لقاء القاهرة بين عراقجي وغروسي.. وتداعيات العدوان على ايران

قيم هذا المقال
(0 صوت)
لقاء القاهرة بين عراقجي وغروسي.. وتداعيات العدوان على ايران

في هذا الاثناء تتوجه انظار المراقبين الى العاصمة المصرية القاهرة، لاحتضانها لقاء مرتقبا بين وزير الخارجية الإيراني سيد عباس عراقجي، التي وصلها اليوم، وبين المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، برعاية وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بهدف استكمال المفاوضات الخاصة بالصياغة النهائية لآلية جديدة لتنظيم تعامل إيران مع الوكالة.

رغم ان ايران تدرك جيدا حساسية الوقت و الظروف، حيث تتعامل مع مثلت تتالف اضلاعه من التهديدات الامريكية والاسرائيلية لايران، وتهديد الاوروبيين بتفعيل الية الزناد واعادة "عقوبات" الأمم المتحدة ضد ايران خلال اقل من شهر من الان، والضلع الثالث المتمثل بالاداء المنحاز لغروسي، الذي استغل الثنائي الامريكي الاسرائيلي تقاريره لتبرير عدوانهم الغادر على ايران، ورفضه التنديد بالعدوان وقتل العلماء النوويين الايرانيين مع عوائلهم ، وتعريض المنطقة لخطر الاشعاع النووي، بذريعة متهافتة مفادها انه لا يريد ان يلقي باللوم على طرف دون اخر. رغم ادراك ايران بضغط هذا الضلاع الثلاثة، الا ان على الجهات التي تمثل هذه الاضلاع الا تتوقع ان ترفع ايران الراية البيضاء وتتنازل عن حقوقها المشروعة والقانونية في امتلاك برنامج نووي سلمي، كحق تمتلكه بوصفها عضو في معاهدة حظر الانتشار النووي، وتخضع منشاتها النووية لمراقبة مفتشي الوكالة الدولية، وهي الية تفتيش لم تشهدها اي دولة عضو في الوكالة على مدى تاريخها، فايران ليس لديها ما تخفيه عن انظار العالم.

قد يعتقد غروسي ان الضلعين الاول والثاني في مثلث الضغط قد يضطر ايران لتقديم تنازلات في اللقاء الذي سيجري اليوم في القاهرة، وهو اعتقاد خاطىء ، فعلى الوكالة ان تعلم أن أسلوب وآلية تنفيذ التعهدات النووية (الضمانات ( من جانب إيران لم يعد بالإمكان أن يكون كما كان قبل العدوان الامريكي الاسرائيلي، و من الطبيعي والمنطقي ان ياخذ المفاوض الايراني بالاعتبار الوقائع الميدانية الناجمة عن الهجمات غير القانونية التي شنها الكيان الصهيوني وأمريكا ضد المنشآت النووية الإيرانية، إضافة إلى قانون البرلمان الإيراني وملاحظات المجلس الأعلى للأمن القومي، من اجل التوصل الى بروتكول ينظم العلاقة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

اي بلد اخر كان سيتعامل مثل ايران مع الوكالة لو تعرض الى عدوان غادر وهو يتفاوض مع امريكا، فالعدوان حصل مباشرة بعد نشر غروسي تقريره الذي اتهم ايران بعدم الالتزام بتعهداتها، الامر الذي على ضوئه أصدر مجلس الشورى الإسلامي قرارا بتعليق التعاون بين إيران والوكالة والوكالة الدولية، التي كانت ملزمة بالتنديد بالهجوم منعا لتكراره مستقبلا.

رغم الطعنة الغادرة التي وجهت لايران بالظهر، الا انها لم تترك اي فرصة دبلوماسية دون استثمار، فقد التقى وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس في قطر، لاقناع الاوروبيين بان قرار تفعيل الية الزناد قرار خاطىء، وعليهم ان يغيروا اساليبهم بالتعامل مع ايران. فالقرار الاوروبي بتفعيل الية الزناد يحمل الكثير من الصلف والوقاحة والحقد، فالاوروبيون يتهمون ايران بالتهرب من المفاوضات ، متناسين ان ايران كانت الطرف الذي تعرض لهجوم عسكري في قلب العملية الدبلوماسية.، والطرف الذي شن العدوان هو الذي انسحب من المفاوضات وقبل ذلك انسحب من الاتفاق برمته. والانكى من ذلك ان الاوروبيين الذين يتهمون ايران لم ينفذوا الاتفاق النووي، بينما نراهم يعلنون وبغطرسة انهم مازالوا ملتزمين بالاتفاق من دون ان يقدموا دليلا واحدا على زعمهم هذا، وهو ما يحرمهم من اي حق قانوني يسمح لهم بتفعيل آلية الزناد.

ايران تدرك جيدا ان الية الزناد ليست أمرا جيدا ولا ينبغي لأحد الاستهانة بعواقبها السياسية، ولكن في المقابل ايضا تدرك ايران انه لا ينبغي تضخيم الأمر أكثر من اللازم، فـ "العقوبات" الامريكية المفروضة على ايران اكبر بكثير من العقوبات الاممية. كما ان ايران اعدت العدة لكل السيناريوهات الاقتصادية والسياسية لضمان إدارة شؤون البلاد بأقل الأضرار إذا ما فُعلت هذه الآلية وأعيد فرض "العقوبات" عليها. لذلك امام الاوروبيين خيارين، إما أن يسلكوا طريق المواجهة، والكل فيها خاسر، أو أن يدخلوا في طريق التفاعل والتعاون.

على الوكالة الدولية أن تلتزم بمسؤوليتها الخطيرة، ومن بينها حماية حقوق الدول الأعضاء في معاهدة حظر الانتشار النووي، وان تغتنم فرصة اللقاء الذي ترعاه مصر بين عراقجي وغروسي، لتصحيح جانب من خطائها السابقة والتي كادت ان تؤدي الى قوع كارثة لا تحمد عقباها، لاسيما بعد ان اعلن وزير الخارجية الايراني في لقاء مع نظيره المصري اليوم، استعداد إيران لصياغة دليل (بروتوكول) للتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الوضع الجديد الناتج عن الهجمات الاميركية والصهيونية غير القانونية، والتي مثلت ضربة قاصمة لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي. من اجل سد الطريق على الجهات التي ترى في الاستقرار، عدوها اللدود، وفي مقدمة هذه الجهات الكيان الاسرائيلي الارهابي.

قراءة 9 مرة