ايران و امنها الجيواستراتيجي

قيم هذا المقال
(0 صوت)

تتميز ايران بموقع جيوسياسي استراتيجي، يجعلها عصية على الحصار او المقاطعة ولاجل ذلك فانها تعتقد بان مسلسل الضغوط والعقوبات الغربية لن تكون ذات جدوى او تاثير، بل ستعود بالضرر الكبير على التحالف الاميركي ـ الاوروبي نفسه، خاصة وان دول هذا التحالف خائفة جدا من قطع تدفق امدادات الطاقة (النفط والغاز) اليها من منطقة الخليج الفارسي، الامر الذي يجعلها تفكر الف مرة قبل الاقدام على اية حماقة عسكرية ــ وهو ما تلوح به هذه الايام ــ ضد الجمهورية الاسلامية.

واضح للجميع ان ايران، هي دولة مترامية الاطراف وتتمتع بثروات وفيرة زراعيا وبيئيا وجغرافيا ، وهو ما يوفر لها العديد من المنافذ برا وبحرا وجواً الى جانب ثروتها البشرية الفتية ، بالاضافة الى تنامي قدراتها الذاتية العلمية و الصناعية و الدفاعية واللوجستية التي تحولت الى شبح مخيف للقوى الاستكبارية، وباتت تصيبها الوهن والتردد من مغبة التورط معها في أية مغامرة طائشة. وبلحاظ العزف الاميركي ـ الاسرائيلي ـ الاوروبي على وتر الحرب النفسية والدعاية الاعلامية الصاخبة في ا لشرق الاوسط ، يبدو واضحا ان هذا التحالف عاجز تماما عن تفعيل مخططاته الجهنمية على مستوى تطويع طهران ودمشق والمقاومة الباسلة في لبنان وفلسطين، وايقاع اكبر الخسائر في صفوفها وبأقل التكاليف، وذلك اذا ما ايقنا بأن واشنطن والعواصم الاوروبية الاخرى تمر بازمة اقتصادية واجتماعية خانقة بسبب ثورة (احتلوا وول ستريت) في دول "الناتو" والمناطق الخاضعة لتأثيرات تقلبات اسعار "الدولار" و"اليورو" وانعكاساتها على اقتصاديات اكثرية البشرية من ذوي الدخل المحدود، الامر الذي برز الى السطح حاليا عبر اشتداد غليان الغضب والنقمة والاحتقان ــ وبلا حدود ــ على سياسات واطماع اباطرة القوة والمال في ارجاء الارض.

اذن فإن القول بإمكانية ان تؤدي عمليات التطبيل و التهويل و لغة الغطرسة الاميركية ــ الاوروبية الى تحقيق اهدافها وفي مقدمتها الحاق الهزيمة النفسية والاقتصادية بإيران وجبهة المقاومة والصمود في المنطقة، هو قول – من البداية - فيه الكثير من عناصر الفشل والانهيار و ضيق الافق ابتداء، على خلفية ما اشرنا اليه آنفا ، اضافة الى تضارب المصالح والآراء والسياسات في داخل النظام الرأسمالي الغربي ذاته، الشيء الذي تمثل في اعراض الاطراف الغربية عن اغلاق سفاراتها في طهران ، أسوة بما اقدمت عليه لندن بدعوى ما حصل للسفارة البريطانية ، الى جانب اخفاق المجموعة الاوروبية في مقاطعة وارداتها من النفط الايراني، باعتبار ان هذا القرار سوف تنتج عنه فوائد اضافية لطهران باعتبارها ستكون قادرة على تسويق هذه الثروة لاحقا بأسعار أعلى في مناطق اخرى من العالم وعبر منافذها الجغرافية و مصالحها المتبادلة مع الدول الصديقة.

في ضوء ما مضى يمكن القول ان المواقع الجيوسياسية والجيو اقتصادية و الجيولوجستية للجمهورية الاسلامية، تشكل في مجموعها منظومة جيواستراتيجية متماسكة و متكاملة ، فيها من القوة والاقتدار والصلابة، ما تمكنها من تقويض اية تحركات استفزازية، اضافة الى توجيه ضربات قاسية الِى القوى العدوانية ، لايمكن التكهن بنتائجها و تأثيراتها و تداعياتها الاقليمية والدولية ، اللهم إلا حينما تدرك الاطراف الغربية والصهيونية ، بانها كانت في منتهي الغباء خلال قراءتها لمسيرة التحولات والمستجدات التي انتجتها الصحوة الاسلامية والثورات الشعبية المعطاءة في الشرق الاوسط.

قراءة 1903 مرة