
emamian
السعودية.. إدانة 38 متهما بالتكفير وتمويل الإرهاب
أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة في العاصمة السعودية الرياض، حكما ابتدائيا بحق 38 متهما من مجموع 41، وذلك بعد ثبوت إدانتهم بعدد من التهم.
وضمت قائمة التهم التي وجهتها المحكمة لهم، "انتهاج المنهج التكفيري المخالف للكتاب والسنة بتكفير حكومة المملكة وعلمائها ورجال أمنها، وتمويل الإرهاب والأعمال الإرهابية".
وأضافت، "قام أحدهم بإنشاء تنظيم إرهابي سري أثناء إيقافهم، وبايعه أعضاء التنظيم بالإمارة، وكذلك قيامه بتجنيد عدد من الموقوفين في هذا التنظيم بهدف الإخلال بالأمن الداخلي، وأيضا إعداد وتخزين وإرسال ما من شأنه المساس بالنظام العام".
وقررت المحكمة تعزير المدعى عليه الأول بالسجن مدة 25 سنة، والمدعى عليه الثاني بالسجن 20 سنة، والثالث بالسجن 15 سنة، فيما تراوحت الأحكام على البقية بالسجن مددا متفاوتة، والإبعاد عن البلاد لغير السعوديين منهم بعد انتهاء محكوميتهم.
المصدر: وكالات سعودية
450 صافرة انذار.. حالة من الهلع في المستوطنات الإسرائيلية نتيجة صواريخ المقاومة
جيش الاحتلال يعلن حالة الطوارئ ويستدعي مئات جنود الاحتياط للخدمة في القبة الحديدية والجبهة الداخلية، والدراسة للمرة الأولى منذ حرب الخليج في مدن الوسط، وحالة من الهلع تسود بين المستوطنين الإسرائيليين جرّاء استمرار استهداف المقاومة الفلسطينية للمستوطنات بالصواريخ والقذائف.
حالة من الهلع تسود بين المستوطنين الإسرائيليين
سادت حالة هلع في المستوطنات الإسرائيلية، إثر توّعد سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي بالرد على اغتيال الاحتلال الإسرائيلي للقائد الشهيد بهاء أبو العطا.
حال إعلان سرايا القدس نيتها الرد، بدأت بإطلاق صليات صاروخية باتجاه الأراضي المحتلة، واستمرت على مدار الساعات الماضية، مستهدفة عدد من تجمعات للجنود الإسرائيليين، منها تجمع شرق رفح استهدفته بعدد كبير من قذائف الهاون، وتجمع آخر خلف موقع أبو مطيبق العسكري، موقعة إصابات في صفوفهم.
الجيش الإسرائيلي عزز قواته في محيط قطاع غزة، ورفع حال التأهب على الحدود الشمالية، وشرع باستدعاء مئات جنود الاحتياط للخدمة في القبة الحديدية والجبهة الداخلية.
وأعلن وزير الأمن الإسرائيلي نفتالي بينيت حالة الطوارئ لمدة 48 ساعة في الجبهة الداخلية بكل الأراضي المحتلة، في حين أبلغ رئيس المجلس الإقليمي شومرون، قائد الجبهة الداخلية بالجاهزية لاستيعاب آلاف الإسرائيليين.
كما أغلقت قوات الاحتلال جميع المعابر البرية والبحرية في القطاع، حيث تم إغلاق معبر كرم أبو سالم التجاري، وإغلاق البحر بشكل كامل بوجه الصيادين من اليوم حتى اشعار آخر.
وقال وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي وعضو الكابينت غلعاد اردان إن "هناك مخاوف من أن تقوم حركة الجهاد بتنفيذ عمليات عن طريق البحر أو الجو، الاستعدادات بمستوى عال جداً لكل سيناريو محتمل".
منذ ساعات وصافرات الإنذار لا تتوقف في مستوطنات الاحتلال من حدود قطاع غزة إلى "تل أبيب"
حياة شبه مشلولة من حدود القطاع حتى وسط الكيان.. الدراسة متوقفة والأعمال معطلة
ورغم أن وسائل الإعلام الإسرائيلية أكدت فجر اليوم لتلاميذ المدارس أن الدراسة لن تقام في مبان خفيفة غير محصنة في كل مستوطنات الجنوب والوسط وتل أبيب، إلا أن مليون تلميذ إسرائيلي، و80 ألف مدرّس بقوا في المنازل اليوم، وتعطلت الدراسة في تل أبيب وحولون وريشون لتسيون، وهي المرة الأولى التي يتم فيها تعطيل الدراسة في مدن الوسط منذ حرب الخليج.
وعلق وزير التعليم الإسرائيلي رافي بيرتس على الأمر بالقول:"هذا أمر قاس جداً أننا وصلنا لهذا الوضع، ووفقاً للمعطيات التي أمامنا فإن المخاوف على أطفالنا هي على رأس أولوياتنا".
وتوقف عمل سكك الحديد والمدارس ومرافق مختلفة في عدد من المناطق، بالتزامن مع طلب قيادة الجبهة الداخلية تطلب عدم فتح مراكز العمل غير الحيوية، وتوجيهات إسرائيلية للمستوطنين للبقاء قرب الأماكن المحصنة في المناطق القريبة من غزة.
صحيفة هآرتس الإسرائيلية قالت إن سكان غلاف غزة لم ينتظروا التصعيد، وغادروا نحو الشمال مع إطلاق أول صافرة إنذار.
ودوّت أكثر من 450 صافرة إنذار في عدد من المستوطنات الإسرائيلية والمدن المحتلة، منها ساحل عسقلان، ومستوطنة أسدود، وفي مستوطنة سديروت نشب حريق هائل، وأصيب مصنع ومنزل بصاروخ أطلق من غزة.
كما استهدفت صواريخ المقاومة الفلسطينية نتيف هعسرا، ناحل عوز، نتيفوت ومستوطنات غلاف غزة، ومستوطنة موديعين التي تقع بين رام الله والقدس، بالإضافة إلى حولون وريشون لتسيون وبات يام.
وأكد رئيس حكومة تسيير الأعمال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اجتماعه بكبار القادة العسكريين لبحث الوضع في غزة.
وقال في تغريدة له على تويتر أنه اجتمع صباح اليوم مع وزير الحرب الجديد نفتالي بينيت، ومع رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الفريق أفيف كوخافي، في مكتبه بتل أبيب.
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية أن اجتماع "الكابينيت" استمر لثلاث ساعات، ويأتي هذا الاجتماع على خلفية إطلاق المقاومة الفلسطينية حوالي 180 صاروخاً وقذيفة على المستوطنات والمدن المحتلة، رداً على اغتيال الجيش الإسرائيلي للقيادي في سرايا القدس، الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي، بهاء أبو العطا باستهداف منزله، شرق مدينة غزة، فجر اليوم، الثلاثاء.
المصدر : الميادين
بحث استدلالی فی مشروعیة الاحتفالات
بحث استدلالی فی مشروعیة الاحتفالات
المقدمة
انّ مسألة الاحتفالات التی اعتاد المسلمون القیام بها احیاءً للذکریات الرائعة فی تاریخهم الاسلامی، فشأنهم فی ذلک شأن أیّ أمة أخری تحترم مقدّساتها، وتبجّل أیّامها الکبری، وذکریاتها الخالدة، بل هی حالة لدی الانسان الفرد قبل الجماعة لایشذّ عنها أحد.
انّ الاقتران الزمانی والمکانی للحوادث یترک أثره الکبیر فی النفس، ولذا فهی تعمل علی استعادة الذکریات واستیحاء العبر منها. وتلک طریقة من أفضل طرق التربیة عموماً والتربیة القرآنیة بالخصوص. فما أکثر تذکیر القرآن الکریم بأیام الله وشعائره، وما أشدّ تعظیم الاسلام لسیر العظماء وفی طلیعتها سیرة ابراهیم (ع)
ولا یتسع لنا المجال لو أردنا أن نستعرض کل الامثلة الزمانیة والمکانیة لهذه الخصیصة القرآنیة التربویة الفطریة. فالاحتفال بالذکری العظیمة هو مقتضی الاصل والفطرة والطبیعة، بل ولا یحتاج الی دلیل شرعی بعد أن کان یشکّل حالة طبیعیة ومصداقاً لأوامر التکریم والتبجیل.
تری ماذا علی المسلمین لو أحیوا ذکری المعراج واستقوا معانی العظمة الانسانیة منه؟ وهل علیهم من غضاضة لو احتفلوا بیوم الهجرة النبویة الشریفة، او الثورة الحسینیة العظیمة؟ وهل یعدّ ذلک بدعة کما یدّعی الوهابیون؟
فتاوی حول الاحتفال
لقد طال النزاع فی الاونة الاخیرة عبر وسائل الاعلام وغیرها حول الاحتفال بمولد النبی الاکرم(ص) وغیره من المناسبات، وقد رفع بعضهم شعار البدعة فیه، بینما یراه الاکثرون أنه من السنة، والیک فتاوی الوهابیین فی هذا الموضوع:
قال ابن تیمیة: «النوع الثانی: ما جری فیه حادثة کما کان یجری فی غیره، من غیر أن یوجب ذلک جعله موسماً، ولا کان السلف یعظّمونه، کثامن عشر من ذی الحجة الذی خطب فیه النبی (ص) بغدیر خم اثناء رجوعه من حجة الوداع، فانه خطب فیه خطبة، وصی فیها باتباع کتاب الله، ووصیّ فیها بأهل بیته، کما روی مسلم فی صحیحه عن زید بن أرقم (رضی الله عنه
فزاد بعض أهل الاهواء فی ذلک، حتی زعموا أنه عهد الی علی (رضی الله عنه) بالخلافة بالنص الجلی بعد أن فرش له وأقعده علی فرش عالیة، وذکروا کلاماً باطلاً وعملاً قد علم بالاضطرار أنه لم یکن من ذلک شیء... ولیس الغرض الکلام فی مسألة الامامة، وانّما الغرض: أنّ اتخاذ هذا الیوم عیداً محدث لا أصل له، فلم یکن فی السلف، لا من أهل البیت، ولا من غیرهم من اتخذ ذلک عیداً حتی یحدث فیه أعمالاً، اذ الاعیاد شریعة من الشرائع، فیجب فیها الاتّباع، لا الابتداع... وانما یفعل مثل هذا النصاری الذین یتخذون أمثال أیام حوادث عیسی (ع) أعیاداً، أو الیهود. وانما العید شریعة، فما شرّعه الله اتبع، والا لم یحدث فی الدین ما لیس منه.
وکذلک ما یحدثه بعض الناس اما مضاهاة للنصاری فی میلاد عیسی (ع)، واما محبة للنبی (ص) وتعظیماً له، والله قد یثیبهم علی هذه المحبة والاجتهاد لاعلی البدع: من اتخاذ مولد النبی (ص) عیداً، مع اختلاف الناس فی مولده. فانّ هذا لم یفعله السلف،مع قیام المقتضی له، وعدم المانع منه، ولو کان هذا خیراً محضاً أو راجحاً لکان السلف (رضی الله عنهم) أحق به منّا، فانّهم کانوا أشد محبة لرسول الله (ص)، وتعظیماً له منّا، وهم علی الخیر أحرص...» [1]
وقال الشیخ عبدالعزیز بن باز: «لا یجوز الاحتفال بمولد الرسول (ص) ولا غیره، لانّ ذلک من البدع المحدثة فی الدین، لانّ الرسول (ص) لم یفعله، ولا خلفاؤه الراشدون، ولا غیرهم من الصحابة ـ رضی الله عنهم ـ ولا التابعون لهم باحسان فی القرون المفضّلة ...».[2]
وقالت اللجنة الدائمة من الفتوی: «لا یجوز الاحتفال بمن مات من الانبیاء والصالحین، ولا احیاء ذکراهم بالموالد، ورفع الاعلام، ولا بوضع السراج والشموع علی قبورهم، ولا بناء القباب والمساجد علی أضرحتهم أو کسوتها أو نحو ذلک، لانّ جمیع ما ذکر من البدع المحدثة فی الدین، ومن وسائل الشرک، فانّ النبی (ص) لم یفعل ذلک بمن سبقه من الانبیاء والصالحین، ولا فعله الصحابة (رضی الله عنهم) بالنبی (ص) ولا أحد من أئمة المسلمین فی القرون الثلاثة التی شهد لها (ص) بأنها خیر القرون من بعده بأحد من الاولیاء والصالحین...».[3]
قال ابن فوزان: «البدع المعاصرة کثیرة بحکم تأخر الزمن، وقلّة العلم، وکثرة الدعاة الی البدع، و المخالفات، وسریان التشبّه بالکفار فی عاداتهم وطقوسهم، فمن هذه البدع... الاحتفال بمناسبة المولد النبوی فی ربیع الاول ... ومن هذا: التشبّه بالنصاری فی عمل ما یسمی بالاحتفال بالمولد النبوی، یحتفل جهلة المسلمین أو العلماء المضلّون فی ربیع الاول من کل سنة بمناسبة مولد الرسول محمد (ص)، فمنهم من یقیم هذا الاحتفال فی المساجد، ومنهم من یقیمه فی البیوت أو الامکنة المعدة لذلک، ویحضره جموع کثیرة من دهماء الناس وعوامهم، یعملون ذلک تشبهاً بالنصاری فی ابتداعهم الاحتفال بمولد المسیح (ع)، والغالب أنّ هذا الاحتفال ـ علاوة علی کونه بدعة وتشبهاً بالنصاری ـ فانّه لا یخلو من وجود الشرکیات والمنکرات... وقلنا: انه بدعة لأنه لا أصل له فی الکتاب والسنة، وعمل السلف الصا لح والقرون المفضّلة».[4]
وقال ابن تیمیة: «وکذلک ما یحدثه بعض الناس، إما مضاهاة للنصاری فی میلاد عیسی (ع)، وإما محبة للنبی )ص( وتعظیماً ... من اتخاذ مولد النبی (ص) عیدا مع اختلاف الناس فی مولده، فإن هذا لم یفعله السلف... ولو کان هذا خیرا محضا أو راجحأ لکان السلف (رضی الله عنهم) أحق به منا ...».[5]
ثم بعد نقل ابن فوزان هذه العبارة من ابن تیمیة یقول: «وقد اُلفّ فی إنکار هذه البدعة کتب ورسائل قدیمة وحدیثة، وهو ـ علاوة علی کونه بدعة وتشبها ـ فإنه یجرّ إلی إقامة موالد أخری کموالد الأولیاء والمشایخ والزعماء، فیفتح أبواب شر کثیرة.»[6]
وقال الشیخ ابن عثیمین: إن الإحتفال بعید المیلاد للطفل فیه تشبه بأعداء الله، فإن هذه العادة لیست من عادات المسلمین، و إنما ورثت من غیرهم، وقد ثبت عنه (ص) أن من تشبه بقوم فهو منهم.7
وقال الشیخ عبدالرحمن بن حسن آل الشیخ: وقد أحدث هؤلاء المشرکون أعیادا عند القبور التی تعبد من دون الله، و یسمونها عیدا، کمولد البدوی بمصر و غیره، بل هی أعظم، لما یوجد فیها من الشرک والمعاصی العظیمة.8
وقال محمد حامد الفقی: «والموالید والذکریات التی ملأت البلاد بإسم الأولیاء، هی نوع من العبادة لهم وتعظیمهم».9
الحب والبغض
الحب والبغض یعبرّ بهما عن إقبال النفس ومیلها إلی الشیء، وعن إدبارها عنه. ویستفاد من الأدلة العقلیة والنقلیة وجوب محبة الله ورسوله وأهل البیت (علیهم السلام).
حب الله تعالی
الذات الوحیدة التی تستأهل للحب أولاً وبالذات قبل کل شیء إنما هو الله تعالی، نظرا إلی ذاته وصفاته وأفعاله، وما یوجد لدی غیره من دواعی الحب وأسبابه فمن رشحة فضله وغیث وجوده . قال الله تعالی: قل إن کان آباؤکم وأبناؤکم وإخوانکم وأزواجکم وعشیرتکم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون کسادها ومساکن ترضونها أحب إلیکم من الله ورسوله وجهاد فی سبیله فتربصوا حتی یأتی الله بأمره والله لا یهدی القوم الفاسقین. 10
حب رسول الله (ص)
یستفاد من الآیة السابقة لزوم حب الرسول (ص) کحب الله تعالی. وقال رسول (ص): «أحبوا الله لما یغذوکم، و أحبونی بحب الله» 11هذا واحد من بواعث حب رسول الله (ص)، و هناک نواح شتّی لا تعد ولا تحصی نظرا إلی صلته الوثیقة بالله سبحانه وتعالی، و انتسابه الأکید إلی المولی سبحانه تارة وإلی ما جعل الله له من مناقب وفضائل، وإلی شخصیته الفذة العظیمة وما یحمله بین جوانحه من محاسن ومحامد وملکات یستدعی کل منها حبه والتعلق به قبل کل شیء بعد الله تبارک وتعالی .
فهو (ص) مع قطع النظر عن فضائل طینته، وما فی خَلقه وخُلقه، ومولده ونشأته وکراماته وفضائله، لو لم یکن فیه إلا کونه غایة للوجود لکان أجدر وأولی وأحق بأن یکون أحب لکل امرء آمن به وصدقه من نفسه وما تهواه... وعلی هذا الأصل ـ المتسالم علیه ـ قد جاء فی الصحیح مرفوعا من طریق أنس بن مالک: «فوالذی نفسی بیده لا یؤمن أحدکم حتی أکون أحب إلیه من والده وولده والناس أجمعین». 12
حب آل الرسول (ص)
قد تظافرت السنة فی حب آل الرسول (ص) و تواترت، و الیک جملة منها:
قال رسول الله (ص): «احبوا الله لما یغذوکم من نعمه، و أحبونی لحب الله، و احبوا أهل بیتی لحبی».13
و قال رسول الله (ص) : «اساس الاسلام حبی و حب اهل بیتی». 14
الوجوه التی تدعو الی حب آل الرسول
یجب علینا ان نحب آل الرسول (ص) کما نحب الرسول (ص) وذلک لوجوه:
صلتهم بصاحب الرسالة نسبا ومصاهرة، وهو أفضل خلق الله من الأولین والآخرین . وقد صح عنه (ص): «کل سبب و نسب و حسب منقطع یوم القیامة إلا سببی ونسبی». 15
حب الله وحب رسوله إیاهم ،وکونهم أحب خلق الله إلیهما، کما جاء فی حدیث الرایة والطیر ونحوهما.
کون حبهم أجر الرسالة المحمدیة بنص من الکتاب. قال تعالی: قل لا أسألکم علیه أجرا إلا المودة فی القربی. 16
کون حبهم مسؤولا عنه یوم القیامة، کما جاء فی قوله تعالی: وقفوهم إنهم مسؤولون17 قال ابن الجوزی: ای عن ولایة علی وأهل البیت (ع) 18
کونهم أعدال القرآن الکریم، کما فی حدیث الثقلین.
کون حبهم علامة الإیمان، کما فی الصحیح الثابت قال (ص) لعلی (ع): «لا یحبک إلا مؤمن ولا یبغضک إلا منافق».
کونهم (سلام الله علیهم) سفینة لنجاة الأمة، کما فی حدیث السفینة الصحیح الثابت، قال رسول الله(ص): «مثل أهل بیتی فیکم کسفینة نوح من رکبها نجی ومن تخلف عنها غرق».19
شرطیة إقتران الصلاة علی آل محمد لدی الصلاة علی النبی محمد فی کل حال، وعدم الفصل فیها بین النبی وبین آله.20
کون حب أهل البیت وولائهم (علیهم السلام) شرطا عاما فی قبول مطلق الأعمال والطاعات والقربات.
قال رسول الله (ص): «لو أن رجلا صَفَن بین الرکن والمقام فصلی وصام ،ثم لقی الله وهو مبغض لأهل بیت محمد دخل النار».21
ثناء الله تعالی وثناء رسوله (ص) علیهم فی الکتاب والسنة بما اختصوا به، فلا یضاهیهم فیه أی إنسان.
بواعث الحب الذاتیة الموجودة فیهم من طهارة المحتد، وقداسة الأرومة، وما یمتازون به من الحکمة والعلم والخلق السامی والزهد والورع والتقوی.
کونهم (علیهم السلام) أمان لأهل الأرض من الإختلاف. قال رسول الله (ص): «النجوم أمان لأهل السماء ، وأهل بیتی أمان لأمتی من الإختلاف، فإذا خالفتها قبیلة من العرب إختلفوا فصاروا حزب إبلیس».22
اختلاف الناس فی درجات حبهم للنبی (ص)
لیست الأمة المؤمنة فی الحب شرعاً سواء، بل هم فیه متفاوتون علی إختلاف درجات عرفانهم به، کإختلافهم فی حب الله تعالی.
قال القرطبی: «کل من آمن بالنبی إیمانا صحیحاً لا یخلو عن وجدان شیء من تلک المحبة الراجحة غیر أنهم متفاوتون، فمنهم من أخذ من تلک المرتبة بالحظ الاوفی، ومنهم من أخذ منها بالحظ الأدنی...».23
دور الحب فی الحیاة
إن لهذا الحب مظاهر، إذ لیس الحب شیئاً یستقر فی صقع النفس من دون أن یکون له انعکاس خارجی علی أعمال الإنسان و تصرفاته، بل إن من خصائص الحب أن یظهر أثره علی ملامح الانسان، وعلی قوله وفعله بصورة مشهودة ملموسة . فحب الله و رسوله لاینفک عن اتباع دینه و الاستنان بسنته، و الائتمار بأوامره والإنتهاء عن نواهیه.
للحب مظاهر وراء الاتباع
لا یقتصر أثر الحب علی الاتبّاع، بل له آثار أخری فی حیاة المحب، فهو یزور محبوبه ویکرمه ویعظمه و یقضی حاجته، و یذب عنه، ویدفع عنه کل کارثة، و یهیئ له ما یریحه، یسره إذا کان حیاً. و إذا کان المحبوب میتاً أو مفقودا حزن علیه أشد الحزن، وأجری له الدموع. بل یتعدی أثر الحب عند فقد الحبیب وموته هذا الحد، فنجد المحب یحفظ آثار محبوبه، وکل ما یتصل به من لباسه و أشیائه، و کما یحترم أولاده، ویحترم جنازته ومثواه. ویحتفل کل عام بمیلاده وذکری موته، ویکرمه ویعظمه حبا به ومودة له.
فإذا ثبت أن حب النبی (ص) وتکریمه من أصول الاسلام فانه یجوز للمسلم القیام بکل ما یعد مظهرا لحب النبی (ص) شریطة ان یکون عملا حلالا بالذات، ولا یکون منکرا فی الشریعة، و یدخل ذلک فی عمومات أدلة المحبة.
روی البخاری فی صحیحه أن أبا بکر دخل حجرة النبی (ص) بعد رحیله وهو مسجی ببرد حبرة، فکشف عن وجهه، ثم أکبّ علیه یقبّله ثم بکی فقال: بأبی أنت یا نبی الله.24
القرآن والاحتفالات
من یری إستحباب الإحتفال بذکرهم فإنه یستدل علی صحة ذلک بأن جل مناسک الحج إحتفال بذکری الأنبیاء والأولیاء کما سنذکر أمثلة منه فیما یلی:
أ- مقام إبراهیم(ع)
قال سبحانه وتعالی: واتخذوا من مقام ابراهیم مصلی.25
إن الله سبحانه وتعالی أمر الناس أن یتبرکوا بموطئ قدمی إبراهیم (ع) فی بیته الحرام، ویتخذوا منه مصلی إحیاءً لذکری إبراهیم وتخلیداً، ولیس فیه شیء من أمر الشرک بالله جل اسمه.
وفی صحیح البخاری ما ملخصه: إن إبراهیم (ع) وإسماعیل (ع) لما کانا یبنیان البیت جعل إسماعیل یأتی بالحجارة وإبراهیم یبنی، حتی إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر، فوضعه له، فقام علیه وهو یبنی وإسماعیل یناوله الحجارة.
وفی روایة بعدها : حتی ارتفع البناء وضعف الشیخ علی نقل الحجارة فقام علی حجر المقام، فجعل یناوله الحجارة.26
ب ـ الصفا والمروة
قال سبحانه وتعالی: إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البیت أو اعتمر فلا جناح علیه أن یطّوّف بهما.27
جعل الله السعی بین الصفا والمروة من مناسک الحج إحیاء لذکری سعی هاجر بینهما و إحتفالا بعملها، وجعل إستحباب الهرولة فی محل الوادی الذی سعت فیه هاجر سعی الإنسان المجهود إحیاء لذکری هرولتها هناک.
روی البخاری ما ملخصه: إن هاجر لما ترکها إبراهیم (ع) مع ابنها إسماعیل بمکة ونفد ماؤها عطشت وعطش ابنها وجعل یتلّوی، فانطلقت إلی جبل الصفا کراهیة أن تنظر إلیه، فقامت علیه تنظر هل تری أحدا، فلم تر أحدا فهبطت من الصفا حتی إذا بلغت الوادی سعت سعی الإنسان المجهود حتی جاوزت الوادی، ثم أتت المروة فقامت علیها ونظرت هل تری أحدا، فلم تر أحدا، فعلت ذلک سبع مرات.
قال ابن عباس: قال النبی (ص): فذلک سعی الناس بینهما... الحدیث .28
ج- الفدیة
قال الله سبحانه وتعالی فی قصة إبراهیم وإسماعیل: فبشرناه بغلام حلیم، فلما بلغ معه السعی قال یا بنی إنی أری فی المنام أنی أذبحک فانظر ماذا تری قال یا أبت افعل ما تؤمر ستجدنی إن شاء الله من الصابرین، فلما أسلما وتله للجبین، ونادیناه أن یا إبراهیم، قد صدقت الرؤیا إنا کذلک نجزی المحسنین، إن هذا لهو البلاء المبین، وفدیناه بذبح عظیم.29
وکذلک جعل الله إحیاء ذکری فداء إبراهیم إبنه إسماعیل وإرسال الله الکبش فدیة له، والاحتفال بها من مناسک الحج، وأمر الحجاج بالفدیة فی منی إقتداءً بإبراهیم واحتفالا بذکری موقفه من طاعة الله.
قد استدل البعض بقوله تعالی: ذلک ومن یعظم شعائر الله فإنها من تقوی القلوب30 علی اعتبار أن شعائر الله سبحانه هی أعلام دینه، خصوصا ما یرتبط منها بالحج، کما قال القرطبی، لأن أکثر أعمال الحج إنما هی تکرار لعمل تاریخی، وتذکیر بحادثة کانت قد وقعت فی عهد إبراهیم (ع)، وشعائر الله مفهوم عام شامل للنبی (ص) ولغیره، فتعظیمه (ص) لازم. ومن أسالیب تعظیمه إقامة الذکری فی یوم مولده ونحو ذلک، فکما أن ذکری ما جری لإبراهیم (ع) من تعظیم شعائر الله سبحانه ، کذلک تعظیم ما جری للنبی الأعظم محمد (ص) یکون من تعظیم شعائر الله.
و قد استدل أیضا علی مشروعیة المواسم و المراسم بقوله تعالی ـ مخاطبا موسی (ع) ـ : و ذکرهم بأیام الله. 31 فإن المقصود بأیام الله، أیام غلبة الحق علی الباطل، وظهور الحق، ومانحن فیه من مصادیق الآیة الشریفة، فإن إقامة الذکریات والمواسم فیها تذکیر بأیام الله سبحانه.
والآیة الشریفة تدل بإطلاقها علی جواز التذکیر ولو بالإختصاص بیوم خاص، کیوم المولد النبوی.
و قد استدل أیضا بقوله تعالی: قل لا أسألکم علیه أجراً إلا المودة فی القربی؛32 إذ إقامة الاحتفالات للتحدث عما جری للأئمة (ع) هو من أبرز مصادیق المودة.
وبالنسبة لتعظیم خصوص لیلة مولده (ص) أو لیلة المعراج، نورد هنا نصاً یشیر إلی هذا التعظیم من قبل الله سبحانه ، فقد قال الحلبی وغیره: وقد أقسم الله بلیلة مولده فی قوله تعالی والضحی، و اللیل إذا سجی، و قیل: المراد لیلة الاسراء ولا مانع أن یکون القسم وقع بهما، ای استعمل اللیل فیهما.33
إن القرآن الکریم یشید بجماعة کرّمت النبی (ص) حیث یقول: فالذین آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذی أنزل معه أولئک هم المفلحون . 34
هل یحتمل أحد أن تکون هذه الکلمات والأوصاف خاصة بزمن النبی (ص)؟
بالتأ کید لا. ومع إنتفاء هذا الإحتمال، تکون کلمة (عزروه) ـ التی هی بمعنی التکریم والتعظیم کما فی مفردات الراغب ـ عامة لحیاة النبی (ص) و بعد رحیله، فالله تعالی یرید أن یکون حبیبه المصطفی (ص) معظما مکرما حتی الأبد.
ونتساءل: ألیست إقامة الإحتفالات فی یوم میلاد النبی (ص) وبعثته، وإلقاء الخطب والقصائد مصداقا واضحا لقوله تعالی: (وعزروه)؟!
إن النبی عیسی(ع) سأل ربه ان ینزل مائدة من السماء، ویعتبر یوم نزولها عیداً له ولأصحابه حیث قال تعالی علی لسان عیسی: ربنا أنزل علینا مائدة من السماء تکون لنا عیداً لأولنا وآخرنا وآیة منک وارزقنا وانت خیر الرازقین.35
فهل یا تری أن شخصیة الرسول (ص) أقل شأنا من تلک المائدة التی اتخذ المسیح یوم نزولها عیداً؟!
إذا کان اتخاذ ذلک الیوم عیداً لکون المائدة آیة إلهیة ومعجزة سماویة، ألیس نبی الإسلام اکبر آیة الهیة وهو الایة الکبری وهو معجزة القرون والعصور؟!
فاعجب لقوم یوافقون علی اتخاذ یوم نزول المائدة السماویة ـ التی لم یکن لها شأن سوی إشباع البطون الجا ئعة ـ عیداً، ولکنهم یُهملون یوم نزول القرآن علی رسول الله (ص) ویوم مبعثه الشریف، بل ویعتبرون الاحتفال به بدعة وحراماً !!
قال سبحانه و تعالی: ورفعنا لک ذکرک. 36
إن إقامة المجالس والاحتفالات هی نوع من رفع الذکر، والمسلمون لا یهدفون من الإحتفال بمیلاد النبی (ص) ومبعثه وغیر ذلک من المناسبات الدینیة سوی رفع ذکره، وذکر أهل بیته الأطهار (ع). فلماذا لا نقتدی بالقرآن؟ ألیس القرآن قدوة وأسوة لنا؟
ولیس لاحد أن یقول ان رفع ذکره خاص بالله سبحانه ولایشمل غیره، لأن ذلک یشبه أن یقول: إن نصر النبی (ص) خاص بالله سبحانه، ولا یجوز لاحد من المسلمین أن ینصره، وقد قال تعالی: ینصرک الله نصرا عزیزاً.37 ولعل هدف هذه الآیات هی دعوة المسلمین إلی نصرة النبی (ص) وتخلید ذکراه وإحیاء أمره.
إن الله تبارک وتعالی قال: وکلاً نقص علیک من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادک.38 اذ یشیر الی أن الحکمة من حکایة أنباء الرسل وأخبارهم (ع) للنبی (ص) انما هی لتثبیت فؤاده الشریف بذلک، ولا شک أننا الیوم محتاجون إلی تثبیت أفئدتنا بأنبائه وأخباره وسیرته العطرة وجهاده (ص) بصورة أشدّ، والاحتفال السنوی بالمولد یحقق هذه الغایة النبیلة.
قال الاستاذ عیسی بن عبد الله بن محمد بن مانع الحمیری- مدیرعام دائرة الأوقاف والشؤون الإسلامیة بدبی ـ: فی الآیة طلب قص أنباء الرسل بما فی ذلک من تثبیت الفؤاد، وسیدنا محمد (ص) أفضل الرسل، والمولد النبوی الشریف یشتمل علی أنباء النبی صلی الله علیه وسلم، ففی ذکره تثبیت لفؤاد المؤمنین، فهو حث علی تکرار ذکر المولد والعنایة به.
و قد قلت فی هذا المعنی :
وکلا نقص علیک من أنباء الرسل قلبا نثبت ثابتا ذکاراً
فسواه أولی فی ثبات فؤاده وثناه أولی أن یکون شعاراً 39
وقال تعالی: قل بفضل الله و برحمته فبذلک فلیفرحوا.40 فالله تعالی طلب منا أن نفرح بالرحمة، والنبی (ص) رحمة، وقد قال الله تعالی:
وما أرسلناک إلا رحمة للعالمین .41
وفی الدر المنثور: أخرج أبو الشیخ، عن ابن عباس (رضی الله عنهما) فی الآیة قال: فضل الله العلم، ورحمة الله محمد (ص)، وقال الله تعالی: وما أرسلناک إلا رحمة للعالمین. 42
وذکر الرحمة فی الایة بعد الفضل تخصیص بعد العموم المذکور، وهو یدل علی شدة الإهتمام، ومجیء اسم الإشارة (ذلک) هو أکبر دلیل علی الحث علی الفرح والسرور، لإنه إظهار فی موضع الإضمار، وهو یدل علی الإهتمام و العنایة ولذلک قال الآلوسی فی (روح المعانی): «فبذلک فلیفرحوا» للتأکید والتقریر، وبعد أن رجح کون الرحمة المذکورة فی الآیة هی النبی (ص) قال: والمشهور وصف النبی (ص) بالرحمة، کما یرشد إلیه قوله تعالی: وما أرسلناک إلا رحمة للعالمین.43
السنة النبویة والاحتفال
أخرج مسلم فی صحیحه عن أبی قتادة: أن رسول الله (ص) سئل عن صوم الإثنین فقال: «ذاک یوم ولدت فیه و یوم بعثت (أو انزل علیّ فیه)». 44
وهذا نص فی الإحتفال بیوم مولده (ص) ولا یحتمل غیره. ولم نجد لمخالف جواباً علیه الا طلب الإقتصار علی الصیام فقط، وهی ظاهریة محضة، وتخصیص بدون مخصص، لکنها مع ذلک موافقة لنا فی مشروعیة الإحتفال بالمولد النبوی الشریف. قال الحافظ ابن رجب الحنبلی فی کتابه (لطائف المعارف فیما لمواسم العام من الوظائف):
«فیه إشارة إلی استحباب صیام الأیام التی تتجدد فیها نعم الله علی عباده، فإن أعظم نعم الله علی هذه الأمة إظهار محمد (ص)، وبعثته وارساله إلیهم، کما قال تعالی: [لقد من الله علی المؤمنین اذ بعث فیهم رسولاً من أنفسهم[، فصیام یوم تجددت فیه هذه النعمة من الله سبحانه علی عباده المؤمنین حسن جمیل، وهو من باب مقابلة النعم فی أوقات تجددها بالشکر. والمقصود الوصول بهذه الطاعة إلی محبة الله ورسوله، وقد یتحقق هذا المقصود بأی وسیلة مشروعة، فالوسائل لها حکم المقاصد اذا کان المقصد شرعیا». 45
أخرج مسلم أیضا فی صحیحه عن ابن عباس (رض) قال: لما قدم النبی (ص) المدینة وجد الیهود یصومون یوم عاشوراء، فسُئلوا عن ذلک فقالوا: هو الیوم الذی أظفر الله موسی وبنی إسرائیل علی فرعون، ونحن نصوم تعظیما، فقال رسول الله (ص): نحن أولی بموسی و أمر بصومه. 46
و هذا الحدیث تأصیل لملاحظة الزمان والعنایة به. وقد استدل الحافظ ابن حجر العسقلانی بهذا الحدیث علی مشروعیة الإحتفال بالمولد النبوی الشریف، کما فی فتوی له نقلها الحافظ السیوطی فی (حسن المقصد فی عمل المولد) فقال ما نصه: (فیستفاد من فعل الشکر لله علی مامن به فی یوم معین من إسداء نعمة أو دفع نقمة، ویعاد ذلک فی نظیر ذلک الیوم فی کل سنة والشکرلله یحصل بأنواع العبادة کالسجود والصیام والصدقة والتلاوة، و أی نعمة أعظم من النعمة ببروز هذا النبی (ص) نبی الرحمة فی ذلک الیوم).47
کان الصحابة یتذاکرون سیر الأنبیاء فأرشدهم النبی إلی ذکر سیرته، لانه أفضل وأکمل الأنبیاء، والجامع لما کان متفرقا فیهم، وما المولد إلا عمل بهذا الإرشاد النبوی، لأن فیه ذکراً لسیرة النبی (ص).
فقد أخرج الترمذی وغیره عن ابن عباس قال: جلس ناس من أصحاب رسول الله (ص)، فخرج حتی إذا دنا منهم سمعهم یتذاکرون قال بعضهم: إن الله اتخذ إبراهیم خلیلا. وقال آخر: موسی کلمه تکلیما. وقال آخر: فعیسی کلمة الله وروحه. قال آخر: آدم اصطفاه الله. فخرج علیهم رسول الله (ص) وقال: قد سمعت کلامکم و عجبکم أن إبراهیم خلیل الله وهو کذلک، وموسی نجی الله وهو کذلک، وعیسی روحه وکلمته وهو کذلک، وآدم اصطفاه الله وهو کذلک، ألا وأنا حبیب الله ولا فخر، وأنا حامل لواء الحمد یوم القیامة، تحته آدم فمن دونه ولا فخر، وانا أول شافع وأول مشفع یوم القیامة ولا فخر، وانا أول من یحرک حلق الجنة فیفتح الله لی فیدخلنیها ومعی فقراء المؤمنین ولا فخر، وأنا أکرم الأولین والآخرین علی الله ولا فخر.48 وهذا حدیث قوی وله شواهد ذکرها البیهقی فی دلائل النبوة. 49
قال الحافظ بن ناصر الدین الدمشقی فی کتابه: (مورد الصادی فی مولد الهادی):
«قد صح أن أبا لهب یخفف عنه العذاب فی مثل یوم الإثنین لاعتاقه ثویبة سرورا بمیلاد النبی (ص) ثم أنشد:
إذا کان هذا کافرا جاء ذمه وتبت یداه فی الجحیم مخلدا
أتی أنه فی یوم الاثنین دائما یخفف عنه بالسرور بأحمدا
فمالظن بالعبد الذی کان عمره بأحمد مسرورا ومات موحدا
فإذا کان هذا الکافر الذی جاء القرآن بذمه یخفف عنه العذاب لفرحه بمولد النبی(ص) فما بال المؤمن الذی یحتفل بذلک. وهذا ما ذکره و قرره أیضا شیخ القراء الحافظ شمس الدین الجزری فی (عرف التعریف بالمولد الشریف).
أخرج البیهقی عن أنس: أن النبی (ص) عق عن نفسه بعد النبوة، مع أنه قد ورد أن جده عبدالمطلب عق عنه فی سابع ولادته. قال الحافظ جلال الدین عبدالرحمن بن أبی بکر السیوطی فی الحاوی للفتاوی: «والعقیقة لاتعاد مرة ثانیة، فیحمل ذلک علی أن الذی فعله النبی (ص) إظهار للشکر علی إیجاد الله إیاه رحمة للعالمین، وتشریع لأمته، کما کان یصلی علی نفسه. لذلک فیستحب لنا أیضا إظهار الشکر بمولده بالإجتماع وإطعام الطعام ونحوذلک من وجوه القربات، و إظهار المسرات».50
صحّ أن النبی (ص) قال فی فضل یوم الجمعة : «وفیه خلق آدم». 51
فقد تشرف یوم الجمعة بخلق آدم، فبدلالة النص وفحوی الخطاب و قیاس الأولی ثبت فضل الیوم الذی ولد فیه المصطفی (ص).
إن الاحتفال بالمولد الشریف یشتمل علی الصلاة علی النبی (ص) والذکر والصدقة ومدح وتعظیم الرسول (ص)، و ذکر شمائله الشریفة و أخباره المنیفة، وکل هذا مطلوب شرعا ومندوب إلیه.
أخرج أحمد، وابن أبی شیبة، والطبرانی، عن الأسود بن سریع قال: قلت: یا رسول الله! مدحتُ الله بمدحة ومدحتک بمدحة. قال رسول الله (ص): «هات وابدأ بمدحة الله» . 52
علی بن زید جدعان وهو ضعیف، إلا أن حمزة بن یوسف السهمی أخرجه فی تاریخ جرجان عن أبی سعید الأشج. قال: حدثنا عبد السلام بن حرب، عن عوف، عن الحسن، عن الأسود، عن النبی (ص) نحوه، واسناده صحیح عندهم، مسلسل بالثقات، المحتج بهم فی الصحیح. وعوف هو ابن أبی جمیلة ، والحسن هو البصری، وقد سمع من الأسود.
روی أحمد والطیالسی فی مسندیهما عن رسول الله (ص) أنه قال:
«ان جبرئیل ذهب بإبراهیم إلی جمرة العقبة، فعرض له الشیطان فرماه بسبع حصیات فساخ، ثم أتی الجمرة الوسطی، فعرض له الشیطان فرماه بسبع حصیات فساخ، ثم الجمرة القصوی فعرض له الشیطان فرماه بسبع حصیات فساخ......». 53 و هکذا جعل الله ذکری رمی إبراهیم الشیطان، والاحتفال بذکره من مناسک الحج. و قد جاء مدح رسول الله (ص) علی لسان عدد من الصحابة منهم: أبو رواحة، فقد أخرج البخاری فی صحیحه عن أبی رواحة قال یمدح رسول الله (ص):
فینا رسول الله یتلو کتابه إذا انشق معروف من الفجر ساطع
أرانا الهدی بعد العمی فقلوبنا به موقنات أنّ ما قال واقع
یبیت یجافی جنبه عن فراشه اذا استثقلت بالکافرین المضاجع54
المولد عید:
قال الدیاربکری فی هذا الصدد: «لا یزال أهل الإسلام یحتفلون بشهر مولده، ویعملون الولائم، و یتصدقون فی لیالیه بأنواع الصدقات، ویظهرون السرور، ویزیدون فی المبرات، ویعتنون بقراءة مولده الشریف، ویظهرعلیهم من کراماته کل فضل عظیم».55
وقال أبو شامة المقدسی: «ومن أحسن ما ابتدع فی زماننا ما یفعل فی الیوم الموافق لیوم مولده (ص) من الصدقات و المعروف بإظهار الزینة والسرور، فإن فی ذلک مع ما فیه من الإحسان إلی الفقراء شعارا لمحبته». 56 ومعلوم أنه أراد بالبدعة المعنی اللغوی.
وقال القسطلانی: «ولازال أهل الإسلام یحتفلون بشهر مولده(ع)، ویعملون الولائم، ویتصدقون فی لیالیه بأنواع الصدقات، ویظهرون السرور، ویزیدون فی المبرات و یعتنون بقراءة یوم مولده الکریم، ویظهر علیهم من برکاته کل فضل عظیم ... فرحم الله امرءاً إتخذ لیالی شهر مولده المبارک أعیاداً، لیکون أشد علة علی من فی قلبه مرض». 57
ویؤید ذلک أن هذه الإحتفالات تجسید لتکریم النبی (ص) فإنه یقضی بلا مریة علی أنها إعلاء لمقام النبی (ص) و إشادة بکرامته وعظمته، علی أن المحتفلین یعزرون نبیهم ویکرمونه ویرفعون مقامه إقتداء بقوله تعالی: ورفعنا لک ذکرک. 58
ولقد أطنب ابن الحاج فی المدخل فی الإنکار علی ما أحدثه الناس من البدع والأهواء والغناء بالآلات المحرمة عند عمل المولد الشریف، فالله تعالی یثیبه علی قصده الجمیل. 59
وقال ابن عباد فی رسائله الکبری: «... وأما المولد فالذی یظهرلی: أنه عید من أعیاد المسلمین، وموسم من مواسمهم، وکل ما یفعل فیه مما یقتضیه وجود الفرح والسرور بذلک المولد المبارک من ایقاد الشمع و امتاع البصر و السمع و التزین بلباس فاخر الثیاب، ورکوب فاره الدواب، أمر مباح لاینکر علی أحد».60
قال ابن الحاج أیضا: فإن کان یوم الجمعة فیه ساعة لایصادفها عبد مسلم یسأل الله تعالی شیئا إلا اعطاه إیاه، وقد قال الإمام أبوبکر الفهری المشهور بالطرطوشی، معظّم العلماء والأخیار: أنها بعد صلاة العصر إلی غروب الشمس، وقوی (ره) ذلک بحدیث قال فی کتابه: «رواه مسلم فی الصحیح، وذکر فیه: أن آدم خلق بعد العصر من یوم الجمعة فی آخر ساعة من ساعات الجمعة، ما بین العصر إلی اللیل...».
إلی أن قال: إذ ان المعنی الذی فضل الله به تلک الساعة فی یوم الجمعة هو خلق آدم علیه الصلاة و السلام، فما بالک بالساعة التی ولد فیها سید الأولین والآخرین (ص). 61
للحافظ السیوطی رسالة سماها «حسن المقصد فی عمل المولد»، قال: «فقد وقع السؤال عن عمل المولد النبوی فی شهر ربیع الأول ما حکمه من حیث الشرع؟
وهل ممدوح او مذموم؟ وهل یثاب فاعله أولا؟
و الجواب عندی: أن أصل عمل المولد الذی هو اجتماع الناس، وقراءة ما تیسر من القرآن، وروایة الأخبار الواردة فی مبدأ أمر النبی (ص)، وما وقع فی مولده من الآیات، ثم یمد لهم سماط یأکلونه وینصرفون من غیر زیادة علی ذلک هو من البدع الحسنة التی یثاب علیها صاحبها لما فیه من تعظیم قدر النبی (ص)، وإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشریف. وأول من أحدث فعل ذلک صاحب إربل الملک المظفر أبوسعید کوکبری بن زین الدین علی بن بکتکین أحد الملوک الأمجاد والکبراء الاجواد، و کان له آثارحسنة، وهو الذی عمر الجامع المظفری بسفح قاسیون». 62
قال ابن کثیر فی تاریخه (البدایة والنهایة): «کان یعمل المولد الشریف ـ یعنی الملک المظفر ـ فی ربیع الأول، ویحتفل به إحتفالا هائلا، وکان شهما شجاعا بطلا عاقلا عالما عادلا رحمه الله و أکرم مثواه».63
ویذکر سبط بن الجوزی فی مرآة الزمان: أنه کان یحضر عنده فی المولد أعیان العلماء والصوفیة.64
وقال الشیخ عبد الله الهروی المعروف بالحبشی فی کتابه: الروائح الزکیة فی مولد خیر البریة (ص): «فتبین من هذا أن الاحتفال بالمولد النبوی بدعة حسنة فلا وجه لإنکاره، بل جدیر بأن یسمی سنة حسنة، لأنه من جملة ما شمله قول رسول الله (ص): «من سن فی الاسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غیر أن ینقص من أجورهم شیء»، وإن کان الحدیث وارداً فی سبب معین وهو أن جماعة أوقع بهم الفقر فجاؤا إلی رسول الله وهم یلبسون النمار مجتبیها، أی: خارقی وسطها، فأمر الرسول بالصدقة فاجتمع لهم شیء کثیر، فسر رسول الله لذلک فقال: «من سن فی الإسلام». الحدیث، وذلک لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب کما هو مقررعند الأصولیین، ومن أنکر ذلک فهو مکابر».65
فوائد الاحتفال بمولد النبی (ص) والائمة (ع)
کونها ذکری سنویة یتذکر فیها المسلمون نبیهم (ص) فیزداد حبهم وتعظیمهم له.
سماع بعض الشمائل والفضائل المحمدیة، ومعرفة النسب النبوی الشریف، وقد قال الله تعالی: لقد کان لکم فی رسول الله أسوة حسنة. 66
إظهار الفرح بولادة الرسول (ص)، لما یدل ذلک علی حب الرسول و کمال الإیمان به.
إطعام الطعام وهو مأمور به، وفیه أجر کبیر، لا سیما بنیة الشکر لله تعالی.
الإجتماع علی ذکرالله تعالی وقراءة القرآن.
ان المولد الشریف مناسبة و فرصة للاکثار من الصلاة و السلام علی المصطفی الحبیب (ص) المطلوبین بنص قوله تعالی: یا أیها الذین آمنوا صلوا علیه وسلموا تسلیما. 67
إن الإجتماعات ـ یعنی فی المولد ـ وسیلة للدعوة إلی الله تعالی.
من ألف حول الاحتفال بالمولد النبوی من أهل السنة
الإمام السیوطی، ألف کتابا فی المولد النبوی أسماه: «حسن المقصد فی عمل المولد».
و فی کتابه ( الحاوی للفتاوی) یبین فی أحد فصول الکتاب حکم الإحتفال بالمولد النبوی، ویردّ فیه علی من قال بأن المولد بدعة مذمومة.
الإمام الحافظ ابن کثیر (777-842 هـ) ألف فی المولد النبوی کتباً عدة، ذکر صاحب (کشف الظنون فی أسامی الکتب والفنون)68 أن الحافظ ابن کثیر قد صنف فی المولد النبوی الشریف أجزاء عدیدة منها: (جامع الآثار فی مولد النبی المختار) فی ثلاثة مجلدات، و (اللفظ الرائق فی مولد خیر الخلائق)، وهو مختصر، وقال ابن فهد: إن لابن کثیر کتابا یسمی: (المورد الصادی فی مولد الهادی).
ومنهم الإمام الحافظ العراقی، صنف هذا الإمام کتابا فی المولد الشریف سماه: (الورد الهنی فی المولد السنی).
ومنهم الامام الحافظ السخاوی، له کتاب فی المولد یسمی: (التبر المسبوک فی ذیل السلوک).
ومنهم الإمام ملاعلی قاری، له کتاب فی المولد سماه: (المورد الروی فی المولد النبوی)
ومنهم: العلامة الغماری.
أدلة القائلین بحرمة الاحتفالات
إن من یراجع کلمات هؤلاء القوم یجد أنهم یستدلون لما یذهبون إلیه بأدلة إستنباطیة وروائیة، وان کانت کلماتهم قد جاءت فی الأکثر خطابیة فلابد من ایراد جانب منها واستخلاص ما یمکن إستخلاصه مما أوردوه علی شکل إستدلال و مستند لهم:
الاحتفال نوع من العبادة
جاء فی هامش (کتاب فتح المجید) ما نصه: «وهی التی یسمیها الناس الیوم «الموالد والذکریات» التی ملأت البلاد بإسم الأولیاء، وهی نوع من العبادة لهم و تعظیمهم... وقد إمتلأت البلاد الاسلامیة بهذه الذکریات، وعمت المصیبة، وعادت بها الجاهلیة إلی بلاد الإسلام ولا حول ولا قوة إلا بالله، ولم ینج منها إلا نجد والحجاز فیما نعلم بفضل الله، ثم بفضل آ ل سعود الذین قاموا بحمایة دعوة الشیخ محمد بن عبد الوهاب». 69
وقالوا أیضاً: «والمستقرئ لشؤون البشر وما یطرأ علیها من التطورات الصالحة والفاسدة یعرف حقیقة هذه الأعیاد الجاهلیة بما یری الیوم من الأعیاد یسمیها أهل العصر (الموالد)، أو یسمیها (الذکریات) لمعظمیهم من موتی الأولیاء و غیرهم... وکل ذلک إنما هو إحیاء لسنن الجاهلیة، وإماتة لشرائع الإسلام من قلوبهم وإن کان أکثر الناس لایشعرون بذلک لشدة استحکام ظلمة الجاهلیة علی قلوبهم، ولا ینفعهم ذلک الجهل عذرا، بل هو الجریمة کل الجریمة التی تولد عنها الجرائم من الکفر والفسوق والعصیان». 70
ویلاحظ علیه
أولاً: ان العنصر المقوم لصدق العبادة علی العمل هو الاعتقاد بألوهیة المعظم له أو ربوبیته، واما اذا خلا التعظیم عن هذا الاعتقاد، واحتفل بذکری رجل ضحی بنفسه و نفیسه فی طریق هدایة المحتفلین، فلا یعد ذلک عبادة له، وإن أقیمت له عشرات الإحتفالات، و ألقیت فیها القصائد والخطب.
ومن المعلوم أن المحتفلین المسلمین یعتقدون أن النبی الأکرم عبد من عباد الله الصالحین وفی الوقت نفسه هو أفضل الخلیقة، فلأجل تکریمه یقیمون الإحتفال أداء لشکر النعمة.
وثانیاً: إنهم قد خلطوا بین العبادة و التعظیم و صاروا یکفرون الناس إستناداً إلی ذلک:
قال السید الأمین (ره): «العبادة بمعناها اللغوی الذی هو مطلق الذل والخضوع والإنقیاد لیس شرکا ولا کفرا قطعاً، وإلا لزم کفر الناس جمیعا من لدن آدم إلی یومنا هذا لأن العبادة بمعنی الطاعة والخضوع لا یخلو منها أحد، فیلزم کفر المملوک، والزوجة، والولد، والخادم و... بإطاعتهم وخضوعهم للمولی والزوج، والاب، و المخدوم... وقال تعالی لرسوله (ص): «واخفض جناحک لمن اتبعک من المؤمنین».
والخلاصة: إن ما یترتب علیه الکفر والشرک لیس هو التعظیم، ومطلق التعظیم لیس عبادة، وإنما الذی یترتب علیه الکفر والشرک هو الخضوع والانقیاد الخاص». 71
الاحتفالات تشتمل علی أمور محرمة
قال ابن الحاج: إن هذه الإحتفالات مشتملة علی الأمور المحرمة فی الغالب، کاختلاط النساء بالرجال، وقراءة المدائح مع الموسیقی والغناء.72
ویلاحظ علیه:
أولا: نحن لا ننکر أن ارتکاب أی من المعاصی لا یجوز، ولکن عدم جواز ذلک لایختص بالإحتفالات، بل حرمتها مطلقة، ولا یلزم من تحریمها تحریم إقامة الذکریات والمواسم والإحتفالات، بل یمکن أن تکون هذه محکومة بالحلیة، وتلک بالحرمة، ولا ملازمة بینهما، إذ یمکن إقامة الاحتفالات من دون تعرض للمعاصی إطلاقا، کما هو معلوم ومشاهد، وإلا فلو استغلت الصلاة لخداع الناس مثلا فهل تکون الصلاة محرمة أم أن المحرم هو خصوص هذا الذی یضاف إلی الصلاة، ویجب الابتعاد عنه وترکه؟!
وثانیا: إن الإستدلال علی الجواز أو المنع بالأمور الجانبیة خروج عن الإستدلال الفقهی، فإن الحکم بالجواز والمنع ذاتا یتوقف علی کون الشیء بما هو هو جائزا أو ممنوعاً، وأما الاستدلال علی احدهما بالامور الطارئة فلیس إستدلالاً صحیحا.
ثالثا: إن الإستدلال علی الجواز بما جرت علیه السیرة العقلائیة من إقامة الإحتفالات لعظمائهم قیاس مع الفارق، لأن الاحتفالات الرائجة بین العقلاء من الأمور العادیة، والأصل فیها هو الحلیة، وأما الإحتفال بمولد النبی (ص) فانما هو إحتفال دینی، وعمل شرعی فلا یقاس بتلک الإحتفالات.
قال السیوطی فی «الحاوی للفتاوی»: «إن التحریم فیه إنما جاء من قبل هذه الأشیاء المحرمة التی ضمت إلیه، لا من حیث الإجتماع لإظهار شعائر المولد، بل لو وقع مثل هذه الأمور فی الإجتماع لصلاة الجمعة مثلا لکانت قبیحة شنیعة، ولا یلزم من ذلک ذم أصل الإجتماع لصلاة الجمعة، کما هو واضح ... نقول: أصل الإجتماع لإظهار شعار المولد مندوب وقربة، وما ضم إلیه من هذه الأمور مذموم وممنوع».73
إستدلالهم ببعض الروایات
وقد أستدلوا بما روی عن أبی هریرة قال: قال رسول الله (ص): «لا تجعلوا بیوتکم قبورا، ولا تجعلوا قبری عیدا، وصلّوا علی، فإن صلاتکم تبلغنی حیث کنتم».74
وقد رووا: «أنّ عمر نهی عن اتخاذ آثار الأنبیاء أعیاداً». 75
و قال ابن القیم: «... نهیه لهم أن یتخذوا قبره عیدا، نهی لهم أن یجعلوه مجمعاً، کالأعیاد التی یقصد الناس الإجتماع إلیها للصلاة، بل یزار قبره (ص) کما یزوره الصحابة (رضوان الله علیهم) علی الوجه الذی یرضیه ویحبه...».76
ویلاحظ علیه:
أولا: یحتمل أن یکون المراد الحث علی کثرة زیارة قبره (ص) وأن لایهمل حتی یکون کالعید، الذی لا یؤتی فی العام إلامرة.
و ثانیا: یحتمل أن یکون المراد: ان إجتماعهم عند قبره ینبغی أن یکون مصحوبا بالخشوع والتأمل والإعتبار، حسبما یناسب حرمته (ص) فان حرمته میتا کحرمته حیاً، فلا یکون ذلک مصحوبا باللهو واللعب والغفلة والمزاح، وغیر ذلک مما اعتادوه فی أعیادهم. قال السبکی: یحتمل: لا تتخذوه کالعید فی الزینة والإجتماع وغیر ذلک، بل لایؤتی إلا للزیارة والسلام والدعاء.77
وثالثا: قوله: صلوا علی حیث ما کنتم، فهو بیان لأمر آخر، وهو: أن الصلاة علی النبی (ص) لا یجب أن یراعی فیها الحضور عنده ، بل هی تصله عن بعد ، کما تصله عن قرب.
و یظهر مما تقدم ان الروایة غیر صالحة للإستدلال بها علی المنع من الإجتماعات، و إقامة الموالد والذکریات و... فی أوقات معینة، إذ یکفی لرد الإستدلال ورود الإحتمال العقلائی فیه، فکیف إذا کان هذا الإحتمال من القوة بحیث یصیر صالحا لان یدّعی أنّه هو الظاهر من الروایة دون سواه؟
مضافا إلی أن الروایة خاصة بالتجمع عند القبور، فلا إطلاق فیها بالنسبة إلی غیرها من المواضع، ولعل لقبر النبی (ص) خصوصیة فی المقام.
إلاحتفالات مضاهاة للنصاری فی میلاد المسیح (ع)
یقول إبن تیمیة: «وکذلک ما یحدثه بعض الناس إمّا مضاهاةً للنصاری فی میلاد المسیح (ع) وإما محبة للنبی(ص) وتعظیما له، والله قد یثیبهم علی هذه المحبة والإجتهاد لاعلی البدع، من اتخاذ مولد رسول الله (ص) عیداً مع إختلاف الناس فی مولده...».78
و قال: «حتی أن بعض القبور یجتمع عندها القبوریون فی یوم من السنة ویسافرون لإقامة العید، إما فی المحرم، أو رجب، أو شعبان ، أو ذی الحجة، أو غیرها...». 79
کما أن محمد بن عبد الوهاب قد أنکر تعظیم الموالد والأعیاد الجاهلیة التی لم ینزل فی تعظیمها سلطان ولم تَرد به حجة شرعیة ولا برهان، لأن ذلک مشابهة للنصاری الضالین فی أعیادهم الزمانیة والمکانیة وهو باطل مردود فی شرع سید المرسلین.80
وقال ابن فوزان: «البدع المعاصرة کثیرة بحکم تأخر الزمن، وقلة العلم، وکثرة الدعاة إلی البدع، والمخالفات، وسریان التشبه بالکفار فی عاداتهم وطقوسهم... فمن هذه البدع... الإحتفال بمناسبة المولد النبوی فی ربیع الأول... ومن هذا التشبه بالنصاری فی عمل ما یُسمی بالإحتفال بالمولد النبوی... یعملون ذلک تشبها بالنصاری فی ابتداعهم الإحتفال بمولد المسیح علیه السلام...».81
ویلاحظ علیه:
أولاً: أن المضاهاة والتشبه بالنصاری من العناوین القصدیة التی یحتاج ترتب الحکم علیها الی القصد، فنقول حینئذ: هل ابن تیمیة وغیره علی یقین بأن المسلمین یقیمون الإحتفال مضاهاة للنصاری؟
وبعبارة أخری: إن التشبه من الأمور القصدیة، کما یقتضیه باب التفعل أیضاً، ومثله القیام الذی یقصد به التعظیم تارة، والسخریة أخری.
بعبارة ثالثة: إن الحکم فی أمثال هذه الموارد المشترکة بین الراجح والمرجوح یکون دائراً مدار القصد، وعلیه فلو قصد من إقامة الإحتفال التشبه یکون مرجوحا، وإن قصد منها إقامة شعائر الله، وتجدید العهد بالنبی (ص) وأخلاقه یکون مستحبا وراجحا، للعمومات الدالة علی لزوم تعظیم شعائر الله.
روی البخاری فی صحیحه، کتاب المغازی فی غزوة أحد: «...فقال أبو سفیان: أُعل هُبل .فقال النبی(ص): أجیبوه ، قالوا: ما نقول؟ قال: قولوا: الله أعلی و أجل. فقال أبوسفیان: لنا العزی ولا عزی لکم. فقال النبی (ص) أجیبوه. قالوا: ما نقول: قال: قولوا: الله مولانا ولا مولی لکم. قال أبوسفیان: یوم بیوم بدر، والحرب سجال، وتجدون مُثلة لم آمر بها ولم تسؤنی».82
وهل یجوز لک أن تقول: ان هذا العمل تشبه بالکفار؟
وقد قال تعالی: یا أیها الذین آمنوا کتب علیکم الصیام کما کتب علی الذین من قبلکم لعلکم تتقون. وهل هذا تشبه بالکفار المنهی عنه، وهل مطلق التشبه بالکفار حرام، أم ان الحرام هو الإقتداء والتشبه بهم فی خصوصیاتهم الدینیة المبتدعة، کإستعمال الصلیب.
قال الإمام الشیخ محمود شلتوت فی (الفتاوی): «لا یشترط فی صحة الصلاة غطاء الرأس، فتصح الصلاة برأس مغطاة، وبرأس مکشوف، ولا یشترط فی غطائها إذا غطیت نوع خاص من الغطاء. فللمسلم أن یصلی بعمامة و بقبعة ما دامت لا تمنعه من وضع الجبهة علی الارض. والإسلام لا یعرف زیاً خاصا للرأس، والزی وغطاء الرأس من الأمور التی یترکها الإسلام للعرف الذی یجری علیه الناس ولیس صحیحا ما یقال: إن القبعة زی خاص بغیر المسلمین وشعار غیر إسلامی، فالمسلم وغیره فی ذلک سواء، والذین یلبسون القبعات من المسلمین لا یقصدون التشبه بغیرهم فیما هو من خصائص دینهم، وإنما یلبسونها لتقیهم من حر الشمس أو برد الشتاء مثلا أو لأن عرف بلادهم جری علی ذلک.83
وقد روی مسلم فی صحیحه عن ابن عباس (رض) قال: قدم رسول الله (ص) المدینة فوجد الیهود یصومون یوم عاشوراء، فسُئلوا عن ذلک؟ فقالوا: هذا الیوم الذی أظهر الله فیه موسی وبنی إسرائیل علی فرعون، ونحن نصومه تعظیما له، فقال النبی (ص) : (نحن أولی بموسی منکم) فأمر بصومه.84
ثانیا: إن الأساس الذی یجب أن یُبنی علیه عمل المسلم هو انطباق العمل علی الکتاب والسنة، فلا تکون المضاهاة مانعة عن اتباع الکتاب والسنة.
وثالثا : إن عید الفطر والأضحی یشبهان الأعیاد الزمانیة للنصاری أیضا، کما أن الحج یشبه أعیادهم المکانیة فینبغی أن تصبح هذه الامور محرمة حسب ما یقتضیه الدلیل المذکور، کما ینبغی تحریم بناء المساجد، بل تحریم الاجتماع فیها للصلاة، لانه یشبه تجمع النصاری فی کنائسهم.
رابعاً: الظاهر أن المراد من قوله (ص): لاتتشبهوا بالیهود ولا النصاری، علی تقدیرصدوره عنه(ص) هو أنه لایجوز أن تتشبهوا بهم فی خصوصیاتهم الدینیة، کنصب الصلیب و ضرب الناقوس و...فتکونوا منهم، وإلا فإن المشابهة للنصاری إن کانت فی أمور تقتضیها طبیعة البشر وحیاتهم وتعاملهم العادی والطبیعی فلا مانع منها، وکذلک إن کانت نتیجة لتشریع إلهی یتحری مصلحة البشر وسعادتهم فلا مانع من ذلک أیضا. وأما إذا کانت نتیجة إجتهاد بشری فی مقابل التشریع الإلهی بهدف إبطال الشرع والدین، أو بهدف الزیادة أو إحداث النقص فیه خصوصا إذا کانت من الأمور الخاصة بهم فذلک هو الذنب.
لم یحتفل السلف بمولد النبی (ص)
قال ابن تیمیة فی (الفتاوی الکبری): «أما اتخاذ موسم غیر المواسم الشرعیة کبعض لیالی شهر ربیع الأول التی یقال: إنها لیلة المولد، أو بعض لیالی رجب، أو ثامن عشر ذی الحجة، أو أول جمعة من رجب، أو ثامن شوال الذی یسمیه الجهال: عید الابرار، فإنها من البدع التی لم یستحبها السلف الصالح ولم یفعلوها».85
قال ابن الحاج فی (المدخل): «فإن خلا ـ أی المولد النبوی ـ منه ـ أی: السماع وتوابعه ـ وعمل طعاما فقط، ونوی به المولد، ودعا إلیه الإخوان، وسلم من کل ما تقدم ذکره، فهو بدعة بنفس نیته فقط، إذ ان ذلک زیادة فی الدین، ولیس من عمل السلف الماضین، واتباع السلف أولی بل أوجب من أن یزید نیة مخالفة لما کانوا علیه لأنهم أشد الناس اتباعا لسنة رسول الله (ص) و تعظیما له ولسنته (ص)، ولهم قدم السبق فی المبادرة إلی ذلک، ولم ینقل أحد منهم أنه نوی المولد، ونحن لهم تبع فیسعنا ما وسعهم».86
وقال الشیخ عبد العزیز بن عبدالله بن باز فی رسالته حول حکم الإحتفال بالمولد النبوی: «لا یجوز الإحتفال بمولد الرسول (ص) ولا غیره، لأن ذلک من البدع المحدثة فی الدین، لأن الرسول (ص) لم یفعله، ولا خلفاؤه الراشدون، ولاغیرهم من الصحابة ـ رضوان الله علی الجمیع ـ ولا التابعون لهم بإحسان فی القرون المفضلة، وهم أعلم الناس بالسنة، وأکمل حبا لرسول لله (ص)، ومتابعة لشرعه ممن بعدهم». 87
و قال ابن تیمیة ایضا: «إن هذا لم یفعله السلف مع قیام المقتضی له، وعدم المانع منه، ولو کان هذا خیرا محضا أو راجحا لکان السلف ـ رضی الله عنهم ـ أحق به منا، فإنهم کانوا أشد محبة لرسول الله (ص) وتعظیما له منا، وهم علی الخیر أحرص.» 88
وقال الشیخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب: «اعتبرناها من البدع المنهی عنها، حیث لم یأمر بها الرسول، ولا فعله الخلفا الراشدون، ولا الصحابة، ولا التابعون».89
وقال محمد بن جمیل زینو: «الإحتفال لم یفعله الرسول (ص) ولا الصحابة ولا التابعون، و لا الأئمة الأربعة، وغیرهم من أهل القرون المفضلة، ولا دلیل شرعی علیه».90
ویُلاحظ علیه:
اولاً: قد ذکر فی محله أن عدم فعل المعصوم لا یدلّ علی الحرمة، بل یدل علی عدم الوجوب فقط. کذلک فعل المعصوم لا یدل علی الوجوب بل یدل علی عدم الحرمة فقط؛ لأن المعصوم لا یفعل الحرام ولا یترک الواجب، هذا فی المعصوم فضلا عن غیر المعصوم.
وثانیا: وعلی فرض أن السلف لم یفعلوا بعض الأمور ومنها الأعیاد، غیر الفطر والأضحی، فإن عدم فعلهم لا یضر مادام قد انعقد الإجماع بعد ذلک علی إقامة هذه المواسم والأعیاد، ولا سیما عید المولد النبوی (ص). وعمّ ذلک جمیع قطاعات الأمة صغیرها وکبیرها، عالمها وجاهلها، رئیسها ومرؤسها.
وقد استمرعمل الناس علی هذه المواسم إلی ظهور ابن تیمیة الذی أقام الدنیا وأقعدها، فی إنکاره أمورا واضحة ، وفی دعاواه العریضة. وهم قد صرحوا بأن الإجماع معصوم، وبأنه یمکن انعقاده فی کل عصر وزمان, ویکون حجة. بل قد صرحوا بأن الإجماع نبوة بعد نبوة، ولیس لهم دلیل معصوم سواه، وقد جعله الله من الشریعة خَلَفَ النبوة. 91
ثالثا: إن قولهم: إن السلف کانوا أکثر حباً لرسول الله (ص) منا فهو ینافی قول النبی (ص) «إنه سیأتی أقوام یحبونه أکثر من حب أصحابه له». 92
و رابعا: لا یلزم علی السلف أن یعملوا بجمیع المباحات أو حتی بجمیع المستحبات .
وخامسا: إن السلف إذا تأولوا ـ خطأ ـ حدیث (لا تتخذوا قبری عیدا) علی ذلک فامتنعوا من عمل الموالد والذکریات، فلو أدرکنا نحن خطأهم فی فهم النص أو فی الإستظهار منه کان لنا مخالفتهم، بعد أن فرضنا أن باب الإجتهاد کان ولایزال مفتوحا، حسبما اعترف به إبن تیمیة الذی حکم بالأجر لمن اجتهد فی هذا الأمر و أخطأ.
وسادساً: إن المانع هو الذی یحتاج إلی الدلیل، وأما الآخرون فلا یدعون أن ذلک جزءاً من الشریعة لیصح الإحتجاج علیهم بفعل السلف ،أو بعدم فعلهم.
وإذا کان عمل السلف حجة، وإن لم یکن المعصوم داخلا فیهم، وکان عصرهم العصرالذی تنعقد فیه الإجماعات، وتصیر حجة وتشریعا متبعا...و إذا کان یجوز إطراح القرآن، وکل ما قاله النبی (ص) لمجرد انه انعقد الإجماع بعد عصر النبی (ص) علی خلافهم إذا جاز کل ذلک فلقد سُبّ أمیر المؤمنین علی ابن أبی طالب (ع) علی المنابر فی جمیع أقطار العالم الإسلامی من قبل وعاظ السلاطین طیلة العشرات من السنین، ومن قبل العدید من الصحابة.
سابعا: ان عدم الدلیل لیس بدلیل. قال ابن القیم فی هذا المعنی. حیث اعترض علیه فی مسألة القراءة للأموات فی کتاب (الروح) ما نصه:
والقائل: ان أحدا من السلف لم یفعل ذلک، قائل ما لا علم له به، فإن هذه شهادة علی نفی ما لم یعلمه، وما یدریه ان السلف کانوا یفعلون ذلک ولایشهدون من حضرهم علیه.
ثامنا: إن ترک الصحابة الإحتفال بالمولد لا یعنی تحریم أو کراهیة الإحتفال بالمولد، لأن الترک لم یقترن بنهی أو غیره، فغایة ما فیه هو جواز الترک للإحتفال فقط, وقد قال الله تعالی: «ما آتاکم الرسول فخذوه وما نهاکم عنه فانتهوا»، ولم یقل: ما ترکه فانتهوا عنه، فالترک لا یفید التحریم. و قد حرر بحث الترک تحریرا ما علیه مزید العلامة الکبیر المحقق السید عبدالله بن الصدیق الغماری الحسنی فی رسالة (حسن التفهم والدرک لمسألة الترک) فراجع.
الهوامش:
- اقتضاء الصراط المستقیم، 293 ـ 295.
- مجموع فتاوی و مقالات متنوعة، ج 1، ص 183.
- اللجنة الدائمة من الفتوی، رقم 1774.
- البدعة لابن فوزان، ص 25-27.
- إقتضاء الصراط المستقیم لابن تیمیة، ج 2، ص 615؛ البدعة لابن فوزان، ص 28.
- 6 . البدعة لابن فوزان، ص 28.
- فتاوی منار الاسلام، ج 1، ص 42.
- قرة العیون ، کما فی فتح المجید، ص 154.
- تعلیق فتح المجید، ص 154.
- التوبة: 24.
- المستدرک علی الصحیحین، ج 3، ص 149.
- صحیح البخاری، ج 1، ص 9؛ صحیح مسلم، ج 1، ص 49؛ مسند احمد، ج 3، ص 177.
- سنن الترمذی، ج 5، ص 644، ص 3789.
- کنزالعمال، ج 12، ص 105، ح 34206.
- سنن البیهقی، ج 3، ص 396.
- الشوری: 23.
- الصافات:24.
- تذکرة الخواص، ص 10.
- انظر هذا الحدیث و الذی سبقه فی المستدرک علی الصحیحین.
- صحیح البخاری،باب کیفیةالصلوة علی النبی(ص).
- المستدرک علی الصحیحین 3/161 ح12.
- المستدرک علی الصحیحین.
- فتح الباری1/50ـ51.
- صحیح البخاری2/17 کتاب الجنائز.
- البقره:125.
- صحیح البخاری،کتاب الانبیاء 2/158ـ159.
- البقره:158.
- صحیح البخاری،کتاب الانبیاء 2/158.
- الصافات:101-107.
- الحج:32.
- ابراهیم:5.
- الشوری:23.
- السیرةالحلبیه 1/58، السیرةالنبویة لدحلان1/21.
- الاعراف:157.
- المائدة:11.
- الانشراح:7.
- الفتح:3.
- هود:120.
- بلوغ المامول فی الاحتفاء و الاحتفال بمولدالرسول (ص).
- یونس:58.
- الانبیاء:107.
- الدرالمنثور 4/367.
- تفسیر روح المعانی 10/141،تفسیر ابی السعود 4/146.
- صحیح مسلم 2/819.
- لطائف المعارف ص98.
- صحیح البخاری 7/215،صحیح مسلم 1130.
- الحاوی للفتاوی 1/196.
- تحفةالاحوذی 1/86،سنن الدارمی 1/26،الشفاء للقاضی عیاض 1/408.
- دلائل النبوة 5/270.
- الحاوی للفتاوی للسیوطی 1/196.
- اخرجه مالک فی الموطا 1/108،الترمذی 491و قال حسن صحیح.
- مسند احمد 4/24، المصنف لابن ابی شیبة6/180،المعجم الکبیر للطبرانی1/842.
- مسند احمد1/306،مسندالطیالسی،حدیث2697.
- صحیح البخاری،کتاب الادب 5/2278 حدیث5799.
- تاریخ الخمیس1/323.
- السیرةالحلبیه1/83ـ84.
- المواهب اللدنیة1/148.
- الانشراح:4.
- المواهب اللدنیة1/27،السیرةالحلبیة1/83 ـ84، السیرةالنبویة لدحلان1/24.
- القول الفصل فی حکم الاحتفال بمولد خیر الرسل ص 175.
- المدخل 2/29 ـ30.
- الحاوی للفتاوی1/189 ـ197.
- البدایة و النهایة3/163.
- الحاوی للفتاوی1/190.
- الروائح الزکیة ص33 ـ34.
- الاحزاب:21.
- الاحزاب:56.
- کشف الظنون.
- فتح المجید بشرح عقیدةالتوحید،هامش صفحتی 154 ـ155.
- اقتضاءالصراط المستقیم، هامش ص 119.
- کشف الارتیاب، ص 103 ـ106 بتصرف و تلخیص.
- المدخل لابن الحاج 2/2.
- الحاوی للفتاوی 1/190.
- مسند احمد 2/246.
- اقتضاءالصراط المستقیم ص313.
- عون المعبود 6/32.
- انظر: کشف الارتیاب ص 449.
- اقتضاءالصراط المستقیم 294ـ196.
- المصدر السابق ص 375 ـ376.
- القول الفصل فی حکم الاحتفال بمولد خیر الرسل ص 53.
- البدعة لابن فوزان 25ـ27.
- اخرجه البخاری فی کتاب المغازی، باب غزوة احد ح4043، ابن کثیرفی البدایةو النهایة 4/28.
- الفتاوی لشلتوت، ص 88.
- صحیح مسلم 1130، صحیح البخاری 7/215.
- حکم الاحتفال بالمولد النبوی 1/31 نقلا عن الفتاوی الکبری لابن تیمیة.
- نفس المصدر 1/31ـ32،نقلا عن کتاب(المدخل)لابن الحاج.
- حکم الاحتفال بالمولد النبوی 1/57.
- اقتضاءالصراط المستقیم:293 ـ294.
- منهاج الفرقة الناجیةص 55 عن مجموعة الرسائل و المسائل 2/357.
- منهاج الفرقه الناجیة ص 107.
- راجع: المنتظم لابن الجوزی 2/210، الاحکام فی اصول الاحکام1/204 ـ205.
- راجع: مجمع الزوائد 10/66، عن احمد و البزار و الطبرانی،عن ابی ذر.ابی هریرة عنه(ص) و عن عماربن یاسر،کنزالعمال 2/374 عن ابن عساکر ،عن ابی هریرة.
_____________________________
[1] . اقتضاء الصراط المستقیم :293 ـ 295.
[2] . مجموع فتاوی و مقالات متنوعة: 1/183.
[3] . اللجنة الدائمة من الفتوی: رقم 1774.
[4] . البدعة لابن فوزان: ص 25-27.
[5] . إقتضاء الصراط المستقیم لابن تیمیة 2/615، البدعة لابن فوزان: ص 28.
[6] . البدعة لابن فوزان: ص 28.
لا تقدم هذه الأطعمة لطفلك الرضيع
حذرت مجلة ““بيبي وفاميليه” الألمانية الوالدين من تقديم الأطعمة النيئة والمدخنة لطفلهما الرضيع عندما يبدأ تناول الأطعمة الصلبة، اعتبارا من عمر ستة شهور تقريبا.
وعللت المجلة المعنية بشؤون الأسرة والطفل ذلك بأن هذه الأطعمة قد تحتوي على جراثيم مثل النوروفيروس والسالمونيلا والليستريا، التي تهدد الطفل بالإصابة بالتسمم الغذائي، الذي تظهر أعراضه في صورة قيء وإسهال ومتاعب المعدة والأمعاء.
كما لا يجوز أيضا تقديم المكسرات وشرائح التفاح وأصابع الجزر للطفل خلال عامه الأول؛ نظرا لأن بعض أجزاء هذه الأطعمة الصلبة قد تصل إلى القصبة الهوائية مسببة الإصابة بالاختناق.
المصدر: الوكالة الالمانية للأنباء
كيف تحافظ على مستوى كولسترول صحي؟
الكولسترول نوع من الدهون يوجد في الأطعمة الحيوانية، ويقوم الكبد بإنتاجه أيضاً. وعلى الرغم من أن الكولسترول الجيد يطرد النوع الضار من الدم، إلا أن ارتفاع مستوى الكولسترول الجيد بشكل مبالغ فيه يشكل خطراً على القلب والشرايين أيضاً.
ويمثل ارتفاع مستوى الكولسترول الضار في الجسم خطراً كبيراً على الشرايين لأن تراكمه على جدرانها يسبب الانسداد والجلطة.
كذلك انخفاض مستوى الكولسترول ليس جيداً للصحة، فقد يكون مؤشراً على السرطان أو مشاكل الصحة العقلية مثل القلق، كما يشكل خطراً على صحة النساء لأن انخفاض الكولسترول من عوامل إصابة المرأة بالجلطة، وفقاً لموقع 24 الإخباري.
كيف تحافظ على مستوى صحي من الكولسترول؟
* النشاط البدني لمدة 30 دقيقة يومياً ينشط الدورة الدموية، ويساعد على عدم تراكم الكولسترول الضار على جدران الشرايين مسبباً انسدادات.
* ضبط الوزن من الطرق الفعّالة للتخلص من الدهون الزائدة ومنها الكولسترول.
* الابتعاد عن التوتر يحمي من العادات الغذائية غير الصحية، وبالتالي يساعد خفض التوتر على ضبط الكولسترول.
* الحد من أكل الدهون، وزيادة أكل الأطعمة النباتية والزيوت الصحية مثل زيت الزيتون وزيت الكانولا، وتفادي أكل اللحوم المصنّعة، واختيار الألبان قليلة الدسم.
* تناول الكثير من الألياف، عن طريق زيادة الخضروات والفواكه والبقول. تقوم الألياف بإخراج جزء من الكولسترول مع البراز.
* تناول الأطعمة التي تحتوي على كولسترول جيد، مثل الأسماك الدهنية، والمكسرات، والأفوكادو، والزيتون.
* إضافة الثوم للطعام باستمرار، لأنه يمنع أكسدة الكولسترول الضار والتي تسبب التصاقه بجدران الشرايين.
المصدر: فلسطين الان
السيد نصر الله: المقاومة في أوج قوتها واميركا تعطل الاستثمار في لبنان
قال الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله “كان حزب الله قد اتخذ من يوم 11/11 من كل عام يوما لشهيده اي لكل الشهداء، لانه في مثل هذا اليوم من العام 1982 اقتحم الشاب الاستشهادي الشهيد احمد قصير(امير الاستشهاديين) مقر الحاكم العسكري الاسرائيلي في مدينة صور ودمر المبنى بشكل كامل ما ادى الى مقتل اكثر من مئة ضابط وجندي، كانت عملية تاريخية ومدوية وادت الى وقوف شارون ذليلا محبطا على انقاض المبنى المدمر والاشلاء المقطعة، وقد اضطرت حكومة العدو الى اعلان الحداد العام في الميان الغاصب لهول ما جرى”.
وأكد السيد نصر الله في كلمة له في مهرجان يوم الشهيد الذي أقامه حزب الله الاثنين انه “حتى الآن ما زالت عملية الاستشهادي احمد قصير هي الاهم على الاطلاق في تاريخ المواجهة مع العدو من حيث الحجم والنوعية والخسائر الهائلة التي لحقت بالعدو في ضربة واحدة، بالرغم من التطور النوعي في العمليات ضد العدو، لكن ما زالت هذه العملية تحتل المرتبة الاولى حتى الآن”، وتابع “لعظمة هذه العملية اخترنا يوم الاستشهادي احمد قصير يوما لشهيد حزب الله، اليوم هو بمثابة الذكرى السنوية لكل شهداء حزب الله”.
ولفت السيد نصر الله الى ان “الشهداء كان يميزهم حبه لله وشوقهم للقائه تعالى، والاعداء دائما يخطئون في فهم حركات المقاومة في امتنا، لان الاعداء يتصورون ان مجاهدينا هم فئة من المرتزقة هم يتصورون ان كل الناس على شاكلتهم”، واضاف “هم لا يعرفون حقيقة هذه الاجيال منذ ايام رسول الله وصدر الاسلام ممن يطلب القرب الى الله، هذه الصفات تصنع انسانا مختلفا ولذلك كان هؤلاء الشهداء قتالهم وقتلهم في سبيل الله، وهو سبيل الدفاع عن حرية وعرض وارض الانسان وشرفه وامنه وامانه”.
وأشار السيد نصر الله الى ان “الشهداء قدموا لنا الانتصارات ودائما عندما نذكر الشهداء نذكر بتحرير الارض والاسرى مع بعض الملفات العالقة، ومن انجازاتهم الانتصار على العدو الاسرائيلي والارهاب التكفيري”، واضاف “القوة والمنعة التي اعطونا اياها والموقع المتقدم والعزيز بمواجهة العدو هي بفضل دماء الشهداء، هم حولونا من بلد يعتقد الاسرائيلي ان بامكانه ان يجتاحه بفرقة موسيقية الى بلد يعتبره العدو هو تهديد وجودي لكيانه الغاصب، هذا كله من بركة دماء الشهداء وتضحيات عائلاتهم التي صبرت واحتسبت وتحملت وضحت وحملت دماء الشهداء لتستنهض بها الهمم ولتحولها الى بحر هادر من الحماس والاندفاع وبهذه البركة كبرت وتعاظمت المقاومة وكانوا بحق الصوت الزينبي المرتفع بمواجهة كل الطواغيت”.
وأكد السيد نصر الله ان “المقاومة اليوم في اوج قوتها وحضورها وفعاليتها واهميتها كجزء من محور المقاومة في المنطقة، هي تشارك في موقع متقدم في صنع مستقبل المنطقة ولبنان وفلسطين”، وتابع “المقاومة تفخر انها جزء من محور المقاومة الراسخ والمنتصر”.
وفي الملف اليمني، قال السيد نصر الله إن “الموقف الشجاع الذي اعلنه القائد السيد عبد الملك الحوثي في ما يتعلق بالصراع مع العدو الاسرائيلي، يجب ان نتوقف عنده كأبناء للمقاومة وكشعوب في المنطقة كما توقف عنده العدو”، وتابع “قبل يومين اعلن القائد العزيز السيد الحوثي ردا على التهديدات الاسرائيلية وقف في حضرة حشود هائلة وقال إذا اعتديتم على اليمن سنرد بأقصى الضربات، وايضا قال إن الصراع مع العدو الاسرائيلي ينطلق من خلفياتنا الايمانية والانسانية”، واضاف “أهمية هذا الكلام انه يصدر عن قائد لجبهة ما زالت تقاتل لمدة خمس سنوات قوى العدوان المدعومة اميركيا وبريطانيا وغربيا، هذا التهديد صادر عن قائد باتت تمتلك اسلحة متطورة جدا وتمتلك شجاعة استخدام هذه الاسلحة واستخدمتها بالفعل من منطلق حق الدفاع عن النفس”.
واوضح السيد نصر الله ان “هذا الكلام صادر عن قائد جبهة مقاتلوه يحققون الانتصارات على جبهات تمتد على مساحات واسعة ، اي اننا نتحدث عن قائد قادر على تنفيذ تهديداته ولذلك وجدنا اثره العميق لدى العدو، لماذا؟ لانه يتمتع بالمصداقية فهو اعلام بعنصر قوة اضافي في اليمن، يمن الايمان والحكمة والانتصارات”، ودعا “شعوب منطقتنا للاعتزاز بهذا الاعلان لما له من اهمية وقدرته على الوصول لكيان العدو الاسرائيلي”، ورأى ان “على العدو ان يعرف ان هذه البيئة الموجودة لانه طالما عمل كي تنسى الشعوب فلسطين، بينما هذه قوى جديدة لديها القوة والشجاعة تدخل في المعادلة والجميع يدرك هذا التطور المهم”.
ولفت السيد نصر الله الى “الحشود اليمينة التي حضرت عند خطاب السيد الحوثي في مختلف محافظات اليمن تحت الشمس لساعات يفترشون الارض والطرقات وهناك مخاطر لاعتداءات العدوان حيث البلد في الحرب”، وتابع “هذا الحشد يكشف مدى عشقهم لرسول الله (ص) ويكشف مدى ايمانهم ولها رسالة سياسية عظيمة جدا، انه بعد خمس سنوات حرب ورغم كل الظروف الامنية والعسكرية والاقتصادية والمعيشية، هذه رسالة قوية لكل طواغيت العالم ان شعوبنا هذه التي تراهنون على تراجعها وخوفها عبر الحصار والجوع للتخلي عن رسولها ومقدساتها وقضيتها المركزية هي لن تفعل ذلك على الاطلاق، هذه هي رسالة الشعب اليمني وشعوب اخرى في هذه المنطقة”، واكد ان “محور المقاومة هو في ايمانه واستعداده للتضحية وليس مرهونا بما يحصل عليه من مال ومتاع”.
وفي الملف الايراني، قال السيد نصر الله “على كل دول المنطقة ان لا تبني حساباتها على اساس حرب على ايران ولذلك نشهد تبدلات في لغة دول المنطقة وخاصة بعض دول الخليج من دون الدخول في التسميات”، ولفت الى “أهمية صمود ايران بعد الخروج الاميركي من الاتفاق النووي”، وشدد على انها “قادرة على التغلب على الصعوبات التي تظهر”، واضاف ان “استراتيجية ترامب مع ايران فشلت، الحرب انتهى احتمالها وايران صمدت وما زال ترامب ينتظر على الهاتف الذي لن يرن”، وتابع “ايران انتصرت لانها تتبنى قضايا المنطقة وشعوبها”، وأشار الى ان “حسابات ترامب كلها ترتبط بالمال وقد تخلى عن حلفائه في شرق سوريا جراء ذلك وقد ابقى على وجود اميركي هناك من اجل حقول النفط فقط”، وتابع ان “ايران اكتشفت آبار جديدة من النفط ما سيزيد التأزم لدى ترامب، محور المقاومة خرج قويا مقتدرا”.
وعن التطورات في لبنان، قال السيد نصر الله “لن أدخل في تفاصيل التطورات على الساحة الحكومية وتفاصيل التشكيل لان المفاوضات ما تزال مستمرة”، ولفت الى انه “في موضوع المطالب المطروحة في الشارع هناك اختلافات، وقد طرح العديد من العناوين التي رفعت في الحراك لكن لم يظهر انها عناوين اجماعية ولكن هناك بعض العناوين اجماعية لدى كل الناس وفي مقدمها موضوع مكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين واستعادة الاموال المسروقة، هذه المطالب عابرة للطوائف والمناطق وهذه نقطة ايجابية”، ورأى ان “لا احد يستطيع ان يحمي فاسدا وهذا تطور كبير حصل في بلدنا ولذلك يجب ان نبني على هذه الايجابية، هناك دعوة لمكافحة الفساد وهذا الامر لا يرتبط بتشكيل الحكومة لان هذا الملف عند القضاء”.
واشار السيد نصر الله الى ان “حزب الله عندما رفع لواء مكافحة الفساد قلنا ان هذا الملف يحتاج الى وقت وجهد، وهناك فارق بين مقاومة العدو ومكافحة الفساد سواء بالظروف والادوات والوسائل”، ففي مقاومة الفساد لدينا مسؤولين وموظفين وشخصيات مهمة في البلد متورطة بالفساد والهدف معاقبة هؤلاء واسترداد الاموال المنهوبة منهم وهذا وسائله تختلف عن مقاومة العدو”، واعتبر ان “مقاومة الفساد يتطلب قضاء نزيه وقانون يعتمد عليه القضاء ومعلومات حقيقية تقدم للقضاء يمكن ان يؤسس عليها قضية ومحاكمة عادلة ومنصفة لانه لا يجوز الظلم بحق أحد، وايضا بحاجة لسجن للفاسدين وآليات لاسترداد الاموال المنهوبة التي قد تكون هرّبت الى الخارج”.
وقال السيد نصر الله “عندما قلنا اننا نريد مكافحة الفساد قلنا اننا لن نشهر بأحد وقدمنا بعض الملفات الى القضاء وتركنا بعضها لنعرف مصير الملفات التي قدمت”، وتابع “هناك قضاة يتمتعون بالنزاهة والمطلوب تطوير بعض القوانين، ومن لديه اي معلومة فليذهب وليتقدم بها الى القضاء”، واضاف “الحديث عن ثورة في البلد فالامر مرهون بالقضاء ومجلس القضاء الاعلى واليوم هناك فرصة تاريخية للقضاء في هذا المجال”، ولفت الى ان “القضاء عليه رفع الحصانة عن اي مسؤول لديه اي حصانة”، واوضح انه “حصل اتفاق بين كتلتي التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة لتقديم اقتراح قانون برفع الحصانة عن كل الوزراء منذ العام 1992″، وأكد “رسالتي في يوم الشهيد يوم التصحية من اجل البلد واستقراره وازدهاره، أنا أقول للقضاة في لبنان تمثلوا بهؤلاء الشهداء والمطلوب منكم القيام بخطوة انقاذية واعملوا بصلاحياتكم ولا تخضعوا لاي مرجعية سياسية في البلد وكل الشعب اللبناني معكم”، وتابع “انا بصفتي امين عام حزب الله اتوجه الى القضاء اذا كان هناك ملف له علاقة بأي مسؤول بحزب الله ابدأوا به وانا اضمن له رفع الحصانة اذا كان له حصانة حتى قانون رفع الحصانة”، وأكد “الفاسد كالعميل لا طائفة له ولا دين له”.
ولفت السيد نصر الله الى ان “في الملف الاقتصادي هناك بعض الامور الواضحة، لدينا بدائل وآفاق وهناك مسؤولية للولايات المتحدة الاميركية للصعوبات الموجودة في لبنان والتي تمنع على لبنان ان يخرج من ازمته ويستعيد عافيته بل تعمل على تعميق هذه الازمة”، واكد انه “حتى في الملف الاقتصادي يجب ان تعرف من العدو والصديق وهذا من شروط النجاح في المواجهة الاقتصادية”، وأشار الى انه “في الموضوع المالي والاقتصادي وبالموازنة هناك ايرادات ونفقات واذا لم تكفي الايرادات تذهب الدولة للاستدانة، والقطاع الانتاجي في بلدنا مضروب والقطاع الزراعي في اسوأ حال والديون تتراكم”، وأوضح ان “من الافاق الموجودة للبنان هي الشركات الصينية الحاضرة للقدوم والاستثمار في لبنان وتأمين فرص عمل، بينما الادارة الاميركية تمنعها من دخول السوق اللبناني”، وتابع “اتمنى ان اكون على خطأ وان تقوم الحكمة الجديدة بفتح الباب امام الشركات الصينية للاستثمار في لبنان”، ولفت الى ان “الادارة الاميركية منعت كيان العدو من متابعة العلاقات التجارية مع الصين”.
وشدد السيد نصر الله على ان “العلاقة التجارية مع الصين هي خط احمر بالنسبة للادارة الاميركية، لماذا يجب ان نخضع للاميركي بمسألة يمكن ان تنفع بلدنا؟”، ولفت الى ان “الشركات الصينية جاهزة للعمل في لبنان وهي ذهبت للعمل في سوريا وقد فتحت لها الابواب هناك لان لا يوجد اي نفوذ اميركي، فلماذا يجب ان نخضع نحن لهذا النفوذ؟”، وتابع “فلتأتي الشركات الصينية للعمل بشروط لبنان ووفقا لمناقصات”، واضاف “ايضا الشركات الايرانية جاهزة للعمل في لبنان وايضا يمكن استدراج عروض لشركات روسية للعمل في لبنان”، ولفت الى ان “السياسيات الاميركية تمنع كل هذه الفرص للاستثمار في لبنان”.
وسأل السيد نصر الله “لماذا لا يشارك لبنان في اعادة اعمار سوريا”، ولفت الى ان “هناك جهات ودول عربية تعمل لاعادة الاعمار في سوريا بينما الاميركي يمنعهم من العمل هناك وتم تهديدهم بفرض عقوبات اميركية عليهم”، واضاف “فتح الابواب لمشاركة لبنان باعادة الاعمار في سوريا سينهض باقتصادنا لعشرات السنوات المقبلة”، واشار الى ان “التهديد الأمني الاميركي للبنان يمنع الاستثمارات الاجنبية”، واكد ان “لبنان اكثر امنا من واشنطن ومن اي ولاية اميركية اخرى”، واوضح ان “العقوبات الاميركية هي سيف ذو حدين لانها تركت اثرا على الاقتصاد والمصارف في لبنان، نحن فقط قدمنا العتب لبعض مدراء المصارف بينما الاميركان يرهبون المصارف ويتشددون في تحويل الاموال من والى لبنان، لذلك من الذي سيأتي للاستثمار في لبنان، ونحن قلنا لهم ان اموالنا ليست في لبنان والعقوبات على القطاع المصرفي لاحداث فتنة في لبنان ولا يضر المقاومة بل يعطل عجلة الاقتصاد في البلد، وايضا الضغط على المغتربين اللبنانيين وتحويل العملات منهم الى لبنان”.
وأشار السيد نصر الله الى ان “الاستمرار في سياسة الاقتراض ستزيد الازمة، بل يجب العمل لتنشيط القطاعين الزراعي والصناعي وفتح اسواق جديدة امام لبنان كالسوق العراقي”، وتابع “السوق العراقي قادر على استيعاب الانتاج الزراعي والصناعي اللبناني لعشرات المرات وهذا يفتح الآفاق للاستثمار ولفرص العمل الجديدة”، ولفت الى ان “احد اسباب الغضب على رئيس الحكومة العراقية هو اصراره على فتح معبر البوكمال وسيحيي الاقتصاد والزراعة والصناعة في سوريا وايضا قادر ان يحيي الاقتصاد في لبنان بدون ان يمن عليه احد ولكن يجب تشكيل وفد لبنان الى سوريا للحصول على تسهيلات وتخفيض الضرائب وفتح شريان الحياة ونهر من الخيرات بين لبنان والعراق”، وشدد على ان “انقاذ البلد لا يكون بمزيد من القروض بل بتجريك عجلة الانتاج وفتح ابواب الاسواق ولكن القرار الاميركي يمنع ذلك ولذلك لو فعلا كانت حكومة حزب الله كنا من الساعة الاولى لنيل الثقى اتخذنا القرار بالذهاب الى سوريا”.
واكد السيد نصر الله “عندما نقول اننا نريد حكومة سيادية هو ان تتخذ القرارات بعيدا عن الضغوط الاميركية وتقول له اننا نتخذ القرارت التي تصب في مصلحة لبنان”، وتابع “في ملف النفط من يضع الفيتوات وانا اقول هناك العديد من الافكار للخروج من الازمة واقول ان الاميركي مسؤول عن التعطيل والاعاقة ولذلك اللبنانيين مدعوين للوعي وتحمل المسؤولية”، ولفت الى ان “كلام بومبيو حول المساعدة للشعب اللبناني للتخلص من الفساد الذي جاءت به ايران الى لبنان، غريب هذه الوقاحة الاميركية لان الفاسدين في لبنان أغلبهم من حلفائكم”، وتابع “بومبيو لا يرى في لبنان إلا النفوذ الايراني، هل النفوذ الايراني في القطاع المصرفي؟ ام في الجيش اللبناني؟ في قوى الامن الداخلي؟ في النفط والتلزيمات؟ نعم بحسب عقله هو النفوذ الايراني يعني المقاومة”، واوضح “كل ما يريده الاميركي ان يتخلص لبنان من مقاومته”.
ورأى السيد نصر الله ان “الشعب اللبناني معني بالحفاظ على وحدته وان لا يأخذه احد الى الحرب الاهلية ويفكر بازمته وهذا يحصل بالحوار والتلاقي والتعاون”، واعتبر ان “جمهور المقاومة في هذه المرحلة بالتحديد معني بالفهم والوعي والبصير”، وعاهد “شهداء المقاومة بالحفاظ على القوة والمنع والردع وعلى كل ما اعطيتمونا اياه ونحن اوفياء ايا كانت الصعوبات ونحن لن نخلي الساحات حتى نرفع راياتنا في اعلى القمم”.
من جهة ثانية، قال السيد نصر الله “اتوجه بأسمى آيات العزاء لفد ورحيل العلامة المحقق السيد عبد الله شرف الدين نجل السيد عبد الحسين شرف الدين”، وتابع “كما اتوجه بمناسبة ذكرى ولادة الرسول الاعظم(ص) الى جميع المسلمين بالتهنئة والتبريك، ونحن كأمة منذ اكثر من 1400 سنة اذا كنا نعيش في ايمان وهدى وعلم وحضارة ورقي طوال التاريخ وقوة ومنعة واذا كان من خير عظيم نتطلع اليه في آخرتنا، هو بسبب هذا المولود العظيم”.
المصدر: موقع قناة المنار
إغتيال قائد سرايا القدس بهاء أبو العطا وزوجته في قصف إسرائيلي واصابة طفليه بجراح خطيرة
استشهد فجر اليوم الثلاثاء قائد سرايا القدس في قطاع غزة بهاء أبو العطا وزوجته في في عملية اغتيال عبر قصف إسرائيلي استهدف منزله في حي الشجاعية شرق مدينة غزة.
وفي التفاصيل طائرات إسرائيلية استهدفت منزل القائد بهاء أبو العطا بصاروخ واحد على الأقل ما أدى إلى استشهاده وزوجته وإصابة طفليه بجراح خطيرة وتم نقلهم إلى مجمع الشفاء الطبي.
وأكدت وزارة الصحة في قطاع غزة استشهاد مواطن وزوجته وإصابة 2 أخرين بجراح مختلفة فجر اليوم الثلاثاء.
ونعت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الاسلامي، استشهاد قائدها بهاء سليم ابو العطا، جراء غرة “إسرائيلية” استهدفت منزله.
في المقابل، أعلن جيش الاحتلال عن مسؤوليته عن اغتيال القيادي في سرايا القدس بهاء ابو العطا شرق غزة، فجر اليوم.
وأطلقت المقاومة الفلسطينية رشقات صاروخية تجاه البلدات المحتلة، ردًا على اغتيال ابو العطا، فيما تحمل الساعات المقبلة مزيد من المفاجآت.
المصدر: فلسطين اليوم
الوحدَةُ الإسلامِیَّة وجُذورها القُرآنِیَّة
إنَّ منَ الأمور التی کثر الحدیث عنها فی أیامنا هذه، مسألةُ الوحدة الإسلامیة، والتی تغصُّ المنابر الإعلامِیَّة والثقافِیّة بالدعوة لها ومحاولة تثبیتها فی فکر الناس، وتجسیدها عملاً بین المسلمین.
ومن المناسب فی هذا التمهید أن نذکر الجذور الإسلامیة لهذه الفکرة، فالفکرة أساساً لم تکن منطلقة من فکرِ شخصی واجتهاد واستنساب یُظنُّ فیه المصلحة للناس، بل إن أساسها وجذورها الحقیقی من قلب الشریعة الإسلامیة، وهذا یمیزها بأمور:
1 ـ أنها فکرة أصیلة بحد ذاتها وثقافة من قلب الإسلام ولم تستورد إلیه ولم تخترع لظروف سیاسیة أو مرحلیة.
2 ـ تمتلک هذه المسألة بعداً ثقافیاً یجعلها فکرة قابلة للإقناع لأنها تعنی کلَّ مسلم، وکل ذی ثقافة إسلامیة أصیلة.
3 ـ أنها مسألة قابلة للدوام بسبب کونها أصیلة بخلاف الثقافات التی لا تعتمد على أساس ثابت، ولهذا فإن الوحدة الإسلامیة یمکن أن تکون حلاً لمسائل المسلمین فی جمیع العصور.
الإمام الخمینی "قدس سره" رائدُ الوحدة
فی الوقت الذی کانت الأمة الإسلامیة فی حالة من الاحتضار على کل مستویاتها، قامت ثورة مبارکة، قام بها شعب أعزل بقیادة العالم الزاهد الشجاع القائد السید روح الله الموسوی الخمینی قدس سره فی إیران، والتی کانت مرتعاً للمخابرات الأجنبیة ولا سیما الأمریکیة والصهیونیة، وأرضا مسلوبة الخیرات مسخرة لتنفیذ المآرب الکبرى لقوى الاستکبار العالمی وأذنابه من الحکام الذین باعوا ضمائرهم وشعوبهم لیصبحوا مجرد أداة بید أسیادهم الإمبریالیین الطامعین بالسیطرة على مقدرات العالم.
قیام هذه الثورة المبارکة أحبط الکثیر من المؤامرات، وأهمها التی کانت تحاک لتوسعة الشق الکبیر فی الأمة الواحدة، فلطالما کانت التفرقة بین مذاهب الأمة من الأسالیب الدنیئة التی ینتهجها العدو الطامع للسیطرة على الأمم الأخرى، فقاعدة فرق تسد تاریخیا لم یخل عهد ولا زمان من رموز انتهجت هذه القاعدة کأسلوب ناجح تتوصل به إلى الهیمنة فی بعض الأحیان، ولاستتباب الهیمنة فی موارد أخرى، فإن السیطرة على أمة ممزقة، ومتکالبة على أطرافها غافلة عما یحاک لها أمرٌ فی غایة السهولة، ولا یکلف العدو إلا عناء جنی الثمار بعد أن أنضجتها الخلافات والنزاعات.
ولوعی الإمام الخمینی قدس سره فی تلک الفترة لخطورة الأمر على الأمة، فقد رکز فی الکثیر من توجیهاته وخطاباته على مسألة الوحدة الإسلامیة، ولم یألُ جهداً فی تذکیر الأمة دائماً بخطر الاختلاف والتشرذم، وهذا ما سنحاول الإضاءة على أبعاده حیث یصح القول بحق إن أفضل من دعا إلى الوحدة وکرسها عملا ً فی حیاته وأورثها للأجیال هو الإمام الخمینی.
الجذور القرآنیة للوحدة الإسلامیة ، یقول الله تعالى فی محکم قرآنه:
﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِیعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْکُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَیْکُمْ إِذْ کُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَیْنَ قُلُوبِکُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَکُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَکُمْ مِنْهَا کَذَلِکَ یُبَیِّنُ اللَّهُ لَکُمْ آیَاتِهِ لَعَلَّکُمْ تَهْتَدُون﴾.
إن الآیة الشریفة تتحدث بوضوح عن التوحد ونبذ الاختلاف بین المسلمین، حیث تدعوهم للاعتصام أی التمسک جمیعاً بحبل الله، والاعتصام یکون طلباً للعصمة وهی الحفاظ والغطاء، وهذا یعنی أن فی ترک هذا الاعتصام الهلاک الحتمی وهذا ما یکون من خلال التفرق والاختلاف على الأمور الصغیرة.
کما أن الله سبحانه وتعالى یمنن علینا بنعمة الإسلام هذا الدین الذی یجمعنا جمیعاً على کل اختلافاتنا فی دائرة واحدة، بعد أن کانت تفرقنا القومیات والعشائر والمناطق والشعب، فحین هدى الله تعالى الناس برسوله الأکرم صلى الله علیه وآله وسلم، أخرجهم من ظلام هذه القواقع الفارغة إلى رحابة الإسلام دین الإنسانیة والرحمة والسلام، وهذا من أکبرِ نعم الله تعالى علینا.
وکذلک نجد فی القرآن الکریم العدید من الآیات التی تتحدث عن الوحدة وتحذر من الإختلاف وسنستعرض بعضها، فمنها قول الله تعالى:
﴿وَأَطِیعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِیحُکُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِینَ﴾.
﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَیْنَ أَخَوَیْکُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّکُمْ تُرْحَمُونَ﴾ .
﴿وَلْتَکُنْ مِنْکُمْ أُمَّةٌ یَدْعُونَ إِلَى الْخَیْرِ وَیَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَیَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْکَرِ وَأُولَئِکَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.
﴿وَلا تَکُونُوا کَالَّذِینَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَا هُمُ الْبَیِّنَاتُ وَأُولَئِکَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِیمٌ﴾.
﴿إِنَّ الَّذِینَ فَرَّقُوا دِینَهُمْ وَکَانُوا شِیَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِی شَیْءٍ﴾.
﴿وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُکُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّکُمْ فَاتَّقُونِ﴾ .
ومن هنا فإن الإمام الخمینی قدس سره طالما أکد على أهمیة وعی الأساس الدینی والقرآنی للوحدة ومما قاله فی هذا الإطار:
ولطالما حذَّر مما حذر منه القرآن الکریم وهو التنازع والتناحر حیث یقول قدس سره:
"الیوم على الجمیع أن یتحدوا مع بعضهم، وأن لا یتنازعوا بموجب تعلیمات الإسلام والقرآن الکریم. فالتنازع ممنوع حسب أوامر القرآن مهما کان نوعه. وإذا تنازعوا فإنه یؤدی إلى الفشل، وتذهب ریحهم، سواء الأشخاص أو الشعوب. وهذه أوامر الله. إن الذین یدعون الإسلام، ویسعون من أجل زرع الفرقة والتنازع لم یجدوا ذلک الإسلام الذی کتابه القرآن، وقلبته الکعبة، ولم یؤمنوا بالإسلام. إن الذین آمنوا بالإسلام إنما هم الذین یقبلون القرآن ومحتوى القرآن الذی یقول (إنمّا المؤمنون إخوة) فیلتزمون بکل ما تقتضیه الأخوّة. تقتضی الأخوة أن یتأثر جمیع الإخوان أینما کانوا إذا ألمّت بکم مشکلة، وأن یفرحوا جمیعاً لفرحکم".
معالم الطرح الوحدویّ عند الإمام الخمینی(قده)-
معالم الطرح الوحدویّ عند الإمام الخمینی(قده)-
الشیخ حسن أحمد الهادی[1]
مقدّمة:
الإسلام دین الإنسانیّة، ونظامه نظام شامل لجمیع نواحی الحیاة، یربط بعضها ببعضها الآخر ربطًا عضویًّا منطقیًّا، وینطلق من واقع الحیاة الإنسانیّة وخصوصیّاتها لمعالجة قضایاها بشتّى مستویاتها، وبما یتناسب مع تطلّعات الإنسان فی هذه الحیاة وسواها من مراحل الحیاة الأخرى. ونظرًا إلى الکینونة الاجتماعیّة التی ینطوی علیها الإنسان منذ أنْ فطره الله وبرأه، ونظرًا إلى أنّه یولد اجتماعیًّا؛ کان الإسلام دین المجتمع؛ کما هو دین الفرد، وکان القرآن کتاب المجتمع الإنسانیّ؛ کما هو کتاب کلّ فرد من أفراد هذا المجتمع بلا استثناء.
والإیمان لیس قضیّة عقدیّة مجرّدة، ولیس علاقة شخصیّة بین المؤمن وربّه فقط؛ بل هو علاقة أخویّة جماعیّة -أیضًا- بینه وبین سائر المؤمنین، ففی الإیمان یتمّ ربط الفکر بالفعل، والنیّة بالحرکة وبالسلوک القویم، وبهذا یتکامل أفراد المجتمع الإسلامیّ فی علاقاتهم الاجتماعیّة والإنسانیّة تکاملًا معنویًّا إیجابیًّا، تذوب أمامه کلّ أنواع الخلافات والمشاکل أو الاعتداءات التی قد تنخر جسد المجتمع وتهدم أرکانه. قال الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَیْنَ أَخَوَیْکُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّکُمْ تُرْحَمُونَ}[3].
والأُخوّة فی الإسلام أخوّة نَسَبیّة لها آثار فی النکاح والإرث، وأخوّة رضاعیّة لها آثار فی النکاح دون الإرث، وأخوّة إیمانیّة لها آثار اجتماعیّة ولا أثر لها فی النکاح والإرث؛ ذلک أنّ أخوَّة الإیمان تشریعیّة وواقعیّة بدافع الإیمان، یؤمر المؤمن أن یؤصّلها فی حیاته الجماعیّة إلى حدٍّ لا تبقى معه بین المؤمنین إلا الأخوّة؛ فعن أَبِی بَصِیرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّه (ع) یَقُولُ: "الْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ؛ کَالْجَسَدِ الْوَاحِدِ، إِنِ اشْتَکَى شَیْئًا مِنْه؛ وَجَدَ أَلَمَ ذَلِکَ فِی سَائِرِ جَسَدِه، وأَرْوَاحُهُمَا مِنْ رُوحٍ وَاحِدَةٍ، وإِنَّ رُوحَ الْمُؤْمِنِ لأَشَدُّ اتِّصَالًا بِرُوحِ اللَّه مِنِ اتِّصَالِ شُعَاعِ الشَّمْسِ بِهَا"[4].
وعنه(ع) -أیضًا-: "الْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ؛ عَیْنُه، ودَلِیلُه، لَا یَخُونُه، ولَا یَظْلِمُه، ولَا یَغُشُّه، ولَا یَعِدُه عِدَةً فَیُخْلِفَه"[5].
کما نفهم الواجبات والحقوق الفردیّة والاجتماعیّة المنبثقة عن هذه القاعدة الاجتماعیّة التی یؤسّسها القرآن فی الأخوّة الاجتماعیّة فی ما روی عن الإمام علی بن الحسین (علیهما) فی رسالة الحقوق، حیث یقول: "وحقُّ أخیکَ أن تعلمَ أنَّه یدکَ الّتی تبسطُها، وظهرُک الّذی تلتجئُ إلیهِ، وعزُّک الّذی تعتمدُ علیهِ، وقوَّتک الّتی تصولُ بها، فلا تتّخذْهُ سلاحًا على معصیةِ اللهِ، ولا عُدَّةً للظلمِ لخلقِ اللهِ، ولا تدعْ نصرتَه على نفسِه ومعونَتَه على عدوِّهِ، والحؤولَ بینَه وبینَ شیاطینِه، وتأدیةَ النصیحةِ إلیهِ، والإقبالَ علیهِ فی اللهِ، فإنِ انقادَ لربِّهِ وأحسنَ الإجابةَ لهَ، وإلَّا فلیکُن اللهُ آثرَ عندَکَ وأکرمَ علیکَ منهُ"[6].
فإنّ الأخ هو الذی اتّحد بأخیه اتّحادًا تامًّا، حتّى أصبحت ید أحدهما ید الآخر، وعزّ أحدهما عزّ الآخر، فیکون أحدهما للآخر ظهراً یستند إلیه، وقوّة یستعین بها على مناهضة الأیام ومغالبة الخطوب.
والأخوّة نعمة من أکبر النعم التی أنعم الله تعالى بها على عباده؛ لأنّها قائمة على أوثق عرى الإیمان؛ کما فی الحدیث عَنْ الإمام أَبِی عَبْدِ اللَّه (ع): "مِنْ أَوْثَقِ عُرَى الإِیمَانِ: أَنْ تُحِبَّ فِی اللَّه، وتُبْغِضَ فِی اللَّه، وتُعْطِیَ فِی اللَّه، وتَمْنَعَ فِی اللَّه"[7]؛ وذلک لأنّ من تمسّک بهذه العروة تکامل إیمانه، واستقام لسانه، واستقرّ جنانه، وبه یتحقّق التودّد والتآلف بین المؤمنین، ویتمّ ویکمل نظام الدنیا والدین، فهذه العلاقة هی أسمى علاقة وأقوى رابطة یمکن أن تکون فی مجموعةٍ من البشر.
وللأخوّة الدینیّة دورٌ رائدٌ فی بناء الشخصیّة المؤمنة، حیث تساعدها على الاتّصاف بمجموعة من الفضائل، وتشعرها بمسؤولیّة کبیرة تجاه الآخر؛ انطلاقًا من معرفة ما لها من مدلول وعمق فی الإسلام، فیعرف الإنسان قدره من خلال معرفة قدر أخیه وما له من حقّ علیه.
ونظرًا إلى أهمّیّة الطرح الوحدویّ فی واقعنا الإسلامیّ، کان من المناسب أن نضیء على معالم الطرح الوحدوی فی فکر علم من أعلام الوحدة الإسلامیّة؛ وهو الإمام الخمینی (قده). وقبل الدخول فی بیان معالم طرحه الوحدوی، کان لا بدّ من الوقوف عند جملة من الأسس والأصول الإسلامیّة من القرآن الکریم والسنّة الشریفة، التی انطلق منها الإمام الخمینی (قده) فی طرحه الوحدویّ وسُبُل تحقیقه وتعزیزه وصیانته.
أولاً: مظاهر علاقة المسلم بالآخر فی الإسلام:
وضعت الشریعة الإسلامیة أصولاً تربویّةً واجتماعیّةً عدّة؛ بهدف تنظیم علاقة المسلم بالمسلم وبغیره من بنی البشر، نذکر نماذج منها:
1. التکافل الاجتماعیّ:
یُعدّ التکافل الاجتماعیّ جزءًا من عقیدة المسلم والتزامه الدینیّ، وهو نظام أخلاقیّ یقوم على الحبّ والإیثار ویقظة الضمیر والشعور بمراقبة الله عزَّ وجل، ولا یقتصر على حفظ حقوق الإنسان المادّیّة؛ بل یشمل المعنویّة -أیضًا-، وغایته التوفیق بین مصلحة المجتمع ومصلحة الفرد.
وقد عُنی القرآن بالتکافل؛ لیکون نظامًا لتربیة روح الفرد، وضمیره، وشخصیّته، وسلوکه الاجتماعیّ، ولتکوین الأسرة وتنظیمها وتکافلها، ولضبط العلاقات الاجتماعیّة؛ بما فی ذلک العلاقة التی تربط الفرد بالدولة، ولتقنین المعاملات المالیّة والعلاقات الاقتصادیّة التی تسود المجتمع الإسلامیّ.
ومن هنا؛ فإنّ مدلولات البرّ، والإحسان، والصدقة، تتضاءل أمام هذا المدلول الشامل للتکافل. قال الله تعالى: {یَسْئَلُونَکَ مَاذَا یُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَیْرٍ فَلِلْوَالِدَیْنِ وَالأَقْرَبِینَ وَالْیَتَامَى وَالْمَسَاکِینِ وَابْنِ السَّبِیلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَیْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِیمٌ}.[8]
وقد عدّ القرآن الإمساک وعدم الإنفاق سبیلًا إلى التهلکة؛ بقوله سبحانه وتعالى: {وأنفقوا فی سبیل الله ولا تُلقوا بأیدیکم إلى التهلکة وأحسنوا إنّ الله یحبُّ المُحسنین}[9]؛ کما عدّ الکنـز وحجب المال عن وظیفته الاجتماعیّة مدعاةً إلى العذاب الألیم: {والذین یکنزون الذهب والفضة ولا ینفقونها فی سبیل الله فبشّرهم بعذابٍ ألیم}[10]، ونفى الرسول الأکرم (ص) کمال الإیمان عن مَنْ یبیت شبعان وجاره جائع؛ وهو یعلم: "ما آمن بی من بات شبعان وجاره جائع وهو یعلم"[11].
کما وضع القرآن أسسًا نفسیّةً وأخرى مادّیّة؛ لإقامة التکافل الاقتصادیّ والاجتماعیّ بین أفراد المجتمع الإسلامیّ. ولعلَّ من أهمِّ الأسس النفسیّة هو إقامة العلاقات المادّیّة والمعنویّة على أساس الأخوّة؛ لقوله تعالى: {إنّما المؤمنون إخوةٌ}[12]، وربط الإیمان باستشعار حقوق الأخ؛ کما رتَّب الحبّ على رابطة الأخوّة؛ فلا یؤمن الإنسان المسلم ولا ینجو بإیمانه ما لم یُحبّ لأخیه ما یُحبّ لنفسه، ویعیش معه کالبنیان یشدّ بعضه بعضًا. وجعل العدل وحفظ الحقوق من قیم الدین الرئیسة؛ بل ندب إلى عدم الاقتصار على العدل؛ وهو إحقاق الحقّ، أو إعطاء کلِّ إنسان حقّه من دون ظلم، وإنّما الارتقاء إلى الإحسان؛ وهو التنازل عن بعض الحقوق للطرف الآخر. ومن الأسس النفسیّة -أیضًا-: الإیثار؛ وهو عکس الأثرة والأنانیّة. والإیثار تفضیل الآخر على النفس؛ من أجل إشاعة جوّ العفو والرحمة، وهی الغایة التی جاءت من أجلها الشریعة.
2. إثارة الشعور الاجتماعیّ:
کان إنسان ما قبل الإسلام یتمحور فی سلوکه الاجتماعیّ على ذاته، وینطلق فی تعامله مع الآخرین من منظار مصالحه وأهوائه بالغالب، وینساق بعیدًا مع أنانیّته؛ حیث هبط فی القاع الاجتماعیّ إلى درجة «وأد» أبنائه؛ خشیة الفقر والمجاعة، الأمر الذی استدعى التدخّل الإلهی؛ لإنقاذ النفوس البریئة من هذه العادة الاجتماعیّة القبیحة، قال تعالى: {ولا تَقتُلُوا أولادَکُم خَشیةَ إملاقٍ}[13]، على أنّ أشدّ ما یسترعی الانتباه أنّ ذلک الإنسان الجاهلیّ، الدائر حول ذاته ومنافعها، قد غدا -بتفاعله مع إکسیر العقیدة- یضحّی بالنفس والنفیس فی سبیل دینه ومجتمعه، وبلغت آفاق التحوّل فی نفسه إلى المستوى الذی یُؤثِر فیه مصالح أبناء جنسه على منافع نفسه.
ولیس خافیًا على أحد مستوى الإیثار الذی أبداه الأنصار تجاه المهاجرین؛ إذ شاطروهم کلّ ما یملکون، حتى بیوتهم وأمتعتهم، ولم ینحصر هذا المستوى من الإیثار بالأفراد؛ بل شکّل ظاهرة اجتماعیّة عامّة لم یشهد لها تاریخ الإنسانیّة نظیرًا، وفی هذه الظاهرة نزلت آیات من القرآن الکریم تبارک هذه الروحیّة، وتخلّد ذِکر مجتمعٍ تحلّى بها؛ بوصفه أنموذجًا من نماذج التلاحم الاجتماعیّ والمؤاخاة. قال تعالى: {لِلفُقَرَآءِ المُهَاجِرینَ الَّذِینَ أُخرِجوا مِن دِیارهِم وأموَالِهِم یَبتَغُونَ فَضلًا مِّنِ اللهِ وَرِضوانًا وَیَنصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئکَ هُمُ الصَّادِقُونَ * وَالَّذینَ تَبَوَّءُوا الَّدارَ وَالاِیمانَ مِن قَبلِهِم یُحِبُّونَ مَن هَاجَرَ إلیهِم وَلا یَجِدُونَ فی صُدُورِهِم حَاجَةً مِّمَّآ أُوتُوا وَیُؤثرُونَ عَلى أنفُسِهِم ولَو کانَ بِهِم خَصَاصَةٌ وَمَن یُوقَ شُحَّ نَفسِهِ فَأُولئکَ هُمُ المُفلِحُونَ}[14].
ولقد نقض الإسلام أُسسًا فی البناء الاجتماعیّ الجاهلیّ قوامها تعزیز التقسیم الطبقیّ والقَبَلیّ للمجتمع، الذی کان یتشکّل من طبقتین رئیستین؛ هما: طبقة الأشراف؛ الذین تجتمع لدیهم الثروات ویحتکرون الشأن والوجاهة، وطبقة العبید؛ الذین یدورون فی فلک الأسیاد. فقوّض الإسلام هذه الأسس، وأقام محلّها أُسسًا جدیدة تساوی بین الناس فی حقّ الحیاة وحقّ الکرامة. قال تعالى: {یا أیُّها الناسُ إنّا خَلقنَاکُم مِن ذَکَرٍ وأُنثى وجَعَلنَاکُم شُعُوبًا وقَبَائلَ لِتَعارفُوا إنَّ أکرَمَکُم عِندَ اللهِ أتقاکُم}[15]؛ فتحرّر أبناء طبقة العبید، ومارسوا حقّهم فی الحیاة، وارتفع عمّار وسلمان وبلال عالیًا فوق طبقة أشراف قریش.
3. تنمیة الشعور الجماعیّ:
تربّی العقیدة الإنسان المسلم على الشعور الاجتماعیّ المتمثّل بشعور الفرد نحو غیره، فیتجاوز دائرة الذات إلى دائرة أرحب؛ هی دائرة العائلة، ثمّ تتّسع اهتماماته لتشمل دائرة الجوار، ثمّ أبناء بلدته، وبعدها أبناء أمّته، وفی نهایة المطاف تتّسع لدائرة أکبر؛ فتشمل الإنسانیّة جمعاء.
وفی هذا الصدد، نجد کثیرًا من الأحادیث التی تحثُّ الفرد على الانضمام إلى الجماعة، والانسجام معها، والانضواء فی قالبها، بعد أن ثبت عند العقلاء أنّ فی الاجتماع قوّة ومنعة، وبعد أن أکّد النقل على أنّ الله -تعالى- قد جعل فیه الخیر والبرکة. یقول الرسول الأکرم (ص): "یدُ الله مع الجماعة، والشیطان مع من خالف الجماعة یرکُضُ"[16]. و"من خرج من الجماعة قید شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه"[17]. وفی ذلک کلِّه دلیل قاطع على أنّ الإسلام دین اجتماعیّ یربط الفرد بالجماعة، وأنّ العقیدة تدعو الإنسان المسلم إلى الانضمام إلى الجماعة.
4. تأصیل نظم الروابط الاجتماعیّة:
کان المجتمع الجاهلیّ یرى فی رابطة الدم والرحم أساسًا للروابط الاجتماعیّة، فیضع مبدأ القرابة فوق مبادئ الحقّ والعدالة، فی حال التعارض بینهما. وقد ذمّ القرآن الکریم هذه الحمیَّة الجاهلیّة بقوله تعالى: {إذ جعلَ الَّذِینَ کَفرُوا فی قُلُوبِهِم الحَمِیَّةَ حِمیَّةَ الجَاهِلِیَّةِ}[18].
ولذا، عملت العقیدة على إزالة حُجُب العصبیّة عن القلوب، ولم تُقرّ بالتفاضل بین الناس القائم على القرابة والقومیّة أو اللّون والمال والجنس، وبدلًا من ذلک أقامت روابط جدیدة على أسس معنویّة؛ قوامها التقوى والفضیلة. وعلیه، فالعقیدة تنبذ جمیع أشکال العصبیّة؛ إذ لا یمکن التوفیق بین الإیمان والتعصّب. روی عن الإمام جعفر الصادق (ع) أنّه قال: "قال رسول الله (ص): من تعصّب أو تُعُصّبَ له؛ فقد خلع ربقة الإیمان من عُنقه"[19].
ویوضّح الإمام زین العابدین (ع) مفهوم العصبیّة، وما هو المذموم منها، عندما سُئل عنها؛ بقوله (ع): "العصبیّة التی یأثم علیها صاحبها: أن یرى الرّجل شرار قومه خیرًا من خیار قوم آخرین، ولیس من العصبیّة أن یحبّ الرجل قومه، ولکن من العصبیّة أن یعین قومه على الظّلم"[20].
ومن هنا، نجد أنّ العقیدة قد عملت على إزالة حُجُب العصبیّة عن القلوب، وقامت بتشکیل هویّة اجتماعیّة جدیدة للناس تقوم على أساس الإیمان بالله تعالى وبرسوله (ص)، وإشاعة مشاعر الحبّ والرّحمة؛ بدلًا من مشاعر التعصّب والکراهیّة؛ فالعصبیّة التی تعنی مناصرة المرء قومه أو أسرته أو وطنه فی ما یخالف الشرع وینافی الحقّ والعدل، لهی من أخطر النزعات وأفتکها فی تسیّب المسلمین وتفریق شملهم، وإضعاف طاقاتهم الروحیّة والمادّیّة، وقد حاربها الإسلام وحذّر المسلمین من شرورها، ولم یکن من الیسیر أن یتمّ هذا التحوّل الکبیر فی أفکار الناس وعلاقاتهم فی هذه الفترة القصیرة من عمر الرسالة لولا الدور التغییریّ الکبیر الذی اضطلعت به العقیدة الإسلامیّة.
5. الحثّ على التعاون والتعارف:
نقلت العقیدة أفراد المجتمع من حالة التنافس والصراع إلى حالة التعارف والتعاون. ومن هنا، نجد القرآن یحثّ الناس على الاجتماع والتعارف. قال تعالى: {یا أیُّها النَّاسُ إنَّا خلقناکم مِن ذَکرٍ وأُنثى وجَعلناکُم شُعوبًا وقبائلَ لتعارفوا إنَّ أکرمَکُم عند اللهِ أتقاکُم}[21].
فالأصل فی دین الإسلام أنّه دینُ تجمّعٍ وألفة، لا دین عزلةٍ وفرارٍ من تکالیف الحیاة، ولم یأتِ القرآن لیدعو المسلمین إلى الانقطاع فی دیر، أو العبادة فی صومعة؛ بعیدًا عن مشاکل الحیاة ومتطلّباتها؛ بل إنّ نزعة التعرّف إلى الناس والاختلاط بهم أصیلة فی تعالیم هذا الدین[22]. وقد بیّن الرسول (ص) أنّ الفضل لمن خالط الآخرین وتعرَّف علیهم ولم یتقوقع على نفسه؛ وذلک فی قوله: "المؤمن الذی یخالط الناس ویصبر على أذاهم أفضل من المؤمن الذی لا یخالط الناس ولا یصبر على أذاهم"[23].
کما حثَّ القرآن الکریم الناس على التعاون؛ قال تعالى: {وتعاونُوا على البرِّ والتّقوى ولا تعاونوا على الاِثمِ والعُدوانِ}[24]، وأثبتت تجارب البشریّة أنّ فی التعاون قوّة، وأنّه یؤدّی إلى التقدّم.
وقد کان المجتمع الجاهلی متخلّفًا، یعیش حالة الصراع بدافع العصبیّة القبلیّة، أو طغیان الأهواء والمصالح الشخصیّة، أو بسبب احتکار بعضهم مصادر الکلإ والماء، فانتقل ذلک المجتمع -بفضل الإسلام- إلى مدار جدید، بعد أن تکرّست فیه قیم التعاون والتکافل الاجتماعیّ.
ومن هنا، نجد أنّ مسألة التعاون والتضامن والوحدة تجاه القضایا الکبرى تتصدّر سلَّم الأولویّة فی اهتمامات الإسلام الاجتماعیّة؛ لکونها الضمان الوحید والطریق الأمثل لإقامة بناء اجتماعیّ متماسک تغیب فیه عوامل الصراع والتناحر، وتسود فیه عوامل الودّ والألفة.
وما یثیر الدهشة ویبعث على الإعجاب أنّ المجتمع العربیّ الجاهلیّ الذی کان ممزّقًا، ولا تقیم له الأمم وزنًا، قد غدا بفضل الرسالة الإسلامیة موحّدًا، مهاب الجانب، ذا عزّة ومنعة. یقول الإمام علی (ع): "... والعرب الیوم، وإن کانوا قلیلًا، فهم کثیرون بالإسلام، عزیزون بالاجتماع..."[25].
وهذا ما ساهم کثیرًا فی تغییر العادات والتقالید الجاهلیّة. یقول العلاّمة السید الشهید محمد باقر الصدر (قده): "إنّ الدافع الذاتی هو مثار المشکلة الاجتماعیّة، وإنَّ هذا الدافع أصیل فی الإنسان؛ لأنّه ینبع من حبّه لذاته، وهنا یجیء دور الدین بوضع الحلّ الوحید للمشکلة؛ فالحلّ یتوقّف على التوفیق بین الدوافع الذاتیّة والمصالح الاجتماعیّة العامّة"[26].
6. أصالة الخطاب والتواصل الإیجابیّ بالکلمة الطیّبة:
لقد عُنیَ القرآن الکریم بأدب الخطاب، فالناظر فی سوره وآیاته یجده شدید الحرص على الأسلوب الذی یُؤدَّى به الکلام، والطریقة التی یُطرح بها، ویجد أنَّه کثیرًا ما یُوجِّه نحو الکلمة الطیّبة والقول الحَسَن فی مناسبات شتَّى. قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ کَیْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلًا کَلِمَةً طَیِّبَةً کَشَجَرةٍ طَیِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِی السَّمَاء * تُؤْتِی أُکُلَهَا کُلَّ حِینٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَیَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ یَتَذَکَّرُونَ * وَمَثلُ کَلِمَةٍ خَبِیثَةٍ کَشَجَرَةٍ خَبِیثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ * یُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِینَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِی الْحَیَاةِ الدُّنْیَا وَفِی الآخِرَةِ وَیُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِینَ وَیَفْعَلُ اللّهُ مَا یَشَاء}[27].
فالکلمة الطیّبة نفحة روحانیّة تصل ما بین القلوب، وتربطها برباط المودّة والتآلف. وأمّا الکلمة الخبیثة فهی معول للهدم والتفریق؛ یعمل تخریبًا فی أوصال المجتمع، فیهدم کیانه. والکلمة الطیّبة تزهر فی النفس لتتفتّح بأجمل أزهار الخیر والحبّ التی یعبق شذاها فوّاحًا فی کلّ زمان ومکان. وأمّا الکلمة الخبیثة فنتنة الرائحة، تصدر عن بُؤَرٍ نفسیّة عفنة.
وقد أشار القرآن الکریم إلى ما أثمره القول اللیّن من نجاح دعوة النبی محمد (ص) وتأثیرها فی الناس. قال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوکُنتَ فَظًّا غَلِیظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِکَ}[28]. فرسول الله (ص) لم یکن فظَّاً؛ أی خشن الکلام، ولا غلیظ القلب؛ أی قاسیه وشدیده؛ بل کان رفیقًا داعیًا إلى الرفق، فقال (ص): "مَنْ یُحرَم الرِّفقَ یُحرَم الخیر"[29].
وتأسیسًا على ما تقدّم من أصول تربویّة واجتماعیّة کفیلة ببناء مجتمع متکافل، یحفظ بعضه حقوق بعضه الآخر، ویحرص على ممارستها والعیش فی ظلّها، والتربیة علیها؛ لا بدّ من الإلفات إلى أنّ هذه التشریعات الإسلامیّة الاجتماعیّة تتّسع لتشمل العلاقات الإنسانیّة بین بنی البشر؛ لأنّ الروابط التی تجمع بین الناس کثیرة؛ فمن رابطة الدم، إلى رابطة الفکر والمبدإ، ورابطة العمل والوظیفة، ورابطة الصداقة والصحبة، ورابطة الجنس والعرق، والرابطة التجاریّة والاقتصادیّة، ورابطة العقیدة التی تُعدّ من أقوى الروابط وأمتنها؛ ولکنّ قوّة رابطة العقیدة لا تعنی أنَّ أدب التعامل مع الآخرین لا یدور إلا فی نطاقها، ولا یشمل التعامل مع أصحاب العقائد الأخرى من غیر المسلمین؛ بل إنَّ أدب التعامل یتّسع لیشمل الإنسانیّة کلَّها. فالتعامل الحسن هو سلوک الجوارح والعلاقة الظاهریّة، ویکون مع جمیع البشر؛ أمّا الولاء فهو بین المسلمین خاصّة. ولعلّ ما ورد فی سورة الممتحنة، من أوضح الآیات التی تمیّز بین الولاء، وبین البرّ وحُسن التعامل. یقول تعالى: {لا یَنْهَاکُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِینَ لَمْ یُقَاتِلُوکُمْ فِی الدِّینِ وَلَمْ یُخْرِجُوکُم مِّن دِیَارِکُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَیْهِمْ إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الْمُقْسِطِینَ * إِنَّمَا یَنْهَاکُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِینَ قَاتَلُوکُمْ فِی الدِّینِ وَأَخْرَجُوکُم مِّن دِیَارِکُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِکُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن یَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِکَ هُمُ الظَّالِمُونَ}[30].
فقضیّة التعامل مع الآخرین هی قضیّة بالغة الأهمّیّة والخطورة، وقد جعل الإسلام الالتزام بالدین فی قسمٍ کبیرٍ منه، متوقّفًا على الأدب وحسن المعاملة. ولذا، جاء القرآن الکریم لیضع لنا المناهج القویمة والأسس السلیمة للتعامل مع الآخرین؛ باعتباره موضوعًا أساسًا من موضوعات هذا الدین.
وإذا کان الأدب یتّبع فی خصوصیّته الغایة المطلوبة فی الحیاة؛ فالأدب الإلهیّ الذی أدّب الله سبحانه به أنبیاءه ورسله(عله) هو الهیئة الحسنة فی الأعمال الدینیّة التی تحاکی غرض الدین وغایته؛ وهو العبودیّة على اختلاف الأدیان الحقّة؛ حسب کثرة موادها وقلّتها، وحسب مراتبها فی الکمال والرقیّ.
ولمّا کان من شأن الإسلام التعرّض لجمیع جهات الحیاة الإنسانیّة؛ حیث لا یشذّ عنه شیء من شؤونها؛ سواء أکان یسیرًا أم خطیرًا، دقیقًا أم جلیلًا؛ فلذلک وسع الحیاة أدبًا، ورسم فی کلّ عمل هیئة حسنة تحاکی غایته؛ وهو فی ذلک لیس له غایة عامّة إلا توحید الله سبحانه فی مرحلتی الاعتقاد والعمل جمیعًا؛ أی أنْ یعتقد الإنسان أنّ له إلهًا هو الذی منه بدأ کلّ شیء وإلیه یعود کلّ شیء، له الأسماء الحسنى والأمثال العلیا، ثمّ یجری فی الحیاة ویعیش بأعمال تحاکی بنفسها عبودیّته وعبودیّة کلّ شیء عنده لله الحقّ عزّ اسمه، وبذلک یسری التوحید فی باطنه وفی ظاهره، وتظهر العبودیّة المحضة من أقواله وأفعاله وسائر جهات وجوده ظهورًا لا ستر علیه ولا حجاب یغطّیه. فالأدب الإلهیّ -أو أدب النبوّة- هو هیئة التوحید فی الفعل[31].
یقول الإمام علی(ع): "الآداب حُللٌ مجدّدة"[32]. ومعنى إخباره (ع) بأنّ الآداب حُللٌ مجدّدة: "أی لا تبلى؛ بل تزداد بکثرة التجارب والممارسة کلّ وقت جدة، وعنى بالآداب -هاهنا- آداب الشرع الَّتی هی مکارم الأخلاق"[33]. والمحصّل من کلامه: أنّ الشخص کما یتزیّن بالحلل یتزیّن کذلک بالآداب؛ مثل: العلم، وما یتبعه من حسن المجاورة، والمعاشرة، وأمثالهما.
فحسن الخلق والأدب مع الآخرین -مهما کان الطرف الآخر؛ سواء أشترکت معه فی الدین، أو المذهب، أو الإنسانیّة، أم لم تشترک- هو دلیل على رزانة العقل وبُعد النظر. وأمّا عکس ذلک فهو دلیل على الحمق ونقصان العقل.
وعلیه، فإنّنا نوجّه دعوة صادقة إلى المؤسّسات التعلیمیّة الدینیّة والأکادیمیّة والباحثین المتخصّصین نحو القراءة الأصیلة لهذه الأصول الاجتماعیّة والتربویّة، والتعاون فی تسییلها فی المناهج والبرامج التعلیمیّة والتربویّة والإعلامیّة؛ لنتمکّن معًا من بناء جیلٍ جدید، وتربیته على أصول التکافل والتعاون والوحدة والمحبّة والمودّة والإیثار والتضحیة، وفهم الاختلاف وترشیده؛ لنبنی مجتمعًا حضاریًّا یشعر بالعزّة والکرامة والترابط الأخویّ، وفق المفهوم القرآنیّ.
والإسلام یرید أن یحکم المجتمع أمن مطلق، ولا یکتفی بأن یکفّ الناس عن ضرب بعضهم بعضَهم الآخر فحسب؛ بل یرید أسمى من ذلک بأن یکونوا آمنین من ألسنتهم؛ بل وأرقى من ذلک بأن یکونوا آمنین من تفکیرهم وظنّهم السیّئ أیضًا، وأن یحسّ کلّ منهم أنّ الآخر لا یرشقه بنبال الاتّهامات فی عقیدته وأفکاره. وهذا الأمن لا یمکن تحقّقه إلّا فی مجتمع رسالیّ مؤمن یمتثل قول النّبی (ص): "إنّ اللَّه حرّم من المسلم: دمه، وماله، وعرضه، وأن یظنّ به السوء"[34].
7. النهی عن التفرّق:
إنّ التفرّق أکبر خطر یهدّد عزّة الجماعة البشریّة، ویذهب بریحها. فقد رکّز الإسلام على هذا المفهوم وحثّ بشدّة على الاعتصام بحبل الله وعدم التفرّق واجتناب التنازع، وکلّ المهتمین بکرامة أمّتهم یحرصون على وحدتها وتراصّ صفوفها. یقول الإمام الخمینی (قده):"... والموضوع التالی یرتبط باتّحاد المسلمین وتوحّدهم، وهو ما یشکّل مضموناً بارزاً آخر فی مناسک الحج. منذ أن دخل الاستعمار الأوروبیّ فی البلدان الإسلامیة کانت التفرقة بین المسلمین من المبادئ الحتمیّة فی سیاسة المستعمرین... متوسّلین بسلاح الطائفیّة تارة، وبالنعرات الإقلیمیّة والقومیّة تارة، وبغیرها أحیاناً، ومع کلّ نداءات المصلحین ودعاة الوحدة، فإنّ مدیّة الأعداء هذه لا تزال تنزل بجسد الأمّة الإسلامیّة مع الأسف ضربات وجراحات؛ من خلال إثارة الاختلافات بین الشیعة والسنّة، والعرب والعجم، والآسیویّین والأفارقة، وتضخیم القومیّات العربیّة والطورانیّة والفارسیّة، وإن ابتدأت على ید الأجانب، فهی الیوم تستمرّ -مع الأسف- على ید أفراد من بیننا، یعبّدون طریق العدو عن سوء فهم أو عن عمالة للأجانب. هذا الانحراف یبلغ من الفظاعة -أحیاناً- أن تنفق بعض حکومات المسلمین أموالاً للتفریق بین المذاهب الإسلامیّة أو الشعوب والأقوام المسلمة، أو أنْ یعلن بعض أنصاف العلماء بصراحة فتوى تکفیر بعض الفرق الإسلامیة ذات الماضی الوضیء فی التاریخ الإسلامیّ. لذلک کلّه یجدر بالشعوب المسلمة أن تتعرّف إلى الدوافع الخبیثة لهذه الأعمال، وأنْ ترى الأیدی التی وراءها... ید الشیطان الأکبر، وأیدی أذنابه، وأن تتصدّى لفضح الخائنین"[35].
ثانیاً: ثابتة الوحدة الإسلامیّة فی فکر الإمام الخمینی (قده):
عدّ القرآن الکریم مبدأ الوحدة من الثوابت والأصول الفکریّة للبشر، وجعلها مرتکزًا لمنظومة الأخلاق والقیم التی تشکّل الرابط الأهمّ بین المجتمعات الإنسانیّة. ویتضّح هذا الأمر لمن یلقی نظرة عامّة إلى القرآن الکریم، حیث یجده یخاطب الناس جمیعاً فی کثیر من آیاته: {یا أیها الناس}، {یا بنی آدم}، {والعالمین}، {لیظهره على الدین کله}[36]، ویدعوهم إلى الاعتصام والتلاقی والتوحّد: { کان الناس أمة واحدة فبعث الله النبیین مبشرین ومنذرین وانزل معهم الکتاب بالحق لیحکم بین الناس فیما اختلفوا فیه}[37]، {واذکروا نعمة الله علیکم إذ کنتم أعداء فألف بین قلوبکم فأصبحتم بنعمته إخوانا}[38].
وهو ما أکّدت علیه السنة الشریفة: "لا تختلفوا، فإنّ مَنْ کان قبلکم اختلفوا، فهلکوا"[39]. "
وإذا کان الدین الإسلامیّ قد حرص على الوحدة الإنسانیّة؛ فضلاً عن الوحدة الإسلامیّة بین أبناء هذا الدین، فاهتمّ بتفاصیل العلاقة بین أفراده؛ فضلاً عن الکلیّات والأصول، التی تضمن -فی ما لو أُتبعت- حیاة سعیدة وهادئة لجمیع البشر؛ بل للمخلوقات الحیّة کلّها، فأیّ وحدة تلک التی ینبغی أن تحکم علاقة المسلمین بعضهم ببعضهم الآخر، وترسم معالم علاقة المسلم مع الآخر؟
وتجدر الإشارة إلى أنّ المسلمین لا یعانون مشکلة أو خللاً فی الأسس النظریّة للوحدة...، بل إنّ أهمّ ما تحتاجه وحدة المسلمین؛ مضافاً إلى إزالة القلق من الآخر؛ هو التوافق على منهج علمیّ جادٍ وجریء ومشترک لقراءة المبادئ والأصول التی وقع الاختلاف علیها، وبحثها؛ تمهیداً لنشوء نوع من التعاون المنهجیّ والمعرفیّ الذی لو توافق المسلمون على قبوله، وتحکیمه، لتمکّنوا من حلّ نصف المشکلة. ویبقى القسم الآخر منها على عاتق العلماء والقادة المدعوّین لإغلاق کیاناتهم المذهبیّة الضیّقة لحساب کیان الإسلام الکبیر، واتّخاذ القرارات الجریئة بإعلان الموافقة على مبدإ الوحدة، والسعی العلمیّ إلى مأسستها وتحویلها إلى عنوان للتلاقی والدفاع عن المسلمین، ولحمایة الإسلام ومقدّساته.
وقد اعتبر الإمام الخمینیّ أنّ الوحدة کانت وما تزال العلّة (المحدثة) و(المبقیة) للنظام الإسلامیّ، وأنّ الإسلام والوحدة هما الضمانة الأکیدة لاستمرار المسلمین وبقائهم، حیث یقول سماحته: "إذا أراد المسلمون استعادة عزّتهم وعظمتهم فی صدر الإسلام، فعلیهم التمسّک بالإسلام وبوحدة الکلمة. إنّ الالتزام بمحور الإسلام هو الذی أوجد کلّ تلک القدرة والشجاعة العجیبة"[40].
ولذا، فإنّ آراء الإمام الخمینیّ (قده) الوحدویّة تشکّل مدخلاً مهمّاً من أجل استیعاب فکره السیاسیّ؛ وذلک بسبب المکانة العظیمة التی یشغلها موضوع الوحدة فی فکره. یقول سماحة الإمام (قده): "الوحدة هی تلک التی یدعو إلیها القرآن الکریم؛ وهی نفسها التی حمل لواءها الأئمّة الأطهار (عله)، وکانوا یدعون المسلمین إلیها. وفی الواقع أنّ الدعوة إلى الإسلام تعنی الدعوة إلى الوحدة؛ أی أنْ یجتمع الجمیع تحت رایة الإسلام وکلمته. لکنْ، وکما تعلمون، لم یسمحوا لهذه الوحدة بأن ترى النور"[41].
وفی کلمته التی وجّهها إلى الدول الإسلامیّة أشار سماحته إلى الاعتصام بحبل الله والدین الإسلامیّ؛ باعتباره محور الوحدة، مشیراً -کذلک- إلى التأثیرات الإیجابیّة والبرکات التی تحملها تلک الوحدة؛ بقوله: "لو اتّحدت هذه الأقطار الإسلامیّة التی تملک کلّ شیء، بعضها مع بعض، فلن تکون بحاجة إلى أیّ شیء أو بلد أو قوّة تحت رایة ذلک الاتّحاد، بل إنّ الآخرین سیحتاجون إلى هذه البلدان. لو حافظ المسلمون وحکوماتهم الإسلامیّة على الأواصر الأخویّة التی أمر بها الله -سبحانه وتعالى- فی القرآن الکریم؛ لما تعرّضت (أفغانستان)، ولا فلسطین، ولا البلدان الأخرى إلى الاعتداء والهجوم. لو اتّحدت أیادی وقلوب المسلمین حول کلمة واحدة؛ فما حاجتنا إلى أن نمدّ أیدینا إلى أمیرکا أو الاتّحاد السوفیاتیّ؟ إنّ الإسلام یطالبکم بالوحدة والاعتصام بحبل الله، فلماذا لا تعتصمون بحبل الله؛ بدلاً من أن یتعلّق کلّ منکم بأذیال الغرب أو الشرق؟!"[42].
ویرى الإمام الخمینیّ (قده) الشیطان عاملاً آخر من عوامل الاختلاف والفُرقة، حیث یقول: "عندما یصدر الاختلاف عن أیّ شخص أو على لسان أیّ مخلوق؛ فإنّما یصدر ذلک على لسان الشیطان نفسه؛ سواء أکان الناطق بذلک الاختلاف رجل دین، أم شخصاً مقدّساً، أو أحد المصلّین، أو أیّ لسان آخر، واعلموا أنّ هذا إنّما هو لسان الشیطان، وقد لا یکون المتحدّث أحیاناً واعیاً لهذا الأمر، بل واقعاً تحت تأثیر الشیطان أو لسانه؛ وهو الذی یدفعه إلى القیام بتلک الأفعال"[43].
وقد أشار الإمام الخمینی (قده) إلى أُولى السُّور وأُولى الآیات الشریفة التی نزلت على النبیّ الکریم (ص) بعد البعثة؛ ومنها قوله تعالى: {کَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَیَطْغَى * أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى}[44]؛ موضّحاً أنّ الاختلاف إنّما هو بسبب طغیان الإنسان، فـ"جمیع الاختلافات الموجودة سببها أنّ الأساس لم تتمّ تزکیته وتنقیته بعد، فالغایة من البعثة هی تزکیة الناس؛ لکی یتمکّنوا من خلالها تعلّم الحکمة والقرآن الکریم والکتاب، فعندما تتمّ تزکیتهم؛ فلن یکون هناک أیّ إمکان للطغیان"[45].
ثالثاً: سُبُل الوحدة ودعائمها فی فکر الإمام الخمینیّ (قده):
تتّفق المذاهب الإسلامیة جمیعاً حول کثیر من المسائل، وما یجمعها هو أکثر ممّا یُفرّقها، ولو أرادت الاجتماع حول ما یَجمع؛ لوجدت نفسها أقوى الأمم على الإطلاق. ولکنّ القوى المستکبرة والمستعمرة تعمل على إثارة نقاط الخلاف فی ما بینها، وتسخّر له کثیراً من الوسائل الدعائیّة والإعلامیّة، والأبواق والأقلام المأجورة؛ بهدف إضعاف المسلمین وتمزیق وحدتهم. فلماذا نترک هذا الکمّ الهائل من عناصر الوحدة والاعتصام، ونتلهّى بتفاصیلنا الصغیرة؟ فبدلاً من أن نکون الأمّة الأکثر تماسکاً، إذ بنا نصیر بسبب هذا الاختلاف أمماً متفرّقة متصارعة فی ما بینها.
یقول الإمام الخمینی (قدّس سرّه) عن وسائل الإعلام التی تروّج للمسائل الخلافیة بین المذاهب الإسلامیّة: "إنّهم یحاولون عبثاً زرع الفرقة. إنّ المسلمین إخوة فی ما بینهم ولا یتفرّقون من خلال الإعلام السیّئ لبعض العناصر الفاسدة. أصل هذه المسألة -وهی الشیعة والسنّة- أنّ السنّة فی طرف، والشیعة فی طرف آخر، وقد وقع هذا بسبب الجهل والإعلام الذی یمارسه الأجانب، مثلما نلاحظ بین الشیعة أنفسهم وجود أشخاص مختلفین فی ما بینهم، یحارب أحدهم الآخر، ووقوف طائفة ضدّ أخرى بین الإخوة أنفسهم من أهل السنّة. جمیع طوائف المسلمین تواجه الیوم قوى شیطانیّة ترید اقتلاع جذور الإسلام؛ هذه القوى التی أدرکت أنّ الشیء الذی یهدّدها هو الإسلام، وأنّ الشیء الذی یهدّدها هو وحدة الشعوب الإسلامیّة. على جمیع المسلمین فی جمیع بلدان العالم أنْ یتّحدوا الیوم فی ما بینهم، لا أن تقف طائفة هنا وتطرح نفسها، وتقف طائفة أخرى فی مکان آخر وتطرح نفسها أیضاً"[46].
وقد أشار الإمام الخمینی (قده) إلى سُبُل الوحدة ودعائمها التی یمکن للمسلمین استثمارها بشکل کبیر لتعزیز وحدتهم وصیانتها، أبرزها ما یلی:
1ـ الحجّ والوحدة الإسلامیة:
یقول الإمام الخمینی (قده): "الحجّ هو تنظیم وتدریب وتأسیس لهذه الحیاة التوحیدیّة. والحجّ هو میدان تجلّی عظمة طاقات المسلمین واختبار قواهم المادّیّة والمعنویّة. والحجّ؛ کالقرآن، ینتفع منه الجمیع. ولکنّ العلماء والمتبحّرین والعارفین بآلام الأمّة الإسلامیّة، إذا فتحوا قلوبهم لبحر معارفه، ولم یرهبوا الغوص والتعمّق فی أحکامه وسیاساته الاجتماعیّة، فسیصطادون من أصداف هذا البحر جواهر الهدایة، والوعی، والحکمة، والرشاد، والتحرّر، وسیرتوون من زلال الحکمة والمعرفة إلى الأبد"[47].
فالحجّ فریضة إلهیّة لها أبعاد توحیدیّة کبیرة، وهی مؤتمر کبیر یجمع المسلمین من الأقطار کلّها؛ بحیث لا تقدر أیّ دولة فی العالم أن تنظّم مؤتمراً حاشداً کهذا، یوحّد بین أصحاب المذاهب المختلفة فی مناسک متّحدة، نحو قبلة واحدة، وبیت واحد، فی طاعة إله واحد؛ مستنّین بسنّة الرسول الأکرم (ص). وفی هذا الصدد یقول الإمام الخمینی (قده): "والآن وبینما یتوجّه مسلمو الدول المختلفة فی العالم إلى کعبة الآمال، وحجّ بیت الله الحرام، وإقامة هذه الفریضة الإلهیّة العظیمة والمؤتمر الإسلامیّ الکبیر، فی أیام مبارکة، ومکان مبارک، فإنّه یجب على المسلمین المبعوثین من قِبَل الخالق تعالى أنْ یستفیدوا من المحتوى السیاسیّ والاجتماعیّ للحجّ؛ مضافاً إلى محتواه العبادیّ، وأن لا یکتفوا بالظاهر؛ فالجمیع یعلم أنّ أیّ مسؤول وأیّة دولة لا یمکنها إقامة مثل هذا المؤتمر العظیم، وهذه هی أوامر الباری جلّ وعلا التی أدّت إلى انعقاد هذا المؤتمر. ومع الأسف، فإنّ المسلمین على طول التاریخ لم یتمکّنوا من الاستفادة بشکل جیّد من هذه القوّة السماویّة والمؤتمر العظیم لصالح الإسلام والمسلمین!"[48].
ولأجل ما یتضمّن الحجّ من قدرة على التوحید بین المسلمین؛ علینا أنْ نسعى بطاقاتنا کلّها لاستثمار هذه الفرصة التی تمرّ علینا مرّة واحدة فی کلّ عام؛ لتوحید المسلمین، وتحدید الخطر الذی یواجههم جمیعاً للتعاضد والتکاتف فی مواجهته. وهذا ما أکّد علیه الإمام الخمینی (قده) بقوله: "ومن جملة الوظائف فی هذا الاجتماع العظیم دعوة الناس والشعوب الإسلامیّة إلى وحدة الکلمة، وإزالة الاختلافات بین طبقات المسلمین. ویجب على الخطباء والکتّاب المساهمة فی هذا الأمر المهمّ، وبذل الجهد؛ من أجل إیجاد جبهة المستضعفین، فیمکن من خلال وحدة الجبهة، واتّحاد الکلمة، وشعار لا إله إلا الله، التخلّص من أسر القوى الشیطانیّة للأجانب والمستعمرین والمستغلّین، والتغلّب على المشاکل؛ من خلال الأخوّة الإسلامیّة"[49].
کما إنّ الأبعاد السیاسیّة لمناسک الحجّ لا تکاد تخفى، وقد سُمّی الحجّ بالحجّ السیاسیّ العبادیّ، وکُتبت فیه مؤلّفات عدّة تعالج الأبعاد السیاسیّة لهذا المؤتمر الإلهیّ الکبیر.
یقول الإمام (قده): "وثمّة أبعاد سیاسیّة عدیدة فی الاجتماعات، والجماعات والجمعة؛ وخاصّة اجتماع الحجّ الثمین؛ منها: الاطّلاع على مشاکل الإسلام والمسلمین الأساسیّة والسیاسیة، فیمکن من خلال اجتماع العلماء والمثقّفین والمتدیّنین الزائرین لبیت الله الحرام، طرحها ودراستها وإیجاد الحلول لها، وتقدیم تلک الحلول لدى العودة إلى البلدان الإسلامیّة، فی الاجتماعات العامّة، وبذل الجهد لرفعها"[50].
2. معرفة العدوّ المشترک للمسلمین والمستضعفین:
لا شکّ فی أنّ وحدة العدو الذی یواجهه المسلمون تُعدّ من أهمّ المسائل التی تلزمُنا بالاتّحاد ونفی الاختلاف، فوحدة العدوّ تطال الأمّة المتشرذمة بشکل أفضل؛ کما نراه الیوم فی الحروب التی یقوم بها الاستکبار العالمیّ على البلدان الإسلامیّة؛ محاولاً الاستفراد بکلّ بلد منه على حدة، ثمّ ینتقل منه إلى آخر، فإذا اتّحدت الأمّة وکانت صفّاً واحداً شکّلت بذلک سدّاً منیعاً یخلق الرعب فی نفوس الأعداء. یقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الَّذِینَ یُقَاتِلُونَ فِی سَبِیلِهِ صَفّاً کَأَنَّهُمْ بُنْیَانٌ مَرْصُوصٌ}[51]. وقد أکّد الإمام الخمینی (قده) على هذه المسألة فی کثیرٍ من خطاباته للعالم الإسلامیّ، حیث یقول: "فی مرحلة هجوم القوى الکبرى على البلدان الإسلامیّة؛ مثل: قتل المسلمین الأفغانیّین دون رحمة وبوحشیة لمعارضتهم تدخّل الأجنبی فی مقدّراتهم، أو أمریکا الضالعة فی کلّ فساد، ومع الهجوم الشامل (الذی تشنّه) إسرائیل المجرمة على المسلمین فی فلسطین ولبنان العزیز، ومع (تنفیذ) المشروع الإسرائیلیّ الإجرامیّ الرامی إلى نقل عاصمتها إلى بیت المقدس، وتوسیع جرائمها ومذابحها الوحشیّة بین المسلمین المشرّدین من أوطانهم، وفی هذا الوقت الذی یحتاج فیه المسلمون أکثر من أیّ وقت آخر إلى وحدة الکلمة، (فإنّ) عملاء قوى الاستکبار فی مرکز القوّة فی بلاد المسلمین، (یدعون) إلى التفرقة بین المسلمین، ولا یألون جهداً فی أن یرتکبوا على هذا الطریق کلّ جریمة یأمر بها سیّدهم"[52].
وقد وجّه الإمام الخمینیّ (قده) نداءات کثیرة إلى المسلمین لتنبیههم وتحذیرهم من العدوّ المشترک الذی یواجههم، ودعاهم إلى الاتّحاد وأن یقفوا سدّاً منیعاً أمام أطماعه، ومن هذه النداءات قوله: "أیّها البحر العظیم من المسلمین! اهدروا، وحطّموا أعداء الإنسانیّة، فإن اتّجهتم إلى الله والتزمتم بتعالیم السماء، فالله تعالى وجنده العظام معکم. إنّ أهمّ وأمضّ مسألة تعانی منها الشعوب الإسلامیّة وغیر الإسلامیة فی البلدان الخاضعة، هی مسألة أمریکا. الحکومة الأمریکیّة؛ باعتبارها (حکومة) أقوى بلد فی العالم لا تألو جهداً فی ابتلاع المزید من الذخائر المادّیّة للبلدان الخاضعة. أمریکا العدوّ الأوّل للشعوب المحرومة والمستضعفة فی العالم. أمریکا لا تتردّد فی ارتکاب أیّة جریمة من أجل فرض سیطرتها السیاسیّة والاقتصادیّة والثقافیّة والعسکریّة على العالم الخاضع لها. إنّها تستثمر الشعوب المظلومة فی العالم بدعایاتها الواسعة التی تدبلجها الصهیونیّة العالمیّة. إنّها ورموزها المشبوهة الخائنة تمصّ دماء الشعوب المقهورة، حتّى کأنّ حقّ الحیاة خاصّ بها وبأتباعها. أیّها المسلمون المتضرّعون (إلى الله) جوار بیت الله، ادعوا للصامدین أمام أمریکا وسائر القوى الکبرى"[53].
ویقول (قده) -أیضاً- فی نداءٍ آخر للمسلمین الحجّاج: "إنّ شرط تحقّق الآمال الفطریّة والإنسانیّة فی جمیع المناسک والمواقف هو اجتماع جمیع المسلمین فی هذه المراحل والمواقف، ووحدة کلمة جمیع الطوائف الإسلامیّة دون أنْ تفرّق بینهم اللغة، واللون، والقبیلة، والطائفة، والوطن، والعصبیّات الجاهلیة، وشرط ذلک النهوض المنسجم بوجه العدوّ المشترک... وهو عدّو الإسلام العزیز، هذا العدوّ تلقّى فی عصرنا صفعة من الإسلام، ولذلک یرى الإسلام سدًّا أمام أطماعه، ویسعى عن طریق بثّ التفرقة والنفاق إلى أنْ یزیل هذا المانع المحسوس من طریقه، ویحرّک عملاءه، وعلى رأسهم رجال الدین الحسّاد الدنیویّون المتملّقون على أعتاب السلطان؛ کی ینفّذوا أهدافه فی کلّ مکان، وفی مختلف الأوقات؛ وخاصّة فی موسم الحجّ والاجتماعات المقدّسة. على المسلمین المجتمعین فی مواقف هذه العبادة الرامیة إلى تجمیع المسلمین من جمیع أرجاء الأرض؛ لیشهدوا منافع لجمیع المستضعفین فی العالم، وأیّ منافع أعظم من قطع ید الطامعین عن البلدان الإسلامیّة؟ علیهم أنْ یراقبوا بحذر الأعمال المعادیة للإسلام والقرآن الصادرة عن هؤلاء العملاء الخبثاء ورجال الدین المفرِّقین، وعلیهم أنْ یطردوا الذین لا یقبلون النصیحة منهم، وأن لا یعیروا أهمّیّة للإسلام ولمصالح المسلمین، فهؤلاء أفظع من الطواغیت وأخبث منهم"[54].
3ـ عدم هجر القرآن الکریم:
کانت دعوة الإمام الخمینیّ (قده) الدائمة للمسلمین أن لا یُهجر القرآن بین ظهرانیهم، حیث یعتبر الإمام الخمینیّ (قده) مشکلة المسلمین الکبرى فی هجرهم لهذا الکتاب الإلهی العظیم الذی یتضمّن الهدایة للبشر جمیعاً، حیث یقول: "إنّ مشکلة المسلمین الکبرى تتمثّل فی هجرهم القرآن، والانضواء تحت لواء الآخرین"[55].
وقد دعا (قده) إلى ضرورة العمل بالقرآن وتحکیمه فی الحیاة، حیث یقول: "المهم هو أنْ یعمل المسلمون بالإسلام والقرآن، فالإسلام ینطوی على جمیع المسائل المرتبطة بحیاة البشر فی الدنیا والآخرة، وفیه کلّ ما یرتبط بتکامل الإنسان وتربیته وقیمه"[56].
4ـ شخصیّة الرسول الأکرم (ص) تجمع المسلمین:
إنّ رسول الإسلام وخاتم النبیّین (ص) شخصیّة تجمع المسلمین بکافّة مللهم وأعراقهم، فهو رسولهم جمیعاً، وکلّهم متّفقون على أنّه القائد الأوّل والملهم، والقدوة، والرجل الإلهیّ الأکمل، وأنّه دعا إلى أن یکون المسلمون یداً واحدة فی مواجهة أعدائهم وقوى الشرّ الطامعة. وهذا ما بیّنه الإمام الخمینیّ (قده) فی کثیر من خطاباته، حیث یقول: "أراد رسول الإسلام أنْ یحقّق وحدة الکلمة فی العالم کلّه، أراد إخضاع جمیع بلدان العالم لکلمة التوحید، أراد أن یخضع الربع المسکون بکامله لکلمة التوحید، بید أنّ أغراض سلاطین تلک الفترة من جهة، وأغراض علماء النصارى والیهود وأمثالهم من جهة أخرى، منعته من تحقیق ذلک، والآن فإنّهم یمنعون ذلک -أیضاً-، وإنّ مصائبنا الآن هی بسببهم"[57].
فدعوة الرسول الأکرم (ص) هی دعوة لنا جمیعاً لنبذ خلافاتنا، ولا یوجد أفضل من کلمة التوحید التی زرعها فی نفوسنا کلمة باقیة خالدة لتوحّدنا.
5. رسالة علماء الدین:
لم یغِبْ ذِکْر أهمّیّة الخطاب الدینیّ لإرساء الوحدة الإسلامیّة عن کلمات الإمام الراحل (قده)، فهو یرى الدعوة إلى الوحدة جزءاً أساساً من رسالة علماء الدِّین التبلیغیّة، حیث یقول: "یجب أن ینتفض العلماء فی سائر أنحاء العالم، وخاصّة علماء الإسلام ومفکّروه العظام، وأنْ یکونوا قلباً واحداً، وفی اتّجاه واحد فی طریق إنقاذ البشریّة من سیطرة السلطة الظالمة لهذه الأقلّیّة المحتالة والمتواطئة التی فرضت سلطتها على العالم، من خلال مختلف الدسائس والحیل، وأن یزیلوا ببیانهم وقلمهم وعملهم ذلک الخوف الکاذب المسیطر على المظلومین"[58].
6. مسؤولیة قادة البلدان الإسلامیّة فی سبیل الوحدة:
یرى الإمام الخمینیّ (قده) أنّ ثمّة مسؤولیّة کبرى تلقى على عاتق رؤساء البلدان الإسلامیّة فی سبیل الوصول إلى اتّحاد کلمة المسلمین، حیث یقول: "إنّ تکلیف رؤساء الإسلام الآن، وسلاطین الإسلام، ورؤساء الجمهوریّات الإسلامیّة، هو أن یضعوا هذه الاختلافات البسیطة الموسمیّة جانباً، فلا یوجد عرب وعجم، ولا تُرْک وفُرْس، بل هناک الإسلام؛ کلمة الإسلام. یجب علیهم أن یتّبعوا رسول الإسلام فی طریقته فی المواجهة والصراع، وأن یکونوا تبعاً للإسلام. إنّهم إذا حافظوا على وحدة کلمتهم، إذا وضعوا هذه الاختلافات الموسمیّة البسیطة جانباً، إذا کانوا جمیعاً یداً واحدة... وقاموا بحمایة حدودهم، واشترکوا جمیعاً فی کلمة التوحید المشترکة بین الجمیع، ... ووحّدوا کلمتهم، فإذا وحّد هؤلاء کلمتهم، فإنّ الیهود لن یعودوا لیطمعوا فی فلسطین، فسبب هذه الأمور أنّهم لا یسمحون لکم بالاتّحاد"[59]
خاتمة:
بناءً على ما تقدّم فی هذه المقالة، یمکن إیجاز جملة من التوصیات المنبثقة من الطرح الوحدویّ فی فکر الإمام الخمینی (قده)، أبرزها:
- إنّ وحدة المسلمین بشرائحهم کافّة، أمر فی غایة الأهمّیّة، بل هی الأساس فی أیّ تقدّم یُحرزه المسلمون، وهی الأساس لاسترجاع حقوقهم المهدورة، وهی السدّ المنیع أمام استقواء المستکبرین علیهم. فمن هذا المنطلق، لو التفت المسلمون إلى هذه النصائح الملهمة من هذا الإمام الراحل (قده)؛ لوجدوا فیها روح التوحید، والحرص على أمر المسلمین ومقدّساتهم.
- ضرورة عدم الغفلة عن القرآن الکریم الذی یصدح بنا لیل نهار لنبذ الخلاف، وتوحید الکلمة، والسعی الدائم إلى لمّ الشمل؛ لکی لا نفشل وتذهب ریحنا.
- عدم ترک أیّ فرصة یمکن أن تجمع المسلمین على الکلمة السواء، من دون استثمار عملیّ لها، ولاسیّما المناسبات التوحیدیّة؛ کشهر رمضان، ویوم القدس، وأسبوع الوحدة الإسلامیّة فی شهر ربیع الأوّل، وأیّام الحجّ المبارکة، وعدم الغفلة عن العدوّ المتربّص بنا الدوائر.
- إنّ مختلف عناوین الوحدة وأشکالها وصورها القائمة على المجاملات -التی لا تتعدّى حدود الألفاظ والشکلیّات- لا یمکن لها أن تحقّق أدنى غایاتها، ولو کانت بأفضل صورها وأجملها وأرقاها، ولیست هی التی یطمح إلیها المسلمون الحریصون على قدسیّة الإسلام، ومصالح بنیه، وحفظ ثوابته العقدیّة والفکریّة. ولهذا، فإنّ الوحدة المرجوّة هی تلک الوحدة المرتکزة على الأصول الوحدویّة للبشر التی ذکرها القرآن الکریم؛ مضافاً إلى الأصول والفروع التی بُنِیَت علیها الشریعة الإسلامیّة، وکُلِّف بها الناس، والتی من المفترض أن تقضی على ظاهرة التفرقة، والتباین، والتکفیر، ونحوها، وأن تزیل جمیع المعیقات المصطنعة أو المدسوسة أو المنحرفة التی تمنع تلاقی المسلمین ووحدتهم.
[1] رئیس التحریر، وأستاذ فی جامعة المصطفى (ص) العالمیّة، من لبنان.
[2] سورة الحجرات، الآیة 10.
[3] سورة الحجرات، الآیة 10.
[4] الکلینی، محمد بن یعقوب: الکافی، تصحیح وتعلیق: علی أکبر الغفاری، ط4، طهران، دار الکتب الإسلامیّة، 1365هـ.ش، ج2، کتاب الإیمان والکفر، باب أخوّة المؤمنین بعضهم لبعض، ح4، ص166.
[5] م.ن، ح3.
[6] الحرانی، ابن شعبة: تحف العقول عن آل الرسول (ص)، تصحیح وتعلیق: علی أکبر الغفاری، ط2، قم المقدّسة، مؤسّسة النشر الإسلامیّ التابعة لجماعة المدرّسین، 1404هـ.ق/ 1363هـ.ش، ص263.
[7] الکلینی، الکافی، م.س، ج2، کتاب الإیمان والکفر، باب الحبّ فی الله والبغض فی الله،ح2، ص125.
[8] سورة البقرة، الآیة 215.
[9] سورة البقرة، الآیة 195.
[10] سورة التوبة، الآیة 34.
[11] الکلینی، الکافی، م.س، ج2، کتاب العشرة، باب حقّ الدار، ح14، ص668.
[12] سورة الحجرات، الآیة 10.
[13] سورة الإسراء، الآیة 31.
[14] سورة الحشر، الآیتان 8-9.
[15] سورة الحجرات، الآیة 13.
[16] الهیثمی، علی بن أبی بکر بن سلیمان: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، لا ط، بیروت، دار الکتب العلمیّة، 1408هـ.ق/ 1988م، ج5، ص222.
[17] المتقی الهندی، علی بن حسام الدین: کنز العمّال، ضبط وتفسیر: بکری حیانی، تصحیح وفهرسة: صفوة السقا، لا ط، بیروت، مؤسّسة الرسالة، 1409هـ.ق/ 1989م، ج1، ص207.
[18] سورة الفتح، الآیة 26.
[19] الکلینی، الکافی، م.س، ج2، کتاب الإیمان والکفر، باب العصبیّة، ح1، ص307.
[20] م.ن، ح7، ص308.
[21] سورة الحجرات، الآیة 13.
[22] انظر: الغزالی، محمد: خُلقُ المسلم، ط13، دمشق، دار القلم، 1418هـ.ق/ 1998م، ص197.
[23] المتّقی الهندی، کنز العمال، م.س، ج1، ح686، ص142.
[24] سورة المائدة، الآیة 2.
[25] العلویّ، محمد بن الحسین بن موسى (الشریف الرضی): نهج البلاغة (الجامع لخطب أمیر المؤمنین الإمام علی بن أبی طالب(ع) ورسائله وحکمه)، شرح: محمد عبده، ط1، دار الذخائر، قم المقدّسة، 1412هــ.ق، ج2، الخطبة146، ص29.
[26] الصدر، محمد باقر: اقتصادنا، ط2، قم المقدّسة، بوستان کتاب، 1425هـ.ق/ 1382هـ.ش، ص310.
[27] سورة إبراهیم، الآیات 24-27.
[28] سورة آل عمران، الآیة 159.
[29] الکلینی، الکافی، م.س، ج2، کتاب الإیمان والکفر، باب الرفق، ح7، ص119.
[30] سورة الممتحنة، الآیتان 8-9.
[31] انظر: الطباطبائی، محمد حسین: المیزان فی تفسیر القرآن، لا ط، قم المقدّسة، مؤسّسة النشر الإسلامیّ التابعة لجماعة المدرّسین، لا ت، ج6، ص258.
[32] الواسطی، علی بن محمد اللیثی: عیون الحکم والمواعظ، تحقیق: حسین الحسینی البیرجندی، ط1، قم المقدّسة، دار الحدیث، لا ت، ص40.
[33] البیهقی، علی بن زید: معارج نهج البلاغة، تحقیق: محمد تقی دانشبجوه، إشراف: محمود المرعشی، ط1، قم المقدّسة، بهمن، 1409هـ.ق، ص399.
[34] الکاشانی، محمد بن المرتضى (الفیض): المحجّة البیضاء فی تهذیب الأحیاء، تحقیق: علی أکبر الغفاری، ط2، قم المقدّسة، مؤسّسة النشر الإسلامیّ التابعة لجماعة المدرّسین، لا ت، ج5، ص368.
[35] نداء من الإمام الخمینی (قده) إلى حجّاج بیت الله الحرام، عام 1413ه.ق.
[36] سورة التوبة، الآیة 33.
[37] سورة البقرة، الآیة 214.
[38] سورة آل عمران، الآیة 10.
[39] المتّقی الهندیّ، کنز العمال، م.س، ج1، ص177.
[40] الخمینی، روح الله: صحیفة النور، ط1، مؤسّسة تنظیم ونشر تراث الإمام الخمینی (قده)، طهران، 1430هـ.ق/ 2009م، ج8، ص235.
[41] م.ن، ج16، ص54.
[42] م.ن، ج15، ص271-272.
[43] م.ن، ج20، ص12-13.
[44] سورة العلق، الآیتان 6-7.
[45] الخمینی، صحیفة النور، م.س، ج14، ص251-256.
[46] م.ن، ص434-435.
[47] الخمینی، منهجیّة الثورة الإسلامیّة (مقتطفات من أفکار الإمام الخمینی (قده) وآرائه)، م.س، ص141.
[48] م.ن، ص141-142.
[49] م.ن، ص142.
[50] الخمینی، منهجیّة الثورة الإسلامیّة (مقتطفات من أفکار الإمام الخمینی (قده) وآرائه)، م.س، ص142.
[51] سورة الصف، الآیة 4.
[52] نداء من الإمام الخمینی (قده) إلى حجاج بیت الله الحرام، بتاریخ: 2 ذی الحجّة 1400هـ.ق.
[53] نداء من الإمام الخمینی (قده) إلى حجاج بیت الله الحرام، بتاریخ: 2 ذی الحجّة 1400هـ.ق.
[54] نداء من الإمام الخمینی (قده) إلى حجاج بیت الله الحرام، بتاریخ: 1 ذی الحجّة 1406هـ.ق.
[55] الخمینی، روح الله: الکلمات القصار (مواعظ وحکم من کلام الإمام الخمینیّ (قده))، ط1، بیروت، دار الوسیلة، 1416هـ.ق/ 1995م، ص51.
[56] م.ن، ص50.
[57] الخمینی، منهجیّة الثورة الإسلامیّة (مقتطفات من أفکار الإمام الخمینی (قده) وآرائه)، م.س، ص427.
[58] م.ن، ص426.
[59] م.ن، ص427-428.
مراجع
[1]سورة الحجرات، الآیة 10.
[1] سورة الحجرات، الآیة 10.
[1] الکلینی، محمد بن یعقوب: الکافی، تصحیح وتعلیق: علی أکبر الغفاری، ط4، طهران، دار الکتب الإسلامیّة، 1365هـ.ش، ج2، کتاب الإیمان والکفر، باب أخوّة المؤمنین بعضهم لبعض، ح4، ص166.
[1] م.ن، ح3.
[1] الحرانی، ابن شعبة: تحف العقول عن آل الرسول (ص)، تصحیح وتعلیق: علی أکبر الغفاری، ط2، قم المقدّسة، مؤسّسة النشر الإسلامیّ التابعة لجماعة المدرّسین، 1404هـ.ق/ 1363هـ.ش، ص263.
[1] الکلینی، الکافی، م.س، ج2، کتاب الإیمان والکفر، باب الحبّ فی الله والبغض فی الله،ح2، ص125.
[1] سورة البقرة، الآیة 215.
[1] سورة البقرة، الآیة 195.
[1] سورة التوبة، الآیة 34.
[1] الکلینی، الکافی، م.س، ج2، کتاب العشرة، باب حقّ الدار، ح14، ص668.
[1] سورة الحجرات، الآیة 10.
[1] سورة الإسراء، الآیة 31.
[1] سورة الحشر، الآیتان 8-9.
[1] سورة الحجرات، الآیة 13.
[1] الهیثمی، علی بن أبی بکر بن سلیمان: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، لا ط، بیروت، دار الکتب العلمیّة، 1408هـ.ق/ 1988م، ج5، ص222.
[1] المتقی الهندی، علی بن حسام الدین: کنز العمّال، ضبط وتفسیر: بکری حیانی، تصحیح وفهرسة: صفوة السقا، لا ط، بیروت، مؤسّسة الرسالة، 1409هـ.ق/ 1989م، ج1، ص207.
[1] سورة الفتح، الآیة 26.
[1] الکلینی، الکافی، م.س، ج2، کتاب الإیمان والکفر، باب العصبیّة، ح1، ص307.
[1] م.ن، ح7، ص308.
[1] سورة الحجرات، الآیة 13.
[1] انظر: الغزالی، محمد: خُلقُ المسلم، ط13، دمشق، دار القلم، 1418هـ.ق/ 1998م، ص197.
[1] المتّقی الهندی، کنز العمال، م.س، ج1، ح686، ص142.
[1] سورة المائدة، الآیة 2.
[1] العلویّ، محمد بن الحسین بن موسى (الشریف الرضی): نهج البلاغة (الجامع لخطب أمیر المؤمنین الإمام علی بن أبی طالب(ع) ورسائله وحکمه)، شرح: محمد عبده، ط1، دار الذخائر، قم المقدّسة، 1412هــ.ق، ج2، الخطبة146، ص29.
[1] الصدر، محمد باقر: اقتصادنا، ط2، قم المقدّسة، بوستان کتاب، 1425هـ.ق/ 1382هـ.ش، ص310.
[1] سورة إبراهیم، الآیات 24-27.
[1] سورة آل عمران، الآیة 159.
[1] الکلینی، الکافی، م.س، ج2، کتاب الإیمان والکفر، باب الرفق، ح7، ص119.
[1] سورة الممتحنة، الآیتان 8-9.
[1] انظر: الطباطبائی، محمد حسین: المیزان فی تفسیر القرآن، لا ط، قم المقدّسة، مؤسّسة النشر الإسلامیّ التابعة لجماعة المدرّسین، لا ت، ج6، ص258.
[1] الواسطی، علی بن محمد اللیثی: عیون الحکم والمواعظ، تحقیق: حسین الحسینی البیرجندی، ط1، قم المقدّسة، دار الحدیث، لا ت، ص40.
[1] البیهقی، علی بن زید: معارج نهج البلاغة، تحقیق: محمد تقی دانشبجوه، إشراف: محمود المرعشی، ط1، قم المقدّسة، بهمن، 1409هـ.ق، ص399.
[1] الکاشانی، محمد بن المرتضى (الفیض): المحجّة البیضاء فی تهذیب الأحیاء، تحقیق: علی أکبر الغفاری، ط2، قم المقدّسة، مؤسّسة النشر الإسلامیّ التابعة لجماعة المدرّسین، لا ت، ج5، ص368.
[1] نداء من الإمام الخمینی (قده) إلى حجّاج بیت الله الحرام، عام 1413ه.ق.
[1]سورة التوبة، الآیة 33.
[1] سورة البقرة، الآیة 214.
[1] سورة آل عمران، الآیة 10.
[1] المتّقی الهندیّ، کنز العمال، م.س، ج1، ص177.
[1] الخمینی، روح الله: صحیفة النور، ط1، مؤسّسة تنظیم ونشر تراث الإمام الخمینی (قده)، طهران، 1430هـ.ق/ 2009م، ج8، ص235.
[1] م.ن، ج16، ص54.
[1] م.ن، ج15، ص271-272.
[1] م.ن، ج20، ص12-13.
[1] سورة العلق، الآیتان 6-7.
[1] الخمینی، صحیفة النور، م.س، ج14، ص251-256.
[1] م.ن، ص434-435.
[1] الخمینی، منهجیّة الثورة الإسلامیّة (مقتطفات من أفکار الإمام الخمینی (قده) وآرائه)، م.س، ص141.
[1] م.ن، ص141-142.
[1] م.ن، ص142.
[1] الخمینی، منهجیّة الثورة الإسلامیّة (مقتطفات من أفکار الإمام الخمینی (قده) وآرائه)، م.س، ص142.
[1]سورة الصف، الآیة 4.
[1]نداء من الإمام الخمینی (قده) إلى حجاج بیت الله الحرام، بتاریخ: 2 ذی الحجّة 1400هـ.ق.
[1]نداء من الإمام الخمینی (قده) إلى حجاج بیت الله الحرام، بتاریخ: 2 ذی الحجّة 1400هـ.ق.
[1]نداء من الإمام الخمینی (قده) إلى حجاج بیت الله الحرام، بتاریخ: 1 ذی الحجّة 1406هـ.ق.
[1] الخمینی، روح الله: الکلمات القصار (مواعظ وحکم من کلام الإمام الخمینیّ (قده))، ط1، بیروت، دار الوسیلة، 1416هـ.ق/ 1995م، ص51.
[1]م.ن، ص50.
[1] الخمینی، منهجیّة الثورة الإسلامیّة (مقتطفات من أفکار الإمام الخمینی (قده) وآرائه)، م.س، ص427.
[1] م.ن، ص426.
[1] م.ن، ص427-428.
مدير الحوزة العلمية لاهل السنة في ايران : الوحدة ضرورة لمواجهة أعداء الإسلام
كناباد/ 10 تشرين الثاني/ نوفمبر/ قال مدير الحوزة العلمية لأهل السنة في مدينة خواف الحدودية (شمال شرق ايران): إن زيادة البصيرة وتعزيز الوحدة وتعميق التضامن والتعاطف بين جميع المسلمين أمر لا غنى عنه لمواجهة مؤامرات أعداء الاسلام ونظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
وأضاف مولوي حبيب الرحمن مطهري في مقابلة مع وكالة ارنا اليوم الأحد بمناسبة "أسبوع الوحدة": أن الأعداء يحاولون وبطرق مختلفة اشعال الفتنة والفرقة بين الشيعة والسنة وبث الدعاية المغرضة ويسعون إلى ايجاد شرخ بين المعتقدات الإسلامية، ويجب العمل على أحباط مؤامراتهم بالوحدة والتلاحم بين المسلمين.
وقال، أن الأعداء معادون لمبادئ الدين الإسلامي، وان المقاومة الإسلامية في دول المنطقة في مواجهة السياسات العدائية للمستكبرين قد توسعت بفضل الوحدة بين المسلمين، وأن الحركة الإسلامية في الدول العربية كان لها تداعيات جيدة في إيقاظ المسلمين.
وصرح رجل الدين السني: لقد أكد الإمام الخميني(رض) وقائد الثورة الإسلامية دائما على وحدة المسلمين كواحدة من أساسيات المجتمع الإسلامي، وأن مفجر الثورة الاسلامية الامام الخميني (رض) باطلاق اسبوع الوحدة (من تاريخ 12 ربيع الأول إلى الـ17 منه والذي يصادف الذكرى السنوية لمولد الرسول الكريم (ص) ) قد دعا الى ابراز هذا الأمر المهم باعتباره حاجة أساسية للمسلمين.
أسبوع الوحدة الإسلامية هو عبارة عن فكرة وأطروحة نادى بها الأمام الخميني الراحل، عندما رأي أنّ الطوائف الإسلامية اختلفت في رواياتها وتأكيدها لتاريخ مولد النبي محمد (ص)، فكانت الأولى في 12 من شهر ربيع الأول - وهو رأي أهل السنة - والثانية في 17 من شهر ربيع الأول وهو رأي أغلب الشيعة، ولكي تبدأ وحدة المسلمين من اختلافهم هذا، ويكون اختلافهم في تحديد تاريخ المولد النبوي الشريف مبعثا لائتلاف المسلمين ووحدتهم، كانت له أطروحة أسبوع الوحدة الإسلامية.