
emamian
في ذکری میلاد رَحمةً لِلْعَالَمِينَ
عن أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام) في وصيّتِه لولدِه الإمامِ الحسنِ (عليه السلام): «واعْلَمْ يَا بُنَيَّ أَنَّ أَحَداً لَمْ يُنْبِئْ عَنِ اللَّهِ سُبْحَانَه كَمَا أَنْبَأَ عَنْه الرَّسُولُ (صلى لله عليه وآله)، فَارْضَ بِه رَائِداً وإِلَى النَّجَاةِ قَائِداً».
إذا كان مقامُ النبوّةِ –عموماً- مقاماً محموداً لمن اصطفى اللهُ من خلقِه في كلِّ زمانٍ وإذا كان الأنبياءُ درجاتٍ في هذا المقامِ فإنَّ رسولَ اللهِ (صلى لله عليه وآله) هو الأكملُ والأفضلُ، وإنّما ذلك لما حوتْه ذاتُه المباركةُ من خصوصيّاتٍ بلغتْ به المرتبةَ الأكملَ، وهذا ما أشارَ إليه أميرُ المؤمنينَ (عليه السلام) في مواطنَ عديدةٍ من كلامِه، فالرسولُ (صلى لله عليه وآله):
1- صاحب الوحي الأتّمِ والأكملِ: إنَّ أعظمَ ما يمكنُ أنْ يتنزّل من حقائقَ ترتبطُ بالذاتِ الإلهيّةِ والمعارفِ الوحيانيّةِ تماماً وكمالاً كان ما نزلَ على النبيّ (صلى لله عليه وآله) ، ولذا ذكرَ الإمامُ أميرُ المؤمنينَ (عليه السلام) في حديثِه أعلاه أنّ أحداً لا يُخبرُ عن اللهِ عزَّ وجلَّ كما أخبرَ الرسولُ (صلى لله عليه وآله) لأنّه الأقربُ في الخلقِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ.
2- النبيُّ (صلى لله عليه وآله) الشاهدُ على المرسلينَ: يقولُ (عليه السلام): «فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَه بَعَثَ مُحَمَّداً (صلى لله عليه وآله) نَذِيراً لِلْعَالَمِينَ ومُهَيْمِناً عَلَى الْمُرْسَلِينَ»، فهو الشاهدُ على النبيينَ السابقينَ مصدِّقاً برسالاتِهم، ورسالتُه حاكمةٌ على رسالةِ كافّةِ الأنبياءِ وناسخةٌ لرسالاتِهم، وكلّ ما تتوقُعه من الرسالاتِ السماويّةِ فهو موجودٌ في رسالته (صلى لله عليه وآله).
3- المقدَّمُ في الصفوةِ: الأنبياءُ (عليهم السلام) هم الذين اصطفاهم اللهُ عزَّ وجلَّ من خلقِه ولكن يتقدّمُهم النبيُّ (صلى لله عليه وآله) خصوصيّةً خصَّها اللهُ عزَّ وجلَّ بها، يقولُ أميرُ المؤمنينَ (عليه السلام): «أَرْسَلَه بِالضِّيَاءِ وقَدَّمَه فِي الِاصْطِفَاءِ»، وفي كلامٍ آخرَ عنه عليه السلام: «وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ ورَسُولُهُ، وسَيِّدُ عِبَادِهِ، كُلَّمَا نَسَخَ اللَّهُ الْخَلْقَ فِرْقَتَيْنِ جَعَلَهُ فِي خَيْرِهِمَا».
إنَّ عظمةَ هذه الشخصيةِ أوجدتْ حضوراً خاصّاً في قلوبِ أتباعِه (صلى لله عليه وآله) ولذا يتمحورُ المسلمونَ في فلكِ النبوّةِ الذي يحفظُ وحدةَ الأمّةِ الإسلاميّةِ، يقولُ الإمامُ الخامنئيُّ في ذلك: «نجدُ أنَّ شخصيةَ الرسولِ الأكرمِ (صلى لله عليه وآله) والتي تُعتبرُ أفضلَ وأعظمَ شخصيةٍ في الإسلامِ، هذه الشخصيةُ الفذّةُ هي المحورُ الأساسُ الذي تتمحورُ حولَه عواطفُ وعقائدُ المسلمينَ كافّة. وقلّما تجدُ مفردةً من مفرداتِ الإسلامِ أو حقيقةً إسلاميةً تكونُ موردَ اتفاقِ جميعِ المسلمينَ وقادرةً على استقطابِهم وتستأثرُ بكلِّ عواطفِهم كما هو الحالُ بالنسبةِ إلى شخصيةِ الرسولِ محمّدٍ (صلى لله عليه وآله) ... نظراً لدورِ وتأثيرِ العواطفِ البالغِ الأهميةِ، بحيث إنّنا إذا استثنينا بعضَ الفرقِ الشاذّةِ التي لا تهتمُّ بالجانبِ العاطفيِّ والولاءِ القلبيِّ ولا بمسألةِ التوسُّلِ، فإنّ عمومَ المسلمينَ تشدُّهم بالرسولِ (صلى لله عليه وآله) عواطفُ وأواصرُ حبٍّ قوية. وبناءً على ذلك، يمكنُ لهذا الوجودِ المباركِ وهذه الشخصيةِ العظيمةِ أن تكونَ محورَ الوحدةِ التي نحن بصددِ تحقيقها».
في ذکری میلاد الامام جعفر الصادق علیه السلام
في ذکری میلاد الامام جعفر الصادق علیه السلام
نماذج من علاقة الإمام الصادق(عليه السلام) بأصحابه وطلابه
مقدمة:
إن شخصية الإمام الصادق (عليه السلام) المشهورة لا تحتاج إلى من يعرف بها ويمجدها، وكان الآخرون يسعون للتقرب من الإمام (عليه السلام) بغية الوصول إلى أعلى المراتب والمقامات.
وكانت مرحلة إمامته التي استمرت 34 عاماً فرصة مناسبة لينهل طلاب العلوم من المصدر الزلال لمعارف الإسلام، وكان تعامل الإمام (عليه السلام) مع جميع الأفراد والمجموعات حتى المخالفين له، يحمل الكثير من الدروس والعبر. وهنا كان النصيب الأكبر لأصحاب الإمام وطلبته. فلقد تخرج من مدرسة الإمام (عليه السلام) ومنبره آلاف الطلاب.
وقد ظهر بوضوح خلال فترة إمامة الإمام (عليه السلام) التعامل الهام واللائق له مع طلبته، وسنذكر منها هنا عنوانين:
ألف - تشجيع وتكريم الطلاب
يشير تاريخ حياة بعض أصحاب الإمام (عليه السلام) وطلابه إلى التعامل الحسن للإمام معهم سواء في حضورهم أو غيابهم، وفيما يلي نذكر بعض النماذج من تعامل الإمام مع طلبته:
1 - إبان بن تغلب
حدثنا إبان بن محمد بن إبان بن تغلب قال: سمعت أبي يقول: دخلت مع أبي إلى أبي عبد الله (عليه السلام) فلما بصر به أمر بوسادة فألقيت له، وصافحه واعتنقه وسائله ورحب به[1].
2 - الفضيل بن يسار
كلما شاهد الإمام الفضيل بن يسار كان يقول: بشّر المخبتين وكان يشير إلى أن من يريد النظر إلى رجل من الجنة فلينظر إلى الفضيل. ثم يضيف بأن الفضيل من أصحاب أبي. وأنا أحب من يحب أصحاب أبي[2].
3 - هشام بن محمد
كان الإمام (عليه السلام) يهتم بهشام بن محمد السائب الكلبي بحيث كلما دخل هشام أجلسه الإمام إلى جانبه وتحدث معه بانبساط وارتياح[3].
4 - حمران
دخل بكير بن أعين في أيام الحج على الإمام الصادق (عليه السلام)، فسأله الإمام (عليه السلام) عن حمران، فأخبره بكير أنه لم يتمكن من القدوم إلى الحج مع أنه في شوق كبير لرؤيتك فقال الإمام حمران مؤمن ومن أهل الجنة...[4].
5 - أربعة أشخاص صالحين
كان الإمام الصادق (عليه السلام) يتحدث حول أربعة أشخاص من طلابه ويعتبرهم بمثابة أعمدة الأرض وأعلام الدين وهم: محمد بن مسلم، برير بن معاوية، ليث بن البختري المرادي وزرارة بن أعين[5].
6 - إحترام الطالب الشاب والنشيط
كان للطلاب الشباب حضور بين طلبة الإمام الصادق (عليه السلام). ومن جملتهم هشام بن الحكم الذي كان يتمتع بمنزلة خاصة عند الإمام كما ينقل الشيخ المفيد[6] وكان البعض يتعجب من هذه المنزلة. كتب الشيخ المفيد قائلاً: دخل هشام بن الحكم وهو غلام أول ما اختط عارضاه في مجلس الإمام الصادق (عليه السلام) وقد ازدحم بشيوخ الشيعة والأشراف من بني هاشم وقريش فقام الإمام الصادق (عليه السلام) وأجلسه إلى جانبه فثقل ذلك على أهل المجلس، فقال الإمام الصادق (عليه السلام): هذا ناصرنا بقلبه ولسانه ويده[7].
ب - الأنس بالطلبة
كان الإمام الصادق (عليه السلام) يحب طلبته وأصحابه ويفرح عند لقائهم حيث كان الجميع يشاهد مدى فرح الإمام من مشاهدة طلبته وأصحابه.
يروي عنبسة عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه كان يشكو إلى الله من أهل المدينة ومن وحدته ما دام لم يشاهد ويجالس طلبته وأصحابه الذين كان يفرح لرؤيتهم وكان الإمام (عليه السلام) يتمنى أن يتركه أبو جعفر المنصور ليتمكن من رؤية أصحابه وطلبته بشكل مستمر[8].
وقد أرسل الإمام شخصاً يطلب أبو حمزة، فلما قال له الإمام (عليه السلام): «إني لأستريح إذا رأيتك»[9].
قد يقال بأن الإمام الصادق (عليه السلام) كان يأنس بالطلاب والأصحاب الذين كانوا في الكوفة وهذا ما يظهر من الحديثين الأخيرين. فكان هؤلاء الطلاب يعرفون الإمام جيداً وفي المقابل كان الإمام (عليه السلام) يعبر عن مدى فرحته وسروره بلقائهم.
في الجواب يمكن القول ان الإمام كان يرحب بأصحابه وطلببته من غير أهل الكوفة أيضاً وهذا ما صرحت به الكتب المختصة. ونذكر على سبيل المثال لقاء الإمام (عليه السلام) مع عقبة بن خالد الذي دخل عليه برفقة المعلى بن خنيس وعثمان بن عمران حيث قال الإمام (عليه السلام) لهم: مرحباً مرحباً بكم وجوه تحبنا ونحبها جعلكم الله معنا في الدنيا والآخرة)[10].
[1] رجال النجاشي، ص8.
[2] سفينة البحار، ج2، ص370.
[3] منتهى الآمال، ج2، ص179.
[4] شاكر دان مكتب أئمة، ج1، ص261، الاختصاص، المفيد، ص192.
[5] المصدر نفسه، ص239.
[6] سفينة البحار، ج2، ص719.
[7] المصدر نفسه.
[8] المصدر نفسه، ج2، ص21.
[9] شاكر دان، مكتب أئمة، ص100.
[10] تنقيح المقال، ج2، ص247.
انطلاق اعمال المؤتمر الدولي للوحدة الاسلامية في طهران
بدأت صباح اليوم الخميس في العاصمة الايرانية طهران، اعمال المؤتمر الدولي الثالث و الثلاثون للوحدة الاسلامية بعنوان "وحدة الأمة في الدفاع عن الأقصى الشريف".
وحضر مراسم انطلاق المؤتمر الرئيس الايراني حسن روحاني الى جانب حشد غفير من المسؤولين الايرانيين وشخصيات اسلامية مرموقة من مختلف العالم الاسلامي.
وكان الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية آية الله محسن الاراكي قد صرح في مؤتمر صحفي الاسبوع الماضي أن 350 ممثلاً عن أكثر من 90 دولة سيشاركون في المؤتمر الدولي الثالث والثلاثين للوحدة الإسلامية بطهران بأنه تأكيد على الوحدة الإسلامية وأن الحظر الاستكباري الظالم ضد إيران لن يؤثر عليها.
الهدنة بين المقاومة الفلسطينية في غزة والاحتلال الإسرائيلي تدخل حيِّز التنفيذ بوساطة مصرية
معلومات عن التوصل إلى تهدئة بين الجهاد الإسلامي والفصائل الفلسطينية في غزة وبين "إسرائيل" تبدأ صباح اليوم الخميس، ومجزرة إسرائيلية استهدفت مبنى سكني في دير البلح واستشهاد عدد من الأطفال والنساء.
الهدنة بين المقاومة الفلسطينية في غزة والاحتلال الإسرائيلي تدخل حيِّز التنفيذ بوساطة مصرية
تحدثت وكالة "رويترز"نقلاً عن عن مصدر مصري عن التوصل إلى تهدئة بين حركة الجهاد الإسلامي والفصائل الفلسطينية من جهة، وبين "إسرائيل" تبدأ صباح اليوم الخميس.
المتحدث باسم حركة الجهاد الإسلامي مصعب البريم أعلن بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار "بعد رضوخ الإحتلال لشروط المقاومة الفلسطينية بقيادة الجهاد الإسلامي، وبعد أن قالت المقاومة كلمتها وتصدّت للعدوان وكسرت هيبة نتياهو ودافعت عن شعبنا الفلسطيني تم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار على أساس تلك الشروط التي اشترطها الجهاد نيابة عن المقاومة والتي تمثلّت في وقف سياسة الاغتيالات وحماية المتظاهرين في مسيرات العودة الكبرى والبدء عملياً في تنفيذ اجراءات كسر الحصار" .
وأضاف أن "الضامن لذلك هو حضور المقاومة وجهوزيتها في الميدان وقدرتها على الرد على أي عدوان وجهد الشقيقة مصر التي رعت الوساطة".
وكان الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين زياد النخالة كشف في مقابلة مع الميادين أن "إسرائيل" نقلت إلينا طلباً لوقف إطلاق النار ونحن وضعنا شروطنا للموافقة على ذلك، موضحاً ان" من شروطنا لوقف اطلاق النار وقف الاغتيالات ووقف إطلاق النار على مسيرات العودة".
وسائل الإعلام الإسرائيلية قالت إن الاعتقاد السائد في تلّ أبيب أنه تنتظر الاسرائيليين أيام عديدة من القتال، مضيفة أن حركة الجهاد الإسلامي لم تستنفد كل قدراتها وهي لا تظهر قدراتها البعيدة المدى وقال المعلّق في القناة الثالثة عشرة هناك شعورٌ طوال الوقت بأن الجهاد الإسلامي ستقدّم مفاجآت.
رئيس الموساد الإسرائيليّ الأسبق داني ياتوم قال إن الوقت ليس لمصلحة الإسرائيليين قائلا إنه يجب البدء بالعمل على كيفيّة إنهاء هذه الجولة.
يأتي ذلك بعد استمرار قصف سرايا القدس للمستوطنات والأراضي المحتلة حيث قصفت تل أبيب والقدس المحتلة بصواريخ "البراق".
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن صلية الصواريخ التي سقطت في منطقة أشدود ورحوفوت كانت الأكبر منذ بدء المواجهات، مؤكدةً أن نحو 90 قذيفة صاروخية أطلقت من غزة على سديروت، وفيما دوت صفارات الإنذار في العديد من المستوطنات الاسرائيلية في محيط قطاع غزة، زاد عدد الصواريخ الفلسطينية عن 450 صاروخاً.
وسائل إعلام إسرائيلية ذكرت أنّ 30% من سكان المستوطنات المحاذية لقطاع غزة تركوا منازلهم وأنّه جرى تعليق التعليم في المدارس ضمن مدى 40 كيلومتراً من حدود القطاع.
الاحتلال الإسرائيلي ارتكب مجزرة فجر اليوم الخميس في استهداف مبنى سكني في دير البلح أدى إلى استشهاد 5 أشخاص على الأقل بينهم سيدتين وطفل، ليرتفع عدد الشهداء إلى 34 شهيداً و111 جريح في العدوان الاسرائيلي المستمر منذ 3 ايام على قطاع غزة، وفق وزارة الصحة الفلسطينية.
في هذه الأثناء سقط 6 شهـداء من عائلة واحدة إثر مجزرة صهيونية قام بها العدو على منزلهم في دير البلح ، ليرتفع عدد الشهداء حتى اللحظة إلى 30 شهيدا ينيرون لنا الطريق إلى القدس .
وفجراً قال مراسلنا إن طائرات الاحتلال قصفت هدفا خلف برج حجي بالقرب من ميناء غزة.
وليل أمس الأربعاء أفاد مراسل الميادين بتجدد قصف موحد بين سرايا القدس وألوية الناصر صلاح الدين وكتائب المجاهدين وشهداء الأقصى للمستوطنات.
وواصلت سرايا القدس إطلاق دفعات جديدة من الصواريخ على المستوطنات في محيط القطاع وفي مناطق أخرى بفلسطين المحتلة.
"أبو حمزة" القائد في "سرايا القدس" قال إن الحركة تتحدى الرقابة العسكرية الصهيونية بالكشف عن الصور والفيديوهات التي تظهر حجم الدمار الذي لحق بالمصانع والمقرات ومنازل المستوطنين في "غلاف غزة" والمدن المحتلة التي أصيبت بإصابات دقيقة.
واستشهد القيادي في حركة الجهاد الإسلامي بهاء أبو العطا وزوجته باستهداف طائرات الاحتلال الإسرائيلي مبنى في حي الشجاعية في قطاع غزة فجر 12 تشرين الثاني/ نوفمبر، حيث أكدت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي حينها أن "الرد حتما آت وسيزلزل الكيان الصهيوني".
وفي اليوم نفسه، أعلنت حركة الجهاد الإسلامي أنّ طائرات الاحتلال الإسرائيلي استهدفت مبنىً في دمشق ما أدى إلى استشهاد نجل أحد قادتها.
المصدر : الميادين
الربوبيّة الممدوحة والمذمومة
الربّ تارة يدبّر شؤون مربوبه بالعلم والعدل والرحمة، وتارة بالجهل والظلم، والقسم الأوّل هو الربوبيّة المحمودة، والقسم الثاني هو الربوبيّة المذمومة والمستقبحة. ولأجل إثبات انّ ربوبيّة الله هي من القسم الأوّل، فقد ذكرت الآية محلّ البحث بعض الصفات الجماليّة للحقّ سبحانه، فقالت: انّ الربّ والمربّي لعوالم الوجود الإمكانيّ هو الله الّذي له رحمة واسعة ومطلقة (الرحمة الرحمانيّة) ورحمة خاصّة (الرحمة الرحيميّة).
والقرآن الكريم ينفي النقص والظلم عن ساحة الذات المقدّسة الإلٰهيّة تارة بالصفات السلبيّة وبلسان النفي كما في قوله تعالىٰ ﴿وَلاَ يِظْلِمُ رَبُّكَ أَحَد﴾[1]، ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيد﴾[2]،[3] وتارة بلسان الإثبات فيقول: انّ مربّي عالم الوجود هو «الرحمان» و«الرحيم»، وهو يدبّر الكون برحمته الواسعة، وحيث إنّ ربوبيّته وتدبيره علىٰ أساس الرحمة وليس في ربوبيّته ظلم (وإلاّ لم تكن علىٰ أساس الرحمة) إذن فربوبيّته محمودة وممدوحة.
والقرآن الكريم يبيّن نحوين من الربوبيّة: الربوبيّة الممدوحة والربوبيّة المذمومة، فيتحدّث في بعض المواضع عن الربوبيّة المذمومة كما في قول فرعون لبني اسرائيل: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَىٰ﴾[4]، أو قول يوسف (عليه السلام) لصاحبه في السجن: ﴿اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّك﴾ وكلام الله سبحانه حول ذلك ﴿فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّه﴾[5] وهذه هي الآية الّتي حول الربوبيّة المذمومة لعزيز مصر، أو الكلام الآخر ليوسف (عليه السلام) الّذي ينفي فيه الأرباب المتفرّقين: ﴿يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ ءَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّار﴾.[6] وأمّا ربوبيّة الله سبحانه القائمة علىٰ أساس الرحمة فهي ربوبيّة محمودة ومستحسنة.
آية الله الشيخ جوادي آملي
[1] . سورة الكهف، الآية 49.
[2] . جملة ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيد﴾ لاتعني انّ الله ليس بكثير الظلم، لأنّ نفي الظلم الكثير لاينافي إثبات الظلم القليل في حين انّ صدور الظلم القليل كالظلم الكثير محال علىٰ الله سبحانه. والسرّ في المبالغة في «ظلاّم» هو انّ صدور الظلم القليل من مدبّر ومربّي جميع الكون يُعَدُّ ظلماً كثيراً، لأنّه لو ظلم ذرّة من ذرّات هذا الكون (بنقلها من موضعها المناسب) فإنّ جميع الكون المنظّم سيختلّ، لانّ جميع أجزاء عالم الخلق كحلقات سلسلة ومراتب الأعداد قد تمّ ترتيبها وتنظيمها بحيث لو استبدلت حلقة باُخرىٰ فانّ الخلل سيمتدّ الىٰ العالم بأسره.
[3] . سورة فصّلت، الآية 46.
[4] . سورة النازعات، الآية 24.
[5] . سورة يوسف، الآية 42.
[6] . سورة يوسف، الآية 39.
البرلمان التونسي ينتخب رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي رئيسا له
أسفرت عملية فرز الأصوات في مجلس نواب الشعب في تونس، عن انتخاب راشد الغنوشي رئيسا للبرلمان، عقب حصوله على 123 صوتا.
"النهضة" التونسية ترشح الغنوشي لرئاسة البرلمان
وبلغ عدد الأصوات المصرح بها 207 أصوات، ولم تسجل أي ورقة ملغاة، مع تسجيل 10 ورقات بيضاء.
وجاءت نتيجة فرز الأصوات كالتالي:
راشد الغنوشي: 123 صوتا
غازي الشواشي: 45 صوتا
مروان فلفال: 18 صوتا
عبير موسي: 21 صوتا
وقرر مجلس شورى "حركة النهضة" التونسية، ترشيح رئيس الحركة راشد الغنوشي لرئاسة البرلمان، والتمسك بتعيين رئيس الحكومة من داخلها.
ونقل موقع "موزاييك إف إم" عن رئيس مجلس شورى الحركة عبد الكريم الهاروني تأكيده "تمسك النهضة بحقها في ترشيح رئيس الحكومة الجديدة من داخلها، إلى جانب ترشيح رئيس الحركة راشد الغنوشي لمنصب رئيس البرلمان".
المصدر: وكالات
ارتباط الإسلام حدوثاً وبقاءً بالنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)
يقول تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ﴾1
تتحدث الآية عن طريق الاستقرار الاجتماعي الذي يتحقّق من خلال أمرين:
الأول: رفع سلبيات الماضي ﴿كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ﴾
الثاني: دفع ما يقلق في المستقبل ﴿وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ﴾
كيف يحصل هذا الاطمئنان الاجتماعي؟
الجواب في هذه الآية: من خلال ثلاثة عناصر:
1- الايمان
2- العمل الصالح
3-الايمان بما نزّل على محمد
العنصر الثالث هو الإضافة اللافتة؛ فهو يشير إلى أنّ استقرار المجتمع الإسلامي لا يمكن أن يكون إلا من خلال الإيمان بما نزّل على محمد (صلى الله عليه وآله)، والتركيز على الاسم دون الصفة أو اللقب أمر لافت؛ إذ لم يقل إلا ما نزل على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، بل أصرّ الله تعالى أن يذكر اسم محمد (صلى الله عليه وآله)، والسُّر في ذلك هو أنّ بقاء الإسلام، لا يكون إلا ببقاء محمد (صلى الله عليه وآله).
من هنا كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) حذراً من تبليغ ولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في غدير "خم"، لذا أرسل الله إليه رسالة اطمئنان، ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾2.
فعصمة الله تعالى ليست العصمة الأمنيّة من القتل وما شابه، بل هي عصمة بقاء محمد الرسول (صلى الله عليه وآله)؛ لأنّ بقاء محمد (صلى الله عليه وآله) هو بقاء للإسلام، فالخروج على محمد (صلى الله عليه وآله) ليس مجرد انقسام سياسي في المجتمع الإسلامي، بل هو كفر وخروج عن ذلك المجتمع.
من هنا أعطى الله الضمانة لخاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله) الذي كان يعرف أنه سيرحل عن هذه الدنيا بعد شهرين وعشرة أيام من تاريخ يوم الغدير، وهو بتلك الضمانة سيبقى رسولاً، وستمتد رسالته لتحقق وعد الله وهدف الأنبياء والمرسلين، يوم يُظْهِر الله دين محمد (صلى الله عليه وآله) على كلّ الأديان، فيتحقق حينها وعد الله تعالى ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾3.
المنهج في بقاء الإسلام ببقاء محمد (صلى الله عليه وآله)
لارتباط الإسلام حدوثاً وبقاءً بمحمد (صلى الله عليه وآله) أكّد الإسلام قرآناً وسُنّةً وعترةً على خطوات لتحقيق ذلك منها:
1- محمد (صلى الله عليه وآله) في القرآن.
تكرّر ذكر اسم رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله) في القرآن الكريم، بل سميت سورة باسم محمد (صلى الله عليه وآله).
2- محمد (صلى الله عليه وآله) في الأذان والإقامة.
شرّع الله تعالى أن يقال في كل أذان وإقامة أشهد أن محمداً رسول الله (صلى الله عليه وآله).
3- محمد (صلى الله عليه وآله) في الصلاة.
شرّع الله تعالى في الصلاة الشهادة أمام الله تعالى بعبودية محمّد (صلى الله عليه وآله) ورسوليّته بقول المصلّي: "أشهد أنّ محمداً عبده ورسوله".
كما أن اللافت هو تشريع الله تعالى زيارة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بقول المصلي: "السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته" مع أنّ مقام الصلاة هو التوجه إلى الله تعالى.
4- الصلاة على محمد (صلى الله عليه وآله)
دعانا الله تعالى أن نصلي على النبي محمد (صلى الله عليه وآله) بأمرنا بذلك في قوله تعالى: ﴿.. إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمً﴾.
عن الإمام الصادق(عليه السلام): "من كانت له إلى الله عز وجل حاجة فليبدأ بالصلاة على محمد وآله، ثم يسأل حاجته، ثم يختم بالصلاة على محمد وآل محمد، فإن الله عز وجل أكرم من أن يقبل الطرفين ويدع الوسط إذ كانت الصلاة على محمد وآل محمد لا تحجب عنه"4.
وعن الإمام الرضا(عليه السلام): "من لم يقدر على ما يكفِّر به ذنوبه، فليكثر من الصلاة على محمد وآل محمد، فإنها تهدم الذنوب هدماً"5.
وعن الإمام أبي جعفر(عليه السلام): "ما من شيء يُعبد الله به يوم الجمعة أحبّ إليّ من الصلاة على محمد وآل محمد"6.
وعن الإمام الباقر أو الصادق عليهما السلام: "أثقل ما يوضع في الميزان يوم القيامة الصلاة على محمد وأهل بيته"7
5- تسمية الأبناء باسم محمّد (صلى الله عليه وآله):
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): "من ولد له ثلاثة بنين ولم يسمِّ أحدهم محمداً فقد جفاني"8.
وعن الإمام الصادق (عليه السلام): "لا يولد لنا مولود إلا سميناه محمداً، فإذا مضى سبعة أيام، فإذا شئنا غيّرنا وإلا تركنا"9.
وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله): "بورك لبيت فيه محمد ومجلس فيه محمد، ورفقة فيها محمد"10.
عن الإمام الرضا(عليه السلام): "لا يدخل الفقر بيتاً فيه اسم محمد"11.
وعن أبي جعفر (عليه السلام): "إنّ الشيطان إذا سمع منادياً ينادي يا محمد، يا علي، ذاب كما يذوب الرصاص"12.
6- عدم مسّ اسم محمّد (صلى الله عليه وآله) من دون طهارة:
احتاط الفقهاء بمس اسم محمد (صلى الله عليه وآله) دون طهارة باعتبار القداسة التي تنتقل من المعنى إلى الحبر والمداد.
فكان اسم محمد (صلى الله عليه وآله) صنو القرآن لا يمسّه إلا المطهرون.
بهذه الخطوات التي واكبها الله تعالى في مخططه لمسيرة البشرية عصم محمد (صلى الله عليه وآله) من الزوال، بل عصمه من التشويه رغم كل المحاولات الهادفة إلى ذلك.
﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ﴾13
الفتح هو فتح العقول والقلوب على كمال محمد (صلى الله عليه وآله).
ومغفرة الذنب المتقدم هو رفع لدعاية مشركي مكة ومن سار معهم.
ومغفرة الذنب المتأخر هو دفع لدعايات التشويه في مستقبل الإسلام أن تطال من طهره ونقائه ودوره و رسالته.
حاولوا في القرن الإسلامي الأول أن يقضوا على محمد (صلى الله عليه وآله) الرسالة، فكانت عاشوراء لتحفظ محمداً ورسالته.
وحاولوا بعد ذلك وما زالوا يحاولون أن يشوِّهوا من صورة محمد (صلى الله عليه وآله) تارةً عبر آيات شيطانية بريطانية، وتارة عبر رسوم هولندية وغير هولندية، وتارة أخرى عبر منع المآذن السويسرية التي تصدع باسمه المبارك ولكن مع كل ذلك بقي وسيبقى محمد (صلى الله عليه وآله).
سماحة الشيخ د. أكرم بركات
- سورة محمد، الآية 2.
2- سورة المائدة، الآية 67.
3- سورة التوبة، الآية 33.
4- الكليني، الكافي، ج2، ص 494.
5- البحراني، الحدائق الناضرة، ج8، ص 471.
6- المصدر السابق، ج10، ص 197.
7- الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج4، ص 1214.
8- المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج101، ص130.
9- المصدر السابق، ج101، ص131.
10- المصدر السابق، ج16، ص240.
11- المصدر السابق، ج101، ص131.
12- الكليني، محمد بن يعقوب، أصول الكافي، ج6، ص20.
13- سورة الفتح، الآيتان 1-2
المصدر شبکه المعارف الاسلامیه
هل تنظر لهاتفك كل 15 دقيقة؟ احذر من الـ “نوموفوبيا”
حذر الطبيب التركي آدم أيدن، اختصاصي الأمراض النفسية، من انتشار “رهاب فقدان الهاتف المحمول” أو ما يعرف بالـ “نوموفوبيا”.
وقال أيدن، المدرس بكلية الطب في جامعة نجم الدين أربكان بولاية قونية، إن “النوموفوبيا” تتمثل في حالة التوتر والقلق النفسي التي تصيب المرء لدى ابتعاده عن هاتفه المحمول.
وأوضح أن الشخص المصاب بهذا الرهاب، يتصفح هاتفه كل 15 دقيقة، ويتأكد من أن هاتفه بجانبه 150 مرة في اليوم.
ومن بين الأعراض الأخرى لهذه الظاهرة، وضع الهاتف تحت الوسادة أثناء النوم، وفق أيدن.
وشدد الطبيب التركي على ضرورة ترك الهاتف قبل 4 ساعات من الخلود إلى النوم.
ولفت أن التعرض للضوء الأزرق الصادر عن شاشة الهاتف، يقلب الساعة البيولوجية للجسم رأسا على عقب، ما يؤدي إلى النعاس وفقدان التركيز خلال النهار.
كما أعرب الطبيب عن اعتقاده بعدم جدوى فلاتر الضوء الأزرق المستخدمة في الهواتف.
وأشار أن الدراسات أظهرت تدني مستوى النجاح لدى واحد من كل ثلاثة طلاب مصابين بإدمان التكنولوجيا، الأمر الذي يتفاقم أكثر مع مرور كل يوم.
على اعتاب مولد النبوي الشريف من شعراء المديح النبوي
اجتمعت للشاعر ابن الجَنان الأندلسي ،عدّة مزايا لم تجتمع لشاعر في عصره، فرغم أن عصره كان زاخراً بالشعراء الكبار إلا أنه استطاع أن ينافسهم بشاعريته ويدرك مكانة متميزة بينهم لغزارة نتاجه الشعري الرصين، ولغته الجزلة المتينة الألفاظ وأسلوبه المتماسك التراكيب.
اعتمد ابن الجنان في شعره على فنون البلاغة لاسيما البديع وفنونه، كالجناس والطباق والمقابلة والتكرار ولزوم ما لا يلزم وغيرها من الفنون، فكان أحد أعمدة القصيدة العمودية الأندلسية الرصينة التي احتوت على عناصر القصيدة العربية الشرقية في عصره بعد أن طغت على الأدب الأندلسي في بعض المراحل اللغة السهلة والأسلوب التقريري الذي اعتمد على لغة التخاطب القريبة من لغة النثر منها إلى اللغة الشعرية.
الأدب الملتزم
تميّز ابن الجنان بالأدب الملتزم في زمن شاعت فيه موضوعات الشعر المنحرفة وأغراضه المبتذلة كالغزل الماجن والهجاء الفاحش وغيرها، أما هو فيعد خليفة لشعراء الأندلس الملتزمين بقضايا الأمة الإسلامية كابن هانئ الأندلسي وابن دراج وابن الأبار وغيرهم، وقد انعكست مبادئه وحسّه الديني والأخلاقي على شعره فغلب عليه طابع التوحيد والنبوة فكانت أكثر قصائده في (الإلهيات) و(النبويات) وقصائده في هذين الجانبين متلازمان، فالشاعر حيثما يذكر الله، يذكر رسوله الكريم (صلى الله عليه وآله) خاتماً به قصيدته مصلياً ومسلماً، وكلما يمدح الرسول، فهو يحمد الله على نعمة الإسلام.
كما تميّز ابن الجنان بأنه من ذوي المواهب المتعددة، ففضلاً عن براعته في الشعر وإحرازه مكانة متميزة فيه فقد كان ناثراً مبدعاً تجلّى ذلك في مخاطباته ومكاتباته التي نقلتها المصادر والتواريخ، غير أن أهم ما يميزه هو كثرة قصائده وجودتها في مدح النبي (صلى الله عليه وآله) حتى عرف بـ (شاعر المديح النبوي).
الشاعر والكاتب والمحدث
إنه أبو عبد الله محمد بن محمد بن أحمد الأنصاري القيسي المعروف بـ (ابن الجَنان) ــ بفتح الجيم ــ ، ويرجع في نسبه إلى الصحابي الجليل قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري صاحب أمير المؤمنين (عليه السلام). ولد في مدينة مرسية في الأندلس في القرن السابع الهجري، (عصر الموحّدين) حيث شهد خلال حياته في الأندلس مجد الدولة الموحّدية، كما شهد انحسارها وضعفها وتقوّضها عبر أحداث واضطرابات كثيرة يطول شرحها شهدتها الأندلس على الصعيد السياسي.
نشأ ابن الجنان نشأة أبناء عصره وقرأ في عهد مبكر القرآن الكريم وتعلّم أحكامه وعلومه كما درس الحديث والعلوم الأخرى فضلاً عن الشعر فكان: (محدثاً، كاتباً، بليغاً، شاعراً، بارعاً، وُصف بجودة الخط وحسن الضبط والحفظ والاتفاق)، كما وصفته كل المصادر التي ترجمة له، فأحرز مكانة متميزة وشهرة فائقة بين شعراء عصره.
ولكن رغم هذه الشهرة فإن شعره لم يدوّن في حياته ولا بعد مماته، ففقدان دواوين الشعراء البعيدين عن مدح السلاطين كان أمراً مألوفاً حتى وإن كانوا من كبار شعراء عصرهم كابن الجنان، فلا يمكن الجزم بأن ما صلنا هو كل شعره، فهناك إشارات للمؤرخين إلى فقدان أشعار كثيرة للشاعر، كما لا يمكن أن يكون جميع ما نُسب إليه من الشعر هو له، وقد بذل الدكتور منجد مصطفى بهجت جهداً كبيراً لجمع شعر ابن الجنان من مصادره المخطوطة والمطبوعة فتكونت لديه أربع وخمسون قصيدة في ألف وثلاثمائة بيت.
النبويات
أما شعر ابن الجنان فقد توزّع على موضوعات الشعر العربي وأغراضه جميعها، باستثناء الموضوعات التي ناقضت سلوكه الديني وسيرته القويمة والذي نشأ عليهما وعرف بهما، فعزف عن هجر القول وباطله.
وتتصدر (النبويات) ــ مدح الرسول صلى الله عليه وآله ــ ديوانه واحتلت نصف الديوان تقريباً، فالشاعر هائم بحب النبي محمد (صلى الله عليه وآله) وهو يتفنن في عرض زوايا حبه إياه بأفانين الأساليب وأنماطها، فالرسول الأكرم كامن في ضميره، وهو يرجو بجاهه أن يتقرّب إلى الله تعالى وأن يغفر بشفاعته (ص) ذنوبه وهو الصادق في حبه إياه، يقول في إحدى قصائده الكثيرة في هذا الباب وهو من اللزوميات:
أيذهبُ يومٌ لم أكـــــــــــــفّرْ ذنوبَه *** بذكرِ شفيعٍ فــــــــي الذنوبِ مشفّعُ
ولم أقضِ في حقِّ الصـلاةِ فريضةً *** على ذي مقامٍ في الحســابِ مُرفّعُ
أرجّي لديــه النفعَ فــي صدقِ حبِّه *** ومن يربحُ المختارَ لا شــــكَّ ينفعُ
وأهدي إلى مثـــــــــواهُ مني تحيةً *** إذا قصدتْ بابُ الرضى ليسَ تدفعُ
ويقول في (مشفّعة) أخرى متوسّلاً بالرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) ويمزج في قصائده بين الدعاء إلى الله سبحانه، والتضرّع إليه والتوجه إلى الرسول بطلب الشفاعة:
يا أرحمَ الخلقِ يومُ الحشرِ والندم *** ارحمْ عبيدَكَ يا ذا الطولِ والنعمِ
إني توسَّلت بالمختـــــــارِ ملجأنا *** الطاهرِ المجتبى من خيرةِ الأممِ
فهو الشفيعُ الذي أرجو النجاةَ به *** من الجحيـــــمِ إذا الكفارُ كالحِممِ
وبلغت شهرة ابن الجنان في المديح النبوي أنه عندما أراد ابن المرابط تأليف كتابه (زواهر الفكر وجواهر الفقر) سأل ابن الجنان أن يتحفه بأبيات في مدح الرسول يفتتح بها كتابه، فالرسول الأكرم هو مفتاح أبواب الخير وبه يُدرك اليُمن وتنال البركة وتدرك الغايات السامية، فأرسل إليه ابن الجنان هذه الأبيات:
إبدأ مقالكَ بالثنــــاءِ على النبي *** يزكو شذا مسكِ الختامِ ويعبقُ
واجعلْ وسيلتكَ التي ترجو بها *** درٌ على جيدِ المحــــامدِ ينسقُ
بختام ديوانِ الرســالةِ والهدى *** فبه تروقُ النــــاظرين وتؤنقُ
ويتجلى في مدائحه لسيد الخلق (صلى الله عليه وآله) ذكر صفاته (ص) الرسول الكريم فهو إمام المسلمين، وأبهر الخلق، وصفاته أعجزت أهل البراعة أن يصفوها ويدركوا كنهها:
بخاتمِ الرُّسلِ أعني *** إمام تلك الجمـــــــاعة
لأبهرِ الخـلقِ مجداً *** يحكي الصباحَ نصاعة
لمن صفــاتُ علاهُ *** تُعجزُ أهلَ البــــــراعة
وأسمى سبيل يمكن أن يقدمه الإنسان المسلم للرسول الكريم فيما جاء في الآيات والأحاديث النبوية الشريفة يكمن في توجيه الله تعالى للمسلمين بالصلاة على نبيه (صلى الله عليه وآله) بقوله تعالى (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) فالآية الكريمة تتضمن فِعلَي الأمر (صلوا وسلموا) ولذلك يتجلى هذا الأمر واضحاً لدى ابن الجنان حيث جسّد ذلك في ثلاث قصائد كانت الغاية والهدف من مضمونها هو الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله).
استهل في الأولى مقدمتها بجملة (صلوا على) وانساقت في محورين: الأول يقوم على تعداد خصاله السامية وصفاته الرفيعة، والآخر يقوم على أساس تفرّده بالمعجزات الخارقة يقول فيها:
صلوا على خيرِ البــــريَّةِ خيماً *** وأجلِّ من حازَ الفخارَ صميما
صلوا على من شرّفتْ بوجودِه *** أرجاءُ مكةَ زمزماً وحـطــــيما
صلوا على نورِ تجلّى صبــحُه *** فجلا ظلاماً للضـــــــلالِ بهيما
صلوا على هــــــادٍ أرانا هديه *** نهجاً من الدينِ الحنيفِ قـــويما
صلوا على هذا النبـــــــيِّ فإنه *** من لمْ يزلْ بالمؤمنيــــنَ رحيما
أما من النمط الثاني فقوله:
وبدت شواهد صـدقه قد قسّمت *** بدر الدجى لقسيــــــــمه تقسيما
والشمس قد وقـفت له لما رأت *** وجهاً وسيمـــــــــاً للنبيِّ وسِيما
كم آيةٍ نطقـــــتْ تصدِّقُ أحمداً *** حتى الجمــــــــــادُ أجابَه تكليما
والجذع حنَّ حنينَ صبٍ مُغرَمٍ *** أضحى للوعاتِ الفـراقِ غريما
ويختم هذه القصيدة بقوله:
يا أيها الراجــــون منه شفاعةً *** صلّوا عليه وسلمــــــــوا تسليما
أما قصيدته الأخرى فقد جعلها مخمّسة وهي الوحيدة من هذا النمط في ديوانه، فقد بنى شطرها على جملة (صلوا عليه وسلموا تسليما) في تسعة وعشرين مقطعاً وتقوم أيضاً على المحورين المتقدم ذكرهما: فمما جاء من المحور الأول:
الله زاد محــــــــــــمداً تكـريما *** وحباهُ فضلاً من لدنه عظيما
واختصّه في المرسلين كـريما *** ذا رأفة بالمؤمنيــــــن رحيما
صلوا عليه وسلموا تسليم
جلّت معاني الهاشمي المرسل *** وتجلّت الانوارُ منه لـمجتلي
وسما به قدر الفخار المعتــلي *** فاحتل في أفقِ السمـاءِ مقيما
صلوا عليه وسلموا تسليما
أما ما جاء من المحور الثاني فقوله:
بركــــاتُه أربتْ على التعدادِ *** كم أطعمتْ من حاضرٍ أو بادِ
من قصعةٍ أو حشيةٍ من زادِ *** رزقاً كريماً للجيـــوش عميماً
صلوا عليه وسلموا تسليما
ويختم هذه القصيدة (المخمَّسة) بقوله:
يا سامعي أخبـــــاره ومفاخره *** ومطالعـــــي آثاره ومآثره
ومؤملي وافي الثواب ووافره *** إن شئتمُ فوزاً بذاك عظيما
صلوا عليه وسلموا تسليما
أما قصيدته الثالثة فهي الدالية المعروفة بـ (القصيدة المباركة الشريفة) وهي في مائة وأربعين بيتاً، وهي أطول قصيدة للشاعر وقد دارت على ثلاثة محاور هي تعداد معجزاته (صلى الله عليه وآله) والأمور الخارقة التي أجراها الله على يديه الشريفتين والاشادة بمقامه عند الله ومنزلته الخاصة.
ثم يتحدث الشاعر عن شمائله وكريم صفاته وخصاله والقصيدة فريدة من نوعها يبدأ الشاعر كل بيت منها بكلمة (سلام على) يبدؤها الشاعر بقوله:
سلامٌ على من جاءَ بالحقِّ والهدى *** ومن لم يزلْ بالمعجزاتِ مُؤيَّدا
سلامٌ على خيرِ البريــــــــةِ شيمةً *** وأكرمها نفساً وبيــــــتاً ومحتدا
سلامٌ على المختارِ من آلِ هــاشمٍ *** إذا انتخبوا للفخرِ أحــمدَ أمجدا
سلامٌ على زينِ النـــديّ إذا انتدى *** وأجمـل ذي حلمٍ تعمَّمَ وارتدى
ويسترسل الشاعر في تعداد معاجز الرسول (ص) فيقول:
سلامٌ على الداعي (عـــــلياً) لرايةٍ *** على آيةٍ كـــــــانت لــعينيه أثمدا
سلامٌ على من أخبــــــــرته بخيبرٍ *** ذارعُ سميطٍ أودعــت سمّ أسودا
سلامٌ على من أعشـيت أعينُ العدا *** وقد بيّتوه قصدَ فـتكهِ رُصَّـــــــدا
سلامٌ على ملقي التـرابَ عليــــهم *** ومبقٍ (علياً) في الفراش موسّدا
وفي نهاية القصيدة يتشوّق إلى زيارة قبر النبي (صلى الله عليه وآله) شوقاً شديداً فيقول:
سلامٌ عليه إنَّ ذكــــــــراه جددّت *** غرامي ومـا زال الغرامُ المجددا
سلامٌ عليه إنَّ نفسي مشــــــــوقةٌ *** إليه فهل يـــــــدني اشتياقي أبعدا
سلامٌ علـــــــــيه هل تتـاحُ زيارةً *** توفّي الوفاءَ الحقَّ عهداً ومعهدا؟
لقد كان ابن الجنان بحق شاعر المديح النبوي في عصره بدون منازع وجاءت قصائده غصناً مورقاً من شجرة المديح النبوي بكل خصائصها وسماتها الفنية وصياغتها وأسلوبها ومعانيها تنبئ عن صدق التجربة الشعورية لديه، لنقرأ هذه القطعة من قصيدة في توحيد الله تعالى والثناء عليه وتقديس ذاته ثم يذكر الرسول الكريم فيقول:
صلى على من تبدّى *** نورُ الهدى من سماتِهِ
ومن علا الفــخر لمَّا *** نمى إلى عـــــــلواتِهِ
محمدٌ خيرُ هــــــــادٍ *** بحلمِهِ وأناتِــــــــــــه
محمدٌ خيـــــــرُ داعٍ *** بالصدقِ من كلمــاتِهِ
محمدٌ خيــــــــرُ مبدٍ *** لنا سَنا معجــــــــزاته
كما تجلت في قصائده المناسبات الدينية كموسم الحج وشهر رمضان المبارك وغيرهما، وفي هذه القصائد يمدح ابن الجنان النبي ويعدد فضائله ونعمه على المسلمين، ففي قصيدته في الحج يصف ركب الحجيج المتوجِّه إلى مكة المكرمة فيغبطهم على التشرُّف بضيافة الله عز وجل فيقول:
فللهِ ركبٌ يمَّــــــــــموا نحوَ مكةٍ *** لقد كرموا قصداً وجلوا مناسجا
أناخوا بأرجاءِ الرجـاءِ وعرّسوا *** فأصبــــحَ كلٌ مايزُ القدح فالجا
فبشرى لهم كم خوّلوا من كرامة *** فكانـــــــت لما قد قدَّموه نتائجا
ويتشفّع في نهايةِ القصيدة بالرسول الكريم فيقول:
لعلَّ شفيعي أن يكـــــونَ معاجلاً *** لداءِ ذنوبٍ بالشــــفــــــاءِ معالِـجا
فينشقــــــــــني بين الإلهِ نوافحا *** ويعبقُ لي قبـــــرُ النبــــيِّ نوافِـجا
فما لي لآمـالي سوى حبِّ أحمدٍ *** وصلتُ له من قربِ قلبي وشـائجا
عليه سلامُ اللهِ من ذي صبـــابةٍ *** حليفِ شجىً يكنى من البعد ناشجا
أما في شهر رمضان فيقول:
فللهِ من شهرٍ كريــــمٍ تعرَّضت *** مكارمُـــــه إلا لمن كان أعـرضا
ففي بينه بيِّن شجــــــونَكَ مُعلماً *** وفي إثره أرسل جفـــــونَكَ فيِّضا
وإن قُضيتْ قبل التفرُّقِ وقــــفة *** فمقضيّها من ليلةِ القدر ما قضى
ثم يفرد القطعة الأخيرة من القصيدة لمدح النبي صلى الله عليه وآله فيقول :
فيا حسنهـــا من ليــلةٍ جلَّ قـدرُها *** وحضَّ عليها الهاشمـيُّ وحرّضا
لعلَّ بقــــايا الشهر وهي كريـــمةٌ *** تبيِّن سراً للأواخـــــــــرِ أغمضا
وقد كان أصفى ورده كي يفيضه *** ولكــن تلاحى من تلاحى فقّيَّضا
وقال اطلبوها تسعــــدوا بطلابها *** فحرَّكَ أربابَ القلــــوبِ وأنهضا
جزاهُ إلهُ العرشِ خيــــــرَ جزائه *** وأكرمنا بـــــالعفو منه وبالرضا
ويمزج ابن الجنان في مديحه للنبي (صلى الله عليه وآله) بين الدعاء إلى الله والتضرُّع له والتوجّه إلى الرسول بطلب الشفاعة حتى عدّ اقتران ذكر الرسول صلى الله عليه وآله وإنه الوسيلة إلى الله هي السمة الطاغية على شعره، يقول في قصيدة له:
إلى أحمدَ المختـارِ نهدي تحية *** تفاوح روض الحزنِ بـــللّه المزنُ
إذا نافحتْ معنــــاه زادَ تأرّجاً *** وإن لثمت يمناهُ قابـــــــــــله اليمنُ
أُسيّرُ أشواقي رســولاً بعرفها *** لتسعدها منه العــــــــوارفُ والمنِّ
وأرجو لديه الفضل فهو منيله *** وما خابَ لي منه الرجاءُ ولا الظنُّ
وليس بوسعنا ان نلم بقصائده النبوية جميعها ونرجو أن نكون وفقنا في عرض نماذج من أبرزها فقد كرّس الشاعر براعته وسخر قريحته في مدح الرسول الكريم وطلب شفاعته ولا يزال يلهج بذكره الشريف حتى مات عام 648هـ.
محمد طاهر الصفار - العتبة الحسينية
"سرايا القدس" للعدو: القرار بيدنا
الناطق العسكري باسم "سرايا القدس" أبو حمزة يقول إن توقيت نهاية المعركة لم يعد بيد الجيش الإسرائيلي، ويدعو المستوطنين إلى عدم الاستماع إلى قيادتهم.
أبو حمزة للعدو: بدأت العدوان ولن تستطيع تحديد توقيت النهاية
أكد الناطق العسكري باسم "سرايا القدس" أبو حمزة أن الساعات المقبلة "ستضيف عنواناً جديداً إلى سجل رئيس الوزراء (الإسرائيلي بنيامين نتنياهو) الأرعن".
وتوجه أبو حمزة للعدو قائلاً "ربما نجحت في بدء هذا العدوان على شعبنا ومقاومتنا لكنك لن تستطيع أن تحدد توقيت النهاية"، وكذلك الأمر بالنسبة إلى المستوطنين الذين دعاهم إلى "عدم الاستماع إلى قيادتهم لأن القرار الآن بيد "سرايا القدس"".
وحمّل الناطق باسم "سرايا القدس" العدو "المسؤولية الكاملة لتبعات القرار الغبي باغتيال قيادة المقاومة".
كلام أبو حمزة سبقه تصريح للناطق بإسم "الجهاد الإسلامي" مصعب البريم أعلن فيه أن الساعات المقبلة "تحمل ما يشفي صدور الشعب"،
مضيفاً أن "تفاصيل الرد وطبيعة الأهداف بيد الأذرع العسكرية".