جدل في واشنطن بشأن فشل العدوان على سوريا

قيم هذا المقال
(0 صوت)
جدل في واشنطن بشأن فشل العدوان على سوريا

تتصاعد الأسئلة والاستفسارات عن الأهداف السياسية التي تحققت جراء العدوان الأميركي على سوريا، عقب هدوء العاصفة الإعلامية، وعن الدوافع الحقيقية لذلك عشية قيام وفد الوكالة الدولية مباشرة مهامها بالتحقيق في مزاعم استخدام أسلحة كيميائية في مدينة دوما بالقرب من العاصمة دمشق.

تقييم أقطاب المعسكر يشير إلى "فشل" الهجوم في تحقيق الحد الأدنى سالف الذكر، مقروناً بحالة النكران التي يعانيها البنتاغون للتغطية على ذاك الفشل. فقد تم تجاوز تحفظات ماتيس وفريقه من القيادات العسكرية وتغليب وجهة نظر الآخرين من ضرورة "توجيه رد عسكري سريع ومثير" لسوريا مع مراعاة عدم الانجرار وراء استفزاز روسيا، وامتداداً إيران، بغية التأكيد على مصداقية "تغريدات الرئيس" للظهور بمظهر القوي وعدم التردد في الرد – حسبما رشح من داخل نقاشات البيت الأبيض.

فَردَت أسبوعية "نيويورك" مساحة وافية للكشف عن دوافع قرار الإدارة، 18 نيسان/أبريل الجاري، بأن على رأسها نزعة الرئيس ترامب لإقران "تغريداته وتهديداته" بالفعل وللتأكيد على "قوة الترسانة العسكرية الأميركية". واستطردت بأن ترامب كان آخر همه "أن يهبّ لنجدة السوريين، خاصة بعدما أعلن في حملته الانتخابية منع اللاجئين السوريين من دخول الأراضي الأميركية".

وتساءلت المجلة في تقريرها عن الدوافع النفسية، إذ أنه "من الجنون إقدام ترامب على تدخل عسكري لا تسنده استراتيجية متماسكة للظهور بمظهر الزعيم الحازم.. بيد أن ما قام به لا ينفي أنه منفصم عن حقائق الواقع الراهن أكثر من أسلافه" الرؤساء السابقين.

ولفتت الأنظار أيضاً إلى تعزيز ترامب للصورة العامة التي يرغبها "فهو لا يستخدم الدعاية من أجل (تحقيق) السياسات التي يفضلها فحسب، بل يستخدم السياسة لتحقيق أغراض الدعاية.. (بعبارة أخرى) يريد تغيير الطريقة التي ينظر فيها العالم إليه."

أشار بعض الخبراء العسكريين إلى بعد آخر في ذهنية الرئيس ترامب وحرصه على عدم تأجيل قرار العدوان نظراً لقناعته الداخلية بأنه "من الأفضل القيام بقصف سوريا دون توفر استراتيجية معروفة المعالم أو بالحصول على تفويض قانوني (من الكونغرس) عوضاً عن إفساح المجال لتشكيك الآخرين بصدقية تهديداته" التي يواظب عليها في الأفق الإلكتروني.

لكن تجربة الحرب الكونية الأولى أوصلت القادة العسكريين إلى نتيجة عدم الاعتماد على غاز الكلور كسلاح فعال، الأمر الذي يقودنا للقول بأن إدعاء مسلحي غوطة دمشق تعرضهم لهجوم بغاز الكلور ليس إلا ادعاءً زائفاً ولا يستند إلى حقائق علمية صارمة؛ فضلاً عن مزاعم أعداد الضحايا العالية مقارنة بخاصية الغاز غير الثابتة وانتشاره السريع في الجو.

هذا يشير إلى أن الأهداف المنوي إنجازها هي تدمير سلاح الجو السوري وإضعاف واستنزاف الجيش السوري وحلفاؤه وزرع سيناريوهات التفتيت والتجزئة، في وقت حافظت الرواية الرسمية الأميركية على "إنجاز أهداف المهمة (بتدمير) مواقع ثلاثة.. تتعلق ببرنامج سوريا للأسلحة الكيميائية؛" باستخدام 105 صواريخ جوالة ضدها، أي بمعدل 35 صاروخاً للموقع الواحد.

التقييم العسكري الروسي للغارات قال أن 6 مطارات عسكرية تعرضت للقصف الصاروخي وتم اعتراض وإسقاط 71 صاروخاً؛ مقابل إصرار البنتاغون على القول أنها لم تستهدف أياً من المنشآت العسكرية السورية.

بعض الحقيقة مر عليها موقع المرصد السوري المعارض، من مقره في لندن قائلاً إن "8 مواقع تعرضت للقصف وأسقطت الدفاعات الجوية السورية 65 صاروخاً جوالاً"، بينما رواية البنتاغون تنفي تعرض أي من صواريخها للاعتراض أو للاستهداف.

الخبراء الأميركيون يميلون لتصديق الرواية الروسية، أو بعضها، استناداً لمصادرهم داخل قيادات البنتاغون، وفيها: إطلاق 4 صواريخ استهدفت مطار دمشق الدولي؛ 12 صاروخاً ضد موقع الضمير العسكري؛ 18 صاروخاً تعرض لها مطار بلي العسكري (جنوب دمشق)؛ 18 صاروخ استهدف مطار شعيرات العسكري؛ 9 صواريخ على مطار المزة العسكري؛ مطار حمص الدولي تعرض لـ 13 صاروخاً؛ برزة وجمرايا (مركز البحث العلمي) تعرضتا لـ 30 صاروخاً.

السؤال البارز هو لماذا "اضطرت" الولايات المتحدة لاستخدام أفضل وأدق ما في ترسانتها من أسلحة ضد 3 مواقع فقط، كما تدعي؛ بينما الهدف المضمر هو "سحق" سلاح الجو السوري ودفاعاته الجوية إن أمكن. وهل واشنطن في طور تجديد عدوانها ضد سوريا قبل حلول موعد الثاني عشر من أيار/مايو المقبل الخاص بتجديد الاتفاق النووي مع إيران أو انسحاب الولايات المتحدة منه من جانب واحد.

بعض الإجابة نجدها في سياق استهداف واشنطن التاريخي لدمشق منذ العام 1947، وبشكل أكثر نشاطاً منذ غزو واحتلال العراق عام 2003، هدفها الإطاحة بنظام سياسي لا يذعن للإملاءات الأميركية ويقف بصلابة داعماً للمقاومة ضد الاحتلال الصهيوني، ومصمماً على استعادة أراضيه المحتلة ومواجهة مشاريع الهيمنة الإستعمارية على مقدرات وخيرات بلاده.

قراءة 825 مرة