
emamian
قائد الثورة الاسلامية مخاطبا ترامب: استمر في أحلامك!
قال قائد الثورة الإسلامية آية الله السيد علي الخامنئي، تعليقا على تصريحات الرئيس الأمريكي خلال زيارته إلى الأراضي المحتلة، إن ترامب قال بفخر إن بلاده «قامت بقصف وتدمير المنشآت النووية الإيرانية»، مضيفاً ردّاً على ذلك: «حسناً، استمر في أحلامك!».
واضاف سماحته خلال لقائه صباح اليوم بالأبطال الرياضيين والفائزين في الأولمبيادات العلمية الدولية: «كل ما تقومون به يُنسب إلى إيران وإلى الشعب الإيراني، وهذا العلم الذي رفعه أبطالنا له قيمة كبيرة. كما أن سجدة الشكر والدعاء الذي يؤديه الرياضي الإيراني بعد الفوز يمثل رمزاً جميلاً للشعب الإيراني».
وأشار قائد الثورة إلى أهمية دعم الطاقات الشابة قائلاً: «هؤلاء الشباب المشاركون في الأولمبيادات العلمية هم اليوم نجوم لامعة، لكنهم بعد عشر سنوات سيكونون شموساً ساطعة إذا واصلوا العمل والاجتهاد. إنني أؤكد على المسؤولين ألا يتركوا هؤلاء الشباب، وألا يكتفوا بما تحقق حتى الآن، بل أن يهيئوا لهم سبل التقدم المستمر».
وأضاف: «إن النجم إذا واصل طريقه، سيصبح بعد عشر سنوات شمساً تنير الطريق للآخرين، ومن خلالهم يمكن إنجاز أعمال كبيرة».
*الانجازات العملية والرياضية تحمل قيمة إضافية، لأنها تأتي في سياق الحرب الناعمة
وأشاد سماحته بالرياضيين والعلماء الإيرانيين الفائزين بالميداليات، قائلاً: «أنتم أسعدتم الشعب، سواء في الميادين الرياضية أو العلمية. الشباب بهذه الجهود يبعثون الحماس في الشعب. الميداليات التي حققتموها في الأشهر الماضية ليست ميداليات عادية، بل تحمل قيمة إضافية، لأنها تأتي في سياق الحرب الناعمة، حيث يسعى العدو لإحباط الشعب وإضعاف قدراته».
وأضاف: «بنجاحكم في هذه الميداليات، قدمتم ردّاً عملياً على أعداء إيران، وأظهرتم قدرات شبابنا وقوة الشعب الإيراني. لذلك، يمكن اعتبار هذه الميداليات ذات قيمة مضاعفة».
وأشار إلى التطورات الملفتة في الرياضة بعد الثورة، مؤكداً أن «الإنجازات الحالية للشباب في المصارعة، والكرة الطائرة، وبعض الرياضات الأخرى لم تكن موجودة سابقاً، وهذه القدرة على المنافسة العالمية لم تكن متاحة قبل الثورة».
وأكد قائد الثورة على أهمية دعم الشباب المشاركين في الأولمبيادات العلمية قائلاً: «كل ما تقومون به يُسجّل باسم إيران وباسم الشعب. هذا العلم الذي رفعتموه، والسجود والدعاء الذي يؤديه الرياضي بعد الفوز، كل ذلك رمز قيم للأمة الإيرانية. هؤلاء الشباب هم اليوم نجوم لامعة، وبعد عشر سنوات سيكونون شموساً إذا واصلوا العمل والاجتهاد. أنا أؤكد على المسؤولين ألا يتركوا هؤلاء الشباب، وألا يكتفوا بما تحقق حتى الآن».
*الشباب كانوا السبّاقين في ابتكار الاستراتيجيات العسكرية خلال الحرب المفروضة
وتطرّق إلى تاريخ إيران في الحرب المفروضة (ثماني سنوات)، مشيراً إلى أن الشباب كانوا السبّاقين في ابتكار الاستراتيجيات العسكرية، وهو ما مكّن إيران من التفوق على العدو رغم الإمكانات المحدودة، قائلاً: «اليوم، شبابنا في المراكز البحثية يتصدرون العالم في مجالات نانو، والليزر، والبرنامج النووي، والصناعات العسكرية، والأبحاث الطبية المهمة».
*الإنجازات العلمية والرياضية تمثل قوة الشعب وقدرته على مواجهة التحديات
وشدّد سماحته على أن الإنجازات العلمية والرياضية للشباب ليست مجرد ميداليات أو جوائز، بل تمثل قوة الشعب وقدرته على مواجهة التحديات، وهي رسالة قوية للأعداء: «في كل ميدان، سواء الحرب المادية أو العلمية، شباب إيران هم الطليعة الذين يحققون الانتصارات».
وأكّد قائد الثورة الإسلامية، خلال حديثه عن تصريحات الرئيس الأمريكي في زيارته إلى الأراضي المحتلة، أن ترامب قال بفخر إن بلاده «قامت بقصف وتدمير المنشآت النووية الإيرانية»، مضيفاً ردّاً على ذلك: «حسناً، استمر في أحلامك!».
وأوضح قائد الثورة الإسلامية أن هناك تصريحات مسيئة طالت إيران خلال هذه الأيام، ولا يمكن السكوت عنها، مشيراً إلى أن رئيس أمريكا أثناء زيارته إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة أطلق حفنة من الكلام الفارغ وبأسلوب مبتذل في محاولة لمنح الصهاينة اليائسين بعض الأمل ورفع معنوياتهم.
الصهاينة وخلال حرب الـ12 يوما تلقوا صفعة لم يتوقعوها
وقال سماحته إن تحليله لزيارة الرئيس الأمريكي وما صدر عنه من أقوال وأفعال هو أن هؤلاء يأسوا. وأضاف أن الصهاينة تلقوا صفعة خلال «حرب الـ12 يوماً» لدرجة لم يتوقعوها ولم يعتادوا عليها، فأصابهم اليأس، فقام بالزيارة لإعادة بثّ الروح في نفوسهم وإخراجهم من حالة الإحباط .
قدرة الصواريخ الإيرانية أذهلت العدو
وفي جزء آخر من كلمته، أشار سماحته إلى التصريحات الفارغة الأخيرة لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية حول المنطقة وإيران العزيزة: «الرئيس الأمريكي، خلال زيارته إلى فلسطين المحتلة، حاول من خلال حفنة من الكلمات السخيفة والمليئة بالابتذال أن يبث الأمل في نفوس الصهاينة المحبطين ويمنحهم المعنويات».
وأضاف سماحته أن الصفعة المدوية التي وجهتها الجمهورية الإسلامية الإيرانية للكيان الصهيوني خلال الحرب التي استمرت 12 يومًا كانت السبب في إحباطهم، قائلاً: «لم يكن الصهاينة يتوقعون أن تتمكن الصواريخ الإيرانية بلهيبها ونيرانها من اختراق أعماق مراكزهم الحساسة والمهمة وتدميرها وتحويلها إلى رماد».
وأكد الإمام الخامنئي أن إيران «لم تشترِ الصواريخ من أحد ولم تستأجرها، بل هي من صنع أيدي شبابها وهي تحمل هويتهم الوطنية»، مضيفًا: «حين يدخل الشاب الإيراني الميدان ويعمل بجدٍّ لتأمين البنى التحتية العلمية، فإنه قادر على تحقيق إنجازات عظيمة كهذه».
وشدد سماحته على أن «هذه الصواريخ هي من إعداد قواتنا المسلحة وصناعاتنا العسكرية، وقد استُخدمت بالفعل، وما زالت موجودة، وإذا اقتضت الضرورة فسيُعاد استخدامها في الوقت المناسب».
وبعد تلخيصه لأسباب التصريحات الفارغة لترامب — التي وصفها بأنها مجرد كلمات تافهة وتصرفات هزلية هدفها رفع معنويات الصهاينة — تطرق الإمام الخامنئي إلى بعض مزاعمه، وقال: «في حرب غزة، كانت الولايات المتحدة بلا شك الشريك الرئيس في جرائم الكيان الصهيوني، كما اعترف الرئيس الأمريكي نفسه حين قال: نحن كنا نعمل مع هذا الكيان في غزة». وأضاف: «حتى لو لم يقل ذلك، فالأمر واضح، لأن القنابل والذخائر التي أُلقيت على رؤوس الشعب الأعزل في غزة كانت أمريكية الصنع».
*امريكا هي الارهابي الحقيقي
ووصف سماحته ادعاء ترامب بأن أمريكا تحارب الإرهاب بأنه «أحد أكاذيبه الصريحة»، قائلاً: «أكثر من عشرين ألف طفل ورضيع استُشهدوا في حرب غزة، فهل كانوا إرهابيين؟ الإرهابي الحقيقي هو أمريكا التي أنشأت تنظيم داعش وأطلقت شروره في المنطقة، ولا تزال تحتفظ ببعض عناصره لتستخدمهم متى شاءت».
وأشار الإمام الخامنئي إلى مقتل نحو 70 ألف إنسان في حرب غزة واستشهاد أكثر من ألف إيراني في الحرب التي استمرت 12 يومًا، معتبرًا ذلك «دليلًا واضحًا على الطبيعة الإرهابية لأمريكا والكيان الصهيوني». وأضاف: «إنهم، إلى جانب قتلهم الأعمى للمدنيين، اغتالوا علماءنا مثل طهرانجي وعباسي، وتفاخروا بهذه الجرائم، لكن عليهم أن يعلموا أنهم لا يستطيعون اغتيال العلم نفسه».
وتابع سماحته بالإشارة إلى تصريحات ترامب التي تباهى فيها بقصف الصناعة النووية الإيرانية مدعيا أنه دمّرها، فقال: «لا بأس، استمر في أحلامك، لكن من أنتم أصلًا حتى تُمليوا ما يجب وما لا يجب على دولة تمتلك صناعة نووية؟ ما علاقة هذا الأمر بأمريكا؟ امتلاك إيران لصناعة نووية شأن داخلي، وهذه التدخلات تعسفية وخاطئة ومتغطرسة».
كما أشار الإمام الخامنئي إلى المظاهرات الواسعة التي خرج فيها سبعة ملايين شخص ضد ترامب في الولايات والمدن الأمريكية المختلفة، قائلاً: «إذا كنتم تملكون هذه القوة التي تدّعونها، فأوقفوا أكاذيبكم وتدخلاتكم في شؤون الدول الأخرى، بدلًا من بناء قواعد عسكرية هنا وهناك، واهتموا بتهدئة ملايين المواطنين الغاضبين في بلادكم وإعادتهم إلى بيوتهم».
وأكد سماحته أن «الولايات المتحدة هي الإرهابي الحقيقي ومظهر الإرهاب في العالم»، واعتبر ادعاء ترامب بأنه «يدعم الشعب الإيراني» كذبا صريحا، موضحا: «العقوبات الثانوية الأمريكية، التي ترافقها دول كثيرة خوفًا من واشنطن، موجّهة ضد الشعب الإيراني نفسه، ولذلك أنتم أعداء الشعب الإيراني، لا أصدقاؤه».
وأشار قائد الثورة إلى ما قاله ترامب عن «استعداده للصفقة»، وأضاف: «يقول: أنا رجل صفقات، ولكن عندما تكون الصفقة مقرونة بالإكراه وتكون نتيجتها محسومة سلفًا، فهي ليست صفقة بل فرض وإملاء، والشعب الإيراني لن يخضع لأي إملاء».
كما علّق على تصريحات ترامب بشأن «الموت والحروب في منطقة غرب آسيا أو ما يسمونه الشرق الأوسط»، فقال: «أنتم من يشعل الحروب، فأنتم صُنّاعها الحقيقيون. أمريكا ليست فقط دولة إرهابية، بل دولة تشعل الحروب أيضا. وإلا، فما الحاجة إلى كل هذه القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة؟ ماذا تفعلون هنا؟ هذه المنطقة تخص شعوبها، والحروب والموت فيها إنما هي نتيجة مباشرة لوجودكم».
وفي ختام كلمته، وصف اية الله خامنئي مواقف الرئيس الأمريكي بأنها «خاطئة وفي كثير من الأحيان كاذبة وتعبر عن غطرسة»، مؤكداً: «قد تؤثر هذه الغطرسة على بعض الدول، لكنها، بفضل الله تعالى، لن تؤثر أبدا في الشعب الإيراني».
وفي ختام المراسم، قدّم فريق الناشئين للرياضة البهلوانية الإيرانية عرضًا من حركات هذا الفن الرياضي، نال إعجاب قائد الثورة وإشادته.
علاج السرطان وألزهايمر قريباً بتقنية الموجات فوق الصوتية
كشفت دراسة حديثة استخدام الموجات الصوتية بترددات تفوق قدرة السمع البشري بشكل روتيني في الرعاية الطبية، قد يستفيد منها قريباً المرضى الذين يعانون من أمراض مثل السرطان والتنكس العصبي أو ألزهايمر، بعد تطوير هذه التقنية، وفقاً لما جاء في تقرير لموقع Science Alert.
تُعرف هذه الموجات أيضاً بالموجات فوق الصوتية، وهي تُساعد الأطباء على تشخيص الأمراض ومراقبتها.
على مدار السنوات القليلة الماضية، شهدت هذه التقنية تقدماً واستخداماً ملحوظين في العيادات الطبية. ويواصل الباحثون اكتشاف طرق جديدة لاستخدام الموجات فوق الصوتية المركزة لعلاج الأمراض المستعصية.
تاريخ موجز للموجات فوق الصوتية المركزة
تُولَّد الموجات فوق الصوتية باستخدام مسبار يحتوي على مادة تُحوِّل التيار الكهربائي إلى اهتزازات، والعكس صحيح. عند مرور الموجات فوق الصوتية عبر الجسم، تنعكس عن حدود أنواع مختلفة من الأنسجة. يرصد المسبار هذه الانعكاسات ويحولها مرة أخرى إلى إشارات كهربائية يمكن لأجهزة الكمبيوتر استخدامها لإنشاء صور لتلك الأنسجة.
قبل أكثر من 80 عاماً، وجد العلماء أنّ تركيز هذه الموجات فوق الصوتية في حجم بحجم حبة أرز تقريباً يمكن أن يُسخِّن أنسجة الدماغ ويُدمِّرها. ويُشبه هذا التأثير تركيز ضوء الشمس باستخدام عدسة مكبرة لإشعال ورقة جافة.
بدأ الباحثون الأوائل في اختبار كيفية استخدام الموجات فوق الصوتية المركزة في علاج الاضطرابات العصبية والألم، وحتى السرطان.
ثم حقق الباحثون نجاحاً ملحوظاً في علاج حالة تُسمى "الرعشة الأساسية"، والتي تؤدي إلى ارتعاش لا إرادي، عادةً في اليدين. وتُجرى الآن علاجات الموجات فوق الصوتية المركزة لـ"الرعشة الأساسية" بشكل روتيني في العديد من المواقع حول العالم. وبعض التطبيقات الأكثر إثارة للموجات فوق الصوتية المركزة تشمل تحسين توصيل الأدوية إلى الدماغ، وتحفيز الاستجابات المناعية ضد السرطان، وعلاج أمراض نادرة في الجهاز العصبي المركزي.
توصيل الأدوية إلى الدماغ
يُعد الحاجز الدموي الدماغي الحل الأمثل الذي توصل إليه التطور لإبعاد المواد الضارة عن هذا العضو الحيوي. يتكون الحاجز الدموي الدماغي من خلايا مترابطة بإحكام تُبطن الأوعية الدموية من الداخل.
يسمح الحاجز الدموي الدماغي فقط بدخول أنواع معينة من الجزيئات إلى الدماغ، مما يحميه من مسببات الأمراض والسموم. ومع ذلك، يُمثل الحاجز الدموي الدماغي مشكلةً في علاج الأمراض لأنه يمنع العلاجات من الوصول إلى هدفها المقصود.
قبل أكثر من 20 عاماً، أثبتت دراسات رائدة أنّ إرسال نبضات منخفضة الشدة من الموجات فوق الصوتية المركزة يمكن أن يفتح الحاجز الدموي الدماغي مؤقتاً عن طريق التسبب في تذبذب فقاعات دقيقة في الأوعية الدموية.
يدفع هذا التذبذب جدران الأوعية المحيطة ويسحبها، مما يفتح مساماً صغيرة لفترة وجيزة تسمح للأدوية في مجرى الدم باختراق الدماغ. والأهم من ذلك، أنّ الحاجز الدموي الدماغي لا يفتح إلا عند تطبيق الموجات فوق الصوتية المركزة.
بعد سنوات عديدة من اختبار سلامة هذه التقنية وتحسين التحكم في طاقة الموجات فوق الصوتية، طوّر الباحثون عدة أجهزة تستخدم الموجات فوق الصوتية المركزة لفتح الحاجز الدموي الدماغي للعلاج. وتُجرى حالياً تجارب سريرية لاختبار قدرة هذه الأجهزة على إيصال الأدوية إلى الدماغ لعلاج حالات مثل الورم الأرومي الدبقي، ونقائل الدماغ، ومرض ألزهايمر.
كما أظهرت الدراسات على الحيوانات أنّ استخدام الموجات فوق الصوتية المركزة لفتح الحاجز الدموي الدماغي يُمكن أن يُسهّل إيصال العلاجات الجينية إلى أهدافها المقصودة في الدماغ، مما يفتح الباب أمام اختبار هذه التقنية على البشر.
تحفيز الاستجابات المناعية ضد السرطان
يُوجّه العلاج المناعي للسرطان جهاز المناعة لدى المريض لمُكافحة المرض. ومع ذلك، فإنّ العديد من المرضى - وخاصةً المصابين بسرطان الثدي وسرطان البنكرياس والورم الأرومي الدبقي - يُعانون من أورام "باردة" مناعياً، أي أنها لا تستجيب للعلاجات المناعية التقليدية.
واكتشف الباحثون أنّ الموجات فوق الصوتية المُركزة يُمكنها تدمير الأورام الصلبة بطرق تُمكّن الجهاز المناعي من التعرّف على الخلايا السرطانية وتدميرها بشكل أفضل.
إحدى طرق تحقيق ذلك هي تحويل الأورام إلى بقايا تتدفق إلى العقد الليمفاوية. بمجرد أن تُواجه الخلايا المناعية في العقد الليمفاوية هذه البقايا، يُمكنها بدء استجابة مناعية مُخصصة ضد السرطان.
علاج الأمراض النادرة بالموجات فوق الصوتية المركزة
ركزت أبحاث الموجات فوق الصوتية المركزة بشكل أساسي على أكثر الأمراض انتشاراً وتدميراً، مثل السرطان ومرض ألزهايمر.
كما أنّ التشوهات الكهفية الدماغية (CCMs) هي آفات في الدماغ تحدث عندما تنمو الخلايا المكونة للأوعية الدموية بشكل غير منضبط. على الرغم من ندرة حدوثها، إلا أنها عندما تنمو وتنزف، يمكن أن تسبب أعراضاً عصبية منهكة.
العلاج الأكثر شيوعاً للتشوهات الكهفية الدماغية هو الاستئصال الجراحي لآفات الدماغ؛ ومع ذلك، تقع بعض هذه التشوهات في مناطق من الدماغ يصعب الوصول إليها، مما يزيد من خطر حدوث آثار جانبية. ويُعد الإشعاع خياراً علاجياً آخر، ولكنه يمكن أن يؤدي أيضاً إلى آثار جانبية خطيرة.
العلاج بالموجات فوق الصوتية المركزة بحد ذاته يمكن أن يوقف نمو التشوهات الكهفية الدماغية لدى الفئران، حتى من دون إعطاء دواء.
دهون صحية مفيدة.. ما المؤذي منها لجسمنا؟
الدهون الأحادية غير المشبعة والدهون المتعددة غير المشبعة، بما في ذلك أحماض أوميغا 3 وأوميغا 6 الدهنية، هي دهون صحية.
وتُعد الأسماك الدهنية وزيت الزيتون وبذور الشيا من أفضل مصادر الدهون الصحية، ولكن هناك العديد من المصادر الأخرى.
يُعطي تناول الدهون الصحية في الوجبات شعوراً بالشبع، ويُبطئ هضم الكربوهيدرات، ويُضيف نكهة مميزة. كما تُساعد الدهون الصحية على تحسين وظائف الهرمونات، وتحسين الذاكرة، وامتصاص بعض العناصر الغذائية.
وينبغي أن يكون الهدف الرئيس عند تناول الدهون هو التركيز على الصحية منها والحدّ من الدهون غير الصحية، وأيضاً الحرص على تناول الفواكه والخضروات والمكسرات والبذور والحبوب الكاملة الغنية بالفيتامينات والعناصر المغذية والألياف.
وينصح خبراء التغذية، لتقليل الدهون غير الصحية في نظامنا الغذائي، استخدام الزيوت النباتية بدلاً من الزبدة أو الشحوم، وأيضاً استخدام زيت الكانولا للطهي الساخن مثل التحمير أو القلي السريع، وكذلك إضافة الأسماك إلى نظامنا الغذائي، بخاصة الأسماك الدهنية، ومن المفضّل اختيار اللحوم خفيفة الدهن والدواجن منزوعة الجلد، ونزع الدهون المرئية من اللحوم، والدهون والجلد من الدواجن.
ومن النصائح أيضاً تناول مشتقات الحليب قليلة الدسم، وثمار الخضروات والفواكه عندما نشعر بالجوع، والتقليل من كميات الأطعمة المصنَّعة التي تحتوي غالباً على دهون مشبّعة.
ويجب ألا ننسى قراءة ملصقات الأطعمة المصنعة خفيفة الدهن أو منزوعة الدهن، إذ قد تحتوي على كميات كبيرة من السكريات المضافة والصوديوم المضاف (الملح).
12 طعاماً غنياً بالدهون يجب تناولها
في ما يلي قائمة بالأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون
- الأفوكادو: هذه الفاكهة الكريمية الغنية بالعناصر الغذائية مليئة بالدهون الأحادية غير المشبعة، والتي تخفض مستويات الكوليسترول في الدم، كما أنها تقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب. إضافة إلى ذلك، تعد الأفوكادو مصدراً غنياً بالألياف والفيتامينات ومضادات الأكسدة، ما يجعلها إضافة متعددة الاستخدامات ومغذية لأي نظام غذائي.
- الزبادي كامل الدسم: على عكس الاعتقاد السائد، فإن الزبادي كامل الدسم لبن رائب يمكن أن يكون خياراً صحياً، على عكس نظرائه قليل الدسم، يحتوي الزبادي كامل الدسم على البروبيوتيك المفيد وهو غني بحمض اللينوليك المترافق (CLA)، وهي دهون قد تساعد في إدارة الوزن وتقليل الالتهاب.
- بذور الشيا: تعد مصدراً ممتازاً للأحماض الدهنية "أوميغا-3"، فهي تعزز صحة الدماغ ووظائف القلب وتقلل الالتهابات. تحتوي هذه البذور الصغيرة على ألياف وبروتينات وعناصر غذائية أساسية أخرى، مما يجعلها مصدراً قوياً للتغذية.
- الأسماك الدهنية: تشتهر الأسماك الزيتية (السلمون والماكريل والسردين) بمحتواها العالي من أحماض "أوميغا-3" الدهنية. تعمل هذه الدهون الصحية على خفض ضغط الدم وخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
- الشوكولاتة الداكنة: يمكن أن تكون الشوكولاتة الداكنة، إذا تم تناولها باعتدال، مصدراً صحياً للدهون. هذه الحلوى اللذيذة غنية بالدهون الأحادية غير المشبعة وتحتوي على مضادات الأكسدة التي قد تحمي القلب وتحسن حساسية الأنسولين.
- زيت جوز الهند: أصبح زيت جوز الهند شائعاً بسبب سلسلته المتوسطة الفريدة الثلاثية MCTs التي قد تفيد عملية التمثيل الغذائي وإدارة الوزن. كذلك يحتوي زيت جوز الهند على نسبة وفيرة من حمض اللوريك، المعروف بخصائصه المضادة للميكروبات وقد يدعم وظيفة المناعة.
- المكسرات: من اللوز إلى الجوز، تعد المكسرات مصدراً غنياً بالدهون الصحية والألياف ومجموعة متنوعة من الفيتامينات والمعادن الأساسية. يمكن أن يؤدي تناول المكسرات بانتظام إلى تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري من النوع 2 وأنواع معينة من السرطان.
- البيض: من العناصر الغذائية القوية، فهو غني بالبروتينات ويحتوي على العديد من الدهون المفيدة، بما في ذلك الكوليسترول، الذي يلعب دوراً حاسماً في إنتاج الهرمونات وصحة الدماغ.
- زيت الزيتون: يحتوي على نسبة عالية من الدهون الأحادية غير المشبعة، ويمكن أن يخفض مستويات الكوليسترول الضار LDL ويقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب.
- الزيتون: مثل زيته، يعتبر مصدراً غنياً بالدهون الأحادية غير المشبعة ويحتوي على مضادات الأكسدة المختلفة التي قد تحمي من الالتهابات والإجهاد التأكسدي.
- البذور: من بذور الشيا إلى بذور الكتان إلى بذور القنب، تعد البذور إضافة متعددة الاستخدامات وغنية بالعناصر الغذائية لأي نظام غذائي. فهي تحتوي على دهون صحية وألياف وفيتامينات ومعادن أساسية.
- الجبن: على رغم أن الجبن يرتبط غالباً بالدهون المشبعة، إلا أنه يمكن أن يكون جزءاً من نظام غذائي صحي عند تناوله باعتدال. بعض أنواع الجبن، مثل جبن الماعز والفيتا، غنية بالأحماض الدهنية المفيدة وقد تدعم صحة العظام.
اقرأ أيضاً: كيف تتخلّص من "الدهون الحشوية" لتحمي صحتك وتُطيل عمرك؟
ما هي كمية الدهون التي يجب أن أستهلكها في نظام غذائي صحي؟
يعتمد تناول الدهون الموصى بها يومياً على عمر الفرد ومستوى نشاطه وصحته العامة، ومن الضروري التركيز على دمج الدهون الصحية غير المشبعة في نظامك الغذائي والحد من تناول الدهون المشبعة والدهون المتحولة.
هل يمكن للأطعمة الغنية بالدهون أن تساعد في إنقاص الوزن؟
على رغم أنه قد يبدو غير بديهي، إلا أن بعض الأطعمة الغنية بالدهون الجيدة تعزز جهود إنقاص الوزن عند تناولها بكميات معتدلة كجزء من نظام غذائي صحي. اتباع نظام غذائي متوازن الأطعمة مثل الأفوكادو والمكسرات والزبادي كامل الدسم غنية بالدهون الصحية والألياف والبروتين، والتي يمكن أن تعزز الشعور بالشبع والرضا، ما يؤدي إلى تقليل تناول السعرات الحرارية وإدارة الوزن بشكل أفضل.
هل هناك أي أخطار مرتبطة بتناول الأطعمة الغنية بالدهون؟
إن تناول كميات زائدة من أي نوع من الدهون، حتى لو كانت دهوناً صحية، يمكن أن يؤدي إلى زيادة الوزن وزيادة خطر الإصابة بحالات صحية مثل أمراض القلب وداء السكري وغيرها.
ويمكن أن تساعدنا استشارة الطبيب في ضمان توازن تناول الدهون وتناسبه مع حاجاتك.
الدهون المهدرجة أو المشبعة جداً تضر بالصحة
توجد دهون مهدرجة في الأطعمة المعالجة التي تخضع للتعديل للحيلولة دون فسادها، ويؤدي تناولها إلى رفع مستوى الكوليسترول وحدوث الالتهاب وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب. ويجب الحرص على قراءة ملصقات المنتجات الغذائية التي نشتريها، وإذا احتوت هذه الملصقات على عبارة "زيت مهدرج جزئياً"، فهذا يعني أن علينا البحث عن خيار أفضل. من الأمثلة على الأطعمة الغنية بالدهون المهدرجة:
- الأطعمة المقلية مثل الدوناتس، البطاطا المقلية.
- المنتجات المخبوزة مثل الكعك والفطائر والبسكويت والبيتزا المجمدة والكوكيز والبسكويت المالح.
وفي ما يتعلق بالدهون المشبعة، فإن الكم المستهلك منها يشكّل أهم عامل مؤثر على الصحة. وقد يؤدي تناول هذه الدهون إلى ارتفاع مستويات الكوليسترول بشكل كبير، ما يسبب تكوّن التراكمات التي تسبب انسداد الشرايين والأوعية الدموية. لكن الدهون المشبعة توجد أيضاً في أطعمة تنطوي على فوائد غذائية مثل مشتقات الحليب كامل الدسم واللحوم الحمراء، ولذا لا بأس بتناول كميات قليلة منها في حال كان الشخص لا يعاني أصلاً من أمراض القلب أو ليست لديه متطلبات غذائية خاصة. من الأمثلة على الأطعمة الغنية بالدهون المشبعة:
- لحوم البقر والضأن ولحم الدجاج مع الجلد، والدهون البقرية (الشحم) والزبدة، والكريما والجبن ومشتقات الألبان الأخرى المصنوعة من الحليب كامل أو قليل الدسم، وبعض الزيوت النباتية (مثل زيت النخيل، زيت بذور النخيل وزيت جوز الهند)، والدهون الأحادية والمتعددة غير المشبعة وكميات محدودة من الدهون المشبعة مفيدة لصحتك.
وتعدُّ الخضراوات والمكسرات والبذور وبعض زيوت الطهي النباتية مصادر غنية بالدهون المفيدة مثل الأحماض الدهنية "أوميغا-3" و"أوميغا-6"، وهي دهون متعددة غير مشبعة ثبت أنها تقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب.
الأطعمة الغنية بالدهون الأحادية
من الأمثلة على الأطعمة الغنية بالدهون الأحادية والمتعددة غير المشبعة:
الأفوكادو، والجوز، وبذور عباد الشمس، وبذور الكتان، وحبوب الصويا، والأسماك الدهنية، والزيوت النباتية مثل زيوت الزيتون والكانولا والفول السوداني والعصفر والسمسم والصويا والذرة وعباد الشمس.
ونصيحة أخيرة، يجب الحرص على الاعتدال في كل ما نقوم به. فصحيح أن بعض الدهون مفيد لصحتنا، لكن الإفراط في تناولها قد يسبب أمراضاً خطيرة.
مصر ترحب باتفاق وقف إطلاق النار بين باكستان وأفغانستان
أصدرت مصر بياناً رحبت فيه باتفاق وقف إطلاق النار بين باكستان وأفغانستان.
وأشار البيان المصري، الذي نشرته وزارة الخارجية والهجرة وشؤون المصريين في الخارج على حسابها في منصة "فيسبوك"، إلى أن "جمهورية مصر العربية ترحب بتوصّل كل من جمهورية باكستان وأفغانستان، يوم الأحد، إلى اتفاق وقف إطلاق النار، وإنشاء آلية تهدف إلى إرساء السلام والاستقرار الدائمين بين البلدين".
وأضاف البيان أن "مصر تتطلّع إلى أن يسهم هذا الاتفاق في وضع حد للتوترات الحدودية بين البلدين وحقن الدماء واستدامة الأمن والاستقرار في المنطقة"، مشدّداً على "ضرورة الارتكاز على الحلول الدبلوماسية والحوار البناء لحل الخلافات".
وختم البيان بالقول إن "مصر تشدّد على دعمها لكل المبادرات والجهود الرامية إلى تسوية النزاعات الإقليمية بالطرق السلمية".
كيف تتحول إلى نظام غذائي خال من منتجات الألبان؟
العصائر الخالية من منتجات الألبان: مثل حليب اللوز أو حليب الصويا، أو تناول الأفوكادو بدلاً من الزبادي، أو تناول زبدة الجوز بدلاً من الكريمة.
الشطائر الخالية من منتجات الألبان: تأكّد من أنّ شطيرتك لا تحتوي على الجبن أو منتجات الألبان، ثُمّ يمكنك إضافة بدلاً منها شرائح الخضار أو الحمص أو شرائح الأفوكادو.
الآيس الكريم الخالي من منتجات الألبان: تصنع العديد من العلامات التجارية الآن آيس كريم مع حليبٍ بديل، مثل حليب اللوز وجوز الهند والشوفان.
أطعمة بديلة لمنتجات الألبان في النظام الغذائي
ثمّة العديد من الأطعمة البديلة لمنتجات الألبان التي يمكن الاعتماد عليها لتلبية احتياجاتك الغذائية، مثل:
بدائل الحليب الخالية من منتجات الألبان: مثل حليب الصويا أو اللوز أو الأرز أو حليب الشوفان، لكنّها تختلف اختلافاً كبيراً في النكهة والعناصر الغذائية.
أطعمة نباتية غنية بالكالسيوم: عصير البرتقال وعصير التوت البري، وحبوب الإفطار، وحليب الصويا، واللفت والكولارد والتوفو.
مصادر لفيتامين د: يحتوي الحليب على فيتامين د الذي يساعد على امتصاص الكالسيوم، وهناك مصادر بديلة أيضاً غنية بفيتامين د، مثل البيض والأسماك الدهنية، والحبوب المدعمة، وزيت كبد الحوت أو بدائل الحليب النباتية المُدعّمة بفيتامين د.
مصادر فيتامين ب2 (ريبوفلافين): الخضروات الورقية والبطاطا الحلوة، والحبوب الكاملة واللحوم.
مصادر الفوسفور: اللحوم أو الأسماك الدهنية أو البقوليات أو الخبز.
مصادر البروتين: الفاصوليا والعدس، والبقوليات والمكسرات، والبذور وحليب الصويا، والبيض.
فيما سبق من مصادر تُغطِّي العناصر الغذائية المتوفرة في الحليب ومنتجات الألبان، خاصةً الكالسيوم وفيتامين د، بما يضمن تلبية احتياجات الجسم من العناصر الغذائية دون أن يلحقه ضرر.
آفَةُ اللِّسَانِ
إنَّ من أخطرِ ما ابْتُلِيَتْ بهِ مجتمعاتُنا عادةُ الشتمِ والسِّبابِ، فقد يتبادلُ النَّاسُ الألفاظَ القبيحةَ لأتفهِ الأسبابِ، فتتفكَّكُ العَلاقاتُ، وتنتشرُ الأحقادُ. غيرَ أنَّ المصيبةَ الأعظمَ حينَ يتجاوزُ بعضُهُم الحدودَ، فيوجِّهُ ألفاظَهُ البذيئةَ نحوَ الدينِ، أو رموزِهِ، أو حتّى الذاتِ الإلهيّةِ المقدَّسةِ.
لقد شدَّدَ الإسلامُ على صونِ اللسانِ، ونهى عنِ التهافُتِ في السِّبابِ، حتّى معَ الأعداءِ، فَعَنْ أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام) أنَّهُ قالَ لأصحابِهِ في صِفِّينَ: «إِنِّي أَكْرَه لَكُمْ أَنْ تَكُونُوا سَبَّابِينَ، ولَكِنَّكُمْ لَوْ وَصَفْتُمْ أَعْمَالَهُمْ وذَكَرْتُمْ حَالَهُمْ، كَانَ أَصْوَبَ فِي الْقَوْلِ وأَبْلَغَ فِي الْعُذْرِ، وقُلْتُمْ مَكَانَ سَبِّكُمْ إِيَّاهُمْ: اللَّهُمَّ، احْقِنْ دِمَاءَنَا ودِمَاءَهُمْ، وأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا وبَيْنِهِمْ، واهْدِهِمْ مِنْ ضَلَالَتِهِمْ، حَتَّى يَعْرِفَ الْحَقَّ مَنْ جَهِلَه، ويَرْعَوِيَ عَنِ الْغَيِّ والْعُدْوَانِ مَنْ لَهِجَ بِه»[1]. وهذا هوَ نهجُ القرآنِ الكريمِ: ﴿وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾[2]، فكيفَ إذا كانَ السَّبُّ مُوَجَّهاً إلى مؤمنٍ أو إمامٍ أو ربِّ العالمينَ؟!
وفي هذا السياقِ يقولُ الإمامُ الخامنئيُّ (دامَ ظلُّهُ): «إنَّ إشاعةَ الإهاناتِ وهتكَ الحُرُماتِ في المجتمعِ، منَ الأمورِ التي يمنعُها الإسلامُ. يجبْ أنْ لا يحدثَ هذا. إنَّ إشاعةَ هتكِ الحُرُماتِ هوَ مخالفٌ للشَّرعِ وللأخلاقِ وللعقلِ السياسيِّ. لا إشكالَ إطلاقاً في النَّقدِ والمخالفةِ والتَّعبيرِ عنِ الآراءِ بجرأةٍ، ولكنْ بعيداً عن هتكِ الحُرُماتِ والإهاناتِ والشَّتمِ والسِّبابِ وما إلى ذلكَ»[3].
وإنَّ جُذورَ هذهِ الظاهرةِ تعودُ إلى أمرَينِ أساسيَّيْنِ:
الأوَّلُ: الجهلُ؛ فالجاهلُ لا يعرفُ عظمةَ اللهِ، ولا يُدركُ فداحةَ الكلمةِ التي يتفوَّهُ بها، بينما المعرفةُ الحقَّةُ تردعُ الإنسانَ عن مثلِ هذا الفعلِ.
والثاني: التَّربيةُ الفاسدةُ؛ إذ ينشأُ الطِّفلُ في بيئةٍ تمتلئُ بالسِّبابِ، فيعتادُ عليهِ حتَّى يُصبحَ جزءاً من شخصيَّتِهِ.
لذلكَ، فإنَّ مواجهةَ هذهِ الآفَةِ لا تكونُ إلَّا برفعِ مستوى الوعيِ، وتعزيزِ الثقافةِ الدِّينيَّةِ، وترسيخِ معنى الرَّقابةِ الإلَهِيَّةِ في النُّفوسِ. كما يجبُ على الأسرةِ والمدرسةِ والمجتمعِ أنْ يُوفِّروا بيئةً تربويَّةً صالحةً، وأنْ يُبعدوا الشَّبابَ عن رفقةِ السُّوءِ التي تُجرِّئُهُم على مثلِ هذهِ الأفعالِ. ثمَّ يأتي دورُ الأمرِ بالمعروفِ والنَّهيِ عنِ المنكرِ ليُحاصرَ هذهِ العادةَ القبيحةَ، ويمنعَها منَ التَّغلغُلِ في النُّفوسِ.
يقولُ اللهُ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾[4]. فمَنْ أرادَ النَّجاةَ لنفسِهِ وأهلِهِ، فليحفَظْ لسانَهُ، وليعلِّمْ أبناءَهُ أنَّ الكلمةَ إمَّا أنْ ترفعَ الإنسانَ عندَ اللهِ، أوْ أنْ تَهويَ بهِ إلى دَرَكاتِ الهلاكِ.
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين
[1] السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، ص323، الخطبة 206.
[2] سورة الأنعام، الآية 108.
[3] من كلامٍ له (دام ظلّه)، بتاريخ 10/03/2011م.
[4] سورة التحريم، الآية 6.
ما هي الرؤية الإسلاميّة في تربية الفتاة؟
لقد جاء الإسلام بنظرةٍ مخالفةٍ لما كانت عليه الجاهليّة تجاه الفتاة والمرأة بشكلٍ عام، حيث كانت النظرة الأساس لها قائمة على اعتبارها موطناً لإشباع الغرائز والشهوات؛ ولذا كانت القبائل الضعيفة ترى البنات مجلبةً للعار، فكانوا يعمدون إلى وأد فتياتهم، وفي ذلك يصوّر القرآن الكريم حال الإنسان آنذاك عندما تولد له أنثى، يقول -تعالى-: ﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِٱلۡأُنثَىٰ ظَلَّ وَجۡهُهُۥ مُسۡوَدّا وَهُوَ كَظِيم ٥٨ يَتَوَٰرَىٰ مِنَ ٱلۡقَوۡمِ مِن سُوٓءِ مَا بُشِّرَ بِهِۦٓۚ أَيُمۡسِكُهُۥ عَلَىٰ هُونٍ أَمۡ يَدُسُّهُۥ فِي ٱلتُّرَابِۗ أَلَا سَآءَ مَا يَحۡكُمُونَ﴾[1].
أمّا في الرؤية الإسلاميّة فالفتيات يتمتّعن بامتيازات خاصّة وتفضيل واضح؛ إذ ذُكرن في الروايات على أنّهنّ أفضل من الأبناء، فعن رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله): «خير أولادكم البنات»[2].
وعن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): «البنات حسنات، والبنون نعمة؛ فالحسنات يُثاب عليها، والنِعم يُسأل عنها»[3].
ومن الخطوات التي رسمها الإسلام في عمليّة حفظ الفتاة وتربيتها، وتبيّن مدى اهتمامه بها، ما يأتي:
1. إنقاذها من ظلم المجتمع
جاء الإسلام فقضى على كافّة أشكال ظلم الفتاة، ولم يكن ذلك ردّة فعل لما حصل في الجاهلية فقط، بل لما تشكّله الفتاة في المستقبل من دور فعّال وكبير في بناء المجتمع وصلاحه، فهي اليوم بنت، وغداً زوجة، وبعده أمّ تربي الأجيال القادمة.
لذا، نرى بأنّ الله -تعالى- وعد بالحساب والمساءلة يوم القيامة على الظلم الذي كان يقع على الفتاة دون وجه حقّ، قال -تعالى-: ﴿وَإِذَا ٱلۡمَوۡءُۥدَةُ سُئِلَتۡ * بِأَيِّ ذَنۢب قُتِلَتۡ﴾[4].
2. الاهتمام بتربيتها تربيةً صالحة
لقد اهتمّ الإسلام بتربية البنات وتعليمهنّ وتثقيفهنّ وتكريمهنّ وغرس الاحترام في نفوسهنّ، فذلك من حقوقهنّ على الوالدين، فعن رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله): «من عال ثلاث بنات أو ثلاث أخوات، وجبت له الجنّة»، فقيل: يا رسول الله، واثنتين؟ قال: «وإن كانتا اثنتين»، فقيل: يا رسول الله، وواحدة؟ فقال: «وواحدة»[5].
وعنه (صلى الله عليه وآله) أيضاً: «من كانت له ابنة فأدّبها وأحسن أدبها، وعلّمها فأحسن تعليمها، فأوسع عليها من نِعَم الله التي أسبغ عليه، كانت له منعة وستراً من النار»[6].
3. إسعادها والرأفة بها
ففي الروايات أنّ الله -تعالى- أرحم بهنّ من الصبيان.
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): «إنّ الله -تبارك وتعالى- على الإناث أرأف منه على الذكور، وما من رجل يُدخل فرحةً على امرأة بينه وبينها حرمة، إلّا فرّحه الله -تعالى- يوم القيامة»[7].
4. إكرامها وتقديرها
الحرص على احترام البنات وتقديرهنّ وإشعارهنّ بالمحبّة والمودّة من قِبل الأبوين، وبالأخصّ من جانب الأب؛ فينبغي له أن يراعي عواطفها ومزاجها ويجنّبها الغضب.
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): «ما أكرم النساء إلّا كريم، وما أهانهنّ إلّا لئيم»[8].
5. مراعاتها والاهتمام بعواطفها
أكثر ما يتحمّل ذلك هو الأب، فينبغي ألّا يخدش عواطفها ويكسر قلبها، وإذا أراد أن يعاقبها فلا بدّ من اتّخاذ الأسلوب الذي يجنّبها الأذى والاضطراب المؤدّي إلى العقد النفسيّة.
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): «نِعْمَ الولد البنات؛ ملطّفات، مجهّزات، مؤنِسات، مباركات، مفليات»[9].
[1] القرآن الكريم، سورة النحل، الآيتان 58-59.
[2] الشيخ الطبرسيّ، مكارم الأخلاق، مصدر سابق، ص219.
[3] الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه، مصدر سابق، ج3، ص481.
[4] القرآن الكريم، سورة التكوير، الآيتان 8-9.
[5] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج6، ص6.
[6] المتّقي الهنديّ، كنز العمال، مصدر سابق، ج16، ص 452.
[7] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج6، ص6.
[8] المتّقي الهنديّ، كنز العمال، مصدر سابق، ج16، ص371.
[9] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج6، ص5.
القيادة في الإسلام ومصادر دراستها
إذا أردنا أن نعرف مدى علاقة الإسلام بالقيادة والإدارة، فلا بدَّ من الإطلاع على مصدرين أساسيين:
1- القراءة العميقة لِسِيَرِ الأنبياء والأولياء
ولا سيما سيرة النبي الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين علي (عليه السلام)، والتعرّف على أساليبهم في هذا الصدد، لندرك مدى تطابقها مع القيادة الحكيمة، ثم نقرأ المنجزات التي توصّلت إليها هذه القيادة، والنجاح الذي حقّقته، لأنّهم المبعوثون من قِبَل الله ويمتلكون مفتاح النجاح، وقد بلغت معرفتهم بالنفس البشرية وطبيعتها القِمَّة والذروة، فمن هنا علينا أن نقرأ قيادة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) للجيش والغزوات والسرايا، كيف كانت إدارته لدفَّة السياسة ونشر الدين، ونقرأ سيرته مع أعداء الدين، وكيف كانت في بيته ومع أسرته و... فإنّ في كلّ خطوةٍ من حياته درساً وعبرة.
وظائف خاصة بالقائد الإسلامي
الترغيب: فالرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول لمعاذ: "... يسّر ولا تعسّر، وبشّر ولا تنفّر..."[1]، "...وصلّوا بهم صلاة أضعفهم..."[2]، أي لا بدّ من تبشير الناس بمزايا الإسلام والثمرات الدنيويّة والأخرويّة، وترغيبهم حتى نكسب قلوبهم، وتكون قيادتهم باللين لا بالعنف وأسلوب الترهيب والتهديد، لأنّ هذا الأسلوب يؤدّي إلى النفرة والابتعاد عن الدين، وكذلك بالنسبة للصلاة بأضعفهم، فإنّه يوجد فيهم المريض وجديد العهد بالصلاة.
الزهد: فإنّ الزهد وإن كان مطلوباً من كلّ مسلم، لكن هناك درجة من الزهد خاصة بالقائد الإسلامي، وأكبرُ شاهدٍ على ذلك ما حصل بين أمير المؤمنين (عليه السلام) وعاصم بن زياد الذي أغرق نفسه بالعبادة وهجر زوجه ولبس الثياب الخشنة: حيث جاء أخوه شاكياً لأمير المؤمنين (عليه السلام): يا أمير المؤمنين أشكو إليك أخي عاصم بن زياد. قال: وما له؟ قال: لبس العباءة وتخلّى عن الدنيا. قال علي (عليه السلام): علي به. فأتى به، فقال له (عليه السلام): يا عدوّ نفسه أما رحمتَ أهلك وولدك؟ أترى الله أحلّ لك الطيبات، وهو يكره أن تأخذها؟ أنت أهون على الله من ذلك. قال: يا أمير المؤمنين هذا أنت في خشونة ملبسك، وجشوبة مأكلك؟ قال: ويحك! إنّي لستُ كأنت، إنّ الله فرض على أئمّة العدل أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس كيلا يتبيّغ بالفقير فقره"[3]، ثم يسعى جاهداً لرفع مستواهم المعيشي إلى أفضل المستويات[4]، وإلا فمن حقّ الفقير أن يثور في وجه الحكومة ويقول بأنّ كل ما يقدّم إليه ليس إلا وعوداً كاذبة.
2- النصوص الإسلامية في القيادة
والمصدر الثاني هو مراجعة النصوص الواردة في القيادة وشروطها في الإسلام، أمثال ما ذكر القرآن الكريم مخاطباً الأنبياء (عليهم السلام) بالعموم والرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) بالخصوص، في كيفيّة تبليغ الرسالة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكيفية تعاملهم مع مجتمعاتهم في شتى مجالات الحياة، وقد استطاع الأنبياء وأولياء الله من جذب النفوس وجعلها تلتفّ حولهم، واستمالتهم للتضحية في سبيل الرسالة، وهذا ما يحتاج إلى قدراتٍ فذّة وكبيرةٍ مكنونة في نفوس هؤلاء القادة العظام، تتوافق مع أعمق الأُسُس النفسيّة والاجتماعية التي توصَّل إليها علما النفس والاجتماع اليوم.
شواهد من تاريخ الإسلام
هذه بعض الشواهد على نفوذ القادة إلى قلوب المؤمنين، بسبب ما يتحلّون به من صفاتٍ ومعرفةٍ بالنفوس البشرية:
1- الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي بدأ يتيماً ووحيداً في نشر الرسالة، وعانى ما عاناه في بداية الدعوة، استطاع أن يستحوذ على القلوب في آخر المطاف، وأحبّه القريب والبعيد وكلّ من عرفه أو تعرّف على صفاته، وقد عبَّر عن ذلك أبو سفيان فقال: "والله ما رأيتُ من قومٍ قطّ أشدّ حبّاً لصاحبهم من أصحابِ محمد"[5].
2- وشاهد آخر هو أبو ذر(رضوان الله عليه) عندما تخلف عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في غزوة تبوك ثلاثة أيام وذلك لأن جمله كان أعجف، فلحق بعد ثلاثة أيام ووقف عليه جمله في بعض الطريق فتركه وحمل ثيابه على ظهره، فلمّا ارتفع النهار نظر المسلمون إلى شخصٍ مقبلٍ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كأنّ أبا ذر، فقالوا: هو أبو ذر، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أدركوه بالماء فإنه عطشان، فأدركوه بالماء، ووافى أبو ذر(رضوان الله عليه) رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومعه إداوة فيها ماء، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يا أبا ذر معك ماء وعطشت؟ فقال: نعم يا رسول الله، بأبي أنت وأمّي، انتهيت إلى صخرةٍ وعليها ماء السماء، فذقته فإذا هو عذب بارد، فقلتُ: لا أشربُه حتى يشربَه حبيبي رسولُ الله (صلى الله عليه وآله وسلم)[6].
وفي غزوة تبوك أيضاً تخلّف عن الغزو ثلاثة حيث كان للعشر من المسلمين بعير واحد يتناوبون عليه، وكان زادهم الشعير المسوّس، والتمر المدوّد، وكان التمر الواحد بينهم يمصها الواحد بعد الواحد، وهؤلاء الثلاثة هم كعب بن مالك، ومرارة بن الربيع، وهلال بن أمية، تخلّفوا عن رسول الله لا عن نفاق، ولكن عن توانٍ، ثمّ ندموا، فلما قدم (صلى الله عليه وآله)، أمرَ أن لا يكلّمهم أحد، فهجرهم الناس حتى نسائهم وأولادهم وكانت زوجاتهم يطهين لهم الطعام ويضعنه أمامهم دون أن ينبثن معهم ببنتِ شفة، فضاقت عليهم المدينة، وخرجوا إلى رؤوس الجبال، فتهاجروا هم أيضاً وتفرّقوا، وبقَوا على ذلك خمسين يوماً، يتوبون إلى الله، فتقبّل الله توبتهم وأنزل فيهم[7]: ﴿وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾[8]، فهذه صورة رائعة حصلت في ظلّ قيادة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)، تكشف عن مدى التفاني والتعلّق بالنبي(صلى الله عليه وآله).
3- كذلك في كربلاء لقد سُطِّرت أروع الصور من التضحية والفداء في سبيل الدفاع عن الإمام الحسين (عليه السلام)، ولأجل الحفاظ على هذا الخط والنهج، صور تكشف لنا عن القيادة الحكيمة التي كان يدير زمامها الإمام الحسين عليه السلام.
[1] - مكاتيب الرسول، ج2، ص589.
[2] - وسائل الشيعة، ج4، ح13.
[3] - المعيار والموازنة، أبو جعفر الإسكافي، ص243.
[4] - ومن هنا يظهر السر في اختلاف سلوك الأئمة الطاهرين من حيث المظهر الخارجي، فلباس أمير المؤمنين (عليه السلام) يختلف عن لباس الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)، فالظروف المعيشية للناس قد اختلفت، والدنيا قد أغدقت نعمها، ويشير إلى هذا المعنى رواية وردت عن الإمام الصادق (عليه السلام).
[5] - بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج20، ص152.
[6] - بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج22، ص429.
[7] - عوالي اللئالي لأبي جمهور الإحسائي، ج7، ص70 بتصرف.
[8] - القرآن الكريم، سورة التوبة:118.
ما هي مقوّمات الحياة الزوجية إسلامياً؟
هناك مقوّمات أساس للوصول إلى الهدف المنشود دينياً من الحياة الزوجية:
1- السكينة والطمأنينة
"فكلّ واحد من الزوجين ناقص في نفسه مفتقر إلى الآخر ويحصل من المجموع "الزوج والزوجة" واحد تامّ من شأنه أن يلد وينسل. ولهذا النقص والافتقار يتحرّك الواحد منهما إلى الآخر حتّى إذا اتّصل به سكن إليه، لأنّ كلّ ناقص مشتاق إلى كماله وكلّ مفتقر مائل إلى ما يُزيل فقره، وهذا هو الشبق المودع في كلٍّ من هذين القرينين"[1].
فالأصل أن يسكن الزوج إلى زوجه، وهذا لا يكون إلا بالانسجام. فمن يطمع بالأنس بمن لا ينسجم معه يكون طامعاً في غير مطمع. وهذا يحتاج إلى رفع العوائق والمنفّرات الّتي تمنع من الانسجام. وهذا يُرجعنا إلى الشعور بالمسؤولية وعدم الاستهانة بالحياة الزوجية، سواء من قِبَل الزوج أو الزوجة، فالانسجام له أسبابه الموضوعية ولا يأتي هكذا من قدرة قادر.
فعلى كلٍّ من الرجل والمرأة أن يُسخّر وقتاً لفهم الآخر، فالأمزجة تختلف، والعادات، والمرتكزات، وأساليب مقاربة الأمور، وكيفية مواجهة الأحداث السارّة أو المحزنة.
والخلاصة: الانسجام الّذي يولّد السكن والاطمئنان والأنس له ثمن ولا يأتي بالمجّان.
2- المودّة
وهي المحبّة المصاحِبة للتعبير الفعليّ.
وأيضاً هذا الأمر لا يتحقّق إلا بالعمل الدؤوب المشتمل على الإحسان إلى الآخر والتضحية في سبيله، والتحمُّل منه، والموافقة، وعدم المنافرة، وعدم التعاكس المستمرّ، والعمل الدائب وبذل قصارى الوسع للوصول إلى الاتّفاق بأسرع وقت ممكن عند الاختلاف في الرأي وعدم إطالة فترة المنازعة والاختلاف، فإنّه مما يُمرض المودّة. فينبغي عدم تكثير التنازع وتكراره، فلا نستطيع أن ننفي الاختلاف في الآراء من رأس لأنّه أمر غير ممكن واقعاً، ولكن لا بُدّ من الذكاء والمهارة والفنّ في التعامل للتخطّي السريع والوصول إلى الاتّفاق بسرعة، ولا بُدّ من التغافل عن كثير من صغائر الأمور، فعن إمامنا محمد الباقر(عليه السلام): "صلاح حال التعايش والتعاشر ملء مكيال ثلثاه فطنة وثلثه تغافل"[2].
وتلاحظون هذه الأمور كم هي شاقّة، فيها جهاد للنفس الّذي هو الجهاد الأكبر.
3- الرحمة
من كلٍّ من الرجل والمرأة للآخر. ورحمة كلٍّ منهما لها مواردها الخاصة.
فالرجل يرحم المرأة:
* إذا تسرّعت فيغفر لها، كما ورد في الحديث أنّ من حقّها عليه أن يغفر لها إذا جهلت.
* ويرحم ضعفها إذا قصّرت في القيام ببعض حقوقه.
* ويرحمها في مواطن حاجتها إليه.
والرحمة من لوازمها عدم القسوة والخشونة سواء في الكلام أم في المواقف، فإنّه من المؤسف أن نرى بعض الرجال يستعرض عضلاته، ويختبر قوّته في قبال زوجته.
والمرأة ترحم زوجها:
* عندما تراه منهكاً وتعباً من عناء العمل ومعاركة الحياة، تُبادر إلى التخفيف عنه.
* وعندما تراه مهموماً لتكاليف الحياة الصعبة الّتي تثقل الكاهل.
* وإذا قصّر في قضاء بعض حوائج المنزل لانشغاله في عمله والكدّ على معيشته ومعيشة كلّ العيال.
* وإذا تعسّر عليه عمله وقصّر الإنتاج عن النفقة، تصبر عليه وترحمه ولا تعيّره ولا تجرح شعوره، بل تعينه وتشجّعه وتحثّه على القيام بما يُصلح شأن عمله.
وكلّ هذا يحتاج إلى توفيق من الله تعالى واستعانة به، ودعاء مستمرٍّ بنيّة مخلصة، لكي يجعل الله تعالى البركة في الحياة الزوجية، ويشمل الزوجين بألطافه لكي يقدرا على تحمُّل هذه المسؤولية.
لا تبدأ حياتك الزوجية بالحرام
لكي يُنزل الله تعالى البركة على البيت الزوجيّ يلزم من كلا الزوجين أن يتبعا تعاليم الشرع المبين الّتي توجب الرحمة من الله تعالى، أفلا نقول في الدعاء "اللّهمّ إنّي أسألك موجبات رحمتك"، إذاً للرحمة موجبات ولنزول البركة موجبات، وللتوفيق بين الزوجين موجبات، وكذلك يوجد ما يمنع هذه المعاني كلّها، ويأتي بأضدادها، من الشؤم والنكد، وعدم المحبة والمودّة، وعدم الاتّفاق والانسجام...
والعاقل يتعرّض من بدء حياته الزوجية، من أوّل يوم، بل من أوّل خطوة يخطوها لنفحات الرحمن سبحانه، ولبركاته، وذلك من خلال القيام بالمستحبّات وترك المكروهات، والدعاء للتوفيق..
بينما الجاهل يبدأ من أوّل يوم في حياته الزوجية بالأعراس المحرّمة الّتي تشتمل على الغناء والموسيقى والرقص الّذي يتعدّى فيه الشرع المبين، وباللباس غير المحتشم للنساء مما لا تُسيغه مرتكزاتنا الدينية ولا أخلاقنا الإنسانية.
بالله عليكم أيّ موجبات رحمة يقوم بها مثل هذا.
وأيّ نفحات رحمانية وألطاف إلهية يتعرّض لها؟
وأيّ بركة من هذا الزواج يرجوها وهو يعصي الله تعالى جهاراً.
وفي الرواية: إنّ البيت الّذي يُسمع فيه الغناء لا تدخله الملائكة، ولا يُستجاب فيه الدعوة، ولا يأمن الفجيعة، وإنّ الغناء عشّ النفاق...إلى ما هنالك من مضامين تُشنّع على الغناء وسامعيه.
ويتذرّع الإنسان بكلمات واهية غالباً ينطق بها الشيطان عن لسانه، كأن يقول: هي ليلة في العمر وتمضي!
عجيب، يعني إذا كانت مرّة واحدة يجوز لي أن أعصي؟
وفي الرواية عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): "إذا هممت بسيئة فلا تعملها، فإنه ربما اطلع الله على العبد وهو على شئ من المعصية فيقول: وعزتي وجلالي لا أغفر لك بعدها أبدا"[3].
وإذا كان هذا المنطق سليماً؛ فإذاً يستطيع العبد أن يعصي الله بكلّ المعاصي، ولكن يعصي بكلّ معصية مرّة واحدة والأمر يمضي، يقتل مرة واحدة، يزني مرة واحدة، يسرق مرة واحدة....
هل هذا منطق سليم؟!
أو يقول: إنّ أهل زوجتي، أو إنّ بعض أهلي يريدون أن يفرحوا لنا.
أو إنّ العرف جارٍ هكذا فلا نقدر على مخالفة التقليد.
أو إنّ الناس تعيب علينا وتقول إنّ عرسكم كان مثل مأتم.
أقول: المؤمن لا يفرح بالمعصية بل المعصية هي مأتم وعزاء له، ولا ينبغي لعاقل مؤمن أن تغلبه العادات والأعراف إذا كانت مخالفة لرضا الله تعالى.
ويمكن القيام بمظاهر الفرح، فإنّ الإسلام لم يمنع من الفرح بل أباحه وخصوصاً في الأعراس، غاية الأمر أن لا تُمارس المعاصي بحجّة الفرح.
وهل الفرح لا يكون إلا بمعصية الله؟! هناك أساليب شرعية تُعبّر خير تعبير عن الفرح والسرور.
نسأل الله التوفيق والرحمة والبركة في كلِّ شؤوننا.
[1] - تفسير الميزان، السيّد الطباطبائي، ج 16، ص 166.
[2] - بحار الأنوار، العلّامة المجلسيّ، ج 75، ص 241.
[3] ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج2، ص124.
كيف يبني المؤمن بصيرته؟
هناك عدّة عوامل تسهم في بناء بصيرة الإنسان وتساهم كذلك في زيادة قوّتها وفعاليتها، ومنها:
1- قوّة العقل:
وهذا يحصل أوّلاً وبالذّات بالتعلّم والاستفادة من التجارب، والحجج والبيّنات لإجراء عمليّة التفكّر بالاستفادة من العلم والتجربة. والحقيقة أنّ ما يقوّي العقل هو إدامة التفكّر والتأنّي والتدبّر قبل أيّ عمل وبعده، أمّا قبله لمعرفة عواقبه وإمّا بعده لحفظ التجربة ووعيها للاستفادة منها في المستقبل كتغذية راجعة للعقل والفكر.
ولذا جاء عن الاستفادة من التجربة: "المؤمن لا يلدغ من جحر مرّتين"[1] .
2- التفقّه في الدّين:
عن الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليهما السلام): "تفقهوا في دين الله، فإنّ الفقه مفتاح البصيرة، وتمام العبادة والسبب إلى المنازل الرفيعة، والرتب الجليلة في الدّين والدّنيا، وفضل الفقيه على العابد كفضل الشمس على الكواكب، ومن لم يتفقّه في دينه لم يرض الله له عملاً"[2].
والتفقّه في الدّين معناه معرفة العقائد الحقّة وأدلّتها التي تورث اليقين إضافة إلى تعلّم الأحكام الشرعيّة. فإنّ ذلك يوسّع آفاق الإنسان ويقوّي عقله بقوّة يقينه.
3- المعرفة بالزمان وأهله:
لا شكّ أنّ جهل الإنسان بأخلاق وطبائع وعادات وأعراف أهل زمان ما ومكان ما قد يكون سبباً في انخداع الإنسان، أو تشوّش الصورة عنده، والتباس الأمور عليه، بينما معرفة الإنسان بالنّاس وعاداتهم وثقافاتهم وحتّى مفردات تخاطبهم وأفكارهم ومذاهبهم الفكريّة والسياسيّة والعقائديّة وغير ذلك يحميه من الانخداع، وفي الحديث عن جعفر الصادق عليه السلام: "العالم بزمانه لا تهجم عليه اللوابس"[3].
فاللوابس يقصد بها الأمور المبهمة والملتبسة التي تحصل نتيجة عدم وضوح الرؤية وغياب القدرة على التشخيص، فإذا علم الإنسان بطبيعة الزمان وأهله، أي بالعصر ولغته وثقافته وإيقاعه اتّضحت الرؤية وزال ما يشوب المشهد من ضباب، وانجلت أمام العقل والفكر الصورة.
4- تعويد النّفس على التعامل مع الأدلّة والبراهين:
ذلك أنّ أصحاب البصائر يفترض أن يكونوا أصحاب عقول لا يحكمون إلّا عن دليل ولا يتحرّكون إلّا عن وعي وفهم، ولذا لا يسلّمون ولا يقبلون بكلّ مقولة إلّا بعد الدليل والبرهان، ولذا اشتهر على ألسنة علماء الشيعة وفي مدوّناتهم القول: "نحن أتباع الدليل أينما مال نميل".[4]
5- عدم الانخداع ببريق الأسماء ورنين البيان:
على الإنسان لكي يكتسب البصيرة أن لا يؤخذ بأسماء القائلين ولا بسحر البيان وخصوصاً أساليب الترويج الذي يعتمده الإعلام المضلّل في هذا الزمان. وكلّ ذلك يمكن استفادته ممّا روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: "لا يعرف الحقّ بالرّجال، اعرف الحقّ تعرف أهله"[5].
6- تقوية الصلة بالله تعالى:
إذ إنّ الله تعالى هو مصدر كلّ النّعم ظاهرها وباطنها، صغيرها وجليلها والذي يقوّي صلته به تعالى ويوثّقها يعني أنّه اقترب من مصدر كلّ خير وكلّ نعمة، وممّا لا شكّ فيه ولا ريب أنّ من كان قريباً منه تعالى يفيض الله عليه من بركاته، وليس أفضل من البصيرة معيناً للإنسان في دنياه وفي آخرته، فإنّ الإنسان في الدّنيا بالبصر وفي الآخرة وأمورها بالبصيرة.
ومن جملة تقوية الصلة بالله تعالى، كلّ ألوان العبادة، والدعاء، والمناجاة، والحكيم هو من قرن بين تقوية الصلة به تعالى وطلب أن يكون الأثر هو البصيرة في العبادة وفي غيرها، وهذا ما علّمنا إيّاه الإمام عليّ بن الحسين زين العابدين (عليهم السلام) إذ إنّه كان من دعائه: "اللهمّ وثبّت في طاعتك نيّتي، وأحكم في عبادتك بصيرتي"[6].
[1] بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج 19، ص 346.
[2] بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج 75، ص 321.
[3] الكافي، الشيخ الكليني، ج 1، ص 27.
[4] الانتصار، العاملي، ج1،ص 397.
[5] بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج 40، ص 126.
[6] الصحيفة السجّاديّة، دعاء التوبة، رقم 31.