المجيء بالحسنة والسيئة وجزاؤه

قيم هذا المقال
(0 صوت)
المجيء بالحسنة والسيئة وجزاؤه

 
﴿مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزی‌ إِلاَّ مِثْلَها وَهُمْ لا يُظْلَمُون﴾([1]).

إشارات:
‏- يستفاد من کلمة "جاء" أنّ الثواب والعقاب المطروحين في الآية الکريمة يتعلّقان بموضوع محکمة يوم القيامة. وإلّا فما أکثر السيئات التي تمحی بالتوبة، أو تتحوّل إلی حسنات، «يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ»([2])، أو يُصفح عنها، «ويَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ»([3])، وما أکثر الحسنات التي تمحی أو تحبط بسبب الرياء والعجب أوالسيئات الأخری. إذن، المعيار هو ذلک العمل الذي يؤتی به إلی ساحة يوم القيامة، «مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ... ومَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ«.
‏- علی الرغم من أنّ الآية تتعلّق بالعمل الصالح والعمل السيّئ، إلّا أنّه، وطبقاً للروايات، من ينوي العمل الخيّر في ضميره، له أجره، ومن يقصد الشرّ ولکن لم يصل إلی مرحلة الفعل، فلا شيء عليه، وهو من فضل الله علی عباده.
‏- ورد في الروايات: من صام ثلاثة أيّام في الشهر، فقد صام الشهر کلّه، لأنّ ثواب کلّ يوم بعشر أمثاله، «عَشْرُ أَمْثَالِهَا«.
‏- إنّ ثواب عشر أمثال العمل المذکور في الآية الکريمة عبارة عن الحدّ الأدنی للثواب، فثواب بعض الأعمال، وفي ظروف معيّنة، قد يصل إلی ٧٠٠ ضعف، بل هناک أعمال صالحة لها ثواب بغير حساب.
‏- إنّ ثواب العشر أمثال الإلهي، واحد منه أجر، والباقي عبارة عن فضل من الله ومنّة، «لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ ويَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ»([4]).
‏- سؤال: إذا کانت عقوبة المذنب علی قدر الذنب الذي ارتکبه، فکيف نفسّر، إذن، کفّارة إفطار اليوم الواحد من شهر رمضان بستين يوماً؟
‏الجواب: المراد بکلمة "مثل" في الآية ليس هو المساواة العددية بين المعصية والعقوبة، بل هو النوع والطريقة، فأهميّة صيام اليوم الواحد من شهر رمضان تعادل ستين يوماً في غير هذا الشهر. فأهمية وفضل ليلة القدر، علی سبيل المثال، يعادل ألف شهر. فالمسألة تتعلّق بتوضيح الأهمية لا التفوّق العددي.

التعاليم:
‏١- الثواب عشر أمثال العقاب في النهج التربوي الإسلامي، «عَشْرُ أَمْثَالِهَا«.
‏٢- مضاعفة الثواب ليست ظلماً، بل الظلم هو تجاوز العقوبة للحدود، «فَلَا يُجْزَی إِلَّا مِثْلَهَا وهُمْ لَا يُظْلَمُونَ«.
‏٣- في الثواب يتعامل الله تعالی بالفضل، وفي العقوبة بالعدل، «عَشْرُ أَمْثَالِهَا... إِلَّا مِثْلَهَا«.
‏٤- عمل الإنسان يتبعه دائماً وحيثما ذهب، «مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ... ومَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ«.
 
سماحة الشيخ محسن قراءتي، تفسير النور

([1]) سورة الأنعام: 160.
([2]) سورة الفرقان، الآية ٧٠.
([3]) سورة المائدة، الآية ١٥.
([4]) سورة النساء، الآية ١٧٣.

 

قراءة 587 مرة