شبح الدماء يخيّم على «رابعة»

قيم هذا المقال
(0 صوت)

شبح الدماء يخيّم على «رابعة»

تتجه مصر نحو احتمال الانفجار الأكبر في تاريخها بين جماعة «الإخوان المسلمين» من جهة، ومعارضيها والجيش المصري من جهة ثانية. وذلك بسبب إصرار قيادة الإخوان في مصر والخارج على المواجهة وعدم القبول بخريطة الطريق التي أقرها الجيش بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي، بالتحالف مع قوى مصرية معارضة لحكم الإخوان. ويبدو أن قرار قيادة الإخوان يتجاوز الحسابات الداخلية المصرية، إذ إن جميع قيادات الحركة الأكثر عراقة في التيارات الإسلامية العربية، والأكثر انتشاراً، تدفع باتجاه «عدم السماح بإقصائهم من جديد عن الحكم بعد عقود طويلة من النضال للوصول الى المواقع الرئيسية فيه» على ما يقول مصدر متابع. ويضيف إن الخشية تتعلق بالمسرح المصري، حيث يكثر الحديث بين قيادات الإخوان عن حملة اضطهاد جديدة، لكن الخشية هي من أن تكر السبحة على عواصم عربية أخرى في المغرب العربي، وأن تنتقل العدوى الى تركيا والعراق. ومن الجانب الآخر، يبدو أن قيادة القوات المسلحة المصرية أخذت تفويضاً كاملاً من قوى المعارضة السياسية وقبل تظاهرات حركة «تمرد» بالتعامل مع معارضة الإخوان لخريطة الطريق بالأسلوب المناسب، بما في ذلك العمل على منع «نشوب حرب أهلية متنقلة بسبب قرار الإخوان الاستمرار بشل الحياة العامة من خلال الاعتصامات والمسيرات». إن جميع المؤشرات تدل على أن القوات المسلحة المصرية في صدد اللجوء الى «إجراءات قاسية ضد الإخوان في حالة عدم الخروج من الشارع خلال الأيام القليلة المقبلة»

وجهت وزارة الداخلية رسائل شديدة الى مناصري «الإخوان المسلمين»، وطلبت منهم فض الاعتصامات، والا فمواجهة القوة الضاربة، رغم المجزرة التي وقعت فجر أول من أمس، وسط استنكار القوى السياسية والدينية التي طالبت بالتحقيق. واستفاق المصريون عقب مليونية «التفويض» التي دعا إليها قائد الجيش الجمعة على مجزرة راح ضحيتها مئات القتلى والجرحى، بعدما وقعت اشتباكات بين الشرطة ومناصري الرئيس المعزول محمد مرسي. واعلن مسؤول رفيع المستوى في وزارة الصحة المصرية أن الاشتباكات في مدينة نصر أدت الى 72 قتيلا واكثر من 400 جريح.

وبدأت الاشتباكات بعد منتصف ليل الجمعة ــ السبت عندما حاولت مجموعة من المتظاهرين المناصرين لمرسي، قطع مطلع جسر «٦ اكتوبر»، الحيوي الذي يربط شمال وشرق القاهرة بوسطها وجنوبها. وبحسب شهود عيان، فان الشرطة و«البلطجية» اطلقوا الرصاص الحي والخرطوش على المتظاهرين الاسلاميين.

وفي وقت لاحق، وقعت اشتباكات بين معارضين ومؤيدين لمرسي، في مدينتي بورسعيد (شمال شرق) وكفر الزيات (شمال)، ادت إلى مقتل شخصين بطلق ناري واصابة ٢٨ آخرين بجروح.

ويبدو أن السلطات تصر على التعامل مع تظاهرات «الإخوان» بالقوة وبقبضة حديدية، حيث أعلن وزير الداخلية محمد ابراهيم في مؤتمر صحافي، أنه سيُفَض اعتصاما الاسلاميين في القاهرة في «القريب العاجل» و«بأقل قدر من الخسائر». وقال «نتمنى ان يتعقلوا وان يفضوا هذا الاعتصام قبل ان نفضه بالقوة حفاظا على الدم».

كذلك اتهم الوزير أنصار جماعة «الإخوان» «بافتعال واقعة (الاشتباكات الدامية) لاستثمارها سياسيا». واضاف إن قوات الشرطة «كانت حاضرة في شارع النصر وبينها وبين ميدان رابعة العدوية، حيث الاعتصام، مسافة كبيرة، ولم تتقدم القوات نحو المعتصمين، بل هم الذين تحركوا حتى مكان القوات من اجل ان يستثمروا ذلك سياسيا».

كما كشف إبراهيم عن إعادته إدارات مكافحة التطرف ورصد النشاط السياسي والنشاط الديني التي تم إلغاؤها بعد ثورة 25 يناير، مشيراً إلى أن حركة تشكيلات الضباط، بينهم ضباط جرى استبعادهم، ستعلن الإثنين المقبل.

وحول وضع الرئيس المعزول، قال ابراهيم إن من يملك قرار إيداع مرسي في السجن هو قاضي التحقيق، لافتاً إلى أنه من المتوقع أن يودَع في أحد سجون طرة، بحيث يكون مؤمناً جيداً.

وفي حفل تخريج دفعة جديدة من طلبة كلية الشرطة، وصف وزير الداخلية عن وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي، بأنه «ابن مصر البار الذي حمى مصر من خطر يعلم الله وحده مداه».

بدوره، ندد الامام الاكبر لجامع الازهر الشيخ احمد الطيب، بما جرى، وقال في بيان إن «الازهر الشريف، وقلبه يتمزق الماً بسبب تلك الدماء الغزيرة التي سالت على ارض مصر اليوم، يستنكر ويدين بقوة سقوط هذا العدد من الضحايا»، مطالبا «الحكومة الانتقالية بالكشف فورا عن حقيقة الحادث من خلال تحقيق قضائي عاجل وانزال العقوبة الفورية بالمجرمين المسؤولين عنه مهما كانت انتماءاتهم او مواقعهم».

كذلك أكد نائب الرئيس المؤقت للعلاقات الدولية محمد البرادعي، أنه «يدين بكل قوة الاستخدام المفرط للقوة وسقوط الضحايا». وقال «أعمل بكل جهد وفي كل اتجاه لانهاء المواجهة بأسلوب سلمي».

وعبرت جبهة الانقاذ الوطني المصرية عن «الحزن» على مقتل عدد كبير من المصريين في القاهرة، منددة في الوقت نفسه بجماعة الاخوان المسلمين لاستمرارها في «نهج عدائي تحريضي»، ومطالبة بتحقيق قضائي مستقل في الاشتباكات.

من جهتها، أعلنت حملة «تمرد» رفضها الحديث عن عودة حالة الطوارئ أو عودة إدارة لمكافحة النشاط الديني والسياسي في وزارة الداخلية، كما ورد عى لسان وزير الداخلية، وعدته «حديثاً مرفوضاً ويعارض مبادئ ثورة 25 يناير، التي كانت الحرية أحد أهم مطالبها». وقال مؤسس الحملة، محمود بدر، «إنها وإن كانت تدعم خطوات الدولة المصرية وأجهزتها في مكافحة الإرهاب، إلا أنها سبق أن أكدت أن هذا الدعم لا يشمل أي إجراءات استثنائية أو مناقضة للحريات العامة وحقوق الإنسان».

في المقابل، اتهم المرشد العام للإخوان، محمد بديع، السيسي بارتكاب مجازر «لم نر مثلها إلا على يد الصهاينة الأعداء الألداء، وأيضا على يد عملائهم الخونة». وقال عن السيسي إنه «تفوّق على فرعون الذي كان يقتل الأبناء ويستحي النساء، بعدما قام السيسي وجنوده بقتل الكل». وأضاف إن «المعركة الآن تدور بين الحق والباطل»، وإن الخيار بات بين «إما حكم الحرية والديموقراطية والكرامة التي تحملنا فيها لمدة سنة كاملة اتهامات باطلة، وبذاءات وحرقاً وتدمير ممتلكات وتضليلا إعلاميا أساء استخدام حريته، ولم يسجن أحد ولم يدافع عنا حتى واحد، وإما البديل الآن قتل ودماء وصوت واحد وتكميم أفواه وإغلاق قنوات وتلفيق تهم، وسجن واعتقال لقيادات إسلامية وسياسية».

وأشار المرشد إلى «الأصابع الصهيونية باللعب في دول الربيع العربي بنفس السيناريو الذي جربوه في مصر، وظنوا أنه يحقق إسرائيل الكبرى»، مشيرا إلى أنهم «يسلطون بعض القتلة في ليبيا وتونس ليغتالوا نشطاء سياسيين معارضين للتيار الإسلامي، وبعدها مباشرة يبدأ حرق المقارّ ومحاولات إبعاد الإسلاميين وإحلال غيرهم مكانهم».

وفي ظل هذه الأجواء المشحونة، وجه رئيس حزب مصر القويةعبد المنعم أبو الفتوح، نداءً إلى المعتصمين في ميداني رابعة العدوية والنهضة بالاحتكام إلى المنافسة السياسية، لأن الموضوع ليس معركة بين الإسلام والكفر.

وفي سيناء، أعلن مصدر أمني مقتل عشرة مسلحين «ارهابيين وإلقاء القبض على عشرين آخرين في الـ 48 ساعة الاخيرة في شمال سيناء، بحسب ما نقلت وكالة انباء الشرق الاوسط».

قراءة 1966 مرة