ما حقيقة إساءة العريفي للرسول الأكرم ؟

قيم هذا المقال
(0 صوت)

أثارت الإساءة التي ألحقها رجل الدين الوهابي الشيخ محمد العريفي برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أحد برامجه التلفزيونية على إحدى الفضائيات الإمارتية سخطا واسعا في صفوف المسلمين والمفكرين والمثقفين الذين رأوا في ما ادعاه حول إهداء وبيع الرسول الأكرم للخمر إهانة للإسلام والأمة جمعاء .

أثار المنظر البارز في الفكر الوهابي بالسعودية محمد العريفي غضب أوساط علماء الدين المسلمين، بعد نشر تسجيل مصور له يتهم الرسول الأكرم محمد ص أنه كان يبيع ويهدي قوارير الخمر للصحابة، كما ادعى العريفي في حديثه لإحدى القنوات الإماراتية بأن الخمر ليست نجسة وأن الصحابة كانت أرجلهم ملطخة بالخمر وهم في طريقهم لأداء الصلاة في مسجد المدينة خلف رسول الله(ص)

وما يثير الاستغراب أن العريفي الذي يحسب نفسه على علماء الدين الإسلامي الحنيف يتجرأ بسهولة في اتهام نبي الإسلام (ص) بدون تحقق في حين أنه وأقرانه يفكرون مليون مرة قبل ان يتطاولوا على "أصحاب المعالي" بالسعودية الذين لا يقاسون حتى قياس التراب بالذهب مع رسول الله (ص).

وكان وكيل المرجعيات الدينية في الكويت السيد محمد المهري قد أصدر بيانا ردا على إساءة العريفي دعاه فيه الى "التوبة الى الله من التطاول والاساءة ونسبه الكذب الى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم"، مؤكدا ان الوهابي العريفي أساء للنبي (ص) وخالف السنة والشيعة .

وطالب المهري العريفي بـ "الاعتذار من المسلمين كافة" في ما نسبه الى النبي صلى الله عليه وآله وسلم انه "كان يبيع ويهدي قوارير الخمر الى الصحابة وان الخمر ليس نجسا"، مؤكدا ان "ما قاله العريفي يعتبر تطاولا واضحا واساءة للنبي الأكرم".

وبعد حملة شنها عليه آلاف المسلمين في مواقع التواصل الاجتماعي تراجع الداعية السعودي محمد العريفي عن قوله وقدم اعتذارا نشرته الصحف السعودية وقالت صحيفة عكاظ إن تصريح عضو رابطة علماء المسلمين الدكتور محمد العريفي حول الخمر أثار جدلا واسعا، مما حدا بالعريفي إلى إصدار بيان يعترف فيه بخطئه، قائلا: «ورد في معرض كلامي عبارة أوهمت أن سيدي وقرة عيني رسول الله صلى الله عليه وسلم ربما أهدى الخمر لما كانت حلالا كما يهدي أي سلعة حلال» وقال معتذرا «بعد تأملي ظهر لي خطأ هذه العبارة، فأنا استغفر الله عن إيرادها.

وحول ضرورة تحري الدقة وتحمل المسؤولية تجاه الكلمة تفاعل عدد من المثقفين ورجال الدين، مؤكدين أن الكلمة مسؤولية عظمى، وخصوصا إن تعلقت بجانب الدين.

ومن جانبه، أوضح أستاذ الشريعة في جامعة الطائف الدكتور جميل اللويحق أن نشر الكلمة دون التأكد منها ومن أدلتها مذموم، مشيرا إلى أن ذنبها أعظم إن كانت في جانب الدين والمساس بالعقيدة، ونصح اللويحق عموم المسلمين بعدم الحديث إلا بما يعوه، لافتا إلى أن الله عظم الكلمة وجعلها مدخلا للإسلام أو الخروج منه، وفي السياق نفسه شدد عضو مجلس الشورى السابق الدكتور محمد آل زلفة، على خطورة الكلمة الملقاة على العوام، ولفت إلى أن الأقوال السابقة المنشورة عبر وسائل الإعلام خطر على الإسلام والمجتمع كالطبيب الذي يتحدث في جدوى إجراء العمليات الجراحية ويخطئ فيؤدي بالناس إلى المهالك.

وأشار عضو مجلس الشورى سابقا إلى أن الطبيب المخطئ يحاسب مناديا بضرورة محاسبة الدعاة أيضا لمراعاة ما يتفوهون به مستقبلا.

وقد أثار تجاهل مؤسسة "دبي" للإعلام لردود الفعل على ما بثه العريفي من إحدى قنواتها موجة استغراب شريحة كبيرة من متابعي سلسلة قنوات "دبي" خاصة التي لم تقم بأي ردة فعل تجاه إساءة الشيخ محمد العريفي للرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم في برنامجه " قلبي معك " وادعاءه بأن الرسول كان يبيع الخمر ويهديه قبل أن يعرف بتحريمه وهو قول لم يثبته أو يأتِ به أحد قبله.

وعن الإساءات التي تصدر عن بعض علماء الوهابية في السعودية ولا تجد أي محاسبة في المملكة، قال الباحث السياسي السعودية د. فؤاد إبراهيم : بسم الله الرحمن الرحيم أعتقد بأن هذه الإساءة أسست على خلفية ثقافية، هناك للأسف الشديد في الأدبيات السلفية ما يسمح لهذا النوع من التجاوز وإساءة الأدب لشخصية الرسول ص، أعتقد بأن هناك مواقف للأسف الشديد داخل هذه المدرسة إزاء الروس وإزاء أهل البيت وإزاء حتى قبة الرسول وقبره، هو الذي سمح لهذا النوع من التطاول حينما يساء الأدب إلى شخصية عظيمة مثل شخصية رسول الله ص هذا يعني أن هناك للأسف الشديد ما يبرر لهذا النوع من الاختراقات هذا أولاً، الشيء الثاني أعتقد أن الشيخ العريفي ينتمي إلى مدرسة حشوية لا تحقق في الأخبار، وبالتالي هو يعتمد على الإسرائيليات المنتشر في مصادر المسلمين، ولذلك أنا أعتقد بان هذا الداعية ربما اخطأ ليس خطأً فكرياً أو عقائدياً وإنما أيضاً منهجياً في التعاطي مع الأخبار ومع الروايات، ولذلك ربما وجدنا بأن موقف وردود فعل علماء المؤسسة الدينية لم ينفي مثل هذه الأخبار، وإنما ربما أشاروا له بأن لا يعتمد عليها أو لا يفصح عنها في الملأ.

وحول رد فعل السعودية لو كان من أساء بهذا الشكل لرسول الله ص كان من غير الوهابيين ، قال الدكتور فؤاد إبراهيم: طبعاً اعتقد بأن هيمنة المؤسسة الدينية وهيمنة الإعلام السعودي هو الذي ربما يقرر طبيعة ردود الفعل إزاء الطوائف الأخرى في ما لو أساءت، لاحظنا حتى في الداخل السعودية حينما أساء كاتب شاب ربما أخطأ وخطأً فادحاً في التعاطي مع شخصية الرسول ص كـ حمزة كشعري وجدنا بأن السلطات السعودية تدخلت لدى السلطات الماليزية واستجلبته من ماليزيا إلى السعودية من أجل محاكمته، وشنت حملة عليه، لكن في حالة العريفي وجدنا بأن هناك ما يشبه موقفاً صامتاً على الأقل من المؤسسة الدينية التي ربما كان يجب أن تأخذ موقفاً صارماً وحازماً وقاسياً على مثل هذه الشخصية التي لم تكن تجاوزت المرة الأولى، هناك تجاوزات سابقة حتى على القرآن الكريم حينما تحدث عن سورة التفاح وغيرها من المواقف المخزية التي تبعث على الازدراء.

قراءة 1568 مرة