إطلاق قمر صناعي بالتزامن مع محادثات بغداد

قيم هذا المقال
(0 صوت)

بعد اجتماع اسطنبول وقبل لقاء بغداد في الثالث والعشرين من ايار الحالي، يتصدر البرنامج النووي الايراني الاهتمام العالمي مرة أخرى، ولكن هذه المرة من فيينا، حيث بدأت أمس محادثات لمدة يومين متتاليين بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية في مقر السفارة الإيرانية لبحث اتفاق فني بين الطرفين للاتفاق على نهج لحل القضايا العالقة والجوانب التي تصر الوكالة على أن الجمهورية الإسلامية لم توضحها بعد. وكان لافتاً زيارة رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق الاشتراكي ميشال روكار إلى طهران قبيل اجتماع فيينا ولقاؤه كبير المفاوضين سعيد جليلي وإطلالته عبر القناة الثانية في التلفزيون الرسمي، فيما أعلنت إيران عن نيتها إطلاق قمر صناعي إلى الفضاء تزامنا مع تاريخ لقاء بغداد المقبل، وهو ما اعتبر رسالة مفادها أن اللين الإيراني يصدر عن موقف قوة لا عن ضعف.

وبدأت محادثات بين ايران والوكالة وهي الاولى منذ ثلاثة اشهر، وتحظى باهتمام واسع باعتبارها ستؤشر إلى مدى نجاح الاجتماع المرتقب بين إيران ومجموعة «5 + 1» في بغداد. وتجري المفاوضات بين مندوب طهران في الوکالة علي أصغر سلطانية وكبير المفتشين فيها هرمان ناكايرتس للاتفاق على صيغة مقبولة من الطرفين للإشراف على البرنامج النووي الإيراني وتوضيح بعض النقاط العالقة فيه. وقال ناكايرتس قبيل بدء اللقاء «نحن هنا لمواصلة الحوار في أجواء إيجابية». وأضاف ان هدف المفاوضات هو الاتفاق «على نهج لحل جميع المسائل العالقة» مع التركيز على القضايا المتعلقة بتوضيح «وجود شق عسكري لبرنامج طهران النووي» من عدمه، ومطالبا ايران بالسماح للوكالة «بالوصول الى الافراد والوثائق والمعلومات والمواقع» التي يمكنها إلقاء الضوء على نقاط الاختلاف.

ويكتسب الاجتماع أهميته من كونه الأول بعد زيارتين قام بهما ناكايرتس إلى إيران كانت ثانيتهما في شهر شباط الماضي وتركت انطباعا عاما بأن «هوة كبيرة» موجودة بين الطرفين. وأصر ناكايرتس حينها على الدخول إلى موقع بارشين العسكري شرقي العاصمة طهران وهو ما رفضه الإيرانيون باعتباره «غير مشمول بالاتفاقات الموقعة» بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران، فضلا عن «مخاوف من تسريب أسرارها العسكرية إلى دول معادية». وتتهم طهران الوكالة الدولية بأنها وراء تسريب أسماء علمائها النوويين إلى العلن، ما سهل وصول أجهزة استخبارات معادية من بينها الموساد إلى أربعة منهم واغتيالهم. في المقابل، يصر دبلوماسيون أميركيون وغربيون على اعتبار «الدخول إلى موقع بارشين أولوية» وبندا أساسيا على جدول محادثات فيينا أمس واليوم، علما أن مفتشي الوکالة الدولية زاروا الموقع المذكور مرتين في العام 2005 ولم يعثروا فيه على شيء يدل على نشاط ذري غير سلمي.

إلى ذلك، حذر أمين المجلس الاعلى للامن القومي الايراني سعيد جليلي الغربيين من ارتكاب «أي خطأ في حساباتهم مع ايران لأن ذلك سيعيق نجاح المحادثات النووية في الاجتماع المقرر في بغداد». وخلال استقباله رئيس الحكومة الفرنسية الاسبق ميشال روكار طالب جليلي الغرب «بخطوات بناءة لكسب ثقة الشعب الايراني». وقال جليلي ان «بعض التصريحات التي أطلقها مسؤولون غربيون مؤخرا غير بناءة»، داعيا إياهم الى «تجنب التصريحات التي لا تصب في مصلحة المحادثات المقبلة» في إشارة إلى البيان الذي أصدره الاتحاد الأوروبي وطالب فيه طهران بتعليق أنشطة تخصيب اليورانيوم والمشاريع المتعلقة بالماء الثقيل.

ودعا الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الغرب الى «تغيير موقفه» حيال ايران. وقال نجاد كما نقلت عنه وكالة الانباء الايرانية الرسمية خلال زيارة له الى قوشان شمالي شرقي البلاد إنه «اذا غيّر الغرب موقفه واحترم الشعب الايراني، فإنه سيربح في المقابل احترام الايرانيين». وأكد الرئيس الايراني مجددا ان «عليهم ان يعرفوا ان الامة الايرانية لن تتراجع ابدا عن حقها الجوهري» في المجال النووي. وكرر نجاد ان أي زعيم «عاقل» لن يعمد الى صنع سلاح ذري. وقال الرئيس الايراني كما نقلت عنه الوكالة الرسمية «أي إنسان عاقل لن ينفق المال لصنع سلاح ذري». وأضاف «لو كان قادة (الدول التي تملك سلاحا نوويا) عقلاء، لكانوا أنفقوا أموال شعوبهم لتحسين حياة مواطنيهم».

من جهته، أعرب روكار عن أمله في نجاح محادثات بغداد واستمرار الخطوات الايجابية التي بدأت في اسطنبول، معتبرا أن «نجاح المفاوضات سيصب في مصلحة جميع الاطراف بمن فيهم فرنسا». وفي تصريحات للقناة التلفزيونية الثانية كشف روكار عن ان دول «5 + 1» «ستسعى الى اتخاذ موقف موحد في اجتماعات بغداد». كما وصف روكار الفتوى الشهيرة لقائد الثورة الاسلامية آية الله علي خامنئي بتحريم إنتاج واستخدام أسلحة الدمار الشامل بأنها «بالغة الاهمية ويمكنها زرع الثقة». وخاطب روكار الايرانيين قائلا «ان العالم يعيش تحولات لا يمكن فيها لأي بلد اللجوء الى القوة لفرض إرادته على الآخرين».

إلى ذلك، كشف علاء الدين بروجردي رئيس لجنة السياسة الخارجية والأمن القومي في البرلمان عن «وجود مفاوضات حاليا بين مساعد الأمين العام لمجلس الامن القومي علي باقري ومساعد مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي للاتفاق على إطار لمفاوضات بغداد». وقال بروجردي «إن مفاوضات حول الموضوع نفسه جرت مع الدول التي لها علاقة بالموضوع» وعبر عن اعتقاده بأن «اجتماع بغداد سيشكل خطوة نحو الأمام». ونقل بروجردي عن رئيس الوزراء الفرنسي روكار بعد لقاء جمعه بأعضاء لجنة الأمن القومي «تفاؤله باجتماع بغداد». واعتبر بروجردي أن «مفاوضات بغداد هي سلسلة إحدى حلقاتها الموضوع النووي»، وأن طهران تطرح «مواضيع المنطقة والعالم ومنها الإرهاب كرزمة واحدة».

وفي سياق متصل، شدد مساعد وزير الخارجية الايراني للشؤون الدولية والقانونية محمد مهدي آخوندزاده، على ان طهران «لن تخضع للضغوط والابتزاز»، معتبرا ان «الالتفاف الشعبي حول البرنامج النووي أجبر الغرب على التراجع» أمام طهران، وأكد آخوندزاده أن «إجماعا دوليا بدأ يتكون باتجاه حل» سلمي للبرنامج النووي لبلاده.

وفي توقيت ذي دلالة غاية في الأهمية أعلنَ رئيسُ لجنةِ تكنولوجيا الفضاء الايرانية مهدي فرحي أنّ بلادَهُ ستُطلِقُ قمرَا صناعيا يدعى «فجر» الى الفضاء في الثالث والعشرين من أيار الحالي أي في موعد اجتماع بغداد. وهو ما اعتبره مراقبون «رسالة قوية إلى مجموعة 5 + 1» تؤشر إلى أن إيران التي لينت موقفها في اجتماع اسطنبول الشهر الماضي وتنوي التعاطي بإيجابية مشابهة في اجتماع بغداد «لا تنطلق في موقفها من ضعف بل من رغبة في التوصل إلى حل مرض للطرفين ولكن من موقع قوة». وأوضحَ فرحي أنّ القمرَ الصناعيَ «فجر» هو الرابع الذي تطلقه إيران إلى الفضاء ويمتازُ بقُدراتٍ تقنيةٍ متطورة مقارنة مع الاقمارِ الصناعية الثلاثة «اميد» و«رصد» و«نويد» التي أطلَقتْها ايرانُ سابقا، كما أنّ عمره أطول من أعمارِ الأقمارِ السابقة بعامٍ ونصفِ العام عندما يَدخُلُ الخدمةَ في مدارِه حولَ الأرض.

قراءة 1505 مرة