emamian

emamian

دعا رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية الأمة الإسلامية الى وضع خطة شاملة لمواجهة خطر الإحتلال ضد المسجد الأقصى مشدداً على دعم الجمهورية الإسلامية الإيرانية للمقاومة ماليا وعسكريا وتقنياً.

واليكم نص كلمة رئيس مكتب السياسي لحركة حماس خلال بث كلمة موحدة لقادة محور المقاومة بمناسبة يوم القدس العالمي:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.

من أرض فلسطين المباركة، من بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، وحيثما نكون فقلوبنا وأفئدتنا في بيت المقدس وأرض فلسطين المباركة. أوجه لشعوب أمتنا العربية والإسلامية، تحية الفخر والاعتزاز، وهي تحيي يوم القدس العالمي.

ترتبط الأفئدة بالعود والميعاد وترتبط القلوب بالمسجد الأقصى المباركـ، وبالقدس عاصمة قلوب المؤمنين في أمتنا الإسلامية الكبيرة، عاصمة دولة فلسطين على كل أرضها من بحرها إلى نهرها.

اليوم ونحن نحيي يوم القدس العالمي تعيش القدس في أخطر المراحل والتهديدات ونحن نتابع الحديث الأميركي-الصهيوني عن تطبيق ما يسمى بصفقة القرن التي ارتكزت على تصفية القضية الفلسطينية وفي جوهرها القدس، كما اللاجئين، كما الأرض، حينما اعتبرت القدس عاصمة لما يسمى الكيان الصهيوني.

والقدس أيها الأخوة والأخوات تعيش في خصار منذ أن احتلت في العام 48 خاصة بأن أكثر من 85% من القدس تم احتلالها بالكامل في العام 48 في عام النكبة، الذي أحياه الشعب الفلسطيني خلال الأيام القليلة الماضية، ولكن اليوم القدس تعيش في حصار من ثلاث أطواق: حصار داخل المدنية، وحصار فيما يسمى بحدود بلدية القدس بلدية المحتل وحصار ما يسمى بالقدس الكبرى، وفق صفقة اقرن المشؤومة، والمسجد الأقصى المبارك في قلب التهديدات، الاقتحامات، التهويد، محاولات التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى، محاولات تغيير المعالم، طمس الهوية، حرمان أبناء الشعب الفلسطيني من الوصول إلى المسجد الأقصى المبارك.

لذلك نحن اليوم أمام تحدٍ كبير وخطير، خاصة وأن الحكومة الصهيونية الجديدة، اعتمدت استراتيجية الضم لأكثر من ثلاثين إلى أربعين بالمئة من أراضي الضفة الغربية والاستيلاء الكامل على القدس، ما يسمى بالقدس الكبرى، ومحاولتهم تغيير معالم المسجد الأقصى المبارك.

ولكن أنا أريد أن أؤكد لكل أبناء الأمة بأن الشعب الفلسطيني وفي مقدمته أهلنا في القدس، يقفون، يرابطون، يدافعون بصدورهم العارية، بإيمانهم، بإرادتهم بما يملكون من إمكانيات متواضعة، يشكلون رأس الحربة في الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك وعن القدس، ومن هنا فإنني أوجه التحية لأهلنا المرابطين في المسجد الأقصى المبارك، وباسمهم وباسم شعبنا، وباسم أمتنا نحذر الصهاينة من ارتكاب أي حماقة ضد المسجد الأقصى المبارك، بل إننا نسعى ليس فقط لتحرير أقصانا بل ولكل أرض فلسطين المحتلة.

إننا اليوم أمام هذا الخطر الكبير والشامل، نعتقد أننا بحاجة كأمة إسلامية، إلى استراتيجية، وإلى خطة شاملة لمواجهة هذا الخطر الذي يداهم قضيتنا وقدسنا، وفي جوهر هذه الاستراتيجية هو مشروع المقاومة الشاملة وعلى رأسها المقاومة العسكرية المسلحة.

ومن هنا فإنني أحيي كل مكونات الأمة وكل مواقعها التي تتبنى خيار المقاومة، وتدعم المقاومة على أرض فلسطين، وهنا أخص الجمهورية الإسلامية في إيران التي لم تتوانى من دعم المقاومة واسنادها، مالياً وعسكرياً وتقنياً، وذلك امتثالاً لاستراتيجية الجهورية الإسلامية التي رسخها الإمام الخميني رحمه الله، وهو الذي أعلن عن الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك يوم القدس العالمي.

إننا صامدون ثابتون على أرضنا ومطمئنون لقدر الله، وقادرون إن شاء الله أن نحقق النصر، ندحر المحتل ونصلي معاً في رحاب الأقصى.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

العالم- الخبر واعرابه :

عقب رسالة وزير الخارجية الإيراني إلى الأمين العام للأمم المتحدة ، استدعى عباس عراقجي نائب وزير الخارجية الإيراني، السفير السويسري لدی طهران كراعي المصالح الأمريكية وحذره من أي مضايقة للسفن الإيرانية من قبل أمريکا.

الإعراب:

كلما اقتربت ناقلات النفط الإيرانية من فنزويلا، زادت حساسية القضية، وبالطبع زادت احتمالية مضايقة أمريکا لهذه السفن. تقترب السفن المذکورة من فنزويلا القريبة من أمريکا وبالعلم الإيراني المرفرف فوقها ودون إغلاق كاشفات الرادار الخاصة بها.

ومقابل التهديدات الأمريكية ، أثبتت السفن الإيرانية من الناحية العملية أنها لا تقيم وزنا للعقوبات الأمريكية ضد إيران ، والتي تتجاوز هذه الأيام السن الثانية.

إن توجيه ناقلات النفط إلى فنزويلا هي في الواقع رسالة مفادها أن العقوبات الأمريكية لم تكن مؤثرة فعالة كما يزعمون ، فقد تم بالفعل سلفا تلقي سعر الوقود الموجود على هذه السفن من فنزويلا وعلى شكل ذهب.

وبالرغم من أن إمكانية المضايقة من قبل أمريکا لهذه السفن ليست بمستبعدة ، إلا أن التجارب السابقة مثل إسقاط طائرة أمريكية مسيرة انتهکت الأجواء الإيرانية ، والاستيلاء على السفينة البريطانية المنتهکة للمياه البحرية الإيرانية ، وانتقام إيران لاستشهاد الفريق قاسم سليماني بمهاجمة قاعدة عين الأسد، وما إلى ذلك كلها تدل علی أن إيران لن تبقى صامتة أبدًا في مواجهة مثل هذه المغامرات.

تعاني أمريکا هذه الأيام بشدة قضايا مثل كورونا والتحديات النفطية والاضطرابات الاقتصادية، إلا أنها لا تبعد سوى ستة أشهر عن الانتخابات الرئاسية. هذه الحقائق رغم أنها تستبعد إلی حد ما احتمالية مضايقة أمريکا لناقلات النفط الإيرانية لکن في الأغلب الأعم من المستحيل أن نتوقع اتخاذ سلوك حکيم من قبل ترامب، لذلك إذا انخرطت أمريکا في سلوك غير عقلاني ففي هذه الحالة يجب أن تُواجَه برد فعل سيعرض رئاسة ترامب لتحديات أساسية قبل أي شيء. ومن البدهي أن نوع هذا الرد الإيراني سيطابق السلوك المزعوم ومضايقة أمريکا المحتملة للسفن الإيرانية.

 

الأربعاء, 20 أيار 2020 20:44

من هو البصير حقّا؟

 
ورد عن أمير المؤمنين عليّ عليه السلام: "أَلَا وإِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ جَمَعَ حِزْبَه واسْتَجْلَبَ خَيْلَه ورَجِلَه، وإِنَّ مَعِي لَبَصِيرَتِي، مَا لَبَّسْتُ عَلَى نَفْسِي ولَا لُبِّسَ عَلَيَّ. وايْمُ اللَّه، لأُفْرِطَنَّ لَهُمْ حَوْضاً أَنَا مَاتِحُه لَا يَصْدُرُونَ عَنْه ولَا يَعُودُونَ إِلَيْه"[1].
 
يُشير أمير المؤمنين عليه السلام إلى أنّ الشّيطان هو الباعث لهم[2] على مخالفة الحقّ، والجامع لهم على الباطل، بوسوسته وإغرائه وتزيينه الباطل في قلوبِهم، وأنّ هؤلاء أطاعوه وأجابوا دعوته وشاركوه في الدعاء إلى الباطل، فصاروا حزبه، قال تعالى: ﴿وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورً﴾[3]، أي استخفِ من استطعت منهم أن تستفزّه بدعائك إلى الفساد.
 
ثمّ أشار عليه السلام إلى كمال عقلِه واستعدادِه بقوله: "وإِنَّ مَعِي لَبَصِيرَتِي". يريد أنّ البصيرة التي كانت معي في زمن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم لم تتغيّر.
 
ثمّ أكّد كمال عقلِه بالإشارة إلى عدم انخداعِه بخُدع الشّيطان، وبتلبيسه الباطل بصورة الحقّ، كما يلبِس على ذوي البصائر الضّعيفة وأُولي العقول السخيفة، سواء كانت مخادعته بغير وساطة، وهو المشار إليه بقوله: "مَا لَبَّسْتُ عَلَى نَفْسِي"، أي لا يتلبّس على نفسي المطمئنّة ما تُلقيه إليها نفسي الأمّارة، أو بوساطة غيره، وهو المشار إليه بقوله: "ولَا لُبِّسَ عَلَيَّ"، أي لم يحصل التلبيس عليّ من الخارج من جنود إبليس وأتباعه الذين تلقّفوا عنه الشّبه، وصار في قوّتهم أن يُلبِسوا الحقّ صورة الباطل[4].
 
والنتيجة المحصّلة من كلامه عليه السلام هو أنّي معي بصيرتي التي أُبصر بها الحقّ والهداية، وأفضحُ الباطل والضلالة "ما لبَّست ولا لُبِّس عليّ"، ما دلّستُ على أحد، ولا استطاع أحدٌ أن يُدلّس عليّ بسبب البصيرة التي أمتلكها، فمن يمتلك هذه القوّة النورانيّة لا يَخدع ولا يُخدع. وهذا يؤكّد أهمّيّة البصيرة في ردّ الشبهات وعدم الوقوع بالفِتن والانجرار وراء القوى الظلاميّة.
 
من هو صاحب البصيرة عند الإمام عليّ عليه السلام؟
بيّن الإمام عليّ عليه السلام في خِطبة له صفات الغافلين. وفي مقارنة رائعة بين صفات الغافلين وصفات البصير الذي يُقابل الغافل، نستفيد الكثير من الصفات التي تحدّد من هو صاحب البصيرة عند أمير المؤمنين عليه السلام، حيث قال: "حَتَّى إِذَا كَشَفَ لَهُمْ عَنْ جَزَاءِ مَعْصِيَتِهِمْ واسْتَخْرَجَهُمْ مِنْ جَلَابِيبِ غَفْلَتِهِمُ، اسْتَقْبَلُوا مُدْبِراً واسْتَدْبَرُوا مُقْبِلًا، فَلَمْ يَنْتَفِعُوا بِمَا أَدْرَكُوا مِنْ طَلِبَتِهِمْ ولَا بِمَا قَضَوْا مِنْ وَطَرِهِمْ. إِنِّي أُحَذِّرُكُمْ ونَفْسِي هَذِه الْمَنْزِلَةَ، فَلْيَنْتَفِعِ امْرُؤٌ بِنَفْسِه، فَإِنَّمَا الْبَصِيرُ مَنْ سَمِعَ فَتَفَكَّرَ، ونَظَرَ فَأَبْصَرَ، وانْتَفَعَ بِالْعِبَرِ، ثُمَّ سَلَكَ جَدَداً وَاضِحاً[5]، يَتَجَنَّبُ فِيه الصَّرْعَةَ فِي الْمَهَاوِي والضَّلَالَ فِي الْمَغَاوِي، ولَا يُعِينُ عَلَى نَفْسِه الْغُوَاةَ بِتَعَسُّفٍ فِي حَقٍّ أَوْ تَحْرِيفٍ فِي نُطْقٍ أَوْ تَخَوُّفٍ مِنْ صِدْقٍ"[6].
 
أي بعد حصول العِلْم لديه وفهمه لِما رآه وسمِعَه، فإنّه يعمل بما عَلِم ويختار الطريق الواضحة في سَيْره ويتجنّب الطُرُق المظلِمة، أي لايتبَع هواه فيهوى، لأنّ اتّباع الهوى يُردي.
 
ولِفَهْم من هو الإنسان البصير، لابدّ من ملاحظة الأمور الآتية:
أوّلا: الإمام عليّ عليه السلام صدّر هذا الفصل من الخِطبة ببيان صفة الغافلين عن أحوال الآخرة، والمتوغّلين والمشمّرين في طَلَب الدنيا.
 ثانياً: حذّر الإمام عليّ عليه السلام من خطورة الغفلة، وهي من أشدِّ الحُجُب المانعة من التوجُّه إلى الله تعالى وأشبه بغطاءٍ على بصيرة الإنسان المؤمن.
 
ثالثاً: "إِنِّي أُحَذِّرُكُمْ ونَفْسِي هَذِه الْمَنْزِلَةَ": أراد بها الحالة التي كان الموصوفون عليها من الغفلة والجهالة، وتشريك نفسه عليه السلام معهم في التحذير تطييباً لقلوب السامعين وتسكيناً لنفوسهم، ليكونوا إلى الانقياد والطاعة أقرب، وعن الإباء والنفرة أبعَد.
 
رابعاً: "فَلْيَنْتَفِعِ امْرُؤٌ بِنَفْسِه": بأن يصرِفها فيما صرفها فيه أولوا الأبصار والفِكر، ويوجّهها إلى ما وجّهها إليه أرباب العقول والنظَر، وإليه أشار بقوله: (فإنّما البصير)، "أي العارف بما يُصلِحُه ويفسِدُه والخبير المميّز بين ما يضرّه وينفعه"[7]، لأنّه لا ينتفع بنفسه إلَّا البصير.
 
ثم شرَع عليه السلام ببيان صفات البصير. فالبصير عند الإمام عليّ عليه السلام فيه الصفات الآتية:

الأوّل: ما ينفع المرء ويُصلحه
سَمِعَ فَتَفَكَّرَ: لا يكفي أن نستخدم أسماعنا كآلة مادّيّة، بل لا بدّ أن تقودنا هذه الالآت إلى التفكُّر الذي أمرَنا به القرآن الكريم في تضاعيف آياته الكريمة الذي يوصِلُنا إلى المعرفة.
 
ونَظَرَ فَأَبْصَرَ: أي استخدَم النظَر بطريقة صحيحة، فأوصلته إلى الإبصار، وبات يرى بعيْن حسّه وبصيرته، فيتوخّى المقاصد النافعة، فيُبصرها ويُدرك بعقله منها العِبَر.
 
وانْتَفَعَ بِالْعِبَرِ: إنّ من استخدَم أدوات المعرفة بشكلٍ صحيح، فهو ينتفع بالعِبَر، وأصحاب البصيرة هم من يستفيدون من العِبَر.
 
سَلَكَ جَدَداً وَاضِحاً: إنّ من كانت صفاته ما تقدّم، فلن يمشي إلّا على أرضٍ صلْبة، وهو كناية عن المنهج المتّبَع، لأنّ أدوات المعرفة السابقة لا تكفي حتى تتشكّل لدينا الرؤية الصائبة والواضحة، إذ لا بدّ من منهج أو منظومة فكريّة شاملة نرجع إليها في التشخيص المــُـبْهم والمـُلْتَبس، وتحديد خياراتنا في ضوئِها.
 يَتَجَنَّبُ فِيه الصَّرْعَةَ فِي الْمَهَاوِي والضَّلَالَ فِي الْمَغَاوِي: وهذه نتيجة طبيعيّة لـِمَـن كان على بصيرة من أمرِه، فهي تجنّبُه الصرعة، أي الوقوع في البليّة في المهوى. ومعنى كلامه "المهاوي".
 
مأخوذ من المثل السائر: "من سلَك الجدَد، أَمِن العثار"، ومعنى الجدَد: الأرض المطمئنّة المستوية، قال الهروىّ: "جعل العرب سلوك الجدَد مثلاً لترك التصدّي للمهالك والتعرّض للمتالف، لأنّ الإنسان إذا لم يسلك إلّا الجدَد، أمِن العثار. ويُضرب هذا المثل فى طَلَبِ العافية"[8].
 
الثاني: ما يضرّ المرء ويفسِدُه
ولَا يُعِينُ عَلَى نَفْسِه الْغُوَاةَ: جمع "غاوٍ"، وهو الضالّ عن طريق الهداية، أي لا يعينهم، باتّباع طريقهم، على ضدّ نفسه وهلاكها. الغواة هم الذين لا يرعوون عن الغيّ، وهو خِلاف الرُشْد فيما يتعلّق بالأمور الآتية:
بِتَعَسُّفٍ فِي حَقٍّ: "فينبغي مراعاة الناس وقدراتهم بما يتعلّق بهذه الدرجات، فإنّ حمله على غير أهله قد يوجب النفور ممّن يقوله ويأمر به. وقد يكون المراد من التعسّف في الحقّ، التقصير في العمل به لعدم القدرة على تحمّله، والضعف عن أدائه، فسيتدخل الغواة - وهم تاركو الحقّ - ذلك، فكأن قد أعانهم على نفسه"[9].
 
أَوْ تَحْرِيفٍ فِي نُطْقٍ: أي يحرّف الكَلِم عن مواضعه، ويَكذِب مداراةً لهم ومنازلة أذواقهم، كأَنْ يقبَل بتحريف الكتاب أو السُّنّة سواء كان تحريفاً لفظيّاً أو معنويّاً.
 
أَوْ تَخَوُّفٍ مِنْ صِدْقٍ: أي يتكلَّف الخوف من قول الصّدق، وإن لم يكن خائفاً في الواقع، وعَود ضرَر التّحريف والتّخوف على المحرّف والمتخوّف لاستلزامها مداهنة الغواة، وقد ذمّ الله أقواماً بترك الصّدق والجهاد في الحقّ بقوله: ﴿إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللّهِ﴾. "فاللَّازم على المرء أن لا تأخُذُه في الله لومةَ لائم، ولا يكون له من ردْع من خالَف الحقّ وخابَط الغيّ وزجَره من أوهانٍ ولا إيهان"[10].
 
الدنيا منتهى بَصَرْ الأعمى
عن أمير المؤمنين عليه السلام: "وإِنَّمَا الدُّنْيَا مُنْتَهَى بَصَرِ الأَعْمَى، لَا يُبْصِرُ مِمَّا وَرَاءَهَا شَيْئاً. والْبَصِيرُ يَنْفُذُهَا بَصَرُهُ، ويَعْلَمُ أَنَّ الدَّارَ وَرَاءَهَا، فَالْبَصِيرُ مِنْهَا شَاخِصٌ، والأَعْمَى إِلَيْهَا شَاخِصٌ، والْبَصِيرُ مِنْهَا مُتَزَوِّدٌ، والأَعْمَى لَهَا مُتَزَوِّدٌ"[11].
 
إنّ الغرَض من كلام الإمام هو التنفير من الدّنيا، وتوبيخ من قصُرَ نظره إليها، فاستعار وصْف الأعمى، وهو المستعار منه، للجاهل، وهو المستعار له. وإنّ الجامع بين العمَى والجهل هو قصور الجاهل عن إدراك الحقّ، كقصور عادم البصر عن إدراك المـُبصرات، وأمّا المستعار منه - أعني معدوم البصر- فهو لا يُبصر أصلاً، وهو تذييل لِكَوْن الدّنيا منتهى بصره، وتوضيح وتفسير لها، والمقصود أنّ الجاهل لِكَوْن همّته مصروفة معطوفة إلى الدّنيا مقصورٌ نظرُه إليها غافلٌ عمّا عداها، غير ملتَفِت إلى أنّ وراءها الآخرة، وهى أوْلى بأن تُصرَف إليها الهِمم بما فيها ممّا تشتهيه الأنفُس وتلذّ الأعيُن من مزيد العوائِد والفوائِد والنِّعَم.
 
عمَى البصر وعمَى البصيرة
عمَى البصر: هو عمًى جزئيّ، يَفقد الإنسان فيه حاسّة النظَر، وقد تجد لديه قوّة في إحدى حواسِّه الأخرى، ومع ذلك فهو يُدرِك إصابته.
 
عمَى البصيرة: هو عمًى كلّيّ، يَفقد الإنسان فيه جميع حواسِّه دون أن يشعر، فالإصابة تكمن في مركز التحكُّم في الجسد، وهو القلب.
 
قال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّ في الجسد مُضغة، إذا صلُحَت صَلُح الجسد كلّه، وإذا فَسُدَت فَسُد الجسد كلّه، ألا وهي القلب"[12].

والمعنى: إنّ فساد القلب وميْله إلى الدنيا سيىؤدّي إلى فساد الأعضاء وعدم استخدامها فيما يرضي الله تعالى، وإذا صلُحَ القلب ومال إلى الحقّ، وصحّت الجوارح والأعضاء الظاهرة، صدرت منها الأعمال الصالحة.
 
 إنّ معي لبصيرتي، دار المعارف الإسلامية الثقافية - بتصرّف

[1] نهج البلاغة، خُطب الإمام عليّ عليه السلام (تحقيق صالح)، مصدر سابق، الخطبة رقم 10 من خِطبة له عليه السلام يريد الشيطان أو يكّني به عن قوم، ص 54.
[2] المقصود بكلام أمير المؤمنين عليه السلام هم الناكثون.
[3] سورة الإسراء، الآية 64.
[4] منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، حبيب الله الهاشميّ الخوئيّ، المكتبة الإسلاميّة، إيران - طهران، 1400ه‏، ط4، ج3، ص 163.
[5] الجدَدَ - بفتحتين -: الأرض الصلبة المستوية التي يسهُل المشي فيها. ويتنكّب: عدَل وتجنّب. والغُواة - بالضم -: جمع غاوي اسم فاعل من غوى. وتعسّف في الحقّ أو القول: أخذه على غير هداية، أو حملَه على معنى لا تكون دلالته عليه ظاهرة.
[6] نهج البلاغة، خُطَب الإمام عليّ عليه السلام (تحقيق صالح)، مصدر سابق، الخطبة 15، صفات الغافلين، ص 214.
[7] منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، حبيب الله الهاشميّ الخوئيّ، مصدر سابق، ج9، ص 212.
[8] عليّ بن زيد البيهقيّ، معارِج نهج البلاغة، تحقيق محمّد تقي دانش پژوه، مكتبة آية الله العظمى المرعشيّ النجفيّ، قُم المقدّسة، 1409ه، ط1، ص 250.
[9] راجع: ابن ميثم البحراني، شرح نهج البلاغة، مركز النشر مكتب الاعلام الاسلامي - الحوزة العلميّة، إيران - قم، 1362 ش، ط1، ج3، ص 242.
[10] منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، حبيب الله الهاشميّ الخوئيّ، مصدر سابق، ج9، ص 214.
[11] نهج البلاغة، خُطَب الإمام عليّ عليه السلام، مصدر سابق، 132 ومن خِطبة له يَعِظ فيها ويَزْهَد في الدنيا، ص192.
[12] المجلسيّ، العلّامة محمّد باقر بن محمّد تقيّ، بحار الأنوار الجامعة لِدُرَر أخبار الأئمّة الأطهار، مؤسّسة الوفاء، لبنان - بيروت، 1403ه - 1983م، ط2، ج58، ص 23.

 

الأربعاء, 20 أيار 2020 20:41

لماذا ضاعت القدس منا؟

الإمام الخميني (قدس سره) يحدد لنا أسباب ضياع القدس وفلسطين‏..

لقد وجّه الامام الخميني (قدس سره) الامة الاسلامية نحو القضية المحورية، فلسطين قلب الامة والقدس قلب فلسطين، لان هذين المعلمين يمثلان قضية التحدي التي في احد بعديها مؤشرات الضعف الذي يعتري المسلمين وفي البعد الاخر مؤشرات الاستكبار وامارات مشروعه للهيمنة على الامة ومقدراتها، وفي البعد الاول فإن الواقع الذي حاول الامام الخميني (قدس سره) ان يكشفه لامة الاسلام انه لولا الضعف والوهن والانقسام والتبعية والتشرذم في عالم المسلمين وبين صفوفهم لما استطاع حفنة من اليهود المطرودين من عالم الرحمة والمشتتين في الاصقاع والقليلي العدد ان يجتمعوا ويتآمروا على الامة ويخططوا للانقضاض عليها من خلال التواجد في قلبها وبناء القاعدة للانطلاق نحو دولها واماراتها وكياناتها مقدمة للسيطرة على الارض والثروات والمقدرات، وقد ركز الامام الخميني (قدس سره) على الاسباب الكبرى والرئيسية التي تقف وراء ما حصل، والتي تمثلت اساساً في الحكام والرؤساء والملوك والزعماء والامراء والحكومات والادارات والسلطات والانظمة الحاكمة في دول المسلمين، وهو بذلك يريد ان يضع الامور في نصابها ويؤشر الى مكامن الداء الحقيقية دون مواربة ودون مهابة احد، لان القضية لا تحتمل ذلك، ففلسطين ضاعت والامة ضعيفة والمستقبل لا يبشّر بالخير في حال التقاعس عن القيام بواجب المجابهة والمواجهة مع الكيان المختلق »اسرائيل« فإما ان هؤلاء الخونة والعملاء يفتضحون فتنتبه الشعوب الى ضرورة تغييرهم او مجانبة مشاريعهم ومقرراتهم، واما انهم يستيقظون على وقع الخطر الداهم ليس فقط على الشعوب وانما على الانظمة والحكام جراء بقاء »اسرائيل« التي تريد في نهاية المطاف حكاماً عبيداً لها، وعلى كل الاحوال لم يكن الامام الخميني (قدس سره) ليعوّل كثيراً على الحكام طالما انه يعرف طبيعة العلاقة بينهم وبين الدول الداعمة ل»اسرائيل«، فإما انهم صنيعة تلك الدول وإما انهم يخشون غضبها وسخطها، وعلى كل الاحوال قد يجد الحكام المبررات التي تبدو مقنعة بحسب الظاهر حول انعدام مشاريع المواجهة ضد »اسرائيل«، لكن الشعوب لديها هامش اوسع من التحرك ووجدانها اكثر صحوة، وهي اقل اهتماماً بردود الفعل من قبل المستكبرين، وايضاً فان الشعوب المسلمة تعشق القدس وتحنّ الى ربوعها، لذا فان هذه الشعوب كانت وما زالت تتطلع الى القيادات الاصيلة الانتماء التي تعيش حالة الصدق في علاقتها مع حقوق الامة، ومع تطلعات الشعوب والاجيال والجماهير، كما ان افراد المسلمين يتلوعون ألماً وكمداً مما يحصل، ومن التخاذل والانقسام اللذين يعتريا جسم الامة، ويروعهم ذلك المشهد الدامي في فلسطين دون القدرة على القيام بردة فعل سوى التنهد وإطلاق الزفرات، فهم يعيشون حالة تشابه الاسر بفعل القيود الكثيرة المضروبة حولهم والمانعة لهم من ملامسة القضية الفلسطينية بجدية، فهم على مقربة من فلسطين إلا إنهم يبدون على مسافة آلاف الاميال منها، انهم قريبو المسافة من حيث المكان بعيدو المسافة من حيث القدرة على الوصول ليس فقط الى المكان بفعل الاحتلال وانما ايضاً بفعل احتلال اخر يسيطر على الافواه والانفس والعقول والارادات، ليمنعها جميعاً من ان تعبّر عن مكنوناتها، هذي هي الحال التي كانت عليها الامة، وما زالت كذلك في بعض اجزائها، وقد حاول الامام الخميني (قدس سره) ان يبيّن هذا الواقع من خلال كلماته التي قالها منذ عقود من الزمن ليضي‏ء شمعة في طريق مستقبل الامة ويساعدها في ازاحة العوائق والعثرات، فهو الإمام الذي ذاب في أمته وغطت عباءته كل امالها ودارت عمامته حول جميع الامها وأومأ بطرف عصاه الى حل مشاكلها، كانت الامة في كل بصيرته وبصره، ولم يكن له هم وشاغل سوى معالجة مشاكلها والمطالبة بحقوقها والتأكيد على قضاياها الكبرى دون ان يهاب أحداً لان الحق سلطان والمطالب به قوي ومنطقه جارف وعزيمته يجب ان لا يحول دونها او يقف في طريقها اية قوة طالما انه يطالب بحق مغتصب فالسالب للحق هو الذي يجب ان يخاف ويخاف صاحبه...

وإذا عدنا إلى الأسباب التي يمكن أن نستقرأها من كلمات الامام الخميني (قدس سره) والتي تقف وراء المشهد المأساوي والسوداوي في حاضر الأمة وواقعها والتي يمكن وفي حال عدم تجاوزها أن تؤسس لما هو أسوأ في المستقبل، إن هذه الأسباب بحسب رأي الامام تعود في غالبها الى الخيانة والمهانة والجبن والضِعة والتآمر من قبل كثيرين من الحكام المتقلدين للسلطة في بلاد المسلمين والذي يعملون عادة للحفاظ على عروشهم من خلال التنازل عن عرش الامة، وكذلك على تقوية مواقعهم على حساب قوة الامة وعنفوانها وهم يستمدون حضورهم وبقاءهم من العدو الذي سلب وما زال خيرات شعوبهم وثرواتهم، كما انهم يعملون لاستدامة شباب سلطاتهم على حساب شباب الامة ونضارتها وهذه هي كلمات الامام واضحة جلية تبين اهم الاسباب التي آلت الى خسارة فلسطين ومنها:

1ـ ان الحكام ليسوا ممثلين حقيقيين لشعوبهم فهم متسلطون او مستبدون وانهم غير مدينين بدين الاسلام حقاً وانهم غير متوحدين فيما بينهم وكذلك فإنهم غير لائقين للتصدي للمسؤوليات الكبرى في دولهم وبين شعوبهم والتي نصّبوا انفسهم للتصدي لها وبعضهم يعمل على التخريب والتفرقة بين فئات شعوبهم او بين دول المسلمين.

وفي هذه الابعاد يقول الامام الخميني (قدس سره): «فلو كان حكام البلدان الاسلامية ممثلين حقيقيين للناس، مؤمنين بأحكام الاسلام ومنفذين لها، واضعين الاختلافات الجزئية جانباً، كافين ايديهم عن التخريب والتفرقة متحدين فيما بينهم لما استطاعت حفنة من اليهود الاشقياء ان يفعلوا كل هذه الافاعيل مهما كان الدعم الذي تقدمه لهم امريكا وانكلترا، فما نراه من قدرتها (أي «اسرائيل») وممارستها انما هو بسبب تهاون وعدم لياقة المتصدين للحكم على الشعوب المسلمة«.

2ـ الخلافات الحادة القائمة بين قيادات الدول الاسلامية هي التي تحول دون علاج المشكلة بعد ان كانت سبباً في حصولها.

يقول الامام الخميني (قدس سره): «انها اختلافات قادة الدول هي التي تعقد المشكلة الفلسطينية وتحول دون حلها«.

3ـ عمالة بعض القادة للاستكبار وانانيتهم واستئثارهم بالحكم واستسلامهم وعدم تحريكهم ساكناً ازاء ما يتعرض له المسلمون وخصوصاً في فلسطين.

وفي ذلك يقول الإمام رحمهم الله: «ان اختلاف وعمالة بعض رؤساء البلدان الاسلامية لا يعطيان الفرصة والإمكانية لسبعماية مليون مسلم في ان يحلوا مشكلة القضية الفلسطينية التي تمثل اشد مصائبنا«.

كما يقول رحمهم الله: «ان الأنانية والعمالة واستسلام بعض الحكومات العربية للنفوذ الأجنبي المباشر يمنع عشرات الملايين من العرب من إنقاذ فلسطين من يد الاحتلال الإسرائيلي«.

4ـ التشتت والانهزام النفسي لبعض القادة الذي يدينون للاستكبار في الحفاظ على عروشهم ويدفعون ثمن ذلك ترسيخ الاوضاع المأساوية في بلاد المسلمين.

يقول الامام الخميني (قدس سره): «ان كثيراً من حكومات البلدان الاسلامية ونتيجة للانهزام النفسي او لعمالتها تنفد المخططات الخيانية والرغبات المشؤومة الاستعمارية المعادية للاسلام والتي تهدف الى ترسيخ هذه الاوضاع المأساوية للمجتمع الاسلامي والى تسليط «اسرائيل» على ارواح واموال واراضي الامة الاسلامية«.

5ـ انشغال اغلب الحكومات بالمفاوضات السياسية التي لا طائل منها والتي لا يمكن ان تؤدي الى علاج القضية الفلسطينية في حين ان الجهاد هو الحل.

يقول الامام الخميني (قدس سره): «ان اكثر الحكومات مشغولة بالقيام، والقعود والمفاوضات التي لا نتيجة منها تاركين المجاهدين الفلسطينيين الشجعان الذين يقاومون «اسرائيل» برجولة لوحدهم«.

6ـ تساهل بعض الرؤساء العرب، وعدم اهتمامهم بالقضية الفلسطينية ولا بما يعانيه الشعب الفلسطيني.

يقول الامام الخميني (قدس سره): «ان جميع المشاكل التي يعاني منها اخواننا في القدس طوال هذه المدة انما هي نتيجة لتساهل الرؤساء العرب«.

هذا من جهة الحكّام والاسباب المتعلقة بهم كأشخاص وممارسات وما يعتري اوضاعهم وما يحول دون توحدهم والتي ادت الى مزيد من الاهمال والنسيان والتهاون بقضية فلسطين، اما من جهة الشعوب وشرائحهم المختلفة لا سيما النخب والعلماء فهناك ايضاً الاسباب التي ترتبط بهم والتي هي بإزائهم، صحيح ان المشاكل الكبرى والاساسية ناتجة عن واقع الحكام وتقاعسهم وتخاذلهم واحياناً خيانتهم وعمالتهم الا ان ذلك لا يلغي ولا ينفي المسؤوليات الكبرى الملقاة على عاتق الشعوب وبالاخص على الطليعة فيها من النخب السياسية والاعلامية والثقافية وبالاخص العلماء الذين يجب ان يأخذوا بايدي شعوبهم ويوجهوهم نحو القضايا المصيرية فطالما ان الحاكم لم يمارس دور الموجه والمرشد السياسي للشعب وللناس نحو اهم القضايا والمسائل فان هذه المهمة تصبح على عاتق العلماء والمثقفين حتى لو كانوا خارج اطار السلطة او كانوا يخشون السلطات الحاكمة، وعلى هذا الصعيد حدد الامام الخميني (قدس سره) عدة اسباب ترتبط بواقع الشعوب والجماهير اذكر اهمها:

1ـ عدم الاعتماد على الاسلام والقران والاعتماد على المعسكر الشرقي او الغربي، وذلك خلاف المفروض بحسب مفهوم النص الالهي بضرورة الكفر بالمعسكرات المادية وبالطاغوت والايمان بالله وبرسالته والاعتماد عليه سبحانه وعلى تعاليم دينه:
يقول الامام الخميني (قدس سره): «لو ان الشعوب المسلمة وبدلاً من الاعتماد على المعسكر الشرقي او الاخر الغربي اعتمدت على الاسلام ووضعت تعاليم القرآن النوارنية والتحررية نصب اعينها وعملت بها لما وقعت اسيرة للمعتدين الصهاينة«.

2ـ التفرق والتشرذم والخلافات بين المسلمين والتلهي بالمسائل الخلافية غير الحساسة وترك الساحة واخلائها للاستكبار ومشاريعه مما اضعف قدرة هذا العدد الضخم والهائل من المسلمين واطمع فيهم ثلة من الصهاينة الحاقدين.
يقول الامام الخميني (قدس سره): «لو اجتمعت هذه القدرة أي قدرة المائة مليون عربي فإن امريكا لن تستطيع ان تفعل شيئاً«.
ويقول ايضاً: »ان الاختلافات هي التي سببت وجود الصهاينة هنا وأتاحت لهم الفرصة لتثبيت انفسهم«.

3ـ التهاون والتقاعس وعدم القيام بأي فعل او عمل في سبيل تغيير الواقع من قبل المسلمين، الذين كانوا أهل كلام واقوال وتصريحات وبيانات وخطابات في حين ان أعداءهم كانوا أهل فعل وحركة ومبادرة.
يقول الامام الخميني (قدس سره): »يجب ان أقول ان أعداء الإسلام كانوا رجال عمل لا كلام والمسلمون كانوا رجال كلام لا عمل فلو كان الأمر يخرج عن حدود الكلام لما عجز اكثر من مائة مليون عربي إلى هذه الدرجة عن مواجهة إسرائيل«.

4ـ الاتكال على الحكومات وانتظار مبادراتها وقراراتها وعدم المبادرة الى اتخاذ ما يناسب الموقف.
يقول الامام الخميني (قدس سره): «ان الشعوب إذا ما توقعت ان تبادر هذه الحكومات إلى الوقوف بوجه إسرائيل والقوى الأخرى فإنها واهمة بذلك«.

وهكذا يمكن استخلاص النتائج التالية:
أولاً: ان الأسباب الرئيسية التي تقف وراء أزمات المسلمين او التي تحول دون علاجها وبالأخص قضية فلسطين هو واقع غالبية الحكام في بلاد المسلمين.
ثانياً: هناك أسباب أخرى ترتبط بالشعوب وبطلائعها النخبوية تتمثل بعدم المبادرة والقيام وعدم الالتزام بأحكام الدين وهذا ما يعمّق المشكلة ويفاقم الأزمة.
ثالثاً: ان الحكام كما الشعوب معنيون بتغيير أوضاعهم من اجل الاتجاه نحو تصحيح الواقع وعلاج المشاكل وإلا فالأمور ستبقى على حالها بل هي مرشحة لمزيد من التدهور والتأزم.

إعداد ونشر مركز الإمام الخميني الثقافي‏، بتصرّف

التحركات العسكرية الامريكية الاخيرة في البحر الكاريبي والخليج الفارسي، لا تخرج عن احتمالين، اما انها تاتي في الاطار الاستعراضي، واما ان تكون محاولة من الرئيس الامريكي دونالد ترامب لإستفزاز ايران وجرها الى نزاع محدود بهدف تحقيق انتصار لتحسين حظوظه الانتخابية التي باتت في الحضيض.

ارسال امريكا لاربع سفن حربية الى بحر الكاريبي لعرقلة وصول خمس ناقلات ايرانية تحمل شحنات من البنزين الى فنزولا، وتهديد القيادة المركزية الامريكية الارهابية في الخليج الفارسي للسفن الحربية من الاقتراب 100 متر من القطعات البحرية الامريكية المتواجدة في المنطقة بصورة غير مشروعة، ردت عليها ايران عبر وزارة خارجيتها وقادتها العسكريين.

ايران اعتبرت وعلى لسان وزير دفاعها العميد امير حاتمي ان اي تعرض لناقلات النفط الايرانية المتجهة الى فنزويلا في اطار التجارة القانونية المشروعة بين الدول ، لن يكون قرصنة و ستواجه برد حازم من جانب ايران، وان الاميركيين وغيرهم يعلمون تماما بان ايران لن تتردد لحظة واحدة في الرد.

اما اعلان القيادة المركزية الأمريكية الارهابية بانها ستتخذ ما وصفته باجراءات "دفاعية" حيال اي سفن مسلحة تقترب لمسافة 100 من قطعاتها البحرية، ردت عليه بالقول ان الوحدات البحرية الايرانية في الخليج الفارسي وبحر عمان وكما في السابق ستقوم بتنفيذ مهامها بمنتهى الاحترافية، وما تعلن عنه القوات الاجنبية المتواجدة في المنطقة بطريقة غير مشروعة من اجراءات وقواعد لا تاثير لها على قيام القوات البحرية الايرانية بالمهام المناطة اليها بمنتهى الدقة.

نحن نبني تحليلنا على احتمال ان ترامب يسعى من خلال هذه التحركات الى اختلاق نزاع عسكري محدود مع ايران لتحسين صورته الانتخابية، وهو احتمال في حال صحته لن يكون في صالح ترمب بالمرة، لانه اختار ميدانا خاطئا لاستعرض عضلاته المترهلة، ميدان مواجهة ايران عسكريا، فأقل نتائج هذه المواجهة تعني تمزيق صورة ترامب والى الابد، ليس بسبب امتلاك ايران قدرات عسكرية هائلة فحسب، بل لوجود رجال يمتلكون ارادة لا تعرف التردد او التلكؤ حين يتطلب الامر الضغط على الزناد، وقد خبر العالم بعض هذه الارادة خلال السنوات القليلة الماضية.

يعتقد ترامب ان بامكانه حصر المنازلة مع ايران في نطاق محدود، الا اننا نحيله الى التصريح الواضح والقاطع لرجل خبره ترامب وجنرالاته عندما دك بصواريخه اكبر قاعدة امريكية في العراق، انه قائد قوات الجوفضاء التابعة لحرس الثورة الاسلامية العميد امير علي حاجي زادة، والذي اعلن فيه ان ايران اليوم ليست ايران قبل ثلاثين عاما، فانها سوف لن تستهدف القوات الامريكية في غرب اسيا في نطاق 2000 كيلومتر فحسب، بل ستستهدف كل القطعات البحرية الامريكية في هذا النطاق ومنها حاملات الطائرات في اول منازلة، ولا نعتقد ان ترامب بحاجة ليختبر ارادة وصدق الرجل فقد خبره من قبل.

هناك دول تمتلك من القدرات العسكرية ما تمتلكه ايران واكثر، ولكن ما يميز ايران عنها هو وجود رجال يمتلكون ارادة المواجهة واستخدام القدرات العسكرية دون ادنى تردد ، ما دامت القوة المعادية تهدد مصالح ايران المشروعه وامنها القومي، ولا يهم بعد ان كانت هذه القوة امريكا او غيرها.

المصدر:العالم

القدس على طريق التحرير:
لم تكتف الثورة الإسلامية في إيران بتصفية المصالح الإسرائيلية داخل إيران وإلى الأبد، وإنما رفعت منذ اليوم الأول لانتصارها على الشاه شعار الجهاد لتحرير القدس وكامل التراب الفلسطيني وتمكنت من تحريك مناطق كثيرة قريبة من إسرائيل ومن القدس بانتفاضات تهدف إلى تحقيق هذا الشعار.

ولا غرو فقد أثار انتصار الثورة الإسلامية خوفاً حقيقياً لدى المجتمع الصهيوني وقادته، وعبّر إسحاق رابين عن هذا الخوف بقوله: "ينبغي الإسراع في معرفة كيفية إيقاف المد الثوري الذي يجتاح المنطقة بسبب انتصار ثورة إيران وسقوط الشاه، ويمكنني الآن القول إن عصر الفتوحات الإسرائيلية قد تقلص وربما ذهب مع الشاه، وإن عصر التراجعات والاضطرابات وثورات الداخل سيبدأ في المستقبل"!

وعلى هذا الأساس احتلت القدس مكاناً مميزاً في فكر الإمام الخامنئي؛ فهو يرى أن إسرائيل غير قادرة على البقاء في هذه الأرض المقدسة، وأن القدس تسير على طريق التحرير، وأن أنموذج انتصار المقاومة الإسلامية في لبنان سوف يكون صالحاً للانطباق في فلسطين:
" قبل الصهاينة جاء الإفرنج لغزو القدس والتقدم في احتلال مساحات شاسعة من مصر وبلاد الشام وتحقق لهم الأمر وبعد مدة من الزمن استطاع المسلمون دحر الإفرنج وحرروا بيت المقدس من الوجود الصليبي.
وفي الوقت الحاضر استطاع عدة آلاف من المقاتلين اللبنانيين كبح جماح الغزو الصهيوني وشلّوا دور الجيش الصهيوني في البقاء في الأراضي المحتلة ودحروا جنرالاته ودحضوا المقولة بأنه جيش لا يقهر".

القدس جزء من الوطن الإسلامي الكبير:
لقد اعتبر السيد القائد أن تحرير القدس كما هو مسؤولية أهلها كذلك هو مسؤولية كل المسلمين بضمنهم الجمهورية الإسلامية، وأشار إلى العلاقة التاريخية التي تربط الثورة الإسلامية في إيران منذ البدء بقضية القدس.

"إن مسألة القدس هي مسألتنا القديمة، وقد قلنا مراراً إنها مسألتنا الاستراتيجية؛ فنحن لا نتكلم عن القدس في وقت ما من أجل مصلحتنا، فالقدس بالنسبة لنا مثل مدينة طهران ومشهد، إنها بيتنا، ولا ندعي ملكية القدس، ولا نسمح بأن يؤخذ هذا الكلام مستمسكاً على أن إيران تريد القدس، ويبدو أنه قد قيل في مؤتمر "فاس" إن إيران تريد الاستيلاء على القدس! هم إخوتنا وهم مسلمون، ومدينة القدس لأهل القدس، وهي مدينة إسلامية، وكما أننا نعتبر مدن أصفهان وشيراز وطهران ومشهد مدناً إسلامية، وعندما كانت بأيدي العدو، كنا نحاول إخراجها من سيطرته، كذلك بالنسبة لمدن فلسطين، والقدس وكل المدن الموجودة نشعر بأنها مدن إسلامية تقع تحت سيطرة أعداء الإسلام، ويجب أن تخرج من أيديهم وتعطى لأهلها"(1)

وقال: "الشعب الإيراني ـ كما كان دائماً ـ يرى نفسه إلى جانب المناضلين الفلسطينيين ويرى أن انتصاره ناقصٌ دون انتصار القضية الفلسطينية. والإمام الراحل العظيم منذ الأيام الأولى لنضاله في إيران وضع المسألة الفلسطينية على رأس قائمة اهتماماته، وكان يتابع هذا الموضوع طوال أيام النضال، وكذلك بعد انتصار الثورة"(2).

القضية ليست معاداة اليهود:
فليس أصل المسألة هو معاداة اليهود، فهم كما أنهم اليوم يعيشون بأمان في ظل الجمهورية الإسلامية كذلك سوف يستطيعون العيش بأمان في ظل الحكم الإسلامي للقدس فيقول حفظه الله:
"وطبعاً أهلها ليسوا كلهم من المسلمين، ولكن أكثرهم مسلمون، ويمكن أن يتعايش المسلمون والنصارى واليهود هناك، ونعتقد بأن على الدول الإسلامية أن تقوم بحركة جدية ضد العدو الصهيوني"(3)
لب الكلام كما تفضل به إمامنا الراحل (قدس سره) "يجب محو إسرائيل"؛ فإذا ارتضى يهود فلسطين الحكومة الإسلامية، يمكنهم العيش هناك، فالقضية ليست معاداة اليهود، وإنما القضية اغتصاب ديار المسلمين، ولو لم يخضع رؤساء وزعماء المسلمين لتأثير القوى العالمية، لكان بمقدورهم إنجاز هذه المهمة، لكنهم للأسف لم يفعلوا.

المحور الأساس هو المسجد الأقصى:‏
لقد اعتبر السيد القائد دائماً أن المسجد الأقصى يشكل محوراً ومركز المسلمين في فلسطين وخارجها، وهو الذي تدور حوله رحى المعارك والانتفاضات فيقول:
"المحور الأساس في الانتفاضة الثانية هو المسجد الأقصى، أي أن الشرارة التي فجرت غضب الشعب الفلسطيني هي تدنيس الصهاينة للأقصى.. والشعب الفلسطيني انطلق من إحساسه بالرسالة الخطيرة التي يحملها في حراسة واحد من أقدس الأماكن الدينية الإسلامية، ودخل الساحة بقوة وأضرم شعلة المقاومة في النضال ضد المحتلين الصهاينة"(4).

دعم الانتفاضة من أجل تحرير القدس مسؤولية إسلامية:
إن الالتزام الفكري بمجرده بقضية القدس ليس كافياً، بل لا بد من تجسيد ذلك في دعم حقيقي وتحمل مسؤولية ذلك مهما كان الثمن الذي سوف ندفعه غالياً، وفي هذا الإطار يقول الإمام الخامنئي:
"إن الكفاح والجهاد داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة سيكونان عاملين لتحقيق انتصار الثورة الفلسطينية وتحرير القدس الشريف وإلحاق الهزيمة بالمشروع الصهيوني الاستيطاني".

ويقول:
"إن العدو المدجج بالأسلحة الفتاكة والمدعوم أميركياً على مختلف الصعد قد أنهك أمام الضربات لشباب حزب الله الذين يعتمدون قبل كل شي‏ء على سلاح الإيمان والتضحية. وإن الشعب اللبناني برهن على أن لديه قدرة المقاومة ومواجهة السياسات الاستعمارية ومخططات الأعداء، وإن الكيان الصهيوني أصبح يخشى القوى اللبنانية المؤمنة والمخلصة والمناضلة، ولذا فإنه يتطلب تقويتها في مواجهة المحتلين للقدس.

وإننا سنواصل الدفاع عن الطموحات الكبرى والحقة للفلسطينيين رغم الحملة الإعلامية المعادية التي تتعرض لها الجمهورية الإسلامية من قبل الاستكبار العالمي والصهيونية، ولن نخشى أحداً في موقفنا هذا. وإن الإيمان ومواصلة الكفاح وتعزيزه داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة يعتبران عاملين أساسيين لتحقيق انتصار الثورة الإسلامية الفلسطينية وتحرير القدس الشريف من براثن الصهيونية. وإن دعم الانتفاضة لن يتوقف عند حدود المساندة الأخلاقية والسياسية والمالية، بل يجب مساندة الفلسطينيين بشكل مباشر في جهادهم ضد الكيان الصهيوني".

(1) آراء القائد الإمام الخامنئي ص 278 - 179، دار الهادي.
(2) من الكلمة التي ألقاها حول المجزرة الوحشية في الحرم الإبراهيمي.
(3) آراء القائد الإمام الخامنئي 178 - 179، دار الهادي.
(4) من الخطبة التي ألقيت في المؤتمر العالمي لدعم الانتفاضة الفلسطينية.

قال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أن عهدنا لكل المجاهدين المنتظرين ذلك اليوم الذي سيتحقق فيه هذا الحلم، عهدنا أن نمضي في هذا الطريق، نبذل كل جهد، نزيل كل عائق، نتماسك، نتوحد، نتضامن، نهيئ كل الظروف، نمهد كل الأرضية لليوم الذي سيأتي حتماً، لليوم الذي سنصلي فيه جميعاً في القدس إن شاء الله، في المسجد الأقصى، في البيت المقدس، حيث ستحرره سواعد ودماء الأطهار والمخلصين من أبناء أمتنا.

واليكم نص كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله خلال بث كلمة موحدة لقادة محور المقاومة بمناسبة يوم القدس العالمي:

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدالله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله وعل آله الطيبين الطاهرين، وصحبه الأخيار المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

 

يوم القدس العالمي هو من الإرث المبارك لسماحة الإمام الخميني قدس سره الشريف، هذا الإمام الذي أحيا آمال المستضعفين والمظلومين في العالم بثورته الإسلامية العظيمة في إيران عام 1979م. وعبّر من خلال رمزية الإعلان عن هذا اليوم في آخر يوم جمعة من شهر رمضان المبارك، عبّر عن الالتزام الثابت والراسخ والنهائي للجمهورية الإسلامية في إيران ولكل المجاهدين والمقاومين الشرفاء لقضية فلسطين والقدس، واعتبار هذه القضية والجهاد من أجلها والعمل في سبيلها من أوجب الواجبات التي لا يمكن التخلي عنها، مهما بلغت الضغوط والتحديات ومهما تعاظمت الأثمان والتضحيات.

اليوم في العام 2020، اليوم وبالرغم من كل التحولات الدولية والإقليمية، وبالرغم من كل العواصف والزلازل والفتن، التي ضربت منطقتنا وبفعل الإيمان والصمود والصبر والصدق والإخلاص والتواصل بين دول وقوى محور المقاومة في عالمنا العربي والإسلامي نجد أنفسنا أننا أقرب ما نكون إلى القدس وإلى تحريرها إن شاء الله.

مشهد المطبعين والمستسلمين ليس هو الصورة الحقيقية لأمتنا وإنما هو الصورة الحقيقية لهؤلاء الذين كانوا يخفون موقفهم، اليوم أظهروا هذا الموقف وكشفوا عن حقيقتهم، وأسقطوا الأقنعة، هؤلاء الذين لو خرجوا فينا ما زادونا إلا خبالا.

المشهد الحقيقي الذي يجب أن يبنى عليه أي قراءة أو تطلع أو تقييم للمستقبل هو في ثبات وصمود وتنامي وتصاعد قوى المقاومة، حكومات، ودول، وفصائل، وحركات، وشعوب، ونخب في عالمنا العربي والإسلامي، في فلسطين في إيران في العراق في سوريا في اليمن في لبنان وعلى امتداد عالمنا العربي والإسلامي حيث يوجد مؤيدون، ومؤمنون، وملتزمون، أما في هذه الدول فهناك، نحن نتحدث عن قوى حقيقية وفعلية ومقتدرة ومتصاعدة. المشهد الحقيقي يعبر عنه تصريحات ومواقف المسؤولين الصهاينة الخائفين والمرعوبين من انتصارات محور المقاومة والمذهولين والخائبين أمام هزيمة حلفاءهم وحلفاء أمريكا في أكثر من جبهة وأكثر من حرب ومواجهة في منطقتنا. المسؤولين الصهاينة يعبرون بوضوح عن خوفهم الشديد من تنامي قدرات المقاومة كماً ونوعاً، بشرياً، وتسليحياً، وفنياً، ومعنوياً وعلى كل صعيد.

هذا التلاقي اليوم من خلال الكلمات التي ألقيت وتلقى وأنا واحدٌ من هؤلاء الأخوة الذين نحبهم ونحترمهم ونجلّهم ونراهن عليهم. هذا التلاقي اليوم ومن خلال هذا المنبر الموحد ليوم القدس وتحت شعار واحد هو شعار القدس درب الشهداء، يؤكد تلاقينا أن كل الفتن والمؤامرات لتجزئتنا وتفتيتنا على أساسٍ طائفيّ أو مذهبيّ أو عرقيّ أو حزبيّ أو سياسيّ فشلت. هذا التلاقي اليوم بيننا يؤكد أن محاولات عزل فلسطين والشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية لم يكتب ولن يكتب له النجاح. هذا التلاقي اليوم يؤكد أن هذه القضية المقدسة كانت وستبقى قضية الأمة وقضية قواها الحية والمخلصة المستعدة لمزيد من التضحيات.

في يوم القدس هذا العام والذي يأتي ببركة شهر الله شهر رمضان المبارك هذه السنة يأتي في شهر أيار متزامناً مع عيد المقاومة والتحرير في لبنان، مع الذكرى العشرين للانتصار التاريخي للمقاومة في لبنان على الصهاينة واحتلالهم وأطماعهم ومشاريعهم، نؤكد نحن في حزب الله في المقاومة الإسلامية في لبنان، نؤكد التزانا القاطع والحازم بهذه القضية ونؤكد عهدنا على المضيّ في هذا الطريق إلى جانب شعبنا الفلسطيني الصابر المحتسب المظلوم المحاصر المجاهد، وفصائله المقاومة المباركة، وكل قوى الأمة الحية والمخلصة، وكلنا ثقة بأن النصر سيكون قريباً ان شاء الله، وأن تضحيات وصبر المجاهدين والمقاومين وشعوبنا ورجالنا ونساءنا وصغارنا وكبارنا ستبدل وتغير كل المعادلات.

نفتقد في يوم القدس هذا العام قائداً كبيراً وعظيماً على طريق القدس وفي جبهة القدس والذي سميّ بحق شهيد القدس، الأخ الحبيب والعزيز والقائد المجاهد الكبير الحاج قاسم سليماني رضوان الله تعالى عليه، والذي كان ركناً عظيماً من أركان المقاومة ومعاركها وانتصاراتها، والممهد الأكبر في الميدان لانتصارها الكبير الآتي بتحرير القدس إن شاء الله، الذي كان يعمل في ليله ونهاره وكل عمره الشريف والمبارك لتكون المقاومة في كل دول المنطقة حية، مقتدرة، جاهزة، قوية، متمكنة من أجل ذلك اليوم الذي نتطلع إليه جميعاً. نعاهد روحه الطاهرة أننا جميعاً سنكمل دربه ونعاهده أن نحقق أحلامه وأغلى أمانيه، لن يصاب أي واحد منا باليأس ولا بالكلل ولا بالملل مهما كان الضغوط، مهما كانت الحروب النفسية مهما كانت العقوبات وأشكال الحصار والتهديدات والمخاطر، سنمضي في هذا الطريق وكلنا إيمانٌ وأملٌ ويقين، سنحمل دماءنا على أكفنا ونحضر في الجبهات ولن نتردد لحظة واحدة من خوض غمار كل التحديات كما علمنا هو في مدرسته وفي طريقه وفي خطه ونهجه الذي كان يجسده فكراً وثقافةً وسلوكاً وعملاً. إن شاء الله عهدنا في هذا العام لشهيد القدس الكبير الحاج قاسم سليماني، لكل الشهداء الذين مضوا في طريق القدس وعلى درب القدس لكل العقول والقلوب التي تحمل هذه الآمال، عهدنا لكل المجاهدين المنتظرين ذلك اليوم الذي سيتحقق فيه هذا الحلم، عهدنا أن نمضي في هذا الطريق، نبذل كل جهد، نزيل كل عائق، نتماسك، نتوحد، نتضامن، نهيئ كل الظروف، نمهد كل الأرضية لليوم الذي سيأتي حتماً، لليوم الذي سنصلي فيه جميعاً في القدس إن شاء الله، في المسجد الأقصى، في البيت المقدس في بيت المقدس، حيث ستحرره سواعد ودماء الأطهار والمخلصين من أبناء أمتنا.

إني اليوم في هذه الكلمة الموجزة والمختصرة، أوجه النداء إلى كل أبناء أمتنا، إلى كل شعوبنا العربية والإسلامية، إلى إحياء هذا اليوم بالطرق المناسبة، إعلامياً، وثقافياً، وسياسياً، واجتماعياً، وفنياً وبالاستفادة من كل البرامج المعلنة مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف المستجدة التي فرضها وباء كورونا على العالم وعلى شعوب العالم، مع الأخذ بعين الاعتبار كل الإجراءات الوقائية المطلوبة، يجب أن يكون يوم القدس هذا العام كما في كل عام وكما كان في الأعوام السابقة حاضراً وبقوة في وجداننا وعقولنا وقلوبنا وعواطفنا وارادتنا وثقافتنا وبرامجنا وأعمالنا لأن القدس هي الهدف الذي يجب أن تبقى كل العيون والعقول والقلوب والسواعد والأقدام تتوجه إليه وسنصل إليه إن شاء الله.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المصدر:العالم

الأربعاء, 20 أيار 2020 20:31

إعمل واحفظ عزّك

لا يختلف اثنان في أنّ السعي الحثيث يُعدّ من الاستراتيجيّات الأساسيّة في تدبير المعيشة. ويُعدّ هذا الأمر - بالنسبة للقوانين الحاكمة على وجود الإنسان - وسيلةً لبناء شخصيّته وترسيخها، وفي الوقت نفسه هو وازعٌ لاكتمال قدراته البدنيّة والعقليّة، ونضوج طاقاته الفطريّة والذاتيّة.
 
وتطرّق كتاب الله المجيد - بدوره - إلى العمل والسعي في مواطن عديدةٍ، وأكّد على أهمّيّة ذلك في نظام التكوين والتشريع، حيث جاء في إحدى آياته المباركة: ﴿لَقَدْ خَلَقْنا الإِنْسانَ فِي كَبَدٍ﴾([1]) .
 
وفي الحقيقة: إنّ الجهد الحثيث هو الذي يصقل شخصيّة الإنسان في الحياة الدنيا ويشذّبها. وحسب قانون الطبيعة، فإنّ الحركة والعمل والكبَد(المعاناة) هي أمورٌ ضروريّةٌ في حياة البشر، ولا بدّ لكلّ إنسانٍ من مكابدتها. لذا، يُعدّ الإنسان بذاته ظرفاً للحاجة، وبإمكانه أن يلبّي حاجاته ممّا هو موجودٌ في الطبيعة من ثرواتٍ. وبالتأكيد، فإنّ هذه الثروات ليست مُعدّة على طَبَقٍ من ذهب، بل إنّ استثمارها بحاجةٍ إلى جهدٍ وعملٍ دؤوبٍ، وهذه الضرورة فرضتها قوانين الطبيعة على الإنسان، من أجل أن يتسنّى له الخلاص من الفقر، والحرمان، وكلّ ما من شأنه الإخلال بنظم حياته الفرديّة والاجتماعيّة.
 
الأنبياء والأئمة عليهم السلام والعمل الدؤوب:
حثّ الله عزّ وجلّ عباده على العمل الدؤوب والجهد الحثيث، وكان ديدن أنبياء الله تعالى وأوليائه الصّالحين عليهم السلام على هذا النهج، حيث أشار الإمام موسى الكاظم عليه السلام إلى هذه الحقيقة. فعن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن أبيه، قال: رأيتُ أبا الحسن عليه السلام يعمل في أرضٍ له وقد استنقعت قدماه في العرَق، فقلت: جُعلت فداك، أين الرجال؟ فقال عليه السلام: "يا عَليُّ، قَد عَملَ بِاليدِ مَن هُو خيرٌ مِنّي في أِرضِهِ، ومِن أبي". فقلت: ومن هو؟ فقال: "رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم وأَميرُ المؤمِنينَ عليه السلام، وآبائي كُلُّهُم كانوا قَد عَملُوا بأَيدِيهِم، وهُو مِن عَملِ النَّبييِّنَ والْمُرسَلينَ والأوصياءُ والصّالِحينَ"([2]) .

كما أكّد الإمام جعفر الصادق عليه السلام على ذلك، عندما أعرب عن حبِّه لمن يكسب من عرق جبينه، ويعمل تحت حرارة الشمس، لتأمين لقمة عيشه، فقد روي عن أبي عمرو الشيبانيّ أنّه قال: رأيتُ أبا عبد الله عليه السلام وبيده مسحاةٌ، وعليه إزارٌ غليظٌ يعمل في حائطٍ له، والعرقُ يتصابُّ عن ظهرهِ، فقلتُ: جُعلتُ فَداك، أعطني أكفِكَ. فقال عليه السلام لي: "إنِّي اُحبُّ أنْ يَتأذَّى الرّجُلُ بِحرِّ الشَّمسِ في طَلبِ المعيشَةِ"([3]) .
 
لذا، فإنّ الحياة الطيّبة الكريمة ستكون من نصيب المجتمع الإسلاميّ، متى ما اتّخذ أبناؤه العمل منهجاً لهم، لأنّ العمل شعارُ المؤمن، وجزءٌ من الإيمان([4]) .

وفي الواقع: إنّ العمل يصقل ذات الإنسان ويظهرها على حقيقتها، ولا ريب في أنّ المتخاذل عن العمل جاهلٌ بتعاليم الدين، لأنّ فحوى تعاليم ديننا تتجلّى في النشاط والعمل، وكلّ متديّنٍ يرى العمل كرامةً له. ويظهر ذلك في وصية الإمام جعفر الصادق عليه السلام لأحد أصحابه، حينما سأله كيف يَحفَظ كرامة نفسه، إذ أوصاه عليه السلام: أن يعتمد على نفسه، ويعمل لكسب رزقه. فقد روي عن علي بن عقبة قوله: قال أبو عبد الله عليه السلام لمولىً له: "يا عبدَ اللهِ، إحفظْ عِزَّكَ". قال: وما عزِّي! جُعلت فداك؟ قال عليه السلام: "غُدُوُّكَ إلى سُوقِكَ وإكرامُكَ نَفسَكَ". وقال عليه السلام لشخصٍ آخر: "مالي أراكَ تَركتَ غُدُوّكَ إلى عِزِّكَ؟!". قال: جنازةُ أردتُ أن أحضرها. قال عليه السلام: "فَلا تَدَعْ الرَّواحَ إلى عِزِّكَ"([5]).
 
وبالطبع، فإنّ العمل النزيه يُعدّ أمراً ضروريّاً لإصلاح حياة الفرد والمجتمع، ولا بدّ منه لحفظ المبادئ والقيم الأصيلة، ومن خلاله يتمُّ تأمين كلّ حاجةٍ في المجتمع.

لذا، فإنَّ تعاليم ديننا لا تجيز لنا ترك أعمالنا، ومدّ أيدينا للآخرين، طلباً للرزق، حتّى في أصعب الظروف.
 
روي عن زرارة: أنّ رجلاً أتى الإمام الصادق عليه السلام، فقال له: إنّي لا أُحسن أن أعمل عملاً بيدي، ولا أُحسن أن أتّجر، وأنا محارفٌ([6]) محتاجٌ! فقال له الإمام عليه السلام: "إعْمَلْ، فَاحمِلْ على رَأسِكَ، واسْتغنِ عَن النّاسِ، فإنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَد حَمَلَ حَجَراً عَلى عُنُقِهِ، فَوَضَعَهُ في حائطٍ مِن حيطانِهِ، وإنَّ الحجَرَ لَفِي مَكانِهِ ولا يُدرى كَمْ عُمقُهُ"([7]) .
 
تطوّر الإنسانية يكون بالعمل:
إنّ تطوّر شخصيّة الإنسان ورقيّ المجتمع مرهونان بالجهد والنشاط، فالمجتمع الذي لا وجود للعمل الحثيث فيه، والمتكاسل الذي لا عمل دؤوب له، لا يشهدان أيّ تطوّرٍ أو رقيٍّ. ومن هذا المنطلق، فإنّ ترك العمل يُعدّ من الأخطاء الفادحة التي تؤدّي إلى الكسل والخمول، وتحول دون نضوج شخصيّة الإنسان وانتعاش المجتمع. فذات يومٍ جاء تاجرٌ إلى الإمام الصادق عليه السلام وقال: إنّه وفّر مالاً كثيراً، ويريد ترك العمل، لأنّه ليس بحاجةٍ إليه. فنهره الإمام عليه السلام وأخبره بأنّ تفكيره هذا غير صائبٍ، فالإنسان الذي يترك العمل سوف لا يكون مفيداً لمجتمعه([8]) .
 
ويثبت لنا ممّا ذُكر من نصائح وإرشادات أنّ أئمّتنا عليهم السلام يريدون تحفيزنا على السّعي، والعمل الحثيث، وعدم الاكتفاء بالقليل، في مجال الإنتاج، وخدمة العائلة، والمجتمع، إذ إنّ العمل يجعل الحياة طيّبةً، وينعش الجسم والروح على حدٍّ سواء، حيث إنّ العمل والإنتاج يرسّخان دعائم المجتمع الإسلاميّ والعالميّ معاً، حتّى وإن كان الشخص بذاته ليس بحاجةٍ إليه.
  
فن التدبير في المعيشة - رؤية قرآنية روائية، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

([1]) البلد: 4.
([2]) الكليني، الكافي، م.س، ج5، كتاب المعيشة، باب ما يجب من الاقتداء بالأئمّة عليهم السلام، ح10، ص75-76.
([3]) الكليني، الكافي، م.س، ج5، كتاب المعيشة، باب ما يجب من الاقتداء بالأئمّة عليهم السلام، ح13، ص76.
([4]) الآمدي، أبو الفتح: غرر الحكم ودرر الكلم، ترتيب وتدقيق عبد الحسن دهيني، ط1، بيروت، دار الهادي، 1413هـ.ق/ 1992م، ح1507.
([5]) الطوسي، محمد بن الحسن: تهذيب الأحكام، ج7، كتاب التجارات، باب فضل التجارة...، ح12، ص4.
([6]) المحارف: المحروم, يطلب فلا يُرزق، وهو خلاف المبارك.
([7]) الكليني، الكافي، م.س، ج5، كتاب المعيشة، باب الحثّ على الطلب...، ح14، ص67-77.
([8]) انظر: الكليني، الكافي، م.س، ج5، كتاب المعيشة، باب فضل التجارة...، ح4، ص148, ح10-11، ص149.

من السذاجة اعتبار ما قامت به سفارتا بريطانيا وكندا وبعثة الاتحاد الاوروبي في بغداد من رفع علم المثليين "احتفالا باليوم العالمي لما يسمى بمناهضة رهاب المثلية والتحول الجنسي"، بانه يندرج في اطار مقولة الحرية التي يتغنى بها الغرب، ولا يستحق تلك الضجة الكبيرة التي اثارها، كما لا يحتمل كل تلك التأويلات التي لجأ اليها الكثيرون.

من الواضح ان الجهات التي تقف وراء هذا الاجراء، خاصة العاملين في سفارة بريطانيا من تلاميذ المسز بيل مستشارة المندوب السامي البريطاني بيرسي كوكس، يعلمون جيدا ان ما قاموا به لا يندرج في اطار مهامهم الدبلوماسية ولا حتى في اطار مقولة الحرية، فبريطانيا التي كان مندوبها في الهند "يقدس البقر" حفاظا على المصالح غير المشروعة لبريطانيا في الهند، تعلم اكثر من البقية، انها ارتكبت عملا فاحشا ووجهت اهانة كبرى ومقصودة للشعب العراقي في دينه وتقاليده واخلاقه وعاداته، وفي اقدس الاشهر واقدس الليالي لدى المسلمين.

سؤال يطرح نفسه وبقوة هنا ، لماذا ارتكبت بريطانيا فعلتها النكراء هذه وقلدتها كندا وبعثة الاتحاد الاوروبي؟، يبدو ان هذه الجهات الثلاث قامت بما قامت به بالنيابة عن المحتل الامريكي، والهدف هو معرفة حجم ومدى تاثير اداء المنظمات التي دربتها وجندتها "الوكالة الامريكية للتنمية الدولية" تحت عنوان "منظمات المجتمع المدني" والتي استقطبت شريحة من الشابات والشباب العراقي الذين خضعوا لدورات تدريبية مكثفة كان هدفها الابرز ضرب القيم الدينية والمجتمعية في العراق تحت عنوان الحرية والكرامة الانسانية.

رفع علم المثليين فوق بغداد كان اذا بالون اختبار لمعرفة قوة التماسك المجتمعي والترابط الاسري في العراق، وكذلك قوة ارتباط الانسان العراقي بمعتقداته الدينية ومنظومته الاخلاقية وغيرته على تقاليده وعاداته، بعد اكثر من عشر سنوات من العمل المتراكم للوكالة الامريكية على الشباب العراقي، بعد طفت على وجه المجتمع العراقي مجموعات من الشباب ، وخاصة على هامش التظاهرات المطلبية للشعب العراقي، ذات خطاب شاذ يتهجم على القيم الدينية والاخلاقية والاعراف السائدة في العراق، تحت شعار الحرية والتحرر ومحاربة القيم البالية.

امريكا لم تتصدر المشهد خوفا على مصالحها في العراق، الا انها اوكلت المهمه لحلفائها، لاطلاق بالون الاختبار، الذين سيكون بامكانهم التراجع والاعتذار والاعراب عن الاسف، في حال واجهوا ردة فعل عراقية غاضبة، وهو ما حصل بالفعل حيث وصلت ردود الفعل الى المطالبة بطرد سفراء بريطانيا وكندا والاتحاد الاوروبي من العراق، الامر الذي اكد فشل منظمات المجتمع المدني "الامريكية" من اختراق المجتمع العراقي وتحويله الى مجتمع "مسخ" لا ذاكرة له ولا مناعة.

المصدر:المیادین

يحيي مسلمو العالم، في كل عام، وعبر مسيرات حاشدة مناهضة للصهيونية، يوم القدس العالمي الذي يصادف الجمعة الاخيرة من شهر رمضان المبارك والذي دعا اليه الامام الخميني (ره) للتضامن مع الشعب الفلسطيني في دعم حقوقه المشروعة. وفي هذا العام تجري تحضيرات خاصة في دول العالم والمناطق الفلسطينية لإحياء المناسبة في ظل انتشار جائحة كورونا.

تكتسب فعاليات يوم القدس العالمي هذا العام، اهمية مضاعفة في ظل محاولات الاحتلال الاسرائيلي قضم المزيد من الاراضي الفلسطينية عبر ضم اجزاء من الضفة الغربية المحتلة ومنطقة الاغوار وإعلان سيادته على هذه المناطق في إطار تنفيذ ما يسمى "صفقة القرن" الرامية الى تصفية القضية الفلسطينية والتي بدأت تنفيذ المرحلة الاولى منها بنقل السفارة الامريكية الى القدس المحتلة، وذلك في وقت تتعرض فيه المدينة المقدسة لعملية تهويد شاملة عبر تهجير الفلسطينيين وهدم منازلهم وطمس المعالم الإسلامية والمسيحية في القدس واستبدالها بالبؤر الاستيطانية.

وفي ظل انتشار فيروس كورونا المستجد الذي ارغم دول العالم على اعلان حظر التجمهر وإجراء تدابير احترازية مشددة للحفاظ على سلامة المواطنين، يستعد المسلمون في كافة ارجاء العالم لإحياء يوم القدس العالمي باعتباره واجبا دينيا وانسانيا عبر حملة الكترونية وفعاليات رمزية متنوعة تقام عبر منصات ومواقع التواصل الاجتماعي.

وفي هذا السياق، ستنطلق يوم غد الاثنين من العاصمة الايرانية طهران أعمال "مؤتمر القدس الشريف" عبر الفضاء الافتراضي من الساعة 16.30 الى 18.30 بتوقيت مكة المكرمة وعبر برنامج adobe connect وسيبث بشكل مباشر عبر الموقع live.alabaster.ir و اینستغرام، وفیسبوك ویوتیوب، وتستمر أعمال المؤتمر الى بعد غد الثلاثاء.

ويعد "مؤتمر القدس الشريف" مبادرة ايرانية عبر المجال الافتراضي، في إطار فعاليات إحياء يوم القدس العالمي، رسالته الرئيسية أن الشعوب العربية والاسلامية وأحرار العالم يقفون الى جانب القضية الفلسطينية ولا يمنعهم في ذلك جائحة أو اعلام مضلل أو حتى العقوبات والحصار، والتأكيد على أن القضية الفلسطينية هي القضية الاساسية ومقدمة على سائر القضايا، ولن يتخلى عنها أحد مهما فعلت أميركا والكيان الصهيوني وعملائهم في المنطقة والعالم.

من جهته اعلن نائب رئیس مجلس التنسيق للاعلام الاسلامي في الجمهورية الاسلامية الايرانية ان سماحة قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي سيلقي خطابا متلفزا عبر القنوات المحلية والدولية في الجمعة الاخيرة من شهر رمضان المبارك لمناسبة يوم القدس العالمي.

واعتبر نصرت الله لطفي في تصريح له اليوم الاحد، يوم القدس العالمي الذي اطلقه الامام الخميني الراحل (رض) بانه يمثل رمزا لاصطفاف الحق ضد الباطل ومظهرا لدعم الشعب الفلسطيني المظلوم وملحمة متعلقة بكل الشعوب والاجيال القادمة وقال ان راية الكفاح ضد الكيان الصهيوني ستظل مرفوعة مترافقة مع المقاومة والقيم المعنوية والامل حتى التحرير الكامل لفلسطين والقضاء على جرثومة الفساد هذه.

واعتبر احياء يوم القدس العالمي والدفاع عن الشعب الفلسطيني واجبا شرعيا وغير قابل للتعطيل واضاف، انه في هذا العام وبسبب تفشي فيروس كورونا والقيود الناجمة عن ذلك لم تتوفر امكانية تنظيم مسيرات عامة.

واضاف، ان سماحة قائد الثورة الاسلامية سيلقي خطابا متلفزا موجها للامة الاسلامية لمناسبة يوم القدس العالمي في الساعة 12 ظهرا بالتوقيت المحلي (السابعة والنصف صباحا بتوقيت غرينتش) من يوم الجمعة (الاخيرة من شهر رمضان المبارك) وسيتم بثه بصورة مباشرة عبر القنوات المحلية والدولية.

وتابع انه وبغية الاستفادة القصوى من تصريحات قائد الثورة الاسلامية لن يكون هنالك اي برنامج في اي نقطة في البلاد تحت عنوان يوم القدس

وفي قطاع غزة تجري التحضيرات على قدم وساق لإحياء يوم القدس العالمي في ظل جائحة كورونا، فيما أكدت الفصائل الفلسطينية على ضرورة احياء المناسبة بشكل فعال.

ورفع الفلسطينيون لافتات على المفترقات والشوارع في قطاع غزة للتأكيد على أن فلسطين قضية مركزية للأمة، في وقت تمنع قوات الاحتلال الصهيوني أهالي سكان القطاع من الوصول إلى القدس منذ الانتفاضة الاولى.

وقال القيادي في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، عصام أبو دقة، إن يوم القدس العالمي هو يوم مجيد ولكل الشعوب العربية والإسلامية لمواصلة النضال وإعلاء الصوت ضد الاحتلال وتقديم يد العون والمساعدة للشعب الفلسطيني لتمكينه من الصمود أمام إجراءات الاحتلال في القدس والمسجد الاقصى ومحاولة السيطرة عليها زمانيا ومكانيا.

بدوره، قال القيادي في حركة المجاهدين الفلسطينية، مؤمن عزيز، إن يوم القدس العالمي هو يوم لنصرة المستضعفين ويوم نصرة القضية الفلسطينية، وأكد أن يوم القدس العالمي سيبقى في نفوس أحرار وشعوب الامة العربية والإسلامية، داعيا الأنظمة والشعوب العربية والإسلامية إلى نبذ التطبيع والمطبعين، مؤكدا أن يوم القدس العالمي يوم للالتحام والتكاتف مع الشعب الفلسطيني وقضيته والقدس، كما دعا إلى معاداة العدو الصهيوني وأن يكون الاحتلال هو العدو الأوحد للامة جمعاء.

هذا واكد مندوب حركة الجهاد الاسلامي في فلسطين بطهران ناصر ابو شريف بان قضية القدس يجب ان تكون بوصلة المسلمين، لافتا الى ان هذه القضية كانت الهمّ الرئيسي للقائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الفريق الشهيد قاسم سليماني اينما كان في العالم الاسلامي.

وفي سياق متصل، سيتم احياء يوم القدس العالمي عبر الفضاء الافتراضي من منصات التواصل الاجتماعي في افريقيا الجنوبي، وبمشاركة العديد من الشخصيات السياسية الدولية. ومن المقرر ان تلقي الشخصيات السياسية والأكاديمية التالية كلمة خلال هذه الندوة التي تقام على موقع الانستغرام وباقي منصات التواصل الاجتماعي في افريقيا الجنوبية وباللغة الانجليزية.

نجلة الامام الخميني (ره) الدكتورة زهرا مصطفوي، مستشار رئيس مجلس الشورى الاسلامي الدكتور امير حسين عبداللهيان، ممثل حركة حماس في طهران خالد قدومي، ممثل حركة الجهاد الاسلامي في طهران ناصر ابو شريف، مندلا ماندلا حفيد نلسون ماندلا، رئيس بلدية جوهانسبرغ جف مخوبو، ممثل المتدى الوطني الافريقي محافظ كيب تاون ابراهيم رسول، السفير الايراني السابق في ليبيا الدكتور اكبري والمحلل السياسي والاكاديمي الدكتور مرندي والعضو في لجنة حقوق الانسان مسعود شجره وغيرهم من الشخصيات الدولية.

الى ذلك قالت لجنة حقوق الانسان الاسلامية في بريطانيا ان مسيرات يوم القدس العالمي سوف لن تقام هذا العام في لندن بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) وضرورة التزام التوصيات الصحية، معلنة عن اطلاق حملة جديدة بعنوان "رفع راية فلسطين من اجل العدالة" يقوم من خلاله انصار القضية الفلسطينية بتجديد العهد مع نهضة الامام الخميني الراحل (رض) والاعلان عن استنكارهم في الاجواء الافتراضية لجرائم الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني.

واوضح رئيس لجنة حقوق الانسان الاسلامية مسعود شجرة بان هذه الحملة لاقت ترحيبا واسعا وسريعا ليس في بريطانيا فقط بل ايضا في سائر الدول الداعية للعدالة في فلسطين.

واضاف، طلبنا من المشاركين في هذه الحملة رفع راية فلسطين في المساجد والمراكز الاسلامية والمنازل والسيارات واماكن العمل لاعلان الدعم لفلسطين ونشر صور هذا الحدث في الاجواء الافتراضية.

واشار الى الفترة الزمنية القصيرة التي تفصل بين يوم النكبة ويوم القدس العالمي، موضحا بان تنفيذ الحملة قد تم التخطيط له للايام العشرة الاخيرة من شهر رمضان المبارك.

وصرح شجرة بان اكثر من 100 منظمة ومؤسسة ومركز اسلامي من مختلف الدول مثل الولايات المتحدة وجنوب افريقيا والهند ونيوزيلندا وفنلندا وماليزيا واندونيسيا اعلنت استعدادها للمشاركة في هذه الحملة.

ونوه الى انه سيتم في الجمعة الاخيرة من شهر رمضان المبارك وهو يوم القدس العالمي عقد اجتماع كبير عبر الاجواء الافتراضية بمشاركة شخصيات رفيعة ومفكرين وناشطين مدنيين ويهود ومسيحيين من انحاء العالم لبحث ودراسة اهمية يوم القدس العالمي.

من جهته أكد الخبير في الشؤون السياسية، حسين كنعاني مقدم أن القوي المعادية تسعى إلى طمس القضية الفلسطينية وجعلها طي النسيان، الأمر الذي لن يحصل ابدا؛ فلسطين سوف تبقي في الصدارة رغم كل المحاولات العدوانية.

وفي تصريح على اعتاب الذكرى السنوية ليوم القدس العالمي؛ قال كنعاني مقدم: إن فلسطين لن تنسى لا عن طريق المحاولات ولا عبر النتشار الفيروسات والأوبئة لأنها بالنسبة لنا قضية دينية متجذرة في عقائدنا، وبالنسبة لأحرار العالم انها قضية انسانية، مضيفا ان المسلمين لا ينبغي لهم التنازل عن مبدأ الدفاع عن فلسطين وقضية القدس خاصة وان القرآن الكريم أكد علة اهميتها كما وعد بزوال "اسرائي"

المصدر:العالم.