استقالة قادة المعارضة السورية، المسمار الأخير في نعش SNC!

قيم هذا المقال
(0 صوت)
استقالة قادة المعارضة السورية، المسمار الأخير في نعش SNC!

أعلن عدد من أعضاء الائتلاف الوطني السوري المعارض أو ما يعرف SNC (المعارضة المسلحة) استقالاتهم يوم الخميس الماضي، وقدّم كلٌّ من جورج صبرا وسهير الأتاسي وخالد خوجة استقالاتهم بنفس الوقت إلى رئيس الائتلاف في حين تعيش سوريا اليوم أوضاعاً جيدة لمصلحة دمشق، حيث استطاع الجيش السوري وحلفاؤه توجيه ضربات قاسية لجميع التنظيمات الإرهابية بما فيها داعش والنصرة وقوى المعارضة المسلّحة، كما استطاع بعد 7 سنوات أن يبعد الخطر عن مدينة دمشق بعد إخراج تنظيم جيش الإسلام ما يبشّر بأن الأزمة السورية قد تنتهي عمّا قريب، إلا أنه بسبب التدخل المباشر لداعمي المعارضة بقيادة أمريكا والسعودية وتنفيذهم عدواناً ثلاثياً غاشماً على دمشق الشهر الماضي قد يسهم بزعزعة الاستقرار وإطالة الأزمة السورية من جديد، وفي هذا السياق يطرح عدد من الباحثين عدة تساؤلات من بينها، ما هي الأسباب الرئيسية لاستقالة قادة المعارضة البارزين للنظام السوري في الوضع الحالي؟ وكيف سيؤثر ذلك على المعادلات المعقدة التي تحكم الأزمة السورية في المستقبل؟

الائتلاف الوطني السوري والخلافات المتكررة

المعارضة السورية المسلّحة أو الائتلاف الوطني السوري المعارض هو مجموعة من الأعضاء يطالبون بتغيير النظام في سوريا وإسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، ولقد تشكّل في شهر نوفمبر عام 2012 في قطر واعترفت به مجموعة من الدول المناوئة للنظام السوري كمجلس التعاون الخليجي وأمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وبلجيكا وغيرها من البلدان والكيانات، وذلك قبل تشكيل اللجنة الوطنية العليا (HNC) في ديسمبر 2016.

يقع مقر SNC في اسطنبول ومن الشخصيات البارزة التي مرّت عليه: معاذ الخطيب، أول رئيس للائتلاف السوري، وكان في السابق إمام جماعة في الجامع الأموي في دمشق، واستقال من منصبه في أبريل / نيسان 2013، لأسباب تتعلق بالضغوط المفروضة عليه وعدم وجود الحرية في اتخاذ القرارات دون الرجوع إلى الداعمين.

 بعد استقالة الخطيب، تم انتخاب أحمد الجبرا ليكون رئيساً للائتلاف المعارض، إلا أنه لم يستمر في منصبه أكثر من عام، واضطر إلى التنحي في يوليو / تموز 2014 لنفس الأسباب، ومع رحيل الجبرا، شغل هذا المنصب كلّاً من هادي البحر (يوليو 2014) ثم خالد الخجائي (يناير 2015)، أنس البداح (مارس 2016) ورياض السياف (مايو 2017).

ويقول محللون إن أحد الأسباب الرئيسية للانشقاقات التي تحصل بين أعضاء SNC هي أن الائتلاف حالياً ليس له أي تأثير ملموس على الساحة السياسية السورية، حيث أصبح دوره محدوداً للغاية، ما أدّى إلى فقده الكثير من الدعم الدولي والإقليمي.

ومن ناحية أخرى، أدّت التحديات والاختلافات الموجودة بين الفصائل السياسية للائتلاف إلى فشل المجلس الوطني في اتخاذ قرارات مهمة، فخلال الأسابيع القليلة الماضية عقدت اللجنة السياسية (أعلى جهاز ائتلاف) اجتماعات كثيرة لم يخرج عنها أي نتائج مهمة.

 ويرى باحثون أن استقالة صبرا وأعصاء آخرين تعود إلى عدة أسباب وهي عدم فاعلية الائتلاف وعدم قدرته على التأثير في الميادين العسكرية خاصة على صعيد وقف هزائم المعارضة المسلحة منذ هزيمة حلب الشرقية في العام 2016، وبسبب غياب الآلية الضرورية للمحاسبة ضمن الائتلاف، كما أنه لم يملك الرؤية الواضحة للوضع في سوريا وإلى أين ستؤول الأمور.

 وعلى هذا الأساس يمكن القول إن ازدياد الخلاف بين أعضاء الائتلاف وغياب الدعم الخارجي وهدر الوقت من الأسباب الرئيسة التي أدّت إلى استقالة صبرا ورفاقه من الائتلاف المعارض.

ضغوط الداعمين

منذ بداية الأزمة السورية، لعبت دول خارجية كأمريكا والسعودية وقطر وغيرها، دوراً سلبياً في سوريا واضعة نصب أعينها إزاحة الرئيس السوري بشار الأسد وتقسيم سوريا مهما كلف الثمن ما ساهم في تعميق الأزمة وإطالة أمدها.

 ومن أجل تحقيق مصالحهم ومطامعهم قاموا بتقديم الدعم السياسي والمالي لشتى أنواع المعارضة المسلحة (السياسية والعسكرية ذات الإيديولوجيات المختلفة) في سوريا، ما أدّى إلى فرض أجندتهم على قادة المعارضة ما يعني تقييد حريتهم في اتخاذ قرارات مصيرية دون الرجوع إليهم، وفي هذا السياق كتب صبرا على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك إنّه "لم يعد ائتلافنا الذي ولد في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2012، وحمل أمانة الإخلاص لمبادئ الثورة وأهداف الشعب... ولأنّ طرائق العمل والتدابير المعتمدة لا تحترم الوثائق والقرارات، ولا تلتزم إرادة الأعضاء والرؤية الوطنية السورية المستقلة... وبسبب التناقضات الحالية بين مكوناته وأعضائه".

من جهتها، قالت الأتاسي، في تغريدة على "تويتر"، إنّ "المسار الرسمي الحالي للحل السياسي في سورية، أصبح متطابقاً مع المسار الروسي الذي يقف إلى جانب بشار الأسد ويقوّض الحل السياسي الفعلي والجوهري، فيحيله إلى تقاسم سلطات ومنافع لقوى وشخصيات ودول"، وعلى سبيل المثال أيضاً نذكّر باستقالة الخطيب الذي أعلن بعدها أن كلّاً من السعودية والإمارات أجبرتاه على تقديم استقالته من الائتلاف.

ختاماً، أمام هذه الظروف الحالية وانقلاب معادلة الميدان لمصلحة الدولة السورية وحلفائها، وعدم نجاح مباحثات جنيف نتيجة عدم واقعية المعارضة وداعميها في الشروط التي وضعوها من أجل حل الأزمة، تأتي استقالة صبرا ورفاقه كالمسمار الأخير في نعش المعارضة السورية.

قراءة 1395 مرة