عمليـة فدائيـة في إيـلات تهـز الأمـن الإسـرائيـلـي

قيم هذا المقال
(0 صوت)

تلقت إسرائيل، ضربة أمنية قاسية، بعدما تمكنت مجموعات فدائية من تنفيذ سلسلة عمليات على مستوى عال من الدقة والتنظيم، أسفرت عن مقتل ثمانية إسرائيليين، بينهم مسؤول في ما يسمى بـ«شعبة مكافحة الإرهاب»، وإصابة ما لا يقل عن 27 آخرين، على بعد بضعة كيلومترات من مدينة إيلات (ام الرشراش) قرب الحدود المصرية، نجح خلالها المنفذون في استهداف حافلة للركاب، كانت تنقل عدداً من جنود الاحتلال، قبل أن يستدرجوا قوات الجيش إلى كمائن متعددة، استخدمت فيها أسلحة رشاشة وعبوات متفجرة وصواريخ مضادة للدروع وقذائف هاون، وامتدت من فترة الظهيرة حتى المساء.

وكعادتها، سعت إسرائيل لإنقاذ هيبتها الأمنية باستهداف غزة، بعدما سارعت إلى اتهام «مجموعات مسلحة» في القطاع بتنفيذ هذه العمليات، في ما بدا أيضا محاولة من رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع ايهود باراك للخروج من الأزمة السياسية والاجتماعية التي تواجهها حكومتهما، إذ شنت طائراتها الحربية غارات جوية على قطاع غزة أسفرت عن استشهاد سبعة فلسطينيين بينهم قياديان في ألوية الناصر صلاح الدين، الذراع العسكري للجان المقاومة الشعبية، في وقت تعهدت المقاومة الفلسطينية بالرد على هذا التصعيد، فأطلقت مساء صاروخي «غراد» على مدينة عسقلان، تمكنت منظومة «القبة الحديدية» التي ينشرها الجيش الإسرائيلي في جنوبي فلسطين المحتلة، من اعتراض أحدهما.

في هذا الوقت، شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية غارات على الشريط الحدودي بين إسرائيل وطابا، تزامناً مع اشتباكات خاضتها القوات المسلحة المصرية مع مسلحين في هذه المنطقة، علماً بأن منطقة سيناء تشهد منذ مطلع الأسبوع الحالي عملية أمنية تنفذها قوات الجيش والشرطة تحت اسم «خطة النسر». وأعلن الجيش المصري في وقت متأخر من الليل أن 3 جنود استشهدوا وأصيب آخرون ليل أمس في طابا في إحدى الغارات الإسرائيلية.

تفاصيل الهجمات

ورصدت وسائل الإعلام الإسرائيلية تفاصيل الهجمات التي دارت في منطقة إيلات على مقربة من الحدود مع مصر على النحو التالي:

الساعة 12.00 ظهراً: فتح ثلاثة مسلحين على الأقل، يرتدون ملابس عسكرية، ويشتبه في أنهم تسللوا عبر الحدود المصرية، نيران رشاشاتهم على الحافلة رقم 392 التابعة لشركة «إيغيد» لدى وصولها إلى تقاطع نيتافيم على الطريق رقم 12 بين مدينتي بئر السبع وإيلات، ما أسفر عن إصابة 14 شخصا.

الساعة 12.30: وصلت قوة عسكرية إلى موقع الهجوم، فقامت مجموعة ثانية من المهاجمين بتفجير عبوة عبر التحكم عن بعد ما أدى إلى إصابة أربعة جنود.

الساعة 12.35: أطلقت مجموعة أخرى عدداً من قذائف الهاون عبر الحدود المصرية، من دون وقوع إصابات.

الساعة 13.10: استهدفت إحدى المجموعات سيارة مدنية بصواريخ مضادة للدروع ما أسفر عن إصابة سبعة أشخاص.

الساعة 13.30: استهدفت مجموعة أخرى بصواريخ مضادة للدروع سيارة وفتحت نيران الرشاشات على حافلة أخرى ما أدى إلى مقتل سبعة أشخاص.

بعد ذلك، دارت معركة بالأسلحة النارية على بعد 20 كيلومترا شمالي إيلات، انتهت بمقتل ثلاثة مسلحين من منفذي العمليات.

وفي أعقاب العمليات أغلقت القوات الإسرائيلية جميع الطرق المؤدية إلى مدينة ايلات، كما وتوقفت حركة الملاحة الجوية في مطار «عوفداه» القريب من المدينة ونصبت العديد من الحواجز العسكرية على مداخل المدينة.

وعند السابعة مساءً، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن اشتباكاً جديداً وقع قرب الحدود المصرية، وأسفر عن إصابة جنديين بجروح خطيرة.

وذكرت صحيفة «جيروزاليم بوست» أن مسؤولاً بارزاً في شعبة مكافحة الإرهاب، يدعى باسكان افراهامي، قتل في اشتباك خلال عملية تمشيط أمنية للمنطقة التي وقعت فيها العمليات. وينظر إلى أفراهامي في إسرائيل على أنه «بطل أسطوري».

وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن «سائق الحافلة جنب إسرائيل كارثة». ونقلت «يديعوت» عن شهود عيان قولهم إن السائق بيني بيليفسكي (60 عاماً) «لم يوقف الحافلة برغم إطلاق النار، وهو ما ساعد في عدم وقوع عدد أكبر من القتلى والجرحى»، مشيرين إلى أن جنوداً كانوا على متن الحافلة ردوا بدورهم على مصدر النيران.

وقال السائق لـ«يديعوت»: «قبل تقاطع نيتافيم سمعت أصوات إطلاق للنار، وقد أصابت الرصاصات الحافلة، واخترقت اثنتان منها الزجاج قرب مكان القيادة... لدي من الخبرة ما يكفي لمعرفة أنه يتوجب علي أن أواصل قيادة الحافلة حتى لا تكون الخسائر أكثر فداحة».

استهداف غزة

ومساءً، شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية غارة على مدينة رفح في جنوبي غزة، أسفرت عن استشهاد ستة فلسطينيين، من بينهم قياديان بارزان في لجان المقاومة الشعبية.

ونعت لجان المقاومة الشعبية، في بيان، أمينها العام كمال النيرب (أبو عوض)، وقائدها العسكري عماد حماد، وقائد وحدة التصنيع خالد محمد شعث، إضافة إلى الناشطين عماد نصر وخالد المصري، والطفل مالك خالد شعث (تسعة أعوام).

وفجر اليوم شنت الطائرات الإسرائيلية غارة ثانية على غزة، أسفرت عن استشهاد طفل وإصابة خمسة مواطنين.

وكان المسؤولون الإسرائيليون قد مهدوا لاستهداف غزة بتحميل «جماعات مسلحة» في القطاع، من بينها لجان المقاومة الشعبية، المسؤولية عن تلك الهجمات، متوعدين بـ«رد قوي وسريع».

وقال نتنياهو، في بيان مقتضب، «نتحدث عن حادث خطير أصيب فيه إسرائيليون وتضررت (جراءه) سيادة إسرائيل»، متوعداً بالرد على منفذي الهجمات.

ولاحقاً عقد نتنياهو مؤتمراً صحافياً قال فيه إنه «إذا كانت المنظمات الإرهابية تعتقد أنها تستطيع إيذاء مواطنينا من دون دفع ثمن فان إسرائيل ستجعلها تدفع ثمنا باهظا.... مبدؤنا هو: ان ألحقتم الأذى بإسرائيل سنرد فورا وبكل قوة»، مضيفاً أن «الذين أمروا بقتل مواطنينا لم يعودوا على قيد الحياة».

وتوعدت ألوية الناصر صلاح الدين بالثأر لدماء قادتها الذين استشهدوا في الغارة، مشددة على أنها «ستلقن العدو الإسرائيلي درسا قاسيا لن ينساه ردا على هذا العدوان الغاشم كما ستقوم بحرق الأخضر واليابس».

ومساءً أطلقت المقاومة الفلسطينية أربعة صواريخ على مدينة عسقلان، انفجر أحدها في منطقة خالية، فيما تمكنت منظومة القبة الحديدية من اعتراض الثلاثة الأخرى، حسبما ذكر موقع «يديعوت».

انتقادات لمصر

من جهته، قال وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك، الذي عقد اجتماعاً تشاورياً مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عقب وقوع الهجمات، إن «مصدر الهجمات الإرهابية هو غزة. سنتحرك ضدهم بكل ما لدينا من قوة وتصميم»، مضيفاً «لقد كان هجوما إرهابيا خطيرا وقع في عدة مواقع... ويعكس ضعف سيطرة مصر في سيناء وتوسع نشاطات العناصر الإرهابية.»

وكان مسؤول إسرائيلي أشار إلى أن المهاجمين دخلوا إسرائيل عبر صحراء سيناء المصرية. وأوضح أنهم «غادروا غزة باتجاه جنوب سيناء وبقوا في سيناء حتى ذهبوا شمالا إلى إسرائيل»، مضيفاً «لقد شهدنا هذا الأسلوب من قبل».

في المقابل، نقلت الإذاعة الإسرائيلية عن رئيس الهيئة السياسية والأمنية في وزارة الدفاع الإسرائيلية عاموس جلعاد قوله انه «ليس لمصر أي ضلوع في الاعتداءات التي وقعت»، مشيراً إلى ان إسرائيل ومصر «على اتصال وتنسيق مستمر».

كذلك، ذكر مصدر عسكري إسرائيلي إن الدوريات الأمنية على الحدود المصرية لم ترصد «تحركات مريبة» على الجانب المصري. وكان محافظ جنوب سيناء اللواء خالد فودة نفى أي إطلاق نار من جانب الحدود المصرية أو من طابا، مشيراً إلى ان «المسافة بين طابا المصرية وايلات الإسرائيلية تتجاوز 12 كيلومترا، ومن غير المعقول أن يصل مدى النيران لهذه المسافة البعيدة».

واصدر «مكتب مكافحة الإرهاب» الإسرائيلي مذكرة تحذر الإسرائيليين من السفر إلى سيناء. وجاء في المذكرة أنه «في ضوء الهجمات الإرهابية في الجنوب... فان مكتب مكافحة الإرهاب يوصي الإسرائيليين بعدم التوجه إلى سيناء، كما يدعو الموجودين هناك حاليا للعودة إلى إسرائيل فورا».

في هذا الوقت ألغى اتحاد الطلبة الإسرائيلي تظاهرات كانت مقررة في مطلع الأسبوع المقبل، احتجاجا على ارتفاع تكاليف المعيشة. وقال رئيس الاتحاد ازيك شموئيلي إنه «كان من المقرر أن تكون هناك احتجاجات في أرجاء إسرائيل مع تظاهرة رئيسية في القدس وقررنا إلغاءها نظراً للأحداث».

مواقف دولية

ولم تخرج المواقف الدولية، كما درجت العادة، عن نطاق الإدانات الواسعة للعملية الفدائية، متجاهلة الاعتداءات والتهديدات الإسرائيلية لغزة، فقد أدان البيت البيض «الهجمات الإرهابية الوحشية» التي شهدتها إيلات، مضيفاً أن الولايات المتحدة وإسرائيل «تبديان موقفاً موحداً ضد الإرهاب»، فيما دعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إلى ضمان الأمن في سيناء، إذ قالت إن «الالتزامات الأخيرة التي أعلنتها الحكومة المصرية بمعالجة قضية الأمن في سيناء مهمة، ونحض الحكومة المصرية على ايجاد حل دائم»، مشيرة إلى أن عمليات سيناء «تعزز قلقنا الكبير حول الأمن في شبه جزيرة سيناء».

كذلك، ندد الاتحاد الأوروبي «من دون تحفظ» بتلك «الأعمال الإرهابية»، فيما أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن قلقه من «تصاعد» التوتر بين إسرائيل والفلسطينيين داعياً الى «ضبط النفس».

بدورها، أدانت وزارة الخارجية البريطانية ما وصفته بـ«أعمال العنف المشينة والمجنونة تلك.

قراءة 1838 مرة