لماذا لا يكترث العالم بمعركة الأمعاء الخاوية للأسرى الفلسطينيين؟!

قيم هذا المقال
(0 صوت)

استمر اضراب الأسير الفلسطيني خضر عدنان عن الطعام 66 يوماً من دون أن يلقى أي اهتمام من المجتمع الدولي ومؤسساته الإنسانية!

يعتقد البعض بأن إهمال قضية الأسير عدنان يعود لانتمائه إلى منظمة الجهاد الإسلامي ولكن الحقيقة واضحة المعالم وهي أن «إسرائيل» التي تستمر في خرق المواثيق الدولية عصية على المحاسبة.

لم تحدد قوات الاحتلال الإسرائيلي العسكرية, ولا حتى السياسية أي تهمة محددة للأسير خضر عدنان, وهو بالطبع واحد من ضمن آلاف الأسرى الفلسطينيين الذين لا يعرف العالم عنهم الكثير.

في «إسرائيل» تستطيع قوات الاحتلال اعتقال أي فلسطيني وتطلق عليه صفة «إرهابي» ومن دون أي محاكمة يتم وضعه في المعتقلات الإسرائيلية.

هذا ما تطلق عليه قوات الاحتلال «اعتقالاً إدارياً» وهناك ما يزيد على 300 فلسطيني قابعين في سجون الاحتلال تحت هذا المسمى.

وللعلم, فإن هذا الشكل من الاعتقال يمكن أن يمتد سنوات طويلة حيث يبقى الأسير الفلسطيني في السجن من دون محاكمة وهو لا يعرف ما هي تهمته, وعلى الرغم من أن اعتقال الفلسطينيين بهذا الشكل هو خرق فاضح لمعاهدة جنيف الرابعة فإننا لا نشهد قادة دوليين ينادون بضرورة تحرير هؤلاء الأسرى, كما حدث عندما طالبوا بإطلاق سراح الجندي الإسرائيلي, جلعاد شاليط عندما كان أسيراً لدى حكومة حماس في غزة .

حتى إن حدث وتعرض هؤلاء الأسرى الفلسطينيون إلى محاكمات فهم يدركون كسجانيهم تماماً بأنه لا طريق للعدالة إلى السجون الإسرائيلية.

إن قضية الأسرى الذين بدؤوا إضرابهم المفتوح عن الطعام في سجون الاحتلال الإسرائيلي اتخذوا من ذلك وسيلة للتعبير عن رفضهم لانعدام العدالة في النظام القضائي الإسرائيلي ذي المعايير المزدوجة.

في تشرين الأول الماضي أعلن 2000 أسير فلسطيني إضرابهم عن الطعام احتجاجاً على الظروف السيئة التي يعانونها في سجون الاحتلال.

لقد أصبح خضر عدنان وجهاً مشرفاً وقدوة تحتذى من كل الأسرى الفلسطينيين وقد قال: إن كرامتي أكثر أهمية من الطعام فكل غرام واحد أخسره من وزني يزيد في كرامتي قنطاراً. خضر عدنان أصبح أيضاً رمزاً لرفض الاعتقال والاحتجاج على الإذلال والتعذيب اللذين يتعرض لهما الأسرى الفلسطينيون.

إن الثمن الذي يدفعه هؤلاء الأسرى في معركة الأمعاء الخاوية التي يخوضونها حالياً ضد سجانيهم كبير جداً, فهم يتعرضون لعقوبات جمة تتمثل في فرض العزل الانفرادي وممارسة التعذيب الجسدي والنفسي من قبل سلطات الاحتلال.

فما تشهده السجون الإسرائيلية هذه الأيام من إساءة معاملة الأسرى الفلسطينيين يستحضر إلى ذاكرة هؤلاء حوادث مؤلمة إحداها اعتقال الشاب الفلسطيني تيسير أبو سارة البالغ من العمر 18 عاماً بتهمة إلقاء الحجارة على جنود الاحتلال, ومن دون علم عائلته تم اعتقاله ليعود إليها بعد مضي سنة كاملة جثة هامدة بسبب التعذيب الذي مورس عليه في المعتقل الإسرائيلي.

أما الظروف التي يتم فيها حجز الأسرى الفلسطينيين فهي غير إنسانية وغير عادلة, وصمت المجتمع الدولي حيال ذلك مخجل تماماً, ولاسيما ما يخص سماح المحكمة الإسرائيلية العليا لجهاز الاستخبارات الداخلي الإسرائيلي «شين بيت» باستخدام وسائل التعذيب الجسدي للضغط على الأسرى الفلسطينيين.

مؤخراً نشرت بعض الصحف مقالة للمحامية «أليكرا باتشيكو» ذكرت فيها بعض التفاصيل عن وسائل التعذيب الجسدي التي تمارس ضد الأسرى الفلسطينيين, وكان على رأسها وضع الأسرى الفلسطينيين في وضعية مؤلمة بشدّ أجسادهم بقوة وتقييد أقدامهم وأيديهم خلف ظهورهم ومن ثم تثبيتهم إلى قضبان حديدية خاصة معلقة على الجدار و تعريضهم لدرجات حرارة منخفضة جداً ومن ثم لدرجات حرارة مرتفعة جداً, إضافة إلى ركل المعتقلين وضربهم على مفاصل أقدامهم وأيديهم وحتى على أصابعهم.

وفي بعض الأحيان يتم الضغط على معدة الأسير حتى يصل إلى مرحلة الاقياء, كل ذلك يضاف إليه تعذيب نفسي أو يفرض على الأسير سماع موسيقا صاخبة بصوت عالٍ جداً مدة 24 ساعة أي طوال اليوم ويحرم من النوم عدة أيام, كما تتم تغطية رأس الأسير بكيس مصنوع من مادة سميكة كل فترة التحقيق.

إن فرض عقوبة التعذيب الجسدي على الأسير الفلسطيني لا يستثني حتى رأسه ما يجعله في بعض الأحيان يسقط فاقداً وعيه, وقد سجلت حالات وفاة عديدة من جراء عمليات التعذيب الجسدي في سجون الاحتلال الإسرائيلي حيث عانى الكثير من العائلات الفلسطينية من موت أبنائها الذين كانوا أسرى لدى «إسرائيل».

منذ فترة أطلقت صرخات لمساعدة الأسرى الفلسطينيين لعل الضمير العالمي يتحرك ولو مرة واحدة ويسمع مأساة الفلسطينيين.

قبل تحرير الجندي الإسرائيلي شاليط من الاسر انطلق عشرات الآلاف من الاسرائيليين يطالبون حكومتهم بتحريره.. ربما حان الوقت الآن لنفتح العيون.

إن حل هذا الصراع لن يأتي بإغلاق العيون وصم الآذان عما يحدث كونه يؤذي إنسانيتنا, ولكن الحل يأتي من خلال إدراك هذه المأساة ولفت الرأي العام العالمي إليها.

قال مارتن لوثر كينغ ذات يوم: في النهاية لن نتذكر كلمات أعدائنا, ولكن من المستحيل أن ننسى صمت أصدقائنا.

فأين من يتحدث في الشارع الإسرائيلي عن العدالة والسلام وأهمية الحوار لوضع حد لممارسات جنود الاحتلال ضد الفلسطينيين؟!

أين نشطاء السلام ومحبوه عندما نطرح قضية تحرير الأسرى الفلسطينيين؟!

لقد وصل عدد الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام في سجون الاحتلال إلى أكثر من ألفي أسير, وهذا الرقم مفتوح ويميل إلى الزيادة يومياً.. هذا ما صرحت به جماعات حقوق الإنسان في الضفة الغربية, حيث تم مؤخراً نقل سبعة أسرى إلى مراكز صحية تابعة للمعتقلات الإسرائيلية بسبب تدهور وضعهم الصحي, ومنهم بلال دياب الذي وصل إضرابه عن الطعام إلى 58 يوماً, وكل هؤلاء الأسرى يحتجون على سجنهم من دون توجيه تهم محددة إليهم أو حتى الوقوف أمام المحكمة العسكرية!

نهلة المعاز

قراءة 1731 مرة