نصرالله: عرض فيلم الإساءة للنبي ستكون له تداعيات خطيرة جداً

قيم هذا المقال
(0 صوت)

حقق «السيد» أمنية جمهوره التي طالما انتظرها طويلاً. «السيد» أمامهم بقامته وعمامته السوداء وبسمته وغضبه وعباراته المتدحرجة. ظهر عليهم فجأة كأنه رسول هبط من السماء بعد غياب قسري. أبى «السيد» إلا أن يشارك في مسيرة نصرة رسول الله. المناسبة برأيه تستحق أن يخاطر برغم الإجراءات الأمنية التي تحيط به وبإطلالاته منذ تموز 2006 حتى اليوم.لم يكن أحد يتوقع حضور «السيد». اكتفت «المنار» وشاشات أخرى بتمرير عبارة أن «السيد» سيلقي كلمة في المناسبة. كان من المتوقع أن يُطل عبر الشاشة كعادته، ولكن من حيث لم يتوقع أحد، خرج «السيد» من أحد مداخل الأبنية في محلة الكفاءات ـ الحدث، وكانت الضحكة تغمر محيّاه. لا هو في حالة من يصدق أنه في الشارع بين جمهوره ولا من كانوا في الشارع صدّقوا أن هذا هو «السيد» الذي لم يشاهدوه بينهم منذ شهور طويلة.التباس لم يدم سوى ثوان قليلة، حيث كانت عبارات عريف المهرجان الشاعر علي عباس («ابو حسن») كافية بأن يُدرك الجميع أن «سيد المقاومة» صار بين أهله. تقدّم «السيد» بخطى واثقة نحو الحشد المتعطش لرؤيته، ملوّحاً لهم بيده. لم تصدق أعينهم ما يحدث، كأنهم في حلم تحقق للتوّ. الذهول تحوّل الى هســتيريا جماعية. اعتلى «السيد» المنبر. يحاول أحد عناصر أمنه الشخصي أن يحجبه عن الجمهور فيبادر الى الالتفاف عليه وإحباط مهمة الأمن.

يقف «السيد» على المنصة امام الجمهور بلا أية حواجز. يتراجع الى الوراء ليقف خلف المنبر المجهز. يصافح العريف «ابو حسن».الهستيريا تمتزج بالدموع والصراخ والهتافات التي تحولت لدقائق من «لبيك يا رسول الله» الى «لبيك يا نصرالله». احدهم، وهو رجل دين معمّم، حاول تخطي الحواجز الحديدية وعناصر الانضباط للوصول اليه. أصرّ جاهداً على ذلك لكنه لم يفلح، فكانه عزاؤه الوحيد الهتاف لنصرالله. أحد الشبان كان مزهواً بانتصاره. نجح في التقاط صورة لـ«السيد» بهاتفه الخلوي من على بعد أمتار قليلة، فبدا كمن حصل على كنز ثمين. شبان آخرون تسلقوا أعمدة الكهرباء غير آبهين بالخطر الذي يحدق بهم. يقول أحدهم «المهم شوف السيد».وحدها كلمة «السلام عليكم يا اشرف الناس»، جعلت الحشد يثور أكثر فأكثر من شدة التأثر. علا الصراخ مجدداً ولم تهدأ النفوس والحناجر إلا عندما بدأ «السيد» خطابه. فأعادتهم صورته تلك ست سنوات الى الوراء عندما أطل عليهم بعد ثلاثة وثلاثين يوماً من الجنون الاسرائيلي للوصول اليه في تموز وآب 2006.وقوف «السيد» على المنبر شكل فرصة ذهبية لا تتكرر ثانية لمن يريد التقاط صورة. نظرة الى الوراء كانت كافية لرؤية بحر من الأيدي المرفوعة وهي تحمل صنوفاً شتى من الهواتف الذكية. الجميع كان مشدوداً للصورة ولكل حركة تصدر عنه ولكل كلمة ينطق بها «السيد».

في كلمته التي دامت 12 دقيقة بالتمام والكمال، شكر السيد حسن نصرالله كل من لبى الدعوة إلى المسيرة، وخص بالشكر العلماء الشيعة والسنة وممثلي القادة الروحيين المسيحيين وممثلي الأحزاب اللبنانية وقيادة حركة «أمل». وطلب من المشاركين أن يرددوا معه «يا رسول الله، فداك يا رسول الله، نفسي ودمي، وأبي وأمي، وأهلي وولدي، وكل مالي وما خوّلني ربي، فداء كرامتك وعرضك وشرفك». وقال «إن البعض لم يدرك حتى الآن مستوى الإهانة التي تعرّض لها رسول الله من خلال بعض مشاهد هذا الفيلم المسيء. فلقد طعنوا في طهارة مولده. في إيمانه وأخلاقه. في قرآنه، في أزواجه. في سيرته وإسلامه. وهذا خلال 12 دقيقة، أما إذا خرج الفيلم (بمدّة) الساعتين، ماذا ستكون النتيجة؟». أضاف: «نحن هنا لنعلن رفضنا، وبداية التحرك الذي يجب أن يستمر لخدمة أهداف واضحة، من الحد الأدنى إلى الحد الأعلى، وأولها وقف نشر المقاطع المسيئة على مواقع الأنترنت ومحاسبة منتجي هذا الفيلم. ثانياً، منع نشر الفيلم الكامل من قبل الأميركيين. ثالثاً، سد الباب نهائياً على إمكان الإساءة لرسولنا وقرآننا ومقدساتنا».ودعا جميع المسلمين في العالم «إلى تشكيل فرق تخطيط وتفكير وعمل، كيف يمكن أن نحقق هذه الأهداف الثلاثة»، وذكر على سبيل المثال لتحقيق الهدف الأول، أن تقوم كل حكومة بحجب المواقع التي تنشر هذه المشاهد المسيئة، وأن يقاطع الناس في كل العالم، وخصوصاً المسلمين، مواقع الانترنت التي تصرّ على بث هذه المقاطع المسيئة. في الهدف الثاني، تابع نصرالله، «يجب أن تفهم أميركا التي تحتج وتخادع بعنوان حرية التعبير، يجب أن تفهم الولايات المتحدة الأميركية أن بثّ الفيلم كاملاً ستكون له في العالم تداعيات خطيرة وخطيرة جداً». وأردف نصرالله: «على مستوى الهدف الثالث يجب أن تعمل كل شعوبنا وحكوماتنا على الضغط على المجتمع الدولي لإصدار قرار دولي وقوانين وطنية في كل العالم تجرّم الإساءة للأديان السماوية ولأنبياء الله». وقال «إن عدم قيام الأمة الإسلامية وحكام العالم الإسلامي بإنجاز هذه المهمة هو تقصير عظيم بحق رسول الله ويبقي الباب مفتوحاً لأفلام وإهانات وإساءات جديدة، لا نعرف إلى أين ستؤدي». وتابع نصرالله «غضبتنا اليوم، لن تكون حركة عابرة، ولا «فشّة خلق» وإنما هي بداية لحركة جدية يجب أن تتواصل على مستوى الأمة كلها للدفاع عن الرسول وما حصل في هذه الأيام يجب أن يؤكد للمسلمين جميعاً أن عليهم أن يتعاونوا ويتقاربوا ويتوحّدوا لخدمة الأهداف المشتركة، ولو باينت بينهم ملفات من هنا وهناك. وما حصل هذه الأيام يجب أن يؤكد وعياً كبيراً لدى المسلمين والمسيحيين وإصراراً عظيماً على العيش المشترك، وعلى فهم العدو، وعلى توجيه الغضب باتجاه العدو الحقيقي. فلا يُورَطَنَّ أحدنا في فتنة».

وختم «لا يتوهمن أحد أن هذه المعركة يمكن التسامح فيها أو العبور عنها». مشهد الهواتف الذكية المستمرة، استمرّ حتى انتهى «السيد» من خطابه. وعندما رفع يده مودعاً، حاول الحشد الوصول الى المنصة، لكن بدا أن كل شيء محسوب بدقة. الاختراق مستحيل والعناصر المولجة بالحماية أسرع من المحاولين... وفجأة اختفى «السيد» ومن انتظره أن يدخل المبنى نفسه الذي خرج منه صدم عندما تيقن أن كل الأبنية صارت تشبه بعضها صار متعذراً تمييز «السيد» عمن خطفوه من بين الجمهور.إنه الظهور العلني الخامس للسيد نصرالله منذ تموز 2006، والأول منذ كانون الأول 2011 (مسيرة عاشوراء).يذكر أن المسيرة التي انطلقت من أمام «مسجد القائم» في الضاحية الجنوبية، تميزت بمشاركة شعبية حاشدة تقدمها رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» السيد هاشم صفي الدين والمعاون السياسي للسيد نصر الله الحاج حسين خليل ورئيس الهيئة الشرعية في الحزب الشيخ محمد يزبك ونواب الحزب، بالإضافة إلى عدد كبير من علماء السنة والشيعة.

قراءة 1900 مرة