مقتدى الصدر أعلن اعتزال العمل السياسي على وقع أزمة سياسية متصاعدة بالعراق
رغم أنها ليست المرة الأولى التي يعتزل فيها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر العمل السياسي وإغلاق المؤسسات التابعة له، فإن هذه المرة تبدو قطعية من وجهة نظر مراقبين وصفوا الوضع القائم الآن بـ"الخطير".
وتصاعدت الأحداث وصولا إلى اقتحام أنصار الصدر -المعتصمين في مبنى البرلمان منذ نحو شهر- القصر الجمهوري في المنطقة الخضراء وسط بغداد، في حين دعت قيادة القوات المشتركة المتظاهرين إلى الانسحاب وفرضت حظرا للتجوال في العاصمة بغداد، وأغلقت الجسور وأمّنت مبنى التلفزيون الرسمي.
وقال الصدر -في بيان نشره عبر حسابه الرسمي على موقع تويتر- إنه سيغلق "كافة المؤسسات إلا المرقد الشريف والمتحف الشريف وهيئة تراث آل الصدر الكرام"، وتابع "الكل في حل مني، وإن مت أو قُتلت فأسألكم الفاتحة والدعاء".
تداعيات خطيرة
ويرى المحلل السياسي حمزة مصطفى أن انسحاب الصدر بهذه الطريقة كان مفاجئا، وإن كان قد مهد في وقت سابق للانسحاب من العمل السياسي، ولكن ليس بهذه الصيغة. وقال مصطفى للجزيرة نت إن الصدر -على ما يبدو- جاد هذه المرة، خاصة بعدما أغلق جميع المنصات المرتبطة بتياره، وهذا أمر خطير، خاصة أن هناك جمهورا كبيرا يتبع الصدر، ويوجد قسم من هذا الجمهور -منذ شهر تقريبا- في المنطقة الخضراء يرفع شعارات الإصلاح ومحاربة الفساد وحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة.
وحذر مصطفى من خطورة هذه الخطوة؛ لأن الجمهور الآن بلا مُوجّه، متسائلا كيف يمكن للحكومة أن تتعامل مع هذه الحالة، فالتداعيات مفتوحة الآن على كل الاحتمالات، ولكن يصعب التكهن بكيفية انتهاء هذه المسألة خلال الساعات أو الأيام المقبلة.
وسبق لزعيم التيار الصدري أن أعلن انسحابه من العمل السياسي في العراق وإغلاق جميع مكاتبه السياسية وحل تياره وإلغاء ارتباطه بالكتلة التي تمثله في مجلس النواب، وذلك منتصف فبراير/شباط 2014، مهددا من يتكلم بخلاف ذلك بـ"المساءلة الشرعية والقانونية"، من دون أن يتضح إذا ما كان هذا القرار مؤقتا أو نهائيا في حينها.
وفي قرار مماثل، أعلن الصدر اعتزاله العمل السياسي أغسطس/آب 2013، بسبب ما قال آنذاك "ما حدث ولا يزال يحدث" من عناصر محسوبة على التيار الصدري ما زالت تحمل السلاح رغم علمها بتجميد جيش المهدي.
جمهور غاضب
في حين يقول الدكتور مناف الموسوي، رئيس مركز بغداد للدراسات الإستراتيجية والمقرب من التيار الصدري، إن الصدر لمّح في مبادرته الأخيرة إلى أنه في حال لم تتم الاستجابة إلى مطالب المتظاهرين، فإنه سوف يعتزل العمل السياسي.
وأوضح الموسوي أن البلد اليوم أمام إشكالية كبيرة، خاصة أن وجود الصدر كان صمام أمان، فهو قادر على عملية حلحلة الوضع القائم، لكن لعدم التجاوب من الطرف الآخر، فإن جميع الكتل السياسية الآن أمام جمهور غاضب تصعب السيطرة عليه.
اللاعب الخارجي
المحلل السياسي إبراهيم السراج يرى أن اعتزال الصدر له تداعيات خطيرة، وقراره باعث للقلق بين المواطنين، ولا يمكن أن تستمر مقاطعة الصدر للعملية السياسية، وأن المظاهرات كانت عملية ديمقراطية، والصدر ركن أساسي في العمل السياسي. وإزاء الوضع الحالي، يرى أنه على الكتل السياسية السعي لإعادة الصدر إلى العمل السياسي لتخفيف احتقان الشارع، خاصة أن الوضع الآن فيه تهديد للسلم الأهلي وخطر على حياة المواطنين.
وقال السراج للجزيرة نت إن هناك إمكانية لتفويت الفرصة على اللاعب الخارجي الذي يحاول الآن التدخل عسكريا أو أمنيا، وربما يجدها ذريعة لاحتلال العراق، ويجب ألا يبقى الوضع على ما هو عليه الآن.
المصدر : الجزيرة