emamian
النيّة من أهمّ الأعمال القلبية
الفقید الراحل السيد عادل العلوي
إنّ للقلب أعمالٌ كما للجوارح أعمال وأفعال، ومن أعمال القلب الإيمان والإقرار والمعرفة والرضا والتسليم والتوكّل والمحبّة والشفقة والتقوى، وغير ذلك...
ومن أهمّ أعمال القلب النيّة، وهي: القصد إلى الفعل، وإنّها واسطة بين العلم والعمل، فإنّه إذا ما لم يعلم الشيء لم يكن قصده، وما لم يقصد لم يقصد لم يصدر عنه، والسالك العارف لمّا كان غرضه الوصول إلى مقصد معيّن كامل على الإطلاق، وهو الكمال المطلق ومطلق الكمال، أي الله سبحانه وتعالى، فلابدّ من اشتمال العمل على قصد التقرّب به إليه عزّ وجلّ. فيمتثل أمر الله تعالى فيما ندب إليه عباده ووعدهم الأجر عليه، وإنّما يأجرهم على حسب عقولهم وأقدارهم ومنازلهم ونيّاتهم.
وإنّما المقصود من العبادات هو الطاعة لا مجرّد التعبّد وإتيان الطقوس الدينية، والناس يتفاوتون في عباداتهم، فمنهم من يعبد الله طمعاً بجنّته، ومنهم من يعبده خوفاً من ناره، ومنهم من يعبده شكراً وحبّاً له.
فمن عرف الله بجماله وجلاله ولطف فعاله، ومن ثمّ أحبّه وعشقه وإشتاق إليه، وأخلص عبادته له، لكونه أهلاً للعبادة ولمحبّته له، فقد أحبّه الله وأخلصه واجتباه، وقرّبه إلى نفسه وأدناه، قرباً معنوياً، ودُنوّاً روحانياً، كمن قال في حقّ مَن هذه صفته:
(وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ) (ص/ 25).
ومن لم يعرف من الله سوى كونه إلهاً صانعاً للعالم قادراً عالماً، وأنّ له جنّة ينعم بها المطيعين، وناراً يعذّب بها العاصين، فعبده ليفوز بجنّته، أو يكون له النجاة من ناره، أدخله الله تعالى بعبادته وطاعته الجنّة وأنجاه من النار، فإنّما لكلّ امرئٍ ما نوى.
والناس في نيّاتهم في العبادات على أقسام: أدناهم من يكون عمله إجابةً لباعث الخوف، فإنّه يتّقي النار، ومنهم من يعمل إجابةً لباعث الرجاء، فإنّه يرغب في الجنّة، ومنهم من يعبد الله حبّاً وشوقاً لا خوفاً ولا طمعاً.
قال أمير المؤمنين وسيّد الموحّدين عليّ (ع): "ما عبدتك خوفاً من نارك، ولا طمعاً في جنّتك، لكن وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك".
عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبدالله (ع) عن حدّ العبادة التي إذا فعلها فاعلها كان مؤدّياً؟ فقال: "حسن النيّة بالطاعة (طاعة الله وطاعة الإمام (ع)".
عن أبي هاشم قال: قال أبو عبدالله (ع): "إنّما خلّد أهل النار في النار لأنّ نيّاتهم كانت في الدنيا أن لو خلّدوا فيها أن يعصوا الله أبداً، وإنّما خلّد أهل الجنّة في الجنّة لأنّ نيّاتهم كانت في الدنيا أو لو بقوا فيها أن يطيعوا الله أبداً، فبالنيّات خلّد هؤلاء وهؤلاء، ثمّ تلا قوله تعالى:
(قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ) (الإسراء/ 84).
قال: على نيّته".
كان الاستشهاد بالآية الشريفة مبنيّ على أنّ المدار في الأعمال على النيّة التابعة للحالة التي اتّصفت النفس بها من العقائد الصحيحة والفاسدة والأخلاق الحسنة والسيِّئة، فإذا كانت النفس على الصحيحة والحسنة فإنّه بتلك الحالة والشاكلة يعمل الخير في الدنيا لو خلّد فيها فيخلّد في الجنّة، وإذا كانت على الباطلة والسيئة فإنّه يعصي الله فيستحقّ الخلود في النار.
يقول العلّامة المجلسي في كتابه القيّم بحار الأنوار: إنّ النيّة ليست مجرّد قولك عند الصلاة أو الصوم أو التدريس: أُصليّ أو أصوم أو أُدرّس قربةً إلى الله تعالى ملاحظاً معاني هذه الألفاظ بخاطرك ومتصوّراً لها بقلبك، هيهات إنّما هذا تحريك لسان وحديث نفس، وإنّما النيّة المعتبرة انبعاث النفس وميلها وتوجّهها إلى ما فيه غرضها ومطلبها إمّا عاجلاً وإمّا آجلاً.
وهذا الانبعاث والميل إذا لم يكن حاصلاً لها لا يمكنها اختراعه واكتسابه بمجرّد النطق بتلك الألفاظ، وتصوّر تلك المعاني، وما ذلك إلّا كقول الشبعان أشتهي طعاماً وأميل إليه قاصداً حصول الميل والاشتهاء، وكقول الفارغ أعشق فلاناً وأُحبّه وأنقاد إليه وأُطيعه، بل لا طريق إلى اكتساب صرف القلب إلى الشيء وميله إليه وإقباله عليه إلّا بتحصيل الأسباب الموجبة لذلك الميل والانبعاث واجتناب الأُمور المنافية لذلك المضادّة له، فإنّ النفس إنّما تنبعث إلى الفعل وتقصده وتميل إليه تحصيلاً للغرض الملائم لها بحسب ما يغلب عليها من الصفات.
فإذا غلب على قلب المدرّس مثلاً حبّ الشهرة وإظهار الفضيلة وإقبال الطلبة إليه، فلا يتمكّن من التدريس بنيّة التقرّب إلى الله سبحانه بنشر العلم وإرشاد الجاهلين، بل لا يكون تدريسه إلا لتحصيل تلك المقصاد الواهية والأغراض الفاسدة، وإن قال بلسانه أُدرّسُ قربةً إلى الله، وتصوّر ذلك بقلبه وأثبته في ضميره وما دام لم يقلع تلك الصفات الذميمة من قلبه لا عبرة بنيّته أصلاً.
وكذلك إذا كان قلبك عند نيّة الصلاة منهمكاً في أمور الدنيا والتهالك عليها والانبعاث في طلبها، فلا يتيسّر لك توجيهه بكلّيته وتحصيل الميل الصادق إليها والإقبال الحقيقي عليها، بل يكون دخولك فيها دخول متكلّف لها متبرّم بها، ويكون قولك: أُصلّي قربةً إلى الله، كقول الشبعان أشتهي طعاماً، وقول الفارغ أعشق فلاناً.
والحاصل أنّه لا يحصل لك النيّة الكاملة المعتدّ بها في العبادات من دون ذلك الميل والإقبال، وقمع ما يضادّه من الصوارف والأشغال، وهو لا يتيسّر إلا إذا صرفت قلبك عن الأُمور الدنيوية، وطهّرت قلبك عن الصفات الذميمة الدنيّة، وقطعت نظرك عن حظوظك العاجلة بالكليّة[1].
فالمراد بالنيّة تأثّر القلب عند العمل وانقياده إلى الطاعة وإقباله على الآخرة وانصرافه عن الدنيا، وذلك يشتدّ بشغل الجوارح في الطاعات وكفّها عن المعاصي، فإنّ بين الجوارح والقلب علاقة شديدة يتأثر كلّ منهما بالآخر، كما إذا حصل للأعضاء آفة سرى أثرها إلى القلب فاضطرب، وإذا تألّم القلب بخوف مثلاً سرى أثره إلى الجوارح فارتعدت، والقلب هو الأمير المتبوع والجوارح كالرعايا والأتباع، والمقصود من أعمالها حصول ثمرة للقلب.
فالنيّة أصل العمل وعلّته وهي الباعثة على العمل، فالنيّة روح العمل، والعمل بمثابة البدن لها.
ثمّ إنّ تصحيح النيّة من أشقّ الأعمال وأحمزها، فهي ليست مجرّد تصوّر الغرض والغاية وإخطارها بالبال، بل هي تابعة للحالة التي النفس متّصفة بها، وكمال الأعمال وقبولها وفضلها منوط بها، ولا يتيسّر تصحيحها إلّا بإخراج حبّ الدنيا وفخرها وعزّها من القلب برياضات شاقّة شرعيّة وتفكّرات صحيحة منتجة ومجاهدات كثيرة متواصلة، فإنّ القلب سلطان البدن، وكلّما استولى عليه يتبعه سائر الجوارح، بل هو الحصن الذي كلّ حبّ استولى عليه وتصرّف فيه يستخدم سائر الجوارح والقوى ويحكم عليها، ولا تستقرّ فيه محبّتان غالبتان كما قال الله عزّ وجلّ: يا عيسى، لا يصلح لسانان في فمٍ واحد، ولا قلبان في صدرٍ واحد، وكذلك الأذهان. وقال سبحانه:
(مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) (الأحزاب/ 4).
فالدنيا والآخرة ضرّتان – إذا لاحظنا الدنيا على نحو الاستقلال، وإلّا فالدنيا مزرعة الآخرة لو لاحظناها كمقدّمة وثانياً وبالتبع، فتأمّل – لا يجتمع حبّهما في قلب، فمن استولى على قلبه حبّ المال لا يذهب فكره وخياله وقواه وجوارحه إلّا إليه ولا يعمل عملاً إلا ومقصوده الحقيقي فيه تحصيله، وإن ادّعى غيره كان كاذباً، ولذا يطلب الأعمال التي وعد فيها كثرة المال ولا يتوجّه إلى الطاعات التي وعد فيها قرب ذي الجلال، وكذا من استولى عليه حبّ الجاه ليس مقصوده في أعماله إلّا ما يوجب حصوله، وكذا سائر الأغراض الباطلة الدنيوية، فلا يخلص العمل لله سبحانه وللآخرة إلّا بإخراج حبّ هذه الأُمور من القلب، وتصفيته عمّا يوجب البعد عن الحقّ.
فللناس في نيّاتهم مراتب شتّى، بل غير متناهية بحسب حالاتهم، فمنها ما يوجب فساد العمل وبطلانه كالرياء والعجب، ومنها ما يوجب صحّته ومنها ما يوجب كماله، ومراتب كماله أيضاً كثيرة[2].
فالنيّة تختلف بحسب الأشخاص والأحوال وبمقدار معرفتهم، ولكلّ منهم نيّة تابعة لشاكلته وطريقته وحالته: (كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ) (الإسراء/ 84)، أي على نيّته، فلكلّ شخص في كلّ حالة نيّة تتبع تلك الحالة فلها منازل ودرجات.
منها: نيّة من تفكّر وتنبّه في شديد عذاب الله وأليم عقابه، فيأتي بالواجبات ويترك المحرّمات خوفاً من عذابه.
ومنها: نيّة من غلب عليه الشوق إلى ما أعدّ الله للمحسنين في الجنّة من نعيمها وحورها وقصورها، فيعبد الله طمعاً في جنّته، وقد وقع اختلاف بين العلماء الأعلام من العامّة والخاصّة في صحّتهما وصحّة العبادة، والعلّامة المجلسي يرى صحّتها على الأظهر خلافاً للزمخشري من العامة وللسيّد ابن طاووس والشهيد الثاني والعلامة الحلّي حيث يدّعي اتفاق العدلية على أنّ من فعل فعلاً يطلب الثواب أو خوف العقاب، فإنّه لا يستحقّ بذلك ثواباً. والأولى تسمّى عبادة العبيد، والثانية عبادة التجّار والاُجراء.
ومنها: عبادة الشاكرين، نيّة من يعبد الله تعالى شكراً له فإنّ من يرى النعم التي لا تحصى يحكم عقله بأنّ شكر المنعم واجب فيعبده لذلك، كما هو طريقة المتكلّمين، وقد قال أمير المؤمنين علي (ع): "إنّ قوماً عبدوا الله رغبةً فتلك عبادة التجّار، وإنّ قوماً عبدوا الله رهبةً فتلك عبادة العبيد، وإنّ قوماً عبدوا الله شكراً فتلك عبادة الأحرار"[3].
فإنّ الحرّ تأمره حرّيته أن يشكر المنعم.
قال عليّ بن الحسين (ع): "إنّي أكره أن أعبد الله لأغراض لي ولثوابه، فأكون كالعبد الطمع المطيع إن طمع عمل وإلّا لم يعمل، وأكره أن أعبده لخوف عباده فأكون كالعبد السوء إن لم يخف لم يعمل، قيل: فلِمَ تعبده؟ قال: لما هو أهله بأياديه عليّ وإنعامه[4].
ومنها: عبادة المحسنين، بنيّة من يعبده حياءً فإنّه يحكم عقله بحسن الحسنات وقبح السيّئات، ويتذكّر أنّ الربّ جليل مطّلع عليه في جميع أحواله، فيعبده ويترك معاصيه لذلك، وإليه يشير النبيّ (ص): "الإحسان أن تعبد الله كأنّك تراه، فإن لم تكن تراه فإنّه يراك".
ومنها: عبادة المقرّبين، أن يعبد الله بنيّة التقرّب إليه تشبيهاً للقرب المعنوي بالقرب المكاني، وهذا هو الذي ذكره أكثر الفقهاء، وربما المراد منه إمّا القرب بحسب الدرجة والكمال، فإنّه العبد لإمكانه في غاية النقص عارٍ عن جميع الكمالات، والربّ سبحانه متّصف بجميع الصفات الكمالية، فبينهما غاية البعد، فكلّما رفع عن نفسه شيئاً من النقائص واتّصف بشيء من الكمالات حصل له قرب ما بذلك الجناب جلّ جلاله. أو القرب بحسب التذكّر والمصاحبة المعنوية، فإنّ من كان دائماً في ذكر أحد ومشغولاً بخدماته، فكأنّه معه.
ومنها: عبادة الصدّيقين، أن تكون بنيّة أنّ الله أهلاً للعبادة كما قالها أمير المؤمنين عليّ (ع)، ولا تسمع هذه الدعوى من غير أولياء الله، وإنّما يقبل ممّن يعلم منه أنّه لو لم يكن لله جنّة ولا نار، بل لو كان على فرض المحال يدخل العاصي الجنّة والمطيع النار، لاختار العبادة لكونه أهلاً له، كما أنّهم في الدنيا اختاروا النار لذلك، فجعلها الله عليهم برداً وسلاماً، كما كان ذلك لإبراهيم (ع) خليل الله نبيّه.
ومنها: عبادة المحبّين الكرام، بأن يعبد الله حبّاً له، ودرجة المحبّة أعلى درجات المقرّبين، والمحبّ يختار رضا محبوبه، ولا ينظر إلى ثواب، ولا يحذر من عقاب، وحبّه تعالى إذا استولى على القلب يطهّره عن حبّ ما سواه، ولا يختار في شيء من الأُمور إلّا رضا مولاه ومحبوبه، كما قال الإمام الصادق (ع): "ولكنّي أعبده حبّاً له عزّ وجلّ، فتلك عبادة الكرام، وهو الأمن، لقوله عزّ وجلّ: (وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ) (النمل/ 89)، ولقوله عزّ وجلّ: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) (آل عمران/ 31).
فمن أحبّ الله أحبّه ومن أحبّه الله عزّ وجلّ كان من الآمنين[5].
وقال (ع): "إنّ العباد [ة] ثلاثة: قوم عبدوا الله عزّ وجلّ خوفاً فتلك عبادة العبيد، وقوم عبدوا الله تبارك وتعالى طلب الثواب فتلك عبادة الأُجراء، وقوم عبدوا الله عزّ وجلّ حبّاً له فتلك عبادة الأحرار، وهي أفضل العبادة".
فالقسم الأوّل: عبدوا الله خوفاً من النار والعذاب فهم كالعبيد يطيعون أسيادهم خوفاً منهم، وتحرّزاً من عقوبتهم، والقسم الثاني: فإنّهم كالأجير يعمل للأجر فيعطى له، إلّا أنّ أفضل العبادة أن تكون حبّاً لله أي محبّاً له، والمحبّ يطلب رضا المحبوب، أو يعبده ليصل إلى درجة المحبّين ويفوز بمحبّة ربّ العالمين، والأوّل أظهر، (فتلك عبادة الأحرار) أي الذين تحرّروا من رقّ الشهوات، وخلعوا من رقابهم طوق طاعة النفس الأمّارة بالسوء الطالبة للذات والشهوات، فهم لا يقصدون في عبادتهم شيئاً سوى رضا عالم الأسرار، وتحصيل قرب الكريم الغفّار، ولا ينظرون إلى الجنّة والنار، وكونها أفضل العبادة لا يخفى على أولي الأبصار، وفي صيغة التفضيل دلالة على أنّ كلّاً من الوجهين السابقين أيضاً عبادة صحيحة، ولها فضل في الجملة، فهو حجّة على من قال ببطلان عبادة من قصد التحرّز عن العقاب أو الفوز بالثواب[6].
وقال (ع): "صاحب النيّة الصادقة صاحب القلب السليم، لأنّ سلامة القلب من هاجس المحذورات بتخليص النيّة لله في الأُمور كلّها". قال الله عزّ وجلّ:
(يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) (الشعراء/ 88-89).
وقال النبيّ (ص): "نيّة المؤمن خيرٌ من عمله".
وقال (ع): "إنّما الأعمال بالنيّات ولكلّ امرئٍ ما نوى".
ولابدّ للعبد من خالص النيّة في كلّ حركة وسكون، لأنّه إذا لم يكن هذا المعنى يكون غافلاً، والغافلون قد وصفهم الله تعالى فقال:
(إِنْ هُمْ إِلا كَالأنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلا) (الفرقان/ 44).
وقال:
(أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) (الأعراف/ 179).
ثمّ النيّة تبدو من القلب على قدر صفاء المعرفة، ويختلف على حسب اختلاف الأوقات في معنى قوّته وضعفه، وصاحب النيّة الخالصة نفسه وهواه مقهورتان تحت سلطان تعظيم الله والحياء منه، وهو من طبعه وشهوته ومنيته، نفسه منه في تعب والناس منه في راحة[7].
قال الإمام محمد بن عليّ الباقر (ع): "لا يكون العبد عابداً لله حقّ عبادته حتى ينقطع عن الخلق كلّه إليه، فحينئذٍ يقول: هذا خالص لي، فيتقبّله بكرمه".
وعلينا أن نسأل الله ذلك كما ورد في المناجاة الشعبانية: "وهب لي كمال الانقطاع إليك".
قال رسول الله (ص): "يا أيّها الناس إنّما هو الله والشيطان والحقّ والباطل والهدى والضلال والرشد والغيّ والعاجلة والعاقبة والحسنات والسيِّئات، فما كان من حسنات فللّه، ومن كان من سيِّئات فللشيطان"[8].
عن أبي عبدالله (ع) في قول الله عزّ وجلّ: (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا) (هود/ 7)، قال: "ليس يعني أكثرهم عملاً ولكن أصوبكم عملاً، وإنّما الإصابة خشية الله والنيّة الصادقة الحسنة، ثمّ قال: الإبقاء على العمل حتّى يخلص أشدّ من العمل والعمل الخالص الذي لا تريد أن يحمدك عليه أحد إلّا الله عزّ وجلّ، والنية أفضل من العمل، ألا وإنّ النيّة هي العمل، ثمّ تلا قوله عزّ وجلّ: (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ) (الإسراء/ 84)، يعني على نيّته"[9].
فالعمدة في قبول العمل بعد رعاية أجزاء العبادة وشرائطها المختصّة، وهي: النيّة الخالصة الصادقة والاجتناب عن المعاصي، كما قال الله تعالى:
(فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) (الكهف/ 110).
وقال سبحانه:
(إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (المائدة/ 27).
قال الشيخ البهائي: المراد بالنيّة الصادقة انبعاث القلب نحو الطاعة غير ملحوظ فيه شيء سوى وجه الله سبحانه، لا كمن يعتق عبده مثلاً ملاحظاً مع القربة الخلاص من مؤونته أو سوء خلقه، أو يتصدّق بحضور الناس لغرض الثواب والثناء معاً، بحيث لو كان منفرداً لم يبعثه مجرّد الثواب على الصدقة، وإن كان يعلم من نفسه أنّه لولا الرغبة في الثواب لم يبعثه مجرّد الرياء على الإعطاء. ولا كمن له وِردٌ في الصلاة وعادة في الصدقات، واتّفق أن حضر في وقتها جماعة، فصار الفعل أخفّ عليه و(الإنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) (القيامة/ 14)، وحصل له نشاط ما بسبب مشاهدتهم وإن كان يعلم من نفسه أنّهم لو لم يحضروا أيضاً لم يكن يترك العمل أو يفتر عنه قطعاً.
فأمثال هذه الأمور ممّا يخلّ بصدق النيّة. وبالجملة فكلّ عمل قصدت به القربة وانضاف إليه حظّ من حظوظ الدنيا بحيث تركّب الباعث عليه من ديني ونفسي، فنيّتك فيه غير صادقة، سواء كان الباعث الديني أقوى من الباعث النفسي أو أضعف أو مساوياً[10]. انتهى كلامه.
فعلينا أن نجاهد بكلّ ما في وسعنا وطاقتنا من تصحيح النيّة، فإنّها أصعب من تصحيح العمل بمراتب شتّى، فإنّه ليس المراد بالنيّة – كما علم – ما يتكلّم به الإنسان عند الفعل أو يتصوّره ويخطر بباله، بل هو الباعث الأصلي والغرض الواقعي الداعي للإنسان على الفعل وهو تابع للحالة التي عليها الإنسان، والطريقة التي يسلكها، فمن غلب عليه حبّ الدنيا وشهواتها لا يمكنه قصد القربة وإخلاص النيّة عن دواعيها، فإنّه نفسه متوجّهة إلى الدنيا وهمّته مقصورة عليها، فما لم يقلع عن قلبه عروق حبّ الدنيا وجذورها، ولم يستقرّ فيه طلب الآخرة وحبّ الله سبحانه لم يمكنه إخلاص النيّة واقعاً عن تلك الأغراض الدنيّة والرذيلة، وذلك متوقّف على مجاهدات عظيمة ورياضات طويلة وتفكّرات صحيحة واعتزال عن شرار الخلق، ولهذا ورد أنّ "نيّة المؤمن خير من عمله" والنيّة أفضل من العمل والسعي في تصحيحها أهمّ وأعظم:
(وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا) (العنكبوت/ 69).
قال أمير المؤمنين عليّ (ع): "الدنيا كلّها جهل إلّا مواضع العلم، والعلم كلّه حجّة إلّا ما عمل به، والعمل كلّه رياء إلا ما كان مخلصاً، والإخلاص على خطر حتى ينظر العبد بما يختم له"[11].
قال رسول الله (ص): "إنّ الله لا ينظر إلى صوركم وأعمالكم، وإنّما ينظر إلى قلوبكم"[12].
وقال (ص): "إنّ أولى الناس أن يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأُتي به فعرّفه نِعَمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت. قال: كذبت وكلّنك قاتلت ليقال: جريء، فقد قيل ذلك، ثمّ أُمر به فسُحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل تعلّم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأُتي به فعرّفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلّمت العلم وعلّمته وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت، ولكنّك تعلّمت ليقال: عالم، وقرأت ليقال: قارئ القرآن فقد قيل، ثمّ أمر به فسحب على وجهه حتى أُلقي في النار".
وقال (ص): "إنّما الأعمال بالنيّات وإنّما لكلّ امرئٍ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى أمر دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه".
وقال: "نيّة المؤمن خيرٌ من عمله، وفي لفظ آخر: أبلغ من عمله".
وقال: "إنّما يبعث الناس على نيّاتهم". وقال (ص) مخبراً عن جبرئيل عن الله عزّ وجلّ أنّه قال: "الإخلاص سرّ من أسراري، استودعته قلب من أحببت من عبادي".
وهذا يعني أنّ لله ودائع خاصّة في قلوب الخواصّ من عباده وهم الذين أحبّهم الله تعالى، وإنّما سبحانه بحبّ المتّقين والمتطهّرين والتائبين والمحسنين كما في آياته الكريمة، فتدبّر.
وقال (ع): "من أخلص لله أربعين يوماً، فجّر الله ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه".
وعن الإمام الصادق (ع)، قال: "ما أنعم الله عزّ وجلّ على عبدٍ أجلّ من أن لا يكون في قلبه مع الله عزّ وجلّ غيره"[13].
هذا وإنّ القرآن الكريم كتاب الله الحكيم يهدي للتي هي أقوم، قد مدح قلوباً وذمّ قلوباً، ونسعى ليكون قلبنا بلطف من الله سبحانه من القلوب الممدوحة والصالحة، والله الموفّق والمستعان.
الهوامش:
[1]- البحار 67: 188. [2]- البحار 67: 194. [3]- البحار 67: 196. [4]- المصدر نفسه: 198. [5]- البحار 67: 198. [6]- الشعراء: 88-89. [7]- البحار 67: 210. [8]- المصدر نفسه: 228. [9]- البحار 67: 230. [10]- البحار 67: 232. [11]- البحار 67: 242. [12]- المصدر نفسه: 248.
[13]- البحار 67: 249، عن كتاب منية المريد للشهيد الثاني.
المصدر: كتاب حقيقة القلوب في القرآن الكريم
الشخصية الوحدوية
العلّامة الراحل السيِّد محمّد حسين فضل الله
يركِّز الإسلام في أخلاقياته، في علاقة المسلم بالله وبالناس وبالحياة كلّها وبالقيادات الشرعية، على النصيحة، وهي أن يبذل الإنسان كلّ جهده ليقدِّم النصيحة التي ترفع مستواه، وتربطه بالله وبسلامة المصير، وتُبعده عن كلّ ما يُسقط إنسانيته ويبتعد به عن الخطّ المستقيم. وقد كان شعار الأنبياء لشعوبهم وأُممهم، أنّهم يقدِّمون إليهم النصيحة، وقدَّموا أنفُسهم على أنّهم الناصحون لهم، الأُمناء على إبلاغهم رسالات الله التي تنقذهم وترفع مستواهم.
فنحن نقرأ في كلمات الأنبياء التي نقلها الله تعالى: (أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ) (الأعراف/ 68). فالنبيّ (ص) لم يأتِ من أجل أن يستغلّ موقعه ليجلب لنفسه نفعاً أو ليحصل على ثروة وما إلى ذلك، وإنما جاء مبلِّغاً للرسالة، وناصحاً للأُمّة، حتى تسير في الخطّ الذي يحقّق لها سلامة المصير. ونقرأ أيضاً: (أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ). وفي آية أُخرى، عندما بلّغ الرسول (ص) كلّ ما عنده من الرسالة، وقدّم لهم كلّ ما عنده من النصح، ولكنّهم تولّوا عنه، قال: (يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ) (الأعراف/ 79).
وفي حديث رسول الله (ص): «قال الله عزّوجلّ: أحبّ ما تعبّد لي به عبدي النصح لي»، أي أن تكون علاقتك بالله علاقة النصح له. والله لا يحتاج إليك لترشده وتنصحه، ولكنّ النصح لله هو الانفتاح على مسؤولياتك أمامه، في توحيدك له سبحانه في العقيدة والألوهيّة والعبادة والطاعة.
وعن رسول الله (ص): «مَن أصبح لا يهتمّ بأُمور المسلمين فليس منهم ـ بحيث يكون همّ المسلمين همّه، ومشاكلهم مشاكله، فإذا لم يهتمّ بأُمورهم، وعاش الفردية في ذلك، فليس منهم مسلماً ـ ومَن لم يصبح ويمس ناصحاً لله ـ في الإخلاص لمسؤولياته أمام الله ـ ولرسوله ـ في السير على خطّ رسالته ـ ولكتابه ـ للقرآن في العمل به ـ ولإمامه ـ الذي يمثِّل القيادة الشرعية ـ ولعامّة المسلمين ـ كلّ المسلمين في كلّ قضاياهم الثقافية والسياسية والاقتصادية والأمنية ـ فليس منهم». فمن لا ينصح المسلمين في ذلك، فإنّه يكون خارجاً عن الأُمّة، ولا يمثِّل عضواً صالحاً في مجتمعهم.
وعنه (ص) أنّه قال لأصحابه: «الدِّين النصيحة»، فالدِّين تختصره كلمة النصيحة التي يحملها المسلم المتديّن في عقله وفكره وحركته في الحياة، فقال الأصحاب: «لمن؟»، قال (ص): «لله ولكتابه ولرسوله ولأئمّة المسلمين وعامّتهم».
ويقول الإمام الصادق (ع) وهو يتحدّث عن الإمام عليّ (ع) في انفتاحه على واقع المسلمين واهتمامه بسلامتهم واستقامتهم وعزّتهم وكرامتهم: «إنّ عليّاً كان عبداً ناصحاً لله عزّوجلّ فنصحه، وأحبّ الله عزّوجلّ فأحبّه».
وتلك كانت قيمة الإمام عليّ (ع)، أنّه عاش مع الله في كلّ كيانه، فلم يكن في الإمام عليّ شيء لنفسه، بل كان بكلّه لله، وقد باع نفسه لله، فأحبّه الله تعالى وأحبّه رسول الله، ولذلك كانت كلمة النبيّ (ص) في واقعة خيبر: «لأعطينّ الرّاية غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله». وتلك كانت ميزة الإمام عليّ (ع) في المسلمين، فلم يكن بين الصحابة ـ كلّ الصحابة ـ مَن ارتفع إلى هذا المستوى من الإخلاص لله ولرسوله وللمؤمنين.
وعن النبيّ (ص): «إنّ أعظم الناس منزلةً عند الله يوم القيامة، أمشاهم في أرضه بالنصيحة لخلقه». هذه المرتبة العليا عند الله، لا يمنحها إلّا لمن تكون حركته في كلّ الأُمور في خطّ النصيحة لخلق الله تعالى، بحيث يدرس كلّ أوضاعهم ويلاحق كلّ حالاتهم، وكلّ ما يمكن أن يرتفع بهم إلى الدرجات العليا في دينهم ودنياهم. وعن النبيّ (ص): «مَن يضمن لي خمساً أضمن له الجنّة: النصيحة لله عزّوجلّ ـ وذلك بأن يخلص لله في كلّ مسؤولياته أمامه ـ والنصيحة لرسوله ـ في السَّير على سنّته والاقتداء بسيرته والدعوة إلى رسالته ـ والنصيحة لكتاب الله ـ بالعمل بكتاب الله ـ والنصيحة لدين الله ـ بحيث يتحمّل الإنسان الذي يعيش رسالية الدِّين، مسؤوليته في خطّ الدعوة إلى الله ومسؤولية تعليم الناس والسَّير بهم في الخطّ المستقيم ـ والنصيحة لجماعة المسلمين»، بحيث يعيش الاهتمام بأُمورهم ويواجه واقعهم بمسؤولية.
ونقرأ في حديث الإمام الصادق (ع): «يجب للمؤمن على المؤمن ـ كتكليف شرعي ملزم ـ النصيحة له في المشهد والمغيب». وعنه (ع): «عليكم بالنصح لله في خلقه ـ لأنّك إذا نصحت خلق الله وعباده، فقد نصحت لله، لأنّ الله يريد لك أن تكون الناصح لعباده بما يقرِّبهم إليه ويرفع مستواهم عنده، وبما يحقّق لهم النتائج الكبرى في سلامة المصير ـ فلن تلقاه بعمل أفضل منه»، فإنّ النصح لله في خلقه، هو العمل الأفضل الذي لا عمل فوقه في حركة الإنسان في الواقع. وعن النبيّ (ص): «انسك الناس نسكاً، أنصحهم جيباً ـ بأن يكون صدره مفتوحاً بالنصيحة للمسلمين ـ وأسلمهم قلباً لجميع المسلمين»، فلا يحمل في قلبه أيّ حقد عليهم في أيّ أمر من الأُمور.
وقد كان الإمام عليّ (ع) يخاطب المسلمين في خلافته، فيؤكِّد لهم ما هو حقّ الإمام على الأُمّة، وما هو حقّ الأُمّة على الإمام: «أيّها الناس، إنّ لي عليكم حقّاً ولكم عليَّ حقّ، فأمّا حقّكم عليَّ فالنصيحة لكم... ـ أن أنصح لكم وأرشدكم وأنفتح على كلّ قضاياكم، بما يمكن أن يحقّق لكم الخير والسعادة والسلامة ـ وأمّا حقّي عليكم، فالوفاء بالبيعة والنصيحة في المشهد والمغيب».
ونقرأ في كلمته (ع) وهو يتحدَّث عن الصالحين من أصحابه: «أنتم الأنصار على الحقّ، والإخوان في الدِّين، فاعينوني بمناصحة جليّة لا غشّ فيها»
ويقول (ع) وهو يوجّه الناس إلى الارتباط بالقرآن، والانفتاح على آياته واتّباع كلّ تعاليمه: «اتّعظوا بمواعظ الله، واقبلوا نصيحة الله، واعلموا أنّ هذا القرآن هو الناصح الذي لا يغشّ، فاستنصحوه على أنفُسكم، واتّهموا عليه آراءكم، واستغشوا فيه أهواءكم».
إنّ كلّ هذه الكلمات الواردة في الكتاب والسنّة، تريد من مجتمعنا أن يكون مجتمعاً يعيش المسؤولية تجاه كلّ أفراد المجتمع، بحيث يعمل كلّ إنسان على تحريك فكره ليدرس ما يحتاجه المسلمون، ممّا يمكن أن يحقّق لهم الخير والقوّة والسلامة، ولاسيّما في المواقع التي يواجهون فيها التحدّيات الكبرى من قبل المستكبرين، الذين يكيدون لهم، ويعملون على مصادرة كلّ واقعهم. إنّ القضيّة أنّ كلَّ واحد من المسلمين مسؤول عن كلِّ المسلمين: «كلّكم راعٍ، وكلّ راعٍ مسؤول عن رعيته». إنّ الأُمّة الإسلامية تمثِّل وحدة في المصير والمسير، وعلينا أن نرتفع إلى مستوى هذه الوحدة لنعيش همّ المسلمين، لنؤكِّد القوّة في كلِّ واقعهم.
السودان.. 36 مصابا في مظاهرات مؤيدة للحكم المدني وحمدوك يتعهد باستكمال مؤسسات الحكم الانتقالي
أعلنت وزارة الصحة السودانية إصابة 36 شخصا خلال مظاهرات أمس الخميس التي شهدتها الخرطوم للمطالبة بتسليم السلطة لحكومة مدنية، بينما أكد رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك أن المتظاهرين أثبتوا تمسكهم بالسلمية وبالتحول الديمقراطي.
وقالت اللجنة في بيان إن "القوات النظامية استخدمت القوة والرصاص والغاز المسيل للدموع ضد الأبرياء".
وفي وقت لم تقدم الجهات الرسمية تفاصيل بشأن هويات المصابين، أعلنت الشرطة إصابة اثنين من منتسبيها من قبل المتظاهرين بمدينة أم درمان غربي الخرطوم.
وقالت الشرطة إن "مجموعة محدودة من المتظاهرين انحرفت عن السلمية، وهاجمت قوات الأمن أمام البرلمان.
وخرجت الخميس حشود ضخمة من المتظاهرين في مناطق متفرقة من العاصمة السودانية الخرطوم ومدن أخرى في احتجاجات لرفض الحكم العسكري، كما طالبت مظاهرة دعت إليها "قوى الحرية والتغيير-المجلس المركزي" لدعم حكومة حمدوك.
وقد أغلقت قوات الأمن الطرقَ المؤدية إلى المقار الحكومية والأسواق الرئيسية.
وأظهرت مقاطع فيديو متداولة، مشاركة عدد من وزراء الحكومة الانتقالية في مظاهرات الخرطوم تأييدا للانتقال الديمقراطي. وتوضح المقاطع مشاركة كل من وزير شؤون مجلس الوزراء خالد عمر، ووزير الصناعة إبراهيم الشيخ، ووزير النقل ميرغني موسى.إغلاق مربع الحوار المشروط
مظاهرات مدن أخرى
وتزامنا مع مظاهرات الخرطوم تجمعت أعداد كبيرة من المتظاهرين في ميدان الحرية بمدينة الأُبَيِّض عاصمة ولاية شمال كردفان غربي السودان.
وطالب المتظاهرون بمدنِية الحكم وتسليم المطلوبين من قبل المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمتهم بمقر المحكمة في لاهاي.
وفي مدينة بورتسودان شمال شرقي السودان خرجت مظاهرات شاركت فيها مجموعات من قوى الثورة.
وطالب المتظاهرون بتسليم الحكم للمكون المدني واستكمال بناء مؤسسات السلطة الانتقالية. وسارت المواكب في عدد من شوارع المدينة وصولاً إلى الأمانة العامة لحكومة ولاية البحر الأحمر، في وقت أَغلقت فيه قوات الجيش جميع الطرق المؤدية إلى مركز القيادة وسط المدينة.
كما شهد إقليم دارفور مظاهرات تطالب بتسليم السلطة في البلاد إلى المكون المدني.
وردد المتظاهرون شعارات تحذر من تقويض الحكم المدني، ومن الانقلاب العسكري على السلطة. وتأتي هذه المظاهرات في إطار ما تسمى "مليونية 21 أكتوبر لدعم الانتقال المدني".
وفي مدينة بورتسودان، شمال شرقي البلاد، خرجت مواكب شاركت فيها مجموعات من قوى الثورة، استجابة لدعوة المجلس المركزي، للمطالبة بمدنية الدولة، واستكمال مؤسسات السلطة الانتقالية.
في المقابل، نظم مجلس نظارات البجا والعموديات المستقلة مظاهرة أمام بوابة الميناء الجنوبي بمدينة بورتسودان، شمال شرقي البلاد.
وجدد المتظاهرون مطالبهم بإلغاء مسار شرقي السودان في مفاوضات جوبا، وحل الحكومة، وتشكيل حكومة كفاءات غير حزبية.
اعتصام القصر الجمهوري
في الأثناء، يواصل أنصار تحالف قوى الحرية والتغيير- مجموعة الميثاق الوطني اعتصامهم أمام القصر الجمهوري بالخرطوم.
ويطالب المعتصمون بتوسيع قاعدة المشاركة بالفترة الانتقالية، والالتزامِ بتنفيذ بنود الوثيقة الدستورية، وحل الحكومة الحالية، وتشكيل حكومة كفاءات، وبالإسراع في تكوين هياكل السلطة الانتقالية.
وقد أشار المراسلون إلى أن اعتصام القصر الجمهوري استقبل أمس وفودا من مناطق عدة للمشاركة في فعالياته، وتأييدا لمطالبه.
وقال إن المعتصمين يطالبون بحل حكومة عبد الله حمدوك، ويدعون لاستكمال مؤسسات الدولة كالمجلس التشريعي، والمحكمة الدستورية والمجلس الأعلى للقضاء، والمجلس الأعلى للنيابة. ويتهمون من يصفونهم بمجموعة الأربعة باختطاف الثورة، وبأنها قامت بإقصاء الآخرين.
وأضاف المراسل أن المعتصمين يرفضون الاتهامات لهم بالتحالف مع فلول النظام "البائد"، ويشددون على ضرورة فتح الفترة الانتقالية لمختلف المكونات السياسية والاجتماعية باستثناء حزب البشير.
وأشار إلى أنهم أيضا ينادون بإشراك مختلف السودانيين في وضع وكتابة الدستور.
تسليم السلطة
بدوره، قال رئيس الوزراء، في خطاب بمناسبة ذكرى الـ 21 من أكتوبر/تشرين الأول، "إن المتظاهرين أثبتوا اليوم تمسكهم بالسلمية وبالتحول الديمقراطي". وجدد تعهده بإكمال مؤسسات الحكم الانتقالي، مؤكدا ألا تراجع عن أهداف الثورة.
من جهته، دعا تجمع المهنيين السودانيين إلى مواصلة التصعيد الثوري بعد أن قال الشارع كلمته.
ودان التجمع في بيان ما وصفه بالهجوم على المواكب السلمية التي خرجت في شوارع المدن السودانية.
ورأى التجمع أن ما جرى إعلان سافر من السلطة الحالية بكل مكوناتها عن عدائها للثورة وتطلعات الثوار.
ودعا تجمع المهنيين المتظاهرين إلى عدم التراجع حتى تسليم السلطة وجعل المواكب المليونية بمثابة صافرة النهاية وسقوط ما سمّاها شراكة الدم والسلطة البغيضة، وفق تعبيره.
كما طالب إبراهيم الشيخ وزير الصناعة السوداني والقيادي في تحالف قوى الحرية والتغيير-مجموعةِ المجلس المركزي، رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان بتسليم السلطة للمكون المدني فورا.
وقال الشيخ في تصريح :إن "ما حدث في مدينة أم درمان من إصابات بسبب عملية فض المظاهرات، ليس بعيداً من المخطط الكلي لخلق خلل أمني
من جانبه، قال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، إن المنظمة الدولية تؤيد حق جميع السودانيين في التظاهر والتعبير عن آرائهم بحرية وسلمية.
وأكد دوجاريك أن الأمم المتحدة ملتزمة بدعم السلطات الانتقالية بالسودان في انتقالها إلى الديمقراطية.
وتقاسم الجيش الحكم مع المدنيين في سلطة انتقالية منذ الإطاحة بالرئيس عمر البشير عام 2019 في ثورة شعبية بعد 3 عقود في السلطة.
ومؤخرا تحالف ائتلاف من مجموعات متمردة وأحزاب سياسية مع الجيش، الذي اتهم الأحزاب المدنية بسوء الإدارة واحتكار السلطة، ويسعى إلى حل مجلس الوزراء.
ويقول قادة مدنيون إن هذا من شأنه أن يصل إلى حد الانقلاب، ويقولون إن الجيش يهدف إلى تنصيب حكومة يمكنه السيطرة عليها.
المصدر : الجزيرة + وكالات
الإستراتيجية المحمدية في تبليغ رسالة الإسلام إلى العالم
عثمان عبدعثمان
◄اتجه الرسول محمّد (ص) إلى الدائرة الدولية لتبليغ الرسالة الإسلامية، عقب صلح الحديبية. وكانت الإمبراطوريات والدول العظمى في حينه المجاورة للجزيرة العربية هي التالية:
الإمبراطورية الرومانية، الإمبراطورية الفارسية، مملكة الحبشة، مملكة الأقباط بمصر.
لجأ الرسول الكريم إلى أسلوب التبليغ لقادة الإمبراطوريات العالمية الأربع تلك، من خلال رسائل بعث بها إلى قادة تلك الإمبراطوريات. وفي تلك الرسائل، وهي قصيرة، أشار (ص)، إلى أولئك القادة، بانبثاق فجر الدعوة الإسلامية، كما دعاهم إلى الإيمان بوحدانية الله، وصحح لهم حقيقة رسالة المسيح (ع).
مَن يتمعن كلمات تلك الرسائل يلمس أسلوباً من الدبلوماسية السلمية الإنسانية لم يشهد لها التاريخ مثيلاً، حتى يومنا هذا.
لم يهدد الرسول بالويل والثبور وعظائم الأمور، إن رفض أولئك القادة مضمون رسالته، بل لجأ (ص)، إلى ترديد عبارة (نصيحة) في رسالته إلى النجاشي، ليصف نوع تلك الرسالة، حيث اختتم الرسالة بالقول "وقد بلّغت ونصحت فاقبلوا نصيحتي".
أمّا في رسائله الثلاث الأخرى إلى هرقل، والمقوقس، وكسرى، فقد أوضح (ص)، لهم أنّ عليهم إثم قومهم، إن هم رفضوا دعوته، معنى ذلك، أنّ حسابهم عند ربّهم وليس عند قوات المسلمين، ولا في معارك عسكرية على الأرض.
وفيما يلي النص الحرفي للرسائل:
رسالة الرسول محمّد (ص) إلى النجاشي ملك الحبشة:
(بسم الله الرحمن الرحيم، من محمّد رسول الله إلى النجاشي الأصخم ملك الحبشة، سلمٌ أنت، فأني أحمد الله الذي لا إله إلّا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن وأشهد أنّ عيسى بن مريم روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم البتول الطيِّبة الحصينة فحملت به، فخلقه من روحه، ونفخه كما خلق آدم بيده، وأنّي أدعوك إلى الله وحده لا شريك له، والموالاة على طاعته، وأن تتبعني وتؤمن بالذي جاءني فأنّي رسول الله وأنّي أدعوك وجنودك إلى الله عزّوجلّ، وقد بلغت ونصحت فاقبلوا نصيحتي، والسلام على من اتبع الهدى).
استجاب النجاشي وأعلن إسلامه وبعث رسالة بذلك إلى النبيّ الكريم، ولما قرئت الرسالة على مسامع النبيّ الكريم، قال عبارته المأثورة:
(اتركوا الحبشة ما تركوكم).
معنى ذلك، أنّ الرسول ترك مملكة الحبشة، بعد أن أسلَم ملكها، دون أي اندماج بينها وبين دولة المسلمين، بل دون أي تعديل في هيكلية مؤسسات تلك المملكة.
الرسالة الجوابية من النجاشي للرسول محمّد (ص):
(بسم الله الرحمن الرحيم، إلى محمّد رسول الله من النجاشي الأصخم بن أبجر، سلام عليك يا نبيّ الله من الله، ورحمة الله وبركات الله الذي لا إله إلّا هو، الذي هداني إلى الإسلام، أمّا بعد، فقد أتاني كتابك يا رسول الله فيما ذكرت من أمر عيسى، فوربّ السماء والأرض أنّ عيسى لا يزيد على ما ذكرت تغروفاً، وإنّه كما قلت، ولقد عرفنا ما بعثت به إلينا، ولقد قربنا ابن عمك وأصحابه وأشهد أنّك رسول الله صادقاً، وقد بايعتك وبايعت ابن عمك وأسلمت على يديه لله ربّ العالمين، وبعثت إليك بابني ارمى بن الأصخم، فأنّي لا أملك إلّا نفسي وإن شئت أن آتيك يا رسول الله فعلت، فأنّي أشهد أنّ ما تقوله حقّ، والسلام عليك يا رسول الله).
رسالة الرسول محمّد (ص) للمقوقس حاكم مصر:
(بسم الله الرحمن الرحيم، من محمّد رسول الله إلى المقوقس عظيم القبط، سلام على من اتبع الهدى، أمّا بعد فأنّي أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإنّ عليك إثم القبط، (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) (آل عمران/ 64)).
رد المقوقس على كتاب رسول الله وذلك بعد عدة لقاءات مع حاطب بن أبي بلتعة، حامل الرسالة النبوية إلى المقوقس، الذي شرح خلالها مبادئ الإسلام، وأسسَ رسالة التوحيد إلى المقوقس، ونبوة الرسول الكريم ودلالاتها. كتبَ المقوقس إلى الرسول محمّد بالرسالة التالية:
(بسم الله الرحمن الرحيم، لمحمّد بن عبدالله من المقوقس عظيم القبط، سلام عليك، أمّا بعد فقد قرأت كتابك، وفهمت ما ذكرت فيه، وما تدعو إليه، وقد علمت أنّ نبيّاً بقي، وقد كنت أظن أنّه يخرج بالشام، وقد أكرمت رسولك، وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم، وكسوة، وأهديت إليك بغلة لتركبها، والسلام عليك).
كان رد المقوقس أن أمر بمعاملة حامل الرسالة النبوية إليه، بمنتهى الأدب، فهو لم يدخل في دين الإسلام، كما لم يتصرّف بالتهديد والوعيد. على العكس من ذلك، عبّر عن احترامه للرسول، وللدعوة الجديدة. وعبّر عن ذلك برسالته إلى الرسول الكريم، كما بعث بهدية عبارة عن جاريتين إحداهما ماري القبطية، وكان إهداء جارية في ذلك العصر دليل التقدير والاحترام.
ولقد تعامل الرسول محمّد مع (هدية) المقوقس، بالمبادئ النبوية الإسلامية، وهو أن تزوج من ماري. كما تزوج الصحابي حسان بن ثابت الجارية الثانية، وتُدعى شيرين.
وهذا الرد المحمّدي على هدية المقوقس، يمثل قمة التعامل الإنساني الذي يجسّد عظمة المبادئ الإسلامية في الحياة الدنيوية.
لم يتعامل الرسول محمّد مع ماري القبطية، معاملة متعة، أو (هدية). بل أدخلها إلى نسبه، وأعطاها اسمه الكريم حين جعلها زوجة له، كذلك فعل حسان بن ثابت مع الجارية الثانية.
جاءت ماري إلى الرسول محمّد من عند سيِّدها المقوقس، جارية، فأصبحت منذ لحظة وصولها إلى بيت الرسول، زوجة لأعظم الخلق.
وهل من نعمة للجارية، أفضل من أن تدخل النظام الاجتماعي باعتبارها زوجة، لها زوج يعيلها ويحميها، وتشترك معه في الحياة الدنيا، تصونه وترعاه وتحمل اسمه وتنجب له الأبناء؟
رسالة الرسول الكريم إلى كسرى ملك الفرس:
(بسم الله الرحمن الرحيم، من محمّد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس، سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله، وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له وأنّ محمّداً عبده ورسوله، أدعوك بدعاية الله، فأنّي رسول الله إلى الناس كافة لأُنذر مَن كان حيّاً ويحقّ القول على الكافرين، أسلم تسلم، فإن أبيت فعليك إثم المجوس)
رد كسرى على الرسالة بموقف دل على حقده وكراهيته للإسلام، وذلك بأن مزّق الرسالة المحمّدية بغضب وغطرسة واستكباراً. بل تمادى استكباره بأن أرسل إلى ملك اليمن الحليف له، يطلب فيها منه، أن يأسر محمّداً ويرسله إليه، إلى كسرى.
لم يصدر عن الرسول الكريم أي تهديد بالرد العسكري، ضد كسرى ومملكته، حين تناهى إليه ـ إلى الرسول ـ رد كسرى. وهذا يعني بكلّ وضوح، أنّ الرسول كان يهمه تبليغ الدعوة، إلى جانب عدم إهدار الطاقات الإسلامية البشرية في الدولة الوطنية الإسلامية.
لقد استطاع الرسول أن يبلّغ دعوة التوحيد إلى مملكة فارس، من خلال الرسالة التي بعث بها إلى كسرى. أي أنّ تبليغ رسالة الإسلام إلى غير المسلمين، تبدأ وتنتهي، بالدعوة السلمية والحوار لا بالعنف ولا بالسيف.
كتاب رسول الله إلى هرقل إمبراطور الروم:
(بسم الله الرحمن الرحيم، من محمّد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على مَن اتبع الهدى، أمّا بعد فأنّي أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإنّ عليك إثم الأريسيين، و(قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) (آل عمران/ 64)).
استشار هرقل أحد المطلعين على الكُتُب المقدّسة والكهنة، فأكدوا له أنّ محمّداً هو النبيّ المنتظر، قال هرقل لدحي الكلبي حامل الرسالة إليه:
(والله أن لأعلم أنّ صاحبك نبيّ مرسل، وأنّه الذي كنّا ننتظر، ونجده في كُتُبنا، ولكن أخاف الروم على نفسي، ولولا ذلك لاتبعته).
معنى ذلك، أنّ هذا الأسلوب في نشر الدعوة، وأن لم يترتب عليه إعلان هرقل قبوله بها، فأنّه أسهم وإلى حدّ بعيد، في إحداث هزة عقلية، وعقائدية لدى هرقل. كما أحدثت جدلاً في أوساط حاشية هرقل، وهذا الأثر وتلك الهزة، ساهمتا في دحر هيمنة الروم على بلاد الشام فيما بعد.►
المصدر: كتاب السياسية الخارجية للدولة الإسلامية
أسباب التهرب من الضريبة من وجهة نظر إسلامية
د.عبدالأمير كاظم
الأسباب الوجيهة التي يمكن اعتمادها ما يلي :
أوّلاً- عدم التوافق بين العقيدة الشخصية والنظام الذي يقنن فرض الضريبة ممّا يؤدِّي إلى فقدان الانسجام في ذلك تماماً.. ولا أخالني أبالغ إذا ما قلت أنّ الإنسان يندفع للعمل بنسبة خاصّة تتناسب وإيمانه بذلك العمل فكلّما كان الشخص المكلّف مؤمن بما يجب أن يفعله وواضح لديه، نحوه بكلّ قوّة وإقبال.. فإذا وجدنا هذا السبب موجوداً في الدول الإسلامية بسبب ما يعتقده الإنسان المسلم من دين ونظام وأُسس خاصّة لحياته وفكرة معيّنة عن الكون والحياة إلى غير ذلك، وبين النظام السياسي الذي يحكمه ويختلف عن معتقده جملة وتفصيلاً، بل لا يوجد هناك قاسم مشترك في الموضوع، ممّا يثير عنده عدم الرغبة في الدفع أوّلاً ويشعر بالإجحاف والظلم في ذلك، وربّما نجد أنّ هذا المكلّف الذي يدفع الضريبة في النظام الإسلامي ممّن يجب على الدولة الإسلامية أن تزيد من دخله وتسعفه لحاجته.
إذن كيف يستطيع أن يدفع كهذا الضريبة، كما أنّ دفع الإنسان الضريبة في المجتمع الإسلامي لمثل هذا النظام أو عدم دفعه لها لا يترتب عليه أثر شرعي، لأنّه مكلّف وفق عقيدته بدفع ضرائب معيّنة ويعرف موارد إنفاقها، وهي موارد حقيقية ومعتبرة، لكنّه في النظام الوضعي نرى هذا الإنسان يتهرب قدر المستطاع من تحمّل عبء هذه الضريبة لأنّها تُصرف منها على مشاريع فاسدة ومشاريع مضرة، بل مشاريع يراها تخالف معتقده ومبادئه، والحالة هذه يبقى هذا الإنسان يدفع الضريبة تحت نير الخوف والإرهاب، فيدفع مبلغاً من المال بهذا العنوان ليتقي ضرراً يصيبه.
وهذا الحال وأن كان في المجتمعات الإسلامية فهو أيضاً له وجود في المجتمعات الأُخرى غير الإسلامية وحتى في الدول الغربية أيضاً ترى أنّ المشرّع يجنح في كثير من الأحيان إلى تشريع قوانين يمجها الفرد ولا تتفق وتوجهه.. ولهذا نشاهد عدم الثبات في أسعار الضريبة وتشريعاتها، كذلك نلاحظ أنّ عند كلّ عملية انتخاب رئيس دولة أو عمدة، أو غير ذلك، يطرح ذلك المرشح مسألة التخفيف من الضريبة وعبئها عن المواطنين تشجيعاً لهم لانتخابه، وإلّا لو كان ذلك منسجماً مع وجهات نظر ذلك الشعب أو هذا، وتحقّق الانسجام لما احتيج إلى تشريع قانون يعالج التهرب، أو لما انشغل المختصون بذلك طويلاً.
ثانياً- قلة الوعي الضريبي: الوعي الضريبي له أهميّة في استجابة المكلّف لدفع الضريبة، وهذا بطبيعة الحال يعتمد على أُسس حقيقية، واقعية، تنطلق وإيمان الشخص نفسه، وبعكسه سوف تصطدم فكرة الوعي الضريبي بالشعار، ومن ثمّ الكذب، وحتى إذا تأثر بها مجموعة من الأفراد، فإنّ هذه المجموعة ستفقد الثقة بعد حين. وحينئذ تنسلخ الفائدة ويفشل الهدف... وتبقى الحالة كما هي.
وفي التشريع المالي الإسلامي يحصل الإنسان المسلم هذا الوعي في حياته اليومية، ويعي حقيقة دفعه بصورة واضحة ويعتبرها جزءً من عبادته ومعتقده ممّا يشكّل عليه تأخيرهُ عن دفعها فضلاً عن الامتناع عن دفعها، وأنّه يشعر بأنّ دفع الضريبة هذه يعود بالمنفعة عليه لأنّه أدَّى عبادة مالية فينتظر الأجر والرِّضا الإلهيّ عنه، كما أنّه لا يشعر بنوع من الغبن، بل يشعر بالارتياح والسرور لقيامه بهذا الواجب.
كما أنّ الوعي الضريبي يأتي بدون تكليف أو حرج يتلقّاه الإنسان المسلم كما يتلقّى تعاليم الصلاة والصوم والحجّ والجهاد وغيره من العبادات... وهذا ما لا يوجد في غير الإسلام.. وإن وجد في ملة أو منطقة فهو حالة مؤقتة منشاؤها تعصب أو غيره. لا تتميز بالثبات والدوام.
ثالثاً- العدالة الضريبية في الإسلام: أنّ كلّ التشريعات المالية والضريبة على أساس هذه الصفة بالضريبة، باعتبارها إحساس فطري لدى الإنسان وحري بالمشرّع أن يتلمس هذا الشرط في فرضه للضريبة، كما أنّ المكلّف يتوخى هذا الشيء أيضاً.. ولكن ممّا تحدّث المشرّعون ومهما أوردت التشريعات الضريبية هذا الشيء فهو شكلي.. وأن وجد من العدالة فهي عدالة ضئيلة ونسبية وهذا ربّما بهذا المستوى موجود في النظرية، أمّا في التطبيق فتعدم.
كما أنّ المكلّف تنتابه أفكار وتفسيرات بعدم تحقّق هذا الأمر ممّا يجعله ينظر إلى عدم عدالة الضريبة.. أضف إلى ذلك الجانب الحسي لدى مشروع الضريبة والعامل على جبايتها، حيث تتأثر نفسيته بمختلف المؤثرات ممّا يضفي على الضريبة عدم عدالتها وهذا ما لا نجده في الإسلام.. لأنّ المشرّع هو الله تعالى.. العادل المطلق الكامل الذي يعرف مخلوقه وحاجته وإحساسه ومشاعره... وحينئذ نستبعد عنصر الانحياز أو العاطفة أو المؤثرات الأُخرى. بل أنّ التشريع الضريبي هذا يتسم بروح العدالة والانسجام مع الفطرة الإنسانية كما أنّ الفطرة الإنسانية الخالصة تتقبّلها بعين الرِّضا والقبول وتقر بعبادتها وشرعيتها.. وبالتالي فإنّ العدالة الضريبية في الإسلام متحقّقة بشكل كلّي وحقيقي وأنّ طُرُق جبايتها ومواصفات الجابي لها أيضاً مقننة ممّا يحقّق العدالة التامة.
رابعاً- انعدام الثغرات في التشريع المالي والإسلامي: النظام الضريبي في الإسلام مشرّعاً من قبل الله سبحانه وتعالى ممّا يصعب على الإنسان أن ينفلذ منه أو يتحايل عليه وهذا يرجع إلى عاملين:
1- أنّ النظام الضريبي الإسلامي، نظام متكامل وواقعي وثابت غير متغير وواضح المعالم تماماً، ممّا يؤدِّي إلى عدم وجود مجال للاعتراض عليه، أو الحجّة فيه أي ليس فيه مستمسك يستطيع المكلّف من التمسّك فيه أو التحجج بواسطته ليتخلّص من الدفع.
2- أنّ التحايل من قبل المكلّف ينبع من عدم إيمانه أوّلاً وكذلك من التأكد من عدم معرفة المسؤول أو السلطة المالية به عند التهرب، أمّا في الإسلام فإنّ المكلّف لا يمكنه ذلك لأنّه لا يستطيع إخفاء تهربه على الله جلّ وعلا.
خامساً- الجانب الأخلاقي في الإدارة والمكلّف: من الأُمور المهمّة جدّاً والواجب توفّرها في كلّ مجال هو الجانب الأخلاقي الذي يساعد إلى حدٍّ بعيد في تكييف التشريع مع المكلّف... والنظام المالي الإسلامي امتاز بهذه الميزة دون غيره من الأنظمة الأُخرى ونرى ذلك في:
1- الإدارة: حيث أنّ الشريعة السمحاء تشدّدت كثيراً في مسألة الموظف، والوسيلة التي تجبى بها الضريبة بحيث لا تعمل ضغطاً أو إحراجاً.. ففي كتاب لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (ع) إلى عماله على الخراج يقول فيه: «فانصفوا الناس من أنفُسكم، واصبروا لحوائجهم، فأنّكم خزان الرعية ووكلاء الأُمّة، وسفراء الأئمّة. ولا تحسموا أحداً عن حاجته، ولا تحبسوه عن طلبته...» وفي كتاب آخر وجهه إلى واليه على مصر «مالك الأشتر» حينما ولاه على مصر بعد اضطراب أمر محمّد بن أبي بكر، قال فيه: «ثمّ انظر في أُمور عمّالك، فاستعملهم اختباراً، ولا تولهم محاباة وأثره، فإنّهم جِماع من شعب الجور والخيانة، وتوخ منهم أهل التجربة والحياء من أهل البيوتات الصالحة والقدم في الإسلام المتقدّمة، فإنّهم أكرم أخلاقاً وأصح أغراضاً، وأقل في المطامع أشرافاً وأبلغ في عواقب الأُمور نظراً. ثمّ أسبغ عليهم الأرزاق فإنّ في ذلك قوّة لهم على استصلاح أنفُسهم، وغِنى لهم عن تناول ما تحت أيديهم وحجّة عليهم، أن خالفوا أمرك أو ثلموا أمانتك».
لذا فإنّ الإدارة وموظفيها تمتاز بامتيازات أخلاقية خاصّة تكون هي الشرط الأوّل لقبولهم هذا العمل والتي يجب أن تتوفّر في المشرح.
2- المكلّف: وهو القسم الثاني من هذا الجانب، حيث أنّ المكلّف نفسه في التشريع المالي الإسلامي يجب أن يتقيّد بآداب الضريبة في الإسلام وأخلاقها، وأنّ في ذلك رقابة للعاصين في أوّل الأمر، ولكن سرعان ما تزول، وتصبح طبيعة خاصّة بالإنسان المسلم الملتزم بحيث يمتثّل المسلم الأوامر، ويصبح أداؤه للضريبة جزءً من عبادته، فكما أنّه لا يستطيع أن يترك فرضاً من الصلاة، بل ركعة واحدة، كذلك بالنسبة للضريبة المالية سواء كانت ضريبة ثابتة، أو ضريبة متغيرة «غير ثابتة» يفرضها «ولي الأمر» والمسلم الحقيقي يتميّز بأخلاقه العالية وسلوكه الحقّ، وآدابه فتراه لا يزيغ، ويعطي هذه الضريبة الواجبة عليه، وحال الحاجة أيضاً يبادر لإعطاء ما يتمكن.
هذه الأُمور من الأخلاقية الجيِّدة التي يؤكّد عليها التشريع الإسلامي يقابلها الخلق الماديفي في الشرائع الأُخرى، لأنّ التربية المادية للأفراد تحجم تفكيرهم وفق ذلك. وحيث كما نعلم أنّ الضريبة هي عبارة عن استقطاع إلزامي من دخول وثروات الأفراد، فإنّ الكثير يحاولون التخلّص من أدائها، وعند ذلك يتحقّق معنى التهرب الضريبي سواء ما كان مشروعاً في عُرفهم كما بيّنا أو عن طريق الغش الضريبي Fiscal fraud أو الخيانة Fraud كما تسمى أيضاً.
المصدر: كتاب الضرائب الثابتة في الاقتصاد المالي الإسلامي
شيخ الأزهر: احتفالنا بمولد خاتم الأنبياء هو احتفال بالكمال الإنساني في أرفع درجاته
قال شيخ الأزهر أحمد الطيب، إن احتفالنا بمولد خاتم الأنبياء(ص) ليس احتفالا بعظيم من العظماء ممن يتوقف التاريخ عند أدوارهم ، ثم ما يلبث أن يروح ويتركهم، بل هو احتفال من نوع آخر مختلف.
وأضاف شيخ الأزهر خلال كلمته بالاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف وبحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، إنه "احتفال بالنبوة والوحي الإلهي وسفارة السماء إلى الأرض، والكمال الإنساني في أرفع درجاته وأعلى منازله، والعظمة في أرقى مظاهرها وتجلياتها، احتفال بالتشبه بأخلاق الله تعالى قدر ما تطيقه الطبيعة البشرية، وقد تمثل كل ذلك في طبائع الأنبياء والمرسلين، الذين عصمهم الله من الانحراف، وحرس سلوكهم من ضلالات النفس وغوايات الشياطين، وفطر ظاهرهم وباطنهم على الحق والخير والرحمة".
وأكد أن "رسولنا محمد (ص) قد بلغ في هذه المعارج المتعالية شأنا بعيدا، حتى أطلق عليه "الإنسان الكامل" من فرط ما استوعبه استعداده الشريف من سمو في الفضائل، وسمو في الخلق والأدب الرفيع، ويؤكد ذلك ما زخرت به مصنفات الأخلاق والشمائل المحمدية من أوصاف لا يمكن أن تجتمع لإنسان إلا إذا كان من هؤلاء الذين هيأهم الله لهذه الأوصاف، وأعدهم للتحلي بحلاها".
وأشار شيخ الأزهر إلى أن من "بين هذه الأوصاف الشريفة التي يسردها عنه بعض أصحابه أنه صلوات الله وسلامه عليه لم يكن غليظ الطبع، ولا فاحشا في قوله وعمله، ولا متفحشا، ولا صخابا يرفع صوته في الطرقات والأسواق، ولم يكن يجزي السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويصفح.. ما ضرب بيده شيئا قط، إلا أن يجاهد في سبيل الله، ولا ضرب خادما ولا امرأة، وما رؤي منتقما من مظلمة ظلمها قط، ما لم تنتهك محارم الله تعالى، فإذا انتهكت كان من أشد الناس غضبا، وكان يبشر المظلومين الذين لا يستطيعون دفع الظلم عن أنفسهم، ويؤكد لهم: ما ظلم عبد مظلمة صبر عليها إلا زاده الله عزا".
وكانت دار الإفتاء المصرية قالت إن الاحتفال بالمولد النبوي، ذكرى ميلاد النبي محمد آخر الأنبياء، يصادف في الـ18 من أكتوبر الجاري.
ويعد المولد النبوي مناسبة لجميع المسلمين حيث يحتفلون بذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه وآله، الا اتباع الوهابية الذين يحرمون الاحتفال بالمولد النبوي.
بعد النتائج غير المرجوّة؛ عراقيون ينزلون الشارع احتجاجاً على نتائج الانتخابات
خرجت اليوم الاحد مظاهرات في العديد من المناطق العراقية احتجاجاً على نتائج الانتخابات التي لم تلقى القبول الشعبي لدى العراقيين.
وأفادت الوکالات ، انه خرجت تحركات شعبية في عدة مناطق في البصرة احتجاجاً على نتائج الانتخابات وما جرى خلالها، بالاضافة إلى قطع طريق الحسينية على طريق كركوك بغداد الدولي، حيث قام العديد من المحتجين باغلاق ساحة عدن في بغداد، كما قطع محتجون طريق بابل محمودية جنوب العاصمة العراقية.
واشارت التقارير إلى ان هذه الاعتراضات في الشارع العراقي يقودها تحالف الفتح وفصائل المقاومة احتجاجاً على نتائج الانتخابات الغير نزيهة، وشدد المعترضون على رفضهم الذهاب إلى الاقتتال الداخلي إفشالاً لما اُريد له ان يحصل من قبل اعداء العراق.
واكد المعترضون على غياب التطابق بين ارقام مفوضية الانتخابات وارقام ماكيناتهم ايماناً منهم بعدم صحة ونزاهة نتائج الانتخابات./انتهى/
العراق... ما هي السيناريوهات المحتملة بعد اعلان نتائج الانتخابات النهائية
يمر العراق في هذه الايام بحالة تشبه الى حد ما عدم التوافق السياسي بعد اعلان نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة وهذا على عكس ما كان المجتمع العراقي يتوقعه من اجراء هذه الانتخابات.
وکالة مهر للأنباء _ وداد زادة بغلاني: انه يخشى الكثير من المتابعين للشأن العراقي ان يصبح العراق مرة أخرى خلال الفترة القادمة ساحة جديدة لمؤامرات ومخططات معادية من قبل الحلف الصهيو أمريكي العربي والذي ساهم كثيرا في عدم استقرار العراق خلال الفترة التي تلت عام 2003.
حيث جرى الكلام بعد احتجاجات عام 2019 عن ان الحل يكمن في اجراء انتخابات مبكرة لتحقيق طموحات الشعب العراقي وانتهاء الاحتجاجات والتي باتت يطلق عليها "احتجاجات تشرين" من قبل المشاركين فيها. ودون الخوض بكافة التفاصيل التي مر بها العراق بعد هذه المرحلة فقد اتفقت الأحزاب السياسية على اجراء الانتخابات المبكرة بعد استقالة حكومة عادل عبد المهدي والتوافق على مصطفى الكاظمي رئيسا للوزراء للفترة الانتقالية. وبعد تلك الفترة فقد استمرت مراحل الاعداد لهذه الانتخابات حوالي سنتين من الزمن.
والواقع يشير الى ان الساحة العراقية شهدت نوع من الهدوء الى حد ما بعد التوافق الذي حصل بين الأحزاب والمكونات السياسية العراقية على اجراء الانتخابات المبكرة، وصار الكثير من الشعب العراقي يعقد آمالا كبيرة على هذه الانتخابات بأمل ان تولد لهم حكومة متفق عليها من قبل الجميع، المفترض ان تكون منبثقة من رأي الناخب العراقي وذلك لتحسين الأوضاع الاقتصادية والأمنية وانطلاق مرحلة جديدة من الاعمار والبناء في البلاد وتعمل على خلق فرص العمل للشباب ومعالجة همومهم، بسبب ما شهدها العراق من مأساة عديدة بعد احتلاله من قبل أمريكا عام 2003.
لا يمكن ان تكون النتائج المعلنة نزيهة بشكل كامل بالرغم من إعادة فرز الأصوات يدويا وعدم حصول تغييرا كبيرا في نتائج الانتخابات عما كانت معلنة قبل فرز الأصوات بهذه الطريقة
وفي خضم هذه الاحداث فقد انطلقت الانتخابات المبكرة في 8 أكتوبر 2021 حيث صوت خلال هذا اليوم القادة العسكريون ليتسنى لهم بعد ذلك القيام بدورهم وهو تأمين الانتخابات لسائر شرائح الشعب العراقي والمشاركة في التصويت بتاريخ 10 اكتوبر2021.
لكن على ما يبدو ان هنالك الكثير من الجهات الداخلية والخارجية لم تكن تريد النجاح لهذه الانتخابات، بل على العكس من هذا فقد تبين ان هذه الجهات قد بذلت كل ما في وسعيها لضرب مكونات سياسية لها مكانتها بين الشعب العراقي ويأتي في مقدمتها الحشد الشعبي والتيارات الداعمة لهذا المكون السياسي والعسكري الذي ساهم بشكل بارز في انقاذ العراق من الخطر الإرهابي والتكفيري الذي اجتاحه عام 2014.
ويعتقد الكثير من انصار تحالف الفتح ان الكثير من الخروقات حصلت اثناء اجراء العملية الانتخابية وقبلها وذلك لحرمان هذا التحالف من الحصول على عدد كبير من المقاعد في البرلمان القادم ويأتي هذا في اطار تلك المساعي المبذولة من قبل الجهات المعادية لضرب ركائز الحشد الشعبي حتى لو كان ذلك عبر طرح قضايا مثل ضرورة العمل على دمج الحشد الشعبي مع القوات المسلحة او ضرورة مكافحة السلاح المنفلت وغيرها من المسميات الأخرى.
وفي هذا السياق وجهت الكثير من الاتهامات الى الامارات المتحدة العربية ودول اخرى بانها عملت على تزوير الانتخابات او تغيير نتائجها لصالح جهات معينة تراها معادية للحشد الشعبي او انها تبذل جهودا لتقليص دور هذه المؤسسة العسكرية والأمنية العراقية مستقبلا. ويقول الذين باتو يشككون بنتائج الانتخابات النهائية العراقية ان الكثير من المواطنين قد حرموا من المشاركة في عملية التصويت، ولا يمكن ان تكون النتائج المعلنة نزيهة بشكل كامل بالرغم من إعادة فرز الأصوات يدويا وعدم حصول تغييرا كبيرا في نتائج الانتخابات عما كانت معلنة قبل فرز الأصوات بهذه الطريقة.
الواضح انه لازال الكثير من العراقيين يعتقدون انه في حال استمرت الخلافات حول نتيجة الانتخابات فقد يبقى خيار الغاء نتيجة الانتخابات مطروحا بالرغم من ان اعتماد مثل هذا الخيار من المحتمل انه سيولد مشاكل جديدة بسبب احتجاج الأحزاب التي تعتبر نفسها قد كسبت جولة الانتخابات خلال هذه المرحلة. وفي ظل استمرار كل هذه التعقيدات فقد أعلنت مفوضية الانتخابات العراقية عن النتائج النهائية بالرغم من أنها أكدت ان باب توجيه الطعون والشكاوي سيظل مفتوحا في حال كانت هناك أي شكاوي على نتيجة الانتخابات خلال الفترة القادمة.
الواضح انه لازال الكثير من العراقيين يعتقدون انه في حال استمرت الخلافات حول نتيجة الانتخابات فقد يبقى خيار الغاء نتيجة الانتخابات مطروحا بالرغم من ان اعتماد مثل هذا الخيار من المحتمل انه سيولد مشاكل جديدة بسبب احتجاج الأحزاب التي تعتبر نفسها قد كسبت جولة الانتخابات خلال هذه المرحلة
وبناء على ما تمت الإشارة اليه فقد يسال الكثير من المتابعين عن السيناريوهات القادمة حيث نحاول طرح عدد من السيناريوهات المتوقعة خلال الفترة القادمة:
السيناريو الاول: تشكيل تحالف بين كتلة الصدر وكتل التيار التنسيقي التي هي دولة القانون وتحالف الفتح وقوى الدولة والوطنية تجمع الحكيم و العبادي وحزب الفضيلة والبعض من المستقلين.
السيناريو الثاني: تشكيل تحالف بين الشيعة والاكراد، هذا التحالف من المحتمل انه سيواجه معارضة من قبل فئة من الشارع العراقي ويمكن ان تنهار أي حكومة جديدة تشكل من قبله في وقت قصير.
السيناريو الثالث: ان يكون هناك توافق شيعي بين كتلة الاطار التنسيقي مع الكتلة الصدرية، ورئيس الوزراء المنتخب سيكون مصطفى الكاظمي والمرشحين للفضاء الوطني سيكونون من كتلة الحلبوسي و البارزاني وباقي الكتل الاخرى، في هذه الحالة من المحتمل أيضا ان الحكومة العراقية الجديدة ستكون ضعيفة وليس من الوارد ان عمرها سيكون طويلا بالرغم من انها من الممكن ان تحظى بمقبولية اقليمية ودولية.
ويمكن القول ان هذه السيناريوهات هي الأكثر احتمالا ان تشهدها الساحة العراقية خلال المرحلة القادمة وان رئيس الوزراء العراقي سيكون شيعيا من حزب الدعوة او الكتلة الصدرية او تيار الحكمة.
ننتظر جميعا ان نرى ماذا تحمل الأيام القادمة من احداث جديدة للعراق سيبقى السؤال الأساسي هو: متى ستكف أمريكا وحلفاءها من العراق وعن التدخل السافر في الشأن الشعب العراقي، وان يفسحوا الساحة للعراقيين ان يختاروا مستقبلهم دون تدخل كما جرت العادة منذ عام 2003 حتى اليوم.
المصدر:مهر
ماذا يحدث للجسم عند تناول السكر؟ وما السكر من الأصل؟ وما أضراره؟
د. أسامة أبو الرُّب
ما السكر؟ وماذا يحدث للجسم عند تناوله؟ وما أضراره؟ و ما أنواع الجوع؟ وكيف تتعامل معه؟ الإجابات عن تلك الأسئلة وغيرها في هذا التقرير الشامل.
- ما السكر؟
السكر هو أحد الأشكال البسيطة من الكربوهيدرات التي تحتوي على السكريات الأحادية، مثل "الفركتوز" (fructose) الموجود في الفواكه، و"الغالاكتوز" (galactose) الموجود في منتجات الألبان، و"ثنائيات السكاريد" (disaccharides) الكربوهيدرات ثنائية السكر، مثل "السكروز" (sucrose) سكر المائدة، واللاكتوز الموجود في الألبان، وذلك وفقا لمنظمة الصحة العالمية.
وتقول المنظمة إنه توجد الكربوهيدرات البسيطة أيضا في الحلوى والصودا والمشروبات. ولكن هذه الأطعمة والمشروبات مصنوعة من السكريات المجهزة والمكررة، ولا تحتوي على فيتامينات أو معادن أو ألياف. ويطلق عليها "السعرات الحرارية الفارغة" ويمكن أن تؤدي إلى زيادة الوزن.
وتشمل السكريات الحرة مركبات السكاريد الأحادية والسكاريد الثنائية التي تضاف إلى الأغذية والمشروبات من جانب صانعها أو طاهيها أو مستهلكها، والسكريات الموجودة طبيعيا في العسل والشراب وعصائر الفواكه ومركباتها المركزة.
- هل يعد استهلاك السكر أمرا غير صحي؟
تقول المنظمة إن الاستهلاك المفرط للسكر يعد عاملا رئيسيا في تفاقم فرط الوزن والسمنة، وتسوس الأسنان، وداء السكري. ويتزايد القلق من أن تناول السكريات الحرة -وبخاصة في شكل مشروبات محلاة بالسكر- يزيد من تناول الطاقة الإجمالية، وقد يقلل من تناول الأطعمة التي تحتوي على سعرات حرارية أكثر فائدة غذائية، مما يؤدي إلى اتباع نظام غذائي غير صحي وزيادة الوزن وزيادة خطر الإصابة بالأمراض غير السارية (السرطان، والسكري، والأمراض القلبية الوعائية، والأمراض التنفسية المزمنة). وهناك مصدر قلق آخر وهو العلاقة بين تناول السكريات الحرة وتسوس الأسنان.
- ما مدخول السكر الذي توصي به منظمة الصحة العالمية؟
يجب تقليل تناول السكريات الحرة طوال الحياة. وتوصي منظمة الصحة العالمية بأن يكون مدخول السكريات الحرة أقل من 10% من إجمالي مدخول الطاقة للشخص الذي يتمتع بوزن صحي للجسم ويستهلك نحو ألفي سعر حراري في اليوم، والأفضل أن يكون المدخول من السكريات الحرة أقل من 5% من إجمالي مدخول الطاقة للحصول على فوائد صحية إضافية. ونظرا للانتشار المرتفع للسمنة وداء السكري في الإقليم، توصي منظمة الصحة العالمية بأن يستهلك الأطفال والنساء أقل من 5% (نحو 25 غراما للفرد في اليوم) من السكريات الحرة في نظامهم الغذائي
هل المذاق الحلو مصدر السعادة؟
تقول الكاتبة أولغا نيتشاييفا -في تقرير نشره موقع "ماري كلير" (marieclaire) في نسخته الروسية- إن ثلث سكان العالم يعترفون بأنهم يعشقون السكريات والأطعمة حلوة المذاق. وبشكل عام، يميل الناس إلى تناول هذه الأطعمة في حالات التوتر أو الفرح، ولكن الشيء المقلق والخطير ليس كمية السكريات التي يتم استهلاكها، بل ظاهرة الربط بين هذا المذاق الحلو والشعور بالسعادة وإنتاج هرمون "الإندروفين" (Endorphin).
وتنبه الكاتبة إلى أن الإنسان يمكن أن يصبح مدمنا للسكريات، تماما مثل إدمانه أي مادة مخدرة، وبالتالي فهي تمثل تهديدا حقيقيا للجسم.
وترى الكاتبة أن التعامل مع إدمان السكر لا يكون إلا بعد استيعاب حقيقة علمية، مفادها أن الجسم لا يحتاج إلى السكريات، وبالتالي فإن الرغبة في تناولها ليست إلا علامة على نقص هرمون السعادة الذي يمكن الحصول عليه من مصادر أخرى.
- ماذا يحدث للجسم عند تناول السكر؟
تحذر أولغا نيتشاييفا من أن الاستهلاك المفرط للسكر قد يؤدي إلى العديد من المشاكل الصحية، مثل:
1- الجوع المستمر
تعتبر المواد المحلاة التي نستهلكها بشكل يومي، مثل الكيك والشوكولاتة، من الكربوهيدرات السريعة؛ فمهما كانت الكمية التي تتناولها، فإنك سوف تشعر برغبة في تناول المزيد. إذ إن السكر يوقف إنتاج هرمون "الليبتين" (Leptin) المسؤول عن الشعور بالشبع، ولذلك فإن المخ سيستمر في إصدار إشارات بأنك جائع وتحتاج إلى الأكل.
2- زيادة الوزن
في الغالب، يعاني عشاق السكريات السمنة، حيث إنهم يتناولون كميات أكبر من الطعام ويزداد وزنهم بمرور الوقت.
3- الشيخوخة المبكرة
زيادة مستويات السكر في الدم تؤدي إلى اضطرابات في عمليات التمثيل الغذائي، ولذلك فإن الخلايا تموت بسرعة لا تقل عن الضعف، مقارنة مع من يتبعون حمية غذائية صحية. وهو ما يؤدي إلى ترهل الجلد وظهور السيلوليت واضطرابات التمثيل الغذائي والتجاعيد.
4- تسوس الأسنان
يلحق السكر ضررا كبيرا بالأسنان، حيث إن البكتيريا التي تعيش في الفم وتلعب دورا في تحضير الطعام للهضم، تتغير عند مضغ السكريات، وتنتج الحمض، وهذا يؤدي إلى تآكل مينا الأسنان وظهور التسوس.
5- تدهور وظائف الدماغ
يعتقد العلماء أن الحلويات تحفز نشاط الدماغ، ولكن بشكل مختلف عن التحفيز الإيجابي؛ إذ إنه من الممكن تنشيط المخ عبر تناول قطعة صغيرة من الشوكولاتة في موعد الاختبارات على سبيل المثال، ولكن إذا كنت مدمنا على الحلويات وتتناولها باستمرار فإن التأثير يصبح عكسيا. فقد أثبت العلماء أن الارتفاع المستمر في سكر الدم يؤدي إلى تراجع الوظائف الإدراكية في الدماغ.
6- التليف الكبدي
يعد الكبد من أكثر أعضاء الجسم تضررا بسبب الاستهلاك المفرط للسكر؛ إذ إن تكدس الدهون وزيادة حجم أنسجة الكبد تؤدي في النهاية إلى التليف الكبدي.
- ما أنواع الجوع؟
أوضحت ماريا ماريكا -في تقريرها الذي نشره موقع "إف بي" (fb) الروسي- أن للجوع نوعين:
1- الجوع الفسيولوجي
يعد هذا النوع من الجوع طبيعيا، وهو ضروري لتجديد احتياطيات الجسم من الطاقة، حيث تنقل الإشارات المتعلقة بالحاجة إلى تناول الطعام من المعدة إلى المخ عن طريق النبضات العصبية. ومن السهل التخلص من الجوع الفسيولوجي عبر تناول الطعام، حيث إن شطيرة واحدة كافية لتوفير احتياجات الجسم من الطاقة.
2- الجوع العاطفي
غالبا ما تؤثر الحالة النفسية للمرء على شعوره بالجوع ونوعية الأطعمة التي يستهلكها، وهنا فإنه يشعر أنه جائع، ولكنه في الحقيقة متضايق أو مكتئب أو متوتر. ويُنصح بمراقبة الحالة النفسية عند تناول الأطعمة الحلوة والمالحة والدهنية وغير الصحية؛ فتناول الحلويات، التي يلجأ إليها بعض الناس لتحسين أمزجتهم، تؤدي إلى اكتساب وزن إضافي بمرور الوقت. ويؤدي تناول الكثير من الأطعمة غير الصحية إلى توليد شعور بالندم فيما بعد.
- كيف تتعامل مع الشعور المستمر بالجوع؟
يقتضي شعور المرء بالجوع المستمر معرفة نوع الجوع الذي يعاني منه؛ ففي كثير من الأحيان، يكون المزاج السيئ والمشاعر السلبية السبب وراء الرغبة في تناول الحلويات والوجبات السريعة وغيرها من الأطعمة غير الصحية.
وفي ما يلي جملة من النصائح التي تساعد على التعامل مع الجوع:
- شرب كثير من الماء، إذ تساعد السوائل على تسريع عملية التمثيل الغذائي؛ لذلك من المستحسن تناول كوب ماء دافئ على معدة فارغة صباحا قبل الإفطار بنحو 15 أو 20 دقيقة.
- تناول المزيد من الألياف، إذ من الضروري الحفاظ على نظام غذائي متوازن وتضمين كميات كبيرة من الخضر في الوجبات الغذائية، والحرص على فعل ذلك طوال فصول السنة. تحتوي الخضروات الموسمية على كميات كبيرة من الألياف والفيتامينات التي تعزز الشعور بالشبع.
- الحركة، ففي فصل الخريف ونظرا للتقلبات الجوية التي يشهدها الطقس، قد يرغب البعض في عدم مغادرة المنزل والقيام بجميع جولاته -بما في ذلك الذهاب إلى العمل- بالسيارة بدل المشي. ونتيجة لذلك، يقل مستوى النشاط البدني. لذلك، ينبغي ممارسة الرياضة والنشاط البدني بشكل منتظم لتجنب اكتساب وزن إضافي. فعلى سبيل المثال، يمكن ترك السيارة في المنزل مرتين على الأقل في الأسبوع والمشي بدلا من ذلك، إلى جانب صعود الدرج بدلا من استخدام المصعد؛ وعلى هذا النحو تحرق السعرات الحرارية وتتحكم في الشعور بالجوع.
- تناول وجبات خفيفة صحية، إذ تساعد الوجبات الخفيفة الصحية مثل المكسرات والفواكه المجففة ومزيج الحبوب على الحد من الشعور بالجوع.
- قبل تناول أي شيء، حاول الحفاظ على الهدوء وأخذ نفس عميق وشرب كوب من الماء.
- الحصول على قسط كاف من النوم، فقلة النوم تحول دون تعزيز طاقة الجسم، مما يولد رغبة في تناول الحلويات.
- تعزيز احترام الذات، علما بأن الطعام يعمل مهدئا للأشخاص الذي يعانون تدني احترام الذات ويساعدهم على حل المشاكل.
- الحرص على تقليل مستوى التوتر، والتخلص من الخوف والقلق كونهما يشعران الجسم بخطر ويدفعانه إلى تخزين الدهون.
المصدر : الصحافة الروسية
"كمائن الفتنة" و "الدم برقبتك يا بيطار".. اللبنانيون يطالبون بمحاسبة القتلة
تعرض صباح اليوم الخميس مواطنون لبنانيون أثناء توجههم الى التجمع السلمي أمام قصر العدل في بيروت، إلى إطلاق نار مباشر من قبل قناصين متواجدين على أسطح البنايات المقابلة وتبعه إطلاق نار مكثف أدى إلى وقوع شهداء وإصابات خطيرة حيث أن إطلاق النار كان موجهاً على الرؤوس.
وبحسب الاعلام اللبناني المحلي وشهود عيان ومقاطع فيديو نشرها ناشطون على مواقع التواصل فإن المتظاهرين الذين كانوا في طريقهم للمشاركة في التجمع امام قصر العدل استنكاراً لتسييس التحقيق في قضية المرفأ، وقعوا ضحية لكمين وإطلاق نار كثيف في منطقة الطيونة التي تعتبر معقلا لحزب القوات اللبنانية ما أدى الى سقوط شهداء.
من جانبه قال الجيش اللبناني في بيان له "خلال توجه محتجين الى منطقة العدلية تعرضوا لرشقات نارية في منطقة الطيونة- بدارو وقد سارع الجيش الى تطويق المنطقة والانتشار في احيائها وعلى مداخلها وبدأ تسيير دوريات كما باشر البحث عن مطلقي النار لتوقيفهم".
وأعلن حزب الله وحركة أمل في بيان مشترك عقب أحداث اليوم، أن "هذا الاعتداء من قبل مجموعات مسلحة ومنظمة يهدف إلى جر البلد لفتنة مقصودة يتحمل مسؤوليتها المحرضون والجهات التي تتلطى خلف دماء ضحايا وشهداء المرفأ من أجل تحقيق مكاسب سياسية مغرضة".
وأضاف البيان:"حركة أمل وحزب الله يدعون الجيش اللبناني لتحمل المسؤولية والتدخل السريع لإيقاف هؤلاء المجرمين كما يدعون جميع الأنصار والمحازبين إلى الهدوء وعدم الانجرار إلى الفتنة الخبيثة.
وشهد موقع التواصل الاجتماعي تويتر نشاطا كبيرا حول القضية حيث اعتبر الناشطون الحادثة محاولة لإشعال الفتنة وحرب أهلية في لبنان، ووصلت وسوم #كمين_قوات_الغدر في إشارة الى المسلحين المرتبطين بـ"القوات اللبنانية" إضافة الى وسوم #كمائن_الفتنة و #الدم_برقبتك_يا_بيطار في إشارة الى القاضي طارق بيطار الذي اتهمته عدة تيارات لبنانية بتسييس التحقيق في قضية انفجار مرفأ بيروت حيث ظهر وسم #لن_يتكرر_سيناريو_2005_في_لبنان في إشارة الى حكم المحكمة الدولية حول اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري عام 2005 حيث تم تسييس الحكم لتنتهي المحكمة بعد 15 عاما بالاعتماد على "اتصال مزعوم" و"سلسلة تكهنات" الى اتهام قيادي في المقاومة الاسلامية بالمسؤولية عن التفجير دون أي دلائل تذكر.




























