خلاف سد النهضة إلى الواجهة مجدداً.. إلى متى تستمر المحادثات الثلاثيّة بالفشل؟

قيم هذا المقال
(0 صوت)
خلاف سد النهضة إلى الواجهة مجدداً.. إلى متى تستمر المحادثات الثلاثيّة بالفشل؟

رئيس وزراء إثيوبيا رداً على ترامب بشأن سد النهضة: لن نرضخ للتهديدات

مصر تعتمد النفس الطويل وإثيوبيا تعلن شرطا وحيدا لحل أزمة سد النهضة

سدّ النهضة الإثيوبي ونهجا الحكم.. هل سوف تشتعل معركة إثيوبية مصرية خلال الفترة القادمة؟

 

 بعد أسبوع من توقف المحادثات بشأن سد النهضة الإثيوبيّ بسبب تغيب الخرطوم عن الاجتماع السابق اعتراضاً على استمرار آلية التفاوض الثلاثيّ المباشر، عادت المفاوضات مجدداً بين وزراء الخارجية والري لكل من مصر وإثيوبيا والسودان الأحد الماضي، بحضور ممثلين عن الاتحاد الإفريقيّ والاتحاد الأوروبيّ وأمريكا، لبحث إمكانية التوصل إلى اتفاق عادل وملزم ودائم بشأن ملء سد النهضة وتشغيله والاطمئنان لمستوى الأمان فيه، وسط خلافات حول كمية المياه المتدفقة من السد سنوياً، ولا سيما خلال فترات الجفاف، إضافة إلى آلية ملء خزانه وتنسيق أديس أبابا مع القاهرة والخرطوم، لكن تلك المحادثات فشلت مجدداً ما أعاد القضية إلى المربع الأول.

نزاع مستمر

استمراراً للنزاع المستمر بين السودان وإثيوبيا ومصر حول سد النهضة الواقع على النيل الأزرق، أوضحت الدول الثلاث قبل يومين أنّ المفاوضات بينها وصلت مرة أخرى إلى طريق مسدود، حيث أكّد وزير الري السودانيّ، ياسر عباس في بيان، أنّه لا يمكن للسودان أن يستمر في هذه الدورة المفرغة من المباحثات الدائريّة إلى ما لا نهاية، فيما اتفقت مصر وإثيوبيا على أنّ اعتراضات السودان على إطار المحادثات كانت سبباً في المأزق الجديد التي شهدته المحادثات.

وفي الوقت الذي ترى فيه إثيوبيا أنّ السد يشكل عاملاً رئيساً في خططها لتصبح أكبر مصدّر للطاقة في إفريقيا، بحيث يوفر الكهرباء لـ65 مليون إثيوبيّ محرومين منها، تخشى مصر التي تحصل على أكثر من 90 % من مياهها العذبة الشحيحة من نهر النيل، أن يؤدي السد إلى تدمير اقتصادها، ويشعر السودان بالقلق لما يمثله سد النهضة من تهديد مباشر لخزان مدينة "الروصيرص" الواقعة في ولاية النيل الأزرق بالسودان على الضفة الشرقيّة لنهر النيل، إذا تم الملء والتشغيل دون اتفاق وتبادل يومي للبيانات.

وحول هذا الموضوع، أشارت أديس أبابا في بيان لوزارة خارجيتها إلى أنّه على الرغم من إصرار الخرطوم في السابق على عقد اجتماعات مع خبراء الاتحاد الإفريقيّ، فقد اعترض على اختصاصاتهم ورفض إشراكهم في الاجتماع، ما أدى إلى وقف المحادثات فعلياً، وقد استمر الخلاف الذي طال أمده بين الدول الثلاث حتى بعد بدء ملء الخزان خلف السد، الذي تبلغ تكلفة إنشائه 4 مليارات دولار، في تموز المنصرم.

ووفق البيان الذي نشرته وزارة الخارجية المصريّة على مواقع التواصل الاجتماعيّ، فإنّ السودان تمسك بضرورة تكليف الخبراء المُعينين من قبل مفوضية الاتحاد الإفريقيّ بطرح حلول للقضايا الخلافية، وهو الطرح الذي تحفظت عليه كل من مصر وإثيوبيا، بينما ذكر السودان أنّه اعترض على خطاب من إثيوبيا إلى الاتحاد الإفريقيّ، يوم الـ 8 من كانون الثاني الجاري، والذي أشار إلى عزم أديس أبابا على الاستمرار في الملء للعام الثاني في يوليو القادم بمقدار 13.5 مليار متر مكعب بغض النظر عن التوصل لاتفاق أو عدمه، وفق وكالة الأنباء السودانيّة الرسميّة.

يشار إلى أنّ وزيرة العلاقات والتعاون الدوليّ لجنوب إفريقيا، جي بندور، أبدت أسفها للطريق المسدود الذي وصلت إليه المفاوضات، وقالت إنها سترفع الأمر للرئيس سيريل رامافوزا، رئيس الدورة الحالية للاتحاد الإفريقي لاتخاذ ما يلزم، وفق ما نقلته مواقع إخباريّة.

الموقف السودانيّ

من الواضح أنّ التصريحات الإثيوبيّة أثارت حفيظة السودان بشكل كبير، حيث أوضح وزير الري السودانيّ، ياسر عباس، أنّ الخرطوم تقدمت باحتجاج شديد اللهجة لإثيوبيا والاتحاد الإفريقيّ، بعد إعلان أثيوبيا عزمها بدء الملء الثاني لخزان سد النهضة في تموز المقبل بغض النظر عن التوصل الى اتفاق أم لا، وأكّد الوزير السودانيّ أنّ أديس أبابا باعترافها غير ملزمة بتبادل المعلومات والبيانات والخطوات المتعلقة بملء الخزان وتشغيل السد.

ووفق وكالة الأنباء السودانيّة، فإنّ وزير الري السودانيّ اعتبر أنّ هذا الأمر مرفوض، مشدداً على أنّ بلاده لن تتفاوض إلى ما لا نهاية وخاصة أنّ حياة ملايين الأشخاص والمنشآت معرضة للخطر إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق.

ويحرص السودان على الاستخدام العادل والمنصف لسد النهضة الإثيوبيّ، ويؤكّد دائماً أنّه ليس وسيطاّ بل شريكاً أساسيّاً في مفاوضات سد النهضة، ويشير إلى أنّه لا حل إلا في التشاور واستمرار المفاوضات، في ظل ما تسميه الخرطوم "الحرص الواضح" من الدول الثلاثة للوصول إلى اتفاق بشأن النقاط العالقة في تلك المفاوضات، التي تشكل الناحية القانونيّة نحو70 أو 80 % ​​منها في حال سيكون الاتفاق ملزماً، وفق النظرة السودانيّة.

وبالأمس أشار وزير الخارجية السودانيّ المكلف عمر قمر الدين، إلى أنّ بلاده عادت لمفاوضات سد النهضة على أمل أن يكون هناك دور أكبر لخبراء الاتحاد الإفريقيّ عملاَ بشعار الحلول الإفريقية لمشاكل القارة وأن يساعد الاتحاد بشكل أكبر في إيجاد شروط لعمل الخبراء ومهامهم فيما يلي سد النهضة، مبيّناً أنّ الخرطوم قدمت اشتراطات لدولة جنوب إفريقيا باعتبارها رئيس الاتحاد الإفريقيّ للعودة لمفاوضات ذات جدوى، وأوضح أنّ السودان سيقوم بعمل دؤوب لإيضاح رؤيته آملاَ بأن تكون الدورة الجديدة للاتحاد الإفريقي في فبراير المقبل جولة أخرى لتحقيق ما يصبو إليه السودان وإلا سيكون له خيارات فيما يلي هذا الملف.

دور أمريكيّ

من المعروف أنّ المساعي الأمريكيّة بين الدول الثلاث قد فشلت العام المنصرم بعد أن اتهمت إثيوبيا واشنطن بمحاباة القاهرة، بعد أن أوضح الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، دونالد ترامب، أنّ الوضع بعد سد النهضة خطير للغاية لأنّ مصر لن تكون قادرة على العيش بهذه الطريقة، وسينتهي الأمر بالمصريين إلى تفجير السد، وبعد هذا التصريح مباشرة اتهمت أديس أبابا ترامب بالتحريض على الحرب بين البلدين.

وفي هذا الشأن، أعلنت الإدارة الأمريكيّة في أيلول المنصرم تعليق جزء من مساعدتها المالية لأديس أبابا، مشيرة إلى عدم إحراز تقدم في المحادثات التي توسطت فيها، وأنّ قرار إثيوبيا ببدء ملء خزان السد أحادي الجانب، في ظل الخشيّة السودانيّة والمصريّة من أن يجفف السد الذي تبنيه إثيوبيا على النيل الأزرق أصبح منذ 2011 مواردهما المائيّة، ليبقى موقف الإدارة الأمريكيّة الجديدة برئاسة جو بايدن، غير واضح حتى اللحظة.

قراءة 801 مرة