي: 329/ ح 645، ب 75.

(87) سعد السعود: 211 محادثة النبيّ(ص) مع وحشي قاتل حمزة(رضي الله عنه)، أُسد الغاية لابن الأثير 5: 84 (ترجمة وحشي الحبشي)، البداية و النهاية لابن كثير4: 21 (فصل فى مقتل حمزة(رضي الله عنه)) .

(88) مسند أحمد 1: 305 (ما أسند عن ابن عبّاس)، الطبقات الكبرى2: 200 (ذكر ما سمّ به رسول الله)، البداية و النهاية لابن كثير 4: 237 (قصة الشاة المسمومة) .

(89) الخصال: 276، باب الخمسة، ح 18، تهذيب الأحكام 4: 116/ ح 336، باب ذكر أهل الجزية، مسند أحمد 2: 292 (ما أسند عن أبي هريرة)، صحيح مسلم 5: 171، كتاب الجهاد والسير، باب فتح مكّة .

(90) الخرائج والجرائح 1: 164/ح 252، باب 1، فصل في معجزاته(ص)، بحار الأنوار 21: 119/ ح 17، تاريخ مدينة دمشق 62: 247 (ترجمة النبيّ نوح(ع))، الدر المنثور 2: 298 (في تفسير سورة المائدة) .

(91)الكافي3:513/ح 2(باب أقل ما يجب فيه الزكاة)، بحار الأنوار 19: 181/ح 29، تاريخ الطبري2: 337(حوادث السنة الثامنة من الهجرة)، البداية و النهاية لابن كثير4:344 (فصل صفة دخول مكّة)

(92) آل عمران (3): 159.

(93) التوبة (9): 128.

(94) مكارم الأخلاق للطبرسي 1:50، باب 1، فصل 2، ح 16، بحار الأنوار 16:230/ح 35، مسند أحمد3:1 (ما أسند عن أبي سعيد)، صحيح البخاري 8: 353، ب 594، كتاب الأدب، ح 979 .

(95)الدعوات للراوندي: 40/ح 100، ب 1، فصل 2، بحار الأنوار 22: 294/ ح 5، مجمع الزوائد للهيثمي 9:13 (باب فى جوده(صلى الله عليه وآله)).

(96) المصنف للصنعاني 1: 417/ح 19554 (باب الأكل من بين يديه)، الطبقات الكبرى 1: 371 (ذكر صفة أخلاقه(ص)).

(97) المصنف ابن أبى شيبة6:144، كتاب الأدب، ب 70 التسليم على الصبيان، الأدب المفرد للبخاري:223، باب التسليم على الصبيان.

(98) الطبقات الكبرى 1: 23 (ذكر من إنتهى إليهم(ص))، سنن ابن ماجة 2: 1101، باب القديد رقم 30، ح3312.

(99) مسند أحمد 5: 253 (ما أسند عن أبي أمامة)، المصنف لابن شيبة 6:120، كتاب الأدب، ب33، ح 1.

(100) مناقب الإمام عليّ(ع) للكوفي 1: 113، باب 16، ح 61، بحار الأنوار 16: 116/ ح 43، سنن الترمذي3:240 - 241، كتاب البرّ الصلة، باب 56 ما جاء فى المزاح و فيه أربعة أحاديث، مجمع الزوائد 8: 89 (باب ما جاء في المزاح).

(101) الطبقات الكبرى 1: 140 (ذكر بناء المسجد بالمدينة)، صحيح البخاري 5: 151، ب 108، كتاب مناقب الأنصار، ح 433 البداية و النهاية لابن كثير3:229 (باب هجرة الرسول(ص)).

(102) تفسير القمي2: 177 - 178 (تفسير سورة الأحزاب)، مجمع البيان 8: 126 (تفسير سورة الأحزاب)، مسند أحمد 4: 282 (ما أسند عن البرّاء)، صحيح البخاري 5: 213، ب 146، كتاب المغازي، ح 588.

(103) راجع تفسير القرآن العظيم (ابن كثير)1: 429 (تفسير سورة آل عمران)، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 17: 196.

(104) مستدرك الحاكم 4: 322، كتاب الرقاق، باب أشقى الأشقياء، السنن الكبرى للبيهقي 7: 19- 20، ب 11، كتاب قسم الصدقات، ح 13154.

(105) السيرة الحلبية 1: 137 (باب تزوجه(ص) بخديجة)، السيرة النبوية لأحمد زيني دحلان بهامش السيرة الحلبية 1: 106 (باب خروجه(ص)) الى الشام).

(106) السيرة النبوية لابن هشام 1: 189 (رغبة خديجة بالزواج منه(ص)).

(107) السيرة النبوية لابن هشام 1: 189 (رغبة خديجة بالزواج منه(ص))، دلائل النبوة للبيهقي2: 67 (باب ما كان يشتغل(ص) قبل أن يتزوّج).

(108) السيرة الحلبية: 1 / 137 (باب تزوجه بخديجة(ص)).

(109) الكافي 5: 375-374/ ح 9 (باب خطب النكاح)، بحار الأنوار 16: 6 - 5 / ح 9 و 14-13/ح 13، تاريخ اليعقوبي 1: 341 (باب تزويج خديجة)، السيرة الحلبية 1: 139-138 (باب تزويج خديجة).

(110) السيرة النبوية لابن هشام 1: 190 (باب زواجه(ص) بخديجة).

(111) راجع البداية و النهاية لابن كثير2: 357 (فصل فى حلف الفضول).

(112) تاريخ مدينة دمشق 3: 164 (باب ذكر أزواجه(ص))، فتح الباري لابن حجر 7: 100 (باب تزويج النبيّ(ص) وخديجة) .

(113) مناقب آل أبي طالب: 1/ 159، فصل في ترتيب أزواجه.

(114) راجع بحار الأنوار 16:12-13، البداية والنهاية لابن كثير 2: 360 (باب تزويجه(ص) بخديجة)، السيرة الحلبية 1:140 (باب تزوجه(ص) بخديجه).

(115) راجع السيرة النبوية لابن هشام 1: 196-197 (إختلاف قريش فيمن يضع الحجر)، تاريخ اليعقوبي 1: 339- 340 (باب بنيان الكعبة)، البداية والنهاية لابن كثير2: 366-368 (باب تجديد قريش بناء الكعبة).

(116) السيرة الحلبية: 1 / 145 (باب بنيان قريش الكعبة).

قراءة 5868 مرة