emamian

emamian

الأحد, 30 حزيران/يونيو 2019 12:38

في وصية الإمام الصادق عليه السلام

في وصيّةِ الإمامِ الصادقِ (عليه السلام) لعبدِ اللهِ بنِ جندبٍ: «الْمَاشِي فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَالسَّاعِي بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَقَاضِي حَاجَتِهِ كَالْمُتَشَحِّطِ بِدَمِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَوْمَ بَدْرٍ وَأُحُدٍ، وَمَا عَذَّبَ اللَّهُ أُمَّةً إِلَّا عِنْدَ اسْتِهَانَتِهِمْ بِحُقُوقِ فُقَرَاءِ إِخْوَانِهِمْ».

لقد عملَ الإمامُ الصادقُ (عليه السلام) في حياتِه على إعدادِ عدّةٍ مؤمنةٍ مسلمةٍ دينيةٍ أصيلةٍ ثوريةٍ مضحيّةٍ في كلّ أنحاءِ العالمِ الإسلامي، وكان جهدُ الإمامِ على أنْ تكونَ هذه الجماعةُ الصالحةُ تمتلكُ مِنَ الصفاتِ ما يشارُ إليها كنموذجِ قدوةٍ لسائرِ الناسِ، ومن هنا كانت تربيةُ الإمامِ لهم على التحلّي بالخصالِ الاجتماعيةِ التي تُشكِّلُ عماداً للتماسكِ والترابطِ، ومن أهمِّها الاهتمامُ ببعضِهم البعض، وعنايتُهم بقضاءِ الحوائجِ، ورعايةِ الحقوقِ وعدمِ الظلمِ والتعدّي، وردَ عنه (عليه السلام): «إنَّ العبدَ ليمشي في حاجةِ أخيه المؤمنِ فيوكلُ اللهُ عزَّ وجلَّ به ملَكَين: واحداً عن يمينِه وآخرَ عن شمالِه، يستغفران له ربَّه ويدعوان بقضاءِ حاجتِه».

بل في وصيةِ الإمامِ (عليه السلام) نجدُه يجعلُ الولايةَ التي يطمحُ الشيعيُّ أنْ يكونَ من أهلِها مرتبطةً بعدمِ ظلمِ الناسِ وبمواساةِ الإخوانِ يقولُ (عليه السلام): «يَا ابْنَ جُنْدَبٍ، بَلِّغْ مَعَاشِرَ شِيعَتِنَا وَقُلْ لَهُمْ لَا تَذْهَبَنَّ بِكُمُ الْمَذَاهِبُ فَوَاللَّهِ لَا تُنَالُ وَلَايَتُنَا إِلَّا بِالْوَرَعِ وَالِاجْتِهَادِ فِي الدُّنْيَا وَمُوَاسَاةِ الْإِخْوَانِ فِي اللَّهِ، وَلَيْسَ مِنْ شِيعَتِنَا مَنْ يَظْلِمُ النَّاسَ».

ومن المواطنِ التي يُختبرُ فيها الشيعيُّ هو مواساتُه للناسِ بما يملكُ من مالٍ يقولُ (عليه السلام): «امتحنوا شيعتَنا عند ثلاثٍ: عند مواقيتِ الصلاةِ كيف محافظتُهم عليها، وعند أسرارِهم كيف حفظُهم لها عند عدوِّنا، وإلى أموالهم كيف مواساتُهم لإخوانِهم فيها».

كما ويحثُّ الإمامُ الصادقُ (عليه السلام) الشيعةَ على التزاورِ فيما بينهم والإحسانِ لبعضِهم بعضاً، يقول: «أَمَا إِنَّهُ مَا يُعْبَدُ اللَّهُ بِمِثْلِ نَقْلِ الْأَقْدَامِ إِلَى بِرِّ الْإِخْوَانِ وَزِيَارَتِهِمْ».

كما يؤكّدُ الإمامُ (عليه السلام) في وصيّتهِ على الاهتمامِ حتى بأهلِ المعاصي من الشيعةِ، وذلك من خلالِ التعاملِ معهم بما يجعلُهم في حصنٍ من ارتكابِ المعاصي، والرحمةِ بهم بما يجذبُهم إلى الطاعاتِ، وذلك باجتنابِ الإساءةِ لهم، يقول (عليه السلام): «يَا ابْنَ جُنْدَبٍ، لَا تَقُلْ فِي الْمُذْنِبِينَ مِنْ أَهْلِ دَعْوَتِكُمْ إِلَّا خَيْرًا، وَاسْتَكِينُوا إِلَى اللَّهِ فِي تَوْفِيقِهِمْ وَسَلُوا التَّوْبَةَ لَهُمْ».

ومن أهمِّ القواعدِ الاجتماعيةِ التي حثَّ الإمامُ الصادقُ (عليه السلام) شيعتَه على المحافظةِ عليها أنْ تكونَ سيرتُهم مبادلةَ الإساءةِ بالإحسانِ وذلك انطلاقاً من قوله تعالى: ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾.

يقولُ (عليه السلام): «يَا ابْنَ جُنْدَبٍ، صِلْ مَنْ قَطَعَكَ وَأَعْطِ مَنْ حَرَمَكَ وَأَحْسِنْ إِلَى مَنْ أَسَاءَ إِلَيْكَ وَسَلِّمْ عَلَى مَنْ سَبَّكَ وَأَنْصِفْ مَنْ خَاصَمَكَ وَاعْفُ عَمَّنْ ظَلَمَكَ كَمَا أَنَّكَ تُحِبُّ أَنْ يُعْفَى عَنْكَ، فَاعْتَبِرْ بِعَفْوِ اللَّهِ عَنْكَ، أَلَا تَرَى أَنَّ شَمْسَهُ أَشْرَقَتْ عَلَى الْأَبْرَارِ وَالْفُجَّارِ وَأَنَّ مَطَرَهُ يَنْزِلُ عَلَى الصَّالِحِينَ وَالْخَاطِئِينَ».

وكانت شهادةُ الإمامِ جعفرٍ بنِ محمدٍ الصادقِ (عليهما السلام) في 25 (خمسٍ وعشرين) من شوّال عامَ 148 (مئةٍ وثمانيةٍ وأربعين) للهجرة مسموماً بما دسّه المنصورُ العباسيُّ، ودُفنَ (عليه السلام) في البقيعِ.

وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين

الأحد, 30 حزيران/يونيو 2019 12:35

إيران لا تُفاوِض ولن تُهزَم

في ظل ما تقوم به أميركا من محاصرة إيران عسكرياً واقتصادياً لتتخلى عن سياساتها الطموحة النووية وقدرتها الصاروخية ولتتخلّى عن دعم حماس ودعم حزب الله اللبناني اتجهت الولايات المتحدة إلى إقامة القواعد العسكرية التي  تحيط بإيران، هل من الممكن أن تقضي  الولايات المتحدة - بما تمتلك من أسلحة نووية وغير نووية - على إيران؟ وهل ستوجّه الولايات المتحدة ضربة عسكرية لإيران؟

في ظلّ التوتّرات في منطقة الخليج (الفارسي) والتي تزداد يوماً بعد يوم وآخرها ما نُشِر عن إسقاط إيران "طائرة تجسّس أميركية مُسيَّرة". نطرح في هذه المقالة ما يفيد أن إيران لن تستسلم ولن تُهزَم من خلال مواقف تاريخية؟ لماذا لم توجّه الولايات المتحدة ضربة عسكرية إلى إيران؟ وهل هي قادرة  على ذلك؟ نوضح عشرة أسباب تمنع توجيه الولايات المتحدة ضربة عسكرية لإيران؟ هل  تقبل إيران المفاوضات مع الولايات المتحدة؟.

أفاد التلفزيون الإيراني الخميس الماضي أن الدفاع الجوّي للحرس الثوري أسقط طائرة مُسيَّرة أميركية اخترقت أجواء الجمهورية الإسلامية. فيما نفى الجيش الأميركي أن تكون إحدى طائراته المُسيَّرة قد حلّقت في السماء الإيرانية. ذكر التلفزيون الإيراني أن الحرس الثوري الإيراني أسقط الخميس "طائرة تجسّس أميركية مُسيَّرة"، اخترقت المجال الجوي للجمهورية الإسلامية. وأضاف أن هذه الطائرة من طراز غلوبال هوك (تصنعها الشركة الأميركية نوثروب غرونمان)، "تمّ إسقاطها بنيران الدفاع الجوي للقوّة الجوفضائية للحرس الثوري" في محافظة هرزمكان جنوب إيران، إلا أن التلفزيون الرسمي لم يعرض أية صوَر للطائرة.

المُتابِع للسياسة الإيرانية في السنوات الماضية يوضح أن إيران لن تستسلم بعد أن ناصبها العداء بعد الثورة الإيرانية 1979م ويتضّح ذلك من عدّة مواقف نذكر منها (أزمة رهائن إيران) هي أزمة دبلوماسية حدثت بين إيران والولايات المتحدة عندما اقتحمت مجموعة من الطلاب الإسلاميين في إيران السفارة الأميركية فيها دعماً للثورة الإيرانية واحتجزوا 52 أميركياً من سكان السفارة كرهائن لمدة 444 يوماً من 4 نوفمبر 1979 حتى 20 يناير 1981. وكذلك دعمت حزب الله في حرب تموز أو حرب لبنان الثانية 2006" هي العمليات القتالية التي بدأت في 12 تموز 2006 بين قوات من حزب الله اللبناني وقوات الجيش الإسرائيلي والتي استمرت حتى 14 أغسطس. التي يقول عنها السيّد حسن نصر الله ولا ينكر مساعدة إيران له بالمال والسلاح لمواجهة إسرائيل . ولا تتوقّف إيران  عن دعم المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية وحركة حماس باعتراف الفلسطينيين أنفسهم. بدأ التحوّل في العلاقة بين إيران من الصداقة إلى العداء بعد نجاح الثورة الإيرانية 1979 وإن كانت السياسة الأميركية في الشرق الأوسط خدمت إيران من دون قصد (القضاء على صدّام حسين العدو اللدود للإيرانيين. وكذلك حركة طالبان في أفغانستان).

في ظل ما تقوم به أميركا من محاصرة إيران عسكرياً واقتصادياً لتتخلى عن سياساتها الطموحة النووية وقدرتها الصاروخية ولتتخلّى عن دعم حماس ودعم حزب الله اللبناني اتجهت الولايات المتحدة إلى إقامة القواعد العسكرية التي  تحيط بإيران، هل من الممكن أن تقضي  الولايات المتحدة - بما تمتلك من أسلحة نووية وغير نووية - على إيران؟ وهل ستوجّه الولايات المتحدة ضربة عسكرية لإيران؟ الواقع يقول إن ذلك لم يحدث لهذه الأسباب العشرة:

  • الرأي العام الشعبي الأميركي لا يوجد فيه إجماع على توجيه ضربة عسكرية لإيران، ويتضّح ذلك من استطلاعات الرأي في الولايات المتحدة الأميركية.
  • هناك دول تعارض ضرب الولايات الولايات المتحدة لإيران (الصين – روسيا – الهند – الاتحاد الأوربي).
  • قد تخترق أجواء أربع دول عربية لإيران نفوذ بها (لبنان – سوريا – العراق – اليمن) ما يهدّد أمن إسرائيل الذي هو في مقدّمة أولويات السياسة الأميركية.
  • توضع الولايات المتحدة في الحسبان القدرة الصاروخية الإيرانية وصدّ ومواجهة أية طائرات أو صواريخ تطلق عليها وأن هزيمة الولايات المتحدة قد تكون بداية انكسارها وتراجع قوّتها.
  • اشتعال الحرب في ثماني دول في الشرق الأوسط ، الدول الداعمة لضرب إيران (السعودية – إسرائيل – البحرين – الإمارات) والحليفة للولايات المتحدة الأميركية والدول المؤيّدة لإيران (العراق – اليمن – لبنان – سوريا).
  • توقّف صادرات النفط العربية وتعطّل حركة السفن في الخليج (الفارسي) ما يؤثّر على الاقتصاد الدولي.
  • تأثّر التجارة الدولية كون المنطقة الخليجية ومنطقة المحيط الهندي في مُلتقى طرق التجارة الدولية .
  • من الممكن انتقال الصراع إلى شرق أفريقيا بين الفريقين في الصومال وجيبوتى حيث مناطق النفوذ الأميركية والإيرانية وحلفاء كلاهما.
  • توقّف الملاحة في البحر البحر الأحمر وقناة السويس والبحر المتوسّط ما يُحدِث شللاً عاماً في طُرق التجارة الدولية .
  • تدهور الاقتصاد عالمياً واحتمالية قيام حرب عالمية ثالثة تقضي على الأخضر واليابس لأنه قد  يُستخدَم فيها السلاح النووي.

هل تتفاوض إيران مع الولايات المتحدة؟ الواضح أن إيران لن تتفاوض وهي تحت الحصار الإقتصادي والعسكري الأميركي حيث ترى رفع الحصار والعقوبات الأميركية عنها لبدء التفاوض. ما المكاسب الأميركية من وراء ذلك؟ تسعى الولايات المتحدة إلى تدويل مضيق هرمز عن طريق مجلس الأمن لكن ذلك ستعارضه الصين وروسيا. ظهرت مكاسب الولايات المتحدة من استعراض قوّتها العسكرية في العالم، وتحقّق المزيد من ابتزاز بعض دول الخليج بحجّة الحماية من إيران. ولعلّ يفيق العرب وإيران ويعلمون أن عدوّهم الحقيقي واحد الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل ما قد يدفعهم نحو مصالحة مستقبلية تقودها سلطنة عُمان والعراق.

الأحد, 30 حزيران/يونيو 2019 12:33

رؤى الإمام الخميني في الحج الإبراهيمي

﴿وَإذْ قالَ إبْراهيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا البلدَ آمناً وَاجْنُبْني وَبَنِيَّ اَنْ نَعْبُدَ اْلأَصْنامَ﴾[1].

قد جرى الحديث مراراً عن الحج الإبراهيمي في الخطب التي تلقى والمقابلات التي تجرى بخصوص الحج، ولكن قلما وضع تحديد دقيق لهذا الحج، وأُجيب على السؤال التالي:

  ما هو الحجُّ الإبراهيمي؟

  وما اختلافه عن الحجِّ غير الإبراهيمي؟

 إذاً، فما أنسب أن يكون هذا الموضوع المهم محور حديثنا في ندوة الحج هذه التي تقعد في جوار مزار إمامنا العزيز، فكل ما لدى الشعب وكل ما حققته له الثورة الإسلاميّة هو من بركات هذا الوجود الطاهر.

وبالطبع فإنني لا أعتقد بأنّ هذا البحث الواسع سأتممه في هذه الكلمة، لكنني أرجوا أن أتحدّث عنه بشكل مستفيض في مناسبات أُخرى.

 

ما هو الحجُّ الإبراهيمي؟

الحج الإبراهيمي: هو الحج الذي شرّعه الله تبارك وتعالى، وأمر بأن يوءَذن به إبراهيم الخليل (عليه السلام) ﴿وَ اَذّن في الناسِ بالحجّ...﴾ .

وقد جدّد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في عصره روح الحياة في هذا الحج، غير أنه لم تمر مدة قصيرة على وفاته (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حتى طواه النسيان ـ وللأسف ـ، ولم يستطع مسلمو الصدر الأوّل أن يواصلوه في المجتمع الإسلامي، حتى جدّده بعد مضي أربعة عشر قرناً في مجتمعنا الإيراني رجل من السلالة الطيبة لإبراهيم (عليه السلام) ومحمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وإننا نسأل الله تعالى أن يوفقنا لأداء الحج بالشكل الذي رسم لنا معالمه الإمامُ العزيز.

عبّر الإمام عن الحجِّ الحقيقي بالحجِّ الإبراهيمي تارة وبالحج الإبراهيمي ـ المحمدى تارةً أُخرى، في قابل الحج غير الإبراهيمي.

وانسب ما يمكن أن نصف به هذا النوع الثاني من الحج في هذه البرهة من تاريخ الإسلام هو الحج الأمريكي، ذلك أنّ أنصار الإسلام الأمريكي هم الذين يحثّون عليه، إذ لا يتضمن إلاّ شكلاً ظاهرياً للمناسك، دون أن ينطوي على محتوى مفيد، بل إنه يضر الإسلام والمجتمع الإسلامي لأنه يوجّه في خدمة أهداف أعداء الإسلام وأعداء الحج الإبراهيمي.

يعتقد الإمام الراحل أن الحجَّ الإبراهيمي يختلف جذرياً عن الحج الأمريكي، من الناحية الفلسفية ومن ناحية المحتوى، ومن ناحية الحجاج والقائمين على أُمور الحج أيضاً.

فما هي فلسفة الحج عند الإمام؟ وماذا يجب أن يكون عليه محتوى الحج؟ وكيف يجب أن يكون عليه تفكير القائمين على شؤون الحج وسلوكهم العملي؟ وكيف يجب أن يعمل الحجاج ببيت الله الحرام لو أرادوا أداء الحج بصورته الحقيقية الإبراهيمية ؟

استخلصتُ رؤية الإمام في هذه المواضيع من نداءاته وخطبه وبياناته التي كان يصدرها في هذه المناسبة، سأبينها لحضراتكم، وأوصي جميع الحجاج، ولاسيما الإخوة علماء الدين بمطالعة نداءات الإمام وبياناته بهذا الخصوص والتي طبعت في مجلدين.

 

فلسفة الحج الأمريكي:

تتلخص فلسفة الحج الأمريكي في كونه زيارة ترفيهية سياحية ليس إلاّ، وعلى حدّ تعبير الإمام فإن الحج الأمريكي لا يخرج عن كونه سفراً ترفيهياً لمشاهدة القبلة والمدينة وتكرار سلسلة من الألفاظ المفرغة من معناها، وأداء سلسلة من الحركات الخالية من المضمون، والحاج لا يعلم لِمَ يطوف حول الكعبة، ولِمَ يسعى بين الصفا والمروة؟

لا يعي لِمَ يُحرمُ؟ وما هي فلسفة رمي الجمرات وتقديم الأُضحية؟

وليست هناك أية علاقة بين الحج الأمريكي وبين البحث عن جواب للأسئلة: «كيف تكون الحياة، وما هي طريقة الجهاد، وكيف يمكن الوقوف بوجه العالم الرأسمالي؟»[2].

ولا علاقة ـ في منظار الحج الأمريكي ـ بين الحج وبين كيفية استيفاء مسلمي العالم ومحرومية لحقوقهم وسحبها من الظالمين والقراصنة[3].

ولا علاقة بين الحج وبين وجوب أن يُطرح المسلمون في العالم كقوة عظيمة[4].

ولا علاقة بين الحج وبين طريقة تعامل المسلمين مع الأنظمة العملية[5].

هذا هو تفسير الإمام للحج الأمريكي.

كما انّه لا علاقة بين الحج الأمريكي وبين أن يتابع الحاج معاناة المسلمين الفلسطينين على يد الكيان الغاصب للقدس.

ولا علاقة بين الحج الأمريكي وبين أهم قضية يشهدها العالم الإسلامي حاضراً في التحركات المشبوهة لقادة الدول الإسلاميّة الرامية إلى إقامة العلاقات مع الكيان المحتل للقدس وتسويغ ما تسمى بمؤتمرات السلام.

حيث يتعرض المسلمون الفلسطينيون واللبنانيون هذه الأيام لأشدّ الضغوط.

وأيضاً لا علاقة بين الحج وبين ما يعانيه المسلمون والمحرومون في أفريقيا وأفغانستان.. هذا هو الحج الأمريكي.

 

فلسفة الحج الإبراهيمي:

بيّن الإمام العزيز فلسفة الحج الإبراهيمي بشكل جميل جذاب، وهذه مقتبسات من عبارات هذا الرجل الجليل في تبيين فلسفة الحج الإبراهيمي: فالحج من وجهة نظر الإمام «تَجَلٍّ وتكرار لجميع مشاهد إبداع الحب في حياة الإنسان والمجتمع المتكامل في الدنيا»[6]. وهذه أجمع جملة وأفضل تعبير يمكن أن نوضح فيه فلسفة الحج الإبراهيمي، ذلك أن الحج هو تجلّ لكل مشهد من مشاهد هذا الإبداع، تجلّ للجهاد والإيثار والتضحية والشجاعة والشهامة والوحدة والذكر والارتباط بالله ولقاء الله و...

والهدف من الحج بنظر الإمام هو اقتراب الإنسان من صاحب البيت والاتصال به، وليس الحج مجرد حركات وأعمال وألفاظ... وليس مجرد النظر إلى بعض الأحجار ومشاهدة البيت. دققوا في عبارات الإمام حينما يقول: «إنّ فلسفة الحج هي رؤية صاحب البيت، ولابُدّ من أن توجّه الحركات والأعمال التي تؤدى هناك في هذا السبيل».

«إنّ مناسك الحج هي مناسك الحياة، وعلى الأُمّة الإسلاميّة بمختلف قومياتها أن تصبح إبراهيمية لتلتحق بركب أُمة محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وتكون واحدة ويداً واحدة»[7].

 

فالحجّ تنظيم وتمرين وبلورة للحياة التوحيدية.

يرى الإمام أن «الحج يمثل مركز المعارف والإلهية الذي ينبغي أن يؤخذ منه محتوى السياسة الإسلاميّة في جميع الأبعاد الحياتية». لهذا يمكن أن تُستخرج سياسة الإسلام بجميع أبعادها من الحج كما يقول الإمام.

ولقائد الثورة العزيز الذي يواصل بحق نهج الإمام قولاً مماثلاً في حُكمه لي إذ يقول: «إنّ فريضة حج بيت الله هي من جملة الفرائض النادرة التي أدرجت فيها أبعاد متعددة ومتنوعة ترتبط بالحياة الفردية والسلوك الجمعي بشكل عظيم وذات تأثير عميق في الجسم والنفس الفكر وفي السلوك الآدمي، وتهبه، لو أدّاها بالشكل الصحيح، توفيقات كبيرة في جميع الميادين المادية والمعنوية».

ومن مهمّات فلسفة الحج أيضاً في رؤى الإمام بُعده السياسي، حيث يقول: «البعد السياسي للحج لا يقل أهمية عن بعده العبادي، ففي البعد السياسي عبادة فضلاً عن الجانب السياسي»[8].

إنّ من فلسفة الحج أن يلبي صرخات الظلامة المنطقة من فلسطين وأفريقيا وأفغانستان، بل يستجيب لكل المظلومين والمستضعفين في العالم، لأن الحج «قيام»: ﴿جَعَلَ اللهُ الكَعبةَ البيتَ الحَرامَ قياماً لِلنّاس...﴾[9].

فـ «البيت الذي أُسس للقيام. وهذا القيام للناس لا بُدّ من الاجتماع فيه لهذا الهدف الكبير، وتعيين منافع الناس في تلك المواقف الشريفة»[10]. هذا هو تقييم الإمام ونظرته إلى الحج، وليست منافع الناس أن يذهبوا هناك ويجلبوا البضائع، ويبتاعوا السلع الأمريكية التي حرّمها الإمام، وفي توضيحه للآية الكريمة: ﴿ليشهدوا منافع لهم﴾ التي يبين فيها القرآن فلسفة الحج، يقول الإمام:

«أي نفع أعلى وأسمى من أن تقطع أيدي جبابرة العالم والجائرين من التسلط على البلدان المظلومة، وتصبح ثرواتها العظيمة بأيدي أبنائها»[11].

أجل، هذا هو النفع الأكبر، وعلى حجاج بيت الله أن يأخذوا العبر من هذه الآية في معرفة فلسفة الحج.

ويقول الإمام عن الآية: ﴿وَطَهِّربَيْتي للطّائِفينَ والقائِمينَ﴾[12]: ليس المقصود التطهير من النجاسات الظاهرية وحسب، فبيت الله يجب أن يطهر ليس فقط من النجاسات الظاهرية، وإنما من الأرجاس المعنوية أيضاً التي يفوق ضررها وخطرها على المجتمع ضرر وخطر أي شيء آخر. الحج الإبراهيمي هو ذلك الحج الذي يقام لتطهير بيت الله من النجاسات الظاهرية والباطنية، يقول الإمام: «المراد التطهير من جميع الأرجاس، وعلى رأسها الشرك، الأمر الذي بيّنه صدر الآية الكريمة»[13]. ﴿وَاِذْ بَوَّأْنا لإبراهيمَ مَكانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بي شَيْئاً وَطَهّر بَيْتيَ...﴾.

ويرى الإمام أنّ من أهداف الحج «إيجاد التفاهم وتعزيز أواصر الوحدة الإسلامية»: «من مهمات فلسفة الحج إيجاد التفاهم، وتعزيز الأخوّة بين المسلمين، وعلى العلماء والخطباء طرح المسائل الأساسية والسياسية والاجتماعية مع إخوتهم في الدين وتهيئة مشاريع لحلها، ليطرحوها بدورهم على العلماء وأصحاب الرأي لدى عودتهم إلى بلدانهم».

وأخيراً فان الحج بنظر الإمام «بمستوى القرآن يستفيد منه الجميع، لكنّ المفكرين والخائضين غمراته والمتحسسين لآلام الأُمّة الإسلاميّة لو خاضوا لحج معارفه ولم يخشوا الاقتراب منه والغوص في أحكامه وسياساته الاجتماعية لاصطادوا من صدف هذا البحر كمية أعظم، من جواهر الهداية والرشد والحكمة والانعتاق، ولارتووا وإلى الأبد من زلال حكمته ومعرفته»[14]. صلى الله على روحك وبدنك يا إمام، فهل هناك أجمل واشمل وأدق من هذه العبارات عن فلسفة الحج؟

يضيف الإمام: «ولكن ما العمل؟ وإلامَ تشكو هذا الغم الكبير؟ فقد أصبح الحج كما القرآن مهجوراً».

«ليس حجاً هو الحج الخالي من الروح والحركة والقيام والبراءة والوحدة، والحج العاجز عن هدم صروح الكفر والشرك».

أيها الأعزاء، يمكنكم أن تزيلوا هذا الغم عن روح الإمام الطاهرة، صحيح انّه رحل عنّا، بيد أن رسالته تُثقل كواهلنا فرداً فرداً.

وقد لخّص الإمام الباقر (عليه السلام) جدّ إمامنا هذا الكلام في عبارة واحدة وقال: في تلك الأيام العصيبة التي كلكل فيها ظلّ السلطة الجائرة على العالم الإسلاميّ: «إنما امر الناس أن يأتوا هذه الأحجار فيطوفوا بها، ثم يأتونا فيخبرونا بولايتهم، ويعرضوا علينا نصرهم»[15].

يُريد الإمام الباقر (عليه السلام) أن يبين لنا من خلال استعماله لتعبير الأحجار أنّ الحج المجرد من الفلسفة الإبراهيمية للحج لا يعدو كونه طوافاً بالأحجار.

يقول الإمام الخميني: «التكليف الإلهي للحجاج في هذه البرهة الزمنية أن ينكروا كلّ موضوع يُشم منه رائحة الاختلاف والوقيعة بين صفوف المسلمين. ويعتبروا البراءة من الكفار وقادتهم واجباً من واجباتهم في المواقف الكريمة، ليكون حجّهم حجّاً ابراهيمياً وحجّاً محمدياً، وإلاّ سيصدق عليهم القول المعروف: ما أكثر الضجيج، وأقل الحجيج!»[16].

كان هذا جانباً من رؤى إمام الأمة وهو يتناول القضايا التي تخص فلسفة الحج وأُسس الحج الإبراهيمي، وعلى قاعدة هذه الفلسفة والأُسس يختلف محتوى الحج بدوره، كما يختلف الحجاج والقائمون على شؤون الحج.

وقبل أن أختم هذا الحديث، أتطرق باختصار إلى محتوى الحج الذي يختلف في الحج الإبراهيمي عن غير الإبراهيمي في كلّ مناسكه من التلبية إلى الرمي، إذ يرى الإمام أنّ كلّ أعمال الحج وحركاته وسكناته تنطوي على محتوى حيوي تربوي محرك خاص، وحينما يقول الحاج: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك...» لا يكون قوله صادقاً وحقيقياً إلاّ حينما يصغي من أعماقه لنداء الحق ويستجيب لدعوة الله تعالى.

فالمسألة هنا مسألة الحضور في المحضر، ولا يستطيع أن يقول لبيك إلاّ من يحس بهذا الحضور، فإنكم وأنتم في غرفة مغلقة الأبواب لا يوجد فيها غيركم لا تقولون «نعم»، إنّما تتفوّهون بهذه الكلمة حينما يوجد من يناديكم، فتشهدون وتسمعون صوته ودعوته، فالمسألة هي مسألة الحضور في المحضر ومشاهدة جمال المحبوب، وكأن الملبي في هذا المحضر قد خرج عن حالته الطبيعية. وتخلى عن ذاته.

إلهي، هل لنا أن ندرك ولو للحظة واحدة المعنى الحقيقي للحج والمعنى الحقيقي للإحرام ومفهوم التلبية؟

يصور الإمام العزيز هذه الحالة بشكل يبدو أن الملبي في محضر الله يخرج عن وضعه الطبيعي ويكرر التلبية ثمّ ينـزهه عن الشريك بالمعنى المطلق، أي: اللهمّ إني لا أُشرك بك مطلقاً، وأبرأ من كل الطواغيت الكبار والصغار، ولا استجيب إلا لك، كما قال الإمام الصادق (عليه السلام) في الحديث المروي عنه:

«وأحرم عن كلّ شيء يمنعك من ذكر الله، ويحجبك عن طاعته. كلّ ما اشَغَلَك عَنِ اللهِ هوَ صَنَمُك».

أحرِم عن كل ما يبعدك عن محضر الله، ويجعلك غافلاً عن ذكره، ويحجبك عن طاعته، وحرّمه على نفسك، وحينما تلبي «لبِّ تلبيةً صادقة، خالصة، زاكية لله ـ عزّ وجلّ ـ في دعوتك متمسكاً بالعروة الوثقى»[17]. وحينما تتمسك بالعروة الولاية الوثقى ـ وهي الوجهة السياسية الأساسية للحج. قل «لبيك» بإخلاص وصدق، وقل: اللّهم أتيت لأقول لك «لبيك» ولغيرك «لا».

اللهم أفِدْنا من الحج كما يفهمه أولياؤك وينتفعون منه.

اللهم وفّقنا لأداء الحج كما جسّده لنا الإمام العزيز الذي نقف الآن في محضره وتشهدنا وتحيطنا روحه الطاهرة.

اللهم صِلْ ثورتنا بثورة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) العالمية، وسدّد قائد الثورة آية الله الخامنئي واكتب له النصر المبين.

ـــــــــــــــــ

[1] سورة إبراهيم: 35.

 [2] بيام استقامت (نداء الاستقامة): 7.

 [3] «ما للحج ولأخذ حقوق المسلمين والمحرومين من الظالمين». بيام استقامت: 7.

 [4] «ما للحج واستعراض المسلمين لأنفسهم كقوة عظمى تمثل القوة الثالثة في العالم». بيام استقامت: 7.

 [5] «ما للحج وثورة المسلمين ضد الأنظمة العميلة». بيام استقامت: 7.

 [6] بيام استقامت: 8.

 [7] نفس المصدر.

 [8] صحيفة نور 18: 67.

 [9] سورة المائدة: 97.

 [10] صحيفة نور: 19: 43.

 [11] صحيفة نور: 19: 43.

 [12] سورة الحج: 26.

 [13] صحيفة نور: 18: 87.

 [14] بيام استقامت: 8.

 [15] بحار الأنوار 99: 374(ط. بيروت(

 [16] صحيفة نور: 19: 46.

 [17] لبي: بمعنى أجِبْ.

قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب اليوم الأحد إن أي صفقة نووية جديدة مع إيران قد تكون ثنائية أو متعددة الأطراف.

وقال في مقابلة على قناة "ن بي سي نيوز" الأميركية "لا أهتم بما هو شكل الاتفاق إذا كان ثنائياً أو متعدد الأطراف، المهم أن نصل إلى نتيجة، بأن طهران لن تمتلك سلاحا نوويا".

وذكر أنه لم يبعث برسالة إلى طهران لتحذيرها من هجوم أميركي ألغاه لاحقاً، وأضاف "لا أسعى للحرب".

ورداً على سؤال عما تريده إيران، قال ترامب "أعتقد أنهم يريدون التفاوض. أعتقد أنهم يريدون إبرام صفقة. والصفقة معي نووية… لن يكون بوسعهم امتلاك سلاح نووي. ولا أعتقد أنهم يحبذون الوضع الذي هم فيه حاليا. اقتصادهم متعثّر تماماً".

يأتي ذلك رغم نشر تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" اليوم الأحد مؤداه أن ترامب قد سعى أمس السبت لتخفيف حدة التوترات مع إيران، ومد غصن الزيتون "للبدء من جديد" بمحادثات نووية معها، بل حتى شكر طهران على قرارها "الحكيم" بعدم إسقاط طائرة عسكرية أميركية على متنها أفراد.

من جهتها تحدثت مصادر إيرانية لوكالة "رويترز" إنّ ترامب حذّر طهران عبر سلطنة عُمان من هجوم أميركي وشيك لكنه ضد الحرب ويريد إجراء محادثات.

وكان ترامب أعلن انسحاب بلاده من الاتفاق النووي، معللاً ذلك بأنه لا يمكن منع إيران من امتلاك قنبلة نووية استناداً إلى تركيب هذا الاتفاق، بحسب قوله. واعتبر أن الاتفاق النووي "سمح لإيران بمواصلة تخصيب اليورانيوم وستصل إلى إنتاج السلاح النووي مع مرور الوقت"، مشدداً على أن إدارته تملك "أدلة واضحة بأن الوعد الإيراني بعدم إنتاج سلاح نووي هو أكذوبة".

الرئيس الأميركي دونالد ترامب قال يوم الجمعة الماضي في مقابلة مع شبكة "إن بي سي": "مستعد للتفاوض مع إيران من دون شروط مسبقة"، مكرراً انه "مستعد لإجراء محادثات مع المرشد الإيراني الأعلى أو الرئيس الإيراني".

يأتي ذلك بعدما أسقط حرس الثورة الإيراني طائرة تجسس أميركية مسيّرة فوق الأجواء الإيرانية في محافظة هرمزغان جنوب البلاد.

أميركا تتموضع في "المنطقة الرمادية" في مواجهة روسيا والصين وإيران

لا شك في أنّ عدم قدرة واشنطن على الذهاب إلى حرب مع إيران على ضوء التطورات الأخيرة ساهم بشكل كبير في بلورة "المنطقة الرمادية" كقناعة أو نظرية أكاديمية يتداولها أشخاص من ذوي تجارب وخليفات مرموقة في العاصمة الأميركية.

وترى الدراسة الموسّعة لـ"راند" أن الولايات المتحدة تدخل مرحلة تعزيز موقعها الاستراتيجي في مواجهة عدة منافسين، خاصة الصين وروسيا.

وبما أن الخبراء في واشنطن يعتقدون أن هذه المواجهة ستكون دون سقف المواجهة العسكرية، فإن "المنطقة الرمادية" هو الوصف الأفضل للحالة ما بين الحرب والسلم.

وتتناول الدراسة كيف يمكن للولايات المتحدة المناورة داخل "المنطقة الرمادية" وتحويل التهديد إلى فرصة بهدف تحقيق مكاسب أكبر في منافستها مع الأقطاب الصاعدين دوليا.

وخرجت الدراسة بالنتائج التالية على ضوء مقاربة موسعّة للجوانب العسكرية، السياسية والاقتصادية المرتبطة بالصراعات الدولية:

تعتمد روسيا، بحسب الدراسة، على حملات تضليل إعلامية في أوروبا، كما على الضغوط الاقتصادية القائمة على التلويح بالحرمان من مصادر الطاقة الروسية، فضلاً عن مناورات عسكرية دائمة عند الحدود مع الدول الأوروبية وعمليات الاختراق الأمني.

أما في ما يخص الصين، فإن اليابان (الحليف الأهم للولايات المتحدة في شرق آسيا) تخوض المواجهة السياسية. في حين تشهد العديد من الدول المجاورة صعود الصين في أكثر من ملف بما فيها النزاعات على الحدود والأراضي. وبحسب الدراسة الأميركية، فإن الصين تلجأ لفرض القانون بقوة زوارق عسكرية صغيرة في الجزر المتنازع عليها في تلك المنطقة من العالم ولحرمان أي دولة من استثمار موارد هذه الجزر. كما ان الصين تستخدم اوراق الضغط الاقتصادية في التعامل البلدان المجاورة لها بهدف بسط نفوذها.

لمواجهة المنافسين الدوليين، تقترح دراسة "راند" عدة خطوات كإعادة الانتشار العسكري ضمن مناطق "مفتاحية"، تعزيز التدخل السياسي والاستخباري وتوهين الأوراق الاقتصادية للخصوم، خاصة تأثيرهم في المؤسسات الدولية.

على الولايات المتحدة وحلفائها تحديد سقف التحمّل لديهم في ما يخص نشاطات وأفعال خصومهم. إذ على الولايات المتحدة السعي للردع في أحيان كثيرة قد لا تبدو شديدة الخطيرة على المدى القريب، لكنها مؤثرة استراتيجيا.

على الولايات المتحدة إنشاء فريق متخصص بإدارة حملات "المنطقة الرمادية"، والسعي قدر الإمكان لتعميم الاستراتيجية على الحلفاء، كي تتخذ هذه النظرية شكلًا مؤسساتيا وتصبح أكثر فعالية.

من دروس الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) ثمانية تعلّمها منه أحد مواليه الذي سأله الإمام (عليه السلام): أيّ شيء تعلمتَ منّي؟ قال له: يا مولاي، ثماني مسائل، فقال له (عليه السلام): قصَّها عليَّ لأعرفها، قال:
 
الأولى: رأيتُ كلَّ محبوب يفارق عند الموت حبيبه، فصرفت همّتي إلى ما لا يفارقني، بل يؤنسني في وحدتي، وهو فعل الخير.

تطبيق من حياة الإمام الصادق (عليه السلام): مات أحد أولاده الصغار، وهو يمشي بين يديه، فلمّا أخرجه للدفن قال (عليه السلام): "سبحان من يقتل أولادنا، ولا نزداد له إلا حبّاً"، فلمّا دفنه قال (عليه السلام): "يا بنيّ، وسّع الله ضريحك، وجمع بينك وبين نبيّك (صلى الله عليه وآله)، إنّا قوم نسأل الله ما نحبّ فيمن نحبّ فيعطينا، فإذا أحبّ ما نكره فيمن نحبّ رضينا"1.
 
فقال (عليه السلام): أحسنت والله، الثانية.
قال: رأيت قوماً يفخرون بالحسب، وآخرين بالمال والولد، وإذا ذلك لا فخر، ورأيت الفخر العظيم في قوله تعالى: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)2، فاجتهدت أن أكون عنده كريماً.

تطبيق من أحاديث الإمام الصادق (عليه السلام): عنه (عليه السلام): " ثلاث هن فخر المؤمن وزينه في الدنيا والآخرة: الصلاة في آخر الليل، ويأسه مما في أيدي الناس، وولايته الإمام من آل محمد (صلى الله عليه وآله)"3.

 قال (عليه السلام): أحسنت والله، الثالثة.
قال: رأيت لهو الناس وطربهم، وسمعت قوله تعالى: (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى)4، فاجتهدت في صرف الهوى عن نفسي حتى استقرَّت على طاعة الله تعالى.

تطبيق من حياة الإمام (عليه السلام): "عن مالك بن أنس: كنت آتي جعفر بن محمد (عليه السلام)، فكان كثير التبسّم، فإذا ذُكر عنده النبيّ (صلى الله عليه وآله) تغيّر لونه، وقد اختلفت إليه زمانا فما كنت أراه إلا على إحدى ثلاث خصال: إما مصليَّاً، وإمَّا صائماً، وإمَّا يقرأ القرآن"5.
 
 قال (عليه السلام): أحسنت والله، الرابعة.
قال: رأيت كل من وجد شيئاً يكرم عنده اجتهد في حفظه، وسمعت قوله سبحانه يقول: (مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ)6، فأحببت المضاعفة، ولم أرَ أحفظ مما يكون عنده، فكلَّما وجدت شيئاً يكرم عندي وجهت به إليه؛ ليكون لي ذخراً إلى وقت حاجتي إليه.
تطبيق من حياة الإمام (عليه السلام): عن عبد الأعلى قال: "أكلت مع أبي عبد الله عليه السلام فدعا وأتى بدجاجة وبخبيص7، ثم قال: يا جارية، ائتينا بطعامنا المعروف، فجاءت بثريد خل وزيت"8.
 
قال: أحسنت والله، الخامسة.
قال: رأيت حسد الناس بعضهم للبعض في الرزق، وسمعت قوله تعالى: (نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ)9، فما حسدت أحداً، ولا أسفت على ما فاتني.
تطبيق من أحاديث الإمام (عليه السلام): عنه (عليه السلام) "... إيّاكم أن يحسد بعضكم بعضاً، فإن الكفر أصله الحسد"10.
 
قال: أحسنت والله، السادسة.
 قال: رأيت عداوة بعضهم لبعض في دار الدنيا والحزازات التي في صدورهم، وسمعت قول الله تعالى: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا)11 فاشتغلت بعداوة الشيطان عن عداوة غيره.
تطبيق من حياة الإمام (عليه السلام): " كان الإمام الصادق (عليه السلام) يُرسل إلى من يعاديه الصدقات والصلاة من دون أن يعرِّفه بأنّه المرسل، وهو ذلك نقل لنا أحد أصحابه أنّ الإمام أرسل معه إلى أحدهم مالاً، فقال: من أين هذا جزاه الله خيراً؟ فما يزال كلّ حين يبعث بها، فيكون مما نعيش فيه إلى قابل، ولكن لا يصلني جعفر بدرهم في كثرة ماله"12.
 
 قال: أحسنت والله، السابعة.
 قال: رأيت كدح الناس واجتهادهم في طلب الرزق، وسمعت قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ)13 فعلمت أنّ وعده وقوله صدق، فسكنت إلى وعده ورضيت بقوله، واشتغلت بما له عليّ عمّا لي عنده.
تطبيق من حياة الإمام (عليه السلام): ورد عنه (عليه السلام): " كان بيني وبين رجل قسمة أرض، وكان الرجل صاحب نجوم، وكان يتوخّى ساعة السعود، فيخرج فيها، وأخرج أنا في ساعة النحوس، فاقتسمنا فخرج لي خير القسمين، فضرب الرجل يده اليمنى على اليسرى، ثم قال: ما رأيت كاليوم قط. قلت: ...وما ذاك؟ قال: إنّي صاحب نجوم أخرجتك في ساعة النحوس، وخرجت أنا في ساعة السعود، ثم قسمنا، فخرج لك خير القسمين، فقلت: ألا أحدّثك بحديث حدّثني به أبي. قال (عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من سرّه أن يدفع الله عنه نحس يومه فليفتتح يومه بصدقة يذهب الله بها عنه نحس يومه، ومن أحبَّ أن يُذهب الله عنه نحس ليلته، فليفتتح ليلته بصدقة يدفع الله عنه نحس ليلته. فقلت: وإنّي افتتحت خروجي بصدقة، فهذا خير لك من علم النجوم"14.
 
قال: أحسنت والله، الثامنة.
قال: رأيت قوماً يتّكلون على صحة أبدانهم، وقوماً على كثرة أموالهم، وقوماً على خلق مثلهم، وسمعت قوله تعالى: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)15، فاتّكلت على الله، وزال اتكالي على غيره.
تطبيق من أحاديث الإمام (عليه السلام): " عن ابن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: وهو رافع يده إلى السماء: "ربِّ، لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبداً، لا أقلّ من ذلك ولا أكثر" قال: فما كان بأسرع من أن تحدر الدموع من جوانب لحيته".16
 
خلاصة الدروس الثمانية
1-إنّ الحبّ الحقيقيّ يجب أن يكون لله. وهو يتجلّى بفعل الخير.
2-إنّ الفخر الحقيقيّ بتقوى الله التي تحقّق الكرامة عند الله عزّ وجل.
3-  إنّ الخوف الحقيقيّ من الله يجب أن يقارنه نهي النفس عن الهوى.
4-إن الحفظ الحقيقيّ للنفائس والأشياء الثمينة هو بالتوجه بها إلى الله تعالى.
5-  إن الاعتقاد الحقيقيّ بأن الله مقسّم الأرزاق يطرد الحسد من المُعتقد.
6-إن العدوّ الحقيقيّ الذي يجب الاشتغال بعداوته عن غيره هو الشيطان.
7-  إن الرزق الحقيقيّ ينحصر بيد الله دون أيدي الناس.
8-إن المعتمَد الحقيقيّ الكافي للإنسان في جميع شؤونه ينحصر بالله تعالى.
 
 سماحة الشيخ أكرم بركات
 
1- البروجردي، جامع أحاديث الشيعة، ج3، ص 526.
2- سورة الحجرات، الآية 13.
3- الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج8، ص 234.
4- سورة النازعات، الآية 40.
5- المرعشي، شرح إحقاق الحق، ج28، ص 517
6- سورة الحديد، الآية 11.
7- هو طعام من تمر وسمن.
8- المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج47، ص23.
9- سورة الزخرف، الآية 32.
10- الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج8، ص 8.
11- سورة فاطر، الآية 6.

المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية قال إن "سياسة الإملاءات والتهديد لم تعد تجدي مع الشعب الفلسطيني وقيادته".

قال المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، إن "الإدارة الأمريكية لم تعِ درس فشل مؤتمر المنامة".

جاء ذلك في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا)، السبت.

وشدد أبو ردينة على أن "الفشل الذريع الذي منيت به ورشة المنامة، رغم سياسة العقاب والتهديد التي استعملتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع الجميع، يجب أن تشكل رسالة واضحة له ولإدارته بأن سياسة الإملاءات والتهديد لم تعد تجدي مع الشعب الفلسطيني وقيادته".

وأشار أن "الرئيس الأمريكي يعتمد على فريق منحاز بشكل كامل لإسرائيل، ولا يمكن لهذا الفريق المنحاز بهذا الشكل أن يقدم حلولا يمكن أن تؤدي إلى تحقيق السلام الدائم والعادل".

ولفت أبو ردينة إلى أن "مواقف القيادة الفلسطينية مستندة إلى قرارات الشرعية الدولية، والحفاظ على حقوق شعبنا الفلسطيني، وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وإيجاد حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين".

ومضى بالقول: "الحقوق الفلسطينية لا تباع ولا تشترى ولا يمكن لأي كان في العالم أن يجبر الفلسطينيين على التنازل عن حقوقهم مهما كانت التحديات أو الإغراءات".

وأكد أبو ردينة على أن "الطريق إلى تحقيق السلام واضح، ويجب أن يستند على قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية لا على أوهام اقتصادية تستبدل الأرض مقابل السلام بالازدهار مقابل السلام".

ويومي الثلاثاء والأربعاء، استضافت البحرين "مؤتمر السلام من أجل الازدهار"، الشق الاقتصادي لخطة السلام في الشرق الأوسط، المعروفة إعلاميا بـ "صفقة القرن".

وعقد المؤتمر بمشاركة عربية رسمية محدودة، مقابل مقاطعة تامة من جانب فلسطين ودول عربية أخرى.

وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة يقول إن "دولة إسرائيل هنا وباقية ونحن نريد السلام معها"، مضيفاً "مؤتمر المنامة يمكن أن يغيّر اللعبة مثل اتفاقية كامب ديفيد بين إسرائيل ومصر".

 

وزير الخارجية البحريني: مؤتمر المنامة يمكن أن يغير اللعبة مثل اتفاقية كامب ديفيد بين "إسرائيل" ومصر

في موقف لافت، قال وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة إن "دولة (إسرائيل) هنا وباقية ونحن نريد السلام معها".
وأضاف آل خليفة في مقابلة مع موقع "تايمز أوف إسرائيل" الإسرائيلي اليوم الأربعاء أن "مؤتمر المنامة يمكن أن يغيّر اللعبة مثل اتفاقية كامب ديفيد بين "إسرائيل" ومصر"، موضحاً "هذه مقابلتي الأولى مع قناة إسرائيلية وكان يجب أن تحصل منذ وقت طويل".

كلام وزير الخارجية البحريني يأتي خلال انعقاد ورشة المنامة الاقتصادية، التي بدأت أمس الثلاثاء في العاصمة المنامة. 

آل خليفة تابع "لطالما كان هناك سوء فهم مع الإسرائيليين لأننا كنا نتحدث مع الآخرين وليس معهم مباشرة".

ولفت "لم نرد تفويت فرصة عقد ورشة المنامة المهمة للتوجه للإسرائيليين بأنه يجب أن نتحدث".

وتوجه إلى الإسرائيليين قائلاً "إن عليهم أن يثقوا بأن هناك دولاً في المنطقة تريد السلام وتشجع الفلسطينيين على ذلك".

آل خليفة دعا نتنياهو والسلطة الفلسطينية إلى "عدم تفويت فرصة السلام في هذه اللحظة المفصلية".

واعتبر أنه "لو ترك الأمر للعرب والإسرائيليين من دون التدخل الإيراني لكانوا أقرب للسلام منذ وقت طويل".

وزير الخارجية البحريني تناول موضوع استهداف "إسرائيل" مواقع إيرانية في سوريا، معتبراً أن "إيران تهدد المنطقة ولكل دولة حق بالدفاع عن نفسها".

وعن إمكانية إقامة علاقات دبلوماسية مع "إسرائيل"، لفت آل خليفة إلى أن "البحرين دولة واحدة لكن هناك دول أخرى يجب أن تقتنع بذلك".

وقال للقناة الـ13 الإسرائيلية "الصورة ليست وردية لكن ما أطمح إليه هو رؤية السلام والتطبيع مع إسرائيل يتحقق".

وأمل آل خليفة بزيارة "اسرائيل"، مشيراً "لكن نحتاج للقيام بذلك بطريقة مريحة للجميع".

وكان آل خليفة قد قال في تغريدة له على صفحته على تويتر في 21 أيار/ مايو الماضي إن موقف بلاده الرسمي والشعبي يناصر القضية الفلسطينية، - على حدّ تعبيره - وأنه يدعم الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه ودولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، إضافة إلى دعم اقتصاده، وفق آل خليفة.

مستشار الرئيس الأميركي، جاريد كوشنر، قال على هامش الورشة إنه لن تتم مناقشة القضايا السياسية في ورشة المنامة، معتبراً أن "ورشة البحرين ليست صفقة القرن بل فرصة القرن"، وفق تعبيره.

وفي موازاة ورشة المنامة تبرأ البحرينيون من مؤتمر العار حيث رفعت أعلام فلسطين في كل المدن البحرينية وفي المسيرات الليلية والحملات الإلكترونية.

كذلك شهدت عدة مدن فلسطينية تظاهرات رفضاً لورشة البحرين و"صفقة القرن".  

عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي خالد البطش قال خلال المؤتمر الشعبي العشائري في غزة إن "ترامب يجمع تجار السياسة في غرفة سوداء في البحرين ليدير معركة تصفية القضية الفلسطينية".
وأضاف البطش أنهم أشعلوا الحروب الطائفية في المنطقة وأرادوا أن يكون بيع فلسطين من نتائج ما يسمى بالربيع العربي.
البطش رأى أن بعض الدول العربية تدفع المليارات لتصفية القضية الفلسطينية تحت عنوان محاربة العدو الجديد، معتبراً أن مؤتمر البحرين يمثل مشروعاً خطيراً ومن حضره هو متواطئ على تصفية القضية الفلسطينية.

بدوره رأى عضو المكتب السياسي لحركة حماس صلاح البردويل في كلمته أن مؤتمر البحرين تجربة فريدة من نوعها والقادة الصغار يبيعون فلسطين بمال العرب، مؤكداً "شعبنا أصيل إذا فرقه الساسة جمعته القضية ووحدتنا هي أكبر عناصر قوتنا"، معتبراً أن طصفقة القرن فاشلة ولن يعودوا إلا بالخزي والعار".

الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي أكد من جهته عدم وجود خطة للتطوير الاقتصادي، واعتبرها خدعة لتمرير صفقة سياسية بهدف تصفية حقوق الشعب الفلسطيني.

ما تحاول القوى الأميركية والإسرائيلية تحقيقه عبر ورشة البحرين، هو جعل الصراع العربي الإسرائيلي صراعاً عربياً-عربياً، عبر زيادة هوّة العداء بين العرب بالانتقال من المُدافِع عن القضية الفلسطينية إلى الساعي لتحقيق مصالحه باسم القضية الفلسطينية، مُستغلّة التوتّرات الحاصلة في منطقة الشرق الأوسط، لاستخدامها كورقة ضغطٍ على أصحاب الكراسي وليس على أصحاب القرار، وذلك عبر زجّ العرب في حروبٍ لا تخدم إلا هذا الكيان الغاصِب، هو وعدٌ قطعته أميركا لإسرائيل،  وترامب يُنفّذ لعلّه يحظى برئاسةٍ جديدةٍ يُكمِل ما توقّف عنده.

 

مؤتمر البحرين .. وأبعاده الإستراتيجية المُبطّنة.

بعد عقد عدّة مؤتمرات من أجل حلّ الأزمات في الشرق الأوسط، والتي تتربّع على عرشها القضية الفلسطينية، وإن كان المشهد العام على الساحة الإقليمية يُركّز بأضوائه على الحربين السورية واليمنية، إلا أن خفايا السياسات الغربية دائماً تتكشّف لينبثق عنها الوجه الآخر المطلوب سياسياً وإدارياً، كنتيجةٍ لمؤامرات المطبخ الصهيو أميركي، فمسألة احتمالية نجاح ورشة البحرين التي ستُعقَد يومي 25/26من شهر حزيران الجاري، لا تتعدّى الكلام السياسي المنطوق من قِبَل الحاضرين للمؤتمر، وقد أُعلن بداية الأسس التي يقوم عليها المؤتمر وهي المسألة الاقتصادية لصفقة القرن، على اعتبار أن المسألة العسكرية قد فشلت في كثيرٍ من مفاصلها لجهة توسيع رقعة الكيان الصهيوني جغرافياً، رغم أنهم أعلنوا بعضاً من الملف السياسي العسكري لصفقتهم عبر الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل أولاً، وتقديم الجولان السوري المحتل  للكيان الإسرائيلي في اجتماعٍ هزلي  لترامب ونتنياهو ثانياً.

ومع انعقاد هذا المؤتمر في المنامة، وقبول كل من مصر والأردن والمغرب والسعودية والإمارات حضوره، ومقاطعة لبنان وسوريا والجزائر والكويت، مع الإشارة إلى مقاطعة ورفض مَن يُقام على شرفه هذا المؤتمر ممثلاً بالسلطة الفلسطينية كمُسبّبٍ للاجتماع.

فهل سينجح هذا المؤتمر العربي ظاهرياً والإسرائيلي مضموناً؟!، أمْ أن شيئاً سيمنع  نجاح الدول التي تستثمر سياسياً القضية الفلسطينية من تفعيل مخرجاته ومقرّراته؟!.

"الأهداف والغايات السياسية للقوى الغربية من هذا المؤتمر"

  • محاولة استراتيجية عبر بعض الدول العربية المُطبّعة والخانِعة لأميركا وإسرائيل لتهميش الدور السياسي للدولة الفلسطينية، وبالتالي إبعادها عن الساحة كعضوٍ مركزي وأساسي في قضية تعنيه دوناً عنهم، لتظهر السلطة بموقف الضعيف وغير القادر عل حل قضيته الجوهرية.

 

  • التأكيد على أن مسألة قيام الدولة الإسرائيلية بات حتمياً مع انعقاد هذا المؤتمر، وهو اعتراف باستقلالية إسرائيل عبر علاقاتها مع دول الجوار المُطبّعة معها كالأردن ومصر.

 

  • إيصال رسائل ضغط سياسية للمجتمع الدولي على أحقيّة الكيان بقيام دولته بما سيقدّمه من حلولٍ اقتصاديةٍ مشتركةٍ مع أميركا لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي بمبلغ قدره 86مليار دولار، سيوزّع بين قطاع غزّة والضفة الغربية بالإضافة للأردن ومصر، لتقديمهم وادي عربة في الأردن وسيناء في مصر، كوسيلة ضغط على القيادة الفلسطينية للقبول نتيجة الوضع المُذري الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني في القطاع والضفة.

 

  • محاولة صهيو أميركية بمساعدة عربية لخلق ما يُسمّى جماعات ضغط اقتصادية مؤيّدة للحل الاقتصادي، مُستغلّة المشهد لتحقيق مشاريعها عبر الدعم الذي ستتلقّاه من اللوبي الصهيوني، مُتخفّية بمسألة تحسين المستوى المعيشي والذي يُعتَبر الهمّ الأول لأيّ مواطن فلسطيني في الداخل المحتل.

 

  • نزع القضية الفلسطينية من الفكر العربي والفلسطيني خصوصاً، لحل فصائل المقاومة عبر ترسيخ الخلافات والمُنازعات بين الفصائل، فيتم تفكيكها، وبالتالي التخلّص من رُعب صواريخ المقاومة والعمليات الاستشهادية للشباب الفلسطيني.

 

  • إشغال الفلسطينيين بقضايا الاستثمار والعيش عبر مشاريع وهمية، قد يُطبَّق منها القليل، لسحب البساط من الفلسطينيين لجهة حق تقرير المصير.

 

  • العمل على حل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية مع إلغاء فكرة التقيّد بقرارات مجلس الأمن وحدود الرابع من حزيران 1967، ليتسنّى لها قَضْم الجزء الأكبر من فلسطين المحتلة.

 

ما تحاول القوى الأميركية والإسرائيلية تحقيقه عبر ورشة البحرين، هو جعل الصراع العربي الإسرائيلي صراعاً عربياً-عربياً، عبر زيادة هوّة العداء بين العرب بالانتقال من المُدافِع عن القضية الفلسطينية إلى الساعي لتحقيق مصالحه باسم القضية الفلسطينية، مُستغلّة التوتّرات الحاصلة في منطقة الشرق الأوسط، لاستخدامها كورقة ضغطٍ على أصحاب الكراسي وليس على أصحاب القرار، وذلك عبر زجّ العرب في حروبٍ لا تخدم إلا هذا الكيان الغاصِب، هو وعدٌ قطعته أميركا لإسرائيل،  وترامب يُنفّذ لعلّه يحظى برئاسةٍ جديدةٍ يُكمِل ما توقّف عنده.

اعتبر قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي الخامنئي المقترح الاميركي للحوار مع ايران بانه مجرد خدعة تهدف لسلب عناصر القوة من الجمهوریة الاسلامية الايرانية.

جاء ذلك في كلمة لسماحته اليوم الاربعاء خلال استقباله رئيس ومسؤولي السلطة القضائية لمناسبة اسبوع هذه السلطة وذكرى استشهاد آية الله بهشتي و 72 من رجال الثورة ومسؤولي الدولة في التفجير الذي طال مكتب الحزب الجمهوري الاسلامي يوم 28 حزيران /يونيو عام 1981 على يد زمرة "خلق الارهابية".

واشار آية الله الخامنئي الى قضايا الساعة وقال، ان وكالات الانباء الاجنبية تقر مرارا اليوم نقلا عن الخبراء بانه لا يمكن اخضاع الشعب الايراني بالضغط والتهديد والحظر، وبطبيعة الحال فان هذه الحقيقة ليست ناجمة عن احداث الاشهر الاخيرة بل هي نتيجة لاربعين عاما من الصمود والعزة والعظمة والاقتدار للشعب الايراني.

واعتبر قائد الثورة انتصار الثورة الاسلامية نقطة خروج الشعب من "حالة الذل والمهانة" واضاف، انه خلال العقود الاربعة الاخيرة ادى الى مزج الهوية الايرانية مع الخصائص الاسلامية الى احباط تاثيرات ضغوط قوى الغطرسة العالمية في مسار حركة الشعب.

واعتبر المشاركة الدائمة في مسيرات ذكرى انتصار الثورة الاسلامية 11 شباط /فبراير ويوم القدس العالمي وكذلك المشاركة في الانتخابات العديدة مؤشرا للعزم والارادة الجديرين بالاشادة لدى الشعب الايراني واضاف، هنالك انتخابات في البلاد ستقام نهاية العام (الايراني) الجاري (العام الايراني ينتهي في 20 اذار/مارس 2020)، اذ انه ورغم الشكوك التي يثيرها البعض الا انني اعتقد بان الشعب سيشارك فيها بكل رغبة وحماس ويبرز عظمته فيها.

واشار آية الله الخامنئي الى الاتهامات والاهانات والسباب التي تكيلها الحكومة الاكثر شرا في العالم اي اميركا للشعب الايراني واضاف، ان الحكومة الاكثر كرها وخبثا في العالم والتي هي السبب في اشعال الحروب واثارة التفرقة ونهب الدول والشعوب، توجه كل يوم السباب والاتهامات للشعب الايراني الابي الا ان هذا الشعب لن يرتعب ولن يتراجع امام هذه الممارسات الاميركية المستهجنة.

ووصف اجراءات الحظر الاميركية ظلما بارزا ضد الشعب الايراني واضاف، ان الشعب الايراني المظلوم ولكن المقتدر في الوقت ذاته، يصمد بفضل الباري تعالى كالجبل الشامخ ويواصل حركته بكل قوة ويصل الى كل اهدافه التي يطمح لها.

واعتبر قائد الثورة انتصار الجمهورية الاسلامية الايرانية على جميع المؤامرات ومنها الحرب والفتنة والتغلغل والتحركات الارهابية وسائر الممارسات الاميركية الخبيثة، مؤشرا بيّنا لنصرة الباري تعالى لهذا الشعب واضاف، ان القسم الرئيس لاقتدار الشعب رهن بايمان الشعب العميق بالعون الالهي.

ووصف آية الله الخامنئي المقترح الاميركي للحوار مع ايران "خدعة" واضاف، انه حينما فشل العدو في الوصول الى هدفه عبر الضغط يقدم مقترح الحوار متصورا سذاجة الشعب الايراني ويقول بانه يجب ان يتقدم هذا الشعب وبطبيعة الحال سيتقدم هذا الشعب ولكن من دونكم (الاميركيين) وشريطة ان لا تقتربوا انتم.

ونوه الى ان مقاليد الامور كلها كانت بيد اميركا وبريطانيا في عهد النظام البهلوي البائد واضاف، انكم انتم السبب في تخلف الشعب الايراني في ذلك العهد المقيت والان ايضا فان تواجدكم لا يسفر سوى عن تخلف ايران ووقف تقدمها.

واعتبر قائد الثورة الهدف الاساس من وراء مقترح اميركا للحوار هو "نزع سلاح الشعب الايراني وسلب ايران عناصر اقتدارها" وقال، ان الاميركيين بارتعابهم من عناصر اقتدار الشعب الايراني يخشون المجيء الى الامام لذا فانهم يريدون عبر التفاوض نزع سلاح ايران وسلبها عناصر اقتدارها بغية ان يفرضوا على هذا الشعب كل ما يحلو لهم.

واكد قائد الثورة بان القبول بكلام اميركا في المفاوضات سيجعل الشعب يعاني من التعاسة، فيما عدم القبول سيؤدي لاستمرار اثارة الاجواء السياسية والدعائية والضغوط عليها.

ونوه الى استغلال الاميركيين لاداة حقوق الانسان وقال، لقد قتلتم نحو 300 راكب بريء في السماء (استهداف طائرة نقل الركاب الايرانية من قبل الفرقاطة الاميركية فينسنس فوق مياه الخليج الفارسي عام 1987 واستشهاد كل ركابها وطاقمها) وترتكب الجرائم باستمرار في اليمن بدعمها للسعوديين.

واكد قائد الثورة بان الشعب الايراني بمضيه في الطريق الذي رسمه الاسلام والثورة والامام ، سيحقق اهدافه القيمة والجذابة اي تحقيق العزة والرخاء المادي والتقدم في العلم والاستقرار والامن الاجتماعي.

*ايجاد التحول في السلطة القضائية

وفي مستهل اللقاء اشاد قائد الثورة الاسلامية بشخصية الشهيد المظلوم آية الله بهشتي بصفته المؤسس لجهاز القضاء في الجمهورية الاسلامية الايرانية وقال، ان الشهيد بهشتي كان انسانا صاحب فكر وارادة ومنضبطا ودؤوبا ونشطا وكان نعمة كبرى بالمعنى الحقيقي للكلمة.

واعرب سماحته عن سروره للاجراء الذي اتخذه رئيس السلطة القضائية لاعداد برنامج جيد لايجاد التحول في هذه السلطة، معتبرا "التنفيذ المجدول زمنيا والشجاع والمعتمد على الاساليب المبتكرة" امرا ضروريا تماما.

واعتبر المسؤولية الاهم للسلطة القضائية في المرحلة الجديدة هي "ايجاد التحول في اطار مبادئ الاسلام والقرآن والدستور" واضاف، ان التحول يعني الاستفادة من الاساليب الاكثر تاثيرا وفاعلية وتحسين الاساليب السابقة وكذلك معالجة النقائص والثغرات والاشكاليات.

واعرب عن امله بتحقق التحول في السلطة القضائية في المرحلة الجديدة واضاف، انه ينبغي البدء بتنفيذ الوثيقة الجاهزة بلا تاخير.

واشار الى المسؤوليات الواسعة للسلطة القضائية في الدستور ومكانتها المهمة واضاف، ان احياء الحقوق العامة التي تشمل نطاقا واسعا من الاقتصاد والامن حتى الصعيد الدولي" و"نشر العدل والحريات المشروعة" و"الحيلولة دون وقوع الجريمة" و"الاشراف على حسن تنفيذ القانون" تعد من ضمن المسؤوليات المهمة التي تتطلب تنفيذها اساليب حديثة ومبتكرة وكوادر كفوءة.

واكد قائد الثورة الاسلامية على "المكافحة الصارمة للفساد" داخل مجموعة السلطة القضائية وخارجها، معتبرا ان الاولوية هي لمكافحة الفساد داخل السلطة.

واكد ضرورة الا يؤدي توجيه الاتهامات الباطلة للسلطة القضائية الى التاثير سلبيا على عزمها وارادتها ونشاطها، ولفت الى الاهمية الفائقة لكيفية الصورة المرسومة عن السلطة القضائية واضاف، انه ينبغي العمل في هذا المجال بمنتهى الحذر واليقظة لانه من المحتمل ان تؤدي بعض الاحداث الى تشويه الصورة الحقيقية لسلطة قضائية جيدة اي النزاهة والصدقية والعدالة وتظهرها على العكس مما هي.