emamian

emamian

من المعلوم أن شهر رجب[1] من الأشهر الحُرُم[2]، قال الله - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾[3]. من ميزات هذه الأشهر الأربعة هو حرمة الظلم والقتال، ليكون ذلك سبيلًا إلى حرمة الظلم بشكل عام والنفس بشكل خاص[4].
 
والظلم للنفس هو هتك أي حرمة من حرمات الله، عبر اقتراف المعصية، فعن أمير المؤمنين عليه السلام: "ظلم نفسَه من عصى الله وأطاع الشيطان"[5]، وفي رواية أخرى "ظَلَم نفسَه مَن رضِيَ بدار الفَناء عِوَضاً عن دار البقاء"[6]. والإنسان عندما يصدر منه الذنب، يُنزِل نفسه منزلة الحيوانية، ويخرجها عن حياض الإنسانية[7] - مهما كان مظهره الخارجي - فيتلبس بحقيقة أخرى قد تكون مساوية أو أقل من الأنعام؟!
 
ولا بدّ من الالتفات إلى أن باطن هذه الأشهر الرحمةُ، فكيف تقابَل الرحمة بالظلم؟! ومما يُدلل على هذه الرحمة قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "وَسُمِّيَ شَهْرُ رَجَبٍ‏ شَهْرَ اللَّهِ الْأَصَبَّ لِأَنَّ الرَّحْمَةَ عَلَى أُمَّتِي تَصُبُّ صَبّاً فِيهِ"[8]، فالحريّ بنا أن نستفيد من هذه الرحمة النازلة لنكون عطرًا فواحًا، ينشر العبير فيفوح لك ولغيرك.
 
التوبة والاستغفار:
التوبة إلى الله، والعودة إليه، بحيث يلقي الإنسان في شهر رجب الأصبّ ما علق به من أدران الذنوب والخطايا، الصغيرة منها والكبيرة. إنها لفرصة كبيرة وذهبية ربما لا تعوّض ولن تتكرر، فمن يدري، ربما يكون هذا الشهر هو الأخير في حياتنا! قال النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم عن هذا الشهر العظيم إنه شهر الاستغفار: "رَجَبٌ شَهْرُ الِاسْتِغْفَارِ لِأُمَّتِي. أَكْثِرُوا فِيهِ الِاسْتِغْفَارَ، إِنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏"[9].
 
ومن الملاحَظ في هذا الشهر العظيم كثرة الاستغفار، بصيغ خاصة ومختلفة. وبالدخول إلى حقيقة الاستغفار يتمّ التغيير والانقلاب، فلا بدّ من أن يكون لنا مع الله تعالى وقفة؛ لنصلح ما أفسدنا معه، فنأوب إليه، ونعود إلى رضوانه، فنرجع إليه تائبين مستغفرين، وإن لم نعد فعلينا التنبُّه إلى ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام: "تعطّروا بالاستغفار، لا تفضحكم روائح الذنوب"[10].
 
شهر رجب هو شهر الإنابة إلى الله - عزّ وجلّ -، ويسمّى بالأصبّ؛ لأن الرّحمة على أمتي تصب صبّاً فيه، كما في الرواية، فليستكثر من قول "أَسْتَغْفِر اللهَ وَأَسْأَلُهُ التَّوْبَةَ". لذا فإنه يجب على الإنسان، خلال هذا الشهر، أن ينظف بيت الروح الذي أهمله لتسعة أشهر، وذلك باتّخاذ أول خطوة وهي الاستغفار.
 
والاستغفار هو حقيقة بالقلب، يكشف عنها اللسان، ولا يكتمل إلا بالندامة الباطنية، والأخيرة لا تتمّ إلا بالتعرف على حقيقة الحرام. ومع التعرف عليه، يعرف الإنسان عظيم ما فعل، وجليل ما اكتسب، وكثير ما فرّط في جنبه، فيتألم عندها لما صدر منه، ويحترق القلب بعظم المصاب، فيقوم ليغسله بماء الأواب، ويذوب خجلًا أمام عظم النعم، فالتائب حين استغفاره يكون بين الخشوع لعظمته - عزّ وجلّ -، والذلّ لحقارته، فيبقى في داخله هذا الشعور، فينبري بطلب التوبة بمعنى حقيقي: "إِلهِي لَمْ أَعْصِكَ حِيْنَ عَصَيْتُكَ وَأَنا بِرُبُوبِيَّتِكَ جاحِدٌ، وَلا بِأَمْرِكَ مُسْتَخِفٌ، وَلا لِعُقُوبَتِكَ مُتَعَرِّضٌ، وَلا لِوَعِيدِكَ مُتَهاوِنٌ، لكِنْ خَطِيئَةٌ عَرَضَتْ، وَسَوَّلَتْ لِي نَفْسِي، وَغَلَبَنِي هَوَايَ، وَأَعانَنِي عَلَيْها شِقْوَتِي، وَغَرَّنِي سِتْرُكَ المُرْخَى عَلَيَّ، فَقَدْ عَصَيْتُكَ وَخالَفْتُكَ بِجُهْدِي، فَالانَ مِنْ عَذابِكَ مَنْ يَسْتَنْقِذُنِي، وَمِنْ أَيْدِي الخُصَماءِ غَداً مَنْ يُخَلِّصُنِي، وَبِحَبْلِ مَنْ أَتَّصِلُ إِنْ أَنْتَ قَطَعْتَ حَبْلَكَ عَنِّي"[11]، فتكون هذه الحركة الأولى في سبيل التطهير، ﴿إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾[12].
 
التخلية[13] من المعاصي والذنوب:
بعد الاستغفار والتوبة، والوصول إلى الطهارة، أفضل ما يلتزم به المؤمن هو المحافظة على عدم الوقوع في الذنب والمعصية؛ ليلتزم مع الله - عزّ وجلّ -، ويعاهده بلسان الحال: "وَخُذْ بِي سَبِيلَ الصَّالِحِينَ، وَأَعِنِّي عَلى نَفْسِي بِما تُعِينُ بِهِ الصَّالِحِينَ عَلى أّنْفُسِهِمْ"[14]، وبلسان العمل بعدم ارتكاب الذنب والمعصية، وفي الرواية العلوية: "اجتناب السيّئات أَولى من اكتساب الحسنات"[15].
 
فيبدأ من أول رجب إلى منتصف شهر شعبان لمدة أربعين يومًا، على قاعدة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من أخلص لله أربعين يومًا فجّر الله ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه"[16]. فمن قدر على الأربعين قدر على غيرها، ففي الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام: "ما ضَعُفَ بَدَنٌ عَمّا قَوِيَتْ عليهِ النيّة"[17].
 
تذكرة لمن يخشى...، دار المعارف الإسلامية الثقافية


[1] رجب من الترجيب، أي التعظيم، والمرجَب يعني المعظَّم.
[2] الأشهر الحُرُمْ هي أربعة أشهر من الأشهر القمرية، حُرِّمَ فيها القتال منذ عهد إبراهيم الخليل عليه السلام، وكان هذا التحريم نافذًا حتى زمن الجاهلية قبل الإسلام، وعندما جاء الإسلام أقرَّ حرمته، ولذلك تُسَمَّى بالأشهر الحُرُمْ. وقد أشار القرآن الكريم إلى حرمة ابتداء قتال الأعداء في هذه الأشهر، كما أشار إلى لزوم مقاتلتهم إذا إنتقضوا حرمة هذه الأشهر وبدؤوا القتال.
[3] سورة التوبة، الآية 36.
[4] معني "حرم" أنه يعظم انتهاك المحارم فيها أكثر مما يعظم في غيرها، وكانت العرب تعظمها حتى أن الرجل لو لقي قاتل أبيه لم يهجه لحرمته. وإنما جعل اللّه تعالى بعض الشهور أعظم حرمة من بعض لما علم في ذلك من المصلحة في الكفّ عن الظلم فيها، فعظّم منزلتها، وإنه ربما أدّ ذلك إلي ترك الظلم أصلًا، لانطفاء النائرة تلك المدة، وانكسار الحمية، فإن الأشياء تجرّ إلى أشكالها. الشيخ الطوسي، التبيان، ج5، ص214.
[5]  كافي الدين، ش أبي الحسن علي بن محمد الواسطي الليثي، عيون الحكم والمواعظ ، ص324.
[6] م.ن، ص324.
[7] عن أمير المؤمنين عليه السلام: "إن الله - عزّ وجلّ -: ركّب في الملائكة عقلًا بلا شهوة، وركّب في البهائم شهوة بلا عقل، وركّب في بني آدم كليهما. فمن غلب عقله شهوته فهو خير من الملائكة، من غلبت شهوته عقله فهو شرّ من البهائم. علل ‏الشرائع، ج1، ص 5.
[8] العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج94، ص39.
[9] المصدر نفسه.
[10] الشيخ الطوسي، الآمالي، ص372.
[11] من دعاء أبي حمزة الثمالي.
[12] سورة البقرة، الآية 222.
[13] التخلية: هي تطهير النفس من رذائل الأخلاق، كالحسد والرياء والكبر والعجب وحبّ الدنيا وغيرها من الرذائل التي يذكرها علماء الأخلاق. يعتبر علماء الأخلاق أن التخلية هي الخطوة الأولى، وبدونها لا تحصل الفائدة الكاملة، لأن النفس تكون غير مستعدة للفيوضات القدسية إذا لم تكن النفس صافية قابلة لانعكاس الفيوضات فيها. ويمثلون لذلك بالمرآة التي ما لم تذهب الكدورات عنها لا تستعدّ لارتسام الصور فيها، وكالبدن الذي ما لم تزل عنه العلة لم تتصور له إضافة الصحة، وكالثوب الذي ما لم يـنـقَ عن الأوساخ لم يقبل لوناً من الألوان. فالمواظبة على الطاعات الظاهرة لا تنفع بصورة كاملة ما لم تتطهّر النفس من الصفات المذمومة.
[14] من دعاء أبي حمزة.
[15] اليثي الواسطي، عيون الحكم والمواعظ، ص126.
[16] العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 67، ص249.
[17] الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه، ج4، ص400.

خدمة الناس هدف الأنبياء
 إن لخدمة الناس مكانة خاصة عند الله سبحانه وتعالى أكدت عليها الكثير من النصوص الإلهية، وما إرسال الأنبياء وإنزال الكتب إلا خدمة للناس كما تشير إليه الايات القرانية الكريمة، حيث يقول تعالى ﴿الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد﴾، فالكتاب لم ينزل إلا خدمة للناس ليخرجهم من الظلمات إلى النور وقد تحمل الأنبياء ما تحملوه من الام ومصاعب وجهاد لتحقيق هذه الخدمة، فالأنبياء جاؤوا لخدمة البشرية.
 
يقول الإمام الخميني قدس سره: "إن لأولياء الله والأنبياء نفس هذا الإحساس وهو أنهم جاؤوا لهداية الناس وإرشادهم وأداء الخدمة لهم".
 
إنه لأمر عظيم هذا الذي جاء الأنبياء لأجله وأنزلت الكتب الإلهية لتحقيقه!
 
لقد جاء الإسلام ليخدم الناس ويرفع النواقص التي يمكن أن تكون موجودة عندهم لاسيما لدى المستضعفين منهم الذين أُهملوا في المجتمعات البشرية، يقول الإمام الخميني قدس سره: "لقد جاء الإسلام من أجل المستضعفين وأولاهم الأهمية الأولى".
 
أحب الخلق إلى الله
قد يتبادر إلى الذهن السؤال التالي: كيف يكون الأنبياء في خدمة الناس وهم أفضل الناس؟ فعندما يريد التاجر مثلاً أن يصرف مالاً فهو يصرفه في سبيل مال أوفر وأكثر، وليس من الحكمة أن أصرف الكثير لأحصل على القليل، فكيف يصح أن نجعل النبي يصرف طاقاته في خدمة من هو دونه؟
 
هذا السؤال والاستغراب سيزول عندما نعرف نظرة الله تعالى إلى خدمة عباده. إن الله سبحانه وتعالى يحب خدمة الناس ويحب من يخدمهم.
 
حيث ورد في الرواية عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "الخلق كلهم عيال الله فأحب خلقه إليه أنفعهم لعياله"[1].
 
وعن الإمام الصادق عليه السلام: "سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أحب الناس إلى الله؟ قال: أنفع الناس للناس"[2].
 
فالأنبياء والأوصياء أعمالهم وخدمتهم هي في طريق حب الله تعالى وقربه ولا تقف في خلفيتها عند الإنسان المستفيد من الخدمة فحسب "إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكور"[3].
 
 خدمة الناس هي خدمة لله تعالى‏
ومن هنا فإن حقيقة خدمة الناس هي خدمة لله سبحانه وتعالى كما أكدت الروايات، فعن الإمام الصادق عليه السلام: "من قضى لأخيه المسلم حاجة كان كمن خدم الله تعالى عمره"[4].
 
يذكر الإمام الخميني قدس سره ذلك في كلماته حيث يقول: "ليهيئ الأحبة الأعزاء أنفسهم لخدمة الإسلام والشعب المحروم، وليشدوا الأحزمة لخدمة العباد التي تعني خدمة الله".

إن حقيقة أن خدمة الناس تعني خدمة الله تعالى هي حقيقة أشارت إليها العديد من الروايات عن المعصومين عليه السلام.
 
فعن الإمام الصادق عليه السلام: "من قضى لأخيه المسلم حاجة كان كمن خدم الله تعالى عمره"[5].
 
فحق للأنبياء أن يفنوا أعمارهم في خدمة البشر والبشرية ما دامت هذه الخدمة في واقعها هي محبة وقرب من الله تعالى وتحسب كخدمة له تعالى! ومن الطبيعي أيضاً أن تنزل الكتب السماوية لأجل ذلك.
 
يقول الإمام الخميني قدس سره: "لا أظن أن هناك عبادة أفضل من خدمة المحرومين".
 
فخدمة الناس هي عبادة تقرب إلى الله تعالى وعلينا أن نقصد بها وجهه جل وعلا خصوصاً إذا كانت خدمة نرفع بها حرمان المحرومين ونلبي بها حوائج المحتاجين.

خدمة الناس في فكر الإمام الخميني (قدس سره)، مركز الإمام الخميني الثقافي.


[1] الرسالة السعدية، ص‏160.
[2] بحار الأنوار، ج‏71، ص‏339.
[3] سورة الإنسان، الاية/9.
[4] عوالي اللئالي، ج‏1، ص‏374.
[5] الرسالة السعدية، ص‏169.
 

الجمعة, 10 شباط/فبراير 2023 14:32

الإسلام والثورة في إيران

تبرز في صراع القوى المتسلطة مع الثورة ونظام الجمهورية الإسلامية قضية الإسلام الصحيح، الخالي من تشويهات أيادي الاستكبار العالمي وتحريفاتهم. وبعبارة أخرى أنَّ القضية بالنسبة لنا في هذا الصراع وبالنسبة لأعدائنا على حد سواء، هي مسألة الإسلام. والاستكبار يواجهنا بسبب الإسلام.

إنّ هدف الاستكبار العالمي وعلى رأسه أمريكا، وفي قاعدته جميع الأجهزة الشيطانية المسلطة على العالم وحتى غير المسلطة التي تعمل من أجل مصالح الاستكبار، هدفها جميعاً من مواجهة إيران المسلمة هو الإسلام.. الإسلام فقط وليس أي شيء. إننا لا نخوض جهادنا من أجل أن تعم الحياة الإسلامية الطيبة بيننا وحدنا، بل من أجل أن تعم البشرية. فجهادنا هو من أجل الإنسانية أيضاً.
 
بيد أن ذلك لا يعني إننا نجهّز الجيوش، ونمضي بها حيثما تخل أيادي الاستكبار بالحياة البشرية الطيبة، فنخوض المعركة ضدّها، كلا، فهذه الحرب ليست من سنخ هذه المقولة.
 
إننا نسعى من موقع الإسلام وقاعدته أن نثبت أنَّ البشرية التي تعيش راهناً في ظلال وطأة حاكمية الاستكبار الخبيثة، تتجرع الآلام، وتقترب يوماً بعد آخر من الشقاء أكثر. والهدف من سعينا أنَّ الإسلام يمكن أن يكون رسالة إنقاذ للبشر.
 
لقد أثبتنا مرّة وما نزال نسعى أن نثبت أن الإسلام قادر على مواجهة القوى العالمية الكبرى، وضرب قواعد الأنظمة الظالمة في العالم.
 
الاستكبار يعيش حساسية من هذه المسألة. ولذلك تراه يبغض أيّة أمة أو دولة أو نظام يرفض ثقافة السلطة أي يرفض حاكمية أنظمة البيوتات والزور وإمبراطوريات السلطة العالمية.
 
وفي عالم اليوم، هذا هو الإسلام، وها نحن الذي نخوض معركة رفض نظام التسلّط في العالم، ونعتبر أن نظام الهيمنة العالمي هو المسؤول عن شقاء الإسلام والبشرية في كافة أرجاء العالم.
 
نحن لم نهلع من التهم التي تنهمر على ثورتنا وشعبنا من أجهزة الدعاية المرتبطة بالغرب، ولن نضطرب. فمنذ أوائل انتصار الثورة، راح أكثر الرجعيين رجعية في هذا العالم يرمون شعبنا وثورتنا بتهم الرجعية، رغم أن ثورتنا أنجزت في هذا العصر، أكثر الحركات التغييرية رقياً وتقدمية، ومع ذلك لم نهلع ولم نضطرب([1]).
 
ترى القوى الاستكبارية الغربية نفسها، إنها في مواجهة مع الإسلام اليوم. هم يخشون الإسلام ويعدّوه خطراً.. وكل مظهر إسلامي ينطلق يعتبرونه طليعة خطر جدي يهدّد قدرتهم ومصالحهم.
 
والشيء البديهي أنَّ الإسلام المحمدي هو خطر حقيقي للأنظمة التي تقوم على أُسس الظلم والفساد والانحطاط، لما ينطوي عليه من رفض للفساد والانحطاط الأخلاقي في محيط الحياة البشرية.
 
وهذا في الواقع ما يفسّر لنا سلوك جميع القوى الشيطانية العالمية اليوم، في مواجهتها لتجليات الإسلام ومظاهره، بأقسى ما تكون أساليب المواجهة وأعنفها، بحيث راحت تلك القوى تسحق بأقدامها أشد الأصول بداهة مما كانت تنطق به شعاراتها([2]).
إنّ القوى الكبرى التي انطوت على حال العداء الدائم للثورة الإسلامية لم تعلن ولن تعلن صراحة أسباب عدائها للجمهورية الإسلامية. فلو أنَّ أمريكا أعلنت صراحة أنَّ باعث عدائها لإيران، هو عداوتها للإسلام، لوضعت في الصف المقابل لها مليار مسلم في العالم يكونون في مواجهتها([3]).
 
في كل مكان تظهر فيه تجليات الإسلام الواقعي، ترى القوى الخبيثة تتوافق في الاصطفاف ضدّه. بيد أنَّ الذي يحصل أن تُبادر القوى الإنسانية الخيرة، والقلوب النقية، والأرواح السامية، والفطرة النظيفة، للدفاع عن الإسلام الواقعي وحماية وجوده، بإزاء ذلك الاصطفاف المعادي([4]).
 
منذ اللحظة التي انتصرت فيها الثورة الإسلامية في إيران، انطلق المؤمنون الملتزمون للعمل على أساس الإسلام. ومعنى ذلك أن الإسلام في بلدنا لم يكن لقلقة لسان ولن يكون. إنما اختار شعبنا التحرك على هدي ما أراده القرآن للمسلمين، من مواجهة للشياطين ومبارزة القوى الظالمة. لقد تخلّى شعبنا عن كلّ شيء، من أجل السير في سبيل الله، تماماً كما أراد الإسلام من المسلمين أن يبذلوا التضحيات من أجل الحفاظ على عزتهم في مقابل القوى العالمية.﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ المنافقون /8. العزة للمؤمنون، لأنَّ المؤمن هو الشخص الوحيد الذي يواجه بوجوده كلّه، أي بؤرة شرّ شيطاني وفساد. ومنذ اللحظة التي استطاع فيها الشعب الإيراني أن يجسِّد بانتصار الثورة، دين الله الإسلام في إطار نظام اجتماعي، انبثقت المخاوف في قلوب المستكبرين. فبدأوا جهودهم لمواجهة الإسلام بأي طريق ممكن.
 
من هنا فإنَّ مواجهة الجمهورية الإسلامية ونصب العداء لها كان بسبب الإسلام. وآية ذلك أنهم تعاملوا مع الجمهورية الإسلامية على أنّها خطر كبير، في اللحظة التي تمسكت بالتزام ثابت بالمعتقدات والأصول الإسلامية. ففي البداية لم تظهر منهم حساسية وردود فعل عنيفة وذلك حين لم تكن الأمور قد اتضحت لهم بشكل كامل، ولم يعرفوا ما هي الجمهورية الإسلامية، وإلى أي مدى يمكن أن تلتزم بمبانيها وثبتت على شعاراتها.

إنّنا اليوم إذن أمام حركتين متقابلتين، قد امتلأتا بالدروس والعبر بالنسبة لشعبنا. فمن جهة نرى الضغوط الاستكبارية المتزايدة، وعداء القوى المادية، ضدَّ أي مظهر من مظاهر الانبعاث الإسلامي، مما تصلنا أخباره يومياً ونلحظه باستمرار، حتى أنَّ هذه القوى لا توفّر في عدائها مظهراً منه، حتى تجلياً صغيراً من تجليات انبعاث الإسلام، يظهر في بلد أوروبي، إذ سرعان ما تتحوّل هذه الظاهرة، إلى مركز للصراع، يدفع المسؤولين والسياسيين لمواجهته!

 هذه هي الحركة الأولى في طرف القضية.
 
أما في الطرف الثاني، فإننا نجد أن قلوب البشر في العالم تنجذب إلى الإسلام، بالأخص ما يحصل للشباب والمثقفين والناس الواعين، فهم ينفتحون على الإسلام رغم شدّة الضغوط العالمية ضدَّ الإسلام والمسلمين.

 وهاتان الحقيقتان، هما اللتان تؤمّنان نمو الإسلام الحقيقي واتساع رقعته.
 
الثورة الإسلامية والغزو الثقافي، من كلمات ومحاضرات الإمام الخميني قدس سره


([1]) حديث قائد الثورة في لقائه مع ضيوف مؤتمر الفكر الإسلامي. 12/11/1368.
([2]) بيان قائد الثورة في تجمع قادة جيش العشرين مليون. 2/9/1368.
([3]) بيان قائد الثورة في الذكرى السنوية الأولى لوفاة الإمام الخميني. 10/3/1369.
([4]) حديث قائد الثورة في مراسم بيعة مجموعة من أهالي شيراز وبندر عباسي وساري. 21/4/1368

بعد أن تحدَّث الإمام المقدَّس عن القائد ومجلس القيادة، وأهمّيّة هذا الموقع بالنسبة إلى الأمّة الإسلاميّة، أخذ قدس سره يذكر مجموعة مهمّة من القضايا، منها: العدالة في القضاء الإسلاميّ، وكيف يجب أن تكون المقاييس والموازين في هذه العمليّة الدقيقة، ثمّ عاد ليتحدَّث قليلاً عن الحوزات العلميّة، مُحذِّراً إيّاها من أن تُخترق من قِبَل المعادين للإسلام، وكيف يجب أن تُنظَّم هذه الحوزات العلميّة حتّى لا تُخترق، ومنها السلطة التنفيذيَّة ومهمّتها الدقيقة في قيادة الأمور، ومنها أيضاً تطهير السفارات من المظاهر الطاغوتيّة الموروثة من نظام الشاه البائد، ومنها الموضوع العلمائيّ، وكيف يجب أن يكون العلماء في الدعوة إلى اللّه (عزَّ وجلّ)، ومنها الأمور الواجبة على وزارة الإرشاد وعلى مختلف مراكز التربية والتعليم في دفع عجلة الإعلام الإسلاميّ إلى الأمام، ومنها أهمّيّة الاهتمام بالقوَّات المسلَّحة، ثمّ بعد ذلك أهمّيّة أن لا يتحزَّب أعضاء القوى المسلَّحة لأيّ جانبٍ من الجوانب الحزبيَّة في المجتمع الإسلاميّ، ثمّ بعد ذلك عاد الإمام قدس سره ليتحدَّث مع الذين يعادون الحكومة الإسلاميّة، ويوجّه لهم النصائح ولمؤيديهم أيضاً. وفي نهاية هذه المنعطفات يتحدّث الإمام قدس سره عن الحركات الإسلاميّة التي أخطأت هدفها، وكيف يجب أن تعود إلى الجادَّة، وبعدها إلى أولئك الذين يثيرون الانتقادات من أجل الانتقادات ليس إلّا، يقف الإمام قدس سره ليقول: إنّ هروبنا من الغرب لا ينبغي أنْ يوقعنا في أحضان الشرق، وإنّ هروبنا من الشرق لا ينبغي أنْ يوقعنا في أحضان الغرب، وإنّما يجب علينا أن نعادي كلا المعسكريْن، لأنّ الإسلام يملك الوجهة السياسيّة والاجتماعيّة القادرة على هذه المسألة. كما ويحذّر الإمام قدس سره هنا في هذا المجال كلّ أولئك الذين يثيرون الدعوات المشبوهة، خصوصاً ممّن تلبَّس بزيّ العلماء. ويصل الإمام قدس سره في نهاية المطاف إلى نهاية وصيّته الخالدة، ليتحدَّث مع مستضعفي العالم ومع الشعب الإيراني المسلم.

يقول الإمام قدس سره:
"وصيّتي إلى جميع مسلمي العالم ومستضعفيه هي: يجب ألّا تجلسوا منتظرين إلى أن يأتي حكام بلدكم ومن يعنيهم الأمر أو القوى الأجنبية ويجلبوا الاستقلال والحرية هديّة لكم.

نحن وأنتم شاهدنا، وعلى الأقلّ في السنوات المائة الأخيرة، هذه التي دخلت فيها أقدام القوى العالمية الكبرى بالتدريج إلى جميع البلاد الإسلاميّة وسائر البلاد الصغيرة، شاهدنا وشاهدتم أو حدثتنا به التواريخ الصحيحة أنَّ أيّاً من الحكومات الحاكمة في هذه البلاد لم ولن تفكر في حرية شعوبها واستقلالها ورفاهيتها، بل إنّ أكثريتها الساحقة إما أنها تمارس على شعوبها الظلم والكبت وكل ما فعلته فهو لمصالحها الشخصية أو الفئوية وإما أنها تسعى لرفاهية الشريحة المرفهة والمترفة فيما الطبقات المظلومة من ساكني الأكواخ والأقبية محرومة من كلّ نعم الحياة، حتّى من أشياء مثل الماء والخبز وما يسدّ الرمق وقد سخرت الحكومات أولئك البائسين لخدمة الطبقة المرفهة والماجنة أو إنها كانت أدوات للقوى الكبرى التي استعملتها لتحقيق المزيد من تبعية الدول والشعوب، فحوّلوا هذه الأوطان بالحيل المختلفة إلى أوطان استهلاكية وهم الآن يسيرون وفق هذه الخطة وأنتم يا مستضعفي العالم ويا أيتها الحكومات الإسلاميّة ومسلمي العالم، انهضوا وخذوا حقكم بقبضاتكم وأسنانكم ولا تخافوا الضجيج الإعلامي للقوى الكبرى وعملائها العبيد واطردوا من بلادكم الحكام الجناة الذين يسلمون نتاج تعبكم إلى أعدائكم وأعداء الإسلام العزيز ولتأخذ الطبقات المخلصة الملتزمة بزمام الأمور واتحدوا جميعاً تحت راية الإسلام المجيدة وهُبُّوا للدفاع بوجه أعداء الإسلام وعن محرومي العالم، وامضوا قُدماً لإقامة دولة إسلاميّة واحدة تتألف من جمهوريات حرة ومستقلة، فإنكم بتحقيق ذلك تضعون حدّاً لجميع المستكبرين في العالم وتحققون إمامة المستضعفين ووراثتهم للأرض، على أمل ذلك اليوم الذي وعد به الله تعالى.

مرّة أخرى في نهاية هذه الوصية أوصي شعب إيران الشريف بأن حجم تحمل المشقات والآلام والتضحيات وبذل الأرواح والحرمان في العالم يتناسب مع حجم وعظمة الهدف وسموه وعلو مرتبته، وما نهضتم من أجله أيُّها الشعب الشريف والمجاهد وأنتم ماضون فيه وبذلتم من أجله الروح والمال وتبذلون، هو أسمى وأعلى وأثمن هدف وغاية طرح_ ويطرح _ منذ صدر العالم في الأزل وبعد هذا العالم إلى الأبد، وهو مبدأ الألوهية بمعناه الواسع وعقيدة التوحيد بأبعادها السامية التي هي أساس الخلق وغايته في رحاب الوجود وفي درجات ومراتب الغيب والشهود وقد تجلى ذلك في المدرسة المحمدية صلى الله عليه وآله وسلم بتمام المعنى والدرجات والأبعاد، وكانت جهود جميع الأنبياء العظام عليهم السلام والأولياء المعظمين سلام الله عليهم بهدف تحقيق ذلك والاهتداء إلى الكمال المطلق، والجلال والجمال اللامتناهيين ليس ميسوراً إلّا به، إنّه هو الذي شرف الترابيين (الناس) على الملكوتيين (الملائكة) وما هو أسمى، وما يحصل للترابيين بالسير فيه لا يحصل لأي موجود في جميع أرجاء الخلق في السر والعلن.

أنتم أيُّها الشعب المجاهد تسيرون تحت راية خفاقة في جميع أنحاء العالم المادي والمعنويّ أدركتم ذلك أم لم تدركوا. أنتم تسيرون في طريق هو الصراط الوحيد لجميع الأنبياء عليهم السلام والصراط الوحيد إلى السعادة المطلقة. بهذا الهدف يسعى جميع الأولياء لنيل الشهادة في هذا الصراط ويعتبرون الموت الأحمر أحلى من العسل. وقد تجرع شبانكم جرعة منه في الجبهات فولهوا، وقد تجلى في الأمهات والأخوات والآباء والإخوان، ونحن يجب أن نقول بصدق: "يا ليتنا كنّا معكم فنفوز فوزاً عظيماً"، هنيئاً لهم ذلك النسيم بهجة القلب وتلك النفحة المثيرة للحماس. ويجب أن نعلم أن طرفاً من هذه التجليات قد ظهر في المزارع المُحرقَة وفي المصانع المجهدة والمعامل الصغيرة وفي مراكز الصناعة والاختراع والإبداع ولدى أكثرية الشعب في الأسواق والشوارع والقرى وكل الأشخاص المتصدين لهذه الأمور الذين يؤدون خدمة من أجل الإسلام والجمهوريّة الإسلاميّة وتقدم البلاد واكتفائها الذاتي، وما دامت روح التعاون والالتزام هذه قائمة في المجتمع فإن بلدنا العزيز مصون إن شاء الله تعالى من أذى الدهر.

وبحمد الله تعالى، فإن الحوزات العلمية والجامعات وشبان مراكز التعليم والتربية الأعزّاء لهم نصيبهم من هذه النفحة الإلهية الغيبية وهذه المراكز مائة في المائة بين أيديهم والأمل بالله، أن لا تصل إليها أيدي المفسدين والمنحرفين.

ووصيّتي للجميع هي أن امضوا قدماً بذكر الله المتعال نحو معرفة النفس والاكتفاء الذاتي والاستقلال بكل أبعاده، ولا شكّ في أنّ يد الله معكم إذا كنتم في خدمته وواصلوا العمل على تطور البلد ورقيه بروح التعاون. وإنّني إزاء ما أراه في الشعب العزيز من اليقظة والوعي والالتزام والتضحية وروح المقاومة والصلابة في سبيل الحق، كلّي أمل أن تنتقل هذه المعاني الإنسانيّة بفضل الله المتعال إلى أجيال الشعب وأن تزداد جيلاً بعد جيل".

• الجمهوريّة الإسلاميّة تجربة حيّة
إنّ الإمام قدس سره وهو يوجّه مثل هذا النداء مرَّةً إلى مستضعفي العالم، ومرَّةً إلى الشعب الإيرانيّ المسلم، ليقول لهم إنّ تجربة الثورة الإسلاميّة هي تجربة حيَّة، فمن جهة يخاطب المستضعفين في العالم، ويطالبهم بأن يكونوا مثل الشعب الإيراني المسلم، وثانيةً ليقول للشعب الإيرانيّ المسلم إنّ هذا النتاج العظيم هو نتاجكم أنتم، ويجب عليكم كما انتصرتم أن تحافظوا على هذا الانتصار.

الجمعة, 10 شباط/فبراير 2023 14:26

ما الذي يديم نعم الله عز وجل علينا؟

لقد سخّر الله تعالى جميع مخلوقاته في خدمة الإنسان والرقيّ به نحو الكمال، وهي نِعم لا تدوم ولا تزيد إلا بوجود أسبابها وأداء الواجب نحوها، كما يقول أمير المؤمنين عليه السلام في صفة الإسلام: "فيه مرابيع النِّعم([1])، ومصابيح الظُلم، لا تُفتح الخيرات إلّا بمفاتيحه، ولا تُكشف الظلمات إلّا بمصابيحه"([2]). لذا كان لا بدّ للإنسان من أن يقوم بما يفي لهذه النِّعم الإلهيّة ولو بالقليل، كالقيام على سبيل المثال بـ:
 
1- أداء الشكر لله على هذه النِّعم،
لأنّ الشكر يزيد في النِّعم والبركات. قال تعالى: ﴿ولوْ أنّ أهْل الْقُرى آمنُواْ واتّقواْ لفتحْنا عليْهِم بركاتٍ مِّن السّماء والأرْضِ ولـكِن كذّبُواْ فأخذْناهُم بِما كانُواْ يكْسِبُون﴾([3])، ﴿ولوْ أنّهُمْ أقامُواْ التّوْراة والإِنجِيل وما أُنزِل إِليهِم مِّن رّبِّهِمْ لأكلُواْ مِن فوْقِهِمْ ومِن تحْتِ أرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمّةٌ مُّقْتصِدةٌ وكثِيرٌ مِّنْهُمْ ساء ما يعْملُون﴾([4]). وعن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: "من أُعطي الشكر أُعطي الزيادة يقول الله عزّ وجلّ: ﴿لئِن شكرْتُمْ لأزِيدنّكُمْ﴾".
 
2- الدوام على ذكر نِعم الله وعدم الغفلة عنها،
قال تعالى: ﴿يا أيُّها النّاسُ اذْكُرُوا نِعْمت اللهِ عليْكُمْ هلْ مِنْ خالِقٍ غيْرُ اللهِ يرْزُقُكُم مِّن السّماء والْأرْضِ لا إِله إِلّا هُو فأنّى تُؤْفكُون﴾([5]). وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قوله تعالى: ﴿وذكِّرْهُمْ بِأيّامِ اللهِ﴾ (أي): "بنعم الله وآلائه"([6])، وعن الإمام الصادق عليه السلام في قوله تعالى: ﴿وأمّا بِنِعْمةِ ربِّك فحدِّثْ﴾([7]): "الّذي أنعم عليك بما فضّلك، وأعطاك وأحسن إليك، ثم قال: فحدّث بدينه وما أعطاه الله وما أنعم به عليه"([8]).
 
- أيضاً: معناه اذكر نعمة الله وأظهرها وحدِّث بها، وفي الحديث: "من لم يشكر الناس لم يشكر الله، ومن لم يشكر القليل لم يشكر الكثير، والتحدُّث بنعمة الله شُكر وتركه كُفر"، وعن الإمام الحسن عليه السلام: "تُجهل النِّعم ما أقامت، فإذا ولّت عُرِفت"([9])، وعن الإمام عليّ عليه السلام: "أحسنوا صحبة النِّعم قبل فِراقها، فإنّها تزول وتشهد على صاحبها بما عمل فيها"([10]).

3- القناعة بنِعم الله تعالى وعدم الإسراف فيها، قال الإمام الكاظم عليه السلام: "من اقتصد وقنع بقيت عليه النِّعمة، ومن بذّر وأسرف زالت عنه النِّعمة"([11]).
 
4- السعي في قضاء حوائج الناس، قال الإمام عليّ عليه السلام: "من كثُرت نِعم الله عليه كثُرت حوائج الناس إليه، فمن قام لله فيها بما يجب فيها عرّضها للدوام والبقاء، ومن لم يقم فيها بما يجب عرّضها للزوال والفناء"([12]).
 
5- الامتناع عن ظلم الناس والاستعانة بنعم الله على معاصيه لا سيّما التكبُّر على عباده، قال الإمام عليّ عليه السلام: "ما أنعم الله على عبد نعمة فظلم فيها، إلّا كان حقيقاً أن يُزيلها عنه"([13]).

وورد في زبور داود عليه السلام: يقول الله تعالى: "يا بن آدم! تسألني وأمنعك لعلمي بما ينفعك، ثمّ تُلحّ عليّ بالمسألة فأُعطيك ما سألت، فتستعين به على معصيتي"([14]). وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "يقول الله تبارك وتعالى: يا بن آدم ما تنصفني! أتحبّب إليك بالنِّعم وتتمقّت إليّ بالمعاصي، خيري عليك منزل وشرّك إليّ صاعد"([15])، ويقول الإمام عليّ عليه السلام: "بالتواضع تتمّ النِّعمة"([16]).
 
6- إظهار النِّعم الّتي أنعم الله بها على الإنسان، قال الإمام عليّ عليه السلام: "إنّ الله جميل يُحبُّ الجمال، ويُحبُّ أن يرى أثر النِّعمة على عبده"([17]).
 
وعن الإمام الصادق عليه السلام: "إذا أنعم الله على عبده بنعمة فظهرت عليه سُمّي حبيب الله محدِّثاً بنعمة الله، وإذا أنعم الله على عبد بنعمة فلم تظهر عليه سُمّي بغيض الله مُكذِّباً بنعمة الله"([18])، وعنه عليه السلام: "إنّ الله تعالى يُحبُّ الجمال والتجميل، ويُبغض البؤس والتباؤس، فإنّ الله عزّ وجلّ إذا أنعم على عبد نعمة أحبّ أن يرى عليه أثرها، قيل: وكيف ذلك؟ قال: يُنظِّف ثوبه، ويُطيِّب ريحه، ويُجصِّص داره، ويكنس أفنيته، حتّى أنّ السراج قبل مغيب الشمس ينفي الفقر ويزيد في الرزق"([19]).
 
 مظاهر الرحمة، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية


([1]) مرابيع: جمع مِرباع، بكسر الميم: المكان ينبت نبته في أوّل الربيع.
([2]) نهج البلاغة، الخطبة 152.
([3])الأعراف:96.
([4])المائدة:66.
([5])فاطر:3.
([6])الدر المنثور، للسيوطي، ج4، ص 70.
([7])الضحى:11.
([8])الكافي، الشيخ الكليني، ج2، ص 94.
([9])بحار الأنوار، العلّامة المجلسيّ، ج 75، ص 115.
([10])علل الشرائع، الشيخ الصدوق، ج2، ص 464.
([11]) ميزان الحكمة، ج4، ص 3313.
([12]) نهج البلاغة، الحكمة 372.
([13]) عيون الحكم والمواعظ، الواسطي، ص 482.
([14]) بحار الأنوار، العلّامة المجلسيّ، ج70، ص 365.
([15]) م. ن، ج70، ص 352.
([16]) ميزان الحكمة، الريشهري، ج4، ص 3318.
([17]) الكافي، الشيخ الكليني، ج6، ص 438.
([18]) الكافي، الشيخ الكليني، ج6، ص 438.
([19]) أمالي الطوسي، ص 275.

قال رئيس الجمهورية "السيد ابراهيم رئيسي" : ان امريكا وبعض الدول الغربية تصر من موقع التعنت على عدم فهم ورفض الحقائق حول ايران، باعتبارها دولة مستقلة وحرة؛ وبما يشكل العنصر الاساس للاخطاء الستراتيجية والسياسات السقيمة التي انتهجتها خلال السنوات الاخيرة بشان ايران والمنطقة.

آية الله رئيسي أدلى بهذا التصريح، خلال اللقاء الذي جرى اليوم الخميس لمناسبة الذكرى الـ44 لانتصار الثورة الاسلامية في ايران، مع السفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية المتعمدين لدى الجمهورية الاسلامية الايرانية.

واعتبر رئيس الجمهورية، الانتفاضة التاريخية للشعب الايراني الابي ضد النظام البهلوي المستبد (في 1979)، ردا حاسما على التدخلات الاجنبية والانقلاب والاستبداد والتبعية والتخلف والاذلال الشامل بحق هذا الشعب الذي يعد من اكبر الشعوب الصانعة للحضارات على مستوى المنطقة والعالم.

وتابع : ان الشعب الايراني ثأر بقيادة الامام الخميني (رض)، على ظلم الجائرين لنيل الحرية والاستقلال، فهو لا يخضع للاسر ولا يقبل بذلك لاي شعب اخر.

وصرح رئيسي :اليوم وبعد مرور 44 عاما على ذكرى انتصار هذه الثورة المباركة، تواصل الجمهورية الاسلامية تحت رعاية قائدها الحكيم "الامام الخامنئي" (حفظه الله)، المضي على ذات القيم السامية التي كانت قد انطلقت منها ابّان عمر الثورة الاسلامية من اجل تحقيق العدالة ونيل الاستقلال والتقدم الوطني الشامل، الى جانب منح الشعب الحرة في ارجاء العام وخاصة المنطقة، روح المقاومة والتقدم.  

وفي معرض الاشارة الى المؤامرات التي يحيكها العدو ضد الجمهورية الاسلامية، قال انه ليس مستبعدا بان الاستكبار العالمي لا يحتمل هذا الكم الهائل من الانجازات التي حققها الشعب الايراني طوال العقود الاربعة الماضية ولذلك، سخر جميع الطاقات لخنق صوت هذا الشعب المنادي بالاستقلال والحرية لنفسه وسائر الشعب المضطهدة.

ومضى الى القول : لكن الجمهورية الاسلامية، وبالرغم من جميع تلك المؤتمرات التي تسعى وراؤها قوى الهيمنة بقيادة الولايات المتحدة والهجمات المختلفة التي تتعرض اليها، مصممة على مواصلة السير نحو التنمية والازدهار وتحقيق الانتصارات في شتى المجالات التي تبعث على الفخر والاعتزاز.

وحول اهم الانجازات التي حققها الشعب الايراني العظيم في مرحلة ما بعد انتصار الثورة الاسلامية، اشار اية الله رئيسي، الى تعزيز وتنويع البنى التحتية الاقتصادية، وارساء شبكات واسعة للتعاون الاقتصادي الدولي وذلك رغم الحرب الاقتصادية الشاملة التي شنها العدو ضد هذا الشعب، وتحقيق التنمية السياسية القائمة على سيادة الشعب الدينية حيث يتم انتخاب جميع المسؤولين وبما يشمل اعلى مراتب القيادة حتى المناطب المحلية، عبر التصويت الشعبي.

كما اكد على استعداد الجمهورية الاسلامية الايرانية التام، لتوظيف انجازاتها العلمية والتقنية وطاقاتها الاقتصادية والتجارية بما في ذلك موارد الطاقة والترانزيت والنقل، في خدمة الارتقاء بمستوى السلام والتنمية العالمية، واعتماد اليات واطر جديدة من التعاون الذي يضمن مصالح الجميع ايضا.

وشدد رئيس الجمهورية على، ان ايران ستقف سدا منيعا امام الدول التي تعمل من خلال تمرير مخططات استعمارية في المنطقة والعالم، على المساس بمصالح الشعب الايراني وسائر الشعوب الاقليمية. 

كما نوه بالاهداف والسياسات الخارجية العريضة للجمهورية الاسلامية، مبينا انها قامة على بناء اكبر نسبة من التعاون مع العالم وارساء التعددية الاقتصادية في المجتمع الدولي، مضافا الى ترسيخ علاقات بناء مع الدول والحضور الفاعل في المحافل الدولية واعتماد الاليات الاقليمية والدولية ايضا.

ولفت الى دور البناء والفاعل الايراني في سياق بناء السلام والامن الاقليميين ومحاربة الجماعات الارهابية، قائلا : ان التصدي الشامل للمجموعات الارهابية والتكفيرية الخلايا الشريرة يشكل احد اولوياتنا للتعاون مع بلدان المنطقة، وبما يلزم على هذه الدول جميعا انشاء تحالف رصين و وثيق فيما يينها لاقتلاع جذور الارهاب من المنطقة ومواجهة الداعمين الاقليميين والدوليين لهذه الظاهرة الخطيرة. 

كما تطرق الى القضية الفلسطينية، وقال : ان الدفاع عن حق السيادة للشعب الفلسطيني، ياتي ضمن اسس السياسة الخارجية للجمهورية الاسلامية الايرانية؛ مردفا، "انني اعتقد بان حضور الكيان الصهيوني المدمر للمنطقة، يشكل بؤرة الازمات التي تحوم بمنطقة غرب اسيا والعالم الاسلامي، على مدى العقود السبعة الماضية.

وفي معرض الاشارة الى مفاوضات الغاء الحظر، قال رئيسي : ان الجمهورية الاسلامية الايرانية، رغم تنصل الاطراف الغربية عن تعهداتها، اعلنت قبل شهور عديدة، استعدادها لحسم نتيجة مفاوضات الغاء الحظر والتوصل الى اتفاق جيد قائم على الانصاف، وقد برهنت على حسن نواياها في سياق تحقيق هذا الهدف.

وفي السياق نفسه، اعرب رئيسي وفقا لارنا، عن اسفه لقاء سلوك الطرف الامريكي والترويكا الاوروبية خلال الفترة الاخيرة؛ مبينا ان هذه الدول تورطت في مشكلتين أساسيتين، أي "الوهم" "والمعادلات الخاطئة"، واضاف : ان هذه الدول فضلت، بدل الاستفادة من الفرصة المتاحة خلال المفاوضات للعودة الى تعهداتها في الاتفاق النووي، فضلت وبشهادة المسؤولين الرسميين فيها، ان تتدخل في شؤون ايران الداخلية وتطرح قضايا لتحريف مسار التفاوض، وكل ذلك يدل على مساعي هذه الاطراف للتنصل من جديد عن التزامها بالتعهدات. 

وعلى صعيد آخر من حديثه في هذا اللقاء، اشار الرئيس الايراني الى اسس ومعايير حقوق الانسان المعتمدة في الجمهورية الاسلامية؛ مبينا انها قائمة على الركائز العقدية والقيم الاسلامية والوطنية التي تلزمها دوما لتكن الاحترام الى القيم الانسانية المتعلقة بحقوق الانسان في الصعيدين المحلي والدولي.

وقال قائد الثورة الاسلامية ، خلال استقباله حشدا من قادة وكوادر القوة الجوية التابعة لجيش الجمهورية الاسلامية الايرانية صباح الیوم الأربعاء : اليوم يصنع الجيش الإیراني طائرات،بينما لم يكن له الحق قبل ذلك (عصر بهلوي) في النظر أو لمس جزءمن الطائرة المقاتلة التي كانت يتم شراؤها من الأمريكيين بكميات كبيرة من المال و أضاف الجيش اليوم مصدر عزة ورضایة وإرتیاح الشعب الإیراني للقيامه بأعمال عظيمة ، ومثيرة للدهشة.

وصرح: من أهم احتياجاتنا اليوم هي تعزيز الوحدة الوطنية مضیفا أن الوحدة الوطنية سد منيع  في مواجهة العدو ولعبت دورا كبيرا في انتصار الثورة الاسلامية ومن ثم في تقدم البلاد والثورة.

واضاف سماحته، نحتاج اليوم إلى المزید من الوحدة ملفتا  إن  مسيرات يوم 22 بهمن  (ذكرى انتصار الثورة الاسيلامية .ش (11 شباط/فبراير 1979) سیکون تجسيدا لحضور الشعب وعزته وثقة الشعب ببعضهم البعض کما أنه مؤشر علی الوحدة الوطنية.

ودعا قائد الثورة، الشعب الايراني، إلی تجسيد الوحدة الوطنية في تلك اليوم  وإیصال رسالة للعدو بان محاولته وراء تقویض الوحدة الوطنية ستبوء بالفشل.

وتابع : ان المقارنة بين جيش ایران بعد انتصار الثورة الاسلامية وقبله توفر مؤشرا واضحا لمعرفة الحقيقة و هوية ثورتنا موضحا أن جيش قبل الثورة الإسلامیة ، عندما تم غزو البلاد في سبتمبر 1941 ، لم يستطع المقاومة  إلا لبضع  ساعات، وتفكك بكل  ما کان لدیه من الادعاءات بشأن قوته.

وعبر سماحة القائد عن أسفه وتعاطفه مع شعبي البلدين الشقیقین سوريا وتركيا بحادث الزلزال، داعيا الباري تعالى بالمغفرة للقتلى وجميل الصبر والسلوان لذويهم.

وفي جانب اخر، دعا الامام الخامنئي، الشعب الايراني الى المشاركة الحماسية في مسيرات يوم 22 بهمن (ذكرى انتصار الثورة الاسلامية 11 شباط/فبراير 1979) و إیصال هذه الرسالة للعدو بوضوح بأن محاولته وراء تقویض الوحدة الوطنية هي محاولة فاشلة كما انه سيفشل فی فصل الشعب عن بعضهم البعض وعن النظام.

وقال سماحته : إن هدف العدو هو تسليم الثورة الإسلامية ونظام الجمهورية الإسلامية لکن بالطبع يقولون عكس ذلك مصرحا بعث  الرئيس السابق للولايات المتحدة رسالة إليّ قبل عشرة أو خمسة عشر عامًا، کتب فیها  بصراحة ؛ أننا لا ننوي تغيير النظام في ايران، في الوقت نفسه ، أبلغنا أنهم يناقشون في مراكزهم الخاصة كيفية الإطاحة بالنظام الإسلامي والجمهورية الإسلامية وتدميرهما.

 واعتبر هناک أسباب مختلفة وراء محاولة العدو لأستسلام ایران، مصرحا :  إن الجمهورية الإسلامية الإیرانیة أخرجت هذه المنطقة المهمة والاستراتيجية والمفيدة ، والغنية بالمعادن الطبيعية والبشرية، من أیدیهم لكن سبب آخر هو أن هذه الجمهورية الإسلامية رفعت الدعوة إلى الاستقلال وعدم تقديم التنازلات.

 واشار الى أن، اثارة الفتنة وانعدام الثقة هو استراتيجية العدو لإجبار إيران على الاستسلام مضیفا  عندما نفقد الثقة، سيختفي الأمل في المستقبل أيضًا.

وأضاف قائد الثورة : إن استقلال الجمهورية الإسلامية الايرانية وعدم تقدیم التنازلات ينبع من الإيمان وتأكيد القرآن على عدم الثقة بالمستکبرین، مؤکدا من يرغب في التخلي عن هذا الإيمان يفقد أهلية العمل في نظام الجمهورية الإسلامية.

إن للإمام الخميني (قدس سره) كلاماً حول مقام الإمام علي عليه السلام غير محتاج إلى شرح وتعليق، فهو بيان فصل ومعنى جامع، قلّما بلغ إلى ما قصده العظماء من أهل العلم، والأولون من أهل الفضل. ويكفيك عبارته في مطلع وصفه للأمير عليه السلام، حيث يقول قدس سره: "علي عليه السلام هو التجلي العظيم لله"([1]).
 
ثم يتوجه قدس سره إلى الكشف عن الأبعاد الوجودية لأمير المؤمنين عليه السلام، قائلاً: "هذا العظيم يمتاز بشخصية ذات أبعاد كثيرة، ومظهر لاسم الجمع الإلهي الذي يحوي جميع الأسماء والصفات، فجميع الأسماء والصفات الإلهية في ظهورها وبروزها في الدنيا وفي العالم ظهرت في هذه الشخصية بواسطة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، وإن أبعاده الخفية هي أكثر من تلك الأبعاد الظاهرة، وإن نفس هذه الأبعاد التي توصل إليها البشر، ويتوصل إليها قد اجتمعت في رجل واحد، في شخصية واحدة جهات متناقضة ومتضادة.. يمتلك جميع الأوصاف وجميع الكمالات([2]).. لم يكن حضرة الأمير عليه السلام من الجهة المعنوية شخصاً مفرداً، بل كان كل العالم"([3]).
 
بهذا الفهم البعيد في أعماقه والراقي في مبادئه بما يعطي لمقام الإمامة من جامعية وإحاطة أنكرها بعض الباحثين عن الحقيقية الذين لم يصلوا إلى ضالتهم اعتماداً على نظرتهم إلى الإمام عليه السلام باتجاه واحد وهو المقام الظاهري له، وهو ما دعاهم إلى الجرأة عليه في الماضي والحاضر مع إغفالهم لمقامه الباطني ومكانته المعنوية، وجهلهم بكل المقامات التي تحدّث عنها الإمام قدس سره. فهل كانوا يفهمون عليًا عليه السلام على أنه التجلي الإلهي العظيم أو أنه كل العالم يا ترى؟!
 
لهذا يظهر الإمام قدس سره تأسفه قائلاً: "يجب علينا أن نأسف لأن الأيدي الخائنة والحروب التي أشعلوها ومثيري الفتن لم يسمحوا لبروز الشخصية الفذة لهذا الرجل العظيم في أبعادها المختلفة([4])." فإذا كان الكثير من أبعاده الظاهرية خافياً عنا، فكيف بالأبعاد المعنوية التي لا ينال معرفة حقائقها أحد من العالمين كما جاء في الأحاديث الشريفة؟.
 
إن ما تقدم من البيان حول مقام مولى الموحدين وزوجه الصديقة الطاهرة عليها السلام كان نموذجاً للإطلالة على رؤية الإمام الخميني قدس سره لهم صلوات الله عليهم من جدهم إلى خاتمهم القائم المهدي عجل الله فرجه، وإنما كان التخصيص في الحديث عنهما عليهما السلام لأنهما الرأس في سلسلة دائرة العصمة والولاية المحمدية العلوية. كما يفهم من مجموع كلامه قدس سره بل من تصريحه ثوابت عديدة منها:
 
وحول ولاية الإمام التكوينية يقول قدس سره: "إن للإمام عليه السلام خلافة تكوينية تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات هذا الكون"([5]).

ويقول أيضاً في حديث عن ولاية الأمير عليه السلام: "إنه عليه السلام صاحب الولاية المطلقة الكلية، والولاية باطن الخلافة... فهو عليه السلام قائم على كل نفس بما كسبت ومع كل الأشياء"([6]).
 
يشير (قدس سره)  إلى مسألة علم الكتاب في حديثه عن نزول الكتاب التكويني قائلاً: إن هذا الكتاب التكويني الإلهي وأولياءه الذين كلهم كتب سمائية نازلون من لدن حكيم عليم وحاملون للقرآن التدويني، لم يكن أحد حاملاً بظاهره وباطنه إلا هؤلاء الأولياء المرضيين كما ورد من طريقهم عليهم السلام. وعن أبي عبد الله عليه السلام: "وعندنا والله علم الكتاب كلّه"([7]).
 


([1]) تفسير آية البسلمة, الإمام الخميني قدس سره ص31.
([2]) منهجية الثورة الإسلامية. ص117.
([3]) خط الإمام, كلام الإمام, ج2, ص14.
([4]) منهجية الثورة الإسلامية. ص116.
([5]) الحكومة الإسلامية، ص52.
([6]) مصباح الهداية, الإمام الخميني, ص142.
([7]) شرح دعاء السحر، ص71.

في أيام شهر رجب المباركة، وليلة ولادة مولى المتقين أمير المؤمنين علي (ع)، أُقيمت مراسم «حفل الملائكة» بحضور المئات من تلميذات المدارس اللاتي بلغن سن التكليف. وأمّ قائد الثورة الإسلاميّة، الإمام الخامنئي، صلاتي المغرب والعشاء، في حسينيّة الإمام الخميني (قده).
في هذه المراسم التي أقيمت في أجواء من البهجة والنشاط، احتفلت الفتيات التلميذات ببدء فصل عبادتهن وعبوديتهن.
وفي هذا الاحتفال، هنّأ الإمام الخامنئي، في كلمة قصيرة، الفتيات بالعيد، وقال: «بناتي وزهراتي العزيزات، إن حفل التكليف هو احتفال وعيد حقيقي، لأنكن منذ لحظة التكليف وجدتن هذا الاستحقاق، أن يتحدث الله إليكنّ ويعطيكنّ التكليف كي تأدّينه، كما أن هذه المرتبة، أي "أن تصير مخاطباً لله"، هي مرتبة قيّمة جدّاً في الإنسانية». وأضاف سماحته مخاطباً الفتيات: «إن الاحتفال بالتكليف يعني أنكن لم تعدن أطفالاً بل فتيات وتتحملن المسؤولية، ويمكنكن أن تكونن مؤثرات في أُسركن ومدارسكن وحتى بيئة اللعب مع أصدقائكن، وأيضاً ترشدن وتوجّهن الآخرين إلى طريق الحق، وهذه هي مسؤولية كل واحد منا».
كذلك، أوصى قائد الثورة الإسلامية الفتيات بأن يكنّ «أصدقاء مع الله العطوف». وقال: «تستطعن أن تصرن أصدقاء مع الله بقلوبكن النورانية والصافية والنقية بدءاً من هذا اليوم، وإحدى الطرق للصداقة مع الله أن تلتفتوا في الصلاة إلى أنكنّ تتحدثن إلى الله، فلتتعلمن معاني كلمات الصلاة وترجماتها، والطريقة الأخرى للصداقة مع الله أيضاً أن تفعلن ما أمر أن تفعلنه وألّا تفعلن ما نهى عنه».
بالإشارة إلى تألق النساء العظيمات والمؤثرات في تاريخ إيران، قال سماحته: «اليوم إن نساءنا البارزات والمتعهدات المسؤوليات في المجالات العلمية والعملية والجهادية، اللواتي يبعثن على المفخرة في البلاد، كثيرات وأكثر من قبل، وأنتن أيضاً فلتسيعن بالدراسة وقراءة الكتب والعمل والتفكير لتكونن في المستقبل من النساء العظيمات في بلدكن العزيز». وأضاف مخاطباً الزهرات الحديثات التكليف: «في مقدوركن أن تؤديّن أدواراً في هذا النضال العظيم الذي بدأه الشعب الإيراني خلال الثورة ضد الظلم والبؤس والتمييز مثل ما أدت نساء كثيرات أدواراً من قبل، واليوم صار الناس مطلعين على جهودهن البارزة طوال سنوات الثورة بالقراءة عن أعمالهن العظيمة في الكتب».
في ختام الحفل، أجرى عدد من الفتيات محادثة ودية مع قائد الثورة الإسلامية.

الشهيد خيري علقم كتب في عيد ميلاده "اللهم اجعلنا من الذين نالوا ما تمنوا" (مواقع التواصل الاجتماعي)

جمان أبو عرفة

"خيرا لنا وعلقما لهم".. هذا ما قاله الفلسطينيون بعد ساعات ودّعوا فيها 12 شهيدا في القدس ومخيم جنين، تلتها أنباء مقتل 7 مستوطنين في عملية إطلاق نار نفذها الشاب المقدسي خيري موسى علقم (21 عاما)، الذي يسكن حي الشيّاح في قرية الطور شرق المسجد الأقصى، وينحدر من قرية بيت ثول المهجرة قضاء القدس المحتلة.

"يا نفس إن لم تقتلي فموتي، ونحن لا نرفع أيدينا إلا لله، ولا نسجد إلا لله، ولا نسمع إلا من رسول الله"، كانت هذه الرسالة الصوتية آخر ما نشره خيري علقم على حسابه في تطبيق "تيك توك" مع صورة له من داخل المسجد الأقصى بعد أدائه صلاة الجمعة، قبل أن ينطلق مساء بمركبته نحو مستوطنة "نيفيه يعكوف" (النبي يعقوب) المقامة على أراضي بلدة بيت حنينا شرق القدس، ليوقع برصاص مسدسه عدد القتلى الأعلى منذ سنوات في صفوف مستوطني القدس.

 

 

 

 

شهيد حفيد شهيد

درس خيري حتى الثانوية في مدارس قرية الطور، ثم عمل بعد تخرجه في مجال الكهرباء بالقدس المحتلة، كما أنه سمي تيمنا بجده الشهيد خيري علقم، الذي طعنه أحد المستوطنين حتى الموت أثناء توجهه إلى عمله في البناء يوم 13 مايو/أيار 1998.

بين الجد والحفيد .. في عام 1998 قتل المستوطن حاييم فلرمن المقدسي خيري علقم طعناً بالسكين .. اليوم يأتي الحفيد خيري علقم لينفذ عملية إطلاق نار بالقدس خلفت عشرة قتلى من المستوطنين .

قالت شرطة الاحتلال إن خيري وصل مساء اليوم الجمعة، وتحديدا الساعة الثامنة والربع، إلى كنيس يهودي في مستوطنة النبي يعقوب، وأطلق النار على المستوطنين هناك، وحاول الانسحاب عبر مركبته، لكن الشرطة وصلت إلى المكان واشتبكت معه حتى رمقه الأخير، وأضافت الشرطة في بيانها أن خيري تصرف بمفرده وعرف المكان وخطط للهجوم مسبقا.

 

 

يقول أحد المسعفين الإسرائيليين في "نجمة داود الحمراء" إنه كان أول الواصلين إلى مكان الحادث، وإنه رأى الجرحى منتشرين في جميع أنحاء الشارع، ومعظمهم مصابون في المناطق العلوية، وأضاف "لم أر مثل هذا الحادث الخطير منذ وقت طويل، رأيت الناس يهربون، وعندما وصلت كان إطلاق النار ما زال مستمرا".

خيري علقم، 21 عاماً فقط، هو فارس القدس الذي زلزل كيان اسرائيل، وقتل 10 من المستوطنين قبل قليل رداً على مجزرة جنين !!
رحمك الله وتقبلك في عليين يا بطل فلسطين ❤️

 

تخبط حول هوية المنفذ

بدا تخبط الاحتلال واضحا حول منفذ العملية، حيث أعلن اسما وصورة خاطئة للمنفذ في بداية الأمر، وتداولت وسائل إعلامه اسم الشاب الفلسطيني فادي عايش من بيت لحم، والذي نفى الخبر عبر حسابه الشخصي في فيسبوك، ليتوقع الاحتلال بعدها أن شخصين نفذا العملية، أحدهما من مخيم شعفاط، ثم تستقر الأخبار على اسم الشهيد خيري علقم، الذي ظلت أسرته تتصل على هاتفه المحمول نصف ساعة متواصلة من دون رد، لترد الشرطة عليها في النهاية.

خيرة الشباب

بعد تأكيد اسم المنفذ، استدعت مخابرات الاحتلال والده وخاله للتحقيق، في وقت احتشد فيه عشرات المقدسيين في محيط بيت العائلة الذي اقتحمته قوات الاحتلال وألقت قنابل الغاز تجاه المحتشدين، ويقول خال الشهيد خيري سفيان قنبر "خيري زينة الشباب وأكثرهم التزاما، هادئ وخدوم ومتعاون، ترتيبه الثاني بين أشقائه السبعة".

كان آخر ما نشره الشهيد خيري على حسابه في فيسبوك نعي للشهيد محمد علي، الذي استشهد برصاص الاحتلال يوم الأربعاء الماضي تزامنا مع هدم بيت الشهيد عدي التميمي في مخيم شعفاط شمالي شرقي القدس المحتلة، كما كان لافتا أن معظم صوره الشخصية من داخل المسجد الأقصى، وحين احتفل بذكرى مولده يوم 19 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي قال "اللهم اجعلنا من الذين نالوا ما تمنوا".

المصدر : الجزيرة