الرفاهية والإسراف من منظور التعاليم الإسلامية

قيم هذا المقال
(0 صوت)
الرفاهية والإسراف من منظور التعاليم الإسلامية

"من منظور التعاليم الدين الإسلامي، يمتلك البشر بُعدين جسدياً وروحياً، ويجب على الإنسان أن يهتم باحتياجات كلا البُعدين. لم يجز الإسلام الرهبانية والعزلة. إن تصور أن المتدينين يجب أن يهتموا فقط بالبُعد الروحي هو فهم خاطئ للتعاليم الدينية.

بناءً على ذلك، من الناحية الفردية، يجب على المسلمين والمؤمنين تلبية احتياجاتهم الجسدية والدنيوية والسعي لتحقيق مستوى معيشي مقبول. كما أنه من الناحية الاجتماعية، يجب على الحكومات توفير بيئة مناسبة للعيش لمواطنيها حتى لا يشعر أفراد المجتمع بالقلق بشأن تلبية احتياجاتهم.

إنّ الاهتمام بالمعيشة وإدارة الشؤون المادية للحياة، من وجهة نظر الدين، له أهمية كبيرة حتى أنه يُعتبر أحد أركان الوصول إلى النمو والكمال.

وفقاً لرواية عن الإمام الصادق (ع)، فإن تدبير المعيشة يعني إدارة الأمور المادية للحياة إلى جانب التفقه في الدين والصبر على المشاكل والصعوبات، وهذا يؤدي إلى تحقيق الكمال في الأفراد.

بالإضافة إلى ذلك، في الأدعية الواردة عن الأئمة المعصومين(عليهم السلام)، تمّ تعليم الناس أن يطلبوا من الله تعالى الرفاهية في أمر المعيشة كما جاء "أَسْأَلُكَ‏ اللَّهُمَّ الرَّفَاهِيَةَ فِي مَعِيشَتِي مَا أَبْقَيْتَنِي مَعِيشَةً أَقْوَى بِهَا عَلَى طَاعَتِكَ» (الكافي، ج٥، ص ٥٨٩).

الرفاهية تعني التمتع بالإمكانات الدنيوية بحيث لا يواجه الإنسان صعوبة أو مشقة في تلبية احتياجاته الأساسية للحياة الدنيوية مثل الطعام المناسب، والسكن، ووسائل النقل، وغيرها.

من منظور الدين الاسلامي فإن تلبية هذه الاحتياجات أمر ضروري، لأن الدين لا يركّز فقط على الجانب الروحي للإنسان، بل يأخذ في الاعتبار الجانب الجسدي أيضاً، لكن النقطة المهمة في تلبية الاحتياجات الأساسية للحياة الدنيوية من وجهة النظر الدينية هي أن الإنسان يجب أن يسعى لتلبية هذه الاحتياجات من خلال رؤية وتصور توحيدي صحيح، وفقط في هذه الحالة يمكن للإنسان أن يحدّد حدّاً معيناً ومعقولاً للسعي في سبيل تلبية إحتياجاته الأساسية.

تتفاعل مفاهيم الرفاهية وعدم الإسراف دائماً في التعاليم الأصيلة للإسلام وتتوازن فيها، ويمكن أن يساعد الالتزام بمبادئ القناعة، والتوفیر، والإدارة الصحیحة للموارد، ونشر الوعي في المجتمع في تحقيق الرفاهية المستدامة وتقليل الإسراف. هذه المناهج لا تؤدي فقط إلى تحسين جودة الحياة الفردية والجماعية، بل تلعب أيضاً دوراً فعالاً في الحفاظ على البيئة والعدالة الاجتماعية. لذلك، فإن تعزيز التعاليم الإسلامية والشيعية في مجال الرفاهية والإسراف هو وسيلة فعالة لبناء مجتمع عادل وصحي ومستدام، يتم فيه الحفاظ على كرامة الإنسان والاستفادة العادلة من النعم الإلهية".

قراءة 6 مرة