
emamian
الإمام السجاد (عليه السلام) يجانب طريق الجهاد العلني حفظاً للإسلام
إنّ الحديث عن الإمام السجّاد عليه السلام وكتابة سيرته عمل صعب، لأنّ أساس تعرّف الناس إلى هذا الإمام تمّ في أجواء غير مساعدة إطلاقاً. ففي ذهن أغلب كتّاب السيرة والمحلّلين أنّ هذا الإنسان العظيم قد انزوى للعبادة ولم يكن له أي تدخّل في السياسة. حتّى أنّ بعض المؤرّخين وكتّاب السيرة ذكروا هذه المسألة بشكل صريح. أمّا الّذين لم يقولوا هذا الأمر بصراحة فإنّ مفهومهم عن حياة الإمام السجّاد عليه السلام ليس سوى هذا الأمر.
وهذا المعنى موجود في الألقاب الّتي تُنسب إليه والتعابير الّتي يطلقها الناس عليه. كما يطلق عليه بعض الناس لقب "المريض"، في حين أنّ مرضه لم يستغرق أكثر من عدّة أيّام في واقعة عاشوراء. ومن الطبيعيّ أنّ كلّ إنسان يمرض في حياته عدّة أيّام. وإن كان مرض الإمام للمصلحة الإلهيّة حتّى لا يُكلّف هذا العظيم بالدفاع والجهاد في سبيل الله في تلك الأيّام، ويبقى حيّاً بعد والده لمدّة 35 أو 34 سنة، ليستطيع في المستقبل أن يحمل الحمل الثقيل للأمانة والإمامة على عاتقه.
ويظنّ بعض الناس أنّ الإمام فيما لو أراد أن يقاوم نظام بني أميّة لكان ينبغي أن يرفع راية المقاومة العسكرية، أو أن يلتحق بالمختار، أو عبد الله بن حنظلة، أو أن يقودهما معلناً بذلك المقاومة المسلّحة بكلّ وضوح. لكنّنا نفهم من خلال النظر إلى ظروف زمان الإمام السجاد عليه السلام أن هذا ظنٌّ خاطئ. وذلك بالالتفات إلى هدف الأئمّة عليهم السلام .
لو قام الأئمّة عليهم السلام ومن جملتهم الإمام السجّاد عليه السلام في تلك الظروف بمثل هذه التحرّكات العلنية والسلبية، فباليقين لما بقي للشيعة باقية. ولما بقيت الأرضية لاستمرار ونموّ مدرسة أهل البيت ونظام الولاية والإمامة فيما بعد.
لهذا نجد أنّ الإمام السجّاد عليه السلام في قضيّة المختار لم يعلن التعاون معه. وبالرغم مما جاء في بعض الروايات عن ارتباطٍ سريّ بينهما، إلاّ أنّه ودون شكّ لم يكن ارتباطاً علنياً. حتّى قيل في بعض الروايات إنّ الإمام السجّاد عليه السلام كان يذمّ المختار. ويبدو هذا الأمر طبيعياً جداً من ناحية التقيّة. وذلك حتّى لا يُشعر بوجود أيّ ارتباط بينهما. مع العلم بأنّ المختار فيما لو انتصر فإنّه بالتأكيد كان سيعطي الحكومة لأهل البيت عليهم السلام. ولكن في حال هزيمته، ومع وجود أدنى ارتباط واضح وعلنيّ؛ لكانت النّقمة شملت وبشكل قطعيّ الإمام السجّاد عليه السلام وشيعة المدينة واجتثّت جذور التشيّع أيضاً. لأجل ذلك لم يُظهر الإمام عليه السلام أيّ نوع من الارتباط العلنيّ به.
نحن نشاهد بعد صلح الإمام الحسن عليه السلام ، الّذي وقع في السنة الأربعين للهجرة، أنّ أهل البيت لم يلتزموا البقاء داخل البيت والاقتصار على بيان الأحكام الإلهيّة. بل نجد منذ أوّل أيّام الصلح أنّ برنامج كلّ الأئمّة عليهم السلام كان يقوم على تهيئة المقدّمات لإقامة الحكومة الإسلامية بحسب النهج الّذي يرونه. وهذا ما نلاحظه بوضوح في حياة الإمام المجتبى عليه السلام وكلماته.
وفيما بعد وصل الدور إلى الإمام الحسين عليه السلام حيث تابع ذلك المنهج نفسه في المدينة ومكّة ومناطق أخرى حتّى هلك معاوية وجرت واقعة كربلاء.
عندما استشهد الإمام الحسين عليه السلام في واقعة كربلاء، وأسر الإمام السجّاد عليه السلام وهو في تلك الحالة من المرض، بدأت في الحقيقة منذ تلك اللحظة مسؤولية الإمام السجّاد عليه السلام.
أنّ الإمام السجّاد عليه السلام كان يسعى لأجل تحقيق ذلك الهدف الّذي كان يسعى لأجله الإمام الحسن والإمام الحسين عليهما السلام(1)
غير أن الإمام زين العابدين علي بن الحسين (عليه السلام) بعد حادثة عاشوراء وجد نفسه يقف أمام مفترق طريقين(:
إما أن يعمد إلى دفع أصحابه نحو حركة عاطفية هائجة، ويدخلهم في مغامرة، لا تلبث شعلتها بسبب عدم وجود المقومات اللازمة فيهم أن تخمد وجذوتها أن تنطفئ، وتبقى الساحة بعد ذلك خالية لبني أمية، يتحكّمون في مقدّرات الأمة فكرياً وسياسياً.. أو أن يسيطر على العواطف السطحية والمشاعر الفائرة، ويعد المقدمات للعملية الكبرى، المقدمات المتمثلة في الفكر الرائد والطليعة الواعية الصالحة لإعادة الحياة الإسلامية إلى المجتمع، وأن يصون حياته وحياة المجموعة الصالحة لتكون النواة الثورية للتغيير المستقبلي، ويبتعد عن أعين بني أمية، ويواصل نشاطه الدائب على جبهة بناء الفكر وبناء الأفراد.
وبذلك يقطع شوطاً على طريق الهدف المنشود، ويكون الإمام الذي يليه أقرب إلى هذا الهدف. فأي الطريقين يختار؟
لا شك أن الطريق الأول هو طريق التضحية والفداء، لكن القائد الذي يخطط لحركة التاريخ، ولمدى أبعد بكثير من حياته، لا يكفي أن يكون مضحّياً فقط، بل لابد أيضاً أن يكون عميقاً في فكره، واسعاً في صدره، بعيداً في نظرته، مدبّراً وحكيماً في أموره.. وهذه الشروط تفرض على الإمام انتخاب الطريق الثاني.
والإمام علي بن الحسين (عليه السلام) اختار الطريق الثاني مع كل ما يتطلبه من صبر ومعاناة وتحمّل ومشاق، وقدّم حياته على هذا الطريق (سنة 95 هجرية).
الرواية التالية (عليه السلام) تصّور حالة المجتمع الإسلامي بعد مقتل الحسين (عليه السلام)، هذه الحالة التي كانت بمثابة الأساس الذي بنى عليه الإمام السجاد خياره الثاني. يقول الإمام الصادق (عليه السلام):
(ارتدّ الناس بعد الحسين (عليه السلام) إلا ثلاثة: أبو خالد الكابلي، ويحيى بن أم الطويل، وجبير بن مطعم، ثم أن الناس لحقوا وكثروا، وكان يحيى بن أم الطويل يدخل مسجد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ويقول:" كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء").
إنها حالة الهزيمة النفسية الرهيبة التي عمّت المجتمع الإسلامي ابان وقوع هذه الحادثة. فمأساة كربلاء كانت مؤشّراً على هبوط معنويات هذا المجتمع عامة، حتى شيعة أهل البيت. هؤلاء الشيعة الذين اكتفوا بارتباطهم العاطفي بالأئمة، بينما ركنوا عملياً إلى الدنيا ومتاعها وبريقها.. ومثل هؤلاء كانوا موجودين على مرّ التاريخ، وليسوا قليلين حتى يومنا هذا.
فمن بين الآلاف من مدّعي التشيّع في زمن الإمام السجاد (عليه السلام) بقي ثلاثة فقط على الطريق.. ثلاثة فقط لم يرعبهم الارهاب الأموي ولا بطش النظام الحاكم، ولم يثن عزمهم حبّ السلامة وطلب العافية، بل ظلّوا ملبّين مقاومين يواصلون طريقهم بعزم وثبات. (2)
هنا قد يطرح سؤال وهو أنه: لماذا يقوم الإمام السجاد (عليه السلام) في مرحلة ما بعد الأسر بالاعتدال والتقية ويقضي بالدعاء والاعمال المعتدلة على التحركات الثورية والشديدة، وفي مرحلة الأسر يتصرف بشدة وقوة ووضوح؟
والجواب أن مرحلة الاسر كانت فصلاً استثنائياً، حيث كان الإمام السجاد (عليه السلام)، بمعزل عن كونه إماماً ينبغي أن يهيئ أرضية للحركة لإقامة الحكومة الإلهية والإسلامية، كان اللسان الناطق للدماء المسفوكة في عاشوراء، فالإمام السجاد (عليه السلام) لم يكن هنا في الحقيقة بل كان لسان الحسين (عليه السلام) الصامت الذي تجلّى في هذا الشاب الثوري في الشام والكوفة. فلو لم يكن الإمام السجاد (عليه السلام) شديداً وحاداً وصريحاً في بيان القضايا فلن يبقى في الحقيقة مجال لعمله المستقبلي، لأن مجال عمله المستقبلي دم الحسين بن علي (عليه السلام) الهادر، كما أن دم الحسين كان أيضاً ارضية للنهضات الشيعية في طول التاريخ.
وهكذا ينبغي أن يتم العمل أولاً على تحذير الناس. ثم في ظل هذا التحذير تبدأ المعارضة الأصولية والعميقة والبعيدة المدى. ولا يمكن أن يتحقق هذا التحذير إلاّ باللسان الحاد والشديد.
لذلك كان دور الإمام السجاد (عليه السلام) في هذه المرحلة وكذلك دور زينب (عليه السلام) هو بيان ثورة الحسين بن علي (عليه السلام) . إذ ان معرفة الناس بقتل الحسين ولماذا قتل وكيف قتل سوف تؤثر على مستقبل الإسلام ومستقبل دعوة أهل البيت(عليه السلام)، بعكس الحال فيما لو لم يعرف الناس ذلك. بناءً على هذا، فإنه ينبغي لأجل الإطلاع وتوسعة هذه المعرفة على مستوى المجتمع بذل كل ما يمكن بذله الى اقصى الحدود الممكنة. لهذا تحرك الإمام السجاد (عليه السلام) في هذا الاتجاه مثل سكينة ومثل فاطمة الصغرى ومثل زينب نفسها ومثل كل أسير (كل بقدر استطاعته). لقد اجتمعت كل هذه الطاقات حتى تنثر دم الحسين المسفوك في الغربة في كل المناطق الإسلامية التي مرّوا بها من كربلاء إلى المدينة. وحين دخل الإمام السجاد (عليه السلام) إلى المدينة كان عليه أن يبيّن الحقائق أمام العيون والأنظار الباحثة والسائلة. وقد تم ذلك في أوّل وصوله، لهذا كان هذا الفصل القصير مقطعاً استثنائياً في حياته.(3)
(1 و3) كتاب "إنسان بعمر 250 سنة" للإمام الخامنئي
(2) كتاب "قيادة الإمام الصادق" للإمام الخامنئي
كيف تعامل الإمام السجاد (عليه السلام) مع جهاز الخلافة في عصره؟
من المقاطع المهمّة في حياة الإمام السّجّاد عليه السلام طريقة تصرّفه مع جهاز الخلافة، فهل كان يتصرّف معه بطريقة اعتراضية عدائيّة، أم لا؟
باستثناء موقف الإمام السجاد عليه السلام أمام عبيد الله بن زياد ويزيد بن معاوية، لا توجد مواجهة صريحة وقاطعة ضدّ الحكم، أو تعريض به، من قبيل ما نُشاهده في حياة بعض الأئمّة الآخرين، كالإمام الصادق عليه السلام في عصر بني أميّة، أو الإمام موسى بن جعفر عليه السلام، وسببه واضحٌ، وهو أنّ مثل هذا التحرّك الشديد الّذي كان في بداية حركة الأئمّة عليهم السلام، والذي كان في المرحلة الثّالثة من المراحل الأربع للإمامة، الّتي تبدأ في حياة الإمام السّجّاد عليه السلام، سوف يُعرّض قافلة أهل البيت عليهم السلام الّتي تحمل أعباء مسؤولية الرّسالة للخطر الّذي لا يؤدّي إلى تحقيق المقصد. ففي ذلك الوقت لم يكن بستان أهل البيت، الّذي تعهّد الإمام السّجّاد عليه السلام بتربيته ورعايته وسقايته، قد استحكمت غصونه وأشجاره، بحيث يقدر على تحمّل الأعاصير الشديدة. وكما أشرت في بداية هذا البحث، فقد كان عدد المحبّين والموالين لأهل البيت عليهم السلام ممّن يُحيطون بالإمام السّجّاد عليه السلام قليلًا جدًّا، وفي ذلك العصر لم يكن من الممكن لأولئك الّذين سيتحمّلون مسؤولية التنظيمات الشّيعيّة أن يواجهوا خطر العدوّ الجائر، والّذي هدّدهم بالإبادة.
وإذا أردنا أن نُمثّل، ينبغي أن نُشبّه عصر الإمام السجّاد عليه السلام هذا، بمرحلة بدء الدّعوة الإسلاميّة في مكّة، وهي المرحلة السريّة. ولعلّه يُمكن تشبيه عصر الإمام الباقر عليه السلام بالمرحلة الثّانية في مكّة، حين أصبحت الدّعوة علنيّة. والمرحلة الّتي أتت من بعدها يُمكن تشبيهها بالمراحل اللاحقة للدّعوة، ولهذا، فإنّ المواجهة في تلك المرحلة لن تكون صحيحة.
وممّا لا شكّ فيه هو أنّه لو كانت قد صدرت عن الإمام السّجّاد عليه السلام المواجهات الحادّة التي نُلاحظها في بعض كلمات الإمام الصادق والإمام الكاظم والإمام الرضا عليهم السلام، لاستطاع عبد الملك بن مروان، الّذي كان في أوج قدرته، وبكلّ سهولة، أن يطوي بساط تعاليم أهل البيت عليهم السلام، ليبدأ العمل من جديد، فهذا لا يُعدّ عملًا عقلائيًّا يقطع به العقل. لكن على كلّ حال، يُمكن أن نُشاهد في ثنايا كلمات الإمام زين العابدين عليه السلام، والّتي ترجع على وجه الاحتمال إلى أواخر حياته الشريفة، وطيلة مدّة إمامته، إشارات أو مظاهر لتعرّضه ومواجهته لنظام الحكم[1].
تاريخ النبي وأهل البيت عليهم السلام، دار المعارف الإسلامية الثقافية
[1] أشير هنا إلى أنّ ما بحثناه في هذا الفصل هو غير ذلك التعامل المعارض للإمام السجّاد مع يزيد وجهاز خلافة آل أبي سفيان، والذي له بحثٌ آخر. وقد بحثت بشأنه في السابق الكاتب.
الأبعاد المعنوية في شخصية الإمام الحسين (عليه السلام)
البعد "العرفاني" يختزل شخصية الإمام الحسين (عليه السلام) ويمنح "عاشوراء" عظمتها وخلودها
إن من جملة عشرات بل مئات الخصائص التي تنفرد بها الأمة الإسلامية بفضل القرآن والإسلام وأهل البيت؛ هي أن لهذه الأمة قدوات كبيرة ومشرقة نصب عينيها. وللقدوات أهميتها في حياة الشعوب. فإذا ما وجد لدى أمة شخصية فيها نفحة عظمة، فإن تلك الأمة لا تنفك عن تمجيد تلك الشخصية والتغني بها وتخليد اسمها؛ من أجل توجيه المسار العام لحركة تلك الأمة في الاتجاه المتوخي لها. وقد لا يكون هناك في الواقع أي وجود حقيقي لمثل هذه الشخصية، وإنما يستقى من شخصية خيالية مطروحة في القصص والأشعار والأساطير الشعبية. وهذا كله نابع من حاجة الأمة لرؤية قدوات كبار أمام عينيها من أبنائها. وهذه الظاهرة موجودة في الإسلام على نحو وافر ومنقطع النظير. ومن جملة أكابر تلك القدوات هي شخصية أبي عبد اللَّه عليه السلام؛ إمام المسلمين وسبط الرسول، والشهيد الكبير في تاريخ الإنسانية.
إن لشخصية أبي عبد اللَّه عليه السلام أبعاداً شتَّى يستلزم كل واحد منها بياناً وتوضيحاً شاملاً. أشير ها هنا إلى أن من جملتها "الإخلاص". والإخلاص معناه، الالتزام بالواجب الإلهي وعدم إدخال المصالح الذاتية والفئوية والدوافع المادية فيه. والبعد الاخر هو "الثقة باللَّه". إذ أن ظواهر الأمور كانت تقضي بأن تلك الشعلة ستخفت في صحراء كربلاء. ولكن كيف يرى ذلك الفرزدق الشاعر في حين لم يكن يراه الحسين؟! ويراه الناصحون القادمون من الكوفة، ولا يراه الحسين بن علي الذي كان عين اللَّه؟! لقد كانت ظواهر الأمور توحي بهذا المآل، إلاَّ أن الثقة باللَّه كانت توجب عليه اليقين رغم كل هذه الظواهر بأن الغلبة ستكون لكلامه الصادق ولموقفه الحق. وجوهر القضية هو أن تتحقق نيَّة المرء وغايته. والإنسان المخلص لا تهمه ذاته فيما إذا تحققت الغاية التي يرمي اليها.
رأيت ذات مرة أحد أكابر أهل السلوك والمعرفة كتب في رسالة: أننا إذا افترضنا على سبيل المحال أن كل الأعمال التي كان رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم يطمح إلى تحقيقها قد تحققت، ولكن باسم شخص اخر، فهل كان ذلك يغيظ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم؟ وهل كان قد يقف منها موقفاً سلبياً ما دامت باسم شخص اخر، أو أنه يقف منها موقفاً إيجابياً بدون الالتفات إلى الاسم الذي تتحقق على يده؟ إذن فالغاية هي المهمة، والإنسان المخلص لا يأبه كثيراً بالشخص وبالذات وبالأنا، باعتباره إنساناً مخلصاً وله ثقة باللَّه، بأن الباري تعالى سيحقق هذا الهدف؛ لأنه تعالى قال: "إن جندنا لهم الغالبون" فالكثير من الجنود الغالبين يخرُّون صرعى في ميادين الجهاد، إلاَّ أنه تعالى قال في الوقت ذاته: "إن جندنا لهم الغالبون".
أما البعد الثالث فهو إدراك الموقف، وعدم الوقوع في الخطأ في اتخاذ. فقد كان الإمام الحسين عليه السلام متصدياً لزمام المسؤولية والإمامة مدة عشر سنوات، مارس خلالها نشاطات أخرى ليست من طراز الفعل الاستشهادي في كربلاء. ولكن بمجرد أن سنحت له الفرصة للإتيان بعمل كبير استغلَّ تلك الفرصة ووثب وتمسَّك بها، ولم يدعها تفلت من بين يديه.
الشهادة والعرفان
لشخصية الإمام الحسين عليه السلام الباهرة، بعدان اخران: بعد الجهاد والشهادة والإعصار الذي أحدثه على مدى التاريخ. وسيبقى هذا الإعصار على ما يتَّسم به من بركات مدوياً على مدى الدهر. وأنتم مطَّلعون على هذا البعد الأول. أما البعد الاخر فهو بعد معنوي وعرفاني. ويتجلَّى هذا البعد في دعاء عرفة بشكل واضح وعجيب. وقلَّما يوجد لدينا دعاء يحمل هذه اللوعة والحرقة والانسياق المنتظم في التوسُّل إلى اللَّه والابتهال إليه بالفناء فيه. إنه حقاً دعاء عظيم.
ثمَّة دعاء اخر ليوم عرفة ورد في الصحيفة السجادية عن نجل هذا الإمام العظيم. كنت في وقت أقارن بين هذين الدعائين. فكنت أقرأ أولاً دعاء الإمام الحسين، وأقرأ من بعده الدعاء الوارد في الصحيفة السجادية. وقد تبادر إلى ذهني مرات عديدة أن دعاء الإمام السجادعليه السلام يبدو وكأنه شرح لدعاء يوم عرفة. فالأول أي دعاء الحسينعليه السلام في يوم عرفة هو المتن والثاني شرح له. وذاك أصل وهذا فرع. دعاء عرفة دعاء مذهل حقاً. وفي خطابه عليه السلام الذي ألقاه على مسامع كبار شخصيات عصره وأكابر المسلمين التابعين في منى تجدون نفس تلك النغمة والنفس الحسيني المشهود في دعاء عرفة. ويبدو أن خطابه ذلك كان في تلك السنة الأخيرة، أو ربما في سنة أخرى غيرها. لا استحضر ذلك حالياً في ذهني، لكنه مسطور في كتب التاريخ والحديث.
إذا نظرنا إلى واقعة عاشوراء وأحداث كربلاء؛ فمع أنها ساحة قتال وسيف وقتل، لكنكم ترون الحسين عليه السلام يتكلم ويتعامل بلسان الحب والرضا والعرفان مع اللَّه تعالى. اخر المعركة حيث وضع خده المبارك على تراب كربلاء اللاهبة، تراه يقول: "إلهي رضاً بقضائك وتسليماً لأمرك". وكذا حين خروجه من مكة يقول: "من كان باذلاً فينا مهجته وموطناً على لقاء اللَّه نفسه، فليرحل معنا". كل قضية كربلاء ترون فيها وجه العرفان والتضرُّع والابتهال. اقترن خروجه ذاك بالتوسل والمناجاة وأمنية لقاء اللَّه. وبدأ بذلك الاندفاع المعنوي المشهور في دعاء عرفة، إلى أن انتهى به المطاف في اللحظة الأخيرة، إلى حفرة المنحر حيث قال: "ورضاً بقضائك".
معنى هذا أن واقعة عاشوراء تعدّ بحد ذاتها واقعة عرفانية. ومع أنها امتزجت بالقتال والقتل والشهادة والملحمة ـــــ وملحمة عاشوراء صفحة رائعة بشكل يفوق التصور ــــ ولكن إن نظرتم إلى عمق نسيج هذه الواقعة الملحميَّة لرأيتم معالم العرفان والمعنوية والتضرع، وجوهرية دعاء عرفة. إذن فهذا هو البعد الاخر في شخصية الإمام الحسينعليه السلام، وهو ما ينبغي أن يكون موضع اهتمام إلى جانب البعد الأول المتمثل بالجهاد والشهادة.
القضية التي أود الإشارة إليها؛ هي أنه يمكن القول قطعاً أن هذا الاندفاع المعنوي والعرفان؛ والابتهال إلى اللَّه والفناء فيه؛ وعدم رؤية الذات أمام إرادته المقدَّسة، هو الذي أضفى على واقعة كربلاء هذا الجلال والعظمة والخلود. أو بعبارة أخرى، أن البعد الأول ــــ أي بعد الجهاد والشهادة ــــ جاء كحصيلة ونتاج للبعد الثاني. أي نفس تلك الروح العرفانية والمعنوية التي يفتقد إليها الكثير من المؤمنين ممن يجاهدون وينالون الشهادة بكل ما لها من كرامة؛ نفس تلك الروح العرفانية والمعنوية تجدها في شهادة أخرى نابعة من روح الإيمان؛ ومنبثقة من قلب يتحرق شوقاً؛ وصادرة عن روح متلهفة للقاء اللَّه، ومستغرقة في ذات اللَّه. هذا اللون الاخر من المجاهدة له طعم ونكهة أخرى، ويضفي أثراً اخر على التكوين.
* "الأبعاد المعنوية في شخصية الإمام الحسين(ع)" ــ كتاب "الثورة الحسينية خصائص ومرتكزات" للإمام الخامنئي
ملامح من السيرة المباركة للإمام الحسين (عليه السلام)
وُلد الإمام الحسين عليه السلام في الثالث من شهر شعبان بالمدينة، سنة أربع من الهجرة، في المدينة المنوّرة، وأبوه أمير المؤمنين عليه السلام، وأمّه السيّدة فاطمة الزهراء عليها السلام. ونشأ الإمام بين والديه نشأة طيّبة مملوءة بالإيمان والتقوى، وتربّى بين يدي الإمام عليّ عليه السلام والسيّدة الزهراء عليها السلام أكمل تربية.
وتسلّم الإمام الحسين عليه السلام الإمامة بعد شهادة أخيه الإمام الحسن عليه السلام. وقد استمرّت إمامته عشر سنوات تقريباً.
ومن ألقابه: السيّد، الطيّب، الوفيّ، المبارك، النافع، الدليل على ذات الله، السبط، التابع لمرضاة الله، وكنيته أبو عبد الله.
وكان للإمام الحسين عليه السلام ستّة أولاد: علي بن الحسين زين العابدين، كنيته أبو محمد، وأمّه شاه زنان بنت كسرى يزدجرد، وعلي الذي استشهد في كربلاء، وأمّه ليلى بنت أبي مرّة الثقفيّة، وجعفر بن الحسين، وأمّه قضاعية وتوفّي في حياة الإمام الحسين عليه السلام.
وعبد الله بن الحسين وهو الرضيع الذي ذبح في كربلاء، وسكينة بنت الحسين، وأمّهما الرباب بنت امرئ القيس بن عدي، وهي أم عبد الله بن الحسين، وفاطمة بنت الحسين، وأمّها أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله[1].
وكان من أصحابه عليه السلام تلك الثلّة المؤمنة التي استشهدت معه في كربلاء، ومن غيرهم أيضاً: أنس بن الحارث الكاهلي، جعيد الهمداني، سيف بن مالك، سوار بن المنعم بن الحابس، ضرغامة بن مالك، قيس بن مسهّر الصيداوي[2].
وقد أوصى قبل شهادته المباركة بالإمامة والوصاية لابنه الإمام السجاد علي بن الحسين عليه السلام[3].
أمّا شهادته المباركة فكانت يوم السبت العاشر من المحرّم، سنة إحدى وستّين من الهجرة بعد صلاة الظهر في كربلاء العراق مظلوماً ظمآن صابراً محتسباً، وله يومئذٍ ثمان وخمسون سنة، ودُفن في كربلاء المقدّسة.
مكارم أخلاقه وعبادته
واتّصف الإمام عليه السلام بفضائل الأخلاق وأرفعها. وكان حريصاً على خدمة الناس وتقديم العون والمدد لهم كما فعل مع ذلك الأعرابيّ الذي عجز عن أداء دية كانت عليه، فدفعها إليه الإمام[4].
وكان عليه السلام إذا توضّأ تغيّر لونه وارتعدت مفاصله، فقيل له في ذلك فقال: "حقّ لمن وقف بين يدي الملك الجبّار أن يصفرّ لونه وترتعد مفاصله"، وسأله رجل فقال له: ما أعظم خوفك من ربّك، قال: "لا يأمن يوم القيامة إلّا من خاف الله في الدنيا"[5].
مكانة الإمام الحسين عليه السلام وفضله
لقد امتاز الإمام الحسين عليه السلام بمكانة خاصة عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتّى قال فيه جدّه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "حسين منّي وأنا من حسين أحبّ الله من أحبّ حسيناً. حسين سبط من الأسباط"[6].
وكان الناس يهابون الإمام الحسين عليه السلام، فقد روى إبراهيم بن الرافعي، عن أبيه، عن جدّه قال: رأيت الحسن والحسين عليهما السلام يمشيان إلى الحجّ، فلم يمرّا براكب إلا نزل يمشي، فثقل ذلك على بعضهم فقالوا لسعد بن أبي وقاص: قد ثقل علينا المشي، ولا نستحسن أن نركب وهذان السيدان يمشيان، فقال سعد للحسن عليه السلام: يا أبا محمّد، إنّ المشي قد ثقل على جماعة ممّن معك، والناس إذا رأوكما تمشيان لم تطب أنفسهم أن يركبوا، فلو ركبتما، فقال الحسن عليه السلام: "لا نركب، قد جعلنا على أنفسنا المشي إلى بيت الله الحرام على أقدامنا، ولكنّنا نتنكّب الطريق، فأخذا جانباً من الناس"[7].
دروس تمهيدية في سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم والأئمة المعصومين عليهم السلام، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
[1] الشيخ المفيد، محمد بن النعمان، الإرشاد، ج2، ص135، الشيخ الطبرسي، الفضل بن الحسن، تاج المواليد، ص34.
[2] الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، رجال الطوسي، ص99، وللاطلاع أكثر يراجع كتب علم الرجال.
[3] الشيخ الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج2، ص302، باب الإشارة والنص على علي بن الحسين عليه السلام.
[4] الشيخ عبد الله البحراني، العوالم (الإمام الحسين)، تحقيق ونشر: مدرسة الإمام المهدي، قم، 1407هـ، ص61.
[5] ابن شهر آشوب، محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب، ج3، ص225.
[6] الشيخ المفيد، محمد بن النعمان، الإرشاد، ج2، ص127.
[7] م.ن.
شاهد.. طرد الوفد الإسرائيلي من القمة الأفريقية بأديس أبابا وتل أبيب تندد وتتهم دولتين
رئيس وزراء فلسطين محمد اشتية يتوسط رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي (يمين) والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)
أفاد مراسلون في أديس أبابا بأن وفدا إسرائيليا برئاسة شارون بارلي، نائبة مدير دائرة أفريقيا في الخارجية الإسرائيلية، حاول المشاركة اليوم السبت في الجلسة الافتتاحية للقمة الأفريقية، لكن اعتراض دول أفريقية منع الوفد من ذلك.
وقال المراسل إن وفدي الجزائر وجنوب أفريقيا اعترضا على مشاركة الوفد الإسرائيلي، مما استدعى تدخل أجهزة الأمن لتطلب من الوفد الإسرائيلي مغادرة القاعة.
وأظهرت لقطات مصورة مسؤولين عن التنظيم وحراس أمن يطلبون من رئيسة الوفد المغادرة قبل أن يرافقوها إلى خارج القاعة التي تعقد فيها القمة.
ووقعت حادثة الطرد مع انطلاق أعمال القمة 36 لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقي في العاصمة الإثيوبية، تحت شعار "تسريع تنفيذ منطقة التجارة الحرة الأفريقية القارية".
وحين طُرد الوفد الإسرائيلي كان رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتيه موجودا في القاعة يتوسط رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
ويشارك في الاجتماع 35 رئيس دولة و4 رؤساء حكومات على الأقل، حسب الحكومة الإثيوبية.
إسرائيل غاضبة
وقد أعربت الخارجية الإسرائيلية عن غضبها الشديد، وقالت في بيان إن الوفد الرسمي الإسرائيلي عومل بطريقة فظة.
واتهمت تل أبيب الجزائر وجنوب أفريقيا اتهاما مباشرا بالوقوف وراء الحادثة، مشيرة إلى أن الاتحاد الأفريقي رهينة بيد دول تحركها الكراهية، وفق تعبيرها.
وردا على هذا الاتهام، قال فنسينت ماغوينيا المتحدث باسم رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا إن على إسرائيل تقديم أدلة تثبت صحة ادعاءاتها، في وقت لم يصدر فيه بيان فوري من الجزائر ردا على الاتهام.
من جهتها، قالت إيبا كالوندو المتحدثة باسم رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي إن الدبلوماسية أُخرجت من القاعة لأنها ليست السفيرة الإسرائيلية المعتمدة لدى إثيوبيا، وهي المسؤولة التي كان من المتوقع حضورها.
وأوضحت كالوندو أن الاتحاد الأفريقي وجّه دعوة لسفير إسرائيل لدى الاتحاد أليلي أدماسو، وقالت إن هذه الدعوة لا يمكن أن يستخدمها أي شخص آخر، مشيرة إلى أن "من المؤسف أن الشخص المعني أساء استخدام هذه البادرة".
وكانت إسرائيل حصلت على صفة مراقب في الاتحاد الأفريقي عام 2021، وعارضت الخطوة دول بينها جنوب أفريقيا والجزائر اللتان قالتا إن ذلك يتعارض مع مواقف الاتحاد الداعمة للفلسطينيين. كما طالب الفلسطينيون بسحب صفقة مراقب من إسرائيل.
والعام الماضي علق الاتحاد الأفريقي بالإجماع قرار منح صفة مراقب لإسرائيل، وأعلن تشكيل لجنة لبحث الأمر.
المصدر : الجزيرة + وكالات
إنطلاق الدورة ال 39 لمسابقات القرآن الكريم الدولية في طهران
كتاب واحد وأمة واحدة، شعار حملته النسخة التاسعة والثلاثين لمسابقات إيران الدولية للقرآن الكريم، والتي افتتحت في العاصمة الإيرانية طهران، تزامنا مع ذكرى المبعث النبوي الشريف.
مسابقات تحمل معان أكثر من مجرد منافسات وجوائز مادية، مسابقات تعمل على إرساء أهم الأهداف المحمدية، والدعوة السماوية من وحدة للأمة الاسلامية ونبذ للتفرقة والفتنة، والدعوة إلى أصل الخلقة وهو الحرية من كل القيود والعبودية للخالق، والتسليم له.
وقال محمد باقر قاليباف رئيس البرلمان الإيراني:'إن أساس النظام والثورة الإسلامية هو الاستقلال والحرية ومحاربة الظلم، ومن الطبيعي أن يعمل الظالمون على الوقوف في مواجهة الثورة الإسلامية'.
المسابقات تستمر حتى الثاني والعشرين من الشهر الجاري، وتتضمن انطلاق نهائيات الدورة الحالية، والتي من المقرر أن يشارك فيها اثنين وخمسين متسابقا، بين قارئ ومرتل وحافظ لكامل القرآن الكريم، من الذكور والإناث من ثلاثة وثلاثين دولة، يحتكمون أمام اثنين وثلاثين حكما وحكمة.
وكانت المرحلة التمهيدية أقيمت في الفترة ما بين الثالث عشر والسابع عشر من الشهر الماضي، بطريقة الكترونية. تم خلالها تقييم أداء نحو مئة وخمسين متسابقا.
الذنوب الموجبة لحبط الأعمال في القرآن
بغضّ النظر عن النقاشات التي وردت حول هذا البحث، فقد ورد في القرآن الكريم ذنوب متعددة توجب حبط العمل، أي من آثارها حبط الأعمال، نذكر منها:
1- الإرتداد عن الإسلام:
قال الله تعالى: (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (البقرة/ 217).
فالإرتداد عن الدين يحبط ما سبق وما لحق، والآية -كما هو واضح- مشروطة بالموت على الكفر أولئك حبطت أعمالهم شرط في الإحباط الموت، هذا يعني أنه إذا لم يمت على الكفر، بل تاب قبل موته لم تحبط أعماله.
2- الشِّرك المقارن بالعمل:
قال الله تعالى: (مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ) (التوبة/ 17).
كان المشركون يزعمون أنّ العمل الصالح بنفسه موجب للثواب، غير أنّ القرآن ألغى هذه الفكرة، وصرّح بأنّ الثواب إنما يترتب على العمل الصالح، إذا صدر من فاعل مؤمن، ولأجل ذلك أتبع الآية بقوله: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ...) (التوبة/ 18).
3- مجادلة الرسول ومشاقته:
قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ) (محمد/ 32).
إنّ هذه العوامل إمّا هي عوامل مستقلة في الإحباط أي الكفر والصدّ عن سبيل الله تعالى ومشاقة الرسول (ص)، وإمّا هي ترجع إلى عامل واحد وهو الكفر.
وفي بعض الروايات، فسّر معنى المشاقة بما نقل عن أمير المؤمنين (ع): "وشاقوا الرسول"، أي قطعوه في أهل بيته بعد أخذه الميثاق عليهم له.
4- قتل الآمرين بالقسط من الناس:
قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ) (آل عمران/ 21-22).
5- إساءة الأدب مع النبيّ (ص):
قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) (الحجرات/ 2).
قد يفهم أنّ رفع الصوت ليس عاملاً مستقلاً في الإحباط، وبالتالي يكشف عن كفر الذين يرفعون أصواتهم فوق صوته (ص) لأنّ الآية تخاطبهم بـ (يا أيُّها الّذين آمنوا) والتي لا يفهم منها شأنية الإيمان، بل فعليته.
فالذي يوجب إحباط العمل هو الإساءة إلى النبيّ (ص) التي تعتبر هتكاً في نظر العامّة وتنزيلاً من شأنه (ص) في أوساط المسلمين، كما هو الظاهر، من أسباب النزول التي ذكرت للآية الكريمة.
المصدر: كتاب أسوار الأمان (صيانة المجتمع من الانحراف على ضوء سورة الحجرات)
هذا النشاط يجعل طفلك أقل عرضة للإصابة بنزلات البرد!
قد يكون الأطفال الذين يتحركون كثيرا ويركضون أكثر من غيرهم أقل عرضة للإصابة بالسعال ونزلات البرد.
العالم - منوعات
وبحسب ما ورد في صحيفة “ديلي ميل” Daily Mail البريطانية، تشير دراسة أجريت على 104 أطفال تتراوح أعمارهم بين 4 و7 سنوات إلى أن ممارسة التمارين الرياضية بانتظام قد تمنع الإصابة بالزكام.
وارتدى الأطفال شارة تعقب اللياقة البدنية لمدة 40 يوما لقياس خطواتهم اليومية ونوع النشاط البدني، وقام آباؤهم بملء استبيان يومي لمدة 60 يوما حول أعراض السعال والعطس والتهاب الحلق وسيلان الأنف وانسدادها والتعب. ومقابل كل 1000 خطوة إضافية يتخذها الأطفال يوميا، انخفض الوقت الذي يقضونه مع أعراض المرض بأكثر من أربعة أيام.
وخلصت الدراسة، التي قادتها “جامعة وارسو” الطبية ونشرت في مجلة Pediatric Research، إلى: “من خلال الاتصال بالبيئة الطبيعية وفرص التنشئة الاجتماعية، يستفيد الأطفال من التعرض لأشعة الشمس والعناصر الطبيعية والهواء الطلق، وكل ذلك يساهم في تقوية جهاز المناعة”.
ومن الطبيعي أن يصاب الأطفال دون سن الخامسة بما يصل إلى 12 عدوى في الجهاز التنفسي العلوي، مثل نزلات البرد، في عام واحد.
وهذا بسبب وجود مئات الفيروسات المختلفة والأطفال الصغار لم يصابوا بأي منها من قبل، لذلك ليس لديهم مناعة.
وتتحسن معظم نزلات البرد في غضون خمسة إلى سبعة أيام، ولكن قد يستغرق الأمر ما يصل إلى أسبوعين عند الأطفال الصغار. ويبنون المناعة تدريجيا، مع انخفاض المعدل عند بدء الدراسة الابتدائية.
وتشير الدراسة الجديدة إلى أن أطفال ما قبل المدرسة الذين لديهم مستويات عالية من الحركة والنشاط اليومي قد يكونون أقل عرضة للإصابة بعدوى الجهاز التنفسي العلوي.
وكان الأطفال الذين لا يمارسون الحركة بانتظام يعانون من أعراض أكثر حدة من التهابات الجهاز التنفسي العلوي عندما يقومون بخطوات يومية أقل.
وهناك حاجة إلى مزيد من البحث، مع عدد أكبر من الأطفال، لكن معدّي الدراسة يشيرون إلى أن مستويات النشاط البدني المرتفعة يمكن أن تعزز استجابات مناعية أفضل لدى الأطفال الصغار.
ويجب أن يقضي أطفال ما قبل المدرسة ثلاث ساعات على الأقل يوميا في ممارسة الحركة والنشاط البدني، بما في ذلك اللعب في الهواء الطلق، حسب خبراء الصحة. ويجب ألا يبقى الأطفال في هذا العمر غير نشطين لفترات طويلة، إلا عندما يكونون نائمين.
قائد الثورة : دفاعنا عن فلسطين وراء لجوء العدو للتخويف من ايران
أكد قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي الخامنئي، أن ايران في تبيين الحقائق لاتخشى أحدا وندافع عن الشعب الفلسطيني بشتى الطرق حيث أدى ذلك الى لجوء العدو للتخويف من ايران.
جاء ذلك لدى استقبال قائد الثورة الاسلامية السيد علي الخامنئي اليوم السبت، لسفراء وممثلي الدول الاسلامية في طهران وضيوف المسابقات الدولية للقرآن الكريم وذلك بالتزامن من مناسبة البعثة النبوية الشريفة.
وتقدم قائد الثورة الاسلامية بالتهاني للشعب الايراني والامة السلامية بمناسبة حلول عيد البعثة النبوية الشريفة، مشيرا الى أن بعثة النبي الاعظم ( صلّى الله عليه وآله وسلم) هدية كبرى وهبها الله المتعال الى كافة البشر وهي لاتضاهيها نعمة.
وشدد سماحته أن ثمة ألاف المضامين الممتازة في القرآن الكريم وتعاليم الدين الاسلامي الحنيف، جاءت بها البعثة النبوية الينا، وبعضنا نحن المسلمون لانعرف اصلا هذه المضامين والبعض الآخر ينكرها ويكفر بهذه الهدايا الإلهية العظيمة، وفينا من يتفاخر بها ولكن لايعمل بها وهذا أدى الى أن العالم الاسلامي يواجه الفرقة والتخلف والوهن العلمي والعملي.
وأستطرد أن عصرا ما المسلمون وعبر أنصاف العمل بهذه المضامين ليس بشكل كامل، تمكنوا من ايجاد كبرى حضارات عصرهم منوها الى أن نقاط الضعف الموجودة في العالم الاسلامي من الممكن معالجتها عبر الرجوع الى هذه المضامين المهداة من الله عبر البعثة.
وأعتبر سماحته أن القضية الفلسطينية من نقاط الضعف والجروح الهامة للأمة الاسلامية، مبيّنا أن شعبا وبلدا وأمام مرأى العالم الاسلامي يواجهان ظلما متواصل ويومي عبر الكيان المتوحش الخبيث بالمقابل فان البلدان الاسلامية وبالرغم من كل هذه الامكانيات والثروات والقدرات تكتفي بالمشاهدة بل بعضها مؤخرا بات يتواءم مع هذا الكيان المتعطش للدماء.
وأضاف سماحته أن استضعاف مثل هذه الدول جاء نتيجة الصمت ازاء الجرائم والتناغم مع الصهاينة، بل وصل الوضع حدا أن اميركا وفرنسا وعدد من الدول الاخرى ترى من حقها التدخل في شؤون العالم الاسلامي في الوقت الذي تعاني هي في حل مشاكلها وادارة بلدانها.
وأردف أذا الحكومات الاسلامية ومنذ اليوم الاول انصتت للمصلحين ومنهم علماء النجف الاشرف، ووقفت بقوة أمام الكيان الغاصب، لكان وضع غرب آسيا مغايرا والامة الاسلامية اكثر اتحادا وأقوى بكافة الجوانب.
وأضاف القائد، أن الجمهورية الاسلامية اليوم تبيّن صراحة وعلانية لسان حال الشعب الفلسطيني المسلم المظلوم، وبدورنا لانحابي أحدا ونقول الحقيقة بصوت عال، وندافع عن الشعب الفلسطيني ونعلن عن ذلك، ندافع عن فلسطين بشتى الطرق وهذا أدى الى أن الاعداء يركزون على التخويف من ايران.
وأعرب السيد الخامنئي عن أسفه، لبعض الحكومات التي عليها مساعدة الشعب الفلسطيني تتناغم مع أعداء الاسلام في التخويف من ايران.
ونوه سماحته الى وقوع الزلزال الاخير في تركيا وسوريا داعيا المسلمين الى التعاون والتضامن بالمعني الحقيقي للكلمتين، مشددا على أن كافة اجزاء الامة الاسلامية بحاجة للتعاون مع بعضها. فقد حدث الزلزال المدمر في سوريا وتركيا وهو حادث صعب ويتعلق بكافة المسلمين الذين عليهم استشعار الألم والمشقة.
وأعتبر السيد الخامنئي أن العودة لتعاليم البعثة النبوية والاتحاد والتآخي بين المسلمين والتعاون الحقيقي وليس الصوري بين الدول الاسلامية طريق حل مشاكل الامة الاسلامية مختتما خطابه بالتجديد بالتأسف والألم تجاه ضحايا ومصابي زلزال تركيا وسوريا.
وشدد سماحته على أهمية أن تضع الأمة الاسلامية تحت اي ظرف نصب عينها القضايا السياسية مثل فلسطين والتدخلات الاميركية.
صوت الشعب... هل سمعه الأعداء
أکد قائد الثورة الإسلاميّة، «آیة الله سید علی خامنئي» في لقاءه مع أهالي محافظة أذربيجان الشرقيّة: «صوت الشعب يتغلّب على الآخرين في ذكرى انتصار الثورة الإسلاميّة، رسالة الشعب في «22 بهمن» الدعم الكامل للثورة والجمهورية الإسلامية».
أكثر من أربعة عقود مرّت على نشأة الجمهورية الثورة الإسلاميّة الإيرانية. لأكثر من 44 عامًا وأعداءها يحاولون منع تقدمها في کافة المجالات، وکذلک يحاولون الإطاحة بها ورغم محاولاتهم المشؤومة، إزدادت الجمهورية الثورة الإسلاميّة قوة وتقدماً يوماً بعد يوم ومستمرة في تقدمها في کافة المجالات والأصعدة بلا هوادة.
كثير من الناس يتساءلون ما سر إستقرار الجمهورية الثورة الإسلاميّة واستمرارها؟ مما لا شك فيه أن عوامل كثيرة ساهمت في استقرار الجمهورية الثورة الإسلاميّة في إيران واستمرارها، منها القيادة الحكيمة لمفجر الثورة الثورة الإسلاميّة الإمام الخميني(ره) وقائدها آیة الله سید علی خامنئي، وجهود المسؤولين وجديتهم، وتفاني القوات المسلحة، قوات الجيش وقوات حرس الثورة الثورة الإسلاميّة وقوات الباسيج والعامل الرئيسي هو التواجد المستمر للشعب الایرانی في المیدان، وهو ما أكد علیه قائد الثورة دائمًا.
وأعرب سماحته في لقاءه مع الآلاف من أهالي مدینة تبريز بمحافظة أذربيجان الشرقيّة يوم أمس، عن تقدیره وأجلاله للشعب الإيراني العظيم في جعله الثاني والعشرين من شهر بهمن ملحمة تاريخية هذا العام وقال: «هذه الملحمة الحقيقية والمفعمة بالحماسة والمليئة بالمضمون هي نتيجة تجنب الشعب الانحراف عن نهج الثورة، ونتيجة استقامته عليه».
ووصف قائد الثورة الإسلاميّة «الحركة القيمة جداً للشعب» ردا على الدعاية الصاخبة للأعداء وقال: «نزل الناس بإيمان وبصيرة جميعاً مع بعضهم بعضاً من شرقي إيران العزيزة إلى غربيها، ومن شماليها إلى جنوبيها، إلى الميدان، وأوصلوا صوتهم العالي إلى مسامع الجميع».
ورأى سماحته أن مسيرات «السبت التاريخي للشعب» هي «المصداق لاستمرارية الاستقامة الوطنية» وقال: «واصل الشعب الطريق المستقيم بالحفاظ على هويته وعظمته ودون الشعور بالتعب واليأس ودون الخوف من العدو».
وبيّن كذب الأعداء وزیف مزاعمهم بشأن الجمهورية الثورة الإسلاميّة بأن النظام يسير القَهْقَرَى، أو الإسلام وصل إلى طريق مسدود وقال:«إذا كان هذا الادعاء صحيحاً، فلماذا تنفقون كل هذا الكم للإطاحة به»؟
وأکد قائد الثورة الإسلاميّة علی أنه قدرة الشعب الإیراني لیست في القدرة العسكرية فقط ولو أنها ضروریة فقال:«دولة لديها كل هذا الكم من الأعداء يتوجّب عليها أن تفكر في شأنها وشعبها» وتابع:«بناءً على العقل والشرع، أولينا اهتماماً كاملاً بالجوانب الدفاعية واستناداً إلى حكم القرآن سنبذل قصارى جهدنا في هذا المجال في المستقبل أيضاً» ولکن إستدرك سماحته: «عملت الدولة واستثمرت في مجالات أخرى بما في ذلك الصناعة والبنية التحتية وغيرها من المجالات بأضعاف الشؤون الدفاعية، لكن العدو الذي يُرى خوفه بوضوح من دعايته ضد المُسيّرات الإيرانية، ينكر سائر التقدم ويسلط الضوء على القضايا الدفاعية».
آیة الله سید علی خامنئي رأى أن تقدم إیران حقيقة تسیر بنشاط وجديرة بالإشادة، موضحاً: «يُذهلُ المتابعون الأجانب من مشاهدة إنجازات إيران وتحقيقها هذه المستويات من التقدم رغم ظروف الحظر، وكما قال المسؤول الصاروخي الصهيوني قبل بضع سنوات: إنني عدو لإيران لكنني أرفع القبعة أمام إنتاج ذاك الصاروخ الإيراني المتطور على يد علماء إيرانيين».
وذكر سماحته أنّ المستقبل مشرق كما الحال دائماً، وقال: «كلما كان هناك أفق واضح أمام البلاد، حققناه بعد مدة، لأن قدرات الشعب وطاقات البلاد عالية جدّاً».