emamian

emamian

الجمعة, 17 نيسان/أبريل 2020 15:05

يوم ظهور الدين

 

إنّ الله سبحانه أطلع الناس في الدنيا علىٰ ظواهر الدين كلزوم الطاعة واجتناب المعصية، ولكن لم يُشِر الاّ الىٰ شيء يسير من أسرار الدين، كوصفه للغيبة علىٰ لسان الإمام السجّاد(عليه السلام) حيث يقول: «ايّاكم والغيبة فانّها إدام كلاب النار».[1] وفي القيامة تظهر حقيقة وباطن الغيبة وسائر الذنوب، بل جميع حقائق الدين الأعمّ من الجزاء وغيره لانّ عنوان الدين قد استعمل في موارد متعدّدة بمعنىٰ الشريعة الإلٰهيّة والملّة الجامعة للعقيدة والأخلاق والعمل.

 

ولهذا وصف يوم القيامة في القرآن الكريم بأنّه (يوم الدين) كما في قوله تعالىٰ: ﴿وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ٭ يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ ٭ وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ ٭ وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ ٭ ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ ٭ يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّه﴾[2]، ﴿وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِع﴾[3]، ﴿يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّين﴾.[4] فالآيات المذكورة تخبر بأنّ وقوع يوم الدين (القيامة) حتميّ وواقعيّ، وانّ في الدين اضافة الىٰ الجزاء حقائق كثيرة، كالتوحيد والنبوّة والولاية وباطن الناس وباطن التكليف وأسرار العبادات، وفي يوم القيامة يظهر جميع ذلك.

 

والله سبحانه يقول حول ظهور باطن القرآن في يوم القيامة: ﴿يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُه﴾[5] وتأويل القرآن هو حقيقته العينيّة والخارجيّة. فالمعارف الواسعة للقرآن الكريم تظهر في القيامة بدرجة لاتبقي أيّ نحو من الاختلاف والشكّ في جميع الاُمور. فيتبيّن الحكم الحقّ من بين الأحكام المختلفة ويتميّز المذهب الحقّ من بين الملل والمذاهب المتعدّدة، كما لايبقىٰ في ذلك اليوم محلّ للكفر أو الشكّ، وفي الدنيا يمكن أن يلجأ الإنسان إلىٰ المحكمة الإسلاميّة ومع ذلك يرجع معترضاً علىٰ الحكم ويرتاب في أمر القاضي هل انّه حكم عليه بالحق أم بغير حقّ، ولكن في يوم القيامة تُزال جميع الأستار والحجب ولايبقىٰ أيّ مجال للشك عند الجميع.

 

وقد عبّر القرآن الكريم عن حقيقة ظهور جميع معارف وأبعاد الدين في القيامة بعبارة (توفية الدين) فقال: ﴿يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِين﴾.[6] وتوفية الدين الحقّ تعني كشف كلّ أسرار الدين الباطنيّة للجميع. ولو كان الدين بمعنىٰ الجزاء فقط لم يقل في ذيل هذه الآية الكريمة: ﴿وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِين﴾ بل كان يقول بدلاً عن ذلك: «ويعلمون انّ الله هو القهّار المنتقم»، أي يطّلعون في يوم القيامة علىٰ قهر الله وانتقامه. في حين انّ الناس يدركون في يوم القيامة انّ الله كان هو الحقّ الواضح المبين ولكنّهم لم يكونوا يرونه وإن كان الحقّ في الدنيا واضحاً أيضاً، لأنّ الله سبحانه الّذي هو نور السماوات والأرض أي انّ به يتمّ ظهور السماوات والأرض: ﴿اللهُ نُورُ السَّماوَاتِ وَالأَرْض﴾[7] لاحجاب عليه، وحرمان الإنسان من رؤيته، سببه هو الحجاب الّذي يسدله الإنسان علىٰ نفسه.[8]

 

ولذلك يخبر القرآن عن انّ علىٰ عيون الكفّار غطاءً وحجاباً: ﴿الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَن ذِكْرِي﴾[9] وانّ العيون الباطنيّة للبعض عمياء: ﴿لاَ تَعْمَىٰ الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَىٰ الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُور﴾.[10]

 

ويجدر بنا أن نذكّر بهذه الملاحظة القرآنيّة في ختام هذا البحث وهي انّ الإختلاف في الدنيا لاينتهي، وحتّىٰ في زمان ظهور الإمام صاحب العصر (عج) فالإختلاف موجود أيضاً، لأنّ الكفر والنفاق واليهوديّة والنصرانيّة، علىٰ الرغم من اخماد صوتهم واستسلامهم لسلطان الحكومة الإسلاميّة ودفع اليهود والنصارىٰ للجزية، لكن يبقىٰ لديهم نشاط وفعّاليّات تؤدّي في الأخير الىٰ استشهاد الإمام المهديّ (عج) علىٰ يد أعدائه المجرمين.

 

وبقاء اليهود والنصارىٰ الىٰ يوم القيامة يمكن استفادته من بعض آيات القرآن الكريم كقوله تعالىٰ: ﴿فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَة﴾[11]، ﴿وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَة﴾.[12] وعليه فإنّ يوم ظهور المصلح الكبير أيضاً ليس يوماً للظهور التامّ للحقّ، بل انّ التوفية الكاملة من قبل الله لجميع حقائق الدين لاتتمّ الاّ في عرصة القيامة وحدها، وبنحو يرىٰ فيه الجميع الحقّ جليّاً وواضحاً.

 

آية الله الشيخ جوادي آملي

 

[1] . البحار، ج72، ص256.

[2] . سورة الانفطار، الآيات 14 ـ 19 فالناس في الدنيا يعملون امّا علىٰ أساس (العلاقات) أو طبقاً (للقوانين). أمّا في القيامة فلا القوانين والمقرّرات تنفع (عمل الإنسان لنفسه) ولا العلاقات (عمل الآخرين للإنسان).

فالقرآن يخبر عن انقطاع القوانين بقوله تعالىٰ: ﴿تَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَاب﴾ (سورة البقرة، الآية 166) ففي الدنيا وطبقاً لنظام العلّة والمعلول فإنّ الجائع يشبع بالطعام والظمآن يرتوي بالماء، لكن هذه الأسباب تنقطع يوم القيامة، ولذلك فلا سبيل لرفع الجوع والعطش في ذلك اليوم. وحول انقطاع العلاقات يقول أيضاً انّ النسب ينتهي دوره بعد نفخ الصور ﴿فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُم﴾ (سورة المؤمنون، الآية 101) فالكل يخرج من التراب وقد طويت صفحة الأنساب والعلاقات، وإذا كان الأخ في الدنيا يحلّ مشكلة أخيه أو الأب يحلّ مشاكل اُسرته، فإنّه في القيامة ينتقض نسيج العلاقات: ﴿لاَ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّة﴾ (سورة البقرة، الآية 254)، فلا معاملة أو عقد ينفع ولا صديق أو خليل يشفع. ولا أحد يملك في ذلك اليوم شيئاً والأمر بيد الله وحده.

نعم الشفاعة أمر ثابت وحق ولكن التمهيد لها يتمّ في الدنيا، فمن هيّأ في الدنيا أسباب سعادة الآخرة جنىٰ في القيامة ثمار عمله، امّا إذا لم يكن له في الدنيا علاقة بشفعاء الآخرة ففي القيامة لايمكنه الاستعانة بهم.

[3] . سورة الذاريات، الآية 6.

[4] . سورة الذاريات، الآية 12.

[5] . سورة الأعراف، الآية 53.

[6] . سورة النور، الآية 25.

[7] . سورة النور، الآية 35.

[8] . وعليه فإنّ الإنسان يستطيع أن يرىٰ الله سبحانه في الدنيا، لكن بعين السِّر لا بعين الظاهر، والإمام الصادق(عليه السلام) أجاب أبا بصير عندما سأله عن رؤية المؤمنين لله في يوم القيامة قال «قبل يوم القيامة رأوه عندما أجابوا نداء ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُم﴾» (سورة الأعراف، الآية 172). ثمّ قال الإمام لأبي بصير وكان مكفوف البصر «أولست ترىٰ الله الآن؟» ثمّ استأذن أبوبصير من الإمام أن يروي هذا الحديث ولكن الإمام لم يأذن له، والسرّ في ذلك وضّحه الإمام لأبي بصير وقال: «انّ من يستمع الىٰ هذا الحديث لايدرك معنىٰ رؤية الله ويظنّ انّها الرؤية بالعين الظاهريّة فينكرها فيكفر بالله». (توحيد الصدوق، باب ماجاء في الرؤية، ح20)

[9] . سورة الكهف، الآية 101.

[10] . سورة الحجّ، الآية 46.

[11] . سورة المائدة، الآية 14.

[12] . سورة المائدة، الآية 64.

 

 

المصدر:شبکه المعارف

قائد القوة البرية في الجيش الإيراني يقول إن قواته نجحت في إنتاج منظومة تفرز غازاً معيناً في الهواء بإمكانه القضاء على كل أنواع الفيروسات، ويؤكد أن بلاده قادرة وبقوة على نقل التجارب الإيرانية إلى باقي البلدان.

قال قائد القوة البرية في الجيش الإيراني كيومرث حيدري، اليوم الجمعة، إن "القوة البرية في الجيش الإيراني نجحت في إنتاج منظومة تفرز غازاً معيناً في الهواء بإمكانه القضاء على كل أنواع الفيروسات خاصة كورونا في إطار شعاع 200 متر".

وأكد حيدري على هامش "استعراض الجيش الإيراني للدفاع البيولوجي" أن بلاده قادرة وبقوة على نقل التجارب الإيرانية في مجال مكافحة فيروس كورونا المستجد إلى باقي البلدان، "من دون أن تتأثر قدرتنا على مكافحته في الداخل".

وذكر حيدري أنه "لم نقم اليوم بإزاحة الستار عن منجزاتنا الدفاعية الجديدة، لكننا سنزيح الستار عن منجزاتنا في مجال تشخيص فيروس كورونا قريباً".

وأجرى الجيش الإيراني عرضاً عسكرياً لـ"الدفاع البيولوجي" في يومه الوطني تحت شعار "مدافعو السلامة"، بحضور وزير الدفاع وإسناد القوات المسلحة العميد أمير حاتمي، وجمع من كبار القادة العسكريين في طهران وأنحاء البلاد.

وكان المتحدث باسم الجيش العميد تقي خاني قال إن طبيعة العرض العسكري هذا العام شهدت تغييراً كلياً بسبب تفشي "كورونا"، مؤكداً مشاركة كل الوحدات البرية والجوية والبحرية التابعة للجيش في هذا الاستعراض الذي يقام في 130 مدينة إيرانية، وذلك من خلال استخدام طاقاتها وإمكانياتها كافة.

ابلغ رئيس مكتب القائد للقوات المسلحة، تحيات قائد الثورة الاسلامية سماحة آية الله السيد علي خامنئي الى افراد الجيش الايراني بمناسبة اليوم الوطني للجيش.

وافاد الموقع الاعلامي للجيش، ان العميد محمد شيرازي رئيس مكتب القائد العام للقوات المسلحة اجرى ظهر اليوم اتصالا هاتفيا مع اللواء عبدالرحيم موسوي، ابلغه فيها تحيات آية الله العظمى السيد علي خامنئي قائد الثورة الاسلامية والقائد العام للقوات المسلحة الى القائد العام للجيش وقادة ومنتسبي الجيش وعوائلهم.

ونوه العميد شيرازي في هذا الاتصال الهاتفي الى ان القائد العام للقوات المسلحة اكد على ابلاغ تحياته الى جميع العاملين في جيش الجمهورية الاسلامية الايرانية.

ودعا رئيس المكتب العسكري للقائد العام للقوات المسلحة في هذا الاتصال الهاتفي الى نقل تحيات قائد الثورة الاسلامية المفعمة بالمحبة الى جميع مراتب وقادة الجيش بمناسبة يوم جيش الجمهورية الاسلامية الايرانية، وتخليد الملاحم البطولية للقوة البرية للجيش.

المصدر :العالم

الجمعة, 17 نيسان/أبريل 2020 14:59

في معنى العذاب في القرآن

يقول تعالى: (ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب النار)[1]. ويقول: (قال الله إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين)[2] . ويقول كذلك: (وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حسابا شديدا وعذبناها عذابا نكرا)[3].  أيضاً: (فأما الذين كفروا فأعذبهم عذابا شديدا في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين)[4].

 

وعن الإمام علي (عليه السلام): إن الله عز وجل يعذب ستة بستة: العرب بالعصبية، والدهاقنة بالكبر، والامراء بالجور، والفقهاء بالحسد، والتجار بالخيانة، وأهل الرستاق بالجهل[5]. عنه أيضاً (عليه السلام): إن الله يعذب الستة بالستة: العرب بالعصبية، والدهاقين بالكبر، والامراء بالجور، والفقهاء بالحسد، والتجار بالخيانة، وأهل الرساتيق بالجهل[6].

 

وفي كلام للعلامة الطباطبائي في تفسير الميزان تحت عنوان "كلام في معنى العذاب في القرآن" يقول: القرآن يعد معيشة الناسي لربه ضنكا وإن اتسعت في أعيننا كل الاتساع، قال تعالى: (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا) طه: 124، ويعد الأموال والأولاد عذابا وإن كنا نعدها نعمة هنيئة، قال تعالى: (ولا تعجبك أموالهم وأولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون) التوبة: 85.

 

 وحقيقة الأمر - كما مر إجمال بيانه في تفسير قوله تعالى: * (وقلنا يا آدم أسكن أنت وزوجك الجنة) * البقرة: 35، أن سرور الإنسان وغمه وفرحه وحزنه ورغبته ورهبته وتعذبه وتنعمه كل ذلك يدور مدار ما يراه سعادة أو شقاوة، هذا أولا. وأن النعمة والعذاب وما يقاربهما من الأمور تختلف باختلاف ما تنسب إليه، فللروح سعادة وشقاوة وللجسم سعادة وشقاوة، وكذا للحيوان منهما شئ وللإنسان منهما شئ وهكذا، وهذا ثانيا.

 

 والإنسان المادي الدنيوي الذي لم يتخلق بأخلاق الله تعالى ولم يتأدب بأدبه يرى السعادة المادية هي السعادة، ولا يعبأ بسعادة الروح وهي السعادة المعنوية، فيتولع في اقتناء المال والبنين والجاه وبسط السلطة والقدرة. وهو وإن كان يريد من قبل نفس هذا الذي ناله لكنه ما كان يريد إلا الخالص من التنعم واللذة على ما صورته له خياله، وإذا ناله رأى الواحد من اللذة محفوفا بالألوف من الألم. فما دام لم ينل ما يريده كان أمنية، وحسرة وإذا ناله وجده غير ما كان يريده، لما يرى فيه من النواقص ويجد معه من الآلام وخذلان الأسباب التي ركن إليها، ولم يتعلق قلبه بأمر فوقها فيه طمأنينة القلب والسلوة عن كل فائتة، فكان أيضا حسرة، فلا يزال فيما وجده متألما به معرضا عنه طالبا لما هو خير منه لعله يشفي غليل صدره، وفيما لم يجده متقلبا بين الآلام والحسرات، فهذا حاله فيما وجده، وذاك حاله فيما فقده. وأما القرآن فإنه يرى أن الإنسان أمر مؤلف من روح خالد وبدن مادي متحول متغير، وهو على هذا الحال حتى يرجع إلى ربه فيتم له الخلود من غير زوال، فما كان فيه سعادة الروح محضا كالعلم ونحو ذلك فهو من سعادته، وما كان فيه سعادة جسمه وروحه معا كالمال والبنين إذا لم تكن شاغلة عن ذكر الله وموجبة للإخلاد إلى الأرض - فهو أيضا من سعادته ونعمت السعادة. وكذا ما كان فيه شقاء الجسم ونقص لما يتعلق بالبدن وسعادة الروح الخالد كالقتل في سبيل الله وذهاب المال واليسار لله تعالى فهو أيضا من سعادته، بمنزلة التحمل لمر الدواء ساعة لحيازة الصحة دهرا. وأما ما فيه سعادة الجسم وشقاء الروح فهو شقاء للإنسان وعذاب له، والقرآن يسمي سعادة الجسم فقط متاعا قليلا لا ينبغي أن يعبأ به، قال تعالى: (لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد) آل عمران: 196، 197. وكذا ما فيه شقاء الجسم والروح معا يعده القرآن عذابا كما يعدونه عذابا، لكن وجه النظر مختلف، فإنه عذاب عنده لما فيه من شقاء الروح، وعذاب عندهم لما فيه من شقاء الجسم، وذلك كأنواع العذاب النازلة على الأمم السالفة، قال تعالى: (ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد وثمود الذين جابوا الصخر بالواد وفرعون ذي الأوتاد الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد فصب عليهم ربك سوط عذاب إن ربك لبالمرصاد) الفجر: 6، 14. والسعادة والشقاوة لذوي الشعور يتقومان بالشعور والإدراك، فإنا لا نعد الأمر اللذيذ الذي نلناه ولم نحس به سعادة لأنفسنا، كما لا نعد الأمر المؤلم غير المشعور به شقاء، ومن هنا يظهر أن هذا التعليم القرآني الذي يسلك في السعادة والشقاوة غير مسلك المادة، والإنسان المولع بالمادة لابد من أن يستتبع نوع تربية يرى بها الإنسان السعادة الحقيقية التي يشخصها القرآن سعادة والشقاوة الحقيقية شقاوة، وهو كذلك، فإنه يلقن على أهله أن لا يتعلق قلوبهم بغير الله، ويروا أن ربهم هو المالك الذي يملك كل شئ، فلا يستقل شئ إلا به، ولا يقصد شئ إلا له. وهذا الإنسان لا يرى لنفسه في الدنيا إلا السعادة: بين ما كان فيه سعادة روحه وجسمه، وما كان فيه سعادة روحه محضا، وأما ما دون ذلك فإنه يراه عذابا ونكالا، وأما الإنسان المتعلق بهوى النفس ومادة الدنيا فإنه وإن كان ربما يرى ما اقتناه من زينة الدنيا سعادة لنفسه وخيرا ولذة، فإنه سوف يطلع على خبطه في مشيه، وانقلبت سعادته المظنونة بعينها شقاوة عليه، قال تعالى: (فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون) المعارج: 42، وقال تعالى: (لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد) ق: 22، وقال تعالى: (فأعرض عمن تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا ذلك مبلغهم من العلم) النجم: 30، على أنهم لا يصفو لهم عيش إلا وهو منغص بما يربو عليه من الغم والهم. ومن هنا يظهر: أن الإدراك والفكر الموجود في أهل الله وخاصة القرآن غيرهما في غيرهم مع كونهم جميعا من نوع واحد هو الإنسان، وبين الفريقين وسائط من أهل الإيمان ممن لم يستكمل التعليم والتربية الإلهيين. فهذا ما يتحصل من كلامه تعالى في معنى العذاب، وكلامه تعالى مع ذلك لا يستنكف عن تسمية الشقاء الجسماني عذابا، لكن نهايته أنه عذاب في مرحلة الجسم دون الروح، قال تعالى حكاية عن أيوب (عليه السلام): (أني مسني الشيطان بنصب وعذاب) ص: 41، وقال تعالى: (وإذا أنجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يقتلون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم) الأعراف: 141، فسمى ما يصنعون بهم بلاء وامتحانا من الله وعذابا في نفسه لا منه سبحانه[7].

 

المصدر: ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج 3 - ص 1852، بتصرف يسير

 

[1]  الحشر: 3.

[2]  المائدة: 115.

[3]  الطلاق: 8.

[4]  آل عمران: 56.

[5]  الخصال: 325 / 14.

[6]  الكافي: 8 / 162 / 170.

[7]  تفسير الميزان: 3 / 10، 13.

المصدر:شبکه المعارف الاسلامیه

الجمعة, 17 نيسان/أبريل 2020 14:58

النَّظم والانضباط في إدارة المعيشة

لا شكّ في أنّ النظم والانضباط يُعدَّان من أهمّ استراتيجيّات التدبير في المعيشة. وهذه الاستراتيجيّة تعني: "ترتيب مناهج الحياة وتنظيمها"، بحيث يُؤدَّى كلُّ عملٍ في الزمان والمكان المناسبين، على أن لا يمنع هذا الأداء عملاً آخر أو يزاحمه.

 

فالمدير والمدبّر الكفء: هو الذي يراعي النظم والانضباط في عمله، ولا يُوكِل عمل اليوم إلى غدٍ، لأنّ الإنسان المتديّن يؤمن بأنّ كلّ يومٍ يتطلّب عملاً خاصّاً به. وأكّد الإمام عليّ عليه السلام على هذا الأمر بقوله: "فِي كُلِّ وَقْتٍ عَمَلٌ"[1]، فالإنسان - بالتالي - هو مسؤولٌ عن كلّ لحظةٍ في حياته.

 

وفي رواية عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام ينقل فيها موعظةً للقمان الحكيم في هذا الصدد، يقول فيها: "إِعْلَم أَنَّكَ سَتُسأَلُ غَدَاً إَذا وَقَفتَ بَينَ يَدَي اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَن أربعٍ: شبابِكَ في ما أَبلَيتَهُ، وَعُمرِكَ في ما أَفنيتَهُ، وَمالِكَ مِمّا اكتَسبتَهُ وَفي ما أَنفَقتَهُ، فَتَأَهَّبْ لِذلِكَ، وَأَعِدَّ لَهُ جَوابَاً"[2].

 

إذن، يعتبر - وفق هذه التعاليم السامية - التماهل في أداء عمل اليوم، وإيكاله إلى وقتٍ لاحقٍ، من الأخطاء التي لا يمكن تداركها. وبالطبع، فإنّ رواج هذه الظاهرة في المجتمع، سيؤدّي إلى انحطاطه وانهياره، لأنّ يوم غدٍ لا يأتي إلا في الغد.

 

وفي الواقع: إنّ مَن يتوهّم قطعيّة بقائه على قيد الحياة في الغد، وأنّه سيتمكّن فيه من تحقيق رغباته، فهو غافلٌ عن الحقيقة.

 

 

ولا شكّ في أنّ نظمَ المدير وانضباطه يوجبان عليه أن يدبّر الأمور بطريقةٍ صحيحةٍ يمكنه معها الوفاء بالتزاماته في أوقاتها المحدّدة، من دون أن يخلف وعداً في أيّ عملٍ من أعماله. وبالتالي فهو سيحظى بمكانةٍ اجتماعيّةٍ مرموقةٍ، وسيحفظ مكانة المؤسّسة التي يديرها، ويبقى عزيزاً بين النّاس ومحترماً.

 

وكذلك، فإنّ النشاطات التي يمارسها الإنسان لتوفير معيشته، والخدمات التي يقدّمها للمجتمع، وتوزيع الأعمال بين أفراد الأسرة الواحدة، كلّها أمورٌ تنطوي تحت مبدأي النظم والانضباط، كما كان يفعل أئمّتنا المعصومون عليهم السلام، حيث روي عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام أنّه قال: "كانَ أميرُ المؤمنينَ عليه السلام يَحتطِبُ ويَستقِي ويَكنِسُ، وكانتْ فاطمةُ عليها السلام تَطحَنُ وتَعجِنُ وتَخبُزُ"[3].

 

فاتّصاف الإنسان بالنّظم والانضباط في تكاليفه المُلقاة على عاتقه، يحفّزه على السعي لأدائها، ويجنّبه اللامبالاة، كما يمكّنه من الوفاء بالتزاماته ووعوده في أوقاتها المحدّدة، فلا يخالف قول الله تعالى: ﴿أَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُول﴾[4]. إنّ اجتناب الإفراط والتفريط في أداء الوظائف على المستويين الفرديّ والاجتماعيّ، والتقيّد بمنهجٍ منظّمٍ في الحياة، وإنجاز الأعمال والمشاريع في جميع جوانب الحياة، هي أوامر نابعةٌ من روح تعاليم ديننا الحنيف. فديننا يدعونا إلى تنظيم أوقاتنا، لكي نستثمرها خير استثمارٍ، خدمةً لأنفسنا ومجتمعنا، حيث أشار الإمام موسى الكاظم عليه السلام إلى هذه الحقيقة بقوله: "اجْتَهِدُوا فِي أَنْ يَكُونَ زَمانُكُمْ أَرْبَعَ ساعاتٍ: ساعَةً لِمُناجاةِ اللهِ، وساعَةً لأَمْرِ الْمَعاشِ، وساعَةً لِمُعاشَرَةِ الإِخْوَانِ والثِّقَاتِ الَّذِينَ يُعَرِّفُونَكُمْ عُيُوبَكُمْ ويُخْلِصُونَ لَكُمْ فِي الْباطِنِ، وسَاعَةً تَخْلُونَ فِيها لِلَذّاتِكُمْ فِي غَيْرِ مُحَرَّمٍ، وبِهذِهِ السّاعَة تَقْدِرُونَ عَلَى الثَّلاثِ ساعاتٍ. لا تُحَدِّثُوا أَنْفُسَكُمْ بِفَقرٍ، ولا بِطُولِ عُمُرٍ، فَإِنَّهُ مَنْ حَدَّثَ نَفْسَهُ بِالْفَقرِ بَخِلَ، ومَنْ حَدَّثَهَا بِطُولِ الْعُمُرِ يَحْرِصُ. اجْعَلُوا لأَنفُسِكُمْ حَظّاً مِن الدُّنْيا، بِإِعْطائِها ما تَشْتَهِي مِن الْحَلالِ، وما لا يَثْلِمُ الْمُرُوَّةَ وما لا سَرَفَ فِيهِ، واسْتَعِينُوا بذلِكَ عَلَى أُمُورِ الدِّينِ، فَإِنَّهُ رُوِيَ: لَيْسَ مِنّا مَنْ تَرَكَ دُنْياهُ لِدِينهِ، أَو تَرَكَ دِينَهُ لِدُنْياهُ"[5].

 

 فن التدبير في المعيشة - رؤية قرآنية روائية - ، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

 

[1] الواسطي، عيون الحِكم والمواعظ، م.س، ص354.

[2] الكليني، الكافي، م.س، ج2، كتاب الإيمان والكفر، باب ذم الدنيا...، ح20، ص135.

[3] الكليني، الكافي، م.س، كتاب المعيشة، باب عمل الرجل...، ح1، ص86.

[4] الإسراء: 34.

[5] الحراني، تحف العقول، م.س، ص409.

المصدر:شبکه العارف الاسلامیه

الجمعة, 17 نيسان/أبريل 2020 14:53

المنصب وخدمة الناس

قد يتصور بعض أبناء الدنيا البعيدين عن روح الإسلام أن المنصب يجعل الإنسان رفيعاً ومتعالياً على الناس فعليه أن يطوّل أذياله ليرفعها خدامه من خلفه، وعليه أن يسير في الأرض بأنفة على طريقة (لا مساس)، فبارتفاعه إلى هذا المنصب صار وكأنه من كوكب آخر، وعلى الناس في الطبقة السفلى بحسب تصوره وزعمه أن يخدموه ويبحثوا عن رضاه ويقدموا له القرابين حتى قد يصل بسلوكه ومنهجه إلى مقولة "أنا ربكم الأعلى" وإن لم يتلفظ لسانه بهذه الكلمات. فكل حركاته وسكناته رسائل تستبطن ذلك.

 

إن شخصاً كهذا هو مريض يعيش عقدة الذاتية ولا يعيش مقتضيات المنصب.

 

فليس المنصب هو تعالٍ عن الناس ولا ترفع عنهم بل هو على العكس من ذلك، نعم المنصب في الحقيقة هو خدمة الناس، وكلما ارتفع المنصب كلما قويت الخدمة وتأكدت، يقول الإمام الخميني قدس سره: "يجب أن تزداد الخدمة، فكلما ارتفع الواحد درجة يجب أن يزداد تواضعه من الناس ولو تحقق هذا الأمر وتنبهنا إلى مثل هذه الأمور واعتبرنا من التاريخ فإن جميع القوى يمكنها أن تكسب قاعدة جماهيرية تحفظه".

 

فالحاكم كان خادماً للناس في التاريخ الإسلامي، حيث ينقل الإمام قدس سره: "كان بعض البدو القادمين من خارج المدينة لا يعرفون من هو النبي عند دخولهم إلى المسجد، لأنه جالس بشكل لا يعرف من هو النبي ومن هم الأصحاب، وذهب الإمام علي عليه السلام وأخذ رفشه وفأسه ليعمل في نفس اليوم الذي بايعوه فيه على خلافة الرسول (صلى الله عليه وآله) فكان يعمل ويده متقرحة، ونفس الشي‏ء يقال لباقي القادة الحاكمين، فلم يتعاملوا مع الناس من موقع الحاكم والمحكوم، بل كان الوضع والحال هو الخدمة حيث كان الحاكم خادماً للناس".

 

هكذا كانت روحية الإسلام وهكذا كان الإمام قدس سره في فكره ونهجه، حيث يقول قدس سره: "أن يقال لي خادم أفضل من أن يقال لي قائد، فالقيادة ليست مهمة، المهم هو الخدمة والإسلام أمرنا أن نخدم".

ويقول قدس سره: "لقد عدت لأعرض عليكم خدماتي أيها الأعزاء، فما دمت حياً سأبقى خادماً للجميع، خادماً للشعوب الإسلامية، خادماً للشعب الإيراني العظيم، خادماً للجامعيين ولعلماء الدين، خادماً لجميع الشرائح الاجتماعية في الوطن وكل الشرائح في البلاد الإسلامية وكل مستضعفي العالم".

 

ومن هنا نجد الإمام قدس سره لا يعتبر المنصب غنيمة وجائزة ومكسباً بل على العكس تماماً، يقول قدس سره: "إن الأئمة والفقهاء العدول مكلفون باستخدام النظام والحكومة لتطبيق الأحكام الإلهية وتحقيق النظام الإسلامي العادل وخدمة الناس. ورغم أن الحكم لا يعني بالنسبة لهم سوى الأذى والتعب والإرهاق، ولكن ما العمل؟ إنهم مكلفون بأداء الوظيفة فولاية الفقيه مسؤولية وأداء وظيفة".

 

والمنصب كمجرد مقام ليس له قيمة على الإطلاق، يقول الإمام الخميني قدس سره: "إن استلام الحكم في حد ذاته لا يعتبر شأنا أو مقاماً، بل وسيلة لأداء مسؤولية تطبيق الأحكام وإقامة النظام الإسلامي العادل، قال أمير المؤمنين عليه السلام لابن عباس عن الحكم والقيادة بينما كان يخصف نعله بيده: "ما قيمة هذا النعل؟ قال ابن عباس: لا قيمة لها، فقال الإمام عليه السلام: والله لهي أحب إليّ من إمرتكم إلا أن أقيم حقاً (يعني قانون ونظام الإسلام) أو أدفع باطلاً (يعني القانون الظالم والأنظمة الجائرة)".

 

خدمة الناس في فكر الإمام الخميني قدس سره، مركز الإمام الخميني الثقافي

المصدر:شبکه المعارف الاسلامیه

نعيش حاليا فترة تشهد فيها السياسة الدولية مجددًا حالة من الانهيارات والتحولات الهيكلية، وخلالها تواجهنا دعوات تسعى لسبر أغوار هذا الوضع الاستثنائي.

إسطنبول/ علي آصلان

- نعيش حاليًا فترة تشهد فيها السياسة الدولية مرة أخرى حالة من الانهيارات والتحولات الهيكلية
- ثمة دعوات لحل النظام العالمي الليبرالي الأحادي الذي قادته الولايات المتحدة، واستبداله بآخر متعدد الأقطاب
- التوترات التي تشوب العلاقات عبر الأطلسية والاتحاد الأوروبي، تنذر بحدوث تفكك الغرب والنظام المؤسسي

نعيش حاليا فترة تشهد فيها السياسة الدولية مجددًا حالة من الانهيارات والتحولات الهيكلية، وخلالها تواجهنا دعوات تسعى لسبر أغوار هذا الوضع الاستثنائي.

ومن أبرز تلك المطالبات، تلك التي تدعو لحل النظام الدولي الليبرالي، والنظام الدولي أحادي القطب الذي قادته الولايات المتحدة، واستبداله بنظام آخر متعدد الأقطاب.

بالإضافة إلى ذلك، نجد أن التوترات التي تشهدها العلاقات العابرة للمحيط الأطلسي، والتطورات المدمرة في الاتحاد الأوروبي، تنذر بحدوث تفكك لتحالفات غربية ونظم مؤسساتية بشكل عام.

كما أن هناك افتراضات تشير إلى أنه تبعا لذلك تظهر حركات مناهضة لذلك النظام في مناطق أخرى من العالم.

وفي هذا السياق، فإن محاولة الصين لإحياء نظامها الإمبريالي التقليدي الخاص بها في المنطقة ونشر قواتها في مناطق جديدة على نطاق عالمي، هي واحدة من أكثر الموضوعات التي يجب التوقف عندها.

عدا ذلك يجب أن نضيف إلى تلك القائمة، محاولة روسيا توسيع منطقة نفوذها من خلال قيامها بتحركات عسكرية توسعية مرة أخرى في محيطها.

باختصار، نحن أمام تطورات تتناقض مع بعضها البعض في نفس الوقت.

ومع تعثر نظام العولمة المكون من اقتصاد السوق الرأسمالي والسياسات الديمقراطية الليبرالية، يظهر أمامنا نموذج جديد آخذ في الظهور، يعمل على صهر الدولة السياسية والقومية الثقافية والاقتصاد التجاري في وعاء واحد.

وثمة عاملان مرتبطان ببعضهما يدفعان بعجلة تلك التطورات، فمن ناحية، تسرب رأس المال الغربي الكبير إلى الشرق بحثا عن الأيدي العاملة الزهيدة والتسهيلات الضريبية؛ ومن ناحية أخرى، تدفق اللاجئين والمهاجرين هربا من الشرق والجنوب نحو الغرب بسبب الفقر وعدم الاستقرار والحروب.

هذان العاملان أزعجا استقرار الطبقتين الدنيا والمتوسطة في البلدان الغربية، فبدأت تظهر حالات من التململ والإنزعاج تجاه النظم المستقرة على سدة الحكم.

وفي ظل المخاوف الثقافية والاقتصادية لتلك الطبقتين، فإن كلا من السياستين "الشعبوية اليمينية" التي اتخذت من السيطرة على الدولة والقومية منصة لها، و"الشعبوية اليسارية" التي انتقدت النخب السياسية - الاقتصادية لتصرفها غير المسؤول ودافعت عن الدولة الاجتماعية؛ قد تقدمتا في آن واحد بشكل ملحوظ.

واستغلت هاتان السياستان (اليمينية واليسارية) ما يساور الطبقتين الدنيا والمتوسطة من قلق ومخاوف اقتصادي وثقافي، وأعليتا من شأنهما كثيرًا.

بطبيعة الحال، علينا أن نضيف إلى كل ما ذُكر، الدور الذي يلعبه بعض رؤساء الدول (من النخب القومية والمتحضرة) الذين يشعرون بالقلق إزاء فقدان الغرب للسلطة الاقتصادية نتيجة للعولمة، وفقدان التفوق العرقي والديني للرجل الغربي الأبيض بسبب زيادة الهجرة.

ولعلنا نرى في السياسة الغربية حاليًا ثمة صراع بين النخبة المتحضرة - القومية، والتحالف السياسي الذي شكلته الطبقات الدنيا والمتوسطة من جهة، ونخبة العولمة من جهة أخرى. ولا شك أن التحالف السياسي الأخير يتغول في السياسة يومًا بعد يوم.

أما في الشرق، فنرى أن الديناميكيات التي تعزز الدولة والسياسة مختلفة كثيرًا عما هي في الغرب.

فلقد وجدت السياسة والدولة بالشرق فرصة لتعزز وجودها، بعد أن بدأ الغرب في الفترة الأخيرة بالانطواء على ذاته وعلى مشاكله الداخلية، وترك الشرقَ في مهب التقلبات بعد الانسحاب منه.

ومن الواضح أن إنغلاق الأول على نفسه ما كان إلا سعيا خلف الفرص الاقتصادية الكبيرة التي وفرتها العولمة، وتملصا من الصراعات والأزمات التي تسبب فيها حتى أصبحت واقعا مستمرًا للشرق الضائع.

وعلى إثر ذلك بدأت المجتمعات الشرقية تكتسب مزيدًا من الثقة بالنفس، واتجهت مجتمعات الدول ذات الطابع المؤسسي اللائق، بصفة خاصة بدعم القيادة السياسية القوية، والدول (الشرقية) من أجل الفوز بنصيب الأسد من الكعكة العالمية، وللشعور بأمان أكبر في النظام الدولي الذي يكتنفه الغموض بشكل كبير.

أما غير المدركين لذلك (وخاصة الأفراد من النظم الاستبدادية والضعيفة)، فيتدفقون مباشرة من الشرق صوب الغرب، إما من خلال ما يسمى بهجرة العقول، أو بالهجرة غير الشرعية.

وبعد كل هذه الحقائق، يمكننا أن نصل لاستنتاج مفاده أن الدولة القومية ذات السيادة، ستكتسب مزيدا من القوة مرة أخرى أمام المؤسسة الدولية ورأس المال العالمي.

لكن وبكل آسف ستكون هي (الدولة القومية) أيضا مع الشق الخاسر، كلما ركزت على ماضيها الإمبراطوري.

وعند تناول خطوات السياسة الخارجية ودراستها بعناية، نرى أن الدول الإمبريالية القديمة مثل الصين، وروسيا، وألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا، وإيران، وتركيا، قد بدأت لفترة من الزمن بتقييد حدود الدول القومية.

ولا شك أن مثل هذه السياسات يغذيها شعار "يستحيل أن تنعم بالأمان من دون أن تكون الأقوى".

** النظام العالمي الإمبريالي

قد تؤدي جائحة كورونا (كوفيد-19)، إلى إكساب الاتجاهات الموجودة سالفة الذكر، ووضع الغموض الذي يكتنف النظام العاملي، نوعًا من الزخم.

وفي ظل هذه التطورات بدأت حالة كبيرة من الجدل حول سلسلة من الأسئلة الهامة التي بحاجة إلى إجابة، منها: ماذا سيكون مصير العولمة بعد نهاية جائحة كورونا؟

هل ستبقى الولايات المتحدة زعيمة للنظام العالمي؟

وهل سيبقى الاتحاد الأوروبي محافظا على تماسكه؟

وهل سيفقد نموذج الحكم الرأسمالي الاشتراكي صلاحيته؟

وهل ستتخلى الصين عن استراتيجية "الصعود التدريجي" وتصبح أكثر عدوانية؟

خلاصة القول، كيف سيكون النظام العالمي بعد جائحة كورونا؟ بات السؤال الأكثر إلحاحا على المستوى العالمي.

ومن ثم فإن الشيء الذي ينبغي فعلة في هذه المرحلة، هو إظهار أي من تلك الادّعاءات سالفة الذكر الأقرب للواقع، وخلق استيراتيجية من ذلك؛ وعليه فإن الأمر يقتضي تناول ظاهرة النظام العالمي بالكلية.

أما سبيل فهم تلك الظاهرة، فيكون بالنظر إلى أي مدى تتمركز السلطة لدى النظام المنشود، ومن خلال هذا المعيار يمكن تصويب مزاعم وادّعاءات النظام العالمي.

المصدر:الاناظول

مشروب الماء والليمون

 

وكتبت الخبيرة على موقعها في شبكة "إنستغرام"، "عندما نشرب الماء مع الليمون والمعدة فارغة، فإنه يحفز عملية إفراز الصفراء. وإذا كان في المعدة بقايا طعام، فإن الليمون والصفراء سيساعدان على هضمه. كما أن شرب الماء مع الليمون يساعد على تنظيف الأمعاء من السموم. ونحن نعلم أنه كلما كان جهاز الهضم أنظف، تصبح عملية فقدان الوزن أكثر فعالية".


وتضيف، الماء مع الليمون يحسن حالة البشرة والجلد، وتقول "يحتوي الماء مع الليمون على فيتامينات عديدة ومواد مضادة للأكسدة، تساهم في تحسين حالة الجلد ونضارة البشرة وإبطاء الشيخوخة. كما تساعد على التخلص من التجاعيد الصغيرة، دون الحاجة للقيام بعمل خاص".


وأشارت الخبيرة، إلى أن الماء مع الليمون يساعد على تحسين الحالة الصحية للمفاصل، لأن هذا المشروب يطهر الجسم من حمض البوريك، الذي مع التقدم بالعمر ونتيجة لنظام غذائي غير صحي أحيانا، يمكن أن يتراكم في المفاصل مسببا التهابها.


وتقول الخبيرة، "كما أن الماء مع الليمون يعزز مناعة الجسم، ويعوض فقدان فيتامين  C، ما يساعد الجسم على مقاومة الفيروسات. والبوتاسيوم الموجود في هذا المشروب يحسن التوازن المائي-الملحي في الجسم".


ولكن الخبيرة تحذر كل من يعاني من مشكلات في المعدة والأمعاء، أو لديه حساسية من الليمون من تناوله. كما أن الإفراط في تناول هذا المشروب مضر بمينا الأسنان، لذلك يجب تنظيفها بعد شرب كوب منه.

المصدر: نوفوستي

وزير الخارجية الإيراني يقول إن العالم الآن يتذوق غطرسة الولايات المتحدة وتهديداتها، والخارجية الإيرانية تعتبر تعليق واشنطن تمويل منظمة الصحة العالمية "خطوة مقلقة تقوض التعددية والمؤسسات الدولية".

قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، إن العالم الآن "يتذوق غطرسة الولايات المتحدة وتهديداتها".

وأضاف في تغريدة له، أن "غطرسة أمیرکا وبلطجتها ضد الدول ومختلف المنظمات بما فیها منظمة الصحة العالمیة، تکلف حیاة البشر"، مشيراً إلى أن العالم یتعلم في الوقت الحاضر أمراً أدرکته إیران وخاضته خلال فترة طویلة: الغطرسة والتهدید والعنجهیة من قبل الإدارة الأمیرکیة، لیس إدماناً فقط: إنها تقتل الناس".

وأشار إلی الخطة الأمیرکیة المسماة "ممارسة الضغط الأقصی" والتي تتبعها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضد إیران، وقال: "مثلما الضغط الأقصی ضد إیران، فإن قطع تمویل منظمة الصحة العالمیة فی خضم وباء کوفید 19، سیؤدی إلی وصمة عار دائمیة".

من جهتها، قالت الخارجية الإيرانية، إن تعليق واشنطن تمويل منظمة الصحة العالمية "خطوة مقلقة تقوض التعددية والمؤسسات الدولية".

وأضافت في بيان، أن "أميركا اختارت الوقت الأسوأ في خضم الحرب ضد كارثة عالمية لتعاقب فقط منسق الصحة العالمية"، معتبرة أن "تصرّف إدارة ترامب يدل على عدم المسؤولية وهو جريمة ضد الإنسانية".

وأشارت الخارجية الإيرانية إلى أن "الهدف الرئيسي لترامب هو إخفاء عدم كفاءة حكومته في السيطرة على فيروس كورونا على أراضيها"، داعية المجتمع الدولي "للعمل مع الأمم المتحدة لرفع أثر الإجراءات الأميركية الأحادية".

وأوضحت أنه "على المجتمع الدولي العمل مع الأمم المتحدة من أجل الحفاظ على جبهة عالمية موحدة ضد الوباء"، مشددة أنه على "السياسيين الأميركيين إدراك أن هذا الإجراء يعد انتهاكاً لالتزاماتهم تجاه المجتمع الدولي، وأنه لا يمكن وقف المساعدة الإنسانية عبر قطع المساعدات والضغوط الأحادية".

وکان ترامب قد هدد بقطع التمویل الأمیرکي لمنظمة الصحة العالمیة، متهماً المنظمة بسوء الإدارة وکتم المعلومات في الأزمة الناجمة عن عن انتشار کورونا.

وقد لاقی هذا القرار الأمیرکي إدانات من قبل الاتحاد الأوروبي والصين وروسيا وألمانيا وغيرهم.

مهدي حسن: العالم قد يتغلب على فيروس كورونا خلال الأشهر المقبلة لكنه سيحتاج وقتا أطول بكثير للتغلب على الإسلاموفوبيا (رويترز)
 

إذا كانت معاداة السامية أقدم كراهية في العالم فإن الخوف من الإسلام أو الإسلاموفوبيا ربما يكون أغرب كراهية في العالم، وإلا فكيف يمكننا أن نفهم استخدام أقصى اليمين وباء عالميا أصاب ملايين الناس في كافة الدول والأقاليم على وجه الأرض كسلاح لمهاجمة الإسلام والمسلمين؟

بهذا السؤال استهل الإعلامي البريطاني مهدي حسن مقالا له في صحيفة إنترسبت تحت عنوان "فيروس كورونا مكن المعادين للإسلام ولكنه فضح غباء الإسلاموفوبيا" سلط خلاله الضوء على استغلال انتشار فيروس كورونا من قبل جماعات يمينية معادية للاسلام في الهند وبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية لمهاجمة المسلمين وبث مشاعر الكراهية ضد الإسلام وأتباعه.

"جهاد كورونا"
ووفقا لمهدي حسن، فإن أنصار حكومة حزب بهاراتيا جاناتا اليميني المتطرف في الهند يطلقون على فيروس كورونا المستجد اسم "كورونا الجهاد"، ويزعمون أن الوباء ليس سوى مؤامرة من قبل المسلمين لإصابة وتسميم الهندوس.

كما ألقت الحكومة الهندية اللوم في تفشي الوباء بالهند على تجمع عقدته جماعة الدعوة والتبليغ الإسلامية المحافظة في نيودلهي، ووصف أحد أعضاء حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم التجمع بأنه "جريمة طالبانية".

وترتب على ذلك ضرر كبير لمسلمي الهند وفقا للكاتب، حيث أشارت صحيفة غارديان البريطانية إلى أن "محلات المسلمين تشهد الآن مقاطعة (من قبل الهندوس) في جميع أنحاء الهند، كما أطلقوا على المتطوعين المسلمين الذين يوزعون معونات غذائية اسم "إرهابيي فيروس كورونا "، فيما اتهم مسلمون آخرون بالبصق في الطعام وتلويث إمدادات المياه بالفيروس.

وبحسب الكاتب، لم تقتصر تلك المزاعم التي تحمل المسلمين مسؤولية تفشي الفيروس على السياسيين القوميين الهندوس والغوغاء، إنما شاركت فيها وسائل إعلام مشهورة في البلاد، حيث نشرت صحيفة "ذي هيندو" ذات الميول اليسارية رسما كاريكاتوريا يظهر العالم رهينة لفيروس كورونا الذي يصوره وهو يرتدي ملابس مرتبطة بالمسلمين.

وقد علقت الصحفية الاستقصائية رنا أيوب في مقال لها بصحيفة واشنطن بوست بأنه "بين عشية وضحاها أصبح المسلمون الجاني الوحيد المسؤول عن تفشي وباء كورونا في الهند".


حرق مسجد وسقوط قتلى.. أعمال عنف بين مسلمين وهندوس في الهند (الجزيرة)
حرق مسجد وسقوط قتلى.. أعمال عنف بين مسلمين وهندوس في الهند (الجزيرة)

الإعلام واليمين المتطرف
وأشار الكاتب إلى أن صحيفة غارديان ذكرت في تقرير حديث لها أن شرطة مكافحة الإرهاب في المملكة المتحدة تحقق في قضية جماعات يمينية متطرفة متهمة بمحاولة استخدام أزمة فيروس كورونا لإذكاء مشاعر العداء ضد المسلمين.

كما رصدت منظمة "تيل ماما" المعنية برصد جرائم الكراهية ضد المسلمين في بريطانيا العديد من حالات التحرش والمضايقة التي تعرض لها مسلمو بريطانيا خلال الأسابيع الأخيرة.

وأوضح الكاتب أن استغلال تفشي وباء كورونا لإشعال مشاعر الكراهية ضد المسلمين لم يقتصر على الشخصيات اليمينية المتطرفة في الغرب، وإنما شاركت فيه وسائل إعلام معروفة تماما كما حدث في الهند.

وقدم الكاتب أمثلة على إساءة بعض وسائل الإعلام المشهورة للإسلام، ومحاولة ربطه بتفشي وباء كورونا، من ضمنها تغريدة لصحيفة إيكونوميست في 23 مارس/آذار الماضي تروج لتقرير عن جزر المالديف تقول إن "انتشار كوفيد-19 كان متوقعا، ولكن انتشار الإسلام الراديكالي كان مفاجئا"، ورغم أن الصحيفة قد حذفت التغريدة فإنها لم تحذف التقرير.

كما أورد تغريدة للمؤلف ومذيع الراديو الأميركي الشهير نيل بورتز مخاطبا فيها متابعيه في تويتر الذين يزيد عددهم على 200 ألف شخص "هل تعتقد أن فيروس كورونا سيئ؟ انتظر حتى يكون المسلمون أكثرية في أميركا، سنترحم على هذه الأوقات حينها".

مفارقة غريبة
لكن المفارقة الكبرى -يقول الكاتب- هي أنه في الوقت الذي يحاول فيه المتعصبون المناوئون للإسلام استخدام كورونا لتشويه صورة المسلمين وشيطنتهم فإن الوباء يفضح سخافة التعصب المعادي للمسلمين.

فقد أصدرت فرنسا والنمسا قانونا بحظر النقاب عامي 2011 و2017 على التوالي كوسيلة لاستهداف وتجريم ارتداء الحجاب الإسلامي، ولكننا نرى الأكاديمية الوطنية الفرنسية للطب تدعو اليوم إلى إصدار قرار يلزم الناس بلبس الأقنعة عندما يغادرون منازلهم خلال الإغلاق كإجراء احترازي للحد من تفشي الوباء، فيما جعلت الحكومة النمساوية ارتداء أقنعة الوجه إلزاميا لأي شخص يدخل إلى سوبر ماركت أو بقالة.

كما أشار إلى أن حكومة الدانمارك وقعت في حرج، حيث كانت قد أصدرت قرارا في عام 2018 يلزم المواطنين الجدد بالمصافحة خلال مراسم نيل الجنسية الدانماركية، وهي خطوة اعتبرتها صحيفة نيويورك تايمز في ذلك الوقت "استهدافا للمسلمين الذين يرفضون مصافحة الجنس الآخر لأسباب دينية".

وفي ظل الإجراءات الاحترازية التي تمنع المصافحة خوفا من انتقال العدوى لم تلغ تلك المصافحة الإلزامية، وإنما "طلبت الحكومة الدانماركية من رؤساء البلديات تعليق مراسم نيل الجنسية، وعدم إسقاط شرط المصافحة للراغبين في الحصول على جنسيتها" وفقا لصحيفة تايمز.

وختم مهدي حسن مقاله بأن العالم قد يتغلب على فيروس كورونا خلال الأشهر المقبلة لكنه سيحتاج وقتا أطول بكثير للتغلب على مرض الإسلاموفوبيا.

المصدر : إنترسبت